نسخ ما فات وقت تدمير الموقع
قرية ظالم أهلها

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٦ - سبتمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً


قرية ظالم أهلها


أحمد صبحى منصور
 
الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 18:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أولا : قال جل وعلا فى سورة (يس ) :
( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ( 13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ( 14 ) قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ( 15 ) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ( 16 ) وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 17 ) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18 ) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ( 19 ) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ( 20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ( 21) وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ ( 23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ( 24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ( 25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ( 26 ) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ( 27) وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ( 28 ) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ( 29 ) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ( 30).
ثانيا : تدبر فى الآيات الكريمة
الله جل وعلا جعل القرآن الكريم ميسّر للذكر . ونرجو من القارىء أن يقرأ الآيات الكريمة بتعقّل سيراها سهلة الفهم . والله جل وعلا جعل فى القرآن الكريم مجالا للتدبر والتعمق فى الفهم لمن لديهم أدوات الاستنباط . ونعطى تدبرا فى الآيات الكريمة . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً ). تتنوع الأمثلة فى القرآن .
1 / 1 : قال جل وعلا :
1 / 1 / 1 : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) الزمر ( 27 ).
1 / 1 / 2 : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ) الكهف 54 ) .
1 / 1 / 3 ومثلا ، فإن فى سورة الكهف أنواعا من الأمثلة ، منها :مثل الرجل صاحب الجنتين ( 32 : 44 ) ، وبعده مثل تصويرى للحياة الدنيا ( الكهف 45 ). 1 / 2 / 2 :
1 / 2 : ومن أنواع الأمثلة أيضا : التشبيه كقوله جل وعلا :
1 / 2 / 1 :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) ( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ( سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ) الاعراف 175 : 177 )
1 / 2/ 2 : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الجمعة 5 )
1 / 3 :ومنها ما يدخل فى القصص القرآنى كهذه الآيات الكريمة من سورة ( يس ).
2 : ( أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ ). لم يقل ( أهل القرية ) ، أى سكانها . التعبير بالأصحاب يعنى الملكية مثل قوله جل وعلا :
2 / 1 : ( وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ) الحجر 78 )
2 / 2 : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ) الحجر 80 )
2 / 3 : (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) القلم 17 ).
بالتالى فالكلام هنا عن الملأ المتحكم فى القرية .
2 / 4 : والقرية فى المصطلح القرآنى تعنى المجتمع أو الدولة . ولذا فهى تشمل المدن فى داخلها . وفى هذه القصة القرآنية نعرف ان فى القرية عاصمة هى ( المدينة ). قال جل وعلا : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) ( 20) .
3 ـ طبقا لمنهج القرآن الكريم فى القصص لا نعرف زمان ولا مكان الحدث ، ولا أسماء الأبطال . فليس مذكورا هنا أسماء الرسل الثلاثة ولا أسماء المتحكمين فى القرية ولا إسم الرجل الذى جاء من أقصى المدينة يسعى ، ولا نعرف إسم القرية أو موقعها ، قد تكون فى الأمريكيتين أو الصين أو الهند أو اليابان او استراليا . التاريخ يذكر الزمان والمكان واسماء الابطال فى الأحداث . ولكن القصص القرآنى ليس تأريخا ، بل هو قصص للعبرة للبشر بعد نزوله الى قيام الساعة . والعبرة هنا جاءت فى قوله جل وعلا : ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ( 30). وهذا خطاب الاهى يتوجّه للطُغاة فى عصر نزول القرآن وما بعده ، من الخلفاء الفاسقين وأكابر المجرمين الى قيام الساعة .
4 ـ (إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ( 13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ( 14 ) .
4 / 1 : هم ثلاثة رسل برسالة واحدة . كما أرسل الله جل وعلا موسى وهارون برسالة واحدة ، قال جل وعلا : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) ( وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) ( وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ) ( وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ) الصافات 114 : 117 )
4 / 2 : أرسلهم جل وعلا برسالة واحد ، بكتاب إلاهى واحد . ليس هناك ( كتاب وسُنّة ) . لم يأت أى رسول بكتاب وسُنّة بل بكتاب واحد فقط ، فمتى يؤمن المحمديون بالقرآن الكريم وحده حديثا ؟
5 : ( قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ( 15 ).
5 / 1 : هؤلاء الكفرة أكابر المجرمين يؤمنون بالرحمن جل وعلا ، ولكنهم يتكبرون أن يرسل الرحمن بشرا مثلهم رسلا اليهم . والعادة أن أكابر المجرمين يستكبرون ويستنكفون أن يأتيهم رسول برسالة إلاهية ، إذ يرون أنفسهم الأحقّ بهذا الشرف لأنهم أصحاب السلطة والثروة . قال جل وعلا : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) ( وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ) ( الانعام 123 : 124 ).
5 / 2 : إن مصلحتهم فى الحفاظ على الثوابت الدينية الأرضية المتوارثة والتى أقاموا عليها سلطتهم وسطوتهم وجاههم وترفهم ، لذا فالقاعدة الأساس عندهم هى تقديس ما وجدوا عليه آباءهم. قال جل وعلا : ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ) ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ )الزخرف 22 : 23 )
6 ـ ( وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 17 ). هذا قول الرسل الثلاثة . مهمة كل الرسل التبليغ وفقط . ويشمل التبليغ ما فى الرسالة الالهية من انذار وتبشير ، وكونها نورا للهداية . قال جل وعلا : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) النحل 35 ).
7 ـ ( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18 ) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ( 19 ). عقلية المشركين تؤمن بالتفاؤل والتشاؤم حسب الهوى . وأكابر المجرمين فى خوفهم على مكانتهم تشاءموا بالرسل ودعوتهم . وقالوا لهم هذا ، وجاء الرد عليهم بأن ما ينتظرهم هو عند الله جل وعلا . وتكرر هذا مع آخرين . منهم :
7 / 1 : قوم ثمود ، قالوا للنبى صالح عليه السلام : (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ) النمل 47 )
7 / 2 : قوم فرعون قال جل وعلا عنهم : ( فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) الاعراف 131 )
7 / 3 : وهذا التطيّر أو التشاؤم مرادف للاسراف والفساد ، وهما من صفات المترفين . وقد جاء الاسراف صفة لقوم :
7 / 3 / 1 : ثمود . قال لهم النبى صالح : (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) ( وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ) ( الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) الشعراء 150 : 152 )
7 / 3 / 2 : فرعون . قال جل وعلا :
7 / 3 / 2 / 1 : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ) يونس 83 )
7/ 3 / 2 / 2 : ( وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) ( مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ ) الدخان 30 : 31 )
7 / 3 / 2 / 3 : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) القصص 4 )
7 / 3 / 3 : وقال جل وعلا عن الرسل السابقين وإهلاك أقوامهم : ( ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ) الأنبياء 9 ) .
8 ـ (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ). المدينة هنا هى عاصمة الدولة أو القرية . هو يعيش فى أقصى المدية أى فى الأحياء الفقيرة العشوائية ولكنه ( رجلُّ ) فى زمن عزّ وقلّ فيه الرجال . وقد جاء من مكانه البعيد بكل رجولة يسعى لينصح اكابر المجرمين الذين إحتكروا وسط المدينة وأغلاها سعرا . فرعون كان قصره يطل على النيل ـ وقد جاء ( رجل ) من أقصى المددينة يسعى لينصح موسى : (وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) القصص 20 ).
9 ـ (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ( 20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ( 21) وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ ( 23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ( 24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ( 25).
هنا عدة إشارات :
9 / 1 : الاتّباع للمرسلين أى الرسالة .
9 / 2 : المرسلون والدُّعاة للحق لا يطلبون أجرا من أقوامهم الكافرين ، وهم يطبقون الالتزام بشرع الله جل وعلا فى الرسالة الالهية ، لا يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم .
9 / 3 : كان قومه يعبدون آلهة يتخذونهم شفعاء عند الله جل وعلا . وقد رفض هذا الرجل هذا معلنا إن هذه الآلهة الخرافية لا تشفع ولا تنفع . ولو فعل سيكون فى ضلال مبين . و بعد إعلانه كفره بآلهتهم أعلن لهم إيمانه بالله جل وعلا وحده .
10 ـ (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ( 26 ) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ( 27). هنا معلومة مفهومة من السياق ، هى أن أكابر المجرمين قتلوه . وبشرته الملائكة بالجنة فتمنّى أن يعلم قومه بغفران ربه له وإكرامه جل وعلا له. ومعنى أن يقول هذا أنه بمقتله فقد انتقل الى العيش فى برزخ جنة المقتولين فى سبيل الله الذين يحسُّون بأقوامهم ويرونهم من حيث لا يشعر بهم أقوامهم . قال جل وعلا :
11 / 1 : ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) البقرة 154 )
11 : 2 : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) ( فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران 169 : 171 ).
12 : (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ( 28 ) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ( 29 ). لم يستحقوا إنزال ملائكة من السماء لتدمرهم ، فقد تم تدميرهم بانفجار وحيد .
13 ـ (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ( 30).
13 / 1 : صدق الله العظيم . هذه عبرة مُوجّهةُّ لأكابر المجرمين فى كوكب المحمديين .
13 / 2 : يزيد من ضلال المحمديين ما كتبه (المفسرون ) فى هذه الآيات تغييبا وتعقيدا وجهلا وإفتراءا .
13 / 3 : فى المقال التالى نعطى نموذجا مما قاله القرطبى ..

اجمالي القراءات 2809