اذا تاب اظالم فاين حق المظلوم؟
ابتهالات رجل بريء

نهاد حداد في الأربعاء ٠١ - مايو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 
نص السؤال:
فى حياتى الوظيفية شهدت شهادة زور تسببت فى الضرر لشخص وانا اعرف انه مظلوم . ظل ضميرى يعذبنى خصوصا بعد ان مات هذا الشخص بحسرته وهو يعرف انى شهدت ضده بالزور . خرجت على المعاش واديت فريضة الحج لارتاح من تأنيب الضمير . ومع هذا فضميرى لا يزال يؤنبنى . هل يقبل الله تعالى توبتى ويغفر لى ؟ أرجو منك الاجابة .
أولا، أتفق على كل ماقاله الدكتور احمد صبحي منصور عن التوبة ، وهي أن الله عز وجل يغفر لمن تاب وأصلح حين يعترف بخطئه ويصلحه.حيث يقول عز وجل  (  ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)  النحل )
وهذا الرجل لم يعمل السوء بجهالة بل كان يعلم علم اليقين بأنه يشهد الزور ويعلم بأن شهادة الزور حرام،ومع ذلك فعل ، ولكي يغسل ذنوبه ويعود كما ولدته أمه ذهب إلى الحج . أي أنه اشترى صك غفران ثم عاد! لماذا لم يتصدق بمال الحج ويعتبره دية لعائلة الهالك أو القتيل؟ حتى دون أن يعترف بذنبه إن كان خائفا منهم!هذا الرجل أناني وفعل مافعله وهو يعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا فاستغل هنا رحمة الله وغفرانه!
ويريد اليوم صك غفران آخر لكي يعيش هانئا في حياته، ثم يموت تائبا.
هذا الرجل مجرم قاتل،قتل رجلا بحسرته ومع ذلك أكمل حياته بشكل عادي حتى بلغ سن المعاش ، وهنا أحس بأن أجله اقترب فأراد إرضاء ضميره وهو كاذب أشر!
 عذرا لم يكن في نيتي كتابة مقال بل كنت سأكتب تعليقا فقط.
هذا الرجل عمل عملا ترتبت عنه نتائج وخيمة وهي على سبيل المثال لا الحصر:
أولا تشويه سمعة ضحيته في عمله الذي يعيش منه هو وذويه
ثانيا،التسبب في قطع رزقه
ثالثا ، ٱستحلال عرضه وتعريض شخصه لأذى الناس بالقول والفعل.
رابعا، قد يكون هذا الرجل الهالك دفع دم قلبه من أجل إثبات براءته.
خامسا،أكيد أن الضحية قد حلف بأغلظ أيمانه ولكن لا أحد صدقه فمات حسرة وقهرا.
وأقول لهذا السائل أنه قتل شخصا قهرا، لم يقتله بطعنة سكين أو رصاصة بل قتله ذلا وقهرا وحسره.
قتله ظلما ، والله لا يحب الظالمين.
الضحية ليس الضحية الوحيدة هنا، بل زوجة ثكلى ويتامى وإن لم تكن له زوجة فأكيد أن له عائلة كانت تثق به وتقدره.وقد فقد كل هذا عندما شهد ضده هذا الرجل زورا.
قال جل وعلا : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج ).لقد ساوى تعالى هنا في النهي بين الأوثان وقول الزور!
هذا الرجل يقول بأن ضميره استيقظ خصوصا بعدما عرف أن ضحيته مات بحسرته! 
أمّا براوا براوا أمّا براوا!!!
ما هذا يا هذا؟
"بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ "
هذا الرجل مسلم وهو يعرف أن قول الزور حرام ومع ذلك لم يخزه ضميره حتى قضى على ضحيته! هذه ليست توبة ياعزيزي ولا وخزة ضمير بل خوف من جهنم التي أعدت للظالمين! خصوصا بعد أن بلغ من الكبر عتيا!
التوبة ! نعم أو ربما! ولكن لا يمكن تقييم التوبة إلا إذا وُضِع هذا الرجل في نفس الموقف لكي نعرف إن كان سيفعل نفس الشيء!
إنها النفس اللوامة ياسيدي ؛ تلك التي وضعها الله فينا بالفطرة،والتي برغم حجك تقول لك بأنه برغم حجك،فعملك هذا كبير جدا!
وتعال الآن لتحاسبك الضحية وسأكون أنا لسان حالها؟
يا من تبحث عن المغفرة أين حقي؟ وقد تضرعت إلى الله لينصفني وأنا بريء؟ربنا على الظالم والمفتري؟
رب لا تترك حقي؟
رب إني بريء مما قال براءة الذئب من دم يوسف!
رب إنك برأت ذئبا وكرمت بني آدم وأنا عبدك فأين حقي !أين نقمتك من ظالمي؟ رب إني أموت ولن أسامح!!! 
رب إني أسالك باسمائك الحسنى ان تضمن لي حقي يوم العرض!
رب اني اموت قهرا وانت القهار وأقبل قهرك ولكنني اعوذ بك من قهر الرجال!  
وكلسان حال لهذا الرجل ولكل مظلوم أقول ،إذا كان يكفي الظالم ان يتوب ليغفر له ذنبه فاين حق المظلوم؟
نعم إن الله يغفر الذنوب جميعا ولكن اين حق الضحية؟ رب إن من أسمائك المجيب فاستجب لغوثي!رب وانت الحكيم ولست غافلا عما يفعله الظالمون!
رب انت الحق والحق حق والباطل باطل وان الباطل كان زهوقا!
رب انك الوكيل فقد اوكلتك امري!رب انت وليي فلا ولي لي غيرك فارحم ضعفي.
رب انت المنتقم فانتقم من ظالمي!
إذا كان السائل قد تاب توبة نصوحة فعليه أن يعترف أمام الملإ بذنبه ويكف عن خطئه بتبرئة ضحيته حفظا وحفاظا على ماء وجه ضحيته وماء وجه عائلته. ولن اقول اكثر مما قاله رب العزة لليهود ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
أقول للسائل ،أنت اعلم منا بما فعلت فهل تستطيع ان تقتل نفسك رغبة مرضاة الله ؟ اراهن انك لاتستطيع ولن تفعل؟ فحبك لذاتك اكبر من حبك لدينك. وانت هنا لتبحث عمن يواسيك ولن افعل، فانسانيتك لم تستيقظ حبا في الله او ندما بل خوفا من العذاب لانك علمت و هيهات متاخرا بان مصيرك للمنتقم الجبار! واذا  اردت ان يتوب الله عليك فتحل بالشجاعة الكافية واصلح مايمكنك اصلاحه قبل ان يبلغ الموت حلقومك وحينها لن ينفعك وخز الضمير فشرط التوبة الاصلاح."فمن تاب واصلح " . اهل القران يا سيدي لا يبيعون صكوك الغفران؛فانت اعلم بجريمتك والله عليم بذات الصدور.وتاكد بان وخز الضمير الحقيقي يؤدي الى الانتحار او التضحية بالنفس مهما كلف الامر او يؤدي بصاحبه الى الجنون وكل هذا لا ينطبق عليك!فقد ذهبت للحج واكلت وشربت وجامعت ولديك تلفون او كمبيوتر تكتب منه طلب الفتاوى ويعلم الله هل تمتلك عائلة الهالك قوت يومها وهل ماتزال لهم اعين يحدقون بها بكرامة وبدون خجل !
ابحث عن المغفرة عند الله وقم بما هو صحيح عل الله يتجاهل دعوة المظلوم فيغفر لك !
وهيهات هيهات ان يتجاهل الله دعوة الداع اذا دعاه خصوصا اذا اتى الله بريئا واتاه بقلب سليم. فلا تعول على المغفرة لتظلم الناس حيث تمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين!
التوبة شرطها الاصلاح ويبقى مع ذلك حق الضحية بعد كل المرار الذي اذقته له ان يسامح او لا يسامح وهذا حقه والله من اسمائه الحسنى الحق والله قدير على احقاق الحق.
اجمالي القراءات 1405