ما فرق بين تهويد القدس الشريف و تعريب المغرب و اسلمته بالنسبة لي ؟
مقدمة متواضعة
منذ استقلال المغرب الشكلي عن فرنسا سنة 1956 اتجهت السلطة وقتها نحو المشرق العربي بشكل كلي بغية اخذ الشرعية السياسية و الشرعية الدينية ليكون المغرب بلد عربي اصيل و خالص بحكم تاويل الحركة الوطنية للدين و تاريخ هذا البلد الأمين منذ ما يسمى بالفتح الإسلامي الى حدود سنة 1956 بمعنى ان هذا البلد قد عربه الإسلام منذ البداية حسب وجهة نظر منظرين الحركة الوطنية و الحركة الإسلامية فيما بعد.
و بهذه الحجج الأيديولوجية الوهمية كانت الدولة المغربية تستعملها منذ فجر الاستقلال بغية البحث من اجل اخذ شرعيتها المزعومة للعروبة و الإسلام من خلال الانضمام الى الجامعة العربية باعتبارها دولة عربية عربها الإسلام أصلا و من خلال تبني المغرب لقضايا الشرق الأوسط رسميا من قبيل القضية الفلسطينية خصوصا و قضية الصراع العربي الإسرائيلي عموما كاية دولة عربية موجودة في منطقة الشرق الأوسط من قبيل دول مجلس التعاون الخليجي و دول الشام و مصر كدولة عربية منذ عصر الخلفاء الراشدون لكنها تتواجد في منطقة شمال افريقيا....
ان الدولة المغربية ارادت وقتها استكمال تصفية المرجعية الامازيغية الإسلامية بصفة نهائية عبر خلق رابط مقدس بين المغرب و المشرق العربي من خلال السماح بانشاء أحزاب سلفية مثل حزب الاستقلال سنة 1944 و أحزاب قومية مثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975 و أحزاب ذات المرجعية الاخوانية مثل حزب العدالة و التنمية سنة 1996 أي ان الدولة المغربية كانت تريد ربط الشعب المغربي بالمشرق العربي مهما كان الثمن للتعريب السياسي و التعريب الهوياتي تحت شعار ان الإسلام قد عرب المغاربة منذ الفتح الإسلامي كما يسمى على أي حال.....
ان المغرب كما قلت في مقالاتي حول التنظير للمرجعية الامازيغية الإسلامية بانه قد استقل عن المشرق العربي منذ سنة 123 هجرية أي انتصار اجدادنا الامازيغيين المسلمين على جنود الخلافة الاموية المارقة و الفاجرة في عز الظهر بشهادة كتب التاريخ الإسلامي و كتب السلف الصالح انفسهم و هذا الاستقلال التام عن هذه الجهة من العالم قد سمح لامازيغي المغرب بخلق امارات و دول عظمى ساهمت في بناء حضارتنا الامازيغية الإسلامية في دول المغرب الكبير و في دول الساحل و الصحراء الافريقية و الاندلس قديما دون أي تدخل من المشرق العربي على الاطلاق ......
اما الحجج الأيديولوجية الوهمية و القائلة ان الإسلام قد عربنا فانها لا أساس لها من الصحة من الناحية التاريخية حيث ان كل الدول و الامارات بعد سنة 123 هجرية كانت امازيغية إسلامية حتى الدولة الادريسية لان مولاي ادريس الأول قد كان العربي الوحيد الذي جاء الى المغرب مع راشد الامازيغي كما قاله الدكتور عبد الخالق كلاب الله يحفظه لتاريخ المغرب الحافل بالامجاد و الانتصارات حتى دخلت التاثيرات المشرقية الى بلادنا ابتداء من سنة 1930 حيث ساهمت هذه الأخيرة في تأسيس ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية و حججها الوهمية و الفاصلة بين الامازيغية و الإسلام على مستوى السلطة و حقلنا الديني الرسمي....
الى صلب الموضوع
لا شك ان الضمير العالمي هو مشغول الان بهول الجرائم التي ترتكبها دولة إسرائيل بحق المدنيين العزل من الأطفال و النساء بقطاع غزة حيث يظن البعض انني لا اشاهد الاخبار الدولية عموما و اخبار فلسطين خصوصا هذه الأيام .
و بل ارسل احدهم من أمريكا على الخاص في الفايسبوك باعتباري ربما انتمي الى الحركة الامازيغية ببعدها السياسي عدة فيديوهات حول حركة حماس المعروفة و المقاومة كما اعتبرها بغض النظر عن الخلاف الأيديولوجي و السياسي معها باعتبارها تنتمي الى تيارات الإسلام السياسي كما يعلم الجميع...
ان مقاومة الاحتلال في تقديري المتواضع هو فعل شرعي في جميع الشرائع السماوية و القوانين الوضعية بغض النظر عن الأيديولوجيات التاطيرية لحركات المقاومة في هذا العالم ........
انني اذكركم بموقفي الشخصي من القضية الفلسطينية حيث انني اعتبرها قضية إنسانية و إسلامية بمعناها الصرف بحكم وجود مسجد الأقصى المبارك كثالث الحرمين الشرفين و مسرى الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم كما يقوله الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز و تقول الاحاديث المنسوبة لنبي الرحمة ادا كانت صحيحة .
انني اعتبر ان مدينة القدس عليها ان تكون عاصمة دولية للديانات السماوية الثلاث أي اليهودية و المسيحية و الإسلام حيث قلت هذا الراي المتواضع للمرة الاولى في مقال لي نشرته في موقع العمق المغربي في أكتوبر 2021 و العاقل سيدرك كلامي في هذا السياق .
ان سؤال مقالي هذا هو ما فرق بين تهويد القدس الشريف و تعريب المغرب و اسلمته بالنسبة لي ؟ و سبب هذا السؤال الكبير هو ان جل تيارات المشرق العربي الدخيلة الى بلادنا منذ سبعينات القرن الماضي تعارض تهويد القدس الشريف معارضة شديدة باعتبار هذا التهويد سيغير هوية هذه المدينة المقدسة من العربية الإسلامية الى اليهودية استعدادا لجعلها عاصمة موحدة لدولة إسرائيل.
لكن بالمقابل تؤيد هذه التيارات المشرقية تعريب المغرب بصريح العبارة و اسلمته وفق المرجعية الوهابية او المرجعية الاخوانية مع العلم ان المغرب ظل مسلم منذ 14 قرنا بدون الحاجة الى نظام الخلافة المشرقية و الى تطبيق الحدود الشرعية حيث قلت في احدى مقالاتي
فان اجدادنا قد انتجوا ما نسميه بالإسلام الامازيغي المبني على التصوف و على الاضرحة أي توقير أولياء الله الصالحين و ليس تقديسهم لان هناك فرق شاسع بين التوقير و التقديس حيث لا أقول ان هذه المسائل الدينية هي خالية مائة بمائة من الخرافات و من الشعوذة الخ...
غير ان هذه الأخيرة هي مسائل اصيلة في اسلامنا الامازيغي منذ قرون عديدة عبر التراب المغربي الشاسع آنذاك حيث وصل حدود هذا التراب الى مالي الحالية حسب قول الدكتور كلاب في احدى فيديوهاته الناجحة بمعنى ان نفود اسلامنا الامازيغي قد وصل الى هناك انذاك ...
و كما ان الإسلام الامازيغي هو مبني على الأعراف الامازيغية او القوانين الوضعية الامازيغية حيث شرحت في مقالي الماضي بالقول بعد قراءة هذا الكتاب القيم في تاريخنا الاجتماعي تحت ظلال حضارتنا الامازيغية الاسلامية اصبح اؤمن ان العلمانية هي شيء اصيل في مجتمعنا الامازيغي المتدين حتى النخاع اصلا من خلال القوانين العرفية الامازيغية او الوضعية التي لا تتعارض مع المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية بحيث ان هذه القوانين تحترم حقوق الانسان عموما و حقوق المراة خصوصا من خلال نظام الكيد و السعايا العرفي أي اقتسام الثروة بين الزوجان في حالة الطلاق و إعطاء المراة حقها المشروع بفعل كديها و عملها في الحقول الخ من هذه المسائل الإيجابية لصالح المراة قديما و حديثا..
ان الفرق بين تهويد القدس الشريف و تعريب المغرب و اسلمته هو السبب الجوهري الذي جعل المرحوم احمد الدغرني يسافر الى إسرائيل سنة 2007 للحضور في مؤتمر دولي حول التسامح الديني قصد التعريف بالثقافة الامازيغية و خصوصياتها الفريدة لان المشرق العربي ظل يرفض ان يعترف و لو بكلمة واحدة بفضائل الثقافة الامازيغية الكثيرة على الإسلام و على اللغة العربية بشمال افريقيا و الساحل و الصحراء الافريقية.
و لو كان هذا المشرق العربي قد اعترف بنا و بثقافتنا الاصيلة لذهب المرحوم احمد الدغرني الى هناك للتعريف بقضيته الثقافية و الحال ان هذا المشرق هو اصل كل المشاكل التي حدثت للامازيغية و للامازيغيين منذ سنة 1930 الى الان بكل الواقعية .
اننا لم نسمع قط ان احدى دول الشرق الأوسط قد نظمت مهرجانا للتعريف بالثقافة الامازيغية و فنونها منذ تأسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الى يوم الناس هذا أي 22 سنة من التجاهل التام لوجودنا الثقافي و الديني أي ان هذا المشرق يريد ان يغزو أفكاره الجاهلية و الرجعية بلدنا الأمين المغرب .
ان الحركة الامازيغية هي حركة للمقاومة الثقافية و السياسية ضد تعريب المغرب و اسلمته منذ أواخر ستينات القرن الماضي الى الان حيث تعتبر ان القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية و عادلة .
لكن بالمقابل هناك الشعب التواركي الامازيغي المسلم مثلنا حيث يعاني من الحرب من قوى الغرب المسيحي كفرنسا و روسيا لكن اعلامنا الرسمي قد همش هذه القضية القريبة جغرافيا و ثقافيا الخ .......
توقيع المهدي مالك