آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٠١ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
أين كنوز قارون ؟
مقدمة
1 ـ المشهور أن بحيرة (قارون ) فى محافظة الفيوم المصرية تحتها كنوز قارون ، وأن البحيرة سُميت باسمه . واذكر أن الاستاذ مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار ورئيس جريدة الأحرار فى التسعينيات كتب مقالا عن هذا ، واستخلص منه أنه لو تم العثور على هذا الكنز أسفل بحيرة قارون لأصبح من حق مصر .
2 ـ قصة قارون وكنوزه لم تأت فى العهد القديم . جاءت فقط فى القرآن الكريم ، وفيه الكثير عن بنى اسرائيل وموسى مما لم يذكره العهد القديم . فهل نستشف من قصة قارون فى القرآن الكريم إمكانية العثور على كنوز قارون وخزائنه التى كانت مفاتيحها تنوء بحملها العُصبة من الرجال ؟
3 ـ نتدبر ما جاء عن قارون فى القرآن الكريم .
أولا : عن قارون
1 ـ كان معاصرا لموسى ، كان إسرائيليا من ( قوم موسى ) ، ولم يكن من قوم فرعون . لكنه بغى على موسى وقومه . قال جل وعلا : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ) (76) القصص )
2 ـ بغى عليهم بأن خانهم وإنضمّ الى فرعون الذى كان يذبح أطفال بنى إسرائيل.
3 ـ الفرعون يستخدم اسلوب التفريق بين أطياف الشعب ليتسيد عليهم . فرعون موسى جعل أهل مصر شيعا وبهذا علا فى أرض مصر. قال جل وعلا: ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ ) (4) القصص )، كان فى مصر فرعون وقومه والملأ التابع له ( الأسياد ) ثم عموم الشعب المصرى العامل فى الزراعة والبناء ، ومنهم بنو إسرائيل ، وكانوا من أهل مصر بسبب دوام إقامتهم فيها منذ جاء ( اسرائيل يعقوب ) وأبنائه اليها بدعوة إبنه يوسف عزيز مصر وقت الاحتلال الهكسوسى . كانوا أصحاب نفوذ ثم أصبحوا مقهورين فى عصر الفراعنة الرعامسة ، وتولى فرعون موسى فتسلّط عليهم يذبّح أطفالهم الذكور ويستبقى نساءهم فى سابقة لتحديد النسل . كان لفرعون موسى جهاز ضخم من المخابرات يسيطر به على مملكته ، وكان من جواسيسه عملاء من بنى إسرائيل يتجسسون على قومهم ، ومنهم من كانوا عونا له يستعين بهم فى رصد الحوامل من قومهم وتسجيلهم وتربص وقت ومكان ميلادهم لذبحهم .
4 ـ قارون ــ الذى كان من قوم موسى وبغى عليهم ــ انضم لفرعون ، وترقى بسبب علمه ومهارته وكفاءته فأصبح ثالث رجل فى دولة فرعون . بحيث أن الله جل وعلا أرسل موسى الى فرعون وهامان وقارون . قال جل وعلا :
4 / 1 : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (25) غافر ). أى إن قارون شارك فرعون وهامان باتهام موسى بالسحر والكذب ، وبالدعوة لقتل ابناء المؤمنين معه وإستحياء نسائهم .
4 / 1 / 1 : الدعوة التى تبناها قارون مع فرعون وهامان هى قتل أبناء المؤمنين مع موسى ، وليس قتل جميع أبناء بنى إسرائيل . حدث هذا بعد مجىء موسى بدعوته . قبلها كان فرعون يقتل الذكور جميعا من أبناء بنى إسرائيل ، وكان ممكنا أن يكون المولود موسى ضمن الضحايا لولا أن الله جل وعلا أوحى الى أمّه ان تلقيه فى تابوت فحمله التابوت الى قصر فرعون.
4 / 1 / 2 : الدعوة لقتل أبناء المؤمنين فقط تعنى أن هناك من بنى إسرئيل من كان خائنا لقومه متعاونا مع فرعون ، وضمن الجهاز الأمنى للفرعون . أولئك كانوا الأغلبية من بنى إسرائيل ، خصوصا حين إشتد القمع الفرعونى . قال جل وعلا . (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ) (83) يونس ).
4 / 1 / 3 : ونفهم أن بعض أولئك الخونة كانوا مع موسى من بداية تحركه هربا من فرعون ، وأنهم كانوا يبعثون بتحركات قومهم الى فرعون ، وهو يلاحقهم . قال جل وعلا : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) الشعراء )
4 / 2 : ( وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت ). أى إن قارون شارك فرعون وهامان فى الاستكبار فى أرض مصر . ولكن إختلف المصير، فالغرق كان من نصيب فرعون وهامان ، أما قارون فقد تخلف عنهم وفيما بعد كان عقابه الخسف .
5 ـ قارون ليس من قوم فرعون ، وليس من جند فرعون . هامان هو الذى كان :
5 / 1 : المكلف بالعمارة. أمره فرعون ببناء صرح عال كالمرصد . قال جل وعلا :
5 / 1 / 1 ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً )(38) غافر )
5 / 1 / 2 ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) غافر ).
5 / 2 : وكان قائد الجيش من وقت مولد موسى . قال جل وعلا عن هامان : ( وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) القصص ) . الجنود كانت لفرعون وهامان .
6 ـ ولكن كانت القيادة العليا لفرعون ، أى كان هامان نفسه ضمن جنود فرعون القائد الأعلى لدولة الرعامسة العسكرية . قال جل وعلا عن تبعية الجنود لفرعون :
6 / 1 :( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) (39) القصص ) ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) (40) القصص )
6 / 2 : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ ) (90) يونس )
6 / 3 : ( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) (78) طه )
6 / 4 : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ) (40) الذاريات ).
7 ـ كان هامان القائد العام مع فرعون القائد الأعلى وهما يطاردان موسى وهارون عليهما السلام وقومهما . وبغرقهم عاد بنو اسرائيل فملكوا مصر ردحا من الزمن . وحين جاءهم الأمر بالخروج من مصر ودخول الأرض المقدسة قال لهم موسى عليه السلام يذكّرهم بنعم الله جل وعلا عليهم : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (20) المائدة ). تدبر كلمة : ( وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً ) كان فرعون يستضعفهم فأصبحوا بغرقه ملوكا لمصر ، وبتعبير آخر : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) القصص )
ثانيا : كنوز قارون
1 ـ فى دولة ( العسكر ) الفرعونية الرعامسة كان الجيش الفرعونى هو الذى يدير الاقتصاد ، وكانت مصر موزعة ومقسمة إقطاعات بين الرتب الكبرى فى الجيش الفرعونى ( أو الجنرالات ) ، أى لا جديد تحت شمس مصر يا إستاذ (عبده ).! وكان الاتصال مستمرا بين القادة واقطاعياتهم فى كل العمران المصرى ، وكان بإمكان فرعون أن يحشد الجنود كلهم فى وقت واحد : ( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) الشعراء )، أو بتعبير عصرنا ( أن ينتشر الجيش فى كل مصر فى بضع ساعات )، وقبلها كان حشد السحرة كلهم من كل المدائن وجىء بهم فى وقت واحد : ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) الشعراء )
2 ـ تصور فرعون وجنرالاته أنها نزهة قصيرة أو بتعبير عصرنا ( مسافة السكّة ) يلحقون فيها بموسى وقومه ، لذا إستبقى خلفه قارون وبعض أتباعه ، ليكون حارسا على كنوز الفرعون والجنرالات . فى هذا الوقت يا استاذ (عبده ) لم يكن معروفا تهريب أموال الى خارج مصر ، ولا توجد بنوك سويسرا والبهاما . كانت مصر هى خزينة العالم ، وقبلها بقرون قال يوسف لملك مصر الهكسوسى : ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ ) (55) يوسف ) وبهذا تمكن يوسف من أرض مصر : ( وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ) (56) يوسف ). فالذى يتمكن من خزائن مصر يسيطر على أرض مصر ، ولهذا إستمد فرعون موسى مشروعيته فى حكم مصر من ملكيته لأرضها وأنهارها ، فعقد مؤتمرا ( صحفيا ) قال جل وعلا : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف )
2 ـ وصلت أنباء غرق فرعون وقومه الى قارون فأصبح مالكا لكنوز فرعون وجنرالاته ، وعاد بنو اسرائيل وتحقق فيهم الوعد الالهى بالتمكين . قال جل وعلا :
2 / 1 :(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ (6) القصص ) .
2 / 2 : ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) الشعراء )
3 ـ ونتصور :
3 / 1 : أن العوام من بنى إسرائيل وغيرهم قاموا بنهب قصور فرعون وجنرالاته وتدميرها . قال جل وعلا : ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف ). القوم المستضعفون كانوا أهل مصر جميعا بعد غرق ( الأسياد ) أو العسكر بفرعونهم وجنرالاتهم . وهو تدمير لم يترك أثرا لفرعون موسى ، مما جعل بعض السطحيين ينكر وجود فرعون موسى .!
3 / 2 : العوام فى نهبهم حصلوا على القليل الظاهر . أما خزائن الكنوز فقد حصل عليها من كان يعلم أماكنها ، خصوصا مع تفنّن الفراعنة فى إخفاء كنوزهم . ولهذا فإن قارون قال عن كيفية حصوله على الكنوز ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) (78) القصص ) .
3 / 3 : بأمواله وكنوزه صار له كثيرون من الأتباع والجنود بغى بهم على بنى إسرائيل ، حتى إنه لا يوجد ذكر لموسى عليه السلام هنا .
4 ـ كان قارون يستعرض قوته بمواكب زينته وحوله أتباعه بما يثير حسد القوم ، نصحه بعضهم وحسده البعض الآخر ، فلم ينتصح . بل غاظهم بموكبه بزينته وأتباعه ، قال جل وعلا : ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) (79 ) القصص ) .
5 ـ عن مفاتيح كنوز قارون فقط قال جل وعلا : ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) 76) القصص ). وكانت هذه الكنوز مخبأة فى دار قارون ، يحرسها أتباعه . ولذا خسف الله جل وعلا قارون وداره وأتباعه . قال جل وعلا : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ) (81) القصص )، وما يتم خسفه فى الأرض يستحيل العثور عليه .
6 ـ كنوز قارون كانت ملكا من قبل لفرعون وجنرالاته والملأ التابعين له . وقد دعا موسى ربه جل وعلا فقال ومعه أخوه هارون يؤمّن على دعائه : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88) يونس ) . واستجاب الله جل وعلا لدعوتهما : ( قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ) (89) يونس ). تنقلت الكنوز من فرعون وجنرالاته الى قارون ثم إستقرت فى باطن الأرض ، وقد طمس الله جل وعلا عليها ، فلا يمكن أن يعثر عليها أحد .
أخيرا
1 ـ المال هو المعبود الأكبر للكافرين يتقاتلون فى سبيله ويموتون فى سبيله ويتركونه جيلا بعد جيل ثم مصيرهم الى خلود فى جهنم . المؤمنون يبذلون المال عن طيب خاطر إبتغاء وجه رب العالمين ، فيكسبون الخلود فى جنة الآخرة ، فهم لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا .
2 ـ من العجيب أن تبدأ سورة القصص بعلو فرعون فى أرض مصر وفساده ، قال جل وعلا : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) ) وأن تنتهى السورة بقصة قارون والعبرة منها بقوله جل وعلا : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) القصص )
ودائما : صدق الله العظيم .