دين السُنّة المختلف فى توثيق وتضعيف رواته : نماذج من إختلافهم فى الجرح والتعديل .

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٤ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

دين السُنّة المختلف فى توثيق وتضعيف رواته : نماذج من إختلافهم فى الجرح والتعديل .

مقدمة :

1 ـ الدين السنى أساسه الأحاديث المفتراة ، وقد أضاعوا قرونا فيما يسمى بعلم الجرح والتعديل ، أى بحث الرواة ، وهل هو صادق أم كاذب ، ثقة أو ضعيف ، وكتبوا مجلدات مليئة بالاختلافات ، وأهمها ( ميزان الاعتدال ) للذهبى ت 748 ، وهو من مؤرخى ومحدثى العصر المملوكى ، وقد إعتمد على السابقين فى العصر العباسى أعيان القرن الرابع الهجرى ، مثل : ( كتاب الضعفاء الكبير) لابن حماد العقيلى ت 322 ، و( الكامل فى ضعفاء الرجال ) للجرجانى ( نسبة الى جورجيا ) ت 365 ،و( المجروحين من المحدثين ) للبستى ت 354 ، و( الضعفاء ) للأزدى ت 367 ، و ( الضعفاء والمتروكين ) للدرقطنى ت 385 ، و( الضعفاء ) للحاكم ت 378 ، و ( الذيل على الكامل ) للمقدسى ت 507 ، و( الضعفاء والمتروكين ) لابن الجوزى ت 597 .   

2 ـ إبن الجوزى هو اشهر مؤرخى العصر العباسى الثانى ، واشهر فقهائه والقصاصين فيه ، وكتب فى الموضوعات فى الأحاديث ، أى الأحاديث الكاذبة من وجهة نظره ، وسار على طريقه فى العصر المملوكى أعلام مثل إبن تيمية فى ( حديث القُصّاص ) و( ابن القيم ) فى ( المنار المنيف )، ثم السيوطى فى نهاية العصر المملوكى .  وحتى الآن يوجد الألبانى الذى ينقل عن السابقين ، ويحظى بتقديس المواشى البشرية الأنيقة .

3 ـ لا يمكن أن تحكم حكما صحيحا على من تعايشه ليل نهار . والنبى محمد عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ، ولم يكن يعلم الذين مردوا على النفاق من اصحابه ، والذين كانوا أقرب الناس اليه ، وهم الذين قفزوا على السُّلطة بعده . بالتالى فإن الحكم على رواة ماتوا ـ ومنهم شخصيات لا أصل لها ـ هو حضيض من الحماقة ، وتزيد هذه الحماقة حين نعلم أن الجرح والتعديل كان يتوقف عند الصحابة ، ويجعلهم جميعا عدولا وثقات ، مع إنه جل وعلا شهد على الصحابة المنافقين بأنهم كاذبون وأنهم فى الدرك الأسفل من النار ، ثم تجاهلوا تاريخ الصحابة من الفتوحات الكافرة وحروبهم الأهلية . ثم تأثرت أحكامهم بأهوائهم والخصومات الدينية والمذهبية ، فما يبالغ الشيعة فى تعظيمه يرفضه السنيون . والعكس صحيح . يتضخم هذا الحضيض حين نتذكّر أنهم أضاعوا اعمارهم قرونا طويلة فى هذا التخلف بينما نهضت أوربا واستعمرت بلادنا . ولا زلنا نسعد بالسلفية .

أولا :

 ننقل عن ابن الجوزى ما قيل عن الشخصيات الحقيقية لا الوهمية :

1 ـ محمد بن إسحاق ت 152 ( كاتب أول سيرة للنبى ) : ( قال الزهري‏:‏ لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق‏.‏ وقال يحيى بن معين‏:‏ كان محمد بن إسحاق ثقة وضعفه في روايته‏... وكان مالك بن أنس كذبه أيضًا.. وقال ابن المديني‏:‏ حديثه عندي صحيح .. وقال أحمد بن حنبل‏:‏ابن إسحاق كان يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه‏.‏ وكان أحمد يكتب حديثه ولا يحتج به في السنن‏.‏  ). ( قال الزهري‏:‏ لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق‏.‏.‏ ) (‏‏ وكان مالك بن أنس كذبه أيضًا . ) ( الخطيب قال‏:‏ قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غيرواحد من العلماء لأسباب منها أنه قد يتشيع وينسب إلى القدر ويدلس في حديثه فأما الصدق فليس بمدفوع عنه‏.‏ وقد قال أبو زرعة‏:‏ محمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه وقد اختبره أهل الحديث فرأوه صدقًا وخيرًا مع مدح ابن شهاب له ... وقد قال محمد بن عبد الله بن نمير‏:‏ كان ابن إسحاق يرمي بالقدر وكان أبعد الناس منه وكان إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة‏.‏وقال سفيان بن عيينة‏:‏ ما رأيت أحدًا يتهم ابن إسحاق‏.‏ وقال ابن المديني‏:‏ حديثه عندي صحيح قيل له‏:‏ فكلام مالك فيه فقال‏:‏ مالك لم يجالسه ولم يعرفه.) . ونقول : ابن اسحاق كان معاصرا لمالك بن أنس وخصما له ، وكلاهما روى عن إبن شهاب الزهرى ، وكلاهما لم ير إبن شهاب الزهرى على الاطلاق . وقد بحثنا هذه القضية وأثبتناها . ومع إن إبن إسحاق شخصية مشهورة  وكان كتابه فى السيرة متداولا إلا إنهم ـ فى العصر العباسى الثانى ـ إختلفوا فيه وتناقضوا فى حكمهم عليه.!

2 ـ ( شبيب بن شيبة ) الذى كان مقربا من الخليفة المهدى العباسى :

( وقد تكلم أصحاب الحديث في شبيب ‏.‏ سئل ابن المبارك أنأخذ عن شبيب فقال‏:‏ خذوا عنه فإنه أشرف من أن يكذب ‏.‏ وقال الساجي‏:‏ هو صدوق .. وقال أبو علي صالح بن محمد هو صالح الحديث فأما ابن معين فقال‏:‏ ليس بثقة وقال أبو داود‏:‏ ليس بشيء . )

 3 ـ ( أسد بن عمرو بن عامر أبو المنذر البجلي الكوفي صاحب أبي حنيفة ‏.‏) كان قاضيا فى بغداد .  ( وثّقه يحيى ، وقال أحمد‏ ( إبن حنبل ):‏ كان صدوقًا ‏.‏وضّعفه علي والبخارىِ .  ( روى عنه‏:‏ يحيى بن معين وأبو معمر الهذلي ‏.‏ وكان ثقة ‏.‏)

4 ـ ( مندل بن علي أبو عبد الله العنزي.  ( قال يحيى‏:‏ مندل لا بأس به.  وقال مرة‏:‏ ضعيف ‏.‏ وقال يعقوب بن شيبة‏:‏ كان رجلًا فاضلًا صدوقًا وهو ضعيف الحديث ‏.‏ ). كيف يجتمع صدقه مع ضعفه فى الحديث ؟!

 5 ـ  قام الشيخ الأزهرى عبد الوهاب عبد اللطيف بتحقيق موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيبانى ، وفى مقدمة الكتاب قال يدافع عن الشيباني : ( وكل ما وجه من الطعون في محمد ابن الحسن ( الشيباني ) مردود . وقد طعن ابن معين والعجلي في الشافعي : بأنه ليس ثقة . وابن عدى في ابي حنيفة ، وابو زرعة في البخاري : لقوله بخلق القرآن . ويحي بن سعيد في ابراهيم بن سعد ، والنسائي في احمد بن صالح ، واحمد بن صالح في حرملة ، ومالك في بن اسحاق … وما من عالم من العلماء الا وقيل فيه شئ من ذلك ) ( مقدمة الموطأ ص 24 ) . وهذا إعتراف معاصر في اتهام ائمة الحديث والفقه لبعضهم البعض .

ونضيف اليها ما أورده ابن الجوزى مما قيل عن محمد بن الحسن الشيبانى : ( وقال إبراهيم الحربي‏:‏ قلت لأحمد بن حنبل‏:‏ هذه المسائل الدقاق من أين لك قال‏:‏ من كتب محمد بن الحسن ‏.‏ ) بعدا يناقض ابن حنبل نفسه : ( قال أحمد‏:‏ وكان يذهب مذهب جهم ‏.‏ ) ( وكذلك قال أبو زرعة‏:‏ كان محمد بن الحسن جهميًا ‏.‏ قال نوح بن ميمون‏:‏ دعاني محمد بن الحسن إلى القول بخلق القرآن فأبيت عليه ‏.‏ أخبرنا أبو منصور أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال‏:‏ سألت الدارقطني عن محمد بن الحسن فقال‏:‏ قال يحيى بن معين‏:‏ كذَاب ‏.‏ وقال فيه أحمد نحو هذا ‏.‏وعندي لا يستحق الترك ‏.‏ وقال علي بن المديني‏:‏ محمد بن الحسن صدوق ‏.‏)    

 6 ـ  ( أسباط بن محمد ..روى عنه‏:‏ قتيبة وأحمد بن حنبل ‏.‏قال يحيى‏:‏ هو ثقة، والكوفيون يضعّفونه ).  

7 ـ ( الحسن بن الحسين  النوبختي الكاتب . ) ( ولد في سنة عشرين وثلثمائة . حدث عن علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي والقاضي المحاملي وكان سماعه صحيحًا . روى عنه البرقاني والأزهري والتنوخي قال البرقاني‏:‏ كان معتزليًا وكان يتشيع إلا أنه يتبين أنه صدوق . وقال الأزهري‏:‏ كان رافضيًا رديء المذهب‏.‏ وقال العتيقي‏:‏ كان ثقة في الحديث يذهب إلى الاعتزال ) 

8 ـ ( عبد الله بن عبد الله بن أويس  ) ( كان زوج أخت مالك بن أنس وابن ابن عمه  .. قدم بغداد وحدث بها عن الزهري ومحمد بن المنكدر وأبي الزناد وهشام بن عروة ‏.‏ روى عنه ابناه أبو بكر وإسماعيل وشبابة والقعبني.  وثقه يحيى في رواية وضعفه في أخرى ، وقال أحمد‏:‏ هو صالح ‏.‏ وقال النسائي‏:‏ ليس بالقوي ‏.‏ قال أبو نعيم‏:‏ قدم علينا وإذا معه جوار يضربن يعني القيان قال‏:‏ فقلت لا والله لا أسمع منه شيئًا ). المُضحك أنه يقول : ( قدم بغداد وحدث بها عن الزهري ). ابن شهاب الزهرى مات فى العصر الأموى عام 124 هجرية . يا لروعة الجهل .!

9 ـ ( عيسى بن يزيد بن بكر بن داب أبو الوليد ‏.‏أحد بني الليث بن بكر المديني قدم بغداد وأقام بها، وحدث عن صالح بن كيسان وهشام بن عروة . وكان رواية عن العرب وافر الأدب عالمًا بالنسب حافظًا للسير عارفًا بأيام الناس ، إلا أنهم قدحوا فيه فقالوا‏:‏ يزيد في الأحاديث ما ليس فيها ، ونسبه خلف الأحمر إلى الكذب ووضع الحديث ‏.‏)

10 ـ ( سليمان بن داود بن الجارود أبو الوليد الطيالي )  ( وروى عنه‏:‏ أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني وجماعة وكان حافظًا مكثرًا ثبتًا كتبوا عنه أربعين ألف حديث وليس معه كتاب ‏.‏) أى كان يروى من دماغه .! هذا قبل إختراع الكومبيوتر والذكاء الصناعى .!!

11 ـ  ( أبو يعقوب الكاهلي من أهل الكوفة.  ويروي عن مالك وأبي معشر وكامل أبي العلاء وغيرهم أحاديث منكرة قال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ هو كذاب ‏.‏)

12 ـ ( بشار بن موسى أبو عثمان العجلي ) ( روى عنه‏:‏ أحمد بن حنبل وقال‏:‏ كان صاحب سُنّة ‏.‏ وقال ابن المديني‏:‏ ما كان ببغداد أصلب منه في السنة . وكان يحسن القول فيه .  فأما يحيى بن معين فإنه لم يوثقه ‏.‏وقال الفلاس‏:‏ هو ضعيف الحديث ‏.‏ وقال البخاري‏:‏ منكر الحديث ).

12 ـ  ( محمد بن حسان بن خالد أبو جعفر السمتي )  ( قال يحيى بن معين‏:‏ ليس به بأس ، وقال الدارقطني‏:‏ ثقة يحدث عن الضعفى ‏.‏). كيف يكون ثقة بينما هو يروى أحاديث عن متهمين بالضعف فى الحديث ؟  

13 ـ أبو زكريا الحماني الكوفي ‏.‏) (  كان ثقة  ) (  قال يحيى‏:‏ هو صدوق مشهور بالكوفة مثله لا يقال فيه إلا من حسد . وفي رواية عنه قال‏:‏ هو ثقة وأبوه ثقة . وقال أحمد بن حنبل‏:‏ كان يكذب جهارًا ‏.‏)

 14 ـ ( الشاذكونى : سليمان بن داود )  (عمرو الناقد يقول‏:‏ ما كان في أصحابنا أحفظ للأبواب من أحمد بن حنبل ولا أسرد للحديث من ابن الشاذكوني ولا أعلم بالإسناد من يحيى ما قدر أحد أن يقلب عليه إسنادًا قط ‏.‏ ) (  قال المصنف ( أى ابن الجوزى نفسه ) ‏:‏ قد طعن في الشاذكوني رحمه الله جماعة من العلماء ونسبوه إلى الكذب وقلة الدين فذهبت بتخليطه بركات علمه ‏.‏ فقال أحمد بن حنبل‏:‏ قد جالس الشاذكوني حماد بن زيد وبشر بن المفضل ويزيد بن زريع فما نفعه الله بواحد منهم ‏.‏ وقال يحيى‏:‏ كان الشاذكوني يكذب ويضع الحديث وقد جربت عليه الكذب ‏.‏وقال البخاري‏:‏ هو عندي أضعف من كل ضعيف وقال النسائي‏:‏ ليس بثقة ‏.‏ )

15 ـ ( محمد بن حاتم  ) ( واختلفوا في تعديله ‏.‏) (  أبو حفص عمرو بن علي قال‏:‏ محمد بن حاتم ليس بشيء ‏.‏) (  يحيى بن معين يقول‏:‏ محمد بن حاتم كذاب ‏.‏ ) ( الدارقطني‏:‏ محمد بن حاتم السمين بغدادي ثقة ‏.‏) ( وقال ابن قانع‏:‏ محمد بن حاتم صالح ‏.‏ )

16 ـ  ( محمد بن بشر )  ( واختلفوا فيه ‏.‏) ( عبد الله بن محمد قال‏:‏ محمد بن بشر صدوق ‏.‏) (  الدارقطني‏:‏ محمد بن بشر الكندي ليس بالقوي في حديثه ‏.‏)

  17 ـ ( محمد بن بكار ) ( وثقه يحيى والدارقطني ، وقال صالح جزرة‏:‏ هو صدوق يحدث عن الضعفاء ‏.‏ ) كيف يكون صدوقا وهو يروى عن المتهمين بالضعف فى الحديث ؟!

أخيرا :

1 ـ الدين السُنّى ثوب مصنوع صناعة رديئة ، ثوب ملىء بالثقوب والرقاع ، ولا يزال الترقيع فيه مستمرا ، وإسألوا عن السّاعاتى المسمى ب ( الألبانى ).!

2 ـ آه يا بقر .!!

اجمالي القراءات 2129