اسهامات الدكتور عبد الخالق كلاب القيمة في بناء وعي تاريخي اصيل انطلاقا من المركزية المغربية داخل مواقع التواصل الاجتماعي
مقدمة مطولة
ظلت السلطة ببلادنا منذ سنة 1956 الى سنة 2008 أي سنة الاحتفال بما يسمى بمرور 12 قرن على تأسيس مدينة فاس من طرف الدولة الادريسية العربية كما كنا نعتقده جميعا لان السلطة ظلت طيلة هذه العقود تقدم تاريخ هذا البلد الأمين بالمركزية المشرقية بالدرجة الأولى و بالمركزية الغربية أي ما كتبه الفرنسيين عن الامازيغيين بشكل سلبي للغاية و هذا لا يمنع من وجود أشياء إيجابية عديدة على اية حال لان فرنسا لم تترك للامازيغيين بعد سنة 1956 اية مؤسسة اكاديمية او اية جمعية ثقافية امازيغية او حزب سياسي امازيغي بل تركت لهم التهميش و الاقصاء و هوامش شاسعة لا تتوفر على ابسط حقوق الانسان من قبيل الكهرباء و الماء الصالح للشرب الخ حيث انني ارد هنا على أصحاب خرافة السياسة البربرية قديما و حديثا ..
ان المركزية المشرقية لتاريخ المغرب ظلت طيلة هذه العقود تستعمل في حقول علمية و دينية و سياسية قصد اظهار ان المشرق العربي هو اصل الشعب المغربي من خلال الأصل اليمني المزعوم للامازيغيين الذي ساد في ثمانينات القرن الماضي حيث ان الراحل الحسن الثاني قد صرح بذلك لصحفي فرنسي بعد ظهور الربيع الامازيغي بمنطقة القبائل المحتلة من طرف الجزائر سنة 1980 لغرض نفي وجود اية حركة ثقافية امازيغية بالمغرب وقتها .
لقد نشر المرحوم علي صدقي ازايكو مقاله الشهير تحت عنوان في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية في مجلة امازيغ في تلك الفترة فتعرض للاعتقال و المحاكمة التي حكمت عليه بسنة سجنا لان ذلك المقال قد تناولت المشكل الثقافي الامازيغي من خلال اعتبار ان الامازيغية هي لغة وطنية وقتها و اعتبار ما يسمى بالفتح الإسلامي للمغرب غزو عربي الخ من الحقائق التاريخية ....
و في سنة 1988 قد اصدر الأستاذ محمد شفيق بصفته مدير للمدرسة المولوية و عضو في اكاديمية المملكة المغربية كتابه الشهير 33 قرن من تاريخ الامازيغ حيث رد بالحجة و بالدليل على الأصل اليمني المزعوم للامازيغ وقتها في عز الأيديولوجيات المشرقية من قبيل القومية العربية و الإسلام السياسي لانني افرق شخصيا بين العروبة و القومية العربية بحكم ان العروبة هي نعرة جاهلية قد لبست ثياب الإسلام منذ الخلافة الاموية الفاجرة بصريح العبارة بشهادة التاريخ الإسلامي نفسه كما كتبه سلف الامة كما يسمون الان في خطابنا الديني الرسمي ببلادنا .......
اما القومية العربية فانها ظهرت في القرن التاسع عشر في فرنسا الخ دون الدخول في التفاصيل ........
ان المركزية المشرقية لتاريخ المغرب قد اعتمدت في المقررات الدراسية لعقود عديدة حيث استحضر هنا عندما كنت في مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الأطفال المعاقين باكادير كنا نتابع الدروس في كتاب الاجتماعيات للقسم الخامس الابتدائي في أواخر تسعينات القرن الماضي......
لقد كان اول درس في محور التاريخ في ذلك المقرر الدراسي يحمل عنوان الجزيرة العربية قبل الإسلام أي ان الطفل المغربي في اول درس للتاريخ كان يتعلم تاريخ الاعراب في جزيرتهم و لا يتعلم تاريخ اجداده المشرف قبل الإسلام او بعده باعتباره كان يحيل الى الجاهلية و الى الظلال مثل تاريخ الدولة البرغواطية المنسية نهائيا في التاريخ الرسمي و اتهمت هذه الاخيرة من طرف المشارقة قديما و المغاربة حدثا بالكفر و بالجاهلية كانها هدمت الكعبة المشرفة او اقحمت المدينة المنورة او اغتصبت نساء الصحابة او قتلت اسباط الرسول الاكرم كما فعلت الخلافة الاموية المجيدة في فكر تيارات الإسلام السياسي و بني عبد الوهاب ..
ان هذه المركزية المشرقية قد حرمت أجيال كاملة من المغاربة من معرفة تاريخ اجدادهم المشرف سواء قبل الإسلام او بعده حيث لا توجد اية دروس كاملة او شاملة على مقرراتنا الدراسية حسب شهادة الدكتور عبد الخالق كلاب عن الدول الامازيغية الكبرى مثل الدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية و الدولة السعدية كاننا فقراء من الناحية التاريخية او من الناحية الحضارية عبر التعرف على عقلانية اجدادنا الكرام في الملائمة بين العرف الامازيغي و الشرع الإسلامي و الديمقراطية المحلية الخ.
ان السلطة منذ سنة 1956 الى الامس القريب قد اعتمدت على المركزية المشرقية لتاريخ المغرب فكانت نتائج سلبية للغاية من قبيل انتشار التطرف الديني العنيف من خلال احداث 16 ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء حيث بغض النظر عن من قام بتلك الاحداث هل السلطة كما يقول بعض الإسلاميين او الإسلاميين انفسهم فالتطرف الوهابي واقع موجود بالقوة الان في مساجدنا و في حفلات العائلات و في مواقع التواصل الاجتماعي حيث ان هذا المعطى لا يمكن ان ينكره أي عاقل اليوم لان الرجوع الى الأصل فضيلة عظمى لا يتحقق الا بالاعتماد على المركزية المغربية كما دعا الدكتور عبد الخالق كلاب اليها ......
الى صلب الموضوع
عندما يفتخر العربي بعروبته الجاهلية كما اسميها فيعتبر مسلم صالح بدون ادنى شك حيث ان السعودي يفتخر بعروبته و باسلامه امام كاميرات العالم منذ عقود دون أي حرج او اي اشكال ديني .
لكن بالمقابل عندما يفتخر الامازيغي بامازيغيته فانه يعتبر عنصري او ملحد منذ سنة 1956 الى الان سبحان الله العظيم على هذه الأيديولوجية التي تعتبر كل امازيغي يفتخر بهويته الامازيغية هو عنصري او ملحد لان الايمان او عدمه هو شان شخصي خالص بين العبد و ربه .
و من هذا المنطلق انطلق الدكتور عبد الخالق كلاب في مشروعه الهام و الرامي الى إعادة كتابة تاريخ هذا البلد الأمين بالمركزية المغربية حيث قدم اسهامات عظيمة على مواقع التواصل الاجتماعي في فترة قصيرة للغاية بصفته دكتور في التاريخ و عضو فاعل في منظمة اليوسيكو الدولية و له كتاب حول احواز مراكش و يحضر الان كتابه الهام تحت عنوان اوثان السلفية التاريخية و له منظور متميز تجاه الهوية المغربية حيث لا نتوفر الا على مكون واحد اصيل الا و هو المكون الامازيغي المغربي لان المغرب هو بلد امازيغي منذ فجر التاريخ البشري و ليس الإنساني لان ادم هو اب البشر حسب ما فهمته من كتب الدكتور محمد شحرور ادا كنا مؤمنين بالإسلام فعلا .....
و بالتالي فان المغرب قد تعرض للغزو الاموي فثار عليه اجدادنا الامازيغيين سنة 740 ميلادية بشكل طبيعي لان أي شعب قد تعرض لغزو خارجي تحت أي غطاء فلا بد منه ان يقاومه كما يقاوم الشعب الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي الان بقيادة حركة حماس الإسلامية كما يقولون في اعلامهم المشرقي.
لقد نجحت ثورة الامازيغ الجامعة بقيادة مسيرة المدغري و يسمى بالحقير عند الامويين و طردهم اجدادنا من بلادنا نهائيا منذ ذلك التاريخ المجيد الذي يستحق ان يدرس لابناءنا و لبناتنا في المدارس و في الجامعات في المستقبل المنظور .
و كما قام الدكتور كلاب بتصحيح تاريخ الدولة البرغواطية كدولة امازيغية إسلامية حيث ترجمت القران الكريم او 80 سورة منه الى اللغة الامازيغية آنذاك كمجهود خرافي في الحقيقة غير خصوم هذه الدولة من المشارقة قالوا أكاذيب و خرافات بهدف تشويه هذا الاستقلال السياسي التام عن المشرق العربي ..
ثم اظهر الدكتور كلاب الدولة الادرسية فادريس الأول قد استقدمه راشد الامازيغي الى قبيلته قصد الثورة و اخذ الحكم تحت ذريعة النسب الشريف لان اجدادنا الكرام كانوا و مازالوا يحبون اهل بيت الرسول الشرفاء و بالتالي فالدولة الادريسية أسسها الامازيغ من الف الى ياء .....
و تطرق هذا الدكتور الفاضل الى الدولة المرابطية باعتبارها اول دولة مركزية انطلقت من سوس الأقصى أي منطقة سوس الحالية بينما ان مقرراتنا الدراسية تقول لنا ان هذه الدولة الجليلة قد انطلقت من مجال اخر بمعنى ان منطقة سوس الحالية هي مهد الدولة المغربية المركزية و ليس العكس لكن في الماضي ساد الاعتقاد ان مدينة فاس هي مهد الدولة المغربية المركزية بحكم نشوء ما يسمى بالحركة الوطنية فيها و في مدينة الرباط و في مدينة سلا سنة 1930 أي ان الدكتور كلاب قد أعاد الاعتبار التاريخي لمنطقتنا السوسية التي ظلت مهمشة سياسيا و دينيا الخ منذ سنة 1956 .....
و كما يدافع الدكتور كلاب عن الملكية باعتبارها ضامنة لوحدة الشعب المغربي و استقراره في ظل ما يجري في محيطنا المغاربي و الساحلي و الإسلامي من تحديات شتى على مختلف الأصعدة و المستويات فان المغرب بفضل قيادته الحكيمة ان يكون رقم صعب في التوازنات الإقليمية و الدولية ..
اذن ان الدكتور عبد الخالق كلاب يعتبر مدرسة للوطنية الاصيلة منذ قرون طويلة تحت ظلال المرجعية الامازيغية الإسلامية كما اسميها حتى اشعار اخر او رسالة من اطر مجموعة الوفاء للبديل الامازيغي .....................
توقيع المهدي مالك