قراءة في كتاب الاستهزاء

رضا البطاوى البطاوى في الخميس ١٩ - مايو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في كتاب الاستهزاء
المؤلف أسامة العبد اللطيف والكتيب يدور حول الاستهزاء كعمل من الأعمال وكعادة القوم تحدث الرجل عن كونه خلق مذموم فقال في "المقدمة:
وبعد:
فإن مما شاع في هذه الأزمنة - لقلة الدين وجعل الناس - الاستهزاء والسخرية، وللرغبة في تنبيه الناس بخطورة هذا الأمر والحذر منه، سطرت هذه الورقات القليلة، التي أدعو الله - عز وجل - أن يبارك فيها وأن ينفع بها إنه سميع مجيب."
وبالقطع الاستهزاء وهو السخرية منه مباح ومنه محرم فمن استهزىء بنا ستم الاستهزاء به كما قال تعالى على لسان نوح(ص):
" إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون"
وقد استهل حديثه بتعريف الاستهزاء فقال :
"تعريف الاستهزاء
قال ابن منظور :
هزأ الشيئ يهزؤه هزءا: كسره ... وهزأ الرجل: مات.
قال الأخفش:
«سخرت منه، وسخرت به، وضحكت منه، وضحكت به، وهزئت منه، وهزئت به، كل يقال، والاسم: السخرية».
والاستهزاء كلمة تشمل: السخرية، والاستنقاص، والضحك، والاستخفاف.
والاستهزاء خلق ذميم، تخلق به أعداء هذا الدين من يهود ونصارى ومنافقين، فأصبح همهم الكيد للإسلام وأهله، والبحث عن الفرص لبث سمومهم ضد المؤمنين، فانتشر هذا الوباء الخطير انتشار النار في الهشيم، وتلقفه بعض المسلمين - هدانا الله وإياهم - متناسين حرمته، وآثاره المترتبة عليه في الدنيا والآخرة.
لذا .. لزم التنبيه والتحذير، ذلك أنها ظاهرة لا تبشر بخير أبدا، بل هي منذرة بعذاب عظيم لمن سار في هذا الطريق المشين"
وكما سبق القول الاستهزاء ليس كله مذموم وإنما أباحه الله للمسلمين كخلق محمود ردا على استهزاء الكفار حتى أن الله نفسه يستهزىء بالكفار كما قال :
" الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون"
ولا يمكن وصف عمل الله هنا بالذم وإنما عدل منه
وحدثنا عن أنواع الاستهزاء فقال :
"أنواع الاستهزاء
1 - الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله: ومن وقع منه هذا النوع فهو كافر بنص الآية الكريمة التالية، سواء قصد ذلك أم لم يقصده، أكان مازحا أم جادا، قال الله تعالى: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} وسبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير الطبري - رحمه الله - في تفسيره، وابن أبي حاتم بإسناد لا بأس به، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رجل في غزوة تبوك، في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء.
فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن: قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
2 - الاستهزاء بصحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ولقد تفنن البعض من المستهزئين في هذا المجال، وتطاولوا على الصحابة الكرام، وقدحوا في البعض منهم».
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين «وبهذا يعرف أن من يسب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كافر، لأن الطعن فيهم طعن في الله ورسوله وشريعته»
3 - الاستهزاء بعباد الله المؤمنين: لتمسكهم بأحكام الله تعالى وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كإعفاء اللحية، ورفع الثوب فوق الكعبين.
قال الله تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون}
فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه: كفر، ولا يتأتى هذا من مسلم أبدا ... ، ومن هذا الباب -أيضا- معاداته لأجل تدينه، وفتنه ليرجع عن دينه، وهذا كفر وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى ... »
4 - الاستهزاء بعموم الناس: سواء المؤمن أو الفاسق، ونبزهم بالألقاب والسخرية بهم، ومحاكاة خلقتهم وأفعالهم.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
وعنه أنه قال: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»
كما يخشى على المستهزئ أن تعود عليه تلك الخصلة التي سخر من غيره بها، فيتصف بها ويبتلى بفعلها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تظهر الشماته لأخيك فيرحمه الله ويبتليك»
وهذا الاستهزاء فيه نوع أذية، قال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ... }
فالاستهزاء أمره عظيم للغاية، ولا يعني المحافظة على الواجبات ترك العنان للسان ليقول ما شاء، ويقع فيمن شاء؟
فكثير من الناس يرى المحافظة على الصلاة سببا كافيا للنجاة من عذاب الله - عز وجل -، وهذا الأمر جد خطير يلزم تنبيه الناس إليه، فاللسان من أسباب دخول النار، وأكثر الجوارح جمعا للخطايا. قال - صلى الله عليه وسلم -: «أكثر خطايا ابن آدم في لسانه» ورأينا في آية التوبة السالفة الذكر كيف أثبت الله - عز وجل - للمستهزئين الإيمان قبل أن يطلق عليهم الكفر، وذلك لكلمة يظنها البعض عابرة وأن أمرها ليس بالأمر العظيم."
وهذه الأنواع مبنية على أساس تقسيم المستهزأ بهم وهناك تقسيمات أخرى لم يذكرها المؤلف مثل :
التقسيم على أساس الحل والحرمة فهناك استهزاء محرم وهناك استهزاء مباح
والتقسيم على أساس طريقة الاستهزاء وهو أسلوب الاستهزاء فهناك استهزاء كلامى وهناك استهزاء جسدى وهناك استهزاء بالرسم كما في الفن المسمى الكاريكاتير ...
وتحدث العبد عن اقوال الفقهاء في الاستهزاء فقال :
"أقوال العلماء في الاستهزاء
تصدى كثير من علماء المسلمين للمستهزئين، كما بينوا حكم الاستهزاء، ودرجاته وصوره، وحذروا من الوقوع فيه.
وهذه جملة من أقوالهم، نسوقها للقارئ الكريم ليقف على حكم هذه المصيبة، والتي ابتلى بها كثير من المسلمين:
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه»
* جاء في كتاب (روضة الطالبين) للإمام النووي
«ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يقدم على الزنا: بسم الله تعالى، استخفافا بالله، كفر»
* قال ابن قدامة المقدسي: «من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه، قال الله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين} وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك»
* وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم الذي يبغض اللحية، ويقول: وساخة، هل هو مرتد؟
فأجاب: «إن كان يعلم أنه ثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهذا استهزاء بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيحرى أن يحكم عليه بذلك»
* ويقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره: «إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين، لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسوله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة»
* وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم الاستهزاء بأهل الخير والصلاح، فأجاب: «هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله، فيهم نوع نفاق، لأن الله قال عن المنافقين: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم}
ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع، فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كان يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك، لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله، لكنهم على خطر عظيم، والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعاونته وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ، حتى يستقيم على الأمر المطلوب "
كلام القوم في الاستهزاء كلام عام لا يفرق بين مسلم وذمى ومحارب وهو يركز على الاستهزاء بالله تعالى والرسول (ص) كما أنه لم يبين العقوبة قى كل حال من ا لأحوال
والاستهزاء هو نوه من أنواع السب فإن كان سب بباطل كانت عقوبته عقوبة جريمة السب للمسلم والسب كذب ومن ثم فهى شهادة زور وعلى من فعلها من المسلمين أن يتوب وإلا عرض نفسه للعقاب لكونه مرتد وأما استهزاء الذمى فهو مكذب بالدين ومن ثم لا يعاقب على استهزائه إلا إذا أعلنه في دولة المسلمين وأما المحاربين فهؤلاء معاقبون بالحرب فعليا ومن ثم لا يمكن تنفيذ عقوبة السب فيهم لكونهم على أرضهم
وحدقنا عن دوافع الاستهزاء فقال :
"دوافع الاستهزاء
هناك دوافع كثيرة تقود الإنسان إلى الوقوع في هذا الخلق المشين، نورد لك شيئا منها بإيجاز:
1 - ضعف الإيمان، وقلة الخوف من الله - عز وجل -، وهذا من أهم الأسباب وأقواها.
2 - كثرة المجالس التي لا نفع فيها، وهذا ظاهر في كثير من مجتمعات المسلمين في الوقت الحاضر، وكذلك الفراغ الكبير الذي يعيشه معظمهم.
3 - حب الثناء، وللأسف أصبح الثناء في وقتنا الحاضر لمن يسخر ويكذب وينقل الأخبار الباطلة على سبيل الإضحاك، وإن تطاول على شرع الله وعباده المؤمنين.
وغالبا ما يكون هذا المستهزئ منشرح الصدر عند سماعه ثناء الناس عليه!!
4 - نسيان أو تناسي الوعيد الوارد في حق المستهزئين بالناس، روى البيهقي -رحمه الله تعالى- في (شعب الإيمان) أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المستهزئين بالناس ليفتح لأحدهم باب في الجنة، فيقال: هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، ثم يفتح له باب آخر، فيقال: هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، فما يزال كذلك حتى إن الرجل ليفتح له الباب فيقال: هلم، فلا يأتيه من اليأس».
والحديث باطل فأبواب الجنة تفتح للمسلمين فقط وهى لا تفتح وتعلق عدة مرات وإنما تفتح مرة لإدخال المسلمين جميعا في شكل أفواج أو زمر أو وفود كما قال تعالى :
"وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها"
ثم قال :
5 - حب الكفار، وتقليدهم، فالاستهزاء خلق من أخلاق أعداء هذا الدين، ثم إن البعض عند ذكر المعجزات النبوية يقع منه شيء من الغمز واللمز والاستهزاء، ولكن عند ذكر المخترعات الغربية، تجده يقف مبهورا معجبا!!."
والدوافع للاستهزاء من الإسلام والمسلمين المفترض أن لا وجود لها ولكنها تحدث أحيانا وهو لا يدرى بحرمتها فعندما يصف أحدهم بالأقرع او الأصلع أو الأكتع أو غير هذا ضاحكا فإنه غالبا لا يدرى أنه يعترض على خلقة الله وعندما يقول كلمة تقليدا فغنه غالبا يقولها دون أن يدرى معناها
وأما الكافر فدوافع الاستهزاء عنده متعددة كالسرور والطعن في الدين
وذكر المؤلف أحاديث فى حفظ اللسان فقال :
"أحاديث وآثار في حفظ اللسان:
1 - * عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليسكت»
قال النووي - رحمه الله عليه: «هذا صريح أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم»
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده»
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» "
والحديثان السابقان باطلا المعنى لأن الأول يبيح للمسلم أن يؤذى غيره بالبصر والسمع وهو التجسس والزنى بالفرج وغيره والثانى يبيح أيضا ذنوب البصر والسمع
ثم قال:
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب»
وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « ... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم» "
والحديثان باطلا المعنى لأنهما يحاسبان المرء على ما لا يعرف حله من حرمته بقوله " ما يتبين فيها" وقولهم " لا يلقى لها بالا" والحساب يكون على الذنب المتعمد كما قال تعالى :
" وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم"
ثم قال :
2 - * كان أبو بكر - رضي الله عنه - يشير إلى لسانه ويقول: «هذا الذي أوردني الموارد» "
والحديث باطل فأين الموارد التى وردها أبو بكر حتى يقول هذا فهو حى ويقول والموارد إن كان المراد بها النار فهو لم يدخلها لأنه كان على قيد الحياة ومن ثم فالرجل لم يقل تلك الكلمة ثم قال:
"وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «والله الذي لا إله إلا هو، ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان»
وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: (أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به)
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «إن أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل»
وقال طاوس: «لساني سبع، إن أرسلته أكلني»
وقال الحسن: «ما عقل دينه من لم يحفظه لسانه»
قال مخلد بن الحسين: «ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها»
وعن يزيد بن حيان التميمي قال: «كان يقال: ينبغي للرجل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدميه»
3 - * تحذير: «ومن هزل بالله أو بآياته الكونية أو الشرعية أو برسله فهو كافر؛ لأن منافاة الاستهزاء للإيمان منافاة عظيمة.
كيف يسخر ويستهزئ بأمر يؤمن به؟ فالمؤمن بالشيء لا بد أن يعظمه وأن يكون في قلبه من تعظيمه ما يليق به.
والكفر كفران: كفر إعراض وكفر معارضة.
والمستهزئ كافر كفر معارضة، فهو أعظم ممن يسجد لصنم فقط،
وهذه المسألة خطيرة جدا، ورب كلمة أوقعت بصاحبها البلاء والهلاك وهو لا يشعر، فقد يتكلم الإنسان بالكلمة من سخط الله - عز وجل - لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار» "
وتقسيم الرجل للكفر كونه إعراض ومعارضة تقسيم بلا دليل من كتاب الله فالكفر واحد وهو طاعة غير أحكام الله
وذكر الرجل ما سماه نماذج من الاستهزاء فقال :
"نماذج من الاستهزاء
* جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المسلمين إذا ما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، فإن الله سيسلط عليهم ذلا لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم.
وإن وعد الله حق، ووعد رسوله صدق، وها قد تحقق ما وعد به الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فإن أعظم ما ذل به المسلمون اليوم، هو أنهم لا يملكون حتى الدفاع عن دينهم، والذب عن جناب ربهم - تبارك وتعالى - فترى المسلم يسمع سب ربه بأذني رأسه ثم لا يملك إلا أن يقول: أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ونراه يقرأ الكفر والاستهزاء في ما ينشر في الصحف والمجلات وغيرها، وما يعرض في أجهزة الإعلام، ولا يستطيع أن يغير من ذلك شيئا ولا حتى أن يردد ويدافع
* جاء أبي بن خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي يده رميم وهو يفتته ويذريه في الهواء، وهو يقول: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال:
«نعم، يميتك الله ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار» "
والحديث السابق الناعى على المسلمين أنهم لا يقدرون على رد الاستهزاء بالله ودينه بالاستعغفار والحوقلة يذكر حديثا لم يقدر فيه النبى(ص) سوى أن يذكر صاحبه بكون من اهل النار ولم يفعل له شيئا كعقاب أو غير هذا ومن ثم فالكلام متناقض فإما أن يقتدوا بالفعل في الحديث وإما لا
ثم قال :
* يروى أن أبا داوود السجستاني - صاحب السنن - كان يسير مع طلابه إلى مجلس العلم، فرآهم رجل خليع مستهزئ، فقال ساخرا بهم: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها، استهزاء بحديث: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم».
قال النووي: «فما زال في موضعه حتى جفت رجلاه، وسقط ومات»."
والحديث باطل لأن الملائكة لا تنزل ألأرض حتى تضع أجنحتها لأحد لخوفها وعدم اطمئنانها كما قال تعالى :
"قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
كما أن عقاب الرجل بالموت هى آية أى معجزة وقد منعها الله منذ عهد النبى(ص) فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم قال :
"حكى ابن خلكان قال: بلغنا أن رجلا يدعى أبا سلامة من ناحية بصرى، كان فيه مجون واستهتار، فذكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال: والله لا أستاك إلا في المخرج (يعني دبره)، فأخذ سواكا ووضعه في مخرجه ثم أخرجه، فمكث بعد تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج، فوضع ولدا على صفة الجرذان، له أربعة قوائم، ورأسه كرأس السمكة، وله أربعة أنياب بارزة، وذنب طويل، وأربعة أصابع، وله دبر كدبر الأرنب، ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأس الحيوان الغريب، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ومات في الثالث.
وكان يقول: هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي.
وقال ابن كثير: «وقد شاهد ذلك جماعة من أهل تلك الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيا، ومنهم من رآه بعد موته» "
الحديث باطل والخطأ فيه حمل الرجل وولادته وهى آية أى معجزة وقد منعها الله منذ عهد النبى(ص) فقال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم قال :
" يروى أن رجلا قرأ قوله تعالى: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن ياتيكم بماء معين} فقال: تأتي به الفؤوس والدراهم، فجمد ماء عينه.
وهذا يفيد أن لفظ الماء عام في الآية لكافة أنواع المياه التي لها تعلق بحياة الإنسان ومنها ماء العين والمبصرة"
نفس الخطأ السابق وحدثنا عن الاستهزاء في عصرنا فقال :
" ومن نماذج الاستهزاء في عصرنا الحاضر ما يقع من بعض المستهزئين، من سخرية باللحية وبمن يعفيها، وكذلك بمن يرفع ثوبه اقتداء بسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك أيضا السخرية بعلماء المسلمين، وطلبة العلم، ورجال الحسبة.
وواجبنا نحو هؤلاء نصحهم بالحسنى، وبيان حرمة هذا الفعل، والدعاء لهم بظهر الغيب، وتحذيرهم من عقوبة صنيعهم هذا في الدنيا والآخرة، لئلا يكونوا عبرة لغيرهم كما تقدم في الأخبار السابقة."
وحدثنا عن الفرق بين السخرية من القرآن والاستشهاد به فقال :
"الفرق بين السخرية بالقرآن والاستشهاد به
إن الهدف من إنزال القرآن هو تلاوته، وتدبره، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وبهذا يرقى العبد أعلى الدرجات، ويبلغ أرفع المنازل، فالاستشهاد ببعض الآيات على وجه التذكير في بعض المواقف أمر طيب، وهو دال على تعلق القلب بكتاب الله - تبارك وتعالى -، وتأثره به، وحبه لتلاوته، وأن لسانه رطب به، فسرعان ما ترى ظهوره عليه، رغبة في تلاوته، فيقرأ الآية أو الآيات وهو متلذذ بها، معظم لها، لا سخرية في كلامه ولا ضحك ولا تحريف في كلمة من كلماته، وهو جاد بها، وأنها في محلها المناسب الصحيح.
فلو أصابه ابتلاء فقال لأصحابه الذين سألوه عن حاله: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} أو قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} كما قالت عائشة - رضي الله عنها - في حادثة الإفك، فلا شيء عليه.
أو قدم لأخيه خدمة فعرض عليه أخوه الأجر فقال: {لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} ، فكذلك.
أو يرى مجموعة تترك حلقة العلم أو القرآن، وتذهب إلى المقهى للجلوس واللهو وإضاعة الوقت، فيقول لهم: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} فكذلك.
فشتان بين الحق والباطل، وبين التذكير بالقرآن، والسخرية من القرآن وإضحاك الناس على آيات الله - سبحانه وتعالى -.
كان أحد السلف يقول: لا تأتوني بمثل إلا جئتكم به من القرآن فقال أحدهم: ما تقول في هذا المثل: (أعطه ثمرة فإن لم يقبلها فأعطه جمرة)، فقال: هو في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}
فشتان بين الحالتين لمن عقل .
تكلم وسدد ما استطعت فإنما ... كلامك حي والسكوت جماد
فإن لم تجد قولا سديدا تقوله ... فصمتك عن غير السداد سداد"
وكلام الرجل هنا صحيح لا غبار عليه وتحدث عن علاج الاستهزاء فقال :
"علاج الاستهزاء
أخي المسلم:
اعلم وفقنا الله وإياك - أن لكل داء دواء، وأن الاستهزاء من الأمراض الخطيرة، بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، وهو سبب في ارتداد المسلم عن دينه، ودخوله في زمرة الكافرين والعياذ بالله وهناك أسباب قد تعين بفضل من الله على اجتناب مثل هذا الخلق المشين، ومنها:
1 - معرفة أن الاستهزاء من كبائر الذنوب، وأن كلمة واحدة كفيلة بإخراج المرء من دينه.
2 - مراقبة اللسان، وعدم إطلاق العنان له في كل شاردة وواردة، فيلزم محاسبته والمحافظة عليه، فهو سلاح ذو حدين، إن استعمل في الخير فهو خير، وبالعكس.
3 - الابتعاد - قدر الإمكان- عن مجالس الضحك والهزل وما لا نفع فيه، واستبدالها بمجالس الذكر والخير.
4 - تعظيم هذا الدين - وهذا من أهم الأسباب. والقاعدة: أنه متى حصل التعظيم للشيء وقع الاهتمام به.
5 - إشاعة حكم الاستهزاء في المجالس، وبيان خطره وأنه سبب عظيم في كفر المسلم وردته.
دع عنك ذكر فلانة وفلان ... واجنب لما يلهي عن الرحمن
واعلم بأن الموت يأتي بغتة ... وجميع ما فوق البسيطة فان
فإلى متى تلهو، وقلبك غافل ... عن ذكر يوم الحشر والميزان"
علاج الاستهزاء داخل المجتمع المسلم هو العقاب الذى قرره الله وأما خارجه فهذا لا عقاب عليه من المسلمين سوى الرد على المستهزئين بالاستهزاء كما قال تعالى :
" وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به"
اجمالي القراءات 2862