المتدبر المصدق لكتاب الله تعالى المتجرد من الموروث ومن الهوى لا يمكن إلا أن يتبع الكتاب وحده فقط.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في السبت ٠٢ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

هناك إشكاليات كثيرة بين ما نجد في الكتاب، وما نجد في كتب البشر وآراءهم، ومن بين الإشكالات مشكلة المواريث، التي نجد فيها بعض الاختلاف بين ما جاء في القرءان العظيم، وما هو معمول به بين ( الفقهاء) والعلماء، فهناك من يعتبر (الولد) هو الذكر فقط، بينما نجد أن القرءان العظيم ولسان العرب يعتبران كلمة الولد، تعني الذكر والأنثى، وسبب جعل الفقهاء لكلمة ( الولد) تعني الذكر، هو من أجل المحافظة على الثروة حتى تبقى بين العائلة، ولا تخرج لغيرها من الأصهار.
لنر سياق الآيات في الكتاب عن كلمة ( ولد) ونبدأ بآية الميراث قال رسول الله عن الروح عن ربه: يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ. بمعنى أن الله تعالى يوصي الناس في أولادهم، وهم الذكر والأنثى، لأنهم ولدوا من أبوين، قال الله تعالى: وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(3).البلد. أي ما ولد الوالد من ذكر وأنثى يسمى ولد. وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ. (233). البقرة. فهل الوالدات لا يرضعن الإناث من أولادهن؟
لنعود إلى الآية فنجد أن الله تعالى يخصص لكل جنس منهم نصيبه من الميراث فيقول سبحانه: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ. فلو كان الولد لا يعني الجنسين الذكر والأنثى، لما قال سبحانه في البداية: ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ). ولكانت صيغة أخرى ربما، وبعد ذلك يبين حظ كل جنس من الأولاد، ومن الملاحظ أن تقسيم فريضة الميراث مبنية على عدد النساء، فنجد التغير في الفريضة يتغير بتغير عددهن. يقول الله تعالى: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ. لاحظوا كلمة: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ). سواء كان الولد ذكرا أم أنثى، ولا فرق بينهما في التسمية، ثم يبين الله تعالى حظ الأبوين الوالد والوالدة عند عدم وجود الولد سواء كان ذكرا أم أنثى، حينئذ تتغير الفريضة فيقول: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ. وهنا يدخل الإخوة ويتغير حظ الأم لعدم وجود الولد من ذكر أو أنثى فيقول: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا. النساء 11.
لنر كلمة ( ولد) في لسان العرب:
الوَلِيدُ: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى. ابن سيده: ولَدَتْهُ أُمُّهُ ولادةً وإِلادةً على البدل، فهي والِدةٌ على الفعل، ووالِدٌ على النسب؛ حكاه ثعلب في المرأَة.
وكل حامل تَلِدُ، ويقال لأُم الرجل: هذه والدة.
وَوَلَدَتِ المرأَةُ وِلاداً ووِلادة وأَوْلَدَتْ: حان وِلادُها.

ولنا في كتاب الله تعالى أدلة أخرى على أن الولد يسمى به كل مولود ذكرا كان أم أنثى، قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ(10).آل عمران. هل كلمة (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ) يُقصد بها الأولاد الذكور فقط؟ أم يُقصد بها كلاهما الذكر والأنثى؟
إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا(98).النساء. الولدان هم الأولاد من ذكر وأنثى لأنهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، فرُفع عنهم الحرج. وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ.الأنعام. 151. هل كان العرب في الجاهلية يقتلون أولادهم الذكور، أم كانوا يئدون أولادهم الإناث؟ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.8/9.التكوير. يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(33).لقمان. (لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ). أي لا ذكر ولا أنثى يمكن أن يجزي عن والده ولا هو جاز عن ولده من ذكر أو أنثى. لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(17).المجادلة.
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14).التغابن.
نجد في القرءان العظيم آيات كثيرة تدل على أن الولد هو كل مولود بغض النظر عن جنسه ذكرا كان أم أنثى، لكن حب الدنيا وزينتها، جعل من الناس من يحرفون الكلمة عن مواضعها لحاجة في أنفسهم، وهي عدم قبولهم خروج المال من العائلة إلى الأصهار لوجود بناتهم زوجات خارج العائلة، ولأمر ما كان أكثر الناس يتزاوجون من أقاربهم حتى يبقى المال بينهم.
ولا أدل على ذلك ميراث النبي محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، الذي ترك زوجات وبنتا واحدة وعمه العباس، فحرموها من ميراث أبيها لعدم وجود ولد ذكرا معها. وانطلت الحيلة على باقي الناس إلى يومنا هذا، فإن الأنثى لا ترث في كثير من الأحوال، منها ميراث الكلالة حيث يرث أبناء الأخ الذكور دون الإناث، مخالفين في ذلك نص الآية المحكمة التي قال الله تعالى مُفتيا فيها ردا على تساؤل الصحابة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(176).النساء. يبين الله تعالى للناس الآيات حتى لا يضلوا لكن الشيطان أعمى أبصار بعض الناس فبدلوا وغيروا في الميراث حسب هواهم وما يعود عليهم بالنفع من متاع الحياة الدنيا مع الأسف الشديد. والله المستعان.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.
اجمالي القراءات 2854