نقد كتاب الخمس في الكتاب والسنة

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب الخمس في الكتاب والسنة
صاحب الكتاب جعفر سبحانى التبريزى وهو يدور حول الاستشهاد بمصادر أهل السنة على صحة مذهب الشيعة فى الخمس وقد استهله بآية الخمس متحدثا عن سبب نزولها فقال :
"الخمس في الكتاب والسنة :
الأصل في ضريبة الخمس هو قوله سبحانه: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير)
لا شك أن الآية نزلت في مورد خاص أعني: يوم الفرقان يوم التقي الجمعان وهو غزوة «بدر» الكبري "
وأدخلنا الرجل فى متاهة من الأسئلة عن المقصود بالغنيمة مستشهدا بما جاء فى كتب اللغة -وقد حذفت أكثره لتكراره وعدم الحاجة له- فقال :
لكن الكلام في مادة «الغنيمة» في قوله سبحانه: (ما غنمتم) هل هو عام لكل ما يفوز به الإنسان في حياته أو خاص بما يظفر به في الحرب من السلب والنهب؟ وعلي فرض كونه عاما فهل المورد مخصص أو لا؟ فيقع الكلام في مقامين: الأول: الغنيمة مطلق ما يفوز به الإنسان فالظاهر من أئمة اللغة أنه في الأصل أعم مما يظفر به الإنسان في ساحات الحرب بل هو لغة لكل ما يفوز به الإنسان وإليك بعض كلماتهم: قال الخليل: الغنم: الفوز بالشيء في غير مشقة والاغتنام: انتهاز الغنم قال الأزهري: قال الليث: الغنم: الفوز بالشيء والاغتنام انتهاز الغنم قال الراغب: الغنم معروف والغنم: إصابته
والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة ...ولأجل ذلك نجد أن المادة استعملت في مطلق ما يفوز به الإنسان في الذكر الحكيم والسنة النبوية لقد استعمل القرآن لفظة «المغنم» فيما يفوز به الإنسان وإن لم يكن عن طريق القتال بل كان عن طريق العمل العادي الدنيوي أوالأخروي إذ يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة) والمراد بالمغانم الكثيرة: هواجر الآخرة بدليـل مقابلته لعرض الحياة الدنيا فيدل علي أن لفظ المغنم لا يختص بالأمور والأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا أو في ساحات الحرب فقط بل هو عام لكل مكسب وفائدة وإن كان أخرويا كما وردت هذه اللفظة في الأحاديث وأريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء روي ابن ماجة في سننه: أنه جاء عن رسول الله(ص): «اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما» وفي مسند أحمد عن رسول الله(ص): «غنيمة مجالس الذكر الجنة» وفي وصف شهر رمضان عنه(ص): «غنم للمؤمن» وفي نهاية ابن الأثير: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ...الثاني: المورد غير مخصص إذا كان مفهوم اللفظ عاما يشمل كافة ما يفوز به الإنسان فلا يكون وروده في مورد خاص مخصصا لمفهومه ومضيقا لعمومه فإذا وقفنا علي أن التشريع الإسلامي فرض الخمس في الركاز والكنز والسيوب أولا وأرباح المكاسب ثانيا فيكون ذلك التشريع مؤكدا لإطلاق الآية ولا يكون وروده في الغنائم الحربية رافعا له "

وكل هذا الكلام لا يهم المسلم منه شىء فالكلمات تستعمل فى اللغة بمعانى متعددة وكان ينبغى على التبريزى الاقتصار على المعنى فى الآية فهى أساس البحث
قطعا الغنيمة فى الآية تتحدث عن الأموال التى يغنمها المجاهدون فى الحرب من سلاح وطعام وحلى يلبسها المقاتلون أو ملابس أواشياء يرتديها المقاتلون كالدروع والخوذ والساعات وما شابه
ومن ثم لا علاقة لأى مال ثابت بالغنيمة وهو ألأرض وما عليها من مصانع ومزارع وغيرها ولذا جعل الله الأرض كلها للمسلمين جميعا وليس للمجاهدين فقال :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "
وتحدث السبحانى التبريزى عن الخمس فى الركاز فقال :
"وإليك ما ورد في السنة من الروايات في الموردين:
وجوب الخمس في الركاز:
من باب الغنيمة اتفقت السنة علي أن في الركاز الخمس وإنما اختلفوا في المعادن فالواجب هوالخمس لدي الحنفية والمالكية وربع العشر عند الشافعية والحنابلة وقد استدلت الحنفية علي وجوب الخمس في المعادن بالكتاب والسنة والقياس فقالوا: أما الكتاب: فقوله تعالي: (واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) ويعد المعدن غنيمة لأنه كان في محله من الأرض في أيدي الكفرة وقد استولي عليه المسلمون عنوة وأما السنة: فقوله(ص): «العجماء جبار ـ أي هدر لا شيء فيه ـ والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» والركاز يشمل المعدن والكنز لأنه من الركز أي المركوز سواء من الخالق أوالمخلوق وأما القياس: فهو قياس المعدن علي الكنز الجاهلي بجامع ثبوت معني الغنيمة في كل منهما فيجب الخمس فيهما ...و قد تضافرت الروايات عن طريق أهل السنة علي وجوب الخمس في الأمور الأربعة:
أ الركاز ب الكنز ج المعدن د السيوب
روي لفيف من الصحابة كابن عباس وأبي هريرة وجابر وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك وجوب الخمس في الركاز والكنز والسيوب وإليك قسما مما روي في هذا المجال: في مسند أحمد وسنن ابن ماجة واللفظ للأول: عن ابن عباس قال: قضي رسول الله(ص) في الركاز الخمس وفي صحيحي مسلم والبخاري واللفظ للأول: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(ص): «العجماء جرحها جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» قال أبو يوسف في كتاب «الخراج»: كان أهل الجاهلية إذا عطب الرجل في قليب جعلوا القليب عقله وإذا قتلته دابة جعلوها عقله وإذا قتله معدن جعلوه عقله فسأل سائل رسول الله(ص) عن ذلك؟ فقال: «العجماء جبار والمعدن جبار والبئر جبار وفي الركاز الخمس» فقيل له: ما الركاز يا رسول الله؟ فقال: «الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت»
وفي مسند أحمد: عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله(ص): «السائمة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» قال الشعبي: الركاز: الكنز العادي وفيه أيضا: عن عبادة بن الصامت قال: من قضاء رسول الله(ص) أن المعدن جبار والبئر جبار والعجماء جرحها جبار والعجماء: البهيمة من الأنعام وغيرها والجبار هوالهدر الذي لا يغرم وقضي في الركاز الخمس وفيه: عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله(ص) إلي خيبر فدخل صاحب لنا إلي خربة يقضي حاجته فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبرا فأخذها فأتي بها النبي(ص) فأخبره بذلك قال: «زنها» فوزنها فإذا مائتا درهم فقال النبي: «هذا ركاز وفيه الخمس» وفيه: أن رجلا من مزينة سأل رسول الله مسائل جاء فيها: فالكنز نجده في الخرب وفي الآرام؟ فقال رسول الله(ص): «فيه وفي الركاز الخمس» وفي نهاية اللغة ولسان العرب وتاج العروس في مادة «سيب» واللفظ للأول: وفي كتابه ـ أي كتاب رسول الله ـ لوائل بن حجر: «وفي السيوب الخمس» السيوب: الركاز قالوا: «السيوب: عروق من الذهب والفضة تسيب في المعدن أي تتكون فيه وتظهر» والسيوب: جمع سيب يريد به ـ أي يريد النبي بالسيب ـ المال المدفون في الجاهلية أوالمعدن لأنه من فضل الله تعالي وعطائه لمن أصابه» تفسير ألفاظ الأحاديث العجماء: الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم علي صاحبها والمعدن جبار يعني: إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيه انسان فلا غرم عليه وكذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل فوقع فيها إنسان فلا غرم علي صاحبها وفي الركاز الخمس والركاز: ما وجد من دفن أهل الجاهلية فمن وجد ركازا أدي منه الخمس إلي السلطان وما بقي له والآرام: الأعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدي بها واحدها إرم كعنب وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتي إذا عادوا أخذوه وفي «لسان العرب» وغيره من معاجم اللغة: ركزه يركزه ركزا: إذا دفنه والركاز: قطع ذهب وفضة تخرج من الأرض أوالمعدن واحده الركزة كأنه ركز في الأرض وفي نهاية اللغة: والركزة: القطعة من جواهر الأرض المركوزة فيها وجمع الركزة: الركاز إن هذه الروايات تعرب عن وجود ضريبة غير الزكاة هي الخمس وعليه كلام أبي يوسف في كتابه «الخراج» وإليك نصه: كلام أبي يوسف في المعدن والركاز قال أبو يوسف: في كل ما أصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس ولوان رجلا أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضة أواقل من وزن عشرين مثقالا ذهبا فإن فيه الخمس وليس هذا علي موضع الزكاة إنما هو علي موضع الغنائم وليس في تراب ذلك شيء إنما الخمس في الذهب الخالص والفضة الخالصة والحديد والنحاس والرصاص ولا يحسب لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شيء وقد تكون النفقة تستغرق ذلك كله فلا يجب إذن فيه خمس عليه وفيه الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلا كان أو كثيرا ولا يحسب له من نفقته شيء من ذلك وما استخرج من المعادن سوي ذلك من الحجارة ـ مثل الياقوت والفيروزج والكحل والزئبق والكبريت والمغرة ـ فلا خمس في شيء من ذلك إنما ذلك كله بمنزلة الطين والتراب قال: ولوان الذي أصاب شيئا من الذهب أوالفضة أوالحديد أوالرصاص أوالنحاس كان عليه دين فادح لم يبطل ذلك الخمس عنه ألا تري لوان جندا من الأجناد أصابوا غنيمة من أهل الحرب خمست ولم ينظر أعليهم دين أم لا ولو كان عليهم دين لم يمنع ذلك من الخمس قال: وأما الركاز فهوالذهب والفضة الذي خلقه الله عز وجل في الأرض يوم خلقت فيه أيضا الخمس فمن أصاب كنزا عاديا في غير ملك أحد ـ فيه ذهب أو فضة أو جوهر أو ثياب ـ فإن في ذلك الخمس وأربعة أخماسه للذي أصابه وهو بمنزلة الغنيمة يغنمها القوم فتخمس وما بقي فلهم قال: ولوان حربيا وجد في دار الإسلام ركازا و كان قد دخل بأمان نزع ذلك كله منه ولا يكون له منه شيء وإن كان ذميا أخذ منه الخمس كما يؤخذ من المسلم وسلم له أربعة أخماسه وكذلك المكاتب يجد ركازا في دار الإسلام فهو له بعد الخمس إن الناظر في فتاوي العلماء وروايات الواردة في وجوب الخمس في الركاز الذي هوالكنز عند الحجازيين والمعدن عند أهل العراق يقف علي أن إيجابه من باب انه فوز بالشيء بلا بذل جهد كالغنائم المأخوذة في الغزوات وهذا يعرب عن أن مدلول الآية أوسع مما يتصور في بدء الأمر يقول ابن الأثير ناقلا عن مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولون: إن الركاز إنما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه نفقة ولا كبير عمل ولا مؤونة فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز والركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية ودفنها لأن صاحبه ركزه في الأرض أي أثبته وهو عند أهل العراق المعدن لأن الله تعالي ركزه في الأرض ركزا والحديث إنما جاء في التفسير الأول منهما وهوالكنز الجاهلي علي ما فسره الحسن وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه والأصل فيه أن ما خفت كلفته كثر الواجب فيه وما ثقلت كلفته قل الواجب فيه ويؤيد ذلك ما رواه الإمام الصادق عن آبائه في وصية النبي(ص) لعلي قال: «يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله: (واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه)» إلي غير ذلك من الأخبار تري أن النبي(ص) جعل الكنز من مصاديق الغنيمة الواردة في الآية المباركة وهذا يعرب عن سعة مفهوم الآية غير أن الشيعة الإمامية عممتها إلي أرباح المكاسب ولكن السنة خصصتها بالركاز والكنز والمعدن وسيوافيك ما يدل علي وجوب الخمس في أرباح المكاسب في روايات أهل السنة الخمس في أرباح المكاسب هذا هو بيت القصيد في المقام والهدف من عنوان المسألة هواثبات ذلك حيث يظهر من غير واحد من الروايات أن النبي الأكرم أمر بإخراج الخمس من مطلق ما يغنمه الإنسان من أرباح المكاسب وغيرها وإليك بعض ما ورد في المقام: قدم وفد عبد القيس علي رسول الله(ص) فقالوا: إن بيننا وبينك المشركين وإنا لا نصل إليك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر فصل إن عملنا به دخلنا الجنة وندعواليه من
وراءنا» فقال(ص): «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع; آمركم: بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم» ومن المعلوم أن النبي(ص) لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الأشهر الحرم خوفا من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقي في لغة العرب وهو ما يفوزون به فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون وهناك كتب ومواثيق كتبها النبي وفرض فيها الخمس علي أصحابها وستتبين بعد الفراغ من نقلها دلالتها علي الخمس في الأرباح وإن لم تكن غنيمة حربية فانتظر كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن:

«بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن أمره بتقوي الله في أمره كله وأن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب علي المؤمنين من الصدقة من ال**** عشر ما سقي البعل وسقت السماء ونصف العشر مما سقي الغرب» والبعل ما سقي بعروقه والغرب: الدلوالعظيمة كتب إلي شرحبيل بن عبد كلال و حارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان: «أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله» كتب إلي سعد هذيم من قضاعة وإلي جذام كتابا واحدا يعلمهم فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلي رسوليه أبي وعنبسة أو من أرسلاه» كتب للفجيع ومن تبعه: «من محمد النبي للفجيع ومن تبعه وأسلم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من المغانم خمس الله » كتب لجنادة الأزدي وقومه ومن تبعه: «ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من المغانم خمس الله وسهم النبي وفارقوا المشركين فإن لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله» كتب لجهينة بن زيد فيما كتب: «إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها علي أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها علي أن تؤدوا الخمس» كتب لملوك حمير فيما كتب:
«وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم: خمس الله وسهم النبي وصفيه وما كتب الله علي المؤمنين من الصدقة» كتب لبني ثعلبة بن عامر: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأعطي خمس المغنم وسهم النبي والصفي» كتب إلي بعض أفخاذ جهينة: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من الغنائم الخمس» إيضاح الاستدلال بهذه المكاتيب يتبين ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أن النبي(ص) لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحق في أموالهم من خمس وصدقة ثم إنه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض الحرب واكتساب الغنائم هذا مضافا إلي أن الحاكم الإسلامي أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب وتقسيمها بعد استخراج الخمس منها ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئا مما سلب وإلا كان سارقا مغلا فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم علي عهد النبي(ص) من شؤون النبي(ص) فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد؟ فيتبين أن ما كان يطلبه لم يكن مرتبطا بغنائم الحرب هذا مضافا إلي أنه لايمكن أن يقال: إن المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهلية عن طريق النهب كيف وقد نهي النبي(ص) عن النهب والنهبي بشدة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنه(ص): «من انتهب نهبة فليس منا» وقال: «إن النهبة لا تحل
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبي(ص) أن لا ننهب وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبي عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله(ص) فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد وأصابوا غنما فانتهبوها فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متكئا علي قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال: «إن النهبة ليست بأحل من الميتة» وعن عبد الله بن زيد: نهي النبي(ص) عن النهبي والمثلة إلي غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد وقد كانت النهبة والنهبي عند العرب تساوق الغنيمة
والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو فإذا لم يكن النهب مسموحا به في الدين وإذا لم تكن الحروب التي تخاض بغير إذن النبي(ص) جائزة لم تكن الغنيمة في هذه الوثائق غير ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه ولا محيص حينئذ من أن يقال: إن المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبي(ص) هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال أوالنهب الممنوع في الدين وفي الجملة: إن الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبوية أداء خمسها إما أن يراد بها ما يستولي عليه من طريق النهب والإغارة أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكد والأول ممنوع بنص الأحاديث السابقة فلا معني أن يطلب النبي(ص) خمس النهبة والثاني يكون أمر الغنائم بيد النبي(ص) مباشرة فهو الذي يأخذ كل الغنائم ويضرب لكل من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم فلا معني لأن يطلبه النبي(ص) من الغزاة فيكون الثالث هوالمتعين وورد عن أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ما يدل علي ذلك فقد كتب أحد الشيعة إلي الإمام الجواد قائلا: أخبرني عن الخمس أعلـي جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلي الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة» وفي هذه الإجابة القصيرة يظهر تأييد الإمام لما ذهب إليه السائل ويتضمن ذكر الكيفية التي يجب أن تراعي في أداء الخمس وعن سماعة قال: سألت أبا الحسن (الكاظم) عن الخمس؟ فقال: «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير»
وعن أبي علي ابن راشد (وهو من وكلاء الإمام الجواد والإمام الهادي) قال: قلت له (أي الإمام الهادي ): أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: وأي شيء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه؟ فقال: «يجب عليهم الخمس» فقلت: وفي أي شيء؟ فقال: «في أمتعتهم وصنائعهم» قلت: والتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: «إذا أمكنهم بعد مؤونتهم» إلي غير ذلك من الأحاديث والأخبار المروية عن النبي الأكرم(ص) وأهل بيته الطاهرين التي تدل علي شمول الخمس لكل مكسب ثم إن هنا سؤالا وهواذا كان إخراج الخمس من أرباح المكاسب فريضة إلهية فلماذا كان أمرا متروكا قبل الصادقين ؟ فان الأخبار الدالة عليه مروية عنهما وعمن بعدهما من الأئمة بل أكثرها مروية عن الإمامين الجواد والهادي وهما من الأئمة المتأخرين فهل كان هذا الحكم مهجورا عند الفريقين بعد عصر النبي(ص) إلي عصر الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ؟ والجواب هوانه قد عرفت تضافر الروايات النبوية علي وجوب الخمس في كل ما يربح الرجل ويفوز وأما عدم قيام الخلفاء به فلأجل عدم وقوفهم علي هذا التشريع كما أن عدم قيام النبي(ص) بهذه المهمة علي رؤوس الأشهاد لأجل تفشي الفقر بين المسلمين يومذاك والناس كانوا حديثي عهد بالإسلام وكانت المصلحة تقتضي تأخير إجراء التشريع إلي الأعصار اللاحقة وأما عصر الصادقين الذي ورد فيه بعض الروايات ثم وردت تتري إلي عصر الجوادين فلأجل تكدس الأموال بين المسلمين الأمر الذي اقتضي الإجهار بالحكم ودعوة الشيعة إلي العمل به وإلا فأصل تشريع الخمس كان في عصر النبي(ص) كما عرفت "
وكل ما سبق من روايات سواء عند السنة أو عند الشيعة كلها كاذبة لم ينطق بها النبى(ص) ولا من كانوا فى عصره فلا وجود للخمس سوى فى الغنيمة فقط فلا خمس فى الركاز ولا السيول ولا غيرها لأن الروايات تتعارض مع كون ما فى الأرض ملكية مشتركة للمسلمين جميها لا يحق لحد أن يأخذ منها شىء خاص وحده كما قال تعالى :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادى الصالحون"
فكلنا ورثة لما فى الأرض من منافع سواء على سطحها أو فى باطنها
وهو نفس ما قاله الله أنه وزع الأقوات وهى المنافع على الكل بالتساوى فقال :
"وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "

كما أن اخوة المؤمنين تمنع تميز أحدهم عن ألأخر فى العطاء من ألرض كما قال تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة "
ومن ثم لا وجود للخمس فى غير غنيمة المجاهدين وقد تحدث عن مواضعها فى القرآن فقال :
"مواضع الخمس في القرآن الكريم:
مواضع الخمس في القرآن الكريم يقسم الخمس حسب تنصيص الآية علي ستة أسهم فيفرق علي مواضعها الواردة في الآية قال سبحانه: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل) غير أنه يطيب لي تعيين المراد من ذي القربي يقصد بـ (ذي القربي) صاحب القرابة والوشيجة النسبية ويتعين فرده بتعيين المنسوب إليه وهو يختلف حسب اختلاف مورد الاستعمال ويستعان في تعيينه بالقرائن الموجودة في الكلام وهي: الأشخاص المذكورون في الآية أو ما دل عليها سياق الكلام قال سبحانه: (وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولـي قربي) والمراد أقرباء المذكورين في الآية أي النبي والمؤمنين لتقدم قوله: (والذين آمنوا) وقال سبحانه: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي) والمراد أقرباء المخاطبين في الآية بقوله: (قلتم) و (فاعدلوا) وقال سبحانه: (وإذا حضر القسمة أولوا القربي) والمراد أقرباء من يقسم ماله أعني الميت مطلقا فقد أريد من ذي القربي في هذه الآيات الثلاث مطلق القريب دون أقرباء النبي خاصة لما عرفت من القرائن بخلاف الآيتين التاليتين فإن المراد أقرباء النبي(ص) لنفس الدليل قوله سبحانه: (ما أفاء الله علي رسوله من أهل القري فلله وللرسول ولذي القربي) وقوله سبحانه: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي) المراد في الآيتين قرابة الرسول(ص) لتقدم ذكره وعدم صلاحية السياق إلا لذلك وأما آية الخمس من سورة الأنفال المتقدم ذكرها فقد اتفق المفسرون علي أن المراد من ذي القربي قرابة الرسول(ص) فسدس الخمس لذي القربي و هو حكم خالد ثابت غير منسوخ إلي يوم القيامة وأما الأسداس الثلاثة الباقية فهي للأصناف الثلاثة المذكورة في الآية ـ أعني: اليتامي والمساكين وابن السبيل ـ وهل المراد مطلق اليتامي والمساكين وأبناء السبيل أو يتامي آل محمد و مساكينهم وأبناء سبيلهم وبالجملة: الثلاثة من ذوي القربي علي الخصوص؟ والسياق هنا وإن لم يقتض الالتزام بأحدهما إلا أن السنة الشريفة الواردة عن الرسول(ص) وأهل بيته اقتضت الأخير كما يأتي في البحث التالي "
الرجل هنا يقصر القرابة على قرابة الرسول(ص)وعلى يتامى أقاربه ومساكينهم وأبناء سبيلهم وهو كلام لو صدقناه لوجب التالى :
أن ينفق الرسول (ص) أو من يخلفه من أقاربه حسب القرابة وعلى هذا يكون عليه أن ينفق على كفار بنى هاشم أو كفار بنى عبد المطلب ومساكينهم ويتاماهم وأبناء سبيلهم وهو كلام لا يمكن أن يكون إلا جنون لأن القرابة لم تحدد مسلمين أم كفار
ونجد تعبير ذى القربى مطلق لأن الله لواراد قرابة الرسول الخاتم (ص) فقال ولآقاربك ويتاماك ومساكينك وأبناء سبيلك وإنما أراد أن من يقوم مقام الرسول(ص) فى الحكم سيكون له نفس الجزء من الخمس
والغريب أن وقت نزول الآية لم يكن هناك أطفال من قرابة الرسول(ص) يتامى ولا أبناء سبيل لأن كل من هاجروا كانوا رجالا ونساء بالغات
والمعروف ان أموال المسلمين توزع على مسلمين وليس على كفار محاربين
وتحدث عن روايات الخمس فقال :
"مواضع الخمس في السنة
وأما السنة فهي أيضا تدعم ما هو مفاد الآية: روي عن ابن عباس: كان رسول الله(ص) يقسم الخمس علي ستة: لله وللرسول سهمان وسهم لأقاربه حتي قبض إن السهم الوارد في قوله: «وسهم لأقاربه» تعبير آخر عن ثلاثة أسهم من الخمس يدل عليه قوله «علي ستة: لله وللرسول سهمان» فان معناه سهم لله وسهمان للرسول أي سهم لنفس الرسول وسهم «لذي القربي» فتبقي الأسهم الثلاثة في الخمس و من لأقاربه أعني: اليتامي والمساكين وابن السبيل وهذا هوالذي عليه الإمامية في تقسيم الخمس "
الغريب فى تفسير السبحانى لرواية السابقة أن عدد الأسهم ستة ومع هذا يعتبر سهم الأقارب بأربعة أو بثلاثة على أنهم كلهم أقارب الرسول(ص) وهو ما لا يتفق مع تخصيص سهم للٌأقرب فقط من السنة فلا يمكن أن يتضمن سهم واحد ثلاثة مع الرابع مع كونه واحد وعدد ألسهم سنة
ثم قال :
"وروي عن أبي العالية الرياحي : كان رسول الله(ص) يؤتي بالغنيمة فيقسمها علي خمسة فتكون أربعة أخماس لمن شهدها ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي علي خمسة أسهم فيكون سهم للرسول وسهم لذي القربي وسهم لليتامي وسهم للمساكين و سهم لابن السبيل قال: والذي جعله للكعبة فهو سهم الله ولعل جعله للكعبة كان لتجسيد السهام وتفكيكها وربما خالفه كما روي عطاء بن أبي رباح قال: «خمس الله وخمس رسوله واحد وكان رسول الله(ص) يحمل منه ويعطي منه و يضعه حيث شاء ويصنع به ما شاء» والمراد من كون سهمهما واحدا كون أمره بيده(ص) بخلاف الأسهم الأخر فإن مواضعها معينة وبذلك يظهر المراد مما رواه الطبري: «كان نبي الله إذا اغتنم غنيمة جعلت أخماسا فكان خمس لله ولرسوله ويقسم المسلمون ما بقي (الأخماس الأربعة) وكان الخمس الذي جعل لله ولرسوله لرسوله ولذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل فكان هذا الخمس خمسة أخماس خمس لله ولرسوله» فالمراد منه ـ كما يظهر ـ أن أمر السهمين كان بيد الرسول ولذا جعلهما سهما واحدا بخلاف السهام الأخر وإلا فالخبر مخالف لتنصيص القرآن الكريم لتصريحه بأن الخمس يقسم أسداسا وأما تخصيص بعض سهام الخمس بذي القربي ومن جاء بعدهم من اليتامي والمساكين وابن السبيل فلأجل الروايات الدالة علي أنه لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس من آل محمد(ص) روي الطبري: كان آل محمد(ص) لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم (ذوي القربي) خمس الخمس وقال: قد علم الله أن في بني هاشم الفقراء فجعل لهم الخمس مكان الصدقة"
والرجل يناقض نفسه بأنه ألربعة أخماس مخصصة لقرابة الرسول(ص) من اليتامى والمساكين وابن السبيل وهو ما يناقض نص الطبرى" ويقسم المسلمون ما بقي (الأخماس الأربعة)" فالرسول (ص) هنا لا يقسم الأربعة أخماس وإنما المسلمون من يقسمون فلو كان لأقاربه ما قسمه المسلمون
وركز على أن روايات الشيعة تجعل كل الغنيمة لآقارب محمد(ص) فقال :
" كما تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت أن السهام الأربعة من الخمس لآل محمد(ص) فتبين ان سدس الخمس لذي القربي والأسداس الثلاثة الباقية للطوائف الثلاث من آل محمد هذا ما يستفاد من الكتاب والسنة غير أن الاجتهاد لعب دورا كبيرا في تحويل الخمس عن أصحابه وإليك ما ذهبت إليه المذاهب الأربعة: إسقاط حق ذي القربي بعد رحيل النبي(ص) اتفق أكثر فقهاء المذاهب تبعا لأسلافهم علي إسقاط سهم ذوي القربي من خمس الغنائم وغيره وإليك كلماتهم: قالت الشافعية والحنابلة: تقسم الغنيمة و هي الخمس إلي خمسة أسهم واحد منها سهم الرسول ويصرف علي مصالح المسلمين و واحد يعطي لذوي القربي وهم من انتسب إلي هاشم بالابوة من غير فرق بين الأغنياء والفقراء والثلاثة الباقية تنفق علي اليتامي والمساكين وأبناء السبيل سواء أ كانوا من بني هاشم أو من غيرهم وقالت الحنفية: إن سهم الرسول سقط بموته أما ذووالقربي فهم كغيرهم من الفقراء يعطون لفقرهم لا لقرابتهم من الرسول وقالت المالكية: يرجع أمر الخمس إلي الإمام يصرفه حسبما يراه من المصلحة ز وقالت الإمامية: إن سهم الله وسهم الرسول وسهم ذوي القربي يفوض أمرها إلي الإمام أو نائبه يضعها في مصالح المسلمين والأسهم الثلاثة الباقية تعطي لأيتام بني هاشم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ولايشاركهم فيها غيرهم وفي هامش «المغني» لابن قدامة بعد ما روي أن أبابكر وعمر قسما الخمس علي ثلاثة أسهم: «و هو قول أصحاب الرأي ـ أبي حنيفة وجماعته ـ قالوا: يقسم الخمس علي ثلاثة: اليتامي والمساكين وابن السبيل وأسقطوا سهم رسول الله بموته وسهم قرابته أيضا وقال مالك: الفيء والخمس واحد يجعلان في بيت المال وقال الثوري: والخمس يضعه الإمام حيث أراه الله عز وجل وما قاله أبو حنيفة مخالف لظاهر الآية فإن الله تعالي سمي لرسوله وقرابته شيئا وجعل لهما في الخمس حقا كما سمي الأصناف الثلاثة الباقية فمن خالف ذلك فقد خالف نص الكتاب وأما جعل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ سهم ذي القربي في سبيل الله فقد ذكر لأحمد فسكت وحرك رأسه ولم يذهب إليه ورأي أن قول ابن عباس و من وافقه أولي لموافقته كتاب الله وسنة رسوله(ص) إسقاط سهم ذي القربي اجتهاد تجاه النص ثم إن الخلفاء بعد النبي الأكرم اجتهدوا تجاه النص في موارد منها إسقاط سهم ذي القربي من الخمس وذلك أن الله سبحانه وتعالي جعل لهم سهما وافترض أداءه نصا في الذكر الحكيم والفرقان العظيم يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار وهو قوله عز من قائل: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله و ما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير) وقد أجمع أهل القبلة كافة علي أن رسول الله(ص) كان يختص بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه وأنه لم يعهد بتغيير ذلك إلي أحد حتي قبضه الله إليه وانتقاله إلي الرفيق الأعلي فلما ولي أبو بكر تأول الآية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربي بموت النبي(ص) ومنع بني هاشم من الخمس وجعلهم كغيرهم من يتامي المسلمين ومساكينهم وابناء السبيل منهم قال الزمخشري: وعن ابن عباس: الخمس علي ستة أسهم: لله ولرسوله سهمان وسهم لأقاربه حتي قبض فأجري أبوبكر الخمس علي ثلاثة وكذلك روي عن عمر ومن بعده من الخلفاء قال: و روي أن أبا بكر منع بني هاشم الخمس وقد أرسلت فاطمة تسأله ميراثها من رسول الله(ص) مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة علي أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتي توفيت وعاشت بعد النبي(ص) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبابكر وصلي عليها الحديث وفي صحيح مسلم عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجي إلي ابن عباس قال ابن هرمز:
فشهدت ابن عباس حين قرأ الكتاب وحين كتب جوابه وقال ابن عباس: والله لولا أن أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه ولا نعمة عين قال: فكتب إليه: إنك سألتني عن سهم ذي القربي الذين ذكرهم الله من هم؟ وإنا كنا نري أن قرابة رسول الله(ص) هم نحن فأبي ذلك علينا قومنا الحديث وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في أواخر ص من الجزء الأول من مسنده و رواه كثير من أصحاب المسانيد بطرق كلها صحيحة وهذا هو مذهب أهل البيت المتواتر عن أئمتهم ـ عليهم السلام ـ لكن الكثير من أئمة الجمهور أخذوا برأي الخليفتين فلم يجعلوا لذي القربي نصيبا من الخمس خاصا بهم فأما مالك بن أنس فقد جعله بأجمعه مفوضا إلي رأي الإمام يجعله حيث يشاء في مصالح المسلمين لا حق فيه لذي قربي ولا ليتيم ولا لمسكين ولا لابن سبيل مطلقا
وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد أسقطوا بعد النبي(ص) سهمه وسهم ذي قرباه وقسموه بين مطلق اليتامي والمساكين وابن السبيل علي السواء لا فرق عندهم بين الهاشميين وغيرهم من المسلمين والشافعي جعله خمسة أسهم: سهما لرسول الله(ص) يصرف إلي ما كان يصرف إليه من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من الخيل والسلاح والكراع و نحو ذلك وسهما لذوي القربي من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل يقسم بينهم (للذكر مثل حظ الأنثيين) والباقي للفرق الثلاث: اليتامي والمساكين وابن السبيل مطلقا إلي هنا خرجنا بالنتيجة التالية: إن الخمس يقسم علي ستة أسهم الثلاثة الأولي أمرها بيد الإمام يتولاها حسب ما رأي من المصلحة والثلاثة الأخري للأيتام والمساكين وأبناء السبيل من آل النبي الأكرم لا مطلقهم"
والغريب هيما سبق هو أن السبحانى يحاول تحوير معانى ما نقله من مصادر أهل السنة وهو :
أن سهم القربى غير سهام اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ليجعله كله سهم وحده وهو ما يأباه النص القرآنى لأن ذى القربى يشمل القريب سواء يتيم أو مسكين أو ابن سبيل فلو كان يريد ذلك المعنى ما ذكر الثلاثة أصناف لأن كل الأقارب داخلة فيه
والغريب فيما كتب هو ذكره أن فى بنى عبد المطلب فقراء من المسلمين وقت نزول الآية مع أنه لم يكن منهم موجودا إلا عدد يعد على اصابع اليد أو اليدين وليس منهم أحد يتيم ولا ابن سبيل

اجمالي القراءات 277