ماذا يحدث في فرنسا الديمقراطية الان حسب وجهة نظري المتواضعة ؟
مهدي مالك
في
الخميس ٠٦ - يوليو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
ماذا يحدث في فرنسا الديمقراطية الان حسب وجهة نظري المتواضعة ؟
مقدمة متواضعة
قبل الدخول الى صلب هذه المقدمة اجد من الضروري استنكار ما حدث في السويد من احراق المصحف الشريف في تظاهرة رسمية باذن من الدولة السويدية في العشر الأوائل من ذو الحجة العظيمة بالنسبة لمعظم المسلمين حيث تقام مراسم الحج و عيد الأضحى المبارك حيث سينظر الى هذا العمل الشنيع باعتباره اعتداء صريح على اقدس مقدسات الإسلام الا و هو كتاب الله تعالى القران الكريم و سيعزز ربما حجج تيارات التطرف و الإرهاب في عالمنا الإسلامي نحو المزيد من التخلف و الرجعية باسم الدين الإسلامي او باسم الدفاع عنه بالقتل و العمليات الإرهابية في الغرب المسيحي بشكل خاص .
ان الغرب المسيحي يتوفر على تيارات اليمين المتطرف تعادي الإسلام و المسلمين في دول أوروبا و في دول القارة الامريكية حيث ان هذه التيارات تستغل أي عمل إرهابي حامل لبصمات الإسلام او المسلمين بغية تشويه كل ما يتعلق بالإسلام امام نوم اغلب المسلمين في سبت عميق دام 1200 سنة و امام غياب أي اصلاح ديني واقعي في مختلف الدول الإسلامية و امام اتساع نفوذ الوهابية و الاخوانية في العالم منذ اكثر من 40 سنة من تجييش النفوس و العواطف نحو التمسك بحلم عودة دولة الخلافة المسماة بالاسلامية الخ من أحلام اليقظة بالنسبة لتيارات الإسلام السياسي .
تعتبر فرنسا دولة حديثة ديمقراطية و علمانية بمفهومها الغربي و تقدم نفسها للعالم باعتبارها مهد الحريات و الأقليات الدينية و العرقية الخ من هذه المعاني التي تستهوي كل ثائر في عالمنا الإسلامي ضد الاستبداد و القمع و غياب الديمقراطية بشكل نسبي .
انني زرت فرنسا مرتان في حياتي الأولى هي في صيف 1999 مع معلمي في اللغة العربية السيد الصمدي حيث كانت تلك الزيارة لاحد المراكز لاستقبال الأطفال المعاقين بالعاصمة الفرنسية باريس و استفدت كثيرا في تلك الزيارة لان فرنسا هي فعلا نموذج في مجال الإعاقة من حيث التجهيزات و طرق التعليم و التكوين المهني غير انني اعجبت بالكرسي الكهربائي و كتاب التواصل بالصور و الرموز للأطفال المعاقين الذين لا يستطيعون النطق نهائيا ....
و في المرة الثانية في يناير 2002 مع مديرة مركزنا السيدة زهرة ماهي لنفس المركز بباريس .
قد يفهم من كلامي هذا انني عاشق لفرنسا و حضارتها الخصوصية الخ و هذا خطا عظيم لان ولائي لوطني المغرب و لهويتي الامازيغية الإسلامية حيث كتبت منذ شهور مقالا تحت عنوان فرنسا و اكذوبة حرية التعبير و لي عودة الى هذا المقال لاحقا ...
الى صلب الموضوع
لا شك ان الجميع قد شاهد على شاشات القنوات الاخبارية العربية و الفرنسية الرسمية ما يجري في هذا البلد الأوروبي من الاحتجاجات و اعمال النهب و السرقة بسبب مقتل قاصر ذو الأصول الجزائرية بالرصاص من طرف شرطي فرنسي و ماذا سنسمي هذه الجريمة الفظيعة في بلد الحريات و التعددية الثقافية و الدينية؟؟
ان هذه الاحتجاجات الغاضبة من النظام الفرنسي الحالي تعطي العديد من الدروس و الحقائق الظاهرة للاعمى قبل البصير حيث ان فرنسا الحالية لم تستطيع التخلي عن ماضيها الاستعماري لدولنا المغاربية و دول جنوب الصحراء الافريقية رغم الشعارات البارقة التي رفعتها الدولة الفرنسية طيلة عقود من الزمان من قبيل الحريات و التعددية ببعدها الثقافي و الديني حيث كنا نصدق هذه الشعارات الى عهد قريب و دافعنا عبر مقالات منشورة في خريف 2020 عن فرنسا في محاربتها للتطرف العنيف في اطار تيارات الإسلام السياسي التي لا تعترف بقيم الجمهورية الفرنسية أصلا..
ان فرنسا تعاني منذ سنوات من الاحتجاجات بسبب الواقع المعيشي و بسبب الإجراءات القاسية في زمن جائحة كورونا و بسبب رفع سن التقاعد الخ
و للأسف أصبحت فرنسا مثل بلدان الربيع الديمقراطي في سنة 2011 حيث انك ترى ان قنواتها الإخبارية الرسمية تسوق لخطاب النظام الفرنسي بشكل كبير كاننا نشاهد القنوات المصرية قبل الانقلاب على نظام حسني مبارك ....
لقد قلت في المقال الذي نشرته منذ شهور ان فرنسا بجلال قدرها و تاريخها التنويري للغرب المسيحي هي مسؤولة تاريخيا عن مشكل الصحراء المغربية ببعدها الغربي المسترجعة الى أحضان المغرب و ببعدها الشرقي التي هي في حوزة الجزائر الشقيقة الان.
ان فرنسا اليوم في ظل رئيسها الحالي تعادي المغرب بشكل واضح و صريح من خلال مجموعة من الممارسات مثل طرد صحفي مغربي من احدى القنوات الإخبارية الفرنسية لمجرد قوله مصطلح الصحراء المغربية في تحقيق صحفي حول العلاقات المتميزة بين المغرب و اسبانيا و اسم هذا الصحفي المغربي هو رشيد امباركي بالمناسبة .
و هنا يحق لنا ان نتساءل اين هي حرية التعبير في هذه القضية؟ خصوصا ان فرنسا تقول انها مع حرية التعبير الى ابعد الحدود باعتبارها واحة حرية التعبير و الديمقراطية و العلمانية الغربية الخ من هذه الشعارات البارقة .
لكن قضية رشيد امباركي هي قضية حرية التعبير بالدرجة الأولى حيث ان هذا الصحفي قد عبر عن رايه كمغربي معتز بمغربيته و بتاريخ بلده الحقيقي و السلطات العليا في فرنسا تعلم هذا المعطى جيدا .
ان فرنسا تحاول معاكسة المغرب منذ الاعتراف الأمريكي بسيادته على الصحراء الغربية بتاريخ 10 دجنبر 2020 و كما هو معلوم فان فرنسا لا تعترف بسيادة المغرب على صحراءه على الاطلاق و لهذا يطالب المغرب الرسمي بموقف واضح و حقيقي من طرف فرنسا اتجاه قضيتنا الوطنية الأولى و اتجاه مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب منذ سنة 2007 كما فعلت المملكة الاسبانية منذ عام تقريبا و هذا يعطي مؤشرات لا نهاية لها على نجاح الدبلوماسية المغربية بقيادة حكيمة من طرف الملك محمد السادس ...
ان حرية التعبير في فرنسا تشوبها اختلالات كثيرة مثل دول العالم حيث تخضع حرية التعبير لمقاس الدول السياسية و المجتمعية بمعنى ان لا توجد حرية التعبير المطلقة في هذا العالم حيث لا يكذب علينا أي احد .
اننا في الحركة الامازيغية بالمغرب نعتبر ان مسؤولية فرنسا التاريخية هي قائمة بشكل عظيم في تأسيس دولة عربية بالمغرب منذ سنة 1912 كما صرح به الأستاذ محمد بوذهان منذ سنوات و ساهمت في توسيع نفوذ ثقافة اهل فاس الاندلسية بعد سنة 1956 في التراب الوطني المسترجع وقتها عموما و في مدن المركز خصوصا و تهميش ثقافة الامازيغيين الديمقراطية و العلمانية أي التمييز بين ما هو ديني و ما هو سياسي لدى الامازيغيين قبل دخول فرنسا الى بلادنا بمئات سنوات .
المهدي مالك