نقد كتاب البدعة وأثرها فى محنة المسلمين

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ٢٢ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب البدعة وأثرها فى محنة المسلمين
المؤلف أى صاحب الخطبة أى الشريط هو أبى إسحاق الحوينى وقد استهل الكتاب بالمقدمة المعروفة والتى حذفتها وقد تحدث عن عن إخراج الحق من الدين كإدخال الباطل فيه فقال :
"لا فرق عند جماعة العلماء بين إخراج الحق من الدين وبين إدخال الباطل فيه لأن كلاهما بخلاف مراد الشارع فإخراج الحق من الدين يساوى أدخال الباطل فيه ، نحن بمناسبة الكلام عن البدعة وعن أثرها فى تأسيس محنة المسلمين اليوم لابد أن نلقى ضوء جلي واضحا على جيل الصحابة وكيف كانوا يواجهون البدع ،"
ثم عرف البدعة فقال:
"البدعة شىء مخترع لا أصل له وهذه يسميها الإمام الشاطبى بالبدعة الحقيقية شىء مخترع لا أصل له فى دين الله عز وجل كالصلاة المذكورة مثلا فى شهر رجب أو صلاة النصف من شعبان لا أصل لها فى دين الله عز وجل هذه اسمها البدعة الحقيقية حيث لا أصل لها يمت بسبب إلى الشرع ، وأنا أظن أن هذا النوع من البدع ليس بأكثر خطورة من النوع الأخر الذى يسميه أيضا الإمام الشاطبى بالبدعة الإضافية ، أخطر شىء البدعة الإضافية محنتنا الآن هى البدعة الإضافية ، البدعة الحقيقية من الممكن أن تنصب الدلائل على بدعتها وتستريح أما البدعة الإضافية يدخل شياطين الأنس من أبوابها ، هى اسمها اضافية لماذا ؟ لأنها من وجه تضاف إلى الشرع ومن وجه آخر تباين الشرع ، هذه هى مشكلتها ، ومشكلتها أن لها وجه يطل على الشرع لذلك سماها العلماء بالبدعة الإضافية لأنها أضيفت على الشرع بهتانا وزورا ، ولنضرب مثل بالبدعة الإضافية حدث فى زمان الصحابة رضوان الله عليهم وفى ضرب هذا المثل يتضح معنى البدعة الإضافية لأن جماهير المسلمون الآن لا يعرفون البدعة الإضافية وكما قلت هى أعظم شرا من البدعة الحقيقية .
فى سنن الدارمى بسند صحيح عن عمرو بن سلمة قال : " كنا جلوس بباب عبد الله بن مسعود بعد صلاة الغداء ، فبينما نحن جلوسا إذ جاء أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه وقال اخرج أبو عبد الرحمن قلنا : بعد ، فجلس معنا فلما خرج اكتنفناه ، فقال أبو موسى أبا عبد الرحمن لقد رأيت بالمسجد آنفا شيئا أنكرته ولم أرى والحمد لله إلا خيرا ، فقال ماذا رأيت ؟ قال إن عشت فسوف تراه ، رأيت قوما حلقا حلقا ، أمامهم حصى يسبحون الله تعالى ويكبرونه ويحمدونه ومعهم رجلا يقول سبحوا مائه فيأخذ مائة حصاه ويقول كبروا مائة فى بعض الروايات خارج الدارمى قال فرجع ابن مسعود إلى داره وتلثم ثم دخل المسجد فإذا كما وصف أبو موسى الأشعرى ، حين أذن كشف ابن مسعود رضى الله عنه عن وجهه وقال : ما أسرع هلكتكم يا أمة محمد ، ها هو محمد صلى الله عليه وسلم آنيته لم تكسر، ثيابه لم تبلى حتى جئتم بشىء ما فعله ولا أصحابه أنا عبد الله بن مسعود أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما نريد إلا الخير - قولة كل مبتدع - ما نريد إلا الخير فقال كم من مريدا للخير لا يبلغه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن رجالا يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله لعل أكثركم منهم ، فقال عمرو بن سلمة راوى الحديث فقد رأيت عامة هؤلاء يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج " "
فى الفقرة السابقة وافق الحوينى على تقسيم الشاطبى للبدعة بأن بعضها حقيقية وبعضها إضافية وهو تقسيم خاطىء فكل البدع حقيقية فلو لم تكن كذلك لكانت معدومة ليس لها وجود وأما أن بعضها يستند على شىء من الشرع فكلام لا أصل لها فالأمثلة التى ضربها الحوينى على الحقيقية بصلاة رجب وصلاة النصف من شعبان ألف القوم لها أسانيد شرعية من الروايات ولا توجد بدعة إلا وتم تأليف شىء تستند عليه وهى فى الغالب الروايات
وأما التسبيح الذى ذكره الحوينى كبدعة إضافية والذى أكمل كلامه عنه فى الفقرة التالية فهو الأخر يستند على روايات وبقية كلامه هى :
"وهذا مثال ، الأن بعض المسلمين يحب التسبيح على هذه الصورة وهى التسبيح بالمسبحة لأنه لا فرق بين أن تسبح بهذا الحصى الفرط أو أن تلضمه بعقد والأن من المسلمين أيضا من يفتى باستحباب التسبيح بالمسبحة ، هذه كانت بدعة عند الصحابة فأنظر لتطاول الزمن كان بدعة هناك فاصبح مستحب عندنا ، عبد الله بن مسعود أفقه صحابى نزل الكوفه بعد على بن أبى طالب ويشهد له الكل بذلك وكان فقيها فى دين الله عز وجل لا سيما فى كتاب الله سبحانه وتعالى ، كان يقول أخذت سبعين سورة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أعلم أن رجل عنده أى فيها ما ليس عندى تضرب إليه أكباد الأبل لفعلت ، لما يرى عبد الله بن مسعود رجالا يسبحون الله على الحصى بالمسجد ، هذه هى البدعة الإضافية انظر إلى تسبيحهم على الحصى التسبيح مشروع ولكن هيئة التسبيح هى البدعة
فانظر صار لها وجهان وجه مشروع وهو أصل التسبيح ، ووجه غير مشروع وهو كيفية التسبيح ، لذلك هؤلاء ينسبون هذه الهيئة كلها إلى الأصل وينسبونها إلى الشرع لذا سميت بدعة إضافية حيث أضيفت إلى الشرع اعتمادا على الأصل و ليس باعتبار الوصف "
على حد علمى فالحوينى أستاذ فى الحديث ولا أدرى كيف فاتته الأحاديث التى تجيز التسبيح بالحصى مثل الروايات التالية:
1502 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِى هِلاَلٍ حَدَّثَهُ عَنْ خُزَيْمَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهَا أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ « أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ». فَقَالَ « سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِى السَّمَاءِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِى الأَرْضِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ. وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ. وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ »رواه أبو داود
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ ح وَحَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ كُلُّهُمْ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ حَدَّثَنِى شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلاَ أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى - وَأَسْفَلُ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ - وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِى الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا فَجَمَعَتْهُ فَأَعَادَتْهُ فِى الْكِيسِ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ "رواه أبو داود"
وهذه الأحاديث أباحت التسبيح بالحصى والأدهى وجود روايات تبيح تقليب الحصى فى اليد بلا سبب كما فى الحديث التالى:
2152- [56-...] وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنِي حَيْوَةُ ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ ، أَنَّ دَاوُدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ ، فَقَالَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ : أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ..؟ فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ : وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ ، فَقَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ، ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ" رواه مسلم "
الغريب أن الحوينى أهمه وأحزنه أن التسبيح بالحصى لا يستند لشىء ولم يلتفت أبدا إلى أن الله لم يبح الذكر الترديدى كقول الله أكبر أو سبحان الله مئات أو عشرات المرات وهو كلام ليس منه فائدة سوى تضييع وقت المسلمين بينما المطلوب منهم طاعة الله فى أمور غير ذلك
قطعا لم أذكر تلك الأحاديث لإثبات أن التسبيح الترديدى مباح لأنه لا وجود له فى كتاب الله فالمطلوب هو التسبيح بمعنى طاعة أحكام الدين والتسبيح الوحيد الكلامى المباح هو قراءة بعض القرآن والهدف بالطبع معرفة أحكام الدين من خلال القراءة وتطبيقها فيما بعد
واستمر الحوينى فى حكاية التسبيح فقال :
"ولذلك عبد الله بن مسعود لما سأل أبا موسى الأشعرى قال له أبو موسى الأشعرى رأيت بالمسجد شيئا أنكرته ولم أرى والحمد لله إلا خيرا ، إذا كان خيرا لماذا ينكره ؟ الكلام قد يبدو متناقض أنكرته ولم أجد إلا خيرا طيب وما الداعى للأنكار؟ نعم لم يرى إلا خيرا أى أصل الذكر، لا ينكر رجال جلسوا لكى يذكرا الله ، من ينكر هذا ؟ فهذا الذى قال عنه أبو موسى الأشعرى لم أرى والحمد لله إلا خيرا أما الذى أنكره فهو كيفية التسبيح ، كان زمان موجود بدعة وسنة ، الآن موجود بدعة وردة ، لذلك الناس اليوم ترى البدع لا تنكرها لأنها تجد مقابل البدعة كفرا بواحا فتهون البدعة عندهم وما أدرك ذلك المسكين أن عدم إنكاره للبدع هو السبب فى وجود هذا الكفر"
الغريب أن الحوينى ذكر سببا لعدم تصديق الرواية وهو تناقض أفعال وأقوال الصحابة فألشعرى جعل الأمر منكر ومعه هذا وصفه بالخير فهل هناك صحابى يعلم أفسلام ويقول هذا الجنون فالمنكر لا يكون إلا شرا ولكن الرجل وصفه بالخير
إذا الحديث موضوع لأنه يتهم الصحابى بالجهل أو الجنون
ويحدثنا الحوينى أن ترك الصغيرة يؤدى لترك الكبيرة فيما بعد فيقول:
"لا تستهن بصغيرة إن الجبال من الحصى ، الصحابة كان عندهم نفرة شديدة من أى شىء محدث مهما كان دقيقا، لذلك ظل الدين نقيا عندهم ، أنت إذا كان عندك حساسية شديدة لصغير فمن باب أولى أنك ستنكر الكبير، لكن إذا أنكرت الكبير فقط مر الصغير بسلام وهذه هى المشكلة صغير مع صغير مع صغير تفاجأ أنه صار جبلا يصعب عليك إنكاره "
ومع أن كتاب الله ليس فيه ما يوصف بالصغائر لأم كل الذنوب كبائر لكونها تكبر على طاعة الله فكلام الرجل فى المعنى المجمل صحيح وهو أن عدم تغيير المنكر من أول مرة هو الطريق لهدم دولة الحق
وتحدث الحوينى عن تبرير أصحاب بدعة التسبيح بدعتهم فقال :

"الآن إذا وجت رجل يسبح بالمسبحة فأنكرت عليه يقال لك : يا أخى يوجد من يشربون المخدرات والمكيفات ويتسكعون بالنواصى ، فانظر ماذا قال أتى بالمخدرات وما شابه ذلك بمقابل المسبحة إذن من يمسك المسبحة أن صح نقول له رضى الله عنه ، طالما قورن بالمدمن وغيره ، ولكن لما نقيس المسألة قياسا صحيحا وتضع من يسبح بالحصى بمقابل ما كان يفعله الصحابة ، فتستشنع من يسبح على الحصى فالمقاييس عندنا معكوسة فنحن نريد أن نقيمها نبين كيف كان الجيل الأول ينكر لأنهم أفضل الناس علما وأفضل الناس عملا وأرق الناس قلوبا ."
والحوينى عندما يقول بأن الجيل الأول أفضل الناس علما وأفضل الناس عملا فهو يقنط المسلمين حاليا من الوصول للمراتب العليا وكلامه تكذيب لقوله تعالى :
" والسابقون السابقون أولئك المقربون ثلة من الأولين وقليل من الآخرين "
وتكذيب لقوله تعالى:
""وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين"
فالصحابة منهم من فى الدرجة العليا كما أن من الآخرين منا ومن سيأتون بعدنا مثلهم ومن الصحابة من هم فى الدرجة الأقل كما أن من الآخرين منا ومن سيأتون بعدنا مثلهم فالأفضلية ليس بالوجود فى زمن النبى(ص)
بل إن الحوينى عالم الحديث يكذب حديث يقول : يأتي على الناسِ زمانٌ ، الصابرُ منهم على دينِهِ له أجرُ خمسينَ منكم قالوا : يا رسولَ اللهِ ، أجرُ خمسين منَّا ؟ قال : نعم ، أجرُ خمسينَ منكم "
وبالقطع أنا استشهد بالحديث- مع ايمانى بكونه موضوع هو الأخر- ردا على أهل الحديث بالحديث
ولم يسكت الحوينى على حكاية التسبيح وإنما تحدث فقال :
"فعبد الله بن مسعود أبو موسى الأشعرى أنكروا هذا أنكروا مجرد التسبيح المبتدع إنما يريد أن يسلك بدعته اعتبارا بدليل الأصل ، بعض الناس لما سمع هذا الحديث جاء وقال : ألم يقل الله سبحانه وتعالى[ اذكروا الله ذكرا كثيرا] فجعل الذكر مطلقا فلماذا تريد أن تقيده ؟ إذا كان الله سبحانه وتعالى قال [ اذكروا الله ذكرا كثيرا] وهو مفعول مطلق فمن المفروض الذكر يكون مطلق فما تقيدونه ؟ هذا يرد على ابن مسعود ويرد على أبو موسى الأشعرى لأنهم أنكروا مثل هذا الفهم المطلق فلا يجوز لنا أن نطلق فهما كان الصحابة يرونه مقيدا ، العبرة بهم ، النبى عليه الصلاة والسلام لما علم الصحابة قال لبعض زوجاته أو لبعض النساء : " واعقدن التسبيح بالأنامل فأنهن مسئولات مستنطقات " التسبيح بالأنامل وهى أطراف الأصابع إذن التسبيح يكون بأطراف الأصابع وليس بالعقلة ، ومن استهون مثل هذا استهون غيره "
الرجل هنا يقول أن التسبيح بالأصابع مباح مستشهدا بكلام الله مع أن الآية تتحدث عن الذكر وليس عن التسبيح
والحديث الذى ذكره يخالف كتاب الله فالله لم يقل أن أطراف الأصابع تستنطق بل ذكر الله استنطاق السمع والأبصار والجلود والأيدي والأرجل فقال :
"يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون"
فلم يقل الله باستنطاق جزء من الأيدى وإنما كل الأيدى كلها
وتحدث عن أن المبتدع لا يقتنع بأى دليل فقال :
"مشكلة المبتدع أنه يعتقد بدعته دينا لذلك مهما جئته بكل آية لا يسلم اذكر فى رمضان الماضى سأل سائل سؤال بدرس عن قراءة سورة الإخلاص( قل هو الله أحد) بوسط صلاة التراويح أهى سنة أم بدعة ؟ فقلنا له بدعة ، فأخذ السائل هذا الكلام وقاله لأبيه وكان أبيه رأس البدعة ببلده فهو الذى يبدأ بالقول (قل هو الله أحد) والبطانة معه من المصلين ، فذهب السائل وأنكر هذا الكلام على أبيه ، فجاء أبوه بموعد الدرس الثانى واستمع وبعض أن أنفض المجلس جاء فقال : أنت قلت لابنى أن قول (قل هو الله أحد) بصلاة التراويح بدعة ؟ قلت نعم قال : ( قل هو الله أحد ثلث القرآن بدعة ! - رأيت الكلام والأسلوب - قلت : أنا ما قلت أن قراءة القرآن بدعة ، وقلت أن ذكرك ( قل هو الله أحد) بذلك الموضع هو البدعة ، قال أنا ارتكبت حرام ؟ أنا أقرأ القرآن كل حرف بعشر حسنات ، وهكذا المبتدع يحاول شدك لخارج الميدان وسياق أصل الموضوع فقلت له : لو أنك عطست الأن ماذا تقول ؟ قال : أقول : الحمد لله أو الحمد لله على كل حال فقلت له : هل يجوز أن تقول الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ؟ قال : لا قلت : لماذا هل الصلاة على الرسول حرام ، هل تحرم الصلاة على الرسول ؟ فقال : كيف هذا الله سبحانه وتعالى يقول"يأيها الذين أمنو صلوا عليه وسلموا تسليما" فقلت له : إذن ما خلاصة الأمر؟ أقول الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال : لا وهذا يا اخوان من فضل الله عز وجل أن هذا الرجل اختصر المسافة لأنه لو كان كابر وقال نعم أصلى كان سيجعلنى أبحث عن دليل آخر لكن من فضل الله عز وجل أنه أختصر المسافة ، فقلت له لماذا لم نصلى على الرسول فى العطاس قال : لأن الرسول لم يقل هذا ، قلت له : نفس جوابى هو جوابك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان يصلى صلاة التراويح هل كان يقرأ (قل هو الله أحد) ؟ فسكت قليلا وقال : هذا يعنى أنا منذ ستين سنه مخطىء ، وما المانع ، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقولون كنا ضلالا حتى جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما المشكلة أن أكون مخطىء فأعود للحق فأحمد الله أنك رجعت للحق ، غيرك مات وهو مخطىء فأحمد الله أن مد فى عمرك وأن سخر لك من يخبرك الحق وجعلك تقبل الحق ، فمضى الرجل لا يستطيع أن يرد ولم يقتنع "
الغريب فيما سبق أن ما يسمى بصلاة التراويح بدعة فلا وجود لها حتى فى الأحاديث فالمروى أن الرسول(ص) صلاها ثلاث ليال وصلاها المسلمون خلفه دون أن يقول لهم فلما علم بأمرهم تركها خشية أن تفرض عليهم كمات فى الرواية التالية:
{أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيْتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ}. رواه البخاري ومسلم وأبو داود"
بل إن الذى لم يحدث فى حياة النبى(ص) وهو صلاة التراويح نسبوا بدعته إلى صحابى وهو عمر فى الرواية التالية:
"خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَللاَةِ قَارِئِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَه"
ولا أدرى لماذا لم يتناول الحوينى تلك البدعة وهى مماثلة لبدعة التسبيح حيث خالفوا هيئة الصلاة فبدلا من الفردية صلت جماعة ؟
ثم قال :
" وهذه المشكلة البدعة يظن صاحبها المبتدع أنه دين لذلك كانت المعصية أفضل من البدعة ، الزانى أفضل من المبتدع ، شارب الخمر أفضل من المبتدع ، قاتل النفس أفضل من المبتدع وليس معنى أفضل بالطبع أن القتل حلال لا طبعا إنما تفاضل بالشر ككفر دون كفر وظلم دون ظلم لماذا ؟ لأن أى عاصى يعلم أن المعصيه حرام وإن كابر فيها فأن علم أنها حرام يمكن أن يخرج منها يوما بالتوبه .
كنت بسنة من السنوات أخطب الجمعة بالقاهرة هنا وتكلم عن الرجم الزانى المحصن أنه يحفر له حفره أذا زنى وحده أن يرجم بالحجارة حتى يموت ومضيت بالكلام وكان جزء من الخطبة وبعد ما أنهيت الخطبة والدرس وجدت رجل عمره فى نحو السبعين أو الثمانين وكان يقف أمامى وهو يرتعد فقلت هذا رجل أعصابه متعبه وأطرافه تهتز وكان كذلك ولكن لم يكن المرض العصبى الذى عنده هو السبب المباشر فقط وهذا الرجل يسكن بعيدا عن المسجد رجع لبيته ثم صار مره أخرى إلى المسجد فقابلنى وقال لى أريدك على انفراد وقال لى أنا رجل عشت طيلة حياتى زانى وأول مره أسمع مثل هذا الكلام الذى تقوله وقال كنت أود الخروج أثناء الخطبة من المسجد كنت أحس أنك ترجمنى بالحجارة ولكن أستحييت أن أقوم من المسجد وكنت أحس أنى أرجم بالحجارة أثناء الكلام انتهت الصلاة ما استطعت الجلوس بالمسجد ذهبت للبيت ما استطعت المكوث به ولم أستطع القيام ولا الأكل ولا الشرب بيتى بعيد وليس عندى سيارة والمشوار مكلف بالنسبة لى رجعت لسؤال سؤال واحد هل من الممكن أن تقبل توبتى ؟ هذا الرجل الذى يقترف جريمة الزنى من ثلاثون أو عشرون سنة هل كثرة الزنى جعلته يعتقد أن الزنا حلال ؟ لا يعرف أن الزنى حرام نعم يعرف أن الزنى حرام ولا يمكن لإنسان أن يعتقد فى شىء حرام أنه حلال إلا إذا كان جاهل بالمرة بهذا الشىء ، الرسول عليه الصلاة والسلام لما قسم الأشياء جعلها ثلاثة الحلال بين والحرام بين ، فالحلال المحض بين لا يحتاج إلى برهان ، والحرام المحض بين وقد قال بعض العلماء كيف لا يفطر الأنسان على معرفة الحلال المحض من الحرام المحض وقد فطر الله الحيوانات على معرفة ذلك ، وضرب المثل الذى نعرفه جميعا أنك إذا أعطيت القط قطعة لحم أكلها جنبك أما أذا خطفها يولى مسرعا ، فلماذا يولى إذا خطفها ؟ لأنه سارق أما إذا أعطيتها له يأكلها بجوارك لأنك أعطيتها له من الحلال فالإنسان الذى أعطاه الله زينة العقل لا يعرف الحلال المحض لا يعرفه ولكن يكابر ."
وكلام الحوينى عن التقسيم الثلاثى تخالف كتاب الله فكل شىء بين واضح ولا يوجد ما يسمى المشتبهات لقوله تعالى :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وآتانا الحوينى ببدعة من عنده وهى أن البدعة ليست معصية فقال :
"والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية قال بذلك علمائنا قال بها سفيان الثورى وغيره من العلماء البدعة أحب إلى أبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها أما المعصية يتاب منها ، ومن أظهر الدلائل على أن إبليس لا يقترف بالمعصية ، حديث جابر الذى رواه الأمام مسلم فى صحيحه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن إبليس يضع عرشه على الماء . . " ومعنى يضع عرشه على الماء هو الكرسى ويجلس عليه ويرسل سراياه تترا إلى بنى آدم وتترا أى بعضها خلف بعض ولو أننا نعمل كالأبالسة لكنا من المصطفين الأخيار ، فهم لا يكلون لا ينامون لا يهدئون وإبليس لا يحاسب كل شهر أو كل أسبوع إنما يحاسب كل يوم فيرسل سراياه تترا ويقفوا بعد ذلك طابور وهو جالس على الكرسى وكل واحد يعطيه التقرير فيقول الأول : ما تركته حتى فعل كذا وكذا ونحن من الممكن نستنبط من عندنا كذا وكذا . . فمثلا يقول ما تركته حتى زنا ، فيقول إبليس لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى قتل أخاه ، فيقول : لم تصنع شيئا ثم يسأل وأنت ماذا فعلت فيقول لم أتركه حتى شرب الخمر فيقول لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى سرق فيقول لم تصنع شيئا ثم يسأل الأخر وأنت فيقول لم أتركه حتى فرقت بينه وبين أهله حين إذن يقوم من على الكرسى ويعتنقه ويلتزمه ويقول له : نعم أنت أنت أنت ، الطلاق حلال أم حرام ؟ طبعا حلال ، حتى الطلاق بدون سبب مباح والذى يجعل للطلاق عله مخطىء فالرسول عندما طلق حفصه جاءه جبريل قال له أن الله يأمرك أن ترد حفصة فأنها صوامة قوامة ، أيوجد أكثر من ذلك ؟ الطلاق مباح ولكن هل الزنا حلال الخمر حلال السرقة حلال ؟ أبدا وكان من المفروض أن إبليس لما يقول له لم أتركه حتى زنى أن يعانقه ، فكيف يعظم إبليس شىء من المباحات ولا يقترف بالكبائر، لأن العبد أن ملىء الأرض خطايا وقلت يا رب تبت قال : غفرت ، فيذهب كل جهد إبليس هدر، لذا إبليس لا يهتم بالمعصية لأن العبد أن تاب تاب الله عليه ، لأن العبد أن ظل مائة عام يعصى الله فوفقه الله للتوبة وعمل الصالحات غفر الله له وذهب كل جهد إبليس سدى ولا أدل على هذا إلا قصة الرجل الذى قتل تسعة وتسعون نفسا وعندما سأل العابد وقال له هل لى توبه فأكمل به المئة فرجل قتل مئة نفس غفر الله له إذن المعصية لا قيمة لها عند إبليس إذ يتاب منها ."
وكل ما سبق هو كلام بلا دليل يخالف كتاب الله فإبليس فى النار منذ أن عصى الله فقد خرج من الجنة إلى النار كما قال تعالى:
"اخرج منها مذءوما مدحورا"
فالذءم والدحر يكون فى النار
وأما من يوسوس لنا فهى أنفسنا كما قال تعالى:
|"ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه"
فالوسواس الخناس هو هوى نفوسنا أى شهواتنا كما قال تعالى :
"فارأيت من اتخذ إلله هواه "
إبليس إذا بلغتنا الحالية الشماعة التى نعلق عليها ذنوبنا وهو منها برىء بالفعل فكل ما فعله الرجل هو أنه أول من عصى الله ونحن نقلده وكل من يتهم إبليس بذلك لا يفكر كيف يتواجد إبليس فى مليارات البشر فى نفس الوقت وهو أمر محال ؟
وحدثنا الحوينى عن البدعة لا يتاب منها وهو كلام غير صحيح فالحوينى نفسه وكلنا فى مرحلة الطفولة والشباب كنا نقلد مجتمعنا حتى درسنا وفكرنا ومن ثم تركنا تلك البدع كبدعة المولد والمواسم مواسم الأكل فى 27 رجب و15 شعبان وأنا موقن تمام اليقين أن الحوينى وهو طفل كان يسير فى احتفالات المولد ويأكل حلوى المولد كما كنا نفعل ولما كبرنا ودرسنا تركنا البدع الشائعة وكلامه هو :
"أما البدعة فلا يتاب منها لأن العبد يعتقدها دينا ومن الأدلة الواضحة التى ذكرت بكتب التاريخ قصة الجعد بن درهم وهو رأس الجهمية القدرية رأس المعطلة أخذ البدعة عن أبن سمعان ، وأبن سمعان أخذها عن طالوت ، وطالوت أخذها عن لبيب بن الأعقم اليهودى الذى سحر للرسول عليه الصلاة والسلام فانظر إلى الأسانيد لهذا المذهب الردىء ،"
وكلام الحوينى يخالف كلام الله فالرسول(ص) لا أحد يقدر على آذاه ومن ذلك الأذى السحر كما قال تعالى :
" والله يعصمك من الناس"
ثم قال :
"والجعد بن درهم قال أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ أبراهيم خليلا وهذا مضاد لما جاء بالقرآن (وكلم الله موسى تكليما) (وأتخذ الله أبراهيم خليلا) فلماذا أنكر هذا الرجل ؟ قال لأن الكلام يحتاج للسان وشفتين وسقف حنك وحنجرة وهواء والله منزه عن ذلك إذن الله لم يتكلم لأن إثبات الكلام يعنى اثبات الجارحة والله ليس كمثله شىء إذن الله غير متكلم وهكذا . . . حتى نفى كل صفات الله ، فصار يعبد عدما لأنه إله لا سميع ولا بصير ولا عليم ولا متكلم ما هذا أخلقه أحسن منه ؟! فالإنسان بصير سميع متكلم إذن هذا المعطل لصفات الله يعبد عدما ، فلما أظهر هذه المقالة الشنيعة طالبه الحاكم آن ذاك وكان خالد بن عبد الله القسرى وأرسل الشرطة فقبضوا عليه ، فتم تقييده وحبسه وكان من الممكن أن يتوب ولكن أبدا لم يتب ولم ينزع وظل محبوس لعيد الأضحى وجاءوا به مقيد ووضع تحت المنبر وخطب خالد بن محمد القسرى خطبة العيد فختم خطبته بقوله : " يأيها الناس ضحوا فأنى مضحى بالجعد بن درهم " فإنه يزعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا فنزل فذبحه فى أصل المنبر فشكر له علماء المسلمين ذلك ."
والحوينى هنا بدلا من أن يستند لكلام الله يستند لرواية تاريخية والأغرب أنها تخالف كتاب الله فى عدم وجود ما يسمى الأضحية لأن الموجود هو الهدى وحتى لو صدقنا أحاديث الأضاحى فليس فيها التضحية بإنسان فالفعل مخالفة لكتاب الله والمفترض هو محاكمة الرجل والحكم عليه بحكم القضاء وهو حد الردة أو حد الحرابة
وحدثنا عن الكذب للنجاة من تعذيب الكفار فقال :
"فانظر لخطورة البدعة فالله رخص للمسلم أن يتكلم بكلمة الكفر لينجو قال سبحانه وتعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) ونزلت هذه الآيات فى عمار بن ياسر وكان رضى الله عنه ضعيفا نحيلا أمسك به الكفار وعذبوه العذاب الأليم واشترطوا عليه أن يسب الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يتركوه فلم يتحمل العذاب فقال لهم ماذا أقول قالوا قل هو ساحر هو كاهن هو مجنون فقال ساحر كاهن مجنون فلما تركوه وبرد جلده لام نفسه وقال اقول هذا على من أخرجنى من الظلمات إلى النور كاهن ساحر كاذب ، فذهب للنبى عليه الصلاة والسلام وقال له : ما تحملت قالوا لى قل كذا وكذا ، فقلت فقال له النبى عليه الصلاة والسلام : يا عمار ماذا تجد قلبك قال أجده مطمئن بالأيمان ، قال يا عمار أن عادوا فعد ، مع أن سب الرسول عليه الصلاة والسلام كفر وأتفق العلماء على أن من يسب الرسول يقتل وأن تاب لجناب الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا حقه ، حتى يكون معظما بين الناس لأن من الممكن أن يكون هذا الراجع كاذب فى رجوعه فلا ينبغى أن نترك العنان إلى كل من يسب الرسول ويقول بعدها أنا تبت فيسبه آخر ويقول تبت ، لا - حرمة الرسول عليه الصلاة والسلام ليست كذلك ، أن الذى يسب الرسول يقتل فأ كان تاب حقا فحسابه بينه وبين الله وأن لم يكن فمات وهذا باتفاق العلماء ، فسب الرسول من أكبر الأشياء وبالرغم من هذا يقول له النبى أن عادوا فعد إذن يرخص للمسلم إذا وقع بمثل هذه المواقف أن يصرح بكلمة الكفر ، فكان من الممكن أن يقول الجعد بن درهم : كنت مخطىء كان فهمى خاطىء ويقول بعدما أفهمتونى وعرفتمونى الحق وينقذ نفسه ولو كان كاذبا ، إلا أنه فضل أن يقتل ولا يرجع عن هذه البدعة ، لما ؟ لأنه يعتقدها دينا لو أنك ذهبت لعالم من علماء المسلمين الأفذاذ وقلت له أرجع عن دينك يرجع ؟ لا يرجع أبدا كذلك المبتدع لا يرجع أبدا ، لذلك البدع خطيره جدا جدا "
كل الذى بينانا الأن من الخبث أصله البدع ، لو أننا هجرنا المبتدعة فى الله مع مراعاة الأحكام الشرعية الخمسة ومع مراعاة ضبط المصالح والمفاسد ، لو هجرنا المبتدعة فى الله لزلوا ."
وبعد كل هذا الكلام عاد الحوينى لكون اهل البدعة هم المسيطرون فقال :
"هم الأن أطول الناس أعناقا ، الذين يدعون الأن لاجتماع شمل المسلمين واهمون كيف تجمع ما بين رجل يقول: الله موجود فى كل مكان وما بين رجل يقول الله فى السماء وهو القول الحق .
الذى يقول أن الله موجود فى كل مكان يتهم الذى يقول أن الله فى السماء أنه مجسم فهناك اتهامات متبادلة تجمع بينهم كيف يا رجل ؟ كيف تجمع فى رجال اختلفوا فى ربهم ؟ وهناك من يقول الله لا فوق ولا تحت ولا وراء ولا أمام ولا خارج العالم ولا داخله لما سمع العلماء هذا القول فاجتمعوا فقال قائل منهم هذا القول فقال العلماء هؤلاء قوم ضيعوا ربهم إذن أين هو لا تحت ولا وراء ولا خارج العالم ولا داخله إذن ذهب إلى أين ضيعوا ربهم
الصحابة ما كانوا كذلك الصحابة كانوا يقولون كما كان يقول القرآن والسنه ولذلك نحن نقول كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة ، ماذا تريد أن تجمع أجساد متراصة؟ أنا أرى الى جانبى مبتدع ضال مضل وأنا أرى كذلك فما هو النفع أن تجمعنى به ؟ يا جماعة فلنكن صرحاء الذى حدث بأفغانستان واضح جدا للعيان هم عبارة عن رايات متفرقة كل شخص له عقيده ثانية أشعرى وجهمى وقدرى وسنى وشيعى فلما جاء الروس قالوا نجتمع كلنا مع بعض ولما خرج الروس انخرطوا فى قتال بعضهم البعض ، وهذا شىء طبيعى جدا لأن كل أنسان يقول أنا أريد أن أمكن لدينى وعقيدتى بالأرض ، فيقول أنت تقول أن الله على العرش أستوى بمعنى جالس على العرش يعنى جسم فأنت تجسم ربك ، فيقول لا يمكن أن أمكن لك لكى تنشر هذا المذهب الردىء ومن هنا جاء تطاحنهم مع بعضهم البعض ، لو كانوا قبل أن يجتمعوا موحدين حقا لكانوا لم يطهروا أفغانستان من الروس فحسب و لكن لكانوا التهموهم والصحابة كانوا قلة ونأخذ العبرة بيوم بدر ثلاثمائه وأربعة عشر رجل لم يخرجوا لقتال لم يتأهبوا ليس معهم غير فرسين اثنين تشبه الأن الطائرات القاذفة المقاتلة أثنين فقط والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخرج لكى يقاتل فخرج لهم ألف رجل لقتالهم فماذا فعلوا فيهم قتلوا صناديدهم ، سبعون صنديد جاسر عنيد قتلوهم ثلاثمائة وأربعة عشر وكان أبو جهل ومن معه يذبحون باليوم عشر جمال ويأكلوا والصحابة الفقراء كانوا يقتسموا التمرات ، يقسم التمرة شطرين ويعطى أخيه واحدة ، فى غزوة سيت البحر جابر بن عبد الله الأنصارى كان يقول كنا نضع التمرة تحت لساننا نمصها كما يمص الصبى ونشرب عليها الماء ، سعد بن أبى وقاص كان يقول كنا نأكل ورق الشجر ، وهؤلاء من أعز الله بهم الإسلام لأنهم كانوا على قلب رجل واحد ، قصة الرجل الذى طلب الماء وهو بالرمق الأخير وعندما جاء يشرب وجد اخوانه يقولون الماء ، قال أعطى أخى وهو بالرمق الأخير يموت فسمع رجل يطلب الماء فقال أعطى يأخى كل منهم يقول أعطى يا أخى فالأخير قال أعطى أخى فلما جاءه وجده مات فمر عليهم جميعا فوجد العشرة ماتوا ولم يشربوا الماء .
فقبل ان ندعو المسلمين جميعا إلى توحيد الصفوف قل وحدوا الله أولا ، كلمة التوحيد أولا إذا اجتمعنا عليها هان كل شىء . أما الأن العقيدة الرسمية التى تدرس هى عقيدة الأشاعرة، أين الله يقولون فى مكان ، ما هو الحلول إلا كذلك وأنه قول أقبح من قول النصارى لأن النصارى قصروا الحلول بالمسيح وأمه أما هؤلاء يجعلون الله يحل بكل مكان وهذا من قولهم وهو كما قلنا أقبح من كلام النصارى أنفسهم "
والحق أنه الله لا يوجد فى المكان ولا يحل فى المكان فى الدنيا ومع أنها العقيدة الصحيحة عند الحوينى إلا أنهو القوم أبوا إلا أن يجعلونه يحل فى المكان فى الآخرة مع أن الحلول لا يحل لا دنيا ولا أخرة
اجمالي القراءات 2827