أوغلو: شعوب المنطقة ماضية فى مسيرتها ولا يمكن التهرب من التغيير
الثلاثاء، 20 مارس 2012 - 14:41
أنقرة أ ش أ
أكد وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو، أن شعوب المنطقة تطمح فى تطبيق دولة القانون والحصول على القيم الأساسية مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والشفافية فضلا عن بناء مجتمعى يستند إلى إرادة الشعب، موضحا أنه إذا ما تحققت الأنظمة الديمقراطية فإن الشعوب ستعيد معا بناء المنطقة بما يحقق صالحها.
وأوضح داود أوغلو فى مؤتمر عقد بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركى "سيتا" الليلة الماضية مع وزير الخارجية المغربى سعد الدين العثمانى الذى يزور تركيا حاليا أنه تأكد للمنطقة بأنه لا يمكن التهرب من التغيير وأن الشعوب ماضية فى مسيرتها رغم التحديات لأنها تبحث عن كرامتها وعزتها ولأنها ملت من النظرة الدونية لها، مؤكدا أنه لا يمكن بقاء نظام لا يقبل المساءلة من الشعب وأن تركيا تكن الاحترام لكل هذه الشعوب الطامحة للحرية ولكل من يبحث عن الاحترام.
وقال أوغلو إن المشهد الإنسانى يسوء يوما بعد يوم وسيتعمق أكثر وقبل أن أحضر إلى هنا أبلغت بأن عدد اللاجئين وصل إلى 16 ألفا و970 لاجئا وأصبح يزداد يوميا خلال الأسبوعين الماضيين بعد سوء الأوضاع فى حمص وإدلب ودير الزور واللاذقية وحلب، فهل نسكت إزاء ذلك، موضحا أننا سنفتح أبوابنا أمام اللاجئين من الشعب السورى لأن هذا هو مصيرنا المشترك، وأهل دمشق حاربوا معنا ودافعوا فى عمق التاريخ فى حرب شاناكاله (إبان الحرب العالمية الأولى).
وأضاف الوزير التركى "لقد بذلنا مساع لتحريك المجتمع الدولى لكى لا تكون المواقف أحادية، ونحن عازمون على الدفاع عن حقوقهم (السوريون) ولكن المهم هو قيام موقف موحد من المجتمع، حتى لا يشهر حق النقض مرة أخرى، ومثلما حدث فى البوسنة والهرسك فى عقد التسعينيات بسبب حق الفيتو عندما قتل ربع مليون مواطن"، وأكد أنه سيتم بذل مسيرة دبلوماسية مكثفة قبل مؤتمر أصدقاء سوريا فى اسطنبول قبل إنشاء تلك المنطقة العازلة".
وقال أوغلو بمركز "سيتا" المقرب من وزارة الخارجية التركية - إن "المواطن فى مصر وسوريا وليبيا والعراق والمغرب هو نفسه لأن المطالب واحدة وأن هذه المنطقة احتضنت الحضارات وهؤلاء المواطنون هم من ورثوا هذه الحضارات ولا يرغبون فى الاحتقار بعد الآن ولن يقبل بعد الآن امتهان كرامته وهذه المطالب هى ثقله فى التاريخ".
وأضاف داود أوغلو "أن المرحلة الحالية تشهد مخاضا صعبا ولكننا نشهد مصر تسير على طريق الديمقراطية وكذا تونس، حيث يتم تشييد البنى السياسية والتركيز على مواجهة التحديات الاقتصادية وهى مرحلة صعبة ومعقدة ولكن إرادة الشعوب هى التى ستصل إلى بر الأمان وقيادة المنطقة".
وأشاد وزير الخارجية التركى بالتحول السلمى الديمقراطى فى المغرب خلال "الربيع العربى" قائلا "إنه على عكس بعض الدول الأخرى التى شهدت توترا حادا خلال الربيع العربى، فإن المغرب حققت عملية تحول سلمية"، معربا عن أمله فى أن يلبى قادة الدول الأخرى رغبة شعوبهم بدلا من توجيه السلاح ضدهم.
وأشار داود أوغلو إلى أن الرؤى المشتركة والتاريخ المشترك هى المحاور التى تحكم العلاقات المتينة بين تركيا والمغرب ودول المنطقة، منوها بأن تلك المنطقة من العالم شهدت بزوغ حضارة بلاد الرافدين وما وراء النهرين فى إيران والأناضول وحضارة الأندلس وتصل ما بين مصر وشمال أفريقيا وحتى الأندلس وهذا التطور الثقافى الذى يربط بين أئمة الفكر الاسلامى، ابن سينا وابن رشد، الفارابى وابن خلدون أثر على فكر وتقارب هذه البلدان.
وأكد داود أوغلو رغم أن هذه أول زيارة لوزير خارجية مغربى لتركيا منذ 25 عاما، إلا أن هذا لا يعنى أنه توجد أى مشكلات سياسية بين البلدين، بل أنه تربط تركيا بالمغرب علاقة ثقافة روحية وتاريخ مشترك حتى رغم البعد الجغرافى الذى لا يمثل مشكلة فى متانة العلاقات بين البلدين.
من جانبه، قال وزير خارجية المغرب سعد الدين العثمانى إن بلاده تواجه تحديات كبيرة فى ظل صعوبات اقتصادية تعم المنطقة بأكملها بعدما حقق التحول السياسى فى سلاسة ويسر وأقر الدستور الجديد واختار حكومته الجديدة.
وأضاف الوزير المغربى "أن ما وقع فى المنطقة يمكن أن نسميه تسونامى ديمقراطى، حيث دمر وأسقط "أنظمة قمعية" فى المنطقة نتيجة شروط وتداعيات تجمعت واختمرت فأنتجت ديناميكية غير مسبوقة فى المنطقة".
وأوضح سعد الدين أن الأنظمة التى سقطت فى أغلبها وأساليبها هى نتاج للحقبة السوفيتية وتأثيرها على المنطقة وقد سقط جدار برلين وبقيت تلك الأنظمة نتيجة لتوافق بين روسيا وأمريكا وزاد سحق حرية الشعوب التى دفعت دفعا إلى أن تغير المعادلة وتقلب جذريا النظرة التى سادت عن هذه الشعوب بأنها غير مهيأة للديمقراطية وتستعذب الخنوع".
وأشار الوزير المغربى إلى أن هذه الثورات بينت أن التنمية وحقوق الإنسان ورفاهية الإنسان لا يمكن أن تتحقق دون ديمقراطية حقيقية فى الواقع وكانت بعض تلك النماذج وخصوصا النموذج التونسى السابق يراهن ويؤكد أنه بمقدوره تحقيق التنمية الاقتصادية والرفاهية من دون الحاجة إلى تطبيق حقوق الإنسان ثم انفجر الشعب التونسى"، مؤكدا أن ما تحقق فى المنطقة خلال العام الماضى يؤكد أنه لا تنمية ولا ازدهار بدون ديمقراطية.
وقال الوزير المغربى "ويمكن هنا أن أشير إلى مسألة مهمة وهى أن الكثير من الأنظمة الأوروبية التى دعمت تلك الأنظمة القمعية فى المنطقة وسكتت على تصرفاتها كانت تحركها مصالحها وتدفق الغاز والنفط"، مشيرا إلى أنه يقول دائما للوفود الغربية عندما يلتقى بهم "أنتم الذين دعمتم الديكتاتورية فى المنطقة وأنتم الذين بعتم السلاح للقذافى لينتشر فى الساحل الأفريقى وأفريقيا".
واستطرد سعد الدين العثمانى قائلا "عندما كانت هذه الأنظمة الغربية تجد أى شىء بسيط يتعلق بحقوق الإنسان تقوم الدنيا ولا تقعد وتثار الزوابع بينما كانوا يتغاضون عن الآلاف من السجناء فى السجون وانغلاق كامل لحقوق الإنسان ولكن الشعوب أثبتت أنها لا ترى بعين واحدة ولكن بعينين مفتوحتين".
وبالنسبة للأوضاع فى المغرب، قال العثمانى إن المغرب سعى خلال الفترة الماضية إلى أن يقدم تجربة متميزة بأن يبنى ويؤسس ديمقراطية بطريقة متصاعدة ليحافظ على الاستقرار الأمر الذى لم يكن سهلا ولم يتم هذا بدون نقاش ساخن واحتجاجات واحتكاكات ولكن السياق العام كان هو الحفاظ على استقرار البلاد.
وقال العثمانى إلى أن هذه المقاربة كانت بمثابة أرضية للتحولات والإصلاح السياسى، مشيرا إلى أن المغرب أسس منذ الاستقلال عام 1956 للتعددية السياسية والحزبية ونصت قوانينه على أنه لا مكان للحزب الواحد فى الحياة السياسية.
وأكد العثمانى أنه ما من شك أن ما يمكن أن أسميه "الربيع الديمقراطى" هب على المغرب وأثر عليه وتفاعل المغرب رسميا وحزبيا مع هذا الحراك وهذه المطالبات وكانت هناك حركات احتجاج تطالب بمزيد من الإصلاحات والقضاء على الفساد المالى والإدارى الذى نقر بأنه موجود فى الإدارة والقضاء المغربى.
وأشار إلى أنه تم فتح الحوار الذى شارك فيه مئات من مؤسسات المجتمع المدنى وكان ما يدور يخرج للرأى العام ودامت شهورا فى نقاش وبحث أفكار ومقاربات وتواصل مع المواطنين إلى أن خرج هذا الدستور الجديد الذى عمل على توازن بين السلطة الجديدة وصلاحيات ملك المغرب وحافظ على هوية الشعب ومنظومة حقوق الإنسان وتقوية الأحزاب السياسية وكل هذا انعكس فى الوثيقة الدستورية الجديدة فى شهر يوليو عام
2011 وصوت عليها الشعب المغربى بأغلبية.
وأقر الوزير المغربى بأن الأوضاع فى المنطقة الساخنة والتى كانت تعج بالاضطرابات والثورات شكلت عامل ضغط على المغرب ولكنه تمكن من عبور تلك الفترة وأن يصوغ الوثيقة وأن يأتى بحزب العدالة والتنمية فى انتخابات، وأشار إلى أن أهم ما خرج به المغرب فى تلك الفترة الماضية بعد المقاربة التشاركية التى شارك فيها أيضا أفراد المجتمع فى نقاش عام، أن ينظر قدما إلى تحقيق "المقاربة المستقبلية" بمعنى ألا ينغلق وألا يخاف من الحوار وأن يستمع إلى النقد المنصف لعمل الحكومة والسلطات.
وأكد الوزير المغربى أنه من أهم التحديات التى تواجه المغرب الآن هى النمو الاقتصادى والتنمية البشرية التى هى من أكبر العقبات فى العالم المعاصر من أجل "مغرب جديد"
وأشاد وزير خارجية المغرب بتركيا كقوى مهمة ليس فقط فى منطقتها بل فى العالم بأسره باعتبارها ضمن مجموعة الدول العشرين الاقتصادية الكبرى بالعالم، مؤكدا أنها تستحق التقدير عن ما فعلته تجاه المواطنين السوريين فى إيجاد مأوى لهم.