فتاوى الرأي السديد للشيخ محمد عبد المجيد

محمد عبد المجيد في الخميس ١٩ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أوسلو في 30 نوفمبر 2006

رأيت فيما يرى النائمُ أنني أجلس في مكتب كبير من مبنى عتيق. كنت أرتدي ملابسَ أزهرية جديدة، وتحمل رأسي فوقها عمامةً واسعةً تسقط من فوق الأذُنَيّن فأحرّكها للأعلى بحذَر شديد كما يفعل الشيخ حسن نصر الله وهو يحكي عن اسقاط الصواريخ على إسرائيل أو اسقاط الحكومة اللبنانية.
فهمتُ أنني أصبحت مُفتياً للديار المصرية، وسمعت طرْقا خفيفا على الباب، ثم دخل سكرتيري ممسكاً بيمينه ورقةً بيضاء ودفعها إلى بيد م&Ntiluml; مرتعشة قائلا: فضيلة الشيخ.. هذه هي آخر الأسئلة التي تسلّمَتْها دارُ الإفتاءِ راجياً سرعةَ الاجابة عليها لأنَّ اصحابَها ينتظرون في غرفة الاستقبال بالطابق الثاني.
طلبتُ منه عدمَ تحويل أيّ مكالمة هاتفية لي حتى لو كان شيخ الأزهر يريد أن يبلغني تجديد الرئيس له إماماً أكبر على هذا الصرح الاسلامي الشريف، او إتصال جمال مبارك به لمعرفة رأي الشرع في نقل ملكية مصر من مبارك الأول لمبارك الثاني.
قبل أن تنتصف الشمسُ كبدَ سماء القاهرة متحديةً السحابةَ السوداء كنت قد انتهيت من الاجابة على الأسئلة وتسليمها لسكرتيري لكي يبرّد بها حَشا المنتظرين في الخارج بصبر نافد لعل مفتي الديار المصرية ينهي حيرتهم، فيأتيهم بالجواب المجيب للنابغة والنجيب.
قرأتُها بصوت مرتفع للمرة الأخيرة وكانت الأسئلة واجاباتي على النحو التالي................

السؤال الأول: هل الرئيس حسني مبارك هو حقا ولي أمر المسلمين وطاعته واجبة شرعا؟ 
* الرئيس حسني مبارك ليس وليا لأمر المسلمين لكنه مغتصب للسلطة، وناكث للعهد بعدما وَعَدَ في ولايته الثانية أنه لن يجدد للثالثة وهو الآن في ولايته الخامسة بعد عملية استغفال جمعي شعبي، فاستخف قومه فأطاعوه.
أما طاعته لغير المضطر فهي معصية للخالق، وكل مسلم يعمل على الاطاحة به يكسب سبعمئة حسنة لكل كلمة معارضة لحكمه الفاسد والارهابي.

السؤال الثاني: إذا كان المسلم متوجها لأداء الصلاة وأمامه مظاهرة ضد الرئيس حسني مبارك تطالب بالافراج عن المعتقلين الأبرياء، فهل يختار المسجد أم المظاهرة؟ 
* يختار المظاهرة بدون تردد، فأفضل الحسنات عند الله مواجهة حاكم ظالم، وأنت هنا تنقذ وطنك من أعتى طغاة العصر، وأكثر الفراعنة قسوة ودموية واستخفافا بعقول الناس وتزييفا لارادتهم ونشرا لكل أنواع الفساد من الغش والتهريب والمخدرات إلى نهب خيرات البلد واهدار أموال الدولة.

السؤال الثالث: ما هو الشرك الأكبر؟ 
* هو تعذيب مواطن بريء، واغتصابه وانتهاك حرمته والتهديد بأن يأتوا له بزوجته أو ابنته أو اخته لكي يمارس معها مأمور القسم أو أحد المخبرين الحيوانات الفاحشة أمامه.

السؤال الرابع: هل الأُمْيّة حرام؟ 
* نعم، هي حرام .. حرام .. حرام ، وأي مسلم لم يبلغ الخامسة والخمسين وبامكانه تعلم القراءة والكتابة ولم يفعل فقد أتى حوبا عظيما، ويشترك في الاثم والبهتان أقارب الأميّ من الدرجة الأولى الذين بلغوا الثامنة عشرة وتعلموا القراءة والكتابة ولم يعلّموها آباءهم وأمهاتهم.
فإذا وقف المسلم الأمي بين خيارين، الأول هو تعلم القراءة والكتابة والثاني انفاق المبلغ على رحلة للمسجد الحرام للاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فإن الخيار الأول هو الأقرب لروح الاسلام.

السؤال الخامس: هل يجتمع في قلب المسلم حب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحب الطاغية الارهابي حسني مبارك؟
* لا تجتمع الجنة مع النار، ولا يتساوى الطيب والخبيث، ولا الظلمات والنور، ولا الظل والحرور. إن المسلم الذي يحب جلاد الأمة ومعذب أبنائها وناهب ثروتها ومفسد عقولها ينبغي أن يتوب إلى الله من محبته للرئيس حسني مبارك، فهي وسوسة الشيطان، وإحدى الكبائر التي تدل على فساد العقل وتخلف الذهن، ومن يحب الطاغية مبارك عليه أن يتطهر من هذا الإثم بأن يستغفر ربه، وأن يقوم ثلثي الليل أو نصفه راكعا وساجدا لله أن الشيطان وسوس له فجعله يحب مجرما وفاسدا وطاغوتا ومزيفا ومزورا وكاذبا.

السؤال السادس: هل وجود آلاف المعتقلين الأبرياء وحرمانهم من أهلهم وأحبابهم وأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم وحريتهم وحقهم في حياة كريمة خارج السجن دليل على أن ولي أمر المسلمين يستحق الاعدام في ساحة عامة ويشهد اعدامَه ملايين من أبناء الوطن؟ 
*  بل يستحق أكثر من هذا، أي عصيانا مدنيا مسالما يتوقف فيه المسلمون وغير المسلمين عن التعاون بأي صورة من الصور مع هذا الطاغية، واعتبار الاعتراف بشرعيته كحاكم للأمة من المحرمات التي يهتز لها عرش الرحمن.

السؤال السابع: هل الرئيس حسني مبارك من أعداء الله أم أن في الأمر خلافا؟ 
* نعم هو من أعداء الله والانسانية وأي جدل عقيم في تبرير جرائمة كمن يحلل الحرام ويحرم الحلال. والمسلم الذي يحاول أن يجد عذرا لجرائم هذا الطاغية طوال ربع قرن قد لا يقبل الله صلاته وصيامه وركوعه وسجوده لأن دعم الارهاب ارهاب، والدفاع عن القاتل مشاركة في القتل، والوقوف مع المستبد معاداة للشعب.

السؤال الثامن: هل يأثم المسلم الذي يدافع عن الرئيس حسني مبارك؟ 
*  إذا كان الدفاع عن جهل أو اعاقة ذهنية أو تخلف عقلي فليس على المؤمن حرج أن يظن الطاغية بريئا لوجود أجهزة اعلام وكتاب ومثقفين منافقين يلمعون المعدن الرديء، ويلوثون صور الأشراف والأطهار وأصحاب الضمير اليقظ.
أما إذا كان المدافع عنه قارئا، ويطلع على الصحف والمطبوعات والكتب والانترنيت، وسمع لسنوات طويلة حكايات حقيقية عن تجاوزات الارهابي حسني مبارك فإن إثمه يعادل إثم الطاغية، وهو شريك في جرائمه حتى لو لم تتلوث يداه ظاهريا بدماء الأبرياء.

السؤال التاسع: هل ضباط الأمن والمخبرون والمرشدون الذين يعذبون الناس في أقسام الشرطة، ويحرقون أجسادهم، ويدخلون العصا في مواضع العفة منهم، ويغتصبونهم جنسيا يجب اعتبارهم أعداء الله ومن الفاسدين في الأرض؟ 
*  نعم هم أعداء الله والوطن والانسانية والدين، وأي تعامل في البيع والشراء مع رجل أمن ثبت أنه عذب انسانا بريئا يدخل في عداد الشرك الأصغر، فإذا برر المسلم انتهاكات حقوق الانسان فإنه يصل إلى الشرك الأكبر.

السؤال العاشر: هل قانون الطواريء مناف لتعاليم الاسلام؟
* قانون الطواريء في حالات الضرورة لا يتعارض مع الاسلام قبل مرور ثلاثين يوما، فإذا كانت الدولة في حالة حرب فإن ولي الأمر يملك الحق في مد العمل بالقانون ثلاثة اشهر، ولكن في حالة الطاغية حسني مبارك فإن العمل بقانون الطواريء لربع قرن يرقى إلى مرتبة الكفر الصريح، وأي انسان يبرر العمل بهذا القانون الذي يعتدي على حقوق البشر شريك في الإثم والعدوان.

السؤال الحادي عشر: هل يجب على المسلم أن يشتري من مسلم مثله، وأن يذهب لطبيب مسلم، وصيدلي مسلم .. و ؟ 
*  هذه تفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتمييز بين البشر، ومساهمة في فتنة طائفية، وتبرير لاحراق وطن لاحقا إن ظل التفريق على أساس الدين وليس على أساس الشرف والنزاهة والأمانة والصدق.

السؤال الثاني عشر: كيف يتعامل المسلم مع غير المسلم في الحياة اليومية والمناسبات والأعياد والقاء التحية والسلام؟
# كما يتعامل مع المسلم تماما، وأن يصادق غير المسلم، ويهنئه في أعياده، ويلقي عليه صادقا التحية والسلام، وأن يحترم دينه وعقيدته فليس لأي منا فضل في اختيار بطن أمه، ولكن لنا أن نختار الصدق والشرف والنزاهة والتسامح. التمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين هو معاداة للدين، وقتل معنوي للآخرين بحجة ارضاء الله تعالى، ولكن مرتكبي هذا التمييز يأتون إثما ويظنون أنهم يحسنون صنعا.

السؤال الثالث عشر: هل هناك وظائف في الدولة يجب أن تكون حكرا على المسلم فقط؟
* قطعا لا، إلا أن تكون وظيفة دينية بحتة، ومن حق المواطن غير المسلم أن يتمتع بكل الحقوق وأن يحمل كل الواجبات كالمسلم تماما، وأن يحتل أعلى المناصب، وأكثرها حساسية وسرية وخصوصية فهو وطن لكل من يقيم على أرضه ويحمل جنسيته.

السؤال الرابع عشر: هل زيارة المسلم المصري لاسرائيل والعمل فيها حرام؟
* إذا كان يحتل منصبا رسميا، وهو مضطر بحكم المعاهدات والعقود الدولية فيمكن أن تكلفه الدولة بمهمة، أما المواطن العادي أو التاجر أو الطالب أو السائح فزيارة الكيان الصهيوني حرام، والأشد حرمة هو العمل داخل هذا الكيان المغتصب للأرض. ومقاطعة إسرائيل وبضائعها فرض عين على كل مسلم ومسلمة.

السؤال الخامس عشر: كيف يتعامل المسلم المصري مع السائح والزائر الأجنبي؟ 
*  يتعامل معه كما يتعامل مع ضيفه في الدار الذي أعطاه الأمان والأمن. استغلال السياح وسرقة أموالهم والاعتداء عليهم ومضاعفة الأسعار مخالف تماما لتعاليم الاسلام، وأي مسلم يخدع سائحا في البيع والشراء والطعام والجولات السياحية ومشاهدة معالم البلد وفي المطاعم والفنادق ومنطقة الأهرامات يرتكب إثما عظيما. أما أكثر أهل النار يوم القيامة فهم الجمّالون ( أي أصحاب الجِمال ) في منطقة الأهرامات، وربما لن ينجو أحد منهم من عذاب مقيم إلا أن يشا ءالله.

السؤال السادس عشر: هل للمسلم حق ترك القراءة والكتاب والثقافة والعلم أم أن تركها إثم يرقى لمرتبة الحرام؟ 
*  المسلم الذي يعرف القراءة ويمتنع عنها عامدا متعمدا لمدة ثلاثة أيام فعليه أن يصوم مثلها، فإذا قال بأنه يرفض القراءة، ولا يهتم بالكتاب، ولا يكترث للثقافة والعلم فقد شكك في دين الله، وقد لا تقبل صلاته، والله أعلم، ويمكن الحجر عليه ومصادرة أمواله. والمسلم الذي يقضي مساءه في كل يوم جالسا على المقهى أو متسامرا مع أصحابه ورافضا الكتاب والقراءة والثقافة فلن يقبل الله منه صلاته أربعين يوما.

السؤال السابع عشر: هل الخمر فقط هي أم الكبائر أم أن هناك أكبر منها؟ 
*  أكبر الكبائر هي اعتقال الأبرياء، وتعذيبهم وانتهاك حرماتهم، أما الاغتصاب الجنسي داخل أقسام الشرطة فكل من مارسه من الضباط والمخبرين والمرشدين كافر بما أنزل على محمد، صلوات الله وسلامه عليه.
وهنا سمعت صوتا فانتفضت فزعا من نومي، ولم أكن مرتديا زيا أزهريا، وتذكرت تفاصيل الحلم كأنه حقيقة. أسرعت إلى مؤشر التلفاز باحثا عن قنوات تثبت لي أنني في عالم الحقيقة وخارجا لتوي من عالم الموت الأصغر.. حلم أو رؤية أو خيال لا تكبح شطحاته برودةُ الأعصاب كلها. توقفت عند قناة تستضيف شيخا فضائيا يدلي بدلوه مفتيا في أهم هموم الأمة، وكان يجيب عن سؤال في أهمية نتف شعر الركبتين وفي نسب الأطفال الذين يولدون من أنثى جنية وذكر إنسي، وعن أهمية طاعة ولي أمر المسلمين حتى لو كان ظالما وطاغية وابن كلب ....

هل كانت أضغاث أحلام أم سيحاسبني القراء على الفتاوي التي أصدرتها في حلمي؟ محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج

http://taeralshmal.jeeran.com
http://www.taeralshmal.com

http://www.Againstmoubarak.jeeran.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 11941