قراءة فى كتيب اللقاء الصحفي وأهمية التحضير له

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ١٣ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتيب اللقاء الصحفي وأهمية التحضير له
المؤلف فالح الساعدي وهو يتناول التحضير للقاء الصحفى وهو شىء من مستحدثات الصحف والمجلات وكان موجودا فى التراث فى شكل أخر وهو الأسئلة التى يسألها التلاميذ لشيخهم فى مسائل متعددة
وقد استهل الساعدى الكلام بأن اللقاء الصحفى أصوله متشابهة مع أى شخص سواء صاحب منصب أو غيره وفى هذا قال :
"عندما نتطرق للصحافة والإعلام ونشرح مفاهيمها فالأمر لا يقتصر على علاقاتها مع السياسيين بل مع كل شخص أيا كان مركزه أو عمله. وكذلك ما يخص اللقاءات الصحفية على سبيل المثال مع مواطن عادي أو مع مدير شركة أو مع رئيس دولة أو بائع خضار, فمفاهيمها و تقنياتها تبقى متشابهة. وكذلك فإن شرحنا للقاءات الصحفية ينطبق على كل مواضيعها دون استثناء إذ لا يشترط بها أن تكون سياسية"
وقد تحدث عن أنواع اللقاءات فقال :
"هنالك أصناف مختلفة من اللقاءات الصحفية يمكننا تلخيص أهمها بالتالي
1 - اللقاء الصحفي لتبيان رأي الغرض من وراء هذا اللقاء والأسئلة التي تطرح فيه هو لتبيان رأي ضيف اللقاء حول أمرا معينا.
على سبيل المثال: أستاذة س ما هو رأيك بموضوع إشراك سوريا في العملية السياسية في العراق؟
2 – اللقاء الصحفي الذي يخص موضوع
الغرض من هذا اللقاء هو الاستفسار من الضيف أو الضيفة باعتبارها خبيرة حول الأمور التي تخص موضوع معين يهم المشاهد أو المستمع أن يسمع عنه من وجهة نضر الخبير أو الخبيرة.
مثال ذلك.
دكتورة - س - هل يمكنك رجاء أن تشرحي لمشاهدينا الكرام كيفية حصول ظاهرتي المد و الجزر؟
3 – اللقاء الصحفي الذي يخص شخص مثل هكذا لقاء يتم مع أشخاص ذوي شهرة كبيرة جدا.
مثال لذلك:
السيد بل كيت، هل لك رجاء أن تبين لمشاهدينا الكرام كيف استطعت أن تبني شركتك (مايكرو سوفت) الجبارة في هذه الفترة الزمنية القصيرة؟"
المفترض هو أن الصحافة هدفها التعليم تعليم الناس ما فيه فوائد لهم وليس لقاء أشخاص لبيان حياتهم أو معلومات عنهم لأن الإسلام ودولته إذا أعطى فرصة لواحد فى الدولة فلابد أن يعطى كل الناس نفس الفرصة للكل من باب العدالة
ومن ثم يجب أن تكون اللقاءات لتعليم الناس أحكام الإسلام فى كل مجال وأما اللقاءات الشخصية فلا مجال لها إلا إذا كانت لقاءات عن العلم كسؤال الفرد عن مواضع فى كتاباته لمعرفة قصده منها باعتبار القاعدة
"اهل مكة أدرى بشعابها"
وتحدث الساعدى عن كيفية التحضير للقاءات فقال :
"حضر نفسك للقاءات الصحفية:
من الخطأ الكبير جدا أن تذهب لمقابلة صحفية دون التحضير الكامل لها.
يفضل أن تكون لديك معلومات عن الصحفي الذي سيعمل المقابلة معك.
ماهي طريقته؟
ماهي خبرته؟
ما هو أسلوبه بطرح الأسئلة؟
ما هي خلفيته السياسية؟
وما الى ذلك من المعلومات.
الصحفي من جانبه سيحضر نفسه أيضا سيجمع كافة المعلومات الممكنة عنك وعن المواضيع المتعلقة بالمقابلة وهو بحكم عمله لديه مصادر كثيرة وأناس متخصصون في جمع واستقصاء المعلومات لكي يصل الى الهدف الذي يريده هو من المقابلة.
قد يكون الصحفي متحيز لجهة تختلف أنت معها كأن تكون شركة منافسة لشركتك إذا كانت المقابلة الصحفية معك كمدير شركة على سبيل المثال أو تصور سياسي يختلف عن تصورك عندما تكون مقابلتك لها طابع سياسي.
قد يطرح عليك نوع من الأسئلة تسمى في دراسات الإعلام بالأسئلة الإفتراضية، يحاول الصحفي عن طريقها جرك للتصريح بشكل مباشر أو غير مباشر بموقف مخالف لموقفك أو موقف الجهة السياسية التي تنتمي اليها أو الجهة المحالفة لك.
عند ذلك ستقع في مأزق أو إحراج أنت في غنى عنه ومطبات من هذا النوع يقع فيها أحيانا سياسيون متمرسون في التعامل مع الإعلام عندما يتبين لك أن الصحفي متحيز، فليس من المستحسن أن تتهمه بشكل مباشر بالتحيز.
ينبغي الإنتباه الى أن المستمع أو المشاهد قد لا تكون لديه نفس القناعات التي لديك، ولا المعرفة والخلفية الازمة بدقائق الأمور وفي هذه الحالة قد يستغل الصحفي عدم إلمام المشاهد بذلك ليحرضه ضد تصوراتك وضد الجهات التي تريد الدفاع عنها.
من الأفضل دائما أن تحاول تغيير الموضوع بعد أن تصحح الصحفي بجملة واحدة أو جملتين و تعود لجوهر الموضوع والرسالة التي أنت بصدد إيصالها للمستمع أو المشاهد والتي ينبغي أن تكون دائما هدفك الرئيسي من وراء المقابلة.
العودة الى جوهر الرسالة التي تريد إيصالها للمشاهد أو المستمع هو الأهم بالنسبة لك وعليك أن تحاول التركيز على هذا الأمر طول فترة المقابلة مدى نجاحك يعتمد كما ذكرنا بالدرجة الأولى على جودة تحضيرك المسبق للمقابلة"
مما سبق نجد أن الساعدى يتحدث عن اللقاء الصحفى كأنه معركة بين الصحفى ومن يلقاه كل واحد يريد الخروج منها بمنفعة ما له أو يبعد بها الضرر عن نفسه وهذا كلام عن الصحافة فى المجتمعات الحالية الموجودة فى العالم
وأما فى الإسلام فلا وجود لمثل هذا الاستدراج من أى جانب لأن الهدف ليس أن تضر أو تنفع من تلقاه أو العكس وإنما الهدف هو فائدة الناس بتعليمهم ما يجب عليهم عمله أو تركه
ويكمل الساعدى الخبل المتبع فى الصحافة عن التعاون بين فريق الإعداد للقاء فقال :
"من الأساليب السهلة المتبعة في التحضير للقاءات الصحفية التي يمكنك استخدامها هي أن تحاول الاستعانة بالعاملين معك أو بمستشاريك بالتفكير سوية بما هي الأسئلة التي يمكن أن تطرح عليك وكيفية الإجابة عليها. وما هي الجمل التي تحضرها مقدما لإيصال الرسالة، لإيصال المعلومات التي تريد أنت أن تصل للمستمع أو المشاهد عنك، عن شركتك أو عن موقفك السياسي، لا تلك التي يحاول أن يوصلها الصحفي المتحيز."
وهذا الكلام من ضمن تضخيم الأمور فلا حاجة لفريق لمقابلة ولا لكل هذه الاختراعات المنقولة من بلاد الكفر إلينا خاصة مع انعدام وجود ما يسمى بالصحافة الحرة تقريبا من كل بلاد العالم فالصحافة تتحكم فيها إما المخابرات وأجهزة الأمن ومن ثم كل ما يجرى أمامنا هو مجرد تمثيل معد من قبل وإما يتحكم الأغنياء الذين يملكون المؤسسات الصحفية ويوجهون فيها الصحفيين لما يريدون فعله وحتى الأغنياء أنفسهم على علاقة بالمخابرات وأجهزة الأمن
ومن ثم فالصحافة الحرة تكاد تكون معدومة فإن وجدت يتم القضاء عليها من قبل المخابرات والأجهزة الأمنية إما من خلال الألاعيب وإما من خلال إفلاس تلك المؤسسة أو القبض على من فيها
حاليا الصحافة الحرة بعيدة عن المؤسسات الإعلامية تتم من خلال الشبكة العنكبوتية من أناس ليسوا بصحفيين ولا مدربين
وتحدث عما سماه الأسئلة المفاجئة وهو كلام يدرس فقط فى كليات الإعلام لأن من خلال المؤسسات الإعلامية الموجودة ما يبدو مباغت هو متفق عليه وفى هذا قال :
"التعامل مع الأسئلة المباغتة هو من أصعب أمور إنجاح المقابلة الصحفية صعوبته تنطبق على كلا الجانبين عليك أنت وعلى الصحفي نفسه أيضا. التحضير لهذا النوع من الأسئلة هو أمر يمكن تعلمه"
وتحدث عن أنواع الأسئلة التى تطرح فى اللقاءات الصحفية فقال :
"أنواع الأسئلة التي تطرح في اللقاءات الصحفية:
السؤال المفتوح:
و هو السؤال الذي يمكنك من التطرق بالتفصيل وبكل حرية الى موضوع أو مواضيع لك إطلاع عليها إذا كنت قد حضرت نفسك بشكل جيد فيمكنك عند الإجابة على هكذا أسئلة إعطاء أمثلة لشرح موقفك وتسليط الأضواء على موضوع يهمك أو يهم المؤسسة التي تمثلها كأن تكون حزب أو شركة أو منظمة مجتمع مدني .. الخ.
مثال لهذا النوع من الأسئلة هو:
هل يمكنك أن تحدثنا رجاء عن مبادرتكم الخيرية الأخيرة؟
لماذا قمتم ببناء دار لإيواء الأطفال المدمنين على المخدرات؟
السؤال المغلق:
الجواب على هذا السؤال ينبغي أن يكون واضح ودقيق ومحدد كأن يكون الجواب نعم أو لا،أو السؤال عن إسم أو رقم أو تأريخ معين.
مثال لهذا النوع من الأسئلة هو:
هل ستشاركون في الإنتخابات القادمة؟
متى ستعلنون برنامج عملكم الجديد؟
ما هي كمية الأموال التي تبرع بها السعوديون لحركتكم؟
هل هنالك دعم مالي أيراني لحزبكم؟
السؤال الحاسم:
وهو نوع من أنواع الأسئلة المغلقة الذي يجبرك أن تعطي جواب حاسم، قصير ودقيق.
مثال لهذا النوع من الأسئلة هو:
هل جرى لقاء بينك وبين التنظيم - س -؟ نعم أم لا؟
هل تعتقد أن الوزير- ص- سرق الأموال؟ نعم أم لا؟
السؤال الإفتراضي:
السؤال المفتوح والسؤال المغلق والسؤال الحاسم هي أسئلة قد تحرجك أن لم تكن قد حضرت نفسك للمقابلة الصحفية جيدا ولكنها في مفهوم الصحافة النزيهة أسئلة مشروعة.
أما الأسئلة الإفتراضية فتعتبر من الأسئلة الخبيثة والمنبوذة في وسائل الإعلام التي تحترم نفسها (أرجو الإنتباه الى أن كلمة إعلام خبيث أو كلمة إعلام منبوذ ليست لها علاقة باستخدام هذه الكلمات في الشتم والتنكيل بالآخرين إنها ليست سوى مفاهيم متعارف على استخدامها في علم الإعلام لوصف حالات شاذة في إساءة استخدام الإعلام.) ولكن فهمها ومعرفة التعامل معها مهم جدا لضيوف اللقاءات الصحفية وبشكل خاص في اللقاءات السياسية مع الفضائيات المتطرفة القصد من وراء هذه الأسئلة هو محاولة جرك الى اتجاه يعاكس اتجاهك السياسي الحقيقي لإيقاعك بمأزق أمام مؤيديك و أصدقائك أو حلفائك الاقتصاديين أو السياسيين، حسب طبيعة اللقاء الصحفي الذي تقوم به.
مثال لمثل هذه الأسئلة هو (المراقبون السياسيون توصلوا الى قناعة مفادها هو أن الإرهاب الذي يتعرض له العراقيين وبشكل خاص الشيعة (أو السنة) هو إرهاب سني (أو شيعي)، والقوى التي تقوم بذلك مدعومة من جهات عراقية ودول مجاورة سنية (أو شيعية) والحل الوحيد للأزمة العراقية هو التقسيم فهل تؤيدون ذلك، أرجو منك إجابة صريحة! نعم أم لا؟)
وخباثة مثل هذه الأسئلة تكمن في أنك تقع بمأزق إذا أجبت بكلمة نعم وتقع أيضا بمأزق إذا أجبت بكلمة لا.
مثل هذا النوع من الصحافة يستخدم من قبل بعض العاملين في وسائل الإعلام العربية المتطرفة للايقاع بالسياسين العراقيين بمأزق فالعاملون في وسائل الإعلام هذه يعلمون جيدا بعدم خبرة السياسيين العراقيين في التعامل مع الإعلام الموجه.
القصد من وراء استخدام هكذا نوع من الأسئلة وهكذا الإعلام هو تصعيد التوتر الطائفي وتشجيع أعمال العنف والإرهاب لكي يبقى العراق مصدرا دائما للأخبار و التقارير الصحفية المثيرة بالإضافة لأسباب كثيرة أخرى تكمن في الميول السياسية المتطرفة لبعض العاملين في الوسط الإعلامي العربي"
أنواع الأسئلة هنا سببها هو أن أوضاع المجتمعات الحالية هى أوضاع لا تحكم بشرع الله ومن ثم فالكل يحاول أن يوقع الكل إن صح كلام الساعدى وإن كان الإعلام الموجود حاليا معظمه تحت وصاية الأجهزة الأمنية والأغنياء التابعين لهم لا يمكن فيه لصحفى أن يوقع سياسى لأن الكل يتم بمباركة تلك الأجهزة ومن يعملون تحت وصايتها وهو الحال فى كل بلاد منطقتنا على وجه الخصوص
وحدثنا الساعدى عن كيفية مواجهة هذا النوع من الأسئلة الخبيثة فقال :
"لكن كيف يمكن مواجهة هذا النوع من الأسئلة؟
الصحفي المتمرس بالخباثة سيحاول أن يستغل عدم معرفتك بأمر الأسئلة ويطلب منك أن تجيب عليها وكأنها أسئلة مغلقة أو أسئلة حاسمة. عندها سيطالبك بالإجابة بنعم أو لا كأن يقول: أرجوك أستاذ بإختصار رجاء (نعم أم لا)
ينبغي بك عدم الانجرار الى المطب الذي رسمه لك الصحافي تطرق الى طبيعة السؤال نفسه وما يخفيه من إشكاليات.
أعد صياغة السؤال بأدب و بكلماتك أنت كأن تقول له على سبيل المثال:
أعتقد أنك أردت أن تسأل هل أن الطائفة السنية (أو شيعية) هي التي تقوم بتقتيل أبناء الطائفة الشيعية (أو السنة)؟
بسؤالك هذا بينت للمشاهد بأدب ما هو قصد الصحفي من وراء السؤال.
كما يمكنك أن تجيب على السؤال بالصورة التي ترتئيها، على أن يكون جوابك له علاقة ما بالسؤال.
مثال لذلك:
يمكنك أن تثير أمر مشاركة دول غير سنية لا بل غير مسلمة مثل الدول العظمى بتزويد الإرهاب بأسلحة أكثر تطورا من أسلحة القوات العسكرية العراقية، أو التطرق الى دور رءوس أموال صدام المودعة في بنوك العالم بدعم الإرهاب الطائفي في العراق.
ينبغي بالطبع أن تكون كافة اتهاماتك للجهات الأخرى مدعومة ببراهين ومصادر موثوقة، نكون قد حضرتها مقدما وقبل البدء بالمقابلة الصحفية"
كما سبق القول نحن نتحدث عن صحافة ليست فى مجتمع مسلم يحكم بشرع الله وإنما صحافة غرضها الظاهر هو إخبار الناس بالحقيقة ولكن فى الواقع هدفها تضليل الشعوب وإهدار حقوقها
وما يحكمنا كمسلمين إذا استعملنا الصحافة هو قوله تعالى :
"وإذا قلتم فاعدلوا"
فالهدف هو العدل ومن ضمنه تعليم الأخرين الحق من الباطل
اجمالي القراءات 2690