قراءة فى بحث وقفات حول المزاح

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ١٨ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى بحث وقفات حول المزاح
صاحب البحث خالد بن سالم الخوالدي وهو يدور حول أحكام المزاح فى الإسلام وقد استهل المحور الأول بالحديث عن فهم الناس الخاطىء لمقولة ساعة لربك وساعة لنفسه وهى سبب المزاح الأول عند الناس فقال :
"المحور الأول : أسباب المزاح : كثيرة من ذلك :
السبب الأول: الفهم الخاطئ لمسألة الترويح عن النفس : نجد أن بعض الناس يقرئون ما ورد عنه (ص) بأن الإنسان عليه أن يجعل ساعة لجده وساعة لراحته ساعة وساعة فيفهم من حديثه (ص) هذا أن الساعة التي يكون فيها الجد يأتي فيها بما أمر به من الطاعات والقربات بقدر ما يستطيع ، وأن الساعة التي تكون فيها الراحة حق له أن يأتي بها بما شاء من غير أن يجعل ضوابط تحكم ترويحه عن نفسه ، ولذلك نجد أن كثيرا من الناس لا يراعون طاعة الله سبحانه تعالى فيما يقصدون به الترويح عن أنفسهم فنجد أن كثيرا منهم ربما يقع في المحظور وربما يرتكب المخالفات ويأتي بما حرم الله تعالى عليه تحت شعار أنه يروح عن نفسه.فالفهم الخاطئ لمسألة الترويح عن النفس يجر إلى الوقوع في المزاح ."

قطعا الحديث لم يقله النبى (ص) فالساعات كلها لله ليس فيها شىء للنفس إلا ما قرر الله من لذات كالطعام والشراب والجماع وسواهم فاللذات ناتجة عن الطاعات وليس ناتجة من طاعة النفس لوجوب طاعة الله فى كل شىء كما قال :
" أطيعوا الله "
وتحدث عن السبب الثانى للمزاح وهو لفت النظر والشهرة فقال :
"السبب الثاني : جلب الأنظار وحب الظهور : هنالك أناس ابتلوا بحب التفات أنظار الناس إليهم لا يهنأ له عين ولا يقر له قرار إلا حينما ينظر إلى الأنظار وقد توجهت إليه في تلك الساعة ترتاح نفسه ويهدأ باله فيريد أن يكون المقدم ويريد أن يكون الملتفت إليه ويريد أن يكون الظاهر أمام الناس فيدعوه ذلك إلى فعل ما يجلب الأنتباه ويلفت النظر إليه فيأتي ببعض الأمور التي تكون فعلا سببا في لفت الأنظار إليه فيرتكب من المزاح الشيء الكثير ويكثر في ذلك ، أيما إكثار حتى يلفت الناس إليه ويحقق ما أراده ويشعر بالراحة لذلك . صورة بسيطة وان كانت خارجة عن المزاح أولئك الشباب الذين يرتدي الواحد منهم القبعة على الوراء ويحلق
( البنكس ) ويلبس الجينز ويمكن أن يقطع بعضا من قميصه أو بعضا من سرواله ويلبس السلاسل المذهبة وربما يحمل جهاز التسجيل ويرفع صوت الموسيقى وهو يمشي في وسط الناس بتبختر وتمايل هذا أوليس مبتلى ؟ إنه مبتلى هل هو في حقيقة ذاته مقتنع بما يصنع ؟ هل يرى أن هذه الصورة صورة ترتضى ؟ ما الحسن فيها ؟ وما الجمال الذي يظهر منها الإنسان يشمئز من تلك الصورة التي يراها أمامه ؟ ولكن هو لا يظن بأنه أسد يصول ويجول هكذا ( خالف تعرف ) يلتفت الناس إليه يتعجبون( إيش هذا اللي جاي الآن ) طيب فيلتفتون إليه وينظرون إليه وذلك الذي يريح نفسه ، فمثله ذلك الذي يأتي بالمزاح الثقيل الكثير لأجل أن يلفت الأنظار أيضا إليه ."

وتحدث عن السبب الثالث للمزاح الناس وهو الفراغ وهو وقت طويل خالى من الطاعات يظن الإنسان أن عليه ملئه باختراع النكات أو الخدع المضحكة بدلا من استغلال فى طاعات لله وفيه قال :
"السبب الثالث : الفراغ :
للأسف أن بعض المسلمين هداهم الله يشعرون بالفراغ وليت شعري منذ متى كان المسلم فارغا . المسلم الذي نيطت عليه مسئولية عظيمة . المسلم الذي ينتظر الحساب والجزاء ، الثواب أو العقاب ، الجنة أو النار . المسلم الذي يعلم بأنه مخلوق مكلف والذي يعلم بأنه مهما قدم من الطاعات ومهما تقرب بالقربات فهو مقصر بحق الله تعالى . متى يجد وقت الفراغ ؟ إنما هذا الشعور يشعر به أولئك الذين ضعف الإيمان في قلوبهم واستحكمت الأهواء على عقولهم وتكدرت نفوسهم بالشهوات والتفتت إلى الملذات فتجد أن الواحد منهم بسبب خلو قلبه من الإيمان يقع فيه أو يشعر بالفراغ ويحاول أن يملأ هذا الفراغ على حد تعبيره بأي شيء من الأشياء التي يشعر بأنها ترفه عن نفسه أو أنها تعوضه عن النقص الذي يشعر به فيلتفت حينئذ إلى شغل الأوقات بالضحك والنكات والمزاح وما إلى ذلك من الأمور "
قطعا فى ظل المجتمعات الخالية لابد أن يكون فيه وقت فراغ نتيجة أن الحكومات تعمل على بطالة الناس من العمل ونتيجة اطالة عمر الزواج فالذكور والإناث أصبح سن زواجهم فى أواخر العشرينات ومن ثم لا يجدون امرأة أو أولاد أو عمل وظيفى يشغلونهم بالطاعة والقليل من يجد نفسه من الأغنياء لا يعرف ماذا يفعل بوقت فرافع فيضيعه فى البواطل
وتحدث عن السبب الرابع للمزاح وهو التربية والأصدقاء فقال :
"السبب الرابع : التربية والصحبة :

نعم التربية لها دور في ضبط المزاح أو إطلاق الأمر فيه فالصحبة كذلك لها دور ، فالأب الذي يربي أبناءه دائما على الجد وعلى الجدية في الأمور وعلى الالتفات إلى محاسنها تنغرس هذه المبادئ القيمة في نفوسهم منذ نعومة أظافرهم فلا يلتفت الواحد منهم بعد ذلك إلى هذه السفاسف ويكون متوجها إلى الخير في جده وفي هزله وأما ذلك الأب الذي لا يحسن إلا إشاعة كل ما يؤدي إلى فساد أخلاقهم واستئلاب كل ما يؤدي إلى ذهاب حيائه ويشجعه كذلك على انتهاك الحرمات ويحاول دائما أن يغرس فيه الهزل وأن يدعوه إلى عدم الجد في الأمور بلا شك أن هذه التربية أيضا تؤثر في نفسية ذلك الابن ، والصحبة كذلك لها دور وهي سبب من أسباب المزاح . فالإنسان الذي يصاحب شخصا ينصرف في أفكاره إلى معاني الأمور ويتخذ من الجد منهجا يسير عليه في حياته بلا شك أنه يختلف عن ذلك الذي يصاحب إنسانا عابثا لا يعرف إلا الهزل ولا يلتفت إلا إلى الضحك والنكات وما إلى ذلك فالصحبة أيضا سببا من أسباب المزاح "
وتحدث عن السبب الخامس وهو عدم شغل النفس بالعلم فقال :
"السبب الخامس : قلة العلم :
الشخص الذي يرزقه الله العلم تزداد معرفته بأحكام الدين ويزداد قربا من الله ومعرفة لحدوده فيجعل مرضاة الله هي المقياس الذي يقيس بها أعماله فأي طريق بل أي عمل يرى أنه يفضي به إلى غضب الله تعالى يبتعد عنه وأي سبيل يوصله إلى مرضاة الله تعالى يسارع إليه وبسبب قلة العلم يقع الناس في الجهالة ويرتكبون الحماقات ويأتون بالكبائر العظام نسأل الله العافية هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى المزاح "
وما ذكره الرجل من أسباب المزاح هو فى المزاح الباطل وأما المزاح الحق فهو يكون بسبب تعليمى أو بسبب بيان الحق كما فى بعض الحكايات التى تحكى عن جحا فى رفض الظلم كما فى حكاية قلت لكم اعدلوا قلت اخرج من البلد
وتحدث عن فوائد المزاح الحق فقال :

"المحور الثاني : المصالح والمفاسد أو المنافع والمضار التي تترتب على المزاح :
على كل حال للمزاح المحمود المباح شرعا مصالح ومنافع توجد فيه فمن ذلك :
.1إشاعة الأنس والراحة في النفوس : فالنفوس بلا شك تحتاج إلى ترويح عنه حتى يتجدد نشاطها فإذا ما أتي بمزاح مباح أشاع السرور والغبطة في النفوس وأوجد فيها الأنس والسعادة فجدد ذلك نشاطها . كذلك من ضمن المصالح التي تتحقق من الإتيان بالمزاح .
.2إزالة الهم والخوف : وما إلى ذلك فنجد بأن الإنسان ربما تتكدر نفسه بسبب المشاكل التي يتعرض إليها في حياته ، ربما يصاب ببعض الأمور التي تجعل نفسه متعبة منهكة . الأمور التي إلى توتر وإلى ربما تحطيم نفسيته ، فهذا يحتاج إلى أمر يسهل عليه هذا الوضع الذي يعيشه ويخفف عنه هذا العبء الذي يحمله ويهون من تلك المصائب التي وقعت عليه فيكون المزاح في مثل هذا الحال دواء ناجعا ينتفع به ذلك الشخص المهموم هذه المصالح التي تترتب على المزاح بالإضافة إلى .
.3استعطاف النفوس : التي تحتاج إلى استعطاف هذه منفعة من منافع المزاح ."
وتحدث عن أضرار المزاح الباطل فقال :
"أما مفاسد المزاح فكثيرة من أعظم المفاسد :
.1تعدي حدود المولى ( جل وعلا ) : نعم المزاح إذا فرط فيه تعدى به الشخص حدود الله تعالى وانتهكت الحرمات وسخر من الدين وهذا كله محرم كذلك .
.2ذهاب الهيبة : هذه مفسدة من مفاسد المزاح الناس دائما يتوجهون بالاحترام إلى الشخص الذي يعرفون فيه الجد والوقار والسكينة ومن جانب آخر الناس ينظرون نظرة استقلال أي قلة واستحقار لأولئك الأشخاص الذين لا يعرفون إلا العبث في حياتهم ولا يتوجهون إلا إلى الهزل ، فالشخص الذي يعرف بكثرة ضحكه وكثرة مزاحه نجد أن الناس أصلا لا يلتفتون إليه في معاني الأمور التي يطلبونها بل يكون معهم من سخط المتاع ، ولذلك تجد بعض العبارات من بعض الأشخاص اتجاه أولئك الذين رضوا بأن يجعلوا أنفسهم في تلك المنزلة يقول الواحد منهم : هيا مع فلان يضحكنا وإلا قوم مع فلان نسمع نكتتين فيقصد لماذا ؟ للهزل - مثل الآلة التي يطلب منها عمل معين ثم تنتهي الفائدة منها بعد أن يتحصل على ما أريد تحقيقه من العمل - وهكذا بعض الأشخاص فالمزاح يذهب الهيبة للشخص الذي يمازح كثيرا ويتخذ ذلك مذهبا تنحط هيبته عند الناس وتقل ثقتهم به تبعا لذلك .
.3موت القلب : لأن المزاح في الغالب يجر إلى الضحك وكثرة الضحك تميت القلب هذه بعض المفاسد التي تترتب على المزاح . ... ... ... ... ... ..."
وتحدث عن حكم المزاح فى الإسلام مبينا أن بعضه مباح وبعضه محرم فقال :
"المحور الثالث : حكم المزاح :
على كل حال المزاح لا يخلو من حالتين :
.1إما أن يكون مزاحا معتدلا :
يحسن به القصد وتتوجه النية بفعله إلى الخير ثم يكون منضبطا بالضوابط الشرعية التي سوف نبينها وهذا مزاح مباح قد فعله رسول الله ( (ص)) لأجل تحقيق مصالح ذكرنا بعضها .
ونوع آخر أوحال أخرى يكون فيها المزاح منهي عنه

.2وذلك حينما يكون مزاحا مفرطا :
بحيث أنه تنتهك به الحدود ولا تراعى فيه الضوابط الشرعية ويكثر منه أيضا فهذا مزاح منهي عنه . وعلى كل حال سوف تبين هذه الأمور بعد أن نعرض شيئا من المزاح النبوي ومزاح الصالحين ونعرض كذلك شيئا من مزاح العابثين ثم نذكر الضوابط الشرعية للمزاح ."
وعرض الباحث فى المحور الرابع بعض ما روى من المزاح المباح عن النبى(ص) ومن معه فقال ذاكرا بعض تلك المواقف :
"المحور الرابع : صور من المزاح النبوي :
والآن آن لنا أن نعرج إلى سماء البهاء والصفاء ، آن لنا أن نرتقي إلى القدوة والمثل الأعلى الذي أكرمنا الله تعالى به " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوالله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ".
كيف كان تعامل رسول الله (ص) مع مسألة المزاح ؟ هل كان (ص)مزاحا ؟ حاشاه وإنما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يمزح في النادر من أحواله ، ويكون مزاحا بهدف نبيل ويكون مزاحه منضبطا بالضوابط الشرعية ، فرسول الله (ص) قدوة في هذا الأمر ، وليت المسلمين يقتدون برسول الله (ص)في هذا الأمر وفي غيره من الأمور إذا لحسنت حالهم ولصلح أمرهم . كان رسول الله (ص) يمازح أتباعه نعم وكانوا يعرفون ذلك منه ، وكانوا يقولون له (ص) والله يا رسول الله إنك لتداعبنا فيقول: نعم ولكن لا أقول إلا حقا .
ومما ورد عنه (ص) في هذا المقام ما ورد عن أنس أن رسول الله (ص) كان يناديه فيقول له : يا ذا الأذنين تعال يا ذا الأذنين وهو فعلا فيه أو يحمل أذنين ، كان (ص)يداعبه بذلك .
وقد ورد عن أنس أنه قال : بأن رسول الله (ص) يداعب أخا صغيرا له يسمى أبا عمير ، كان أبوعمير هذا يحمل طائرا صغيرا في يده يلعب به ، فكان رسول الله (ص)كلما لقيه داعبه قائلا له : يا أبا عمير ما فعل النغير يعني (ص)الطائر الصغير الذي كان يحمله ."
ورواية أبو عمير لا يمكن أن تكون صحيحة لأنها تعلم الطفل تعذيب الطيور حتى من كثرة جره بالقوة مات ومن ثم ليست هذه الرواية فى المزاج وإنما باطلة
وأما الرواية الثالثة فهى :
"وورد عنه (ص) أن رجلا جاءه يستحمله يعني يطلب منه أن يعطيه راحلة لأجل أن يركبها فقال (ص): أحملك على ولد الناقة . فتعجب الرجل وقال : سبحان الله يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة ؟ فيقول (ص): وهل تلد الإبل إلا النوق ؟ أو كما قال (ص).
ويروى أنه (ص)جاءته في يوم من الأيام امرأة تقول له : إن زوجي يدعوك . فقال لها (ص)ممازحا: من زوجك ؟ الذي في عينيه بياض ، قالت : والله يا رسول الله ما في عينيه بياض .
قال لها : في عينيه بياض فإرتاعت المرأة وذهبت إلى زوجها تفتش عينيه ، وقال لها: ما بك ؟ فقالت : قال رسول الله حينما أخبرته بأنك تدعوه من زوجك الذي في عينيه بياض ؟ فقلت له : ما عهدت أن في عينيه بياضا ، فقال لها الرجل : أو ما تعلمين بأن كل عين فيها بياض وسواد .
وورد أنه (ص)جاءته في يوم من الأيام امرأة عجوز تسأله أن يدعو الله لها بأن يدخلها الجنة فقال لها (ص) لا تدخل الجنة عجوز . فمضت العجوز تولول وتبكي فأرسل إليها- (ص) من يخبرها بأن الجنة لا تدخلها عجوز وإنما يكن( أبكارا عربا أترابا ) .
وورد عن عوف بن مالك ( رضي الله تعالى عنه ) أنه قال : جئت رسول الله (ص) في تبوك وقد نصبت له قبة من جلد كانت قبة صغيرة ، فاستأذنت على رسول الله (ص)فقال : أدخل ، قلت : يا رسول الله أأدخل كلي -لأنها لا تسع كلي أدخل وإلا أدخل رأسي بس - فقال له (ص) : أدخل كلك يعني أدخل بأكملك.
وورد أنه عليه الصلاة والسلام كان يأتيه رجل في البادية اسمه زاهر وكان رسول الله (ص)يحبه وكان يقول : زاهر باديتنا ونحن حاضرته . جاءه (ص)في يوم من الأيام وكان زاهر يبيع متاعا في السوق فجاءه (ص)من خلفه واعتنقه وقال : من يشتري العبد ؟ وكان ذميم الخلقة من يشتري العبد ؟ وزاهر يريد أن يلتفت ولا يعرف هذا الذي احتضنه فحينما علم أنه رسول الله (ص) تحرى أن يلصق ظهره في صدر النبي - (ص)- ثم قال : والله يا رسول الله إذا تجدني كاسدا ( أي من يشتريني أنا ) فقال له (ص) : ولكنك عند الله لست بكاسد .أو كما قال (ص)فمازحه قائلا من يشتري العبد وهوعبد لله على كل حال.
هذه بعض الصور من مزاح النبي (ص)وإنكم لترون بأنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان لا يقول إلا حقا في مزاحه وكان يتحرى بمزاحه تطييب النفوس وجلب الأفئدة إليه (ص)وهكذا فليكن المزاح ."
بالقطع هذا الصور العديد منها مباح ولكن هل حدثت أم لا ولكن ما أعرفه هو أن أى مزاح أدى إلى ارتياع أى خوف وحيرة يكون محرما
وفى المحور التالى ذكر لنا حكايات مضحكة من بطون الكتب وقطعا فى الغالب لا أصل لها لأن تاريخنا ككل تواريخ العالم كذب ولكن تبقى الفائدة من الحكاية هل هى حلال أم حرم فى أفعال أهلها
قال الرجل :
المحور الخامس : صور من مزاح الصالحين :
فالصالحون كانوا يتمازحون أيضا ، ولكن كان مزاحهم منضبطا ، فليس هنالك تعد لحدود الله ، وليس هناك انتهاك لحرمات الله تعالى ، وهم أفضل من فهم الدين عن رسول الله (ص)- ورد أن صحابة الرسول (ص) في بعض الأخبار أنهم كانوا يتقاذفون فيما بينهم بالبطيخ تمازحا ،ولكن في ساعة الجد يكونوا كالجبال الشماء .
وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة ( رضوان الله تعالى عليها ) أنها قالت : أنها صنعت في يوم من الأيام طعاما وكان معها رسول الله- (ص) وسودة ( رضوان الله تعالى عليها ) أم المؤمنين وكانت سودة لا تحب ذلك الطعام فقالت لها عائشة وكانت تحبها كلي . فقالت لها : لا أحبه . قالت لها : كلي وإلا لطخت وجهك به ، فقالت : ما أنا بباغيه قالت عائشة فتناولت شيئا من ذلك الطعام ولطخت به وجهها ، ورسول الله (ص) ينظر ثم خفض رسول الله (ص)لها ركبته وطلب منها أن تفعل بعائشة كمثل ما فعلت بها . قالت: فتناولت شيئا منه ولطخت به وجهها ."

الروايتان كاذبتان لكون أحداثهما نوع من الإسراف فى تضييع القوت الذى خلقه الله برميه وقذفه على الأرض أو تلطيخ الجلود والملابس به وفى تحريم الاسراف وهو التبذير قال تعالى :
" ولا تبذر تبذيرا "

ومن ثم تلك الحكايات لم تقع
ثم قال الرجل :
"وقد ورد عن أحد التابعين بأنه دخل في يوم من الأيام في مكان للاغتسال فرأى أحد أصحابه وهو عار من غير إزار فأغمض عينيه ودخل فلما دخل صاحبه قال له : منذ متى أصابك العمى يا فلان ؟ فقال له : منذ أن هتكت سترك .
ويروى أن بعض الصالحين أو اثنان منهم زارا صديقا لهما وكان صالحا ووضع له خبز شعير وملح جريشا ، فقال أحدهم : لو كان مع هذا الملح زعتر لكان أفضل فأحضره لنا وصاحب البيت ليس معه زعتر فرهن الإناء الذي يتوضأ منه ؛ لأجل أن يشتري لهما زعترا ، واشترى الزعتر وجاء به ووضعه لهما وبعد أن انتهى صاحباه من الأكل قال طالب الزعتر : الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا ، قال له : لو كنت قانعا بما رزقك لما كانت مطهرتي مرهونة وهو مازحا .
ويذكر عن إمامنا نور الدين السالمي أن رجلا جاءه يشتكي إليه الإمام سالم بن راشد الخروصي حيث أن هذا الرجل كان نائما في مسجد بالقابل وكان من أهل البلد فجاءه الإمام سالم وطلب منه أن يخرج من المسجد فالمسجد لا يصلح للنوم وهو ليس غريبا عن تلك البلد بل إنه من أهلها وله مكان يرتاح فيه ، فقال له الرجل : عندما تكون في بلدك فأمر وانهي كما تشاء إنما هنا أسكت إنما هنا فأسكت يقال بأن ذلك الرجل وجد نفسه في المقبرة وقد تلطخت ثيابه وامتلأت بالغبار كرامة للإمام ، وذهب بعد ذلك إلى الإمام السالمي يشكوا إليه تلميذه فقال له : هذا التلميذ ساحر لا بد أن تخرجه من هذا المكان قال : وماذا فعل بك ؟ قال : فعل بي كذا وكذا فمن لطافة الإمام وسماحته ومزاحه قال له : يعني أنك تريد أن يفعل بنا مثل الذي فعل بك أوما مثل ذلك ممازحا ومطيبا له . "

والحكاية السابقة كاذبة فلا يمكن لأحد تحويل مكان المسجد لمكان المقبرة فهذه معجزة وقد منع الله المعجزات فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

وتحدث فى المحور السادس عن مزاح الكفر الذى يتم فيه الاستهزاء بالله ورسوله(ص) وآياته والمسلمين فقال : .
"المحور السادس : صور من مزاح العابثين الظالمين لأنفسهم المتجرئين على حدود الله:

نجد بأن هؤلاء لا يراعون قيودا في مزاحهم وللأسف أننا نجد كثيرا من الناس في هذا الزمان يعجبهم أن يأتوا بكل جديد في فن المزاح ، وقد طاب لكثير منهم أن يتجرأ حتى باختراع الكذب ؛ لأجل أن يضحكوا الناس وهذا أمر منهي عنه .
من ذلك ما يروى أن أحدهم كانت لديه بقرة حلوب فدخل في يوم من الأيام ووجد البقرة ميتة والحمار واقفا بجانبها ، فقال مخاطبا ربه متجرئا عليه : يا رب ألم تعرف أن تفرق بين البقرة والحمار؟ لماذا أخذت البقرة وتركت الحمار ؟
بعض السذج الحمقى من الذين سلبت كرة القدم ألبابهم وسحرت عقولهم ، خرج إلى زملائه في ملعبهم فقال لهم مشجعا وهو يشير إلى الكرة : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) .
وأحدهم كان معجبا بتفننه في اتباع الكرة فقال مخاطبا زملاءه : ( دعوها دعوها فإنها مأمورة ) .
كنت جالسا في يوم من الأيام مجيبا دعوة أحد الأخوة ، وكان جالسا بقربنا أحد الناس ، وابتدأ الجميع بتناول الطعام فحدثه أحد زملائه فقال : دعنا منك أنا الآن في جهاد ، أنا الآن في جهاد فقلت له : لطف الله بك حتى لا تسقط شهيدا، هذا الجهاد.
كثير من الناس يتجرءون فيجعلون المزاح حتى في الأوامر الشرعية ويعرضونها بصورة هزلية ، أحدهم يعلق فيقول : واحد مطوع تعدى إشارة المرور ولم يقف ، فسجد بعد أن انتهى سجدة السهو.
ما هذا الهراء ؟ ما هذا الكلام البذيء ؟ ما هذا الاستخفاف بالدين ؟ أفي مثل هذه الأمور الشرعية يكون المزاح معاشر المسلمين ؟ هذه بعض الصور ، ولعل كثيرا منكم يستحضر الكثير والكثير والكثير من أمثال هذه الصور التي لا تنم إلا عن التجرؤ على الله تعالى ."

قطعا لا يصح أى مزاح فيه سخرية من أحد
وفى المحور التالى حاول الرجل تحديد شروط المزاح المباح فقال :
"المحور السابع : ضوابط وقيود المزاح :
حتى يكون المزاح محمودا مباحا يجب أن تتحقق هذه الأمور :
أولا : أن لا يتضمن استهزاء بالله ولا برسوله ولا بالدين وأحكامه :

فإن هذه أمور لا يجوز للمسلم أن يفعلها ، بل أن الاستهزاء بالدين كفر بالله تعالى نسأل الله العافية والسلامة واللطف
ثانيا : ألا يتضمن المزاح أذى يلحق بأحد من المسلمين :
المزاح لا بد أن يكون منضبطا فأذى المسلم لا يجوز، فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : لا يأخذ أحدكم متاع أخيه جادا أو لاعبا أو كما قال (ص) وقد ورد أن بعض الصحابة كانوا في سفر معه (ص)فناموا في بعض الطريق فقام أحدهم ، وأخذ حبلا كان بجانب شخص منهم ، ولما قام ذلك الشخص النائم من نومه ارتاع بذهاب ذلك الحبل من جانبه ، وكان ذلك الشخص إنما فعل ذلك ممازحا فنهاهم (ص) عن ذلك . لماذا ؟ لأنه روع بذلك أخاه وذلك أمر لا يجوز فقال (ص): لا يحل لمسلم أن يروع مسلما . ثالثا : ألا يتضمن كذبا ولا غيبة ولا فحشا :
ليس للمسلم أن يكذب أوأن يغتاب إنسانا ويحتج بأنه يمازحه للأسف أننا نجد كثيرا من المسلمين بلا عدد يخترعون قصصا ونكاتا ليست لها صلة بالحقيقة أصلا بسب أنهم يريدون أن يضحكوا الناس وهذا أمر لا يجوز فقد ورد عنه (ص) أنه قال : " ويل لمن يحدث بالحديث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له " .
رابعا : أن لا يخرج المزاح إلى حد الإفراط :
المزاح يكون منضبطا ، ألا يكون شغل الواحد طوال الوقت مزاح ، وكل موقف يجب أن يعلق عليه، وكل شيء يأتي به بمزاح ، وهذا ليس بشيء حسن ، بل كما قلنا سابقا بأنها تجر إلى أضرار"

وتحدث فى المحور الثامن عن علاج المزاح وهو كثير المزاح فقال :
"المحور الثامن : علاج المبتلى بكثرة المزاح :
كيف يكون ؟ الآن عرفنا جميعا بأن الإكثار من المزاح مذموم ، وأن عدم مراعاة ضوابط المزاح توقع في المزاح المنهي عنه ، ووضحنا الهدي النبوي في مسألة المزاح ، شخص من الأشخاص ابتلي بكثرة المزاح ولا يعرف كيف يتخلص منه وكيف يضبط نفسه أمام ذلك التيار الجارف الذي يدعوه إلى الإتيان بالكثير والكثير من هذا المزاح .هنالك أمور على كل حال يمكن للإنسان أن يستعين بها إن شاء للتخلص من مزاحه .
أولا : معرفة هدي النبي (ص)في المزاح .

ثانيا : الإنسان لا بد أن يعود نفسه على معاني الأمور : الإنسان لا يقبل أن يكون في الدون ، لا يقبل لنفسه أن تكون في الحضيض ، فعليه أن يربي نفسه على الانصراف إلى معاني الأمور ..
ثالثا : الصحبة الجادة : اختر صاحبا يجعل الجدية منهجا في حياته ، فالصاحب له تأثير بالغ على صاحبه الإنسان يتأثر حتى بمجرد النظر إلى صاحبه.

رابعا : التفكر في أمر الآخرة : من أعظم ما يعين على التخلص من الهزل . نعم الإنسان الذي يعلم بأن هذه الحياة وقت يسير وعما قليل سينتقل إلى دار أخرى
خامسا: التفكر في سلبيات المزاح : تفكر قليلا فيما يجر المزاح إليه أنت إن أكثرت منه أصبحت محتقرا عند الناس فأنت لا تصلح عند الناس لأنك لست موضع ثقتهم أصلا ، لا ينصرفون إليك في شيء من الأمور ولا يستطيع الواحد منهم أن يطالبك بشيء من الأعمال ؛ لأنك لا تصلح إلا لهزلك وعبثك ، تثير الضغائن هذا تضربه وهذا تشتمه وهذا تكذب عليه وذلك تتكلم بفحش وتقدح في عرضه وكل ذلك عندك من باب المزاح بلا شك بأن ذلك أيضا ستحمل عليك نفوسهم الكثير والكثير من الحقد والضغينة وتصبح منبوذا عند الناس.
سادسا : مجاهدة النفس بترك المزاح : هذا أيضا علاج نعم النفس لا تعطى ما تريد ولا تحكم في الأمور فان الإنسان إذا اتبع نفسه هواها أفسدت عليه حياته فلا بد من مجاهدة النفس .
سابعا : الدعاء : استعن بالدعاء ابتهل إلى الله تعالى ليعينك على نفسك وعلى هواك وعلى شيطانك وليخلصك من عبثك ولهوك فإن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير ."

قطعا العلاج هو فى إرادة كثير المزاح التوقف عن خطاياه فى المزاح فطالما كانت إرادته قوية فسينتهى ويتخلص من ذلك وإن ضعف واستكان فسيبقى كما هو



 

اجمالي القراءات 477