د. صبرى الشبراوى يتحدث لـ «المصري اليوم»: مصر مقبلة على كارثة.. وإذا لم نضع دستوراً قوياً «فالبلد هايروح فى داهية»
حوار شيرين ربيع ٣٠/ ١٢/ ٢٠١١
شدد الدكتور صبرى الشبراوى، أستاذ الإدارة بالجامعة الأمريكية، على أن مصر مقبلة على كارثة اقتصادية كبرى، إذا استمر تردى الأوضاع الاقتصادية بها. وقال «الشبراوى»، فى حواره مع «المصرى اليوم» إن مصر «هاتروح فى داهية» إذا لم نضع دستوراً قوياً، ويجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة فى الوقت الراهن. وأضاف أن السلفيين أكثر تهديداً للبلاد من الغرب، وإذا طبقنا فكرهم سنعود إلى الوراء، وأن شعار الإسلام هو الحل، يؤدى للإساءة للإسلام، حال فشل جماعة الإخوان المسلمين فى إصلاح أمور البلاد. وتابع «الشبراوى» أن الشعب تعامل مع قضية الدستور أولاً أم الانتخابات بغباء وجهل، ولابد من تطهير البلاد من منظومة القيم الفاسدة، ويجب أن تكون لدينا إدارة جيدة، تستطيع العبور بمصر من أزمتها الحالية.. وإلى نص الحوار: ■ ما رأيك فيما يحدث حالياً فى المرحلة الانتقالية؟ - الوضع الحالى سيئ وكل ما نحن فيه خلال تلك المرحلة والتخوف من عدم اكتمال الانتخابات يأتى بسبب سوء إدارة الدولة والمجلس العسكرى، خاصة حكومة تسيير الأعمال، والإدارة متخلفة ولا تصلح لإدارة الأمور حالياً، ومن المفروض أن الذى يحكم ويأتى بعد الثورة، يكون لديه منهج لإدارة جديدة، وحديثة لنقل الأمل ولو لم يتوفر هذا الحاكم سيكون الثمن غاليا، لأن ذلك يضعف الشعب مرة أخرى، فلا يوجد دستور معالمه واضحة قبل الانتخابات، وكان هناك صراع عليه، وكان يجب أن يحسم المجلس العسكرى هذا الصراع. ■ كيف نخرج من تلك الأزمة ونحن على مشارف المرحلة الأخيرة من الانتخابات؟ - لو لم تصدر خلال الأيام القليلة المقبلة قرارات حاسمة دون اللجوء إلى العنف، سندخل فى نفق مظلم، فهناك دول كانت فقيرة جداً وأصبحت منتعشة اقتصادياً وكانت فاسدة وقضت على الفساد، فمثلاً الأرجنتين أعاد حاكمها هيكلة الدولة، ومعدل النمو فيها أصبح عالياً جداً، ولهذا يجب أن نؤمن بأن الكارثة التى نحن فيها هى سوء الإدارة، فى كل شىء «البيت- المصنع- المدرسة- وأى مكان» لو الإدارة فيها منضبطة ستنجح، وما حدث من عصر عبدالناصر حتى عصر حسنى مبارك، منهج خاطئ للإدارة، وهو سبب تأخر مصر بمعنى أن الدولة أديرت فى عهد عبدالناصر بشكل مركزى وشمولى وديكتاتورى وهذا أدى لضعف الشعب، والثورات تأتى بسبب سوء العدالة فى التوزيع والقهر، وللأسف الآن المستعمر أصبح داخلياً بدلاً من الخارجى. ■ لكن الثورة بلا قائد ولا توجد فترة انتقالية؟ - لا يوجد شىء اسمه المرحلة الانتقالية، وأنا أرفض تسميتها مرحلة تسيير الأعمال، لأن هذا جهل فى الإدارة وهو «مبدأ مشى حالك»، يجب أن تكون الإدارة الحديثة الموجودة فى المرحلة الانتقالية قوية جداً لترسيخ دعائم التنمية، وأنا أسمى حكومة تسيير الأمور «حكومة وقف حال» وسمة الإدارة الحالية تأجيل القرار، نظراً للظروف الراهنة، ده كلام غير صحيح، الإدارة يجب أن تكون حازمة وحاسمة. ■ من الممكن أن يكون سبب ضعف سلطة الإدارة هو الضغط المتزايد من المليونيات على الحكومة فى هذه المرحلة. - لو أن لدى ١٠ مشاكل، لماذا تأجل القرار فيها؟ مثلاً شوارع البلد بها المخلفات والزبالة على الأرصفة، لماذا تأجل قرار تنظيفها؟ والتعليم فاشل، والقرار لم يبت فيه والكثير من المشاكل يمكن أن تحل دون وضع استراتيجية أو أهداف ولا تحتاج إلا اتخاذ قرار، مثل البحث العلمى والأمية والبطالة. ■ قد يعتقد صناع القرار أن الفترة الانتقالية قصيرة جداً ولا بأس من تأجيل أى قرار حتى يتم حسمه بعد أن تأتى الحكومة المنتخبة؟ - هذا دليل على الفشل لأنهم أغبياء، وغير علميين فى اتخاذ القرار، و«الدروشة» فى الإدارة جهل، ونحن ناقشنا على مدى شهور قضية الانتخابات أولاً أم الدستور أولاً بغباء وجهل، والعلم يقول نتيجة تجارب أمم وصلت إلى النجاح، آخذ تجارب الأمم الأخرى وأنقلها، ولا حاجة لى للاختراع، وجميع الأمم تقدمت بسبب إعداد دستور واضح المعالم يحقق أمل الشعب وأساسه الإنسانى، يدعم المساواة ويدعم الحرية وحرية التعبير وحرية الحركة وجميع الحريات، وحينما تم تأجيل الدستور إذن أنت إما جاهل أو فاسد غبى، وكل ما نحن فيه هو من تقديم الانتخابات على الدستور، نحن حالياً فى مرحلة إهدار الزمان، لإعادة اختراع منهج غير متحضر لكى نتقدم، وهذا لم ينجح والنتائج واضحة. ■ كيف نصحح الوضع ونسير فى اتجاه إدارة جيدة وحديثة؟ - المسلمات الأساسية فى تنمية دولة حديثة هى الإدارة الجيدة، مثل البرازيل النهارده من أهم الدول المتقدمة، لأنها تنمو بمعدل هائل جداً بسبب منهج إدارة محترم قوى والشعب والحكام حاربوا الفساد بنظام ديمقراطى سلمى مع تغيير الدستور، الذى يمنح الشعب الديمقراطية والحرية وتكون بمنهج الدستور أولاً ومنهج المساواة وحكومة مدنية بعيدة عن إقحام الدين، فالمركزية تؤدى إلى مرض نفسى عند القائد يؤدى إلى غرور يؤدى لدمار الأمم، ويجب تطبيق الديمقراطية، فى كل مؤسسات الدولة الخاصة أيضاً، وعلى الجيش أن يضع دستوراً قبل البرلمان ويدعو للاستفتاء فوراً. ■ نفترض أن الجيش ترك الأمور كما هى.. واستمر السيناريو المعروف.. ما الحل؟ - أنا لا أفترض شيئاً، بداية جهل وتخلف الأمم فى التنبؤ والافتراض دون علم، الدستور نستطيع أن نضعه من الآن فى ظرف أسبوعين، وأنا لا أحب أن يفرض علىَّ شىء، التخطيط العلمى السلمى لبناء الأمة لم يأت إلا بوضع دستور قوى أولاً، والمجلس العسكرى يستطيع فعل ذلك من الآن وقبل الانتخابات وقبل فوات الأوان، «لأن بكده البلد هيروح فى داهية»، وعلى المجلس العسكرى أن يكون حاسماً وحازماً فى قراراته، لماذا لم يفعلها إلى الآن، على الرغم من أن الكل يعلم أنه خطأ ويجب أن يوضع الدستور أولاً، (الإدارة الحديثة تريد استثماراً فى التعليم والبحث العلمى والبشر، والبحث العلمى منارة الطريق فى جميع النواحى، واستثمار فى البشر فى العلوم وليس فى البطون، نحن نصرف ملايين الجنيهات على الزيت والسكر والأرز، والبحث العلمى لا أموال له عند المصريين وهذا عار علينا، ومنذ ٣٠ عاماً نحاول أن نقضى على الأمية والنتيجة تزيد، ولا مانع أن نصرف على الاستفتاء على الدستور الجديد الآن). ■ لكن نحن نريد أن تمر الانتخابات بسلام عبر المنهج الموجود، لأنه من الصعب التغيير الآن. - المنهج ليس فى مسألة الانتخابات فقط، لكن ما تفرزه الانتخابات من إدارة لمصر، الانتخابات هذه ستفرز تشكيلة من السياسيين ممثلين فى مجلسى الشعب والشورى، سيكون لهم دور فى إدارة الأمة وستنتج وزارة وهى الإدارة التنفيذية للدولة، وسيأتى الرئيس الجديد من نفس الإدارة والمنهج وسيكون كل هذا خطأ لأننا كنا من البداية خطأ. ■ ما رأيك فى الجدل القائم حول اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية التى ستضع الدستور؟ - المشكلة فى الشك فى الآخر، قالوا فى البداية نأتى بلجنة من الشعب لوضع الدستور، ثم شككوا فيهم وقالوا لا يجوز أن تكون اللجنة الخصم والحكم، والآن المعترض هم الإخوان على من سيشكل اللجنة التأسيسية، وكيف يكون الـ٨٠ عضواً من خارج المجلس، وللأسف ثقافة المثقفين هى التشكيك والنكران، إذن لن نتقدم، يجب أن تكون هناك إدارة حاسمة مثل المجلس العسكرى تقول لهم تريدون «شكاً أم نكراناً»، هو الذى يحسم المسألة بحكم سلطاته الحالية، ويجب أن يكون لدينا إيمان بقوتنا الداخلية، ولا ننكر العلم ولا ننكر الدول التى تقدمت ويجب أن نطبق منهجاً. ■ بعض الناس يتفقون معك.. لكن لا يوجد حل لمنهج التشكك فى المجتمع المصرى، لأنه أصبح مرضاً مجتمعياً مزمناً، على حد قول البعض؟ - أختلف مع ذلك، لا شىء اسمه مرض مجتمعى معدٍ، ليس له علاج مثل المرض الإنسانى، فى أمريكا كانوا يقاتلون بعضهم البعض فى الشارع ليل نهار، وبعد سيادة دولة القانون تقدموا بعد وضع دستور وتطبيق منهج إدارى علمى والآن هم أقوى دولة فى العالم، ولو أن هذا الكلام ينطبق عليها سينطبق على كل الشعب، لأنه كان يقبل ذلك لمدة ٣٠ عاماً، والإدارة المركزية كانت نرجسية قبل الثورة والاحتكار أخطر من الاستعمار. ■ ما أهم الأشياء التى يجب القضاء عليها لينصلح حال البلاد؟ - أولاً تطهير البلد من القيم الفاسدة، ولدى منطق «القوة الناعمة» لأحارب بها وهى العلم والتعليم والتعلم والبحث العلمى والعمل والقيم والوقت، واحترام الرأى الآخر دون شك والأمل، ودونها لن نتقدم، فنحن مقبلون على كارثة إن لم نصلح أحوالنا، فالسياحة انخفضت والصناعة والتعليم شبه متوقفين تقريباً، والزراعة متدهورة، لأن لدينا عقولاً خاماً، وبالتالى نصدر خاماً فنحن أمام مفترق طرق، والاقتصاد الحالى يتكبد خسائر يومياً تصل إلى أكثر من ٣ مليارات جنيه، فنحن نستورد أكثر من نصف الغذاء. ■ ما رأيك فى بعض التيارات الإسلامية الجديدة على ممارسة السياسة مثل السلفيين، الذين استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم فى الانتخابات من خلال اللعب بورقة الدين؟ - أنا مرعوب على الشعب المصرى من هؤلاء، فالإخوان المسلمون قيادة واضحة للسلفيين ونجاحهم شجع السلفيين، والآن يوجد صراع بينهم على من يحكم الآخر، ولو طبقنا فكر السلفيين سنرجع إلى الوراء، انظرى إلى كلمة «السلفى» تعنى الماضى أى نرجع إلى الوراء، مصر ليست مهددة من الغرب، على قدر تهديدها من الفكر المتخلف من بعض التيارات الإسلامية. ■ هل يمكن أن نشبه الثورة المصرية بأى ثورات إصلاح أوروبية؟ - الدول الأوروبية متحررة بطبيعتها، لأن الدين لم يرتبط بالسياسة، والحكم الشيوعى مثلاً ألغى الدين، فكانوا متحررين من رجال الدين، فمن آلاف السنين دخل الدين فى سياسات الأمم، فتأخرت الأمم حتى فى المسيحية، أوروبا فصلوا الدين عن السياسة، ولذلك تقدموا. ■ ما القوة السياسية لغير الإسلاميين، التى من الممكن أن تنافس على الرئاسة؟ - لو طرح مرشح من المجلس العسكرى فى تلك الحالة ستتغير إرادة الشعب بعيداً عن الدين. ■ هل للجيش أن يطرح شخصاً ويوفق رغم كل ما يحدث منه تجاه المعتصمين؟ - المهم أن يضع برنامجاً محدداً، وأن يقول متى يبدأ، ومتى ينتهى، وفى أى مجال أو قطاع ومهما يفعل الجيش فالشعب المصرى يحبه وحتى الآن لا أحد يعلم إلا من خلال التحقيق من المخطئ فى تلك الأحداث. ■ من الأكثر استفادة من كل ما يحدث؟ - الذى يريد أن يسيطر على الموقف أو يستفيد من ورائه. ■ من تقصد؟ - كل من يمول من الخارج أو له استراتيجية أو يسعى للحكم دون وجه حق. ■ ما رأيك فى التجربة التونسية، ونجاح حزب إسلامى بها، ولم يكن لديهم التخوف الموجود فى مصر من المد الإسلامى؟ - تونس ثقافة إسلامية فرنسية، نتيجة الاحتلال الفرنسى، الذى يمحى ثقافة الشعوب، ويبدأ بث ثقافته الاستعمارية داخل الدول، أما الإنجليز فى مصر فكانوا طبقيين ينتقون طبقة معينة من الشعب وينشئون لهم مدارسهم الخاصة، ولا يهتمون بباقى الشعب لذلك لم تمح الثقافة المصرية. وحزب النهضة فى تونس ليس مثل الأحزاب الإسلامية هنا مثل السلفيين، فهو ليس متشدداً ولم يرجع ألف سنة للوراء، «بمعنى إسلام مودرن» أو «إسلام حديث»، وأنا أتمنى أن يكون الإخوان مثلاً يحتذى به فى الإسلام الحديث، لأن القرآن الكريم يصلح لأجيال قادمة لمئات السنين، وينفع لجميع العصور، والإسلام دين كل العصور، ويجب أن نطبق الإسلام على العصر الحالى وليس على ما فات من عصور، قوة الإسلام فى المسلمين، وقوة المسلمين تأتى بالعقل، والعلم أفضل ما أعطاه الله لنا، ويجب أن نكون تنافسيين، وننافس العالم، كيف ننافس العالم؟ العالم يأتى لنا بالمنتجات الدوائية والسيارات وأشياء أخرى، بماذا أنافس أنا؟ بالإسلام هو الحل، لو ردد حزب الإخوان شعار «الإسلام هو الحل» ولم ينجح هذا الحزب، ولم تحل المشاكل هل وقتها نقول إن الإسلام سبب تخلفنا؟! الإسلام ليس هو الحل بمعنى الكلمة، لكن المسلمين أنفسهم بالعلم والتقدم وليس فقط بأن نكون مسلمين، يجب أن يكون لدينا إسلام مبنى على العقل والعبادة. ■ إذن كيف تقدمت الأمم التى حكمها الإسلاميون مثل تركيا؟ - أتخوف من الطريقة التى تدار بها مصر، فهى طريقة لا تفكر فى المستقبل بعمق، والدول التى تحكم بإسلاميين تقدمت، لأن القائمين على الإدارة اختاروا مديرين فى جميع القطاعات والمؤسسات، محددين فى منهج واحد يعرفون ماذا يريدون، وكيف يصلون ببلادهم إلى الهدف المحدد، ولكى تطبق هذا فى مصر، يجب تغيير ثقافة الإدارة فى مصر والقضاء على ثقافة الانتظار والتعايش مع المشكلة وعدم مواجهتها ومعرفة كيفية التعامل معها، فمثل هذه الدول، لم تنافس بالإسلام ولم تدخل الدين كأساس لكل أعمالها كما يحاول البعض أن يدعى عليها وكل ما سبق توضيحه. ■ ما تعليقك على أداء «حكومة الجنزورى» فى بدايتها.. وكيف تعبر المرحلة بسلام، وما الذى ينقصها لتنجح، وقد منحت صلاحيات عديدة؟ - ما ينقص أى حكومة مصرية هو الإدارة وهى ضرورة أن تقوم الحكومة بوضع خطة مستقبلية، بخطوات محددة وبتوقيتات وأهداف محددة، وتجميع الأفكار كلها فى منهج واحد، والعمل على تحقيقه، فنحن لدينا سوء إدارة استغلال موارد الدخل القومى، فلدينا أفضل قطن فى العالم نحن نصدره خاماً، وليس فى صورة صناعات قطنية، مثل بنجلاديش التى حولت بيوتها إلى مصانع صغيرة، وكذلك السياحة، عندنا مقدرات هائلة تؤهلنا لنكون من أحسن دول العالم فى السياحة مثل إسبانيا، ونستغل هذا ونحن توجد لدينا أجمل سواحل طبيعية فى العالم، لماذا لا تصبح الإسكندرية مثل دبى؟!، بل يجب القضاء على الاحتكار من خلال العمل بنظام الملكية الشعبية، وإصدار قوانين تجرم الاحتكار، بمعنى أن يشارك الشعب بأسهم فى المشروعات الكبرى، التى تحقق تنمية اقتصادية للبلد مثل شركة جنرال موتورز، فهى ليست ملكية خاصة ولا حكومية، إنما شعبية، وهذه الشركات حدث فيها تقدم عندما تم تغيير الإدارة التى كانت قائمة عليها. ■ كيف نستطيع أن ننهض بمصر اقتصادياً بعد التراجع الملحوظ؟ - لا يوجد اقتصاد دون سياسة، ولا سياسة دون اقتصاد، ولا توجد ثقافة دون أن يكون لها هدف سياسى واقتصادى، ولنستطيع أن ننهض بمصر ونطورها لابد من تأسيس دولة مدنية حديثة مبنية على البحث العلمى والابتكار، وهذا لا يتم إلا من خلال تحديث للإدارة، ونشر ثقافة احترام الوقت والعمل، وتعظيم قيمة مصر كبلد ديمقراطى، والتخلى عن ثقافة الإهدار واختيار القيادات، ونضع ميزانية خاصة لهذا، ويمكن توفير هذا المبلغ من خلال ودائع المصريين فى البنوك، ونقوم باستثمار ذلك فى مشروعات كبرى، مثل الصناعات البديلة فى الطاقة المتجددة أو صناعات البتروكيمايات أو التنمية الزراعية، ونسعى لإقامة مشروعات خدمية مثل الطرق والمواصلات، لابد أن نفتح شرايين مصر، ونحاول أن نحل الأزمات المعلقة، خاصة أزمة المياه مع دول حوض النيل. ■ كيف ترى وضع الأقباط فى مصر بعد المد الإسلامى وضعف تمثيلهم؟ - لا نقبل مساومة فيه، المواطن المصرى مصرى، بصرف النظر عن دينه أو لونه أو عرقه، له حقوق وعليه واجبات، والمشكلة مشكلة إدارة شعب، وسيادة دولة القانون هى التى تحكم الجميع كيف يتم وضع الدستور وما محتواه، تلك هى القضية. ■ ماذا عن ملف الطاقة.. وكيف تراه حالياً؟ - ليس ملف الطاقة فقط، جميع ملفات النهضة والتقدم متوقفة فى مصر، لأن الإدارة ضعيفة، ولا توجد لدينا نية حقيقية للتقدم وإذا انصلحت الأحوال سنجد كل الأمور تسير إلى الأفضل وليس الطاقة فقط. ■ كيف ترى وضع مصر بعد الثورة «عربياً» ودولياً؟ - نحن فعلنا عملاً جباراً، وجميع العالم وضع توقعات لمصر بأنها ستصبح دولة عظيمة، وهذا بسبب شباب الثورة، الذين كنا نأمل بحلمهم وتعلمنا منهم، والجيش المصرى فى نظر العالم أكثر الجيوش تحضراً، وأكبر دليل ما يحدث فى سوريا واليمن، ففى البداية كان شكلنا مبهر أمام العالم، لكن حالياً أصبح يوجد لدينا بعض التشكك، بعد التقاعس فى الأمور وسوء الإدارة بعد الثورة وعدم تقدير أنفسنا، وعدم استغلال قدراتنا بشكل جيد، كما أن ما يحدث حالياً فى التحرير يعطل المسيرة. ■ ما مدى تأثير الإعلام فى نجاح الثورة؟ - كلمة إعلام لا أحبها، مفهوم الإعلام قديماً هو الإعلام الحكومى أو المنساق وراء الحكومة أكثر من ٦٠ سنة، ننافق فقط أو ننتقد فقط، وهذا فى الفترة الأخيرة، وهذا إعلام عقيم لأنه يغلق العقول، عند شىء أو مع شىء أو ضد شىء، ولأن مفهوم الإعلام فى العالم كله هو «ميديا تولز» يعنى أدوات إعلام، فيجب أن تستغل الأدوات هذه فى تعليم الشعوب وترسيخ مبادئ وقيم دون التأثير على إرادتهم، وأرى أن الإعلام الموجه وراء إنجاح الثورة، وبالفعل حينما حاول الإعلام التحرر من قيود الدولة أظهر المساوئ، وكانت النتيجة هى الثورة، ولأن العيوب فقط ظهرت دون تعلم أو ترسيخ مبادئ، جاءت الانتفاضة دون حلول ثورة ناجحة ونتائج غير مرضية. ■ كيف نعيد هيبة مصر بعد الثورة أمام الدول العربية؟ - الهيبة لن تأتى إلا بقوة ردع علمية واقتصادية وعسكرية، ونعود لنؤكد ونقول إذا كانت الإدارة قوية وحازمة وعملية ستكون لدينا هيبة، كيف تكون لنا هيبة ونحن نتسول من العرب أموالاً؟، الهيبة فى القوة الداخلية من قدرة الإدارة على تفعيل القوة الناعمة إلى تحويلها إلى قوة ضاربة فالصين منذ ٢٠ سنة لم تكن لها قيمة وحالياً لها ألف حساب حتى أمريكا تعمل لها حساباً. ■ هل اتصل بك أى من الأحزاب الجديدة بعد الثورة للانضمام إليه؟ - نعم.. بعض الشباب تكلموا معى، لكننى أحب أن أنشر أفكارى بعيداً عن أى صراعات سياسية، فكنت أحارب كثيراً، وأنا فى الحزب الوطنى، وأخيراً تركته بعد فشل المحاولات لإصلاح الأوضاع، ولم يسمع لى أحد للأسف، وبعض الشباب لديهم حماس كبير ومذهل، لكنهم لا يسمعون إلا أصواتهم فقط |