قضية الصحراء المغربية مرة اخرى تصنع الحدث بامتياز

مهدي مالك في الخميس ٠١ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً



قضية الصحراء المغربية مرة اخرى تصنع الحدث بامتياز
مقدمة متواضعة
ان الشعب المغربي قد يختلف في اشياء كثيرة من قبيل المواقف السياسية او الايديولوجية منذ الاستقلال الشكلي كما سماه المرحوم عبد الكريم الخطابي الى الان الا الثوابت الوطنية من قبيل الملكية و الدين الاسلامي بغض النظر عن الايديولوجيات المؤسسة لما يصطلح عليه بالحركة الوطنية و الوحدة الوطنية الوحدة الترابية اي ان الشعب المغربي يمكنه ان يختلف في هذه الاشياء الكثيرة.
لكن عندما يتعلق الامر بقضية الصحراء المغربية المسترجعة منذ سنة 1975 بفضل المسيرة الخضراء التي كانت من حسنات الراحل الملك الحسن الثاني فان الشعب المغربي موحد حول قضية الصحراء المغربية على اعتبار ان الارض بالنسبة للامازيغيين هي شيء مقدس منذ اقدم العصور و الحقب التاريخية ما قبل الاسلام حيث ان رمزية الاحتفال بالسنة الامازيغية تحيل الى ان الارض هي مباركة تعطي بدون مقابل للانسان من الخيرات و من الثمار طيلة هذه القرون الغابرة .
لقد شكلت قضية الارض بالنسبة لاجدادنا الامازيغيين محرك قوي الى جانب الشعور الديني الخالص لمقاومة الاستعمار المسيحي منذ سنة 1907 الى سنة 1934 كفترة تم تغييبها في المقررات الدراسية لصالح مرجعية حزب الاستقلال و المسؤول عن مشاكل المغرب منذ سنة 1956 الى الان حيث من شجع السلفية الوطنية المزعومة في اواخر الخمسينات و الستينات؟ و من ساهم في فتح الباب امام المشرق العربي لدخول افكار القومية العربية و المعادية للملكية اصلا ؟ الخ من هذه الاسئلة التي تستحق ان تطرح بإلحاح اليوم خصوصا بعد تصريحات احد رموز التيار الاسلامي بالمغرب حول حقائق تاريخية لا غبار عليها على اية حال حيث يقول هذا المتحدث ان قضية الصحراء المغربية احدثها الاستعمار الفرنسي لان موريتانيا و الصحراء الشرقية و المتواجدة في الجزائر الحالية كانت ارض مغربية الخ من كلام هذا المتحدث الذي يحمل بعض الحقائق التاريخية بغض النظر انه ينتمي الى التيار الاسلامي او مجد الراحل علال الفاسي في تلك التصريحات النادرة و التي جعلت النظام الجزائري يستقبل الرئيس الفرنسي لفتح صفحة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين فرنسا و مستعمرتها القديمة او صنيعتها كما يسميها البعض بحكم ان الجزائر لا وجود لها في التاريخ على الاطلاق بمعنى هذا الرجل اصاب كبد الحقيقة . .
الى صلب الموضوع
لقد خلف الاستقبال الرسمي على السجاد الاحمر الخ من هذه المراسم الاحتفالية التي استقبلت بها القيادة التونسية رئيس جبهة البوليساريو الانفصالية في عز النهار امام كاميرات العالم غضب عارم في المغرب ببعده الرسمي و الشعبي لان قضية الصحراء المغربية هي محط الاجماع الوطني منذ سنة 1975 حيث قلت في مقال منذ شهر تقريبا ان قضية الصحراء المغربية قد ظهرت في سبعينات القرن الماضي حيث كان المغرب وقتها يعتبر نفسه بلدا عربيا في الاصل و في التاريخ و كذا الجزائر باعتبارها جمهورية استقلت عن فرنسا في سنة 1962 لتصبح نظام قومي يجمد العروبة و يحتقر الامازيغية و الامازيغيين الى ابعد الحدود .
و هكذا اصبح النظام العسكري بالجزائر يعادي المغرب و يخلق له مجموعة من المشاكل و الحروب من قبيل حرب الرمال سنة 1963 و استمر هذه العلاقات المتوترة بين هذان البلدان الشقيقان بحكم الجغرافية الامازيغية و الاسلام حتى اخترع النظام الجزائري وهم جديد الا هو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عبر تاسيسها لجبهة البوليساريو الانفصالية في سنة 1973.
ان الجميع يعلم ان ذلك السياق التاريخي يتميز بسيادة فكرة القومية العربية في بلدان شمال افريقيا و معاداة الانظمة الملكية في هذه المنطقة بعد النجاح الرمزي للنظام الناصري في مصر منذ سنة 1952 الى هزيمة العرب امام اسرائيل سنة 1967 حسب رايي المتواضع بحكم ان النظام الناصري قدم نفسه باعتباره حامل مشعل القومية العربية اقليميا اي شمال افريقيا و الشرق الاوسط و قاهر جماعة الاخوان المسلمين باعتبارها جماعة دينية تهدف الى اقامة الدولة الدينية كما هو معروف في كتب سلفهم الصالح .
و مهما يكن رايي في نظام جمال عبد الناصر بغض النظر عن خلفيته القومية فان المغرب قد احتضن قيادات بارزة من جماعة الاخوان المسلمين ابتداء من ستينات القرن الماضي و منحهم الوسائل للسيطرة على التعليم و على الوعي الديني الرسمي ببلادنا حسب راي الاستاذ عبد الوهاب رفيقي اي بمعنى ان المخزن كان ينظر الى نظام جمال عبد الناصر نظرة الحذر و ربما عدم الرضا ..
لكن هذه العوامل التاريخية لم تمنع من دخول القومية العربية الى المغرب عبر بوابة الاحزاب السياسية الكبيرة في تاريخ بلادنا من قبيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان معارضا للمخزن بصريح العبارة و كذا حزب التقدم و الاشتراكية ذو الاصل الشيوعي كما يعلم الجميع بمعنى ان القومية العربية كانت ايديولوجية المعارضة السياسية للمخزن حتى حكومة التناوب سنة 1998 اي كانت القومية العربية انتشرت في الجامعات المغربية منذ سبعينات القرن الماضي و هذا ساهم بشكل كبير في تكوين الجيل الاول و الثاني من انفصالي البوليساريو في داخل المغرب او خارجه تحت تأثيرات المد الناصري و تحت تأثير غياب اسس الدولة المتقدمة وقتها .
تم الحديث عن مصطلح امازيغية المغرب بشكل علاني في فاتح مارس 2000 عندما اصدر الاستاذ محمد شفيق لبيانه الشهير تحت عنوان من اجل امازيغية المغرب حيث قد تساءل البعض عن سبب ربطي بين قضية الصحراء المغربية و قضية امازيغية المغرب .
و الجواب بكل بساطة لان الدولة المغربية ابان الاستقلال شجعت العروبة بمفهومها القديم اي العروبة و الاسلام كاننا في عهد دولة بني امية الفاجرة بصريح العبارة و شجعت التعريب المطلق للشعب المغربي عبر التعليم و عبر الاعلام و عبر الخطاب الديني الرسمي و الانفتاح على المشرق العربي بشكل سلبي حتى دخلت القومية العربية بمفهومها العرقي و السياسي و ليس بمفهومها النهضوي.
و بعد ذلك دخلت الوهابية الى المغرب ابتداء من 1979 للقضاء على المعارضة اليسارية ببعدها القومي و على وعي فقهاء اهل سوس نحو الثقافة الامازيغية كما اقوله دائما اي ان سياسات المخزن المختلفة هي المسؤولة على فتح الباب امام دعاة الانفصال القوميين لتاسيس اوهامهم فوق صحراءنا الامازيغية المغربية و لم تكن في يوم من الايام عربية على الاطلاق ...
ان امازيغية المغرب مصطلح تم تداوله منذ 22 سنة في اطار الحركة الامازيغية و هو يعني ان المغرب بلد امازيغي من شماله الى جنوبه و من شرقه الى غربه بمعنى ان هذا المصطلح يتعارض بشكل قاطع مع المشروع الانفصالي لجبهة البوليساريو في اقامة دولة عربية فوق صحراءنا الامازيغية بحكم التاريخ و اسماء الاماكن الجغرافية الخ من هذه الشواهد المادية و المعنوية و الحسانية هي خليط بين الامازيغية و العربية مثل الدارجة في الشمال و في الوسط و في الجنوب دون ادنى شك و هذا لا يعني انني ضد اللهجة الحسانية او تراثها المحلي او ضد تنميتها على المستوى الوطني تجسيدا لتعدد هويتنا المغربية ..
لكنني ضد سياسة تعريب الصحراء المغربية بشكل مطلق و هذا يتماشى مع ايديولوجية جبهة البوليساريو القومية و هذا يعطيها الشرعية و الحق في اغتصاب اراضينا المغربية باسم النزعة العربية و باسم الاصل العربي بينما ان امازيغية البلاد هو مشروع وطني لا يهدف الى تقسيم المغرب الى مناطق امازيغية و الى مناطق عربية لان المغرب هو بلد امازيغي اسلامي اي ان اغلب سكانه يدينون بالدين الاسلامي و ليس شيء اخر من قبيل تطبيق الشريعة الاسلامية او تطبيق الحدود الشرعية الخ..
لقد حال الوقت لظهور حزب بالمرجعية الامازيغية بعد ما قامت به القيادة التونسية من طعن المغرب من الخلف باعترافها ضمني بوهم الجمهورية العربية الصحراوية الحقير و لا وجود له الا في عقول رموز النظام الجزائري حيث جربنا منذ سنة 1956 الى الان كل المرجعيات السياسية الاجنبية من قبيل السلفية الدينية اي حزب الاستقلال و اليسار القومي اي حزب الاتحاد الاشتراكي و الاسلاميين اخيرا لكن ماذا كانت النتيجة النهائية التي نراها الان ؟؟
و الجواب هو بكل التواضع عودة القومية العربية بمفهومها العرقي و الهادف الى التعريب المطلق ببعده السياسي و الديني بالاعتماد على تاويل النصوص الدينية مثل كتاب الله و سنة رسوله الاكرم ...
لست اعادي القومية العربية بمفهومها النهضوي التي انجبت لنا رموز التنوير الاسلامي في مصر و في سوريا الخ بمعنى انني لست عديما تجاه خدمات القومية العربية ببعدها النهضوي نحو الدين الاسلامي بغية انتقاله من خرافات السلف الصالح الى افاق الدولة المدنية المنشودة من طرف مختلف الحركات العلمانية بما فيها حركتنا الامازيغية بالمغرب.
انني اعارض القومية العربية بمفهومها العرقي و السياسي بصريح العبارة حيث في تونس مثلا باعتبارها بلد عرف التطور في مجالات النساء و الدين الخ لكن تونس لم تعرف اي حراك ثقافي امازيغي صريح الى حد اليوم اي ان تونس هي دولة قومية منذ عقود طويلة اي ان تونس تريد احياء القومية العربية بمفهومها العرقي و السياسي على صعيد دول المغرب الكبير .....
اذن ان المغرب يمكنه ان يدافع عن صحراءه التاريخية اضعاف مضاعفة عبر السماح بتاسيس حزب بالمرجعية الامازيغبة الاصيلة و استحضار امازيغية الصحراء في وسائل اعلامنا المختلفة ..............
المهدي مالك
اجمالي القراءات 2217