شخصية موسى عليه السلام فى تدبر قرآنى

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٥ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

شخصية موسى عليه السلام فى تدبر قرآنى :  

  صفتان إنسانيتان لموسى : الخوف والتهور.

أولا : عن الخوف :

  نشأ موسى فى قصر عدوّه الفرعون الذى كان يذبح أبناء قوم موسى . مع وجوده فى قصر فرعون فقد كان على صلة بأهله ، ويعرفهم ويعرفونه ، ويبدو أن قومه من بنى إسرائيل كانوا معروفين له أيضا ، خصوصا مع الإضطهاد الذى يعيشون فيه فى مصر . كونه من بنى إسرائيل ـ أعداء الفرعون ـ جعله يعيش فى خوف وقلق . وكان يتوقّع الشّر فى أى وقت لذا كان فى حالة ترقّب ودفاع عن النفس .

نعطى أمثلة قرآنية : قال جل وعلا :

1  ـ : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) القصص ). نقول :

 1 / 1 ـ بلغ أشدّه واستوى فى قصر الفرعون وأعطاه الله جل وعلا حكما وعلما من لدنه ، ووصفه بأنه كان محسنا .

1 / 2  ـ تسلّل من القصر ودخل المدينة فى غفلة من أهلها وحُرّاسها . فوجد فيها رجلين يتعاركان . أحدهما يعرف أنه من قومه . وهذا يعنى انه كان هناك من بنى إسرائيل أقلية ُمضطهدة تعيش فى العاصمة ، ووضح هذا فى إعتداء رجل من ملأ فرعون على هذا الرجل ، والذى تعرّف على موسى فاستجار به . وبسرعة ضرب موسى المعتدى فقتله ـ دون قصد طبعا . وكما تهور فى ضرب المعتدى أسرع بالندم والاستغفار فغفر له ربه جل وعلا . تعهّد موسى ألّا يكون مدافعا عن المجرمين ، أى أن يستخدم قوته البدنية فى الدفاع عن المستضعفين .

1 / 3  ـ لم يفارقه خوفه من مغبة قتل الرجل من الملأ الفرعونى ، وهو يعلم إنهم سيحققون فى الأمر وسيصلون الى الفاعل . سار فى المدينة خائفا يتوقع الشّر فوجد نفس الرجل الاسرائيلى يصرخ مستجيرا به من إعتداء آخر . قال له موسى (  إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) أى إنه يوقع نفسه فى المشاكل . أقبل موسى هائجا يريد أن يبطش بالمعتدى الموصوف بأنه عدو لموسى وللرجل الاسرائيلى ، وواضح أن منظر موسى فى غضبه أخاف الاسرائيلى فظن أن موسى سيقتله هو خصوصا بعد قوله له (  إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) فقال يترجّاه ( يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ ) . كان من الطبيعى وجود إزدحام من الناس ، وبالتالى سيصل الخبر الى القصر الفرعون ، وبالتالى سيعقدون إجتماعات لقتله .

1 / 4 ـ جاء رجل مصرى نبيل يعيش فى ضاحية بعيدة ، وسعى الى موسى يحذّره من مؤامرة على حياته ، وينصحه بالهروب ، فأسرع بالهروب ، وهو يحمل بين جوانحه خوفه وترقّبه .

2 ـ فى عودته لمصر ومعه زوجته وعند جبل الطور كلّمه رب جل وعلا ، وأمره أن يكون رسولا لفرعون أن يرسل معه بنى إسرائيل مغادرين مصر . ظهر خوف موسى فى موقفين :

2 / 1 : عندما أظهر الله جل وعلا آية له ( معجزة ) وهى عصاه التى تحولت لثعبان ، ففزع موسى وهرب . نتدبر الحوار التالى :

2 / 1 / 1 : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى (21)  طه ). قال له ربه جل وعلا ( خُذْهَا وَلا تَخَفْ ) ولكنه خاف . قال جل وعلا :

2 / 1 / 2 : ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ (31) القصص ). لاحظ : ( يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ ). أى إنه فى جرى مبتعدا مسافة طويلة فناداه ربه جل وعلا يطمئنه .

2 / 1 / 3 : ( فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) النمل ). لاحظ (يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ). أى أنت رسول فى حماية الرحمن فلا تخف .!

2 / 2 : حين أمره ربه جل وعلا بالذهاب الى فرعون إعتذر بدافع الخوف . قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 :( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) الشعراء ). تكرّر الخوف هنا مرتين : أن يكذّبوه ، وهم حتما سيكذّبونه ، وأن يقتلوه ثأرا بالمصرى الذى قتله وهرب خوفا من العقاب . وطلب أن يكون أخوه هارون معه لفرعون رسولا .

2 / 2 / 2 :( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) القصص ). تكرر خوف موسى هنا مرتين أيضا . وإستجاب له ربه جل وعلا بأن يكون هارون عونا وعضدا له ، مع وعد ألاهى بحمايتهما من فرعون وقومه ، وأنهما مع قومهما سيكونون الغالبين .

2 / 2 / 3 : ( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه ). هنا نصيحة من الله جل وعلا لهما أن يقولا لفرعون قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى . مع هذا إنتقل الخوف من موسى لهارون ، خافا من سطوة فرعون وجبروته ، فتكرر الوعد الالهى بأنه جل وعلا معهما يسمع ويرى .

2 / 2 / 4 : ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) الشعراء ) . نفس ما جاء فى سورة ( طه ).

2 / 2 / 5  : فى الحوار بينه وبين فرعون إعترف بفراره خوفا : ( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ (21) الشعراء ). هنا دليل أن فرعون الذى أنقذت زوجته الطفل الوليد موسى هو الذى ربّاه وهو الذى عاد اليه موسى يطلب إرسال بنى إسرائيل معه الى خارح مصر . وفرعون يذكّر موسى بأنه ربّاه وأنه قتل المصرى كافرا بالنعمة الفرعونية ، وقال موسى إنه لما قتل المصرى كان من الضالين ، ثم فرّ خوفا منهم . وعاد اليهم مرسلا من الرحمن جل وعلا .

2 / 2 / 6 : قال جل وعلا :( وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) الدخان ). لم يأت هنا لفظ الخوف ، ولكن المعنى يدل على الكثير من الخوف . فهو يستعيذ بالله جل وعلا أن يرجموه ، وإن لم يثقوا فيه ( أى يؤمنون له ) أن يتركوه فى شأنه . هذا الخوف مع وعد الله جل وعلا له بالحماية .!

2 / 3 : فى المباراة مع السّحرة :

(  قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) الاعراف ). أصابه الخوف من أفاعيل السحرة وظنها فعلا ثعابين ، وأوحى الله جل وعلا اليه يطمئنه .

ثانيا : عن التهوّر وسرعة الغضب :  

بالاضافة الى قتله الرجل المصرى نذكر مثلين : قال جل وعلا :

1 / 1 : ( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) طه )

1 / 2 : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) . الأعراف ) . أثناء غياب موسى عن قومه ليتلقى الألواح إستخلف أخاه هارون . فجعلهم السامرى يعبدون عجلا ذهبيا تقليدا لعجل أبيس المعبود الفرعونى . إشتد غضب موسى فألقى الألواح  وجذب رأس أخيه ولحيته ، وإعتذر هارون . وهدأ غضب موسى فى النهاية . والتعبير رائع فى قوله جل وعلا : ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) الأعراف ) ، أى تملّكه الغضب وسيطر عليه .

2 ـ بعدها إختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقات ربه جل وعلا إعتذارا ، فأخذتهم الرجفة فوق جبل الطور . قال جل وعلا : ( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) الاعراف ). نلاحظ هنا غضبا من موسى حين قال يخاطب ربه جل وعلا معترضا : َ ( رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ) ثم هدأ غضبه قليلا فقال : ( إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ ) ثم إنتهى غضبه فدعا : ( أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) .!

أخيرا

مع هذا كانت لموسى مكانة عالية :.

1 ـ فهو الذى كلمه ربه جل وعلا تكليما . قال جل وعلا :( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً (164)  النساء ). وقال له جل وعلا : ( يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي ) َ (144) الأعراف )

 2 ـ وقال عنه جل وعلا : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (53) مريم ) . لاحظ : ( وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً )

3 ـ وقال له ربه جل وعلا : ( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنْ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه ) لاحظ ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي )

3 ـ ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) طه ) . لاحظ ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ).! 

اجمالي القراءات 666