بيروت (رويترز) - امتد الصراع في سوريا إلى حدود تركيا يوم الاثنين وخاضت القوات السورية قتالا ضد مقاتلي المعارضة قرب الحدود التركية قبل أقل من 24 ساعة من انتهاء مهلة انسحاب الجيش السوري بموجب خطة سلام تم التوصل اليها بوساطة من الامم المتحدة.
وبموجب الاتفاق الذي توسط فيه كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية من المقرر ان تبدأ سوريا سحب قواتها من انحاء المدن بحلول الثلاثاء ممهدة الطريق لهدنة تبدأ بعد ذلك بثماني وأربعين ساعة.
لكن احتمالات وقف اطلاق النار تبدو قاتمة ولا يوجد تراجع في أعمال العنف التي تشهدها البلاد حيث تخوض قوات الرئيس بشار الاسد قتالا لسحق انتفاضة شعبية ضد حكمه منذ اكثر من عام.
وفي تحرك في اللحظة الاخيرة طالب الاسد بضمانات مكتوبة من مقاتلي المعارضة بأنهم سيلقون أسلحتهم مما دفع نائب وزير الخارجية التركي ناجي كورو الى القول بان المهلة التي تنتهي في العاشر من ابريل نيسان هي الان بلا جدوى.
ونقلت محطة تي.ار.تي. الحكومية عن كورو قوله في موقعها على الانترنت "العاشر من ابريل أصبح بلا جدوى الان. بعد زيارة كوفي عنان غدا (لتركيا) ستبدأ مرحلة جديدة" مشيرا الى مبعوث المنظمة الدولية وجامعة الدول العربية لسوريا.
وقبل أقل من 24 ساعة على انتهاء مهلة سحب القوات اندلع قتال ضار على الارض حيث اصيب اثنان من اللاجئين السوريين ومترجم تركي بنيران اطلقت من سوريا على مخيم لاجئين في الاراضي التركية.
ولم يتضح ان كان المخيم استهدف عن عمد ام انه اصيب بطلقات طائشة.
وفي اشتباكات داخل سوريا قرب الحدود التركية قتل مسلحون معارضون ستة على الاقل من افراد قوات الامن السورية ومسؤولي الجمارك وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد إن القتال وقع في قرية السلامة بين بلدة عزاز السورية وبلدة كيليس التركية. وأصيب في القتال ثمانية من مقاتلي المعارضة.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء ان تسعة من عناصر ضباط قوات حفظ النظام ومدنيا قتلوا وان 13 اصيبوا في منطقة السكري بحلب.
وقالت الوكالة "توجهت قوات حفظ النظام أمس الى منطقة السكري بحلب لحماية تجمع عدد من المتظاهرين بعد ان شهدت هذه المنطقة في الفترات الاخيرة حالات من الاعتداء على التجمعات بقصد اتهام قوات حفظ النظام فيها."
وأضافت "لدى وصول قوات حفظ النظام الى القرب من التجمع جرى اطلاق نار عليهم من كل الجهات من ضمن المتجمعين مما أدى الى استشهاد تسعة عناصر وضابط برتبة ملازم أول واستشهاد مدني."
وتابعت الوكالة قولها "أحبطت الجهات المختصة الليلة الماضية محاولتي تسلل لمجموعتين ارهابيتين من الاراضي اللبنانية الى سورية بريف تلكلخ بحمص."
وفي محافظة دمشق قتل اربعة جنود في قصف لقافلة عندما اجتاحت القوات السورية قرى واعتقلت اشخاصا يشتبه في انهم من المعارضة. وقال المرصد السوري الذي يقع مقره في بريطانيا ان شرطيين قتلا في اشتباكات مع مسلحين في مدينة حلب.
وقال العقيد قاسم سعد الدين المتحدث باسم الجيش السوري الحر المعارض في سوريا يوم الاحد ان 1000 شخص على الاقل قتلوا خلال الايام السبعة الماضية معظمهم مدنيون.
وتشتبه القوى الغربية في ان الاسد يستغل الوقت منذ اجتماعه مع عنان في دمشق قبل شهر لشن هجوم عسكري يهدف الى تطهير البلاد من معاقل المعارضة.
ومنذ اندلاع الانتفاضة في مارس اذار 2011 تلقي سوريا باللوم في الاضطرابات على من وصفتهم بأنهم ارهابيون مدعومون من الخارج مصممون على استخدام العنف لزعزعة استقرار الحكومة. ووضع الاسد برنامجا اصلاحيا خاصا به لكن المعارضة رفضته.
وأثارت قسوة الحملة التي يشنها الاسد تنديدا من الغرب وأدت الى فرض عقوبات فيما يقترب الاقتصاد السوري من التوقف وتراجت قيمة الليرة السورية الى النصف. وتقول الامم المتحدة ان 9000 شخص قتلوا في الانتفاضة.
وبموجب خطة الامم المتحدة يتعين على الحكومة السورية والمعارضة وقف القتال في الساعة 6.00 صباحا بالتوقيت المحلي (0300 بتوقيت جرينتش) يوم 12 ابريل نيسان اذا سحبت دمشق قبل ذلك بثماني واربعين ساعة قواتها من المدن وتوقفت عن استخدام الاسلحة الثقيلة.
وحثت روسيا والصين اللتان تقفان حتى الان الى جانب الاسد الطرفين على التوقف عن القتال واعطاء خطة عنان للسلام فرصة لكي تنجح.
وتشير تقارير من ناشطين مناهضين للاسد الى ان الجيش يحاول استعادة السيطرة على مساحات من الاراضي في محافظة ادلب بشمال غرب البلاد من المعارضين باستخدام الدبابات وطائرات الهليكوبتر وطرد القرويين المذعورين شمالا وغربا الى الحدود التركية.
وأشار المرصد السوري يوم الاحد الى وقوع اطلاق نار وعمليات قصف في عدد من المدن. وذكر المرصد ان 21 شخصا على الاقل قتلوا في حمص ودرعا وادلب ودير الزور ومحافظة حماة وان 12 على الاقل من جنود الحكومة قتلوا في اشتباكات.
وتفرض سوريا قيودا صارمة على وسائل الاعلام مما يجعل من الصعب التحقق من روايات الشهود.
ونقلت وكالة ايتار تاس للانباء عن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف قوله "محاولات فرض حل على سوريا من الخارج ستؤدي فقط الى تصاعد التوتر. كل شيء يجب ان ينطلق من احترام سيادة سوريا والعنف يجب ان يتوقف."
ووضعت سوريا يوم الاحد عقبة أمام تنفيذ الهدنة بقولها انها تريد ضمانات مكتوبة من قوات المعارضة.
وقال جهاد مقدسي المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية في بيان ان سوريا لديها خطة للانسحاب يجري تنفيذها فعلا لكن استكمال وتحقيق الهدف الرئيسي سيتطلب ضمانات من الطرف الاخر ومن يدعمونه بالالتزام بشروط التهدئة.
وقال قائد للمعارضة ان هذا مجرد ستار.
وقال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد ان النظام لن ينفذ هذه المبادرة وانها محكوم عليها بالفشل.
وقال الاسعد لرويترز "لم نعط الوفد شيئا ولم يطلب منا ضمانات مكتوبة. لا يوجد شيء اسمه تسليم سلاح. لن نسلم سلاحنا."
(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)
من دومنيك ايفانز