بسم الله الرحمن الرحيم
د . أحمد صبحى منصور
تعليق على ما ورد فى برنامج الحقيقة المذاع فى قناة دريم حول القرآنيين
أولا :
اشكر للاستاذ وائل الابراشى و القائمين على البرنامج أنهم ـ برغم الظروف الأمنية وقانون الطوارىء ـ قدموا برنامجا متوازنا . ولهذا أغض الطرف عن حذف بعض ما قلت وعن قطع الاتصال التليفونى بى مرات عديدة أثناء التسجيل فلم استطع ان أتابع كل ما يقال فى الجلسة ، وأنا فى أمريكا وهم فى القاهرة، ومفروض أن أستمع الى كل شىء لأعلق عليه ، وهذا أبسط حقوقى كمشارك رئيس فى النقاش .
ثانيا :
بعد إضافة إسمى الى قائمة الاتهام ( متهما أول ) طلب الاستاذ وائل تسجيل عشرة دقائق معى ومع اللواء فؤاد علام للتعليق على الموضوع ، وقلت إننى أشم رائحة الاخوان خلف هذا القرار الجديد ، وأنه يدل على تحالف سرى بين الاخوان المسلمين وجماعة داخل السلطة ترفض توريث الحكم لجمال مبارك ، ودللت على الموضوع ، ورد اللواء فؤاد علام نافيا ولكن ردوده كانت تؤيدنى بين ثناياها .
المهم انه عندما قام موقع (الأقباط متحدون ) مشكورا بنقل هذه الحلقة الثانية مع العشر دقائق المضافة فقد سقط منهم كلامى الأول فى شرح التآمر بين الاخوان و الفريق الأمنى داخل النظام المصرى. وجاء رد اللواء فؤاد علام على كلامى الذى لم يكن موجودا.
ثالثا :
كان هناك نوع من الود بينى وبين اللواء فؤاد علام ، فقد دعوته فى منتصف التسعينيات للحديث فى الجمعية المصرية للتنوير حين كنت قائما على إدارتها ، وجمعتنا ندوات كثيرة مختلفة كنا فيها ضمن فريق واحد ضد الاخوان المسلمين وجماعات التطرف فى الجبهة المقابلة . ثم جاء الوقت ليقف ضدى منحازا الى السقطة الأمنية التى وقع فيها الجزء المتآمر على رأس النظام .
وقد أتفهم وظيفته فى البرنامج ، وأنها فى الدفاع عن الجهازالذى ينتمى اليه ، وقد أتفهم أيضا اضطراره للحضور حتى لو كان مدافعا عن ظلم واضح صريح وقع على عائلة مفكر مسلم يعرفه جيدا ، وهو نفسه أقرّ واعترف فى البرنامج أن وزارة الداخلية كانت تستفيد من هجومى الفكرى على ثقافة الاخوان فكيف أصبح كتاب ( حد الردة ) الذى احتفلت به الداخلية فى التسعينيات جريمة الآن ؟ اللهم إلا إذا كان هناك تحول سياسى تحت السطح يجرى لصالح الاخوان وفق تآمر سرى يجرى الاعداد له لقلب نظام الحكم .
إن القرآنيين هم أقوى حصن فكرى يواجه الاخوان خصوصا بعد عجز وتهافت شيوخ الأزهر وتحالف وتآمر بعضهم مع الاخوان . والقبض على القرآنيين هو قرة عين للاخوان و تمهيد الطريق لانفرادهم بالساحة الدينية لينفردوا بعدها بالساحة السياسية ويحكموا مصر بحد الردة يقتلون به من يجرؤ على مناقشتهم . إزاحة القرآنيين من أمام وجه الاخوان المسلمين وسائر المتطرفين خطأ سياسى فادح لا يمكن تبريره من خبير أمنى مشهور بعدائه للاخوان مثل فؤاد علام.
أتفهم وقوع (صديقى ) اللواء فؤاد علام فى كل تلك الأخطاء ولكن لا أتفهم تعليقاته الجارحة على ما قالته السيدة ناعسة محمود وهى تصف الهجوم عليهم بجيش مسلح بمركبات ومدافع رشاشة قبيل الفجر وفزع طفليها الصغيرين وفزع اهالى المنطقة . كان يمكن أن يسكت اللواء فؤاد علام فهو يعرف مثل كل المصريين أن هذا هو الاسلوب الروتينى المعتاد للأمن المصرى فى القبض على من لاحول لهم ولا قوة . وإنكاره أو الدفاع عنه يكون مهينا لمن يتصدى للدفاع عنه . وكانت سقطة كبرى من (صديقى ) فؤاد علام أن يرد ليس فقط بالانكار ولكن يتهم السيدة الفاضلة المنكوبة بأنها تريد استعطاف الناس .
لا أريد الرد على ( صديقى ) القديم إلا بأن أدعو له أن يظل حيا الى أن يشهد بعينيه صعود الاخوان المسلمين وأعوانهم الى السلطة ، وأن يستمتع هو وأحفاده بكرم ضيافتهم ..
رابعا :
يبقى التوقف قليلا مع الشيخ الكوميدى عبد المهدى . لا يستحق إلا مجرد وقفة قصيرة، وبعدها سألقيه فى بئر النسيان ..
زعم الشيخ الكوميدى عبد المهدى انه تعرض لتهديدات بالتصفيه الجسديه من احد القرآنيين ..
وأرد بالآتى :
1 ـ ينتمى الشيخ عبد المهدى الى نوعية من المشايخ قلت عن احدهم عبارة مشهورة أصبحت مثلا يدور على السنة المثقفين ، ففى المناسبة الأولى لتابين صديقى الراحل د. فرج فودة تحدثت وعقدت مقارنة بين نبل فرج فودة الذى دافع عنى دون ان يعرفنى حين كنت فى السجن ـ وبين خسة الشيوخ الذين يعرفون أننى على الحق ومع ذلك ينشرون الأكاذيب عنى وعن الملايين التى تاتينى وهم يعلمون أننى أعيش فى شقتى القديمة على حافة الفقر. وقلت أصف زعيم أولئك الشيوخ الكاذبين :( إنه لا يكذب أبدا إلا عندما يتكلم ) وضجت القاعة بالضحك مع أنها كانت مناسبة للتأبين . هذا الوصف ينطبق تماما على الشيخ عبد المهدى الذى لا يكذب أبدا إلا عندما يتكلم ـ فاذا تكلم تنفس بالكذب ..
2 ـ والمنتظر ممن يدافع عن أكاذيب البخارى مؤمنا بها أن يكون الكذب منهاج حياته وسنته وديدنه ، وهو بهذا الادمان على الكذب يقع ضمن الفئة الى تكرر فى القرآن الكريم وصفها بأنهم أظلم الناس لأنهم يكذبون بآيات الله ويفترون على الله تعالى كذبا . وأرجو مخلصا للشيخ عبد المهدى أن يتوب ويكف عن اتباع الكذب وقول الكذب .
3 ـ إن جرأته على الكذب أوقعته فى القول بغرائب بدا فيها كمن لا يعيش عصرنا فمثلا يقول : أن الأمة الاسلامية بخير ، فهل لا يعرف ما يحدث فى العراق وافغانستان وفلسطين والصومال و السودان وباكستان والجزائر و المغرب وتونس .الخ ..؟.وهل لا يعرف ما يعانيه المصريون حوله ؟. ولو إفترضنا أنه يقرأ ـ وهذه فرضية متعذرة الحدوث ـ لعرف أن تلك الأمة لم تهدأ فيها الحروب الأهلية و الظلم والعسف منذ مقتل عثمان بن عفان حتى الان ، وان ما يحدث الآن هو استمرار لمسلسل الفتن و القتل و القتال تحت اسم الجهاد و الشريعة ، والاسلام برىء من ذلك كله .
4 ـ وعموما فان فى اقاويل الشيخ عبد المهدى أكاذيب علمية وعقيدية مثل حديث رضاعة الكبير الذى اعترف أنه أنفق جزءا من عمره فى الدفاع عنه ،ومثل قوله أن البخارى معصوم ومقدس ، وغيرها من اكاذيب يأنف العوام من تصديقها ، وأضحكت عليهم الدنيا .
5 ـ بل إن بعض أكاذيب الشيخ عبد المهدى التى قالها بلسانه عن نفسه تطعن فى أهليته العلمية وفى أحقيته فى الحصول على درجة الدكتوراة التى حصل عليها من كلية (أصول الدين ).
إنه يقول إن رسالته فى الدكتوراة أثبتت أن الأحاديث تمت كتابتها فى عهد النبى.
هو من حيث لا يدرى يقوم بتكذيب البخارى نفسه الذى جاء فيه حديث ان الرسول مات وما ترك سوى ما بين (الدفتين ) أى القرآن الكريم.
إن المعلوم فيما يسمى بعلم الحديث وما جاء فى مقدمة صحيح مسلم وفيما كتبه البخارى و ما تواتر فيما يعرف بالتراث السنى إن تدوين الأحاديث جاء بعد فترة من الرواية الشفهية ، وان ذلك التدوين انتظم فى العصر العباسى الثانى ، أى منتصف القرن الثالث الهجرى الذى ظهر فيه أئمة الحديث الكبار.
هذه حقيقة علمية لا سبيل لنفيها، فاذا تجرأ الشيخ عبد المهدى ونفاها فى رسالته فى الدكتوراة فقد أصبح منكرا للسنة لأنه ـ فى هذه الحالة ـ قد نفى كل ما قاله أئمته الذين يعتبرهم معصومين مقدسين . بل أنه إذا قال هذا فعلا فى رسالته للدكتوراه فانما يكون قد وجّه طعنة دامية لكل أولئك الأئمة الذين يعتبرهم مقدسين ، لأنه لو كان النبى محمد عليه سلام الله تعالى ـ قد كتب الحديث كما كتب القرآن إذن فلا يصح لأحد بعده أن يكتب شيئا . تماما مثل القرآن الذى تم تدوينه فى عهد النبى وبعد موته لايستطيع أحد أن يضيف أو ينفى شيئا الى القرآن الكريم . ثم إذا كان النبى قد كتب الحديث فأين هذا الكتاب الذى كتبه حتى يوضع جنبا الى جنب مع القرآن الكريم ؟
إذا كان الشيخ عبد المهدى قد حصل على الدكتوراة بتلك الأكاذيب التى تطعن فى أئمته المقدسين فان هذا يعطينا دليلا على أن الجهل مع الكذب هما أهم مسوغات التعيين فى كلية (أصول الدين )
وقد قلت فى كتابى (حد الردة ) :
فحين مات النبى عليه السلام لم يكن مع المسلمين إلا القرآن الكريم كتاباً مكتوباً مدوناً وأوصى النبى بالتمسك به. وذلك ما أورده البخارى ومسلم فى حديث يرويه كلاهما عن الصحابى عبد الله بن أوفى.
وقالوا إن عبد الله بن أوفى كان أحد الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة وقال فيهم الله تعالى ﴿لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ (الفتح 18) وشهد عبد الله بن أوفى مع النبى ست غزوات، وجرح يوم حنين، وهو آخر من مات من الصحابة بالكوفة..
سئل عبد الله بن أوفى هل أوصى رسول الله؟ قال: لا. قيل فلم وقد كتبت الوصية على الناس؟ فقال: وصى بكتاب الله..
وقال الحافظ بن حجر فى شرح هذا الحديث فى كتاب فتح البارى :
"أى التمسك به والعمل بمقتضاه، ولعله أشار إلى قوله صلوات الله عليه "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله" واقتصر على الوصية بكتاب الله لكونه أعظم وأهم ولأن ما فيه تبيان كل شىء أما بطريق النص وإما بطريق الاستنباط فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به".
والحديث رواه مسلم فى سياق حجة الوداع إنى تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا. وفى رواية أخرى عن جابر لما خطب الرسول يوم عرفة: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله".
وقد تلاعبوا بذلك الحديث فقالوا كتاب الله وسنتى، مع أن سياق الحديث فى البداية يدل على التمسك بشى واحد "تركت فيكم ما إن تمسكتم به.." و(به) يرجع إلى شىء واحد هو الكتاب ولو كان مع الكتاب شىء آخر لقال "ما إن تمسكتم بهما..".
ويروى البخارى حديث رفيع: قال دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال له شداد بن معقل أترك النبى من شىء قال ما ترك إلا ما بين الدفتين، دخلنا على محمد بن الحنفية فقال ما ترك إلا ما بين الدفتين.."
أى سئل ابن عباس وابن الحنفية (محمد بن على بن أبى طالب) عما تركه النبى فرد كلاهما بأنه المصحف "ما بين الدفتين".
ثم تكاثرت الرواية على النبى وبدءوا فى كتابة أحاديث عنه مع أنه عليه السلام قال فيما يرويه أحمد ومسلم والدارمى والترمذى والنسائى "لا تكتبوا عنى شيئاً سوى القرآن فمن كتب عنى غير القرآن فليمحه".
ونهى أبو بكر عن رواية الأحاديث، وجاء فى تذكرة الحفاظ للذهبى أنه قال: إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه".
وتشدد عمر فى رفض كتابة الأحاديث، وقال فيما يرويه البيهقى وابن عبد البر "إنى كنت أريد أن أكتب السنن، وإنى ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فانكبوا عليها وتركوا كتاب الله. وإنى والله لا أشوب كتاب الله بشىء أبدا..".
ولكن تكاثرت روايات الأحاديث بعد دخول المسلمين فى الفتنة الكبرى والحكم الاستبدادى الأموى ثم العباسى حيث احتاج كل فريق لتعزيز موقفه بالأحاديث وبعد أن أسالوا دمائهم أنهاراً كان سهلاً عليهم أن يجترئوا فى الكذب على رسول الله..)
7 ـ هناك أكاذيب أخرى للشيخ عبد المهدى يخترعها اختراعا بنفسه ورمانا بها . وخلال جلسة قصيرة أخترع ثلاث أكاذيب وجهها ضدنا ونحن حضور ـ أى كذب فى وجودنا فكيف بكذبه علينا فى غيابنا.
• الكذبة الأولى حين قال ، إن الأزهر قد سحب منى درجة الدكتوراة وأكّد ذلك بقوله إنه يعرف الذى قام بسحب رسالة الدكتوراة , ورددت عليه وأفحمته بأن سحب الدرجة العلمية لا يصح قانونا بعد اصدارها بشهرين ، فكيف بسبع سنوات ؟ وأؤكد أنهم فعلوا اقصى ما يستطيعون معى فى إطار التلاعب بالقانون وهو اصدار قرار عزل من الجامعة، وحتى وهم يرتكبون ذلك الجرم فقد كان الوصف هو : الدكتور احمد صبحى منصور ..
• والكذبة الثانية حين قال إننى ذهبت الى لجنة الفتوى فى الأزهر وحصلت منها على فتوى ( أن من ينكر الأحاديث فليس كافرا ) ورددت عليه بأن الذى استصدر تلك الفتوى هو الشيخ محمد الغزالى نفسه ـ وهو من أكبر أعدائى ـ والذى أصدرها له كان الشيخ محمد عبد الله المشد ـ وهو الآخر من خصومى . وأن الشيخ الغزالى نشر هذه الفتوى فى كتابه ( تراثنا الفكرى ) ونشرتها جريدة الأحرار فيما بعد . أى ليست لى أدنى علاقة بهذه الفتوى مع أنها تؤكد على موقفى و تدمر أى حجة قانونية لاتهامنا بازدراء الدين او الخروج عن الاسلام وفق معايير الأزهر نفسه .
• وأقول ان الشيخ الغزالى هو الذى إحتاج لتلك الفتوى بعد الهجوم الذى أنصب عليه بسبب كتابه ( السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث ) حيث رماه المتعصبون الوهابيون بانكار السنة فاستصدر تلك الفتوى وأقام عليها كتابه ( تراثنا الفكرى).
• * الكذبة الثالثة هى التى أعلنها فجأة بعد أن عجز عن الرد العلمى علينا ، وبعد ان تجاهل الرد على الحديث الكاذب فى البخارى الذى يزعم أن النبى قال ( أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال ، فاما أن يتتاركا أو يتزايدا ) وقد قلت أن البخارى يشرع الزنا بهذا الحديث ، فلم يستطع عبد المهدى أن يتكلم ـ ورد باختراع تلك الكذبة فزعم ان هناك من هدده بالاغتيال ، وعندما ثرنا عليه سارع يؤكد أنه لا يتهمنى ..
• وأقول إن كان صادقا فلماذا لم يسارع بتبليغ أجهزة الأمن ضد ذلك الشخص الذى هدده ؟
• لو فعل كانت ستلاحقه وكالات الأنباء وستفرد له الصحف صفحاتها بدلا من الهجوم عليه وعلى أبطال الفيلم الهابط المسمى برضاعة الكبير الذى فضحهم ومرّغ بأسمائهم الوحل ؟؟
• لو كان زعمه صحيحا لاستغله من قبل فى شهرة يحتاج اليها لتنقذه من سخرية العالمين منه ومن أبطال الفيلم الهابط المعروف برضاعة الكبير ..!!
• وفى نهاية الأمر فكل منا معروف باتجاهه الفكرى ، أنا ضد الارهاب وفتاوى التكفير وضد حد الردة المزعوم ، وأعانى بسبب ذلك ، والشيخ عبد المهدى وزمرته يؤمنون بحد الردة ويقومون بتكفيرنا عالمين ما يترتب على تكفيرنا من استحلال دمائنا .
• هو لا يزال مصرا ومصمما على تكفيرنا ، ونحن لا نزال متمسكين بقيم الاسلام العليا من السلام والتسامح و الصبر . والله تعالى يحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون.