توابع الطلاق : العـــدة
من وجهة نظر قرآنية
مقدمة :
1 ـ موضوع العدة أمر إلاهى لا بد من الالتزام به ، ولا علاقة له بالوسائل الحديثة التى تؤكد أو تنفى الحمل . ونعطى تفاصيله من وجهة نظر قرآنية فى التالى :
أولا :
جاءت عدة من توفى عنها زوجها فى قوله جل وعلا : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة : 234 ، ). الأرملة التي توفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشراً ، أى عشرة أيام فوق الأربعة أشهر ، وبعد أن تكتمل العدة تستطيع الزواج .
ثانيا :
جاء موضوع العدة صريحا فى موضوع الطلاق فى قوله جل وعلا :
1 : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) البقرة ).
القروء أى الحيضات . أى تنتظر وتترقب ( تتربّص ) نزول الحيض ثلاث مرات . ويحرم عليها أن تكتم الحمل . وللزوج الحق فى إرجاعها لعصمته الزوجية إذا أراد إصلاحا . وهذه الإرادة القلبية النفسية يعلمها الله جل وعلا الذى يعلم ما تخفى الصدور ، وهو الذى سيحاسب على هذا . وهذه مسئولية للزوج تكون له بها درجة أعلى طبقا لمسئوليته عن الأسرة وما فى بطن زوجته.
2 : ( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (1) الطلاق ). أى يكون الطلاق بعد إتمام العدة وبحضور شاهدين . وفى فترة العدة تكون فى بيتها بيت الزوجية ، ويحرم إخراجها من بيتها طيلة فترة العدة ، إلا إذا إرتكبت جريمة زنا مثبتة مبينة .
3 ـ ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (4) الطلاق ) . هنا تفصيلات فى العدة :
3 / 1 : العدة ثلاثة اشهر لمن بلغت سنّ اليأس وارتابت فى أمرها ، وأيضا للتى لا يأتيها الحيض لأسباب فيسيولوجية .
3 / 2 : إذا تبين عن طريق الحيض أنها حامل فتمتد عدتها الى وضع الحمل .
3 / 3 : الواضح أن هذا يخص المطلقة . ولا علاقة له بالأرملة التى توفى عنها زوجها . بمعنى أنها لو كانت على وشك الوضع ومات زوجها فلا بد أن تكمل عدتها طبقا لقوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) البقرة : 234 ).
وجاءت العدة ضمنيا فى قوله جل وعلا :
1 : ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)(229) البقرة ). الطلاق مرتان ، فإذا أتمت العدة فيتحول الطلاق ـ وهو فترة مراجعة للزوجين ـ الى إستمرار الزواج أو الى تسريح وانفصال وفراق نهائى .
2 ـ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) (230) البقرة ). هنا فى الطلاق للمرة الثالثة . إذا أتمت عدتها لا يمكن أن ترجع لزوجها إلا بعد تنكح ( أى يعقد قرانها على شخص آخر ) . هنا ( النكاح ) أى عقد الزوج ، وليس شرطا أن يدخل بها . فإذا لم يدخل بها وطلقها فى نفس المجلس يكون للزوج الأسبق أن يعقد عليها ، إذ لا عدة عليها من زوجها الذى طلقها دون الدخول بها .
3 ـ ( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا ) (231) البقرة ) . ( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) أى أتممن العدة . هنا الأمر الالهى : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ويحرم أن يمسكها للإضرار بها .
4 ـ ( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) (232) البقرة ). ( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) أى أتممن العدة . هنا النهى الالهى : عدم العضل ، أى المنع من الزواج .
5 ـ ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ )(2) الطلاق ) ( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) أى أتممن العدة . هنا الأمر الالهى : إمساك بمعروف أو الفراق بالمعروف ، أى المتعارف عليه على أنه عدل ، والإشهاد بشاهدى عدل .
فى إيجاز نقول :
العدة هي فترة تنتظرها المطلقة أو الأرملة لاستبراء الرحم ، وعدة المطلقة الحامل هى وضع الحمل ، أمّا التي تحيض فعدتها ثلاث حيضات وبعد أن تطهر من الحيضة الثالثة ، والتي لا تحيض واليائس من المحيض عدتها ثلاثة أشهر ، وكل ذلك إذا دخل بها الزوج ، أما إذا لم يدخل بها فليس عليها عدة .
فى الدين السُّنّى :
عدة الحائض : إختلافهم فى معنى ( قروء )
هل هو الحيض أم التطهر من الحيض . وهو خلاف لا معنى له ، لأن الأصل أنه يحرم مباشرة الزوجة الحائض إلا بعد أن تطهر من حيضها . قال جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة )
1 ـ بدأ مالك في الموطأ فقال ان المراد بالقروء ه الأطهار ، أي غُسل التطهر من الحيض الثالث .
2 ـ فقهاء العراق قالوا إن المراد بالأقراء أو القروء هي الحيضات ، وعليه فإن عدتها تنتهي بمجرد نزول الحيض الثالث عليها وقبل ان تتطهر منه .
3 ـ واستدل الشافعي في ( الأم ) على أن المراد بالأقراء أو القروء هو الطهر وليس الحيض ، وكعادته ناقش المختلفين معه في الرأي .
4 ـ البخاري أورد الرأيين في معنى الأقراء ، أي الحيض أو الطهر ، ولم يحسم الموضوع .
نلاحظ أن :
1 ـ الواضح أن الخلاف في معنى الأقراء يحمل في طياته الخلاف في انتهاء العدة للحائض بطهرها من الحيض الثالث أو بمجرد نزول هذا الحيض الثالث عليها .
2 ـ دخلوا فى خلافات أخرى تتعلق بالميراث ، فقد يحدث ان يطلقها ثم يموت قبيل انتهاء عدتها بالحيض ، وتكون على ذمته وترث منه على رأي أهل المدينة ، الذين يرون ان الأقراء هي الطُّهر من الحيض ، أما اهل العراق الذين يرون أن الأقراء هي نزول الحيض فهم يرون ان عدتها قد انقطعت بنزول الحيض ، وانتهت علاقتها بها ، ولا ترثه لأنه لم يعد زوجاً لها او بمعنى أصبح لم تصبح ارملة له ، بل مطلقة له .
إختلافاتهم فى تفريعات فقهية أخرى :
1 ـ إرجاع الزوجة قبيل الحيضة الثالثة ــ وفق تشريعات الطلاق في التراث حيث لا شهود يشهدون وحيث يتوقف الأمر على النطق بالطلاق ، وقد اختلفوا في إرجاعها ، هل يحق له عند نزول الحيض الثالث أم زال هذا الحق وأصبحت بائناً منه .
2 ـ عن المرأة المطلقة التي تحيض حيضتين ، ثم تُصاب باليأس أو بمرض ما يمنع نزول الحيض الثالث:
أفتى مالك عبر الروايات بأن عليها أن تنتظر تسعة أشهر.
وأفتى آخر بأن تنتظر خمس سنين ..!!!
وتوسط بعضهم فقال بانتظارها سنة كاملة ، وكأنهم يريدون عقابها على شيء لا تملك له دفعاً . مع أن المسألة غاية في البساطة ، لأن القرآن نصّ على أن التي لا تحيض واليائس من المحيض عدتها ثلاثة أشهر ، فإذا ارتفع حيضها بعد الحيضتين فقد دخلت في سن اليأس وأصبحت مما لا يحضن ، وفي انتظارها ثلاثة أشهر أكثر من تأكيد على خلوها من الحمل.
3 ـ ناقش الشافعي دعوى المرأة انقضاء عدتها فقال انها تُصدّق إذا ادعت ذلك في مدة يمكن في مثلها أن تنقضي العدة ، ولا تُصدّق إذا كان ذلك في مدة لا يمكن في مثلها انقضاء عدتها . ودخل في تفصيلات أخرى ، إلا أنه فتح بابا للاختلاف بين الفقهاء تحت عنوان : اختلاف الزوجين في انقضاء عدة الرجعة .
4 ـ إستعمال دواء لاستعجال الحيض : رأى إبن تيمية إنها لو أخذت دواء لاستعجال الحيض وحاضت ثلاث حيضات فإنه تنقضي عدتها .
5 ـ عن ( المستحاضة ) أى التى تتعرض لاضطرابات فى الدورة الشهرية او نزيف . أورد مالك رأي سعيد بن المسيب الذي يجعل عدتها سنة ، ولكن محمداً الشيباني تلميذ أبي حنيفة يرى أن عدتها على اقرائها حين كانت دورتها منتظمة ، وجعل ذلك قياساً على تركها الصلاة في الأيام التي اعتادت الحيض فيها قبل أن تصيبها الاستحاضة ، وهكذا فإنها على رأي أبي حنيفة تعتد بنفس ما اعتادت قبل الاستحاضة .
6 ـ عن العدة باليأس من الحيض يرى ابن تيمية أن اليأس من المحيض لا يثبت بقول المرأة ، فإذا زعمت أن الحيض ارتفع تؤجل سنة فإن لم تحض فيها جاز لها الزواج ، والواضح انه تأثر بآراء مالك . مع ان اليأس من المحيض قد أوضح القرآن أن العدة فيه ثلاثة أشهر ، وأن اثبات اليأس من المحيض أو نزول الحيض أو ادعاء عدم نزوله يرجع إلى المرأة ، وقد سبق توضيح منهج القرآن في جعل رقيباً على نفسه ، وعلّمه كيف يخشى الله جل وعلا وحده ، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ....) البقرة 228 .
7 ـ وقالوا أن امرأة المفقود تنتظر أربع سنين ، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ، وذلك عند الشافعية والمالكية ، ورأى آخرون أن تنتظر حتى يأتيها البيان ، وروى ابن سعد ان سُهَّية الشيبانية عرفت بمقتل زوجها فاعتدت ثم تزوجت بعده ، ثم جاء زوجها الأول ، واختصم الثلاثة إلى عثمان أثناء حصاره فى بيته فقضى بتخيير الزوج الأول بين المرأة والصداق الذي دفعه ، فاختار أخذ الصداق..
8 ـ وحرّموا على المعتدة الخروج من بيتها ، ولكنهم فهموا الآية القرآنية فهما خاطئا ، فالله سبحانه وتعالى يقول : (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ......) الطلاق : 1 ). فالأمر هنا يحذر الأزواج من طرد الزوجات المطلقات في فترة العدة ، ولكن لها حرية الدخول والخروج. ولكنهم بطبيعتهم الذكورية فهموا عدم اخراجهن من بيوتهن بمعنى حبسهن في البيوت وعدم السماح لهن بالخروج . لذلك حرم اغلبهم عليها مجرد الخروج من بيتها ، سواء كانت مطلّقة أم أرملة . وبعضهم أفتى بأن المطلقة في الطلاق الثالث ــ او اليائس التي لا رجعة لها ــ يحرم عليها الخروج أيضا من البيت ، وبعضهم حكم بانه يحق لها الخروج ، وبعضهم أباح الخروج للضرورات الشرعية ، وكالعادة حدث الاشتباك بينهم بالأحاديث ، مع اتفاقهم في النظرة إلى أن مكوث المرأة المطلقة او الأرملة في بيتها فترة العدة بمثابة الإحداد والإلزام والسجن .ولم يفطنوا إلى المعنى السامي في الآية القرآنية . ولذلك فإنهم أوجبوا على المعتدة الامتناع عن الزينة سواء كانت في عدة وفاة او عدة طلاق بائن . ولم يفطنوا إلى مدى سماحة التشريع القرآني حين سمح بالتعريض لخطبة الأرملة في فترة عدتها فقال جل وعلا : (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة :235 ، فالله تعالى يبيح خطبة الأرملة في عدتها وذلك بطريق غير مباشر مع العفة والصيانة والخشية من الله تعالى الذي يجعل الإنسان رقيباً على نفسه ، ثم يستطيع أن يعقد عليها "عقدة النكاح" حين يبلغ الكتاب اجله ، أى بعد ان تتم عدتها . وهذا التسامح في معاملة الأرملة لا يتفق مع الأغلال التي وضعها الفقهاء في عنق المعتدة الأرملة من منع الزينة ومنع العلاج للعينين بالكحل وغيره ، ومنع الخروج من البيت ، ثم ألحقوا المطلقة بالأرملة في فترة العدة .
ملاحظة :
إلا أنهم كانوا على حق في تحريم العقد ــ أي عقد النكاح ــ على المعتدة ، سواء كانت في عدة طلاق او عدة وفاة ، فالعقد يكون باطلا ، لأنها في ذلك الوقت تكون في عصمة الزوج طالما لم تنته عدتها منه .. وقد روى مالك أن عمر في خلافته عاقب ابنة لطلحة بن عبيد الله وقد تزوجت قبل انتهاء عدتها من طليقها ، وقد عاقب الزوج الثاني معها ، وقام بالتفريق بينهما ، وفرض عليها أن تعتد عدتين ، من الأول والثاني .