هل التعليم الأزهرى حرام ؟
سؤال من صديق سُنى مؤدب ومُحترم يقول فيه :
أتابع كتاباتك وأوافق على بعضها وأعترض على الكثير منها ، ودائما ما تقول على السُنة والحديث (لهو الحديث ) ،وتسخر من أئمة الحديث والفقه والتفسير وتُسميهم (أئمة الكُفر والضلال ) وكما تعلم أن الأزهر قائم على تدريس هذه العلوم الشرعية ،فهل فى نظرك التعليم الأزهرى حرام ؟
==
التعقيب:
شكرا جزيلا صديقى ..وسؤال مُهم أقول لك بإختصار شديد وبإيجاز . ليس فى العلم حلال وحرام فالعلم علم ،ولكن الحلال والحرام هو فى إيمانك وإعتقادك بهذا العلم ،هل هو علم مُقدس وجزء من الدين ،ام أنه مجرد علم تتعلمه للثقافة والمعرفة ؟؟ فمثلا هل تؤمن بإيمان المصريين القُدماء بألهة (القط والثعبان والإنسان ووووو) أم أنك تدرسها على أنها ثقافة ومعرفة عن إيمان المصريين القدماء ؟؟ وهل تؤمن بما كان يؤمن به الفرس والمجوس من عبادتهم للشمس والنار وووو أم تدرسها على أنها ثقافة ومعرفن عن عبادات الفرس القدامى ؟؟ فحسب إيمانك بما تدرسه من ديانات يتحدد هل ما تؤمن به هو الحق والصواب أم أنه مجرد دراسة علمية للمعرفة ،فهنا بمعنى آخر طبقا لسؤالك يكون حلال أو حرام ما تؤمن به وليس العلم فى حد ذاته .
ومن هنا نأتى للأزهر ومناهج الأزهر والعلوم الشرعية التى يُدّرسها الأزهر لتلاميذه وطُلابه وطلاب الدراسات العُليا فيه .
فالأزهر يُدرس القرءان الكريم ، ويُدرس الحديث والتفسير وعلوم القرءان والتجويد والتوحيد (العقيدة والفلسفة بالنسبة للجامعة) والفقه بكل فروعهم . فهل يُعلمُ الطلاب أنه ليس فى الإسلام إلا القرءان ، أم ان الدين الإسلامى أو مصادر التشريع فى الإسلام هى كُل هذه الخلطة وهذا المزيج من العلوم التى يُسميها علوما شرعية ؟؟؟
بكُل تأكيد الدين عندهم هو كُل هذه الخلطة وهذا المزيج ، وبالتالى فكُل من يُدرس ويُعلم الطلاب بأن هذا هو الدين فهو كافر ومُشرك بالله كُفرا بواحا وإشراكا لا مُراء فيه ولا فكاك منه . ويتبعه من يؤمن بهذا من الطلاب ،ومن يؤمن به من أولياء أمورهم ،ومن يُدخلون ابنائهم الأزهر ليدرسوا هذا المزيج من العلوم على أنه هو صحيح الدين .
وهُناك فى المقابل من درس و يدرس فى الأزهر هذه العلوم ويدرسها بعُمق وبتحليل وبنقد ويحتكم فيها للقرءان الكريم ، ثم ينشر نتيجة أبحاثه على الناس ليعظهم وينصحهم ويُرشدهم بأنها علوم مُخالفة للإسلام مُسيئة له ومُخالفة للقرءان الكريم على طول الخط فى كل كبيرة وصغيرة ،وأن من يؤمن بها مع القرءان الكريم فى دين الله فقد إفترى على الله جل جلاله وعلى رسوله القرءان الكريم وعلى نبيه محمد بن عبدالله عليه السلام . ومن هؤلاء كثير وكثير من رواد فكر التنوير القرءانى فى مصر ، بل أصبحوا رواد الفكر التنويرى فى العالم العربى والإسلامى ،وبنضالهم السلمى أصبح تيار الفكر القرءانى التنويرى موجودا فى كل دول العالم .
==
الخلاصة ::
العلم فى حد ذاته ليس فيه حلال أو حرام ، ولكن إيمانك انت تجاه هذا العلم هو ما يُحدد إذا كان إيمانا صحيحا أم إيمانا فاسدا وبه إشراك وكُفر بالله جل جلاله ..
وعن نفسى ورغم أنى أزهرى عريق من (الكُتاب إلى نهاية الجامعة ) لم أرسل أبنائى للتعليم الأزهرى ،ولن أوافق على أن يلتحق أحفادى بالتعليم الأزهرى أو حتى بأى مدرسة دينية إسلامية فى كندا حيث يعيشون . وسنكتفى بتعليمهم القرءان العظيم وكيفية تدبره وفهمه وإستخراج حقائقه فى جلسات علمية وتعليمية فى البيت .
وكم طالبت وناديت ودعوت وأنا فى مصر وبعد هجرتى ومازلت بإلغاء الأزهر والتعليم الأزهرى ،وإلحاق معاهده وجامعته بالتعليم العام والعالى ، وطالبت بهذا فى حوار صريح ومباشر وواضح أجرته معى (الأهرام ) فى 2004 وكان تحت عنوان (نُطالب بكتاب دين واحد للتعليم فى مصر ) .وتسبب هذا الحوار فى مزيد من إضطهاد الدولة وأمن الدولة والأزهر والإخوان لى وقتها (والحمد لله الذى حفظنا منهم ومن شرورهم جميعا).