كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية ). الباب الرابع : علمانية الشريعة فى الدولة الاسلامية
التوازن بين الفرد والمجتمع فى الشريعة الاسلامية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١١ - ديسمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 التوازن بين الفرد والمجتمع فى الشريعة الاسلامية  

كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية ). الباب الرابع : علمانية الشريعة فى الدولة الاسلامية

الفصل الأول :  التوازن بين الفرد والمجتمع فى الشريعة الاسلامية

أولا : عن المواطن الفرد

1 ـ الوطن ليس مجرد قطعة أرض ومكان ، بل هو فى الأساس المواطن الانسان ، أى هو جميع المواطنين بلا إستثناء ، وبالمساواة المطلقة يتقسّم عليهم . فإذا كان عدد المصريين مائة مليون فكل فرد مصرى هو واحد على مليون من الوطن ، هذا بغض النظر عن الطفولة والكهولة والشباب والشيخوخة والذكورة والأنوثة والدين والمذهب والعرق واللون والغنى والفقر . لا أحد يعلو على أحد ، لأن العلو هو للخالق سبحانه و ( تعالى ) وحده ، جل و ( علا وحده )، وكل البشر سواء فى عبوديتهم لمن خلقهم ، جل وعلا .

2 ـ ولأن الوطن في الشريعة الاسلامية هو المواطن الفرد فاذا صودرت حقوق المواطن الانسانية والثقافية والدينية فى وطنه ولم يستطع المقاومة تحتم عليه الهجرة الى بلد آخر اذا استطاع. إن لم يهاجر من دولته الظالمة مع قدرته على الهجرة ومات فى وطن يقهره بشرته ملائكة الموت بالجحيم لأنهم ( ظلموا أنفسهم ) بالرضى بالذُّل فى وطن يملكه غيرهم . قال جل وعلا ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ) .

3 ـ لهذا أساس فى العقيدة الاسلامية بالإيمان باليوم الآخر. إذ يعنى أنه مهما عشت فستموت . عمرك محدد سلفا ، وهو يتناقص مع كل دقيقة تمر من عمرك . فى مقابل ( الزمان المقدر لك ) أو هذا العمر المحدد الذى يتآكل ويتسرب منك فإن الكرة الأرضية ( المكان ) واسع لا نهاية له .  تخيل نملة تسير فوق بطيخة هل تصل الى نهايتها ؟ أى أمام الانسان حياة قصيرة وحيدة فى هذه الدنيا بعدها موت يقترب منه بسرعة 60 دقيقة فى الساعة، وتحت قدميه أرض واسعة . لماذا يضيّع عمره القصير فى وطن لا يعطيه حقه ؟ لا بد أن يهجره ـ ما إستطاع ــ الى غيره قبل أن يدركه الموت . نتدبر قوله جل وعلا : ( يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) العنكبوت ) . لماذا تعيش مقهورا لفرد مثلك يمتلك دونك الوطن ، بل يجعل نفسه الوطن والقوم والمجتمع والدولة ؟

3 ـ الفرد في الشريعة الاسلامية يولد فردا، ويتم تكليفه بمسئوليته الفردية الشخصية :

3 / 1 : ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، قال جل وعلا :

(  وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) 18 ) فاطر ) ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) الزمر )( أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) النجم ) (  وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (15) الاسراء  ) ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)  الأنعام )

3 / 2 : ومن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ، ومن اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل على نفسه. قال جل وعلا :

3 / 2 / 1 : ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )ً (15) الاسراء ) ( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) (18) فاطر )

3 / 2 / 2 :( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) (46) فصلت )( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) (15)  الجاثية )

3 / 2 / 3 : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)  المدثر ) (  كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور ) ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) النجم   )

3 / 2 / 4 : (  وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ )(22)  الجاثية ) ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (286) البقرة )( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا ) 164 ) الأنعام )

4 ـ وليس النبى نفسه وكيلا عن أحد ولا مسئولا عن أحد . قال له ربه جل وعلا : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)  يونس )(  وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92) النمل )( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)  الأنعام ) (  إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر ).

5 ـ وكل منا سيؤتى به يوم القيامة فردا . قال جل وعلا : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ) ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)  مريم )(  وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ )  (94)  الأنعام )

6 ـ كل فرد يعيش وسط مجتمع . ويتم تسجيل أعماله بأقواله وأفعاله وما فى قلبه ، سواء مع نفسه أو مع تعامله مع غيره . ولكل جماعة عاشت مع بعضها كتاب أعمال جماعى ، ولكل فرد منها نسخة بكتاب أعماله الفردى .

6 / 1 : عن كتاب الأعمال الفردى قال جل وعلا : ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) الاسراء ). ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12) الانشقاق )(  فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21))( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) الحاقة)

6 / 2 : وعن كتاب الأعمال الجماعى قال جل وعلا : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) الكهف )

6 / 3 : وعن العلاقة بين كتاب الأعمال الفردى وكتاب الأعمال الجماعى قال جل وعلا : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8)  الزلزلة )(  يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) الاسراء ) ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) الجاثية )

6 / 4 : وعن عموم التسجيل للمجتمعات والأفراد  ، قال جل وعلا : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً (29) النبأ )( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس )

ثانيا :

عن الفرد المواطن فى مجتمعه

  الفردية الشخصية ترتبط بالتفاعل الايجابى بالمجتمع وفق :

1 ـ التعاون على الخير . قال جل وعلا : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) المائدة )

2 ـ التنافس فى الخيرات :

2 / 1 :يقول جل وعلا للمؤمنين :( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد ) ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران )

2 / 2 : حتى مع الاختلاف الدينى فى الدولة الاسلامية التى تسع الجميع، قال جل وعلا : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)  المائدة )( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) البقرة )

3 ـ فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهى وظيفة مفروضة على الجميع من رجال ونساء وليست مرتبطة بطائفة واحدة أو طبقة معينة أو مجالا للتوظيف . وفى نفس الوقت لا تعنى الاكراه والاجبار والتدخل الرسمى أو الشخصى فى حياة الآخرين ، بل هى هى مجرد نصح قولى وتوجيه يقوله كل شخص للآخر اذا وجده مستحقا للنصح والارشاد. والمعروف هو كل القيم العليا المتفق عليها ، والمنكر هو كل الشرور والرذائل المنهى عنها.

نقرأ قوله جل وعلا :

3 / 1 : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104آل عمران ـ 104 ). هذا خطاب للأمة كلها بدليل ما قبل الآية وما بعدها .  

3 / 2 : (  وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216)الشعراء) . لا إرغام فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . ولم يكن للنبى محمد عليه السلام أن يتبرأ ممّن يعصيه ، بل يتبرأ من عصيانه فقط .

3 / 3 : ( وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر ).الجميع يتواصون بالحق وبالصبر .

3 / 4 : وفى نفس الوقت فان حرية الفكر فى الشريعة الاسلامية تسمح بوجود حرية مطلقة للجماعات التى تسير فى الطريق المضاد للاسلام ؛ تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف، وكان فى دولة المدينة مؤمنون ومؤمنات يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وكان فيها أيضا منافقون ومنافقات يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، ولا تدخُّل من الدولة فحساب هؤلاء وهؤلاء عند ربهم جل وعلا . قال جل وعلا :

3 / 4 / 1  ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) التوبة )

3 / 4 / 2 : (  وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة ) .

أخيرا

الوطن فى الدولة الاسلامية يملكه كل الأفراد على السواء فى حياتهم القصيرة . وهم فى إختبار الايمان والعمل الصالح ، ويجب أن يتمتعوا بحرية الاختيار فى هذا الاختبار . وبعد هذه الحياة الدنيوية القصيرة الفانية الزائلة سيأتى اليوم الآخر بحساب وخلود فى الجنة أو فى النار . وبهذا فإن عقيدة الاسلام هى التى تغلّف مسئولية الفرد المواطن ، سواء آمن أم كفر . المهم هو الاسلام السلوكى ، أو السلام أساسا للمواطنة .

اجمالي القراءات 2252