القرآن العظيم، هو وحده ذلك المهدي، إلا أنه غير منتظر ما دام بين ظهرانينا
القرآن العظيم، هو وحده ذلك المهدي، إلا أنه غير منتظر ما دام بين ظهرانينا

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ١١ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


*****
القرآن العظيم، هو وحده ذلك المهدي، إلا أنه غير منتظر ما دام بين ظهرانينا.
===============
(الجزء الأول
ومن حسناته أن الأستاذ عدنان الرفاعي يترجى الجميع أن يقتصر اهتمامهم بنصوص من القرآن العظيم بكل تجرد، وأن لا يلتفتوا للموروث في مسألة المسيح عيسى عليه السلام وموضوع إمكانية رجوعه أو عدم رجوعه إلى هذه الدنيا. وإن هذا ما جاء في مقال نشره الأستاذ إبراهيم دادي - مشكورا - بتاريخ السادس جويلية 2022 في موقع أهل القرآن.
وإن هذا المقال وهذا الموضوع بالذات كان ولا يزال مثيرا لتساؤلات شتى، بين منتظر عودة عيسى عليه السلام، وبين من يرى ذلك من المستحيلات. فمن الناس من لا يرى مانعا في أن المسيح عيسى سيرجع يوما إلى الأرض، وكما لا يرى مانعا في أن هناك من يسبقه -عليه السلام- وهو كاذب في ادعائه وتقمصه شخصية المسيح، ولا يرى مانعا في أن البشرية ستفرض عليها فتنة أو اختبار جديد لا يستهان به، وهو التفريق بين المسيحين !?
ومن الناس من يصدق وبكل اطمئنان أو بكل سذاجة ما جاء في قول (العلماء) بأن هذا المدعي الدجال يسمى بالمسيح لأنه يمسح على الناس، خبيرا بمسحه المريض، ومحي الموتى، وما إلى ذلك من الخوارق، وفي أقوال أخرى أنه يسمى بذلك لأنه ممسوح العين، كما جاء في حديث عن حذيفة بن أسيد الغفاري عن رسول الله (ص) أنه قال: " إن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" إلى غير ذلك من الإشاعات والادعاءات والافتراءات عند البعض الذين يرون أن كل هذا صحيح، وحقيقة، وبين البعض الآخر الذين يتملكهم دوار من شدة الرفض واستحالة الموضوع سواء بالنسبة لسيدنا عيسى المسيح - عليه السلام - أو لذلك المدعي المفتري الكذاب الدجال.
.../... – 2 –
ويقول المصدقون المنتظرون عودة عيسى -عليه السلام- أن مهمته هي: قتل المسيح الدجال، (وهذا يعني أن الانسانية ستبتلى بالتقاء الرجلين، أي المسيحين معا في نفس الوقت)، ويكسر عيسى عليه السلام الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل في أهل الكتاب إلا الإسلام أو السيف.
أما عن غير المصدقين، الذين لا ينتظرون أحدا، لا المسيح الأول المدعي الدجال، ولا الثاني -عليه السلام- ولا حتى المهدي، لأن هناك آخرين ينتظرونه هو الآخر، إن غير المصدقين يستمدون اعتقادهم وطمأنينتهم من:
01)- الآية الواردة في سورة الأعراف : (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين وكان الله بكل شئ عليما).
02)- ثم، عندما يعتقد المعتقدون أن محمدا هو حقا رسول الله وخاتم النبيئين، وأن الله لم يفرط في الكتاب من شئ، وبما فيه من كون محمد ما هو إلا رسول الله وخاتم النبيئين، الآية رقم: 38 من سورة الأنعام: (... وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون). فإن هذا الصنف من المعتقدين يتساءلون حتما عن: ما محل المسيح الراجع - عليه السلام - من الإعراب !? ألا يتناقض رجوعه مع كون الرسول النبي الذي صلى عليه الله هو وملائكته خاتم النبيئين؟؟
03)- ثم، ألا يكون التصديق بظاهرة رجوع السيد المسيح - عليه السلام - بصفة أو بأخرى إقرارا بأنه صلى الله عليه وسلم غير خاتم النبيئين؟ ما دام هناك من آت جديد، وخاتم جاء بعده كخاتم؟
04)- ثم يستمر غير المصدقين بما يعتبرونه صادما للعقل ومتناقضا مع تعاليمه سبحانه وتعالى متسائلين : ألا يكون المسلمون المؤمنون الصادقون حقا هم الذين يكونون بفضل الله الذي هداهم لتلك الاستقامة ولتكل الحنيفية هم الذين كسوا الصليب، وهم الذين قتلوا الخنزير، وهم الذين أداروا ظهورهم لذلك الافتراء الوارد في هذه الجملة : (ولا يقبل من أهل الإسلام إلا الاسلام أو السيف)، وذلك بتطبيقهم خير تطبيق وأصح تطبيق الآية رقم 102 في سورة آل عمران : ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون). والآيةرقم 103 :
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون).
05)- وهكذا، فإن غير المصدقين بما يعتبرونه صادما للعقل ومتناقضا مع تعاليمه سبحانه وتعالى، يستمرون في تساؤلاتهم وسط حيرتهم المحيطة بهم :
أ )- ما دامت حالة المسلمين تصرح صارخة، ومنذ عشرات القرون، بأنهم غير معتصمين بحبل الله، وما دامت حالتهم تقر بأنهم متفرقون وغير شاعرين ولا مستشعرين تلك النعمة التي أنعمها الله عليهم.
ب )- وما دامت حالتهم تدل على كونهم لم يقدروا حق قدرها تلك النعمة التي كانت في عهد من العهود مؤلفة بين قلوبهم وصيرتهم إخوانا وأنقذتهم من حفرة النار التي كانوا شفاها.
ج )- ثم، ما دامت حالتهم تنبئ وتصفهم بأنهم فرقوا دينهم على علم منهم، وبكل إصرار وبكل ما في صفة البغي من معان. جاء في الآية رقم: 159 من سورة الأنعام : (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).
د )- ثم، ما دامت حالتهم تنبئ وتصفهم كذلك بأنهم من أولئك الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا بأتم معنى الكلمة، وفضلا عن ذلك فكل حزب ما لديهم فرحون مغتبطون، ومقللين ومبخسين ما عند الطرف المقابل: (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) .31+32 في سورة الروم. وإن هذه الآية تبدو أكثر تهديدا وأكثر خطورة لأنها تصف بالمشركين من يتصف بتلك الصفة التي يعتبرها الله ظلما كبيرا.
هـ )- وأخيرا ما دام الرسول سيقول حتما يوما ما من أيام القيامة قولته المشهورة: (وقال الرسول يا ربّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا). سورة الفرقان – 30 -
و )- وبعد كل هذا، فإن الحلم الذي يراود المخلصين لله مفاده هو: إن كانت البشرية في حاجة إلى من يرجع لها وإلى حاجة من الصبر في انتظاره فإن هذا المنتظر ليس من صنف المسيح الدجال، ولا من صنف المسيح عيسى عليه السلام، ولا من صنف المهدي، ولا غيرهم، فالذي هو جدير بالانتظار وبكثير من الصبر الجميل هو: محمد رسول الله عليه الصلاة والتسليم، نعم إن هذا الرجل هو الذي ينبغي أو يجب عليه أن يرجع لأنه عندها سيفاجأ حتما أيما مفاجأة من تلك الأكوام الهائلة من الأكاذيب والادعاءات والافتراءات التي ستتطلب من الله العلي القدير أن يعينه ليتصدى لها سبحانه وتعالى وليجعلها دكا. وهنا فقط ينتبه المؤمنون المخلصون الحالمون برجوعه عليه الصلاة والتسليم، و يستدركون هفوتهم ويصيحون ويصفقون ويهللون من القلب المخلص فرحين لأنهم وجدوها ومثلهم يومئذ مثل ذلك العالم الكبير في الفيزياء عندما تنتهي حيرته من تلك المعادلة ويخرج إلى الشارع بصراخه أني وجدتها... وجدتها . ولسان حال هؤلاء المؤمنين المخلصين يقول: ما لنا وما قولنا كذا ومعنا الرسول الذي هو أصلا لم يغادرنا يوم ؟ ما لنا هكذا والقرآن العظيم هو وحده ذلك الهدي غير المنتظر ما دام بين ظهرانينا ؟

اجمالي القراءات 2677