قراءة في مقال مصادفة أم ماذا؟

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ٠٩ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في مقال مصادفة أم ماذا؟ .. حكايات غريبة من واقع الحياة والتاريخ
صاحب المقال اياد العطار وهو يدور حول ما يسمونه المصادفات المتكررة والتى يسمونها خطأ بالتاريخ يعيد نفسه وفى مستهل المقال تحدث عن نصائح الطب وعنايته بالناس وممارسة الرياضة فقال :
"الأطباء غالبا ما ينصحون الناس بتناول الأغذية المفيدة والمواظبة على التمارين الرياضية لكي ينعموا بصحة جيدة وحياة مديدة، لكنهم يغفلون عن نصيحة أخرى لا تقل أهمية، وهي الابتعاد عن التفكير العميق في أمور لا طائل منها، ذلك أن هذا التفكير لا يفضي عادة سوى إلى مزيدا من الحيرة والخبال، كالتساؤل عن الحياة وعن سبب الوجود وحتمية الموت ونشأة العالم وعظمة الكون .. وعن الله (عز وجل) .. من أين أتى؟ وكيف يكون في كل مكان؟ .. تلك أسئلة لن تجد لها جوابا مهما بحثت ومهما تمنطق الآخرون برأسك، لذا لا تفكر فيها كثيرا لئلا ينتهي أمرك إلى مستشفى للأمراض العقلية، حسبك ما تقوله الأديان ففيه راحة كبيرة، تمتع بالحياة وأضحك لمفارقاتها الغريبة - نصيحة أحرى أن أوجهها لنفسي أولا -، كتلك التي سنقصها عليك في هذا المقال، لكي تعيش مديدا وتموت سعيدا وليكن بعد ذلك ما يكون. "
قطعا الإسلام لا ينهى عن التفكير وإنما أمر به في كل الأحوال ولذا يقول " أفلا تتفكرون " في العديد من الآيات وهو نفس معنى أفلا يعقلون في آيات أخرى
ومن ثم فالفكر لا يتعب الإنسان طالما اتبع أحكام الله فيه فساعتها نتيجته هى راحة البال وهى الطمأنينة كما قال تعالى :
" الا بذكر الله تطمئن القلوب "
وما يتحدث عن الكاتب هو شغل النفس بأمور ليس لها إجابة إلا في القرآن ومن ثم من يحاول أن يجيب بنفسه كما الغالب هو من يتوه أو يجن ويظل متحيرا
وبعد ذلك تحدث عن تكرار نفس الحدث وهو الغزو لروسيا وفشل ثلاث جيوش بسبب الشتاء القارص فقال:
"في عام 1707 أجتاح الجيش السويدي الأراضي الروسية بقيادة الملك جارلز الثاني عشر ( Charles XII ) فتراجع الروس ولم يقاتلوه في معركة حاسمة، جعلوه يواجه أرضهم الشاسعة وشتائهم القاسي، ومع حلول الصيف كان نصف الجيش الغازي قد تبخر فلم يجد بطرس الأكبر صعوبة في هزمه في معركة بولتوفا، واندحر الملك السويدي جنوبا لاجئا إلى الأراضي العثمانية، تلك كانت بداية النهاية للإمبراطورية السويدية.
في عام 1812 قاد نابليون بونابرت جيشه العظيم ( Grande Armée ) المؤلف من 610000 رجل لغزو روسيا القيصرية، ومرة أخرى لم يناجز الروس عدوهم في معركة حاسمة، انسحبوا بعد أن أحرقوا الزرع والضرع، حتى عاصمتهم موسكو أضرموا فيها النيران، لم يتركوا للجيش الفرنسي أي شيء يأكله أثناء توغله، فأدرك نابليون أخيرا بين أطلال موسكو المحترقة فشل حملته وقرر الانسحاب، وقد كان انسحابه كارثيا بحق، هاجمه الشتاء الروسي القاسي والمرض وغارات خيالة القوزاق المباغتة، فتساقط الجنود الفرنسيين المنهكين من الجوع والتعب واحدا بعد الآخر على طول الطريق نحو الحدود، وفي النهاية لم يغادر الأراضي الروسية سوى 27000 رجل، تلك كانت بداية النهاية لفرنسا الإمبراطورية.
في عام 1941 أطلق هتلر عملية بارباروسا ( Operation Barbarossa ) لغزو المارد السوفيتي، 4.5 مليون مقاتل من الرايخ الثالث عبروا الحدود وتوغلوا داخل الأراضي السوفيتية، هتلر خطط لعملية خاطفة وسريعة للاستيلاء على روسيا، فجيشه لم يكن مهيأ ومجهز لحرب استنزاف طويلة، لذلك حين داهمه الشتاء الروسي القاسي بدء يعاني بشدة من نقص التموين وتوقف معداته وآلياته، صارت خطوط إمداده طويلة وموحلة وبعيدة جدا، وتساقط جنوده صرعى بسبب البرد والجوع، فتوقف زخم الحملة وتباطأت عجلة تقدمها، وفي نفس الوقت بدء الجيش الأحمر المنهزم يلتقط أنفاسه ويعيد تنظيم نفسه ليوجه ضربات مستقبلية موجعة للألمان، وتلك كانت بداية النهاية لألمانيا النازية.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
الجواب كلا بالطبع، قد تتطابق بعض الجزئيات في حدثين تاريخيين مختلفين، كما في الأمثلة السابقة عن فتك الشتاء الروسي بالغزاة (الروس يسمونه "جنرال شتاء")، لكن التماثل التام هو أقرب إلى المحال ومحض خرافة، فلكل عصر وحدث ظروفه الخاصة وبيئته المحيطة وتفاصيله الدقيقة، وعليه فأن المقصود بعبارة التاريخ يعيد نفسه ( History repeats itself ) هو التماثل والتشابه في الشكل والخط العام للأحداث، وهو تشابه مفيد لغرض استنباط الدروس والعبر والتنبؤ المستقبلي، فمثلا حين وجد الجنود الألمان في روسيا أنفسهم محاصرين بالثلوج والبرد القارص في شتاء عام 1941 أستحضر الكثير منهم في مخيلته ما حصل مع الفرنسيين بقيادة نابليون قبل أكثر من قرن من الزمان، وبالتأكيد شعر العديد منهم بالرعب من تلك الذكرى البائسة، لقد خشوا أن يعيد التاريخ نفسه، وهوما حصل بالضبط؟!"
قطعا هذا ليس تكرارا لنفس الأحداث والتفاصيل فكل الجامع بين الأحداث هو غزو بلد لروسيا وفشل هذا الغزو بسبب الشتاء القارص وهى أمور تكررت وحدث ضدها في نفس البلد فمثلا سيطر المغول على روسيا ولم يحدث لهم نفس الأمر وما يسمون الروس أنفسهم لم يكونوا اهل البلد ومع هذا نجحوا في غزوها كما تقول كتب التاريخ
وتحدث عن التكرارات أو الدورات فقال :
"لكن رغم ذلك تبقى ظروف الغزو الفرنسي تختلف في كثير من وجوهها عن تلك المتعلقة بالغزو النازي. هذا الأمر ينطبق على العديد من الأحداث التاريخية الأخرى، ففي تاريخنا العربي مثلا، تم خلع وقتل العديد من خلفاء بني العباس في ظروف مشابهة، سحلهم جنودهم وحرسهم من فوق كرسي الخلافة ثم قتلوهم أو سملوا أعينهم وخلعوهم، حدث هذا للمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمقتدر .. الخ .. وبالطبع فأن العديد من الناس التي شهدت تلك الأحداث كانت تهز رؤوسها أسفا وحتما ردد بعضهم بحسرة عبارة:
"سبحان الله .. التاريخ يعيد نفسه"
تكرار الحدث التاريخي يمكن تفسيره أيضا بتشابه المراحل الحضارية التي تطويها جميع الشعوب خلال تاريخها، صعودا من التأسيس والنمو والازدهار، ونزولا إلى الضعف والانحطاط والانهيار التام، وهي دورة تتكرر باستمرار، فالأمم لا تموت، لكنها قد تنهار ثم تنهض من جديد، وعليه فليس من العجيب أن تتشابه أحداث بعض الحروب والانقلابات والثورات والأزمات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية والطفرات العلمية، بل حتى الأزياء وطريقة الهندام نراها تتكرر من جديد كل بضعة عقود."
وتساءل عما يحدث هل هو تصادف أم امر أخر وأجاب فقال :
"مصادفة .. أم ماذا؟
أحيانا، حين يعجز الناس عن إيجاد تفسير منطقي للربط بين حدثين فأنهم قد يعزون الأمر ببساطة إلى المصادفة ( Coincidence )، وهي تعني اقتران وتزامن حدث معين مع حدث أخر من دون أن يكون هناك أي رابط أو علاقة واضحة تجمع بينهما، فعلى سبيل المثال، كلما أراد عمر النوم رن جرس الباب، هذه نسميها مصادفة، إذ لا توجد علاقة بين نوم عمر ورنين جرس الباب، لكن ذهاب عمر إلى المدرسة ولقاءه بزميله زيد لا يعد مصادفة، فهناك رابط واضح بين ذهاب عمر للمدرسة وتواجد زيد فيها كونه أحد طلابها.
المصادفات أنواع، قد أمشي في الشارع فأصادف صديقا لم أره منذ سنوات طويلة، هذه تسمى مصادفة عادية أو عرضية. وقد أسافر إلى دولة أخرى وانزل أحد الفنادق ثم أفاجأ بوجود صديق لي ينزل في الغرفة المجاورة في نفس الفندق، هذه تسمى مصادفة سعيدة – أو تعيسة -. "
قطعا كل ما يحدث هو قضاء قضاه الله ولكن الناس لا يأخذون العبرة في الغالب وزمن اخذ العبرة نجا
وتحدث عن مصادفات من أنواع مختلفة فقال :
"ثم قد أسافر بعد عدة أعوام إلى نفس الدولة وانزل في نفس الفندق فأفاجأ بنفس الصديق ينزل في الغرفة المجاورة، هذه تسمى مصادفة غريبة!."
وتحدث عن مصادفات نادرة الوقوع من خلال حكاية حكايات بالطبع اكيد أن بعضها خيال وكذب فقال :
"هناك نوع أخير من المصادفات، نادرة الحدوث، يمكن أن ندعوها بالخارقة، مثل تلك التي حدثت مع السيد جوزيف فغلوك ( Joseph Figlock )، فالرجل كان يسير بهدوء في أحد شوارع مدينة ديترويت الأمريكية عام 1930 حين سقط فوق رأسه فجأة طفل صغير من شرفة أحدى الشقق العالية، جوزيف تلقف الطفل ببراعة فأنقذه من موت محتم، ولم يصب هو أيضا بأي أذى يذكر، وهو أمر عده الناس من عجائب الصدف. وبعد عام على تلك الحادثة العجيبة، مر جوزيف صدفة بنفس الشارع، وهذه المرة أيضا وبشكل لا يصدق سقط فوق رأسه نفس الطفل من نفس الشرفة، فأنقذه جوزيف تماما كالمرة السابقة .. هذه قصة حقيقية!!.
لغز ماري أشفورد
ماري أشفورد ( Mary Ashford ) كانت شابة جميلة تعمل كمدبرة منزل عند قريب لها يقطن مع عائلته في مزرعة صغيرة بالقرب من بلدة اردنغتون في ضواحي مدينة برمنغهام الانجليزية. في ليلة 26 أيار / مايو1817 شاركت ماري مع صديقة لها في حفل ساهر كان مقاما على بهو الحانة الرئيسية لبلدة اردنغتون، هناك تعرفت على شاب أنيق يدعى أبراهام ثورنتون ( Abraham Thornton ) أمضت السهرة برفقته وغادرت الحفل معه قرابة الساعة الحادية عشر مساءا، وذلك كان آخر العهد بماري وهي حية، ففي صباح اليوم التالي أنتشل بعض العمال جثتها من مياه بركة ضحلة بجانب الطريق، الشرطة سارعت لإلقاء القبض على أبراهام ثورنتون واتهمته باغتصاب وقتل ماري أشفورد، لكن المحكمة برئته لاحقا لعدم كفاية الأدلة. بعد مرور 157 عام على تلك الحادثة الأليمة، بالضبط في يوم 27 أيار / مايو عام 1975، عثر بعض العمال على جثة الممرضة الشابة باربرا فورست ( Barbara Forrest ) قابعة داخل جدول مائي جاف محاذي لأحد طرقات بلدة أردنغتون، وبالضبط كما حدث مع ماري أشفورد قبل قرن ونصف من الزمان، كانت باربرا قد تعرضت للاغتصاب قبل مقتلها، لكن وجه الشبه بين الفتاتين لا يتوقف عند هذا الحد ..
- كلا الفتاتين ولدت في نفس اليوم.
- كلا الفتاتين كانت بعمر عشرين عاما ساعة موتهما.
- كلا الفتاتين ذهبت إلى منزل صديقة لتغيير ثيابها في ليلة مقتلها.
- كلا الفتاتين ذهبت إلى حانة للرقص في ليلة مقتلها وسهرت حتى ساعة متأخرة.
- كلا الفتاتين تعرضت للاغتصاب.
- كلا الفتاتين قتلت في بلدة اردنغتون ولم يفصل بين مكان العثور على جثتيهما سوى ثلاثمائة ياردة.
- كلا الفتاتين فارقت الحياة فجر يوم 27 ايار / مايو وصادف اليوم السابق لمقتلها يوم عطلة.
- كلا الفتاتين تنبأتا بحدوث شيء سيء قبل فترة قصيرة من مقتلهما، فماري اشفورد أخبرت والدة صديقتها بأن لديها شعور سيء جدا تجاه الأسبوع القادم، وبالفعل تم اغتصابها وقتلها في الأسبوع اللاحق لنبوءتها، وباربرا أخبرت زميلتها في العمل قبل عشرة أيام من موتها بأن الشهر القادم سيكون شهر حظها السيئ، قالت بأنها موقنة من ذلك، وبالفعل تم اغتصابها وقتلها في الشهر اللاحق لنبوءتها!.
أما المفاجأة الكبرى عزيزي القارئ، والتي تبدو بحق عصية على التفسير، فهي تتعلق بالمتهم بالقتل، إذ وجهت الشرطة أصابع الاتهام في جريمة قتل باربرا فورست إلى زميل لها في العمل، هذا الزميل الشاب أسمه مايكل ثورنتون ( Michael Thornton )، أي أنه يحمل نفس أسم عائلة المتهم بقتل ماري أشفورد قبل 157 عام!!!. ومثل ثورنتون القرن التاسع عشر فأن ثورنتون القرن العشرين حصل على البراءة من المحكمة وأسقطت عنه جميع التهم لعدم كفاية الأدلة!.
قس الكابتشين
جوزيف إغنر ( Joseph Matth ن us Aigner ) كان رساما نمساويا عاش في القرن التاسع عشر، كان رجلا حزينا بائسا قرر إنهاء حياته في وقت مبكر جدا، في سن الثامنة عشر علق لنفسه حبلا وهم بشنق نفسه، لكن فجأة وبصورة غامضة مر قس من طائفة الكابتشين وأقنعه بالعدول عن قتل نفسه.
ثم مرت أربعة أعوام عجاف لم تتحسن خلالها أحوال إغنر، فقرر إنهاء حياته وتهيأ لشنق نفسه مجددا، وهذه المرة أيضا ظهر نفس القس السابق وأقنعه بالعدول عن الانتحار. ثم مرت سنوات انغمس خلالها اغنر بالعمل السياسي، فألقي القبض عليه عام 1848 بتهمة المشاركة في ثورة فيينا، وأصدرت السلطات حكما سريعا عليه بالإعدام بواسطة المقصلة، لكن هذه المرة أيضا وبطريقة ما ظهر نفس قس الكابتشين وأقنع السلطات بالعدول عن إعدامه!. لكن أخيرا، وفي عام 1886 نجح إغنر في إنهاء حياته منتحرا بطلقة من مسدسه. إلا أن غرابة القصة لا تنتهي هنا، فالرجل الذي قام بتجهيز جنازة إغنر وتولى مراسم دفنه وتأبينه كان نفس قس الكابتشين الذي أنقذ حياته ثلاث مرات في السابق!.
ولدا معا وماتا معا! أستقرت الرصاصة في جذع شجرة
في عام 1833 قام هنري زيغلاند ( Henry Ziegland ) بقطع علاقته مع حبيبته، فأصيبت الفتاة بالإحباط وانتحرت، وقد لامت عائلتها هنري واعتبرته المتسبب في موتها، وقام شقيقها بمطاردته بغرض الانتقام منه، وبالفعل أطلق النار عليه بينما كان جالسا في حديقة منزله، فسقط هنري أرضا مضرجا بدمه وظن الشقيق الغاضب بأنه أحرز ثأره، وفي لحظة أنفعال صوب المسدس نحو رأسه وأنهي حياته هو الآخر منتحرا برصاصة لكن لسوء حظ الشقيق المنتحر فأن هنري لم يمت، فالرصاصة لم تقتله، أصابته بجرح سطحي ثم استقرت داخل جذع شجرة ضخمة تتوسط حديقته. هنري عاش لسنوات طويلة بعد الحادث، وقد دأب على أن يتفاخر أمام الجميع بقصته وبحظه الخارق الذي أنقذه من موت محتوم. وفي أحد الأيام، أراد هنري إعادة ترتيب وتشذيب حديقة منزله فقرر قطع تلك الشجرة الكبيرة التي استقبلت الرصاصة بدلا عنه قبل سنوات، وبسبب استعجاله وتكاسله، لم يقم بقطع الشجرة بالمنشار وإنما وضع القليل من المتفجرات في جذعها وقام بنسفها، الغريب أن شدة الانفجار حررت الرصاصة القديمة من جذع الشجرة وقذفتها في الهواء كالصاروخ لتستقر داخل رأس هنري وترديه قتيلا في الحال!!.
التيتان والتيتانك
روبرتسن مورغن .. وراويته الغريبة مورغن روبرتسن ( Morgan Robertson ) هو كاتب أمريكي أشتهر بقصصه ورواياته القصيرة، لم يكن الرجل منجما ولا راجما بالغيب، لكنه نشر في عام 1898 رواية قصيرة أسمها العبث أو غرق التيتان ( Futility, or the Wreck of the Titan )، وهي رواية خيالية تدور حول سفينة عملاقة أسمها تيتان تبحر في رحلة عبر الأطلسي وعلى متنها أكثر من ألفي راكب، السفينة تتعرض لحادث على بعد 400 كم عن جزيرة نيوفاوندلاند حيث تصطدم بجبل جليدي ضخم خلال الليل فتغرق ويتعرض معظم ركابها للموت غرقا بسبب النقص في قوارب النجاة على متنها. العجيب أنه بعد نشر رواية روبرتسن بخمسة عشر عاما، أي في 15 نيسان / أبريل عام 1912، غرقت سفينة تيتانك العملاقة الشهيرة في منطقة تبعد 400 كم عن نيوفاوندلاند وغرق أكثر من نصف ركابها بسبب النقص في قوارب النجاة، التشابه المذهل بين تيتان الخيالية وتيتانك الحقيقية لا يقف عند حد التشابه الكبير في الأسم والطريقة التي غرقت بها السفينتان، بل يتعداها إلى أمور أغرب بكثير، فكلا السفينتين متقاربتان في الحجم وتحملان عددا متقاربا من الركاب وتسيران بسرعة متقاربة، وكلاهما غرقتا في ليلة باردة من ليالي شهر نيسان / أبريل!. ولا يعلم أحد، ربما حتى روبرتسن نفسه، كيف تطابقت أحداث الرواية الخيالية للتيتان مع الأحداث الحقيقية لغرق التيتانك قبل خمسة عشر عاما من وقوع الكارثة!."
وتساءل عما يحدث فقال :
"مصادفة .. أم نحس؟
وأجاب أن العرب كانوا يتشاءمون قديما فقال :
"في الجاهلية كانت العرب تتشاءم من أمور تظنها منحوسة في ذاتها، كالغراب مثلا، يقول الجاحظ: "ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقوا من اسمه الغربة والاغتراب والغريب". وفي أيامنا هذه ما زال الكثيرون يؤمنون بالنحس، فليس غريبا أن نسمع أحد الأشخاص يحدثنا عن منزل نحس - عتبة منحوسة – أو زوجة نحس أو ضيوف منحوسين .. ألخ. وللناس في ذلك حكايات غريبة ومفارقات ظريفة، ارتأينا ذكر بعضها في هذا المقال لأنها تدخل أيضا في باب المصادفة، كقصة الرائد الانجليزي سامر فورد ( Major Summerford ) الذي كان مشغولا بالقتال في ساحة المعركة في فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى عام 1918 حين ضربته صاعقة أطاحت به من فوق صهوة جواده وأصابته بالشلل في الجزء السفلي من جسده، فأعيد إلى الديار وظل طريح الفراش لسنوات حتى تعافى وفي يوم ما من عام 1924 خرج الرائد سامرفورد يصطاد السمك على ضفاف أحد الأنهر، ولسوء حظه تعرضت الشجرة التي كان جالسا في ظلها لصاعقة، فأصيب سامرفورد مجددا بجروح بليغة وتعرض الجزء الأيمن من جسده للشلل!. ثم مرت سنتان تعافى سامرفورد خلالها من أصابته واستعاد قدرته على الحركة والمشي، وفي أحد الأيام خرج يتمشى في منتزه مجاور لمنزله، ومجددا وبشكل لا يصدق، ضربته الصاعقة فأصابته بالشلل للمرة الثالثة!، لكنه لم يتعافى هذه المرة ومات بعد عامين. غير أن القصة لا تنتهي بموته، فبعد مرور سنوات على دفنه تعرضت المقبرة التي يرقد فيها لصاعقة قوية، وأظن بأنه لا داعي لأن أخبركم أي قبر دمرت الصاعقة من بين جميع القبور!!.
سيارة منحوسة
من المعروف بأن السيارات تكون أحيانا مدعاة لتتفاءل أو تتشاءم، فهناك كثير من الناس حول العالم يؤمنون – أو يتوهمون - بوجود سيارات منحوسة وسيارة الليموزين التي سنتحدث عنها في هذه القصة هي بدون شك الأكثر نحسا من بين جميع سيارات قصتها تبدأ عام 1914، حين أخطأ سائقها في أتباع توجيهات مرؤوسيه فأنعطف بها داخل شارع في سراييفو لم يكن من المفروض أن يمر فيه، ونتيجة لذلك تعرض ركابها، ولي عهد إمبراطورية النمسا والمجر، الأرشيدوق فرانز فرديناند ( Archduke Franz Ferdinand ) وزوجته للاغتيال برصاص بعض القوميين الصرب، وقد نتج عن تلك الحادثة الدموية اندلاع الحرب العالمية الأولى التي انتهت بمقتل ملايين البشر
مالك السيارة الأصلي، حاكم سراييفو الجنرال بوتيورك، كان برفقة الأرشيدق لحظة الاغتيال، لكنه نجا من الموت بأعجوبة، وقد تسلم لاحقا قيادة أحد الفيالق النمساوية، لكنه مني بهزائم منكرة خلال أسبوعين فقط فعزل عن منصبه وانتهى به الأمر إلى الفقر والجنون والموت.
ملكية الليموزين انتقلت إلى احد الضباط الذين كانوا يعملون تحت أمرة الجنرال بوتيورك، ولم يلبث هذا الضابط، بعد عشرة أيام فقط من امتلاكه للسيارة، أن تعرض لحادث فظيع صدم خلاله أثنين من المزارعين فقتلهما في الحال ثم أنحرف بالليموزين عن الطريق وأصطدم بشجرة دقت عنقه فمات في الحال.
بعد الحرب، أصبحت الليموزين ملكا لحاكم يوغسلافيا، ومثل الآخرين رافقه نحسها فتعرض لأربعة حوادث مرورية خلال أربعة أشهر فقط، فقد في إحداها يده اليسرى، فقرر التخلص من السيارة المنحوسة وباعها بثمن بخس لطبيب تعرض هو الآخر بعد ستة أشهر فقط إلى حادث هوى خلاله مع السيارة داخل حفرة عميقة محاذية للطريق، فقذفت به شدة الاصطدام عبر النافذة الأمامية ومات في الحال.
في السنوات التالية تنقلت ملكية السيارة ما بين تاجر مجوهرات وسائق مضمار ومزارع، وكلهم لاقوا نفس المصير .. الموت ببشاعة أثناء قيادتهم لليموزين الفاخرة في النهاية لم يعد هناك من يرغب باقتناء السيارة، خوفا من نحسها، فاشتراها متحف نمساوي بأبخس الأثمان ولا زالت معروضة في أحد زواياه حتى يومنا هذا."
كما سبق القول كله قضاء الله سواء خير أم شر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة "
فمثلا السيارة التى سماها منحوسة ليست منحوسة وإنما من ركبوها كلهم كانوا يظنون انفسهم فةق البشر متكبرون منتفخون ومن ثم كان عقابهم هو موتهم فيما يتكبرون به كما قال تعالى :
" وما أصابك من سيئة فمن نفسك "
فمثلا قارون كان يتباهى بخزائنه ومن ثم خسف الله به وبخزائنه الأرض فهلك مال أمام عينه
ومثلا التيتانيك الرواية لم تكن سوى مجرد حلم حلمه المؤلف بغرق السفينة الحقيقية وكتبه في رواية كما شاهده في الحلم ومن هنا جاء التطابق في الكثير من الأحداث كما حدث في حلم دخول المسجد الحرام للرسول (ص) والمؤمنين فقد حدث بعد سنوات بالفعل
وفى هذا قال تعالى :
"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا"
ومثلا تكرار انقاذ القس للرجل هو قضاء قضاه الله أنم يتقابل الرجلين في حالة السوء النفسى للرجل وأن يحسن القس من نفسيته في المرات الثلاث ويرجعه عما نواه
واما حكاية ضرب الصواعق لرجل ثلاث مرات والرابعة بعد موته فيبدو ان هذا القائد العسكرى قد فعل الكثير من الفظائع وهو في صحته ولذا عاقبة الله بذلك ليرتدع ومع هذا كان يكرر العقوبة له وينجيه لعله يتوب ويرجع عما يفعله
لا يوجد في قضاء الله شىء عشوائى وإنما الله بعدله يعمل أمورا للإنسان كى يتوب ويرجع يعطيه فرصا كثيرا من خلال مبدأ العدل والذى لا يمكن لنا أن نشعر به لأننا لا يمكن أن نعد النعم ولا حتى النقم كما قال تعالى :
" إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
ومن ثم نستشعر غرابة الأشياء مع أنها أمور عادية فقد بين الله أنه يختبرنا بالشر وهو ألضرار وبالخير وهو النعم فقال :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
وانهى العطار مقال بأنه انشغاله بنظرية الاحتمالات والمفارقات يصيبه بالصداع فقال :
"مصادفة أم حكمة؟
لو أردنا الإسهاب في ذكر مفارقات الزمان وتصاريفه، وعجائب المصادفات وغرائبها، للزمنا الأمر مجلدات، فهناك الكثير من القصص في هذا المجال - لعلنا نتطرق إليها في مقالات قادمة - لكن بغض النظر عن غرابة تلك القصص، فأن كثيرا من الناس، من مختلف الأديان والعقائد والمذاهب والتوجهات الفكرية، يؤمنون بأن كل شيء في هذه الدنيا مدبر سلفا، وأن الأشياء لا تحدث عبثا ومصادفة، لكننا كبشر قد نعجز عن أدراك الحكمة التي تكمن وراءها، بسبب ضعف حواسنا والطمع والشهوة التي أعمت بصيرتنا - كما يزعمون -، لهذا يجد الكثير من المتصوفة والرهبان والزهاد متعة لا توصف في التأمل، يجلسون لساعات طويلة من دون حراك يتأملون في ما حولهم، يحاولون بصبر استشفاف الحكمة في كل ما يحيط بهم، فهم موقنون بأن لكل شيء مغزى ومعنى، حتى أصغر الأشياء وأتفهها، كرفرفة جناح عصفور وسقوط ورقة عن غصن شجرة، لا تحدث عبثا، لكنها جزء من حركة الوجود وتناسقه، وكتب التراث العربية تزخر بالحكايات والقصص في هذا المعنى، منها على سبيل المثال لا الحصر هذه القصة المعبرة التي ذكرها الأبشيهي في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف" .. يقول: "وحكي أن رجلا جلس يوما يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية فوقف سائل ببابه فخرج إليه وانتهره فذهب فاتفق بعد ذلك أن الرجل افتقر وزالت نعمته وطلق زوجته وتزوجت بعده برجل آخر فجلس يأكل معها في بعض الأيام وبين أيديهما دجاجة مشوية وإذا بسائل يطرق الباب فقال الرجل لزوجته ادفعي إليه هذه الدجاجة فخرجت بها إليه فإذا هو زوجها الأول فدفعت إليه الدجاجة ورجعت وهي باكية فسألها زوجها عن بكائها فأخبرته أن السائل كان زوجها وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول فقال لها زوجها أنا والله ذلك السائل"!.
مسك الختام ..
التعمق في فلسفة المصادفات والغوص في نظرية الاحتمالات يصيبني بالصداع دوما، ذلك أني لم أفهم أبدا لماذا مات باكرا (س) المعافى السليم فيما عاش مديدا (ص) المريض السقيم؟ .. لماذا ولد (ج) فقيرا معدما بينما أتى (ح) إلى الدنيا وفي فمه ملعقة من ذهب؟ .. لماذا (ك) العاقلة المؤدبة لا يطرق بابها أحد بينما (ش) السطحية الحمقاء تزوجت ثلاث مرات؟! ..
لماذا يموت الأبرياء وينجو القتلة؟ ..
لماذا يداس الشرفاء بأحذية السفلة؟ ..
لماذا يفوز باللذات السوقة والجهلة؟ ..
لماذا وألف لماذا .. لم أفهمها .. لم أهضمها .. ولا أعلم ما المقصود من وراءها ..
هل هي مصادفة؟ .. أم ماذا؟ ..
"إنك قد رأيت الصورة لكنك غفلت عن المعنى"
- شيخ المتصوفين مولانا جلال الدين الرومي –"
إنها القدر يا إياد ولكن الناس لا يفكرون في عدل الله فكل ما يشغلنا ساعة المصيبة هو كيفية التخلص منها وإزالتها نحن ننشغل بالمصائب وهى الأضرار ومع هذا لا ننشغل بعد نعم الله كما نحصى نقمه الكبرى
المسألة هى عدالة إلهية ولكنها عدالة خفية قد نظنها ظلم ولكنها في الحقيقة عدل ولو جلس كل واحد يكتب ما يحدث له من النعم والنقم فسيجد البشر أنهم في البلاء متساوون ولكن المسألة أنهم لا يعدون لا النعم ولا النقم واحدة واحدة

اجمالي القراءات 858