عن مقال ( القاموس القرآنى : ساعة والساعة )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٥ - أكتوبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

عن مقال ( القاموس القرآنى : ساعة والساعة )
مقدمة
1 ـ جاءت تعليقات كثيرة على مقال ( الساعة ) فى سلسلة ( القاموس القرآنى )
أشكر كل من تفضّل بالتعليق ، سواء مدح أو ذمّ ، إتفق أو إختلف . ففى نهاية الأمر أننا نؤمن بحرية الفكر والدين ، ونقدّر من يفكّر ويستعمل عقله . أعتذر عن عدم الردّ على كل التعليقات . وأختار تعليقا واحدا للردّ عليه :
2 ـ يقول : ( او لم يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَٰهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ )
(كيف يرى الذين كفروا ان السموات و الارض كانتا رتقا ؟ و ما بال الذين امنوا؟ هل الذين امنوا رؤا هذا الامر فصدقوه و الذين كفروا رؤوه و لم يصدقوه و كيف؟ اما بخصوص الساعة تارة الناس تسأل ايان مرسها يعني لقد بدأت و يسألون متى تتوقف يعني تكتمل و تارة اخرى يقول الساعة اتية و تارة اخرى يقول يوم تقوم الساعة؟. الاجوبة غير واضحة و غير مقنعة والبتة ما زال الغموض على امر الساعة
.
وأقول :
أولا :
1 ـ هذا المقال عن ( الساعة ) هو فى سلسلة ( القاموس القرآنى ) . والمنهج فى القاموس هو التركيز على ذكر الكلمة القرآنية فى كل سياقاتها فى القرآن الكريم . ليس فيه التوقف مع كل آية بالتدبر ، لأن هذا يخرج عن منهج التدبر فى القاموس ، ولأن هذا يستلزم بحثا كاملا ، وربما كتابا . وحدث أن بدأت مقالا فى القاموس عن لفظة قرآنية ، ثم تبعه مقال فمقالان وفى النهاية أصبح كتابا . ومراجعة مؤلفاتى يؤكد هذا . بالتالى فقد تعرضت لبعض ما جاء عن الساعة فى الآية الكريمة : ( أو لم يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ ). ولم أتوقف مع كل ما جاء فيها .
2 ـ الخطاب فى الآية الكريمة لجميع الذين كفروا: ( أو لم يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ ) ، وهم أغلبية البشر من المحمديين والمسيحيين والبوذيين والملحدين ..الخ . قال لهم جل وعلا : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) فصلت ).
ثانيا :
1 ـ بعض من يكفر بالقرآن الكريم آلمه إكتشاف بعض ما يتفق فيه القرآن الكريم مع بعض مكتشفات العلم ، عن خلق الكون وتدميره ، وقانون الزوجة وإتساع الكون . ما جاء فى المقال ليس جديدا . هو بعض ما سبق نشره فى كتب ( البرزخ ) و( لكل نفس بشرية جسدان ) و ( ليلة الاسراء هى ليلة القدر ) .
2 ـ معتاد أن أقرأ فى الكتب العلمية ـ كهواية . قرأت كتابا للعبقرى ستيفن هوكينج عن ( الزمن ) ، ولم أفهمه . وأرحت نفسى باتهام هذا العالم العبقرى إنه نفسه لا يفهم ( الزمن ) ، وكنت أتمنى أن ينير لى بعض الطريق لفهم موضوع الزمن علاوة على ما أفهمه من التدبر القرآنى .
3 ـ تأثرت كثيرا بكتب العبقرى المصرى المجهول د .عبد المحسن صالح المتوفى عام 1986 ، لأنه يكتب باسلوب مبسّط ، و لأن بعض المذكور فى كتبه كنت أجد له دليلا فى القرآن الكريم . بعد موته دفعتنى كتاباته الى تأليف كتاب فى التسعينيات بعنوان ( الاعجاز العلمى للقرآن الكريم فى القرن الحادى والعشرين ) قمت فيه بتدبر بعض الآيات العلمية ، وما وصل اليه العلم فى القرن العشرين ، وما لم يصل ، وجعلت إهداء الكتاب الى عالم مسلم متخصص ليعيد كتابة هذا الكتاب من خلفيته العلمية ، لأننى مجرد باحث قرآنى قليل العلم جدا بالعلوم الطبيعية . هذا الكتاب ( المخطوط ) كان أساسا لمؤلفات لى لاحقة أهمها عن الاعجاز العلمى للقرآن الكريم ، و أهمها كتاب : ( الغرب والاعجاز العلمى فى القرآن الكريم )، والذى دعوت فيه علماء الغرب لدراسة القرآن الكريم وما فيه من آيات علمية ، و( نهايات علمية ) فبهذا يوفرون جهدا ووقتا ومالا .
4 ـ أهم كتاب تأثرت به من مؤلفات الراحل عبد المحسن صالح هو ( الكون والكون النقيض : هل لك فى الكون من نقيض ) والذى أسّسه على قانون الزوجية ، وتأسيس كونين أو عالمين أحدهما موجب والآخر سالب ، واسهب فى الشرح والتفصيل ، وبالحسابات ، ومنها مثلا عن مقدار الطاقة الجبارة لواصطدمت قطعة من الكون الموجب بأخرى من الكون السالب ، فتفنيان وينتج عنها طاقة قدرها كذا . دفعنى هذا الى ما جاء فى القرآن الكريم عن الزوجية ، واصطدام الكونين وفنائهما وعودتهما الى نقطة الصفر التى جاءا منها .
ثالثا
هناك كتاب ( الحق ) وهو ( القرآن الكريم ) وهناك كتاب ( الكون). المشكلة هى موقف الذين كفروا من القرآن الكريم .
1 ـ الذى يتدبر القرآن الكريم عليه أن يتعمّق فى اللسان العربى ومصطلحات الأديان الأرضية للمحمديين والفارق بينها وبين مصطلحات القرآن الكريم ، ثم عليه أن يكون واسع الثقافة عارفا بالتاريخ وتراث المحمديين فى التشريع والعقائد ، وله إلمام بالفنون والآداب والعلوم الطبيعية ، ثم يتجه بكل علمه للتدبر القرآنى بهدف أن يتعلم من القرآن الكريم ، لا أن يفرض رأيا مُسبقا يحاول إثباته أو نفيه متلاعبا بآيات القرآن الكريم . هذا ما سرتُ عليه من أكثر من أربعين عاما ، وتنوّعت فيه المؤلفات فى شتى المجالات ، ومنها المجال العلمى فى الآيات القرآنية . وأؤكد دائما أننى لا زلت على ساحل المعرفة القرآنية .
2 ـ مشكلة المحمديين وغيرهم مع القرآن الكريم :
2 / 1 : بعضهم يدخل على التدبر القرآنى بهواه ، وهو غير مُسلّح بأدوات البحث ومناهجه ، ودون أن يتعرف على معانى المفردات القرآنية من داخل القرآن الكريم نفسه ، كل ما يريد أن يقول كلاما جديدا ، ليس مهما إن كان خطأ ، المهم أن يثبت أنه مختلف ، وأنه أعلم من شيوخ الأديان الأرضية .
2 / 2 : بعضهم ينكر القرآن الكريم ، صراحة أو ضمنا ، وممّن ينكره ضمنا أولئك الذين ينكرون الاعجاز العلمى فى القرآن ، وقد خصصنا فصلا للرد عليهم فى كتابنا عن الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم . ربما تكون دوافعهم كراهية الدين السُنّى وعلمائه .
2 / 3 : الأغلبية من المحمديين غافلون عن كتاب الحق وكتاب الكون . هم عاكفون على الإفك المتوارث من عصور الجهل والظلمات . المضحك أن هذا التراث السنى والصوفى ملىء بالخرافات المقدسة من يناقشها يكون خارجا عن دينهم ، مثل ما ذكره البخارى ( من إصطبح بسبع تمرات لم يضرة سُمُّ ولا سحر )، وأن الشمس حين تغرب تصعد الى عرش الرحمن لتخبره أن أناسا يعبدون غيره ، وطبعا هذا يحدث يوميا مع غروب كل شمس ، بلا ملل ولا وهن ، ومنها ( البخارى أيضا ) أن شرب بول الإبل مفيد للصحة مثل شرب ألبانها . وبعض الأبرار يشربون حتى الآن بول الإبل ، ويدعون لشربها تأكيدا على ( سُنّة النبى ) .! . ودرسنا الكثير من هذا فى التعليم الأزهرى ، ومنه فى كتاب التفسير أن الأرض يحملها حوت إسمه ( بهموت فمشكل ) ، وإياك أن تعترض فتدخل النار .! المضحك أيضا أنهم يتباهون بما يكتشفه الغرب ، ويقال إن القرآن الكريم ذكره من قبل . لا يسأل أحدهم نفسه فماذا فعلا آلاف ( العلماء ) الذين كتبوا فى الحديث والتفسير . كان معهم القرآن الكريم فكفروا به وإتخذوه مهجورا ، وعكفوا على خرافاتهم ( المقدسة ).
2 / 4 ـ الكافرون الغربيون فى عصرنا يكتشفون فيما بين الذرة والمجرّة هم ينبهرون بما يكتشفون ، ولكنهم بالله جل وعلا لا يؤمنون ، بل هم عنه معرضون ، يتكلمون عن ( الطبيعة ) ولا يؤمنون بخالق الطبيعة . لا يقولون ( سبحان الله ). بل بعضهم يجاهر بإلحاده وكفره .
3 ـ كل الكافرين من المحمديين وغيرهم ينطبق عليهم قوله جل وعلا :
3/ 1 : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) يوسف ) . الإعراض عنها يتمثل فى أنهم قد يبحثون فى صنع الله جل وعلا الذى أتقن كل شىء ، ثم هم عن التذكرة معرضون ، لأنه لا يؤمن أكثرهم بالله جل وعلا إلا وهم مشركون .
3 / 2 : ( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101) الكهف ). المؤمن إذا شاهد آية من آيات الله جل وعلا فى جرثومة أو حشرة أو خلية أو فى الأجرام الفضائية قال ( سبحان الله ). الكافر يقترب أن يقول ( سبحان الطبيعة ).!!
3 / 3 : إن ( النظر ) العلمى فى الكون والخلق فريضة إسلامية ، وبها يزداد الايمان بالخاق جل وعلا وتقوى وورعا ، وبدون ذلك يكون هذا البحث العلمى وسيلة للتدمير . وقد حدث هذا ، ويحدث ، وسيحدث . قال جل وعلا : ( قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101) يونس ).
3 / 4 : إنّ السّير فى الأرض لاكتشاف آلاء الله جل وعلا فريضة إسلامية ، قال جل وعلا : ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) العنكبوت ).
أخيرا
بهذا نفهم معنى توجيه الخطاب للكافرين : ( او لم يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَٰهُمَا ۖ ).
اجمالي القراءات 3582