السؤال يقول :
هل الاستعمار من الفاظ القرآن ؟ وهل لو موجود فى القرآن يكون بنفس المعنى ؟
الإجابة :
أولا : قرآنيا :
مصطلح الاستعمار والتعمير موجود فى القرآن الكريم . قال جل وعلا :
1 : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) (61) هود ). لاحظ ( وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا )
2 : ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) الروم ). لاحظ : ( وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا )
جاء قرآنيا تفسير مصطلح الاستعمار عمليا . قال جل وعلا :
1 ـ ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) الفجر). تدبر الآيات 8 : 10 . هذا جاء إجمالا . ثم التفصيل :
عن (قوم نوح )
1 ـ هم اول مجتمع بشرى فى الكرة الأرضية ليس لهم إسم سوى نسبتهم للنبى نوح . إستعمروا الكرة الأرضية ، وكانت أعمارهم بآلالف السنين للجيل الواحد . ظل نوح يدعوهم 950 سنة . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) العنكبوت )
2 ـ تمتعوا بجنات وعيون . قال لهم نوح : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12) نوح )
3 ـ فى استعمارهم الكوكب الأرضى وتأسيسهم فيها ديارا وبيوتا يزورونها ، كان من دعوة نوح عليهم : ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً (27) نوح ).
4 ـ وإهلاكهم إستلزم طوفانا غمر الكرة الأرضية كلها ، وحمل نوح فى سفينته زوجين من كل الأحياء مع المؤمنين ، وبهلاك الكافرين أصبح ذرية نوح هم الباقين . قال جل وعلا :
4 / 1 : ( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) القمر )
4 / 2 : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) هود )
4 / 3 : ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ (77) الصافات )
( قوم عاد )
1 ـ كانوا جيلا من نسل من تبقى من قوم نوح ، وكانوا أقوى منهم . قال لهم النبى هود : ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) الأعراف ).
2 ـ وعن تعميرهم قال لهم : ( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129 ) الشعراء )
( قوم ثمود)
كانوا جيلا ممن تبقى من نسل قوم عاد . قاموا بالتعمير . قال للهم النبى صالح :
1 ـ ( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) الاعراف )
2 ـ ( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ (149) الشعراء )
( فرعون )
بلغ الأوج فى القوة والتعمير والبناء فاغترّ وزعم الالوهية والربوبية العظمى فطلب من وزيره هامان ان يبنى له صرحا ليطلع الى إله موسى على حد قوله . وكان من سخريته من موسى أن عقد مؤتمرا . قال جل وعلا : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) الزخرف )
بغرقه وقومه وجنده ورث مصر بعده بنو اسرائيل وقد دمروا قصوره ومقتنياته بحثا عن كنوزه ، وحصل قارون على معظمها . قال جل وعلا : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) القصص ) ، وحصل على بعضها السامرى فصنع منها عجلا ذهبيا يماثل عجل أبيس وطلب من بنى إسرائيل أن يعبدوه فى غياب موسى فى ميقات ربه فوق جبل الطور . قال جل وعلا : ( فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) طه ) .
وعن إحتلال بنى إسرائيل مصر بعد غرق فرعون وقومه وتمتعهم بالثروة الزراعية المصرية . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف )
2 ـ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) الشعراء )
3 ـ ( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) الدخان ).
الاستحمار
أبلغ تعبير عن ( الاستحمار ) قوله جل وعلا عن قوم فرعون : ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56) الزخرف ). إستخفّ بهم فلم يقتلوه ولكن أطاعوه ، لأنهم عبدوه ، لذا كانوا قوما فاسقين ، وشاركوا فرعونهم نهايته ، ولا يزالون سلفا ومثلا للّاحقين .
كل فرعون أتى كانت له أيدلوجية يستخف بها قومه ، وتختلف الايدلوجيات دينية وقومية ووطنية . والنتيجة مستبد يحتكر السلطة والثروة ، ومعه أقلية أو ملأ . والنتيجة أنهار من الدماء . أبرز الفراعنة :
1 ـ الخلفاء من أبى بكر ومن جاء بعده . هم جواسيس قريش الذين مردوا على النفاق ، والذين وثبوا للحكم بعده ، وإرتكبوا جريمة الفتوحات ، وخدعوا الأعراب بأنه جهاد إسلامى . وبالفتوحات إرتكبوا قتل آلاف الشرفاء المدافعين عن بلادهم ، وسبوا النساء وإسترقوهن ، وسلبوا أموال تلك الشعوب ، واحتلوا أوطانهم وفرضوا عليهم الجزية ، وعاملوهم باحتقار . 2 ـ سار على دينهم المستبد الشرقى فى كوكب المحمديين ، يستخفُ قومه بشعارات وطنية أو قومية أو دينية . وفيها يزعم أنه ممثل الوطن ، ومن يعارضه يكون خائنا للوطن ، أو خائنا للقوم أو كافرا بالدين .
2 ـ الأوربيون :
2 / 1 : كانوا أسوأ واضلُّ سبيلا . تحت شعار الاستعمار إحتلوا بلاد المحمديين و الهند وغيرها . وإستغلوها واستنزفوا خيراتها باسم الاستعمار ، فعمّروا بلادهم وخرّبوا بلاد الآخرين . ثم أسّسوا إسرائيل لتكون لهم قلعة متقدمة ومتحكمة فى وسط المحمديين .
2 / 2 : الأبشع ما أرتكبه الأوربيون من :
2 / 2 / 1 : مذابح فى العالم الجديد . حملت سفنهم شعار الانجيل ، وبه إستأصل الأسبان والبرتغاليون شعوبا . بسبب قلة عددهم وإتّساع ما إحتلوه انتهى استعمارهم ، ومن تبقى منهم تزاوجوا فى النهاية مع السكان الأصليين . وهم الآن شعوب أمريكا اللاتينية من المكسيك الى الارجنتين . وتعمل أمريكا على تأخرهم بتشجيع الانقلابات العسكرية . بنفس المذابح عومل الهنود الحُمر فى الولايات المتحدة . ومن تبقى منهم حوصروا فى مناطق منعزلة . وكان هذا بداية للفصل العنصرى .
2 / 2 / 2 : الفصل العنصرى : إرتكبه المستعمرون فى جنوب إفريقيا مع أصحاب الأرض . ثم إسرائيل مع الفلسطينين .
3 ـ فى صحوة ضمير :
3 / 1 : إعترفت أمريكا بإجرامها فى حق الهنود الحمر ، وجعلت لهم إمتيازات خاصّة ، وسجلت ذنوبها فى مقررات الدراسة التعليمية
3 / 2 : حصل أصحاب الأرض فى جنوب أفريقيا على حقوقهم بزعامة مانديلا .
3 / 3 : فى نظام روما الأساسى عام 2002 ، وفى المحكمة الجنائية الدولية جاء تعريف الفصل العنصرى بأنه جريمة ضد الانسانية يقوم بها نظام قمعى أو جماعة عرقية ضد مجموعات عرقية أخرى .
أخيرا :
1 ـ ينتهى الاستحمار من العالم بينما لا يزال فى عنفوانه فى كوكب المحمديين . الدليل أن إسرائيل تقوم بإبادة جماعية للفسلطينين ، وتبدأ الآن باحتلال لبنان ، وتعلن أنها فى طريقها لتغيير خريطة الشرق الأوسط ، وزعماء كوكب المحمديين يعطون مؤخراتهم لاسرائيل تفعل بهم الفحشاء ليبقوا فى مناصبهم .!
2 ـ الذين يقفون ضد إسرائيل دفاعا عمّن تبقى من الفلسطينيين هم ضحايا الفصل العنصرى السابق فى جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية .