هل الكلمه أقوى من السيف؟
أ.د. عبدالرزاق منصور على
القلم أقوى من السيف عبارة صاغها الكاتب الانجليزي إدوارد بولوير في مسرحية المؤامرة عام1839 - فعلى امتِداد التاريخ البشري، وقعت حروب لا تحصى، وبرزت العديد من العقائد والأفكار وكان القاسم المشترك بين كلِّ ذلك هو الأثر الخطير للكَلِمة على مصائر الأُمَم والشعوب والأفراد. وحصل الرئيس أوباما على رئاسة الولايات المتحده الأمريكيه فى دورتين إنتخابيتين لأنه كان لبقا ويجيد الكلام والخطب الرنانه.
في بدْء الخليقة وسوس الشَّيطان لآدم بالكلمه، فكان الخروج من الجنة، وتابع إبليس نشاطه حتى اليوم وإلى يوم القيامه, ليضلنا بالكلمه. والعرب لم يفلحوا فى العلم ولا فى التقنيه الصناعيه ولكن أفلحوا فى صناعة الكلام والخرافات والأساطير والدليل هو المخزون الإحتياطى الضخم من الشعر والنثر والقصص والمرويات التراثيه التى دمرت الإسلام والعقل الجمعى للأمه.
لنأتى إلى الكلمه من المنظور العلمى والدينى, فالصوت هو طاقه ميكانيكيه حركيه وهو موجة تنتشر في السوائل والغازات كموجة طولية. وفي الهواء ينتشر الصوت بطريقة يتردد فيها ضغط الهواء دوريا بمعنى منطقة هواء مضغوط يتلوه منطقة هواء مخلخل ويتلوه منطقة هواء مضغوط وهكذا. أما في المواد الصلبة فينتشر الصوت في موجات عرضية (أي تكون موجاته عمودية على اتجاه انتشار الصوت). و نسمع الصوت عبر الحائط؛ وهذا يعنى أن الطاقه الكامنه فى الصوت تستطيع تحريك جزيئات المواد الصلبه مثل الحديد والنحاس والحجر أى أنها أكبر وأقوى من الطاقه الكامنه فى الضوء مثلا الذى لايستطيع أن يخترق الحديد والنحاس. ولذلك أمر الله تعالى مريم بالصوم عن الكلام حتى توفر طاقتها لهز النخله لتحصل على حاجتها من الرطب, وبالمثل صام زكريا عن الكلام حتى يوفر جهده لعملية إنجاب إبنه يحى حيث أن زكريا وهن عظمه وبلغ من الكبرعتيا. إذن طاقه الصوت كبيره للدرجه التى تمكنها من الإنتقال بنفسها عبر الوسط الذى تنتشرفيه ولاتحتاج لمن ينقلها. ولتبسيط الأمرلننظر مثلا إذا أحدثنا هزه فى صف من مكعبات لعبة الدومينو نلاحظ أن الهزه أوالإهتزاز ينتقل عبر الصف كله ليصل لآخر قطعة مكعب وهذا بالضبط مايحدث عند إنتقال وإنتشارالموجات(الإهتزازات) الصوتيه. وبالطبع لاداعى للخوض فى المعادلات الرياضيه والعلميه لحساب الطاقه الصوتيه ومقارنتها بالطاقه الضوئيه. ولكن أنظر لقوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) فاطر-10. أى أن الصوت والكلام يصعد بنفسه دون الحاجه لمن يحمله أما الأعمال فتحتاج لمن يحملها لرب العالمين كما سنوضح فى الفقره التاليه:
لنأتى إلى الفعل أوالطاقه المرتبطه بأفعالنا: عندما نقوم بأعمالنا ونتحرك فإن الموجات الناتجه عن حركاتنا تدمج فى موجات الطاقه الكموميه التى تغطى أرجاء الكون لتكون بمثابة بصمه (على موجات الكم) وهذه البصمه تميزكل حركه وعمل وبالطبع تحمل بصمة من قام بأداء هذا العمل. ومامعنى هذا؟ معنى ذلك أن أعمالنا قد سجلت على الموجات الكونيه وعليها بصمة سعادتك ومرفق بها الزمان باللحظه والمكان وكل المعلومات مثل رقم الصادر.. الخ. وعلى الفور تصل المعلومات للإمام المبين عند رب العالمين. أنظرللقرآ ن الكريم الذى لخص القصه فى بضع كلمات دقيقه (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ) الأنعام60. فالجرح يعبرعن حدوث قطع فى الفيض الموجى الكمومى وذلك لإدماج الموجات الناتجه من أعمالنا مثلما يحدث عندما تسبح فى البحر فإنك تقطع مجال موجات الماء. ثم يوم القيامه يتم إعادة عرض الأعمال والمشاهد أمامنا (هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثيه29.
الخلاصه: الكلام أو الصوت هوطاقه ميكانيكيه حركيه تستطيع أن تنتشربنفسها عبر الوسط الذى تنتقل خلاله. أما الطاقه الناشئه عن أعمالنا فتحتاج من يساعدها ويحملها لتنتشر وتصعد للسماء أى أن الكلمه أقوى من السيف والله تعالى أعلى وأعلم.