الصناديق الخاصة.. مغارة على بابا المنسية .. تريليون و272 مليار جنيه فى مغارة الصناديق الخاصة بدون رق

في الأربعاء ٠٧ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الصناديق الخاصة.. مغارة على بابا المنسية .. تريليون و272 مليار جنيه فى مغارة الصناديق الخاصة بدون رقابة.. خبراء يتساءلون: كيف يسمح بوجود خمسة أضعاف الموازنة العامة خارجها بدون رقابة؟

تحقيق: آيات الموافى   |  07-03-2012 13:45

ـ عددها من (7 ـ 10) آلاف صندوق خاص على الأقل بإيرادات تصل إلى مائة مليار جنيه وتمثل باباً رئيسياً للفساد

ـ دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لضم أموال الصناديق إلى الموازنة العامة

ـ يدخل فى حصيلة هذه الصناديق مواقف السيارات والمستشفيات الحكومية ومصاريف عدادات الكهرباء والمياه والغاز وتراخيص المرور وجميع تراخيص البناء والمشاريع التجارية والطلبات التى تقدم إلى الوحدات والمجالس المحلية

ـ حجم العجز فى الموازنة العامة وصل إلى 134 مليار دولار.. أقساط الديون وصلت إلى 99 مليارًا والصناديق بها مئات المليارات ولا يقترب منها أحد

ـ نسبة كبيرة من الصناديق موجودة فى الجامعات المصرية ويتم تمويلها من الخارج بغرض تطوير المنظومة التعليمية بها.. كلية طب القاهرة يوجد بها أكثر من 200 صندوق تأتيها تبرعات من جهة أجنبية

فى الوقت الذى تبحث فيه مصر عن الاقتراض من الخارج, طالبت العديد من القوى والتيارات بضرورة استغلال موارد الصناديق الخاصة وإدخالها فى الموازنة العامة، لاسيما أن أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة تبلغ تريليونًا و272 مليار جنيه، لا تدخل فى الموازنة العامة للدولة ولا تخضع لرقابة مجلس الشعب أو الجهاز المركزى للمحاسبات، رغم أنها تضم مبالغ تفوق قيمتها مجمل الناتج المحلى، وتساوى 446 ضعفاً لإجمالى إيرادات الموازنة العامة، كما تقدر بـ 14 ضعفًا لعجز الأخيرة.

لا يوجد حصر دقيق لعدد الصناديق الخاصة فى مصر، فهناك تقديرات بأنها تصل إلى 7 آلاف صندوق، وتقديرات أخرى تقول إنها تصل من 8 إلى 10 آلاف صندوق، كما تبلغ إيراداتها 100 مليار جنيه، وتمتلك حسابات فرعية ببنوك تجارية بالعملات الأجنبية، مما يجعلها متاهة يغرق فيها الجهاز المركزى للمحاسبات الذى لا يعرف حجمها الحقيقى، وبسبب غياب الرقابة تستخدم أموال الصناديق الخاصة فى الإنفاق على المكافآت وشراء الهدايا والبدلات والسيارات وتأثيث المكاتب الفاخرة، وتتم مشترياتها بالأمر المباشر، فضلا عن الصناديق الخاصة التابعة للمحليات، والتى تعتبر أموالها فى مهب الريح بسبب عدم وجود مجالس محلية.

وعلى المستوى الرسمى، نجد أن الحكومة تنفى احتواء الصناديق الخاصة على هذه المبالغ الطائلة، وقالت على لسان الوزيرة فايزة أبو النجا إنها تضم 35 مليارًا فقط.

الدكتور على لطفى، رئيس وزراء مصر الأسبق قال عن هذه الصنايق إنها "مغارة على بابا"، وإن عددها يتراوح ما بين 8 إلى 10 آلاف صندوق، وأن إيراداتها السنوية تبلغ 200 مليار جنيه ولا يوجد رقابة عليها!!!

ما زالت الصناديق الخاصة باباً رئيسياً للفساد ويحصل منها مسئولون، مثل الوزراء والمحافظين ومديرى الأمن ورؤساء الجامعات والهيئات، على ملايين الجنيهات شهرياً، فالحكومات السابقة مارست ألاعيب من شأنها تفريغ جيوب المواطن البسيط تحت مسمى التبرع الإجبارى, ومن ذلك على سبيل المثال، تذاكر الزيارة فى أى مستشفى حكومى، ومصاريف تركيب عدادات المياه والكهرباء والغاز، مروراً بـ"الكارتة" التى تفرضها المحليات على مداخل ومخارج المدن ومواقف سيارات النقل الجماعى، أو رسوم استخراج بطاقة الرقم القومى أو تراخيص المرور، أو رخص المحليات بأنواعها المختلفة، من ورش إلى مصانع أو محال تجارية وبمبالغ تصل إلى الملايين، هذا عن طرق التحصيل، أما المحصل من أجله، فيختلف باختلاف الوزارة أو المحافظة، من تبرعات لصالح مشروعات وهمية تحت مسمى تجميل المدن أو تشجير الشوارع أو دعم شركات الخدمات العامة والنظافة والأبنية التعليمية والصحة والبيئة، ناهيك عن وجود بعض الانحرافات فى بعض الصناديق والحسابات الخاصة ببعض المحافظات، خاصة أن هذه الصناديق تمول مشاريع بالمحافظات، منها العاملون بنظام العقود المؤقتة فى هيئات النظافة، وفصل الإنتاج عن التوزيع فى الخبز، فهذه الصناديق تعددت فى جميع الوزارات والهيئات وأيضاً المحافظات، ولا تخضع لرقابة الأجهزة الرقابية ومعظم حساباتها موجودة ببنوك تجارية، مطالباً المحكمة بضرورة إلزام الحكومة بوضع حساباتها فى البنك المركزى المصرى.

هذا الأمر أصبح يستدعى ضرورة دخول هذه الصناديق للموازنة العامة وخضوعها للرقابة، فهناك ٣ أنواع من الصناديق تتضمن صناديق الإسكان والنظافة والخدمات، وهى خاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والمحليات، وهو الأمر الذى يتطلب وقف تعامل هذه الصناديق مع البنوك، وحصر أرصدتها فى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى، خاصة أن الجهات التى تتبعها الصناديق ترفض خضوعها للموازنة العامة، وهناك أيضا صناديق خاصة بعملات أجنبية داخل عدة جهات، منها وزارتا الخارجية والداخلية، والشركات القابضة، وأكثر من صندوق ببعض الوزارات، مضيفًا أن الجهاز المركزى للمحاسبات لا يستطيع حصر الحسابات والصناديق الخاصة بالجهات والهيئات والمؤسسات والوزارات والجامعات.

وهناك على سبيل المثال صندوق التنمية الثقافية، والذى يتبع وزير الثقافة، كان يمول من حصيلة بيع (التذاكر) للدخول إلى المتاحف القومية، وزيارة الآثار فى جميع أرجاء البلاد، وغيرها من موارد.

تقوم هذه الصناديق على القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة الذى أجاز إنشاء صناديق وحسابات خاصة فى ضوء اعتبارات معينة، وفى الأحوال الضرورية لتحقيق أهداف محددة فى ضوء ضوابط تحكم استخدام هذه الحسابات والصناديق وتحقيق الرقابة عليها، ثم صدر القانون رقم 105 لسنة 1992 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية الذى قضى بخضوع الصناديق والحسابات الخاصة لرقابة وزارة المالية قبل الصرف، كما صدر القانون رقم 139 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون المحاسبة الحكومية، حيث قضى بإنشاء حساب لدى البنك المركزى يسمى حساب الخزانة الموحد يشمل جميع حسابات وزارة المالية ووحدات الموازنة العامة للدولة والحسابات المتنوعة ذات الأرصدة وما يحدده وزير المالية من حسابات، لأنه من المبادئ الأساسية فى إعداد الموازنة وحسابها الختامى أن تشتمل على كل الموارد أيًا كان مصدرها وكل أوجه الاستخدامات، أيًا كان الغرض منها بهدف إظهار كل المعلومات لصانعى القرار وواضعى السياسات المالية لأحكام توزيع الموارد المالية على أوجه الإنفاق المطلوب.

وعلى الرغم من صدور هذه القوانين ووضع الضوابط، لكن المخالفات والتجاوزات أهدرت هذه الأموال، وقد رصدت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حجم الفساد بشأن هذه الحسابات وخروج بعضها عن الضوابط التى تحكم إنشاءها، إضافة إلى عدم إحكام الرقابة على مصروفات العديد منها.

رصدت بعض التقارير الرقابية أشكال من الفساد الذى انتشر مما تسبب فى إهدار المال العام، مما يشكل تهديدًا للأمن القومى بتعمد بقاء خمسة أضعاف الموارد العامة للدولة خارج الموازنة، والذى أدى بدوره إلى مضاعفة أرقام العجز بالموازنة، ووصول حجم الدين العام المحلى والخارجى إلى ما يوازى 100% من الناتج المحلى الإجمالى، والذى أدى أيضا إلى تدنى ترتيب مصر.

وفيما يتعلق بفساد هذه الصناديق والحسابات الخاصة، فكان أول طلب استجواب هو ما تم تقديمه فى هذا الشأن لرئيس مجلس الشعب فى عام 2009 بناء على المعلومات الواردة فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، لكن كعادة رئيس مجلس الشعب السابق فتحى سرور قام باستبعاد كل الاستجوابات التى تمثل إدانة دامغة للحكومة والنظام السابق، فمن بين كل 500 استجواب يتم تقديمها كان يتم مناقشة 145 فقط من أضعف الاستجوابات، وبالتالى كل قضايا الفساد التى تم وضع استجوابات لها ولم يتم الالتفات إليها أو فحصها، يتم الآن تجميعها وتحويلها إلى بلاغات نقدمها للنائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية ومحاكمة المسئولين عنها.

وتتنوع أشكال هذه الصناديق، فهى حصيلة لعدة مصادر، المشهور منها فى ما يتم تحصيله بتذكرة مواقف السيارات العامة التابعة للحى والمحليات، وتذكرة زيارة مريض فى أى مستشفى حكومى، وتعريفة سيارات السرفيس (الكارتة)، وكذلك المصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول على بطاقة رقم قومى، بالإضافة إلى المصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول على رخصة بناء، وكذلك رخصة قيادة وترخيص سيارة، المصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول على ترخيص محل تجارى أو ورشة أو مصنع، وأخيراً المصاريف الإدارية والدمغات المدفوعة للحصول على خدمات من نوع توصيل وتركيب عداد كهرباء أو مياه، وعداد غاز طبيعى، فهى فى النهاية كل ما يدفعه المواطن داخل أى مؤسسة أو هيئة حكومية، خلاف الضرائب والجمارك، وأصبح عدد تلك الصناديق نحو عشرة آلاف صندوق، طبقًا لتقدير الجهاز المركزى المحاسبات.

هذا وتنظر الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار على فكرى، نائب رئيس مجلس الدولة فى الرابع والعشرين من إبريل القادم الدعوى القضائية المقامة من شحاتة محمد شحاتة، المحامى ومدير مركز النزاهة والشفافية، ضد كل من، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والدكتور كمال الجنزورى رئيس مجلس الوزراء، وممتاز السعيد، وزير المالية بصفتهم، والتى تطالب بضم أموال الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة، وتخصص لخدمة المواطنين، وإخضاعها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.

وطالب شحاتة محمد، المحامى ومدير مركز النزاهة والشفافية من الحكومة تقديم حصر شامل لجميع الصناديق الخاصة على مستوى الجمهورية، ومعرفة حجم أرصدتها فى البنوك فى ظل الظروف الاقتصادية القاسية التى تمر بها البلاد، وأوضحت الدعوى أن مصر تعرضت طوال الثلاثين عاماً الأخيرة إلى فساد سياسى واقتصادى واجتماعى، تفشى فى كل مجالات الحياة بالمجتمع، وأظهرت الثورة المصرية صورًا عديدة لمظاهر هذا الفساد الذى طال أجهزة الدولة، وهو ما صدقت عليه المحكمة وطلبت من محامى الحكومة تقديم هذه الملفات فى الجلسة القادمة.

وأضاف مقيم الدعوى أنه لا شك أن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد كانت نتاجًا لهذا الفساد الذى عاشته الدولة على مدار الثلاثين عامًا الأخيرة، وهذا الفساد أخذ صوراً متعددة وباطلة، ظاهرها مشروعية فاسدة كان النظام يحميها ويطفى عليها مشروعية باطلة دون أصل أو سند من الدستور أو القانون، وكانت تقوم هذه المصالح لخدمة أعوان النظام والمتآمرين على هذا الشعب والمستفيدين من هذا النظام والذى اهتم بصالحه ومصالح أعوانه دون أن يولى أى صور الاهتمام لممقدرات هذا الشعب وحماية اقتصاده.

وأشارت الدعوى إلى أنه كان من أهم صور هذا الفساد فى الفترة الأخيرة فى أموال الصناديق الخاصة والتى خصصت لخدمة أفراد النظام والموالين لهم والتى حصلت جميعها من أموال ودماء الشعب المصرى دون قانون يفرضها أو رقابة عليها فى عمليات الصرف والتخصيص من الجهاز المركزى للمحاسبات ودون خضوعها لرقابة وإشراف الجهاز والتى تخفى أهم صور الفساد الإدارى والمالى والرقابى، وأخذت صورًا عديدة لتحصيل أموال هذه الصناديق عن طريق الإجبار فى مختلف المجالات والجهات وجميع الوزارات بداية من مواقف السيارات والمستشفيات الحكومية والمصاريف التى تدفع لتركيب عدادات الكهرباء والمياه والغاز ومرورًا بتراخيص المرور وجميع التراخيص والطلبات التى تقدم إلى الوحدات والمجالس المحلية، وهناك صندوق تنمية وتحسين الخدمات وهو من أهم الصناديق الخاصة الموجودة بجميع المحافظات والذى يتجاوز رصيده منفردًا مليارًا و500 مليون جنيه وصندوق شركات السرفيس والنقل الجماعى، وذلك بمعرفة المجالس الشعبية والمحلية، حيث إن جميع هذه الصناديق قد خرجت من الضوابط التى تحكم إنشاءها وعدم تحقيق الكثير من أهدافها والتى أنشأت من أجلها وعدم إحكام الرقابة عليها.

وفى المقابل، نجد أن الحكومة أعلنت عن استحياء اتخاذ إجراءات جديدة لوضع الصناديق الخاصة تحت الرقابة الرسمية، من خلال إدراجها فى الموازنة العامة، وذلك بسبب ما تثيره هذه الصناديق من جدل حول رءوس أموالها، حيث صرح ممتاز السعيد، وزير المالية بأنه يجب إدراج الصناديق الخاصة ضمن بنود الموازنة العامة، لأنها تخلق أوضاعاً استثنائية، نتيجة قيام بعض المحافظين بتأسيس صناديق إضافية تستلزم وضع لوائح خاصة بها، وقال إن اللوائح المنظمة لعمل هذه الصناديق ومراقبتها غير منصوص عليها فى قانون الإدارة المحلية، خاصة أن المالية تتابع هذه الأرصدة من خلال حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى.

ويقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن المبالغ الموجودة فى هذه الصناديق عجزت الحكومة عن حصرها وتقديرها، حيث أعلن الجهاز المركزى للمحاسبات أنها تقدر بنحو 1300 مليار، فى حين قال الدكتور سمير رضوان، أول وزير مالية عقب الثورة، إنها تقدر بنحو 36 مليارًا فقط، بينما تهرب الببلاوى من الرد على الإجابة عن هذا السؤال، فى حين أعلن الوزير الحالى ممتاز السعيد أن المبلغ 35.5 مليار، وإذا افترضنا جدلاً أن هذه المبالغ تقدر بنحو 36 مليارًا، فهذا المبلغ لا يمكنه أن ينقذ الاقتصاد المصرى من الأزمة المالية التى يمر بها، فيكفى أن نقول إن حجم العجز فى الموازنة وصل لـ 134 مليار دولار، وأقساط الديون وصلت لـ99 مليارًا، العجز تقريبا فى الموازنة المصرية هذا العام وصل إلى 233 مليار دولار، وبالتالى فإن المبالغ الموجودة بهذه الصناديق لا تمثل نقطة فى بحر من الديون الموجودة على الاقتصاد المصرى.

وأضاف الدكتور رشاد أن كل صندوق من هذه الصناديق لابد أن يكون لديه مجلس إدارة، للتأكد من أن الصندوق يقوم بالأهداف التى أنشئ من أجلها، والسؤال الذى لابد من طرحه هنا: هل تحقق هذه الصناديق هذه الأهداف أم لا؟، والإجابة أن الغالبية العظمى منها لا تحقق أهدافها، وبالتالى أصبحت باباً للفساد والصرف على المجاملات والمحسوبيات واستغلال النفوذ والسلطة لعمل مكافآت خاصة لمجلس إدارة الصندوق والمديرين.

وأشار إلى أن نسبة كبيرة من الصناديق موجودة فى الجامعات المصرية ويتم تمويلها من الخارج بغرض تطوير المنظومة التعليمية بها، وعلى سبيل المثال كلية الطب جامعة القاهرة، يوجد بها أكثر من 200 صندوق وذلك لوجود أقسام متعددة بها، ويوجد أكثر من جهة أجنبية تدعم هذه الصناديق وتمولها، ولابد أن نؤكد على أن هذه المبالغ تأتى من الخارج لجهات مخصصة بعينها، وبالتالى لا يمكن استغلالها فى أغراض أخرى.

وأوضح أن السبب وراء وجود مبالغ كبيرة فى هذه الصناديق أن الجهاز المركزى للمحاسبات يمارس إجراءات روتينية مقيدة لها، وبالتالى فإن إدارات الصناديق لا تصرف الأموال الخاصة بها حتى لا تكن عرضة لهذا الروتين.

وأضاف أن الصناديق التى تقوم بأهدافها يجب محاولة دعمها لنعمل على تفعيل دورها، وأما التى لا تقوم بدورها يجب أن نحاسب مجالس إدراتها ويتم عزل الفاسد وتشكيل مجلس جديد يتم تفعيل الرقابة عليه بشكل أكبر، كذلك يتم تشكيل لجنة عليا لمتابعة الصناديق والصندوق الذى لا يقوم بدروه يتم عزله فورا، فالحل هنا ليس إلغاء هذه الصناديق ولكن تفعيل الدور الرقابى عليها، موضحًا أن هذه الصناديق غير تابعة للموزانة العامة للدولة، لأنها ليست أموال الدولة ولكنها تابعة لجهات أجنبية، وبالتالى لا يمكن أن نعيد الفائض عن حاجة هذه الصناديق للحكومة.



ويرى الخبير الاقتصادى، الدكتور أشرف سمير، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال إقصاء المبررات السياسية وراء مثل هذه الصناديق، فكثير من الصناديق والحسابات الخاصة المنشأة تعود إلى الاقتصاد السياسى، مثل‏ حماية بعض القنوات الحساسة سياسيًا من التخفيض فى الموازنة أو من أى اعتبارات أخرى قصيرة الأجل التى تحدث فى إطار دورة الموازنة السنوية‏,‏ وبالتالى يكون من الأفضل أن يتم التعامل مع هذه البرامج فى شكل صناديق وحسابات خاصة‏ أو التغطية على عجز الموازنة وإظهارها بشكل أقل، وهذا كان سائداً فى عهد مبارك كنوع من الرشوة السياسية، فمثلاً أصبح إنشاء صندوق للصحة وطرح ضريبة للصحة لتمويل إنفاق هذا الصندوق أمرًا أكثر قبولاً من الناحية السياسية من الزيادة فى الإيرادات المطلوبة، لتمويل الإنفاق العام للحكومة‏,‏ هذا على الرغم من أن الأثر المالى الكلى متعادل‏,‏ وعلى نفس النحو‏,‏ فإن تأسيس صندوق للبيئة قد يسهل من قبول طرح ضريبة بيئية‏.



وأضاف أنه‏ كان من المفترض أن يكون إنشاء هذه الصناديق من رئيس الدولة وحده، لكن التوسع التدريجى فى تفويض هذه السلطة لكل المستويات الأدنى، شمل الوزراء ورؤساء الهيئات والشركات ومجالس الحكم المحلى وغيرها، أدى إلى تكاثر غير طبيعى فى عددها إلى أن وصل إلى ما يقرب من عشرة آلاف صندوق حتى الآن، بلغت حصيلة الأموال المتجمعة فيها وفقاً لتقديرات الحد الأدنى حوالى 500 مليار جنيه، وإلى أكثر من 1200 مليار جنيه، وفقاً لتقديرات الحد الأقصى، وقد تحدثت تقارير عديدة صدرت مؤخراً عن أجهزة رقابية عديدة، خاصة عن الجهاز المركزى للمحاسبات، عن أوجه فساد كبير شابت عمل الصناديق الخاصة التى خرجت عن حدود الضوابط العامة، ولم تحقق الأهداف المرجوة من وراء إنشائها، وأصبحت مواردها "مال سايب" أو مستباح من جانب القائمين عليها، وأنفقت معظمها على الهدايا والعطايا والرشاوى، وبعلم من القيادة العليا لضمان الولاء تحت مبدأ "اسرق بعيد عنى، وأنا مش شايف، بس خليك تحت النظر".
 
اجمالي القراءات 7046