لا تكونوا من المشركين من اذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون .
لماذا ندير ظهورنا نحن المسلمين لتلك الآية القرآنية العظيمة رقم 12 في سورة الروم، تلك التي تحذرنا عن مغبة الغفلة والسقوط في حفرة الشرك الذي لا يغفره الله العظيم ؟ ولماذا لا نحدق فيها؟ ونتشجع ؟ ولما ن

يحي فوزي نشاشبي في الخميس ٣٠ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


لماذا ندير ظهورنا نحن المسلمين لتلك الآية القرآنية العظيمة رقم 12 في سورة الروم، تلك التي تحذرنا عن مغبة الغفلة والسقوط  في  حفرة الشرك الذي لا يغفره الله العظيم ؟ ولماذا لا نحدق فيها؟ ونتشجع ؟ ولما نفضل انتهاج سياسية "النعامة" المشهورة ؟

**************************** 

شدني إليهما مقالان اثنان  وردا في "الفيسبوك":

الأول من مهتم يرمز إلى تعريفه بــ: محمد حامد ، وهو التالي حرفيا :

 

*)- سألني الكثير: هل من المعقول أن يكون جميع الناس عبر التاريخ وإلى اليوم على خطأ في الدين؟ بينما انت وأمثالك اليوم بعد اربعة عشر قرنًا تدعي أنك على حق! وهذا السؤال يُطرح على كل إنسان لا يشرك بالله أولياء وشركاء.

الغريب أن هذا السؤال يعتبر أن الواقع المليء بالفساد والظلم والجهل والفقر هو التطبيق الصحيح لدين الله! فهو سؤال يكشف خلل السائل بأن لا يتمكن من ربط الواقع مع الدين. الدين يخرج الناس من الظلمات إلى النور بينما هو يعيش في الظلمات ولا يعرف ما هو النور.

الحقيقة أن هؤلاء لا يعلمون أن الفرد مسؤول عن نفسه فقط وبريء من ما يعتقد الناس اليوم أو في الماضي أو في زمن التنزيل:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِي‌ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ.

لسنا مسؤولين عن من يكفر على الإطلاق حتى لو كفر جميع الناس: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّـهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ. وخروج الناس عن مذاهب تشرك بالله ليس كفرًا بل هو فتحاً ونصراً للحق.

أنا مسؤول عن عملي واعتقادي وافكاري في الدين وغيري مسؤول عن عمله واعتقاده وافكاره: قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَ هُوَ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ وَ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ. لأن الدين إخلاص لله وليس للمجموعة: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي.

فإذا كنت في شك من ديني فأنا اعبد الله وليس لي شركاء مشرعين في الدين لم يأذن لهم الله وأكفر بكل مذهب وليس لي أولياء ما انزل الله بهم من سلطان: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

السؤال يكشف بساطة السائل فهو مقارنة بالسلف والخلف وهذا من اللغو: وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ. لأن الماضي هي القرون التي خلت ولسنا مسؤولين عنها: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَ لَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.

وهذا هو المنهج القرآني الذي يجهله الناس: فَلِذلِكَ فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَ أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَ رَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ.

وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً. يعني أن كنت مؤمنًا فعملك يحدد مكانتك في الآخرة ما دام خالصًا لله ومن يُكره الناس على الإيمان الذي هو فيه فهذا هو الظالم الذي وعده الله بالعذاب.

**********************

أما المقال الثاني فجاء بمثابة تساؤلات جد هامة وضعتها الكاتبة التي تعرف نفسها بأنها المهندسة اليمنية اليهودية "نجاة النهاري" حيث ترد في مقالها على أولئك المسلمين الذين يدعون غيرهم إلى اعتناق الدين الاسلامي. وحسب  رأيي فإن موضوع هذه المهندسة هو الآخر هام وهام جدا بل ومصيري، بل ولعله ذو علاقة مع تلك الآية القرآنية العظيمة الواردة في سورة الروم رقم الآية12: ومقال المهندسة هو كما يلي حرفيا :

كيف يسلم "اليهودي" وهذا حال المسلمين..!؟

أرجو أن لا تغضبكم صراحتي، فأنا أحاول أن أفهم الاسلام على طريقة اليهودي الذي أسلم بسبب تصرفات النبي قبل كلام القرآن.. وسأناقش الموضوع بثلاثة نقاط:

((أولاً))- المسلمون اليوم مذاهب متعددة وكل مذهب يعتبر الآخر "كافر" ويحلل قتله.. فلو أردت - كيهودية- دخول الاسلام فهل أدخله من باب "السنة" أم "الشيعة" أم المذاهب الأخرى؟ وأي منها أعيش فيه بسلام ولا يحلل قتلي أنصار مذاهب الاسلام الأخرى!؟

تحدثت لصديقتي المسلمة في بيروت عن دعوات الأصدقاء لدخول الاسلام، وأثناء النقاش فوجئت أن المسلمين يرددون كلام مقدس للنبي محمد بأن المسلمين سيتفرقون الى (70) فرقة كلها سيعذبهم الله في النار باستثناء فرقة واحدة ستدخل الجنة. فسألت صديقتي عن اسم هذه الفرقة فقالت أنها لا تعرفها ولا يوجد مسلم يعرفها لكن كل فرقة تدعي أنها هي المقصودة...!!

تساءلت مع نفسي: يا ترى إذا أراد يهودي دخول الاسلام فعند أي فرقة يذهب ليتحول الى مسلم؟ ومن من علماء المسلمين يعطيه ضمان أكيد بأنه سينضم للفرقة الصحيحة التي لايعذبها الله!؟ فهذه مغامرة كبيرة وخطيرة جداً.

((ثانياً))- المسلمون اليوم يتقاتلون بينهم البين في كل مكان، ويذبحون بعضهم البعض بطرق بشعة جداً.. فكيف يقتنع اليهودي بدخول الاسلام إذا وجد المسلم يقتل أخيه بسبب الدين نفسه، بينما لايمكن أن يسمع أحدكم بأن اليهود يقتلون بعضهم البعض بسبب الدين، بل على العكس اسرائيل اقامت دولتها بسبب الدين.

قبل يومين قرأت تقرير تم تقديمه للأمم المتحدة من دول عربية مسلمة يتحدث عن (80) ألف مسلم تم قتلهم في سوريا خلال سنتين فقط بأيدي المسلمين سواء من النظام أم المعارضة. ورأيت مقطع فيديو لأحد مقاتلي المعارضة وهو يخرج قلب جندي ويأكله- أي مسلم يأكل قلب أخيه المسلم..!!!

كما كنت قرأت إحصائيات عن عدد القتلى في العراق خلال الحرب الأهلية (المذهبية) تقدرهم بأكثر من 280 ألف عراقي غالبيتهم العظمى مسلمون وقليل جداً بينهم مسيحيون.

سأكتفي بهذين المثلين، وأترك لكم التفكير والتأمل والتساؤل كيف يمكن لليهودي أو المسيحي أن يقتنع ويطمئن قلبة لدخول الاسلام إذا كان هذا حال دول المسلمين؟ مع إني واثقة كل الثقة أن ما يحدث ليس من تعاليم الاسلام لأن جميع الأديان السماوية تدعو للسلام.

((ثالثاً))- عندما النبي محمد عليه الصلاة و السلام دعى الناس للاسلام فإنه وعدهم بالحرية والعدل والخلاص من الظلم والجهل والفقر لذلك تبعوه الناس. لكن اليوم عندما يقوم المسلمون ليدعون اليهود لدخول الاسلام بماذا يوعدونهم؟

لنكون صريحين وصادقين: فمعظم دولنا العربية و الاسلامية يعمها الفقر والجهل والظلم وانتهاكات حقوق الانسان وتفتقر للتنمية والقوة الاقتصادية، ولولا ذلك لما قامت ثورات الربيع العربي. بينما الدول التي يديرها مسيحيون ويهود ممن يعتبرهم البعض (كفار) أصبحت هي من تغري المسلمين للهجرة اليها والعمل او العيش فيها.. بل هي من تصنع للمسلمين حتى ملابسهم الداخلية.. وأرجو المعذرة لذلك فليس القصد السخرية وإنما اعتراف ومصارحة بالواقع الي يعيشه العالم اليوم!

صحيح أنا يهودية لكنني أحترم الاسلام وأجد فيما يحدثني عنه المسلمون دستوراً عظيماً للحياة الانسانية، وتمسكي بعقيدتي ليس كفراً كما يعتقد البعض، فقد بعث لي أحد الاصدقاء بنص من القرآن يؤكد أنه لم يكفر أصحاب الأديان ويقول هذا النص ((ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون))!

لذلك بدأت أقرأ دراسات عن القرآن وكل يوم تزداد حيرتي أكثر وأبقى أسأل نفسي: لماذا إذن العالم الاسلامي وصل الى هذا الحال رغم انه لديه دستور ديني رائع ونبي عظيم كان يجعل اليهودي يتبعه بسلوك صغير قبل معرفة مافي القرآن بينما اليوم ينظر غير المسلمين الى المسلم بريبة وخوف!!؟

***************************************

وفعلا، الموضوعان هامان وشجاعان وفي الصميم، ويشكر الكاتبان، لاسيما الأستاذ محمد حامد الذي وفق لإثارته لاسيما وما أحوجنا إلى أمثاله في الوقت الراهن، بل منذ قرون خلت تعد بعدد أربعة عشر. أما عن ذلك السؤال أو التساؤل الذي مفاده: (هل من المعقول أن يكون جميع الناس عبر التاريخ وإلى اليوم على خطإ في الدين؟ بينما أنت على حق ؟!) فالجواب على هذا السؤال هو نعم من المعقول ذلك، ومن المعقول جدا، مع الملاحظة الهامة وربما تكون هي بيت القصيد في العملية "الرهانية" المصيرية التي تعيشها البشرية جمعاء، لأن هذا التساؤل وأمثاله يطرح على كل إنسان جاد لا يشرك بالله أولياء  وشركاء وأي شئ، ويبذل قصارى جهوده ليلتحق بقمة الحنيفية التي يبقى أستاذها العظيم الفذ  ذلك الفتى الذي ينصحنا الله بأن اتخذوه مثالا للإقتداء به وهو سيدنا إبراهيم عليه السلام. وفعلا فقد طرح هذا التساؤل على سيدنا إبراهيم في عهده حيث ضرب أروع وأبلغ الأمثلة بشجاعته التي جعلته يواجه الجميع بتصريحه المشهور: (لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين).

وهنا يتبادر إلى الذهن أمر آخر لا يقل أهمية وهو ضرورة تدبر تلك الآية الأخرى العظيمة والأخطر بل الأشد خطورة لكونها تتعلق بالشرك، وبتلك النصيحة التي جاءت على صيغة أمر رباني موجه إلى المسلمين جميع المسلمين حيث جاء ذلك في الآية رقم 12 بسورة الروم، لاسيما المقطع التالي من الأمر: (........ منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون).

وعليه، عندما نتأمل بكل شجاعة حالنا وأحوالنا نحن المنتمين إلى الإسلام سنفاجأ أيما مفاجأة أن هذه النصيحة الربانية الواردة في سورة الروم وبالذات في آيتها رقم 12، أو لنقل إن هذا التحذير الخطير من مغبة السقوط والوقوع في ذلك الظلم الكبير الذي يلقي علينا بظلاله القاتمة المتوعدة التي لا تحمد عقباها، وكيف لا ؟ ونحن جميعا محكوم علينا، أي على كل واحد منا أن يجد نفسه لا محالة منتميا إلى مذهب ما من المذاهب العديدة، أو إلى طريقة ما أو ملة من الملل، وأنه وبمجرد انتمائه  إلى مذهبه ذلك أو ملته تلك أو طريقته، بمجرد ذلك فهو -  ودائما لا محالة -  متلبس بجريمة الذين فرقوا دينهم، وومن الذين صاروا شيعا، كما أنه ولا محالة منتسب إلى حزب ما، وهو لا محالة من حيث يدري أو لا يدري فرح بما لديه هو، وبالتالي فإن لسان حاله لا محالة هو لسان حال من هو فرح  بما لديه هو، ومطمئن إليه ومغرور به، بل وباخس لما عند الغير، المقابل له من أي حزب أو ملة أو مذهب.

وأما عن الغريب المحير، فهو كيف يمكن أن يحدث كل هذا، وأن نغرق في هذه الغفلة، ولا يحرك ساكنا أي مخلص من أولي الألباب؟ ما دام الأمر يتعلق بذلك الظلم الكبير؟ وكيف اثاقل الجميع إلى الأرض ومنذ قرون  تجاوزت  العشر، ولم يفكرو عن أي منفذ من المنافذ التي تؤدي إلى نجاتهم من تلك التهمة التي بتولد منها ذلك العقاب، بأن الله لا يغفر أن يشرك به؟ وهنا مربط الفرس الذي من المنتظر أن يجتهد فيه المجتهدون، وإلا فالبقية تبقى كلها عبثا في عبث ولهوا في لهو ولعبا غير نزيه وغير برئ، والطامة الكبرى هي أن الله عز وجل قد أخبرنا مسبقا أن شهادة عبده ورسوله سيؤديها بكل صراحة أن : (يا ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا). 

 

************** 
اجمالي القراءات 1825