قراءة فى خطبة موقف المؤمن من الزلازل

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٨ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى خطبة موقف المؤمن من الزلازل
الخطيب أسامة خياط وقد استهل الخطبة لمقدمة تقليدية فقال :
"الحمد لله الذي يفعل ما يشاء، أحمده سبحانه له الخلق والأمر في الأرض والسماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كريم الإحسان عظيم الآلاء، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، إمام المتقين وخاتم الأنبياء، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما أهلَّ صبح أو أطلَّ مساء."
وتحدث عن غياب علم الساعة الناس وأن الله وحده المختص بها فقال :
"أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله الذي لَه مَقاليد السماوات والأرض، واذكُروا أنَّكم موقوفون بين يديه في يومٍ تشخَص فيه الأبصار، يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52]. فأعدّوا ـ يا عبادَ الله ـ لهذا اليومِ عدَّته، ولا تغرّنّكم زهرةُ الحياة الدنيا وزينتُها وطول المقام بها، ولا يغرّنّكم بالله الغَرور.
أيّها المسلمون، إنّ من تقدير الله تعالى الحكيمِ الخبير أن حجبَ العلم بوقتِ قيامِ الساعة عن جميعِ خَلقه، واختصَّ بِهِ وجعَله مِن غيبِه الذي لم يظهِر عليه ملكًا مقرَّبًا ولا نبيًّا مرسلاً كما قال سبحانه: يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الأعراف:187]، وقال عزَّ من قائِل: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب:63]، وقال تعالى: وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الزخرف:85]."
وتحدث خياط عما سماه أمرات وأشراط الساعة فقال :
"غيرَ أنَّ النبيَّ أخبر بما جاءَه من ربِّه، أخبر عن أماراتِها وأشراطِها، وهي العلاماتُ الدّالّة على قربِ وقوعِها ودُنُوِّ زَمانها، فكان وقوعُ هذه الأخبار النبويّة الصادقة دليلاً مِن دلائل نبوّته وعلَمًا من أعلامها وآية بيّنةً على صِدقِه صلوات الله وسلامُه عليه فيما أخبر به عن ربِّه."
وبالقطع لا يوجد فى وحى الله ما يسمى بعلامات الساعة وإماراتها لأن لو كان هناك علامات وأمارات لعرف الموعد وهو ما يناقض اختصاص الله وحده بها :
الغريب انه ألف مئات الكتب فى علامات الساعة ولم ينتبه أحد إلى أن وجود تلك العلامات يعنى معرفة قرب الساعة ولا أستثنى نفسى من ذلك الخطأ
والحقيقة :
أن القيامة غائبة تماما ليس لها علامات تبين قرب وقوعها ولا بعد وقوعها
وأما حديث الله فى الوحى عن أشراطها وهى أحداثها فقد فهمناها خطأ على أنها علامات نتيجة تلك الكتب
فالأشراط جاءت فكيف تجىء الأشراط وهى أحداث القيامة قبلها
ولقد أخطأت فى الفهم عندما اعتبرت فى أحد كتبى أن دابة الأرض علامة ولكنها حادث لا يحدث إلا فى القيامة كما قال تعالى :
"وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون"
فوقوع القول يعنى حدوث القيامة وأن الدابة واحدة من أحداثها
ولكن تبين أن الأشراط هى الأحداث هى التى تقع فى القيامة نفسها وليس قبلها
ولو كانت الأشراط علامات قبلها لعرف قرب موعدها كما نعرف أن كثرة السحب وسواد السماء دليل على كون المطر قريب وكما نعرف أن شدة سطوع الشمس فى أول النهار دليل على أن اليوم يوم قائظ فنحتمى فى البيوت
وتحدث خياط عن أن من علامات الساعة كثرة الزلازل فقال:
"ولقد كان مما أخبرَ به من أشراط الساعة كثرةُ الزلازل التي تكون في آخرِ الزّمان كما جاء في الحديث الذي أخرجَه البخاريّ في صحيحه وابن ماجه في سننه، ولا ريبَ أنَّ في هذه الزلازل ـ يا عبادَ الله ـ منَ الرّزايا والبلايا والآلام النّاشئة عن نقصِ الأموال والأنفسِ والثّمرات وخرابِ العمران ما لا يأتي عليه الحَصر ولا يستوعِبه البيان، غيرَ أنها لا تخلُو مع ذلك من آثارِ رحمةِ الله بعباده وكريمِ عِنايتِه بهم وعظيمِ إِحسانه إليهم، وقد جاءَ بيان هذه الحقيقةِ وإيضاحُ هذا المعنى في الحديثِ الذي أخرجه الإمام أحمدُ في مسنده وأبو داودَ في سننه والحاكم في مستدركِه بأسانيدَ بعضُها حِسان وبعضُها وصِحاح عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنه قال: ((أمّتي هذه أمّةٌ مرحومة، ليس عليها عذابٌ في الآخرة، عذابُها في الدنيا الفِتَن والزّلازل والقتل)).
وهذا الحديث ـ كما قال أهل العلم ـ واردٌ في الثناء على هذه الأمّة ومدحِها باختصاصها بهذه الفضيلةِ الدالّة على عنايته سبحانه ورحمتِه بها وإتمامِه النعمةَ عليها برفعِ الآصارِ والأغلال التي كانت على الأممِ مِن قبلها؛ مِن قتلِ النّفس في التوبة وقرضِ النجاسة من الثياب وتحريمِ الأكل منَ الغنائم، ومعناه أنَّ غالبَ أفراد هذه الأمّة مجزيٌّ بأعماله في الدنيَا بالمحنِ والأمراض والرزايَا التي منها الزلازلُ تكفيرًا وتَطهيرًا، كما جاء في الحديث الآخر الذي أخرجه الشيخان في صحيحَيهما عن أبي هريرةَ وأبي سعيد الخدريّ رضي الله عنهما أنَّ النبي قال: ((ما يصيب المسلمَ من نصبٍ ولا وصَب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يُشاكها إلاّ كفَّر الله بها من خطاياه))، والنّصَب التعَب، والوَصَب المرض، وفي صحيح البخاريِّ أيضًا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنه قال: ((من يرِدِ الله بِه خيرًا يصِبْ منه))، أي: ينزل به مِن ألوانِ المصائب ما يكون كفّارةً لذنوبه إذا صبَر واحتسب، أمّا أهل الكبائر من أهلِ التوحيد الذين ماتوا على غيرِ تَوبة فهم تحت مشيئةِ الله تعالى، إن شاء عذّبهم، وإن شاء غفَر لهم، لقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ الآية [النساء:48]، كما هو مقرَّر في معتقَد أهل السنة والجماعة."
وبالقطع الحديث الذى رواه خياط ليس فيه أى إشارة للقيامة وهى الأخرة وإنما نصه فى الدنيا بقوله:
" عذابُها في الدنيا الفِتَن والزّلازل والقتل"
ومن ثم الرواية تنقض فهم خياط تماما ومن الواجب الإشارة إلى وجود رواية أخرى هى :
" لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض."
ومن قرأ الرواية سيتوصل إلى أن ألأشياء المذكورة تحدث قبل الساعة دون تحديد لوقتها بالقرب أو البعد
ومن يتمعن سيجد أن تلك الأحداث وقعت فى الزمان قبلنا وتقع فى حياتنا وستقع بعدنا
وأما كثرة الزلازل فأمر موجود منذ أزمان متطاولة فلا يكاد يمر عام دون أن تحدث عدة مئات أو آلاف من الزلازل الخفيفة والمتوسطة واحيانا الكبرى
وهو أمر معروف فى علم الجغرافية وهناك مناطق معينة تنشط فيها الزلازل كل عام يسمونها بحزام الزلازل ومع هذا لم تقع القيامة حتى ألان رغم تلك الكثرة
بالطبع لو سأل خياط معاهد الزلازل هنا وهناك لعلم تلك الحقيقة ولكن وسائل الإعلام لا تذكر سوى الزلازل المتوسطة والكبرى وهى قليلة العدد تعد بالعشرات وأما الزلازل الخفيفة وهى بالآلاف فلا أحد من وسائل الإعلام يذكرها لأنها لا تحدث دمارا ولا قتلى
وطالب خياط المسلمين بالتفكر والاعتبار بالزلازل ومن ثم الخوف من عقابه فقال :
"ألا وإنَّ المسلِمَ اللبيب ليقِف أمامَ هذه النوازل موقفَ التفكُّر والاعتبار بتذكُّر قوّةِ ربِّه الأعلى وقدرتِه سبحانه، تلك القوة والقدرة التي لا تماثِلُها أيُّ قوّةٍ أخرَى مهما بَلغت من السطوةِ ومهمَا حازت من أسبابِ التمكينِ في الأرض، فلا عجبَ أن وصف ربُّنا نفسَه بالقويِّ فقال عزّ من قائل: مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:74]، وقال تبارك وتعالى: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21]، وقال جلّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58].
فإذا استقرَّ هذا المعنى في قلبِ العبد أورَثَه خوفًا من ربِّه وتعظيمًا وإجلالاً له وخُضوعًا وإِخباتًا وإنابة إليه ومحبّةً ورجاء لما عنده وطاعةً له ونُفرةً مِن معصيتِه."
وطالب المسلمين بالدعاء والتضرع لله عند حدوث الزلازل فقال :
"ثم إنَّ افتقارَ العبد إلى كمال اللّجوءِ إلى اللهِ تعالى بدعائِه والتضرُّع إليه وكثرةِ ذِكره واستغفاره والإحسان إلى عبادِه بالصّدَقات وبسائر ألوانِ البِرِّ الأخرى التي يعمُّ نفعُها، كلُّ هذا دائمٌ متأكِّد في كلِّ الأوقات، لكنّه في وقت الشدائدِ أعظم تأكُّدًا، مع لزوم المحافظةِ على الصحيحِ الثابت من أذكارِ الصباح والمساءِ لما فيها من تحصُّنٍ واستعاذةٍ بالله تعالى واحتماءٍ بسلطانه القويِّ الأعلى مِن جميع الشرور والآفات ومِن طوارِقِ الليل والنهار."
وطال خياط المسلمين بإغاثة المتضررين من الزلازل فقال :
"ولا ريبَ أيضًا أنَّ قِيامَ المسلمين بنَجدةِ المنكوبِين وإغاثةِ الملهوفِين ومَسح البؤسِ عن جبين البائِسين ممن نزَلت بهم هذه النوازلُ وحلَّت بديارِهم هذه الزلازل هو من أفضلِ الأعمال وأزكاها عند الله تعالى؛ لأنها مِن صنائعِ المعروف التي بيَّن رسولُ الله حُسنَ العاقبة فيها بقوله في الحديثِ الذي أخرجه الحاكم في مستدركِه بإسنادٍ صحيح عن أنسٍ رضي الله عنه أنّه صلوات الله وسلامه عليه قال: ((صنائِعُ المعروف تقِي مصارعَ السّوء والآفاتِ والهلَكات، وأهلُ المعروف في الدنيا هم أهلُ المعروف في الآخرة))،"
والحديث السابق باطل فعمل الصالحات لا يمنع مصرع السوء لأن من يصرعون أى يموتون ميتان شنيعة أغلبهم من المجاهدين فى سبيل الله كالذى تتناثر أشلائه نتيجة تفجو قنبلة أو صاروخ أو ما شابه
فكم من مسلم استشهد بطرق يصفها البشر بالشنيعة ومع هذا مصارعهم هى مصارع خير لهم كما قال تعالى :
"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون"
وتحدث عن رحمة الناس فقال :
" كما أنها دليلٌ على الاتِّصافِ بصفة الرّحمة التي أوضح رسول الله ما لِصاحبها عندَ ربِّه بقوله : ((الرّاحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحَموا من في الأرض يرحَمْكم من في السماء)) أخرجه أحمد في مسنده وأبو داودَ في سننه والحاكم في مستدركِه بإسنادٍ صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وفي الصحيحَين من حديث أسامة بنِ زيدٍ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنه قال: ((إنما يرحَم الله من عباده الرّحَماء))، وفي الصحيحين أيضًا عن جريرِ بنِ عبد الله رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله قال: ((من لا يرحَم النّاسَ لا يرحمه الله))، وأخرج أبو داودَ والترمذيّ في سننهما وابن حبّان في صحيحه والحاكم في مستدرَكه بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ الله أنّه قال: ((لا تنزَع الرحمةُ إلاّ من شقيٍّ))، وصدَق سبحانه إذ يقول: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]."
وأحاديث الرحمة معناها صحيح إلا الحديث الأول الذى يثبت وجود الله فى مكان هو السماء بقوله" يرحَمْكم من في السماء"
فقد كان الله ولا مكان ولن وجوده فى المكان يجعله يشبه الخلق وهو ليس مثلهم كما قال :
"ليس كمثله شىء"
وأنهى خطبته الأولى بالدعاء فقال :
"نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم"
واستهل الثانية بالمقدمة التقليدية فقال:
"الحمد لله كاشِفِ الغمِّ وفارِجِ الهمِّ، مجيبِ دعوة المضطرّين، أحمده سبحانه يثيب الصابرين ويجزِي الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسوله قدوةُ الصالحين وإمام المخبِتين، اللّهمّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين."
وتحدث خياط عما سماه أجهزة الإنذار المبكر للزلازل فقال:
"أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، إنَّ صدقَ الالتجاء إلى الله تعالى هو كَمالَ الضراعة إليه وحُسنَ التوكّل عليه لا ينافي اتخاذَ الأسباب التي يُرجَى بها بفضلِ الله تعالى دفعُ المكروه ودَرء الشرّ وذَودُ الخطَر والتخفيف من آثارِ المصائبِ والبلاء الناجِمِ عن هذه الزلازل وأمثالِها من البأساءِ، كاستعمالِ أَجهزَةِ الإنذارِ المبَكِّر مثلاً وما في معناها مِن أجهزةٍ ووَسائل عِلميّة؛ لأنَّ كلَّ ذلك من نِعَم الله التي هيّأها لعبادِه وهداهم إليها، فإنّه سبحانه علّم الإنسان ما لم يعلَم، ولا يفِرّ المسلم من قدر الله إلاّ إلى قدَرِ الله كما قال أمير المؤمنين الفاروقُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي عبيدةَ بن الجرّاح رضي الله عنه حين عجِبَ من نهيِ عمرَ رضي الله عنه عن دخولِ البلاد التي تفشَّى فيها الطّاعون فقال: أفرارًا من قدَر الله يا أميرَ المؤمنين؟! فأجابه الفاروق رضي الله عنه قائلاً: لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة! نعم، نفِرّ مِن قدَر الله إلى قدَر الله، أرَأيتَ لو كانت لك إبلٌ فهبَطت واديًا له عُدوَتان: إحداهما خَصيبةٌ والأخرى جدِبة، أليس إن رعيتَ الخصيبةَ رعَيتها بقدر الله، وإن رعيتَ الجدِبةَ رعَيتها بقدر الله؟! فجاء عبد الرحمن بنُ عوف ـ وكان متغيِّبًا في بعض حاجته ـ فقال: إنَّ عندي من هذا علمًا؛ سمعتُ رسول الله يقول: ((إذا سمِعتم به ـ أي: بالطاعون ـ بأرضٍ فلا تقدَموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه))، فحمِدَ الله عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، ثمّ انصرف. أخرجه الشيخان في صحيحيهما وهذا لفظُ مسلِم رحمه الله."
وهذا الكلام لا علاقة له بالعلم فلا يوجد أى جهاز علمى يقدر على تحديد موعد زلزال وإنما الموجود هى :
أجهزة رصد الزلازل والتى تبين وقوع الزلزال فى ساعته فقط وما بعده
ومن ثم لا وجود لأجهزة الإنذار المبكر فلو كانت تلك الأجهزة موجودة لمنعنا على الأقل الخسائر فى الأنفس بخروج الناس من بيوتهم إلى أماكن بعيدة ولكن لعدم وجودها واستحالة التنبؤ بموعد أى زلزال تجد الخراب والقتلى فى كل زلزال متوسط أو كبير
ومن ثم لا أحد يملك ذلك ولن يملكه مستقبلا لأن الغرض من الزلزال هو إعطاء البشر إنذارات عن قدرة الله عليهم ولكنهم يتجاهلون تلك الإنذارات الكبرى كما يتجاهلون الصغرى إلا من رحم الله
وأنهى خياط بنصائح للحاضرين قال فيها:
فاتقوا الله عبادَ الله، واقتدوا بالصّفوةِ مِن عِباد الرحمن في كمالِ اللّجوء إلى اللهِ تعالى والتوكّلِ عليه وشدّةِ الضراعةِ والإنابة إليه، مع اتِّخاذِ الأسباب التي هيَّأها الله لكم وهدَاكم إليها بمنِّه وكرمه وعظيم إحسانه.
واذكروا على الدّوامِ أنَّ الله تعالى قد أمَركم بالصّلاة والسّلام على خاتم النبيين وإمام المتقين ورحمة الله للعالمين، فقال سبحانه في الكتاب المبين: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اجمالي القراءات 3793