فورين بوليسي: التقدم نحو العدالة الاجتماعية سر تفوق البرازيل ونجاتها من الاضطرابات العالمية

في الثلاثاء ٠٦ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

فورين بوليسي: التقدم نحو العدالة الاجتماعية سر تفوق البرازيل ونجاتها من الاضطرابات العالمية

  • المجلة الأمريكية: البرازيل تنفق نسبة أعلى من الناتج المحلي على الإسكان والتعليم والمعاشات التقاعدية والرعاية الطبية وتعويض البطالة
  • فورين بوليسي: الأسواق الناشئة هي أرض الفرص فعائداتها عالية وإنتاجية العمل تزداد بسرعة.. لكن النمو دون عدالة اجتماعية اسألوا عن نتيجته “مبارك”

كتب- أحمد شهاب الدين:
نشرت “فورين بوليسي” مقالا لبيتر باسيل يحلل فيه الفجوة الطبقية الكبيرة في مختلف دول العالم وتأثيرها في تأجيج الثورات والاضطرابات. وتقول المجلة يبدو أن موضوع التفاوت الاقتصادي أصبح يؤدي إلى التصادم الطبقي في العالم حتى في مؤتمر دافوس الاقتصادي أصبحت المليارات تذهب للمقارنة بين أحجام الطائرات المختلفة، والنقاشات انجرفت بعيدا عن الأمور الواقعية مثل توفير ستمائة مليون وظيفة عمل للعاطلين.
وتشير المجلة إلى أن القلق الكبير من النمو الاقتصادي وعدم المساواة، يسيران متلازمين، ولا يقتصر الأمر على البلاد الغنية فقط، ولكن في جميع أنحاء الدول النامية، و هذا القلق له ما يبرره، فاقتصاد الدول النامية التي تفوقت في العقود الأخيرة شهدت هذه الفجوة الهائلة بين الفقراء والأغنياء، ولكن الكاتب يقول أن للمشكلة حلول وقد عملت بعض الدول الكبيرة على حلها، والسؤال هو: هل لهذه الحكومات الإرادة السياسية لذلك؟
وقبل أن يجيب بيتر باسيل على السؤال يقرر أن من المهم أن نميز بين عدم المساواة بين الدول وبين عدم المساواة داخل الدولة، فهناك نمو هائل في آسيا يسير جنبا إلى جنب مع النمو الفاتر في أمريكا الشمالية وأوروبا، وهذا ما يضيق الفارق في متوسط الدخل بين الأمم، ولكن مع وجود استثناءات مهمة؛ فعدم المساواة ظهر بشكل حاد منذ الثمانينات، وبالاستناد إلى مؤشر جيني فعدم المساواة يزداد من واحد إلى خمسة في الهند والصين، والثروة بلغت أقصى حدودها كما لم تبلغ من قبل. في عام 2002 الصين لم يكن لديها سوى أربعة بليونيرات – بالدولار الأمريكي، واليوم الرقم ارتفع إلى 55 وفي الصين 2002 لم يكن في الصين إلى بليونير واحد ووفقا لفوربس ارتفع الرقم إلى 115 متفوقة على ألمانيا وفرنسا واليابان، وترى المجلة أن عدد الفقراء اليوم أقل منه في الثمانينات، ويرى الكاتب أن القفزة إلى الثراء لا يمكن أن تستمر ما لم يذهب جزءا من النمو إلى الأغنياء.
ويرى الكاتب أنها أخبار طيبة أن يتعايش النمو السريع سلميا مع الانحدار في عدم المساواة في دولة كبيرة وذات سوق ناشئة، مثل البرازيل. تتساءل المجلة كيف نجحت في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، في حين لم تنجح الصين ولا الهند؟ يجيب الكاتب بأن البرازيل تنفق نسبة أعلى من إجمالي الناتج المحلي على البرامج الاجتماعية في الإسكان والتعليم والمعاشات التقاعدية والرعاية الطبية وتعويض البطالة، أعلى من البلدان المتوسطة الدخل الأخرى، وتشير المجلة إلى أنه في بعض السنوات أنفقت البرازيل على البرامج الاجتماعية بنسبة مئوية أعلى من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويثني الكاتب على جهود البرازيل ضد عدم المساواة بأنه بناء ويستنتج من ذلك إثبات أن التركيز على حقوق الملكية ليس بالضرورة يعيق النمو ولا يمكن أن نسمح لعدم المساواة في تنامي توليد السخط الذي يهدد الاستقرار السياسي وبالتبعية التقدم الاقتصادي، ويشير الكاتب إلى الثورة المصرية التي يقودها الشباب المحبط في المناطق الحضرية ويرى أن ذلك يهدد بامتصاص النجاح الاقتصادي الحقيقي في مهده.
ويخرج الكاتب من هذا أيضا أن البلاد ذات الأسواق الناشئة ليس لديها رفاهية دعم الجميع بوسائل مقبولة سياسيا، ولكن البرازيل تستهتدف مكافحة الفقر بشكل محكم وهو أمر نادر، وعلى النقيض من ذلك مصر حيث تتخذ سياسة لا يمكن تحملها بخصوص حصول الأسر ذات الدخل المحدود على حصتها من إعانات الوقود والغذاء والطبخ .
ويشير الكاتب إلى المفارقة الساخرة في البرازيل فالحكومة هي جزء من المشكلة وجزء من الحل أيضا في مسألة عدم المساواة في بلدان الأسواق الناشئة، ويرى أن تدخل الحكومة يعوض ديناميكيات الرأسمالية عن طريق الخدمات الأساسية وإعادة توزيع الأموال وتوفير الحوافز للتعليم.
ويرى الكاتب أن النمو السريع الذي نلحظه يشير إلى أن دول الأسواق الناشئة هي أرض الفرص، حيث العائد فيه على رأس المال المادي والبشري عالي جدا، وإنتاجية العمل تزداد بسرعة كلما تم نقل العمال من القطاعات الأقل إنتاجية مثل الزراعة إلى الأكثر إنتاجية مثل الصناعة والخدمات، ولكن الحصة غير المناسبة من أرباح النمو في القطاع الخاص ينتهي به المطاف إلى جيوب الأغنياء والأقوياء، ويرى الكاتب أن البرازيل والصين والهند أماكن من الصعب أن تبتديء بها الأعمال التجارية فهي تحتل المراتب على التوالي 120، 151، 166 على مؤشر البنك الدولي.
ويرى الكاتب أن هناك مسألتين غير منفصلتين، عدم المساواة في الدخل والحراك الاقتصادي، وترى الحكومة أنه ينبغي استخدام جزء من الفائض من النمو الاقتصادي للتعويض عن الاتجاه نحو عدم المساواة.
وينهي الكاتب مقاله في “فورين بوليسي” بقوله: في العقود الأخيرة حققت أكبر اقتصاديات السوق الناشئة أداء رائعا جعلت الحياة أفضل تقريبا لكل السكان، مع الأخذ في الاعتبار “لدغة” عدم المساواة، ولكن لأن تلك الأسواق بطيئة في النضج والنمو، إحداها فشلت في جذب انتباهها للقضية التي دفعت ثمنها جيدا، “فقط اسأل حسني مبارك”.

اجمالي القراءات 5620