التكفير والاستغفار والدعاء
مقدمة
من قبل جاءنى هذا السؤال وقد تكرر مثيله من قبل ، ومع ذلك أجبت عليه في الفتاوى .
1 ـ قال السائل : ( الشيخ احمد قرأت لك عن موضوع الهداية وانها امر عائد للشخص نفسه ان بحث عنها وسعى لها سيهدية الله , اذ كان كذلك ، انا لي 5 أخوة عشنا في فترة الستينات والسبعينات في مجتمع قليل من يصلي فيه وحتى الذي يصلي كان عادة ، المهم كان اصغر اخوتنا 10 سنوات يصلي ، تعلم الصلاه في كتاب وكان متعلقا في قراءة القرأن وكان ملتزم بالصلاة والصيام والصدق ، وكنا نحسة غريب بيننا فلا نحن نصلي ولا والدي يصلي ولا امي تصلي .ولما بلغ كنا نحاول ان نجعلة يتعاطي الخمور مثلنا وكان يرفض ، حتى ان والدي يحتفظ بالخمور في الثلاجة وموضوع الخمره كان يعتبر بريستيج في البلدة .هو كان يهرب من شرب الخمور وملتزم بالصلاة رغم السخرية التي كان يتعرض لها ، والدي مات مخمورا وامي لم تصلي الا بعد ان كبرت في السن وكذلك نحن اخوته حتى هرمنا اما هو فقد توفي قبلنا ..ولكنه توفي يؤمن بالقرأن ويؤمن بالحديث .. الان بعد ان شابت لحيتي وكفرت بالحديث وانا اؤمن بالقرأن وحده . اقارن ما تقوله عن الهداية وبحال اخي اجد نفسي في موضع افضل من موضع اخي فبرغم التزامه بالصلاة والصوم والصلاح والخلق الحسن الا انه كان يؤمن بالحديث ،هل هذا يعني انه لم يبحث عن الهداية؟ ولكن في نفس الوقت لا استطيع القول انه توارث الالتزام لانه عاش في بيت وبيئة اقرب للكفر منها للايمان .. ربما لو اعطي فرصة ليقرأ لك لتغير تفكيرة ولكنه مات في منتصف العمر ).
وأجبت عليه فقلت : ( أجبت على سؤال مثل هذا من قبل . وذكرت أبى الشيخ منصور محمد على رحمه الله جل وعلا ، كان مؤمنا متعبدا حسن الخُلق كريما ، يقوم الليل ويقرأ القرآن ويصل الأرحام ..وكان يخطب أحيانا فى مسجد البلد الذى يملكه الصوفية ، وكان يؤمن بالأحاديث . أوجعت عقلى فى هذه المشكلة ، ثم تركت الأمر للخالق جل وعلا ، مكتفيا بالدعاء له ولوالدتى التى عاشت بعده طويلا ، وتعلمت منه القرآن والعبادة ، ثم عاصرت دعوتى للقرآن وحده وآمنت بها وكفرت بالشفاعة البشرية وبالأحاديث الشيطانية وعانت معنا فى الاضطهاد فى مصر . رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا)
2 ـ إجابتى لم تُعجب خصما لنا فكتب يقول : ( قرأت في الفتاوي، الفتوى بعنوان "رحم الله أبى وأخاك" والمنشورة حديثا في الموقع وتقول فيها "ذكرت أبى الشيخ منصور محمد على رحمه الله جل وعلا ، كان مؤمنا متعبدا حسن الخُلق كريما ، يقوم الليل ويقرأ القرآن ويصل الأرحام ..وكان يخطب أحيانا فى مسجد البلد الذى يملكه الصوفية ، وكان يؤمن بالأحاديث " .. ثم تدعو له وتقول: "مكتفيا بالدعاء له ولوالدتى" .. انته هنا تناقض نفسك ، لانك قلت من يؤمن ولو بحديث واحد للبخاري فهو في الجحيم ، اي طبقا لما تقول سيكون والدك بالجحيم ، فلماذا تدعو له وانته قررت انه بالجحيم .. دعني اذكرك بمقالتك "سورة المرسلات ومعنى التكذيب بالقرآن الكريم وبيوم الدين" المنشورة عام 2018 وهذا ما قلته في اول المقالة " هذا المقال للتذكير وللتأكيد على أن من يؤمن بحديث واحد للبخارى أو غيره فهو كافر بالقرآن الكريم ، وإذا مات على هذا فمصيره الجحيم)
3 ـ حسنا .. نضطر للإجابة لنعيد ذكر أشياء قلناها كثيرا من قبل . لعلّ وعسى .
أولا : عن التكفير :
1 ـ القرآن الكريم كتاب هداية ، هداية للضال الكافر كى يهتدى ، لذا فأكثر ألفاظ القرآن تدور حول الهداية والضلال والكفر والشرك والمجرمين المسرفين ..الخ ، وحول المؤمنين والمتقين والأبرار والصالحين والتائبين ..الخ . وحول نعيم الجنة وعذاب النار . أي إن الخطاب القرآنى فيه التكفير ، ولكنه تكفير للوعظ . التكفير أيضا في كل الأديان الأرضية ، ولكنه ليس للهداية ولكن للانتقام وعقوبة القتل ومحاكمات التفتيش . نحن أهل القرآن نتمسك بالخطاب القرآنى ، والتكفير عندنا هو للوعظ وللإصلاح ، وتمسكا بالقرآن الكريم فنحن لا نزعم إمتلاك الحقيقة ، بل نؤكد على أننا نجتهد ، وإجتهادنا يقبل الخطأ والصواب وهو معروض للنقاش ، حتى لو كان الذى يناقشنا يتصيّد لنا ما يراخ أخطاء ، مثل هذا الشخص ، ثم إن من يخاصمنا نحترم حريته في الدين ونقول له : إعملوا على مكانتكم إنا عاملون وإنتظروا معنا يوم الفصل ، يوم الحساب ليحكم بيننا مالك يوم الدين فيما نحن فيه مختلفون.
2 ـ من السهل أن تقتبس حكما قرآنيا وتعلنه مُعزّزا بالدليل القرآنى . مثلا يقول جل وعلا :
2 / 1 : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف 185 ) ( 50 المرسلات ) ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ) ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) الانعام ). الداعية القرآنى يعلن هذا ويقول قولا عاما : من يؤمن بحديث أخر مع القرآن أو غير القرآن فهو خالد في النار ، وهذا ينطبق على المؤمنين بأحاديث البخارى وغيره .
2 / 2 : معنى قوله جل وعلا ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) الانعام ) تكرر كثيرا في القرآن الكريم ، والداعية بالقرآن عليه أن يعلن حُكما عاما أن أئمة الأحاديث هم الأكثر ظلما لرب العزة جل وعلا .
2 / 3 : عن أئمة الكهنوت قال جل وعلا :
2 /3 / 1 ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة ). الداعية بالقرآن يجب عليه أن يعلن حُكما عاما بأن أشدّ الناس عذابا في الاخرة هم الذين يتاجرون بكتاب الله يشترون به ثمنا دنيويا قليلا .
2 / 3 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة ) . الداعية بالقرآن عليه أن يعلن حكما عاما بأن الذى يكتم الحق القرآنى ولا يعلنه ويظل على هذا دون توبة حتى يموت هو مستحق أن يلعنه الله جل وعلا ويلعنه اللاعنون ، وأن هذا مصير أئمة الكهنوت من المحمديين والمسيحيين وغيرهم
3 ـ لكن الصعب هو الحكم على شخص معين بالتحديد ، لأن في هذا جانبا غيبيا يخصّ حقيقة هذا الشخص وسريرته ، وهذا لا يعلمه إلا عالم الغيب والشهادة جل وعلا . لذا لا بد للداعية بالقرآن أن يحكم فقط بالظواهر التي يراها .
4 ـ أهم الظواهر هو ما يخصُّ الكفر السلوكى ، فالذى يعتدى بجيوشه هو كافر بالسلوك . وهذا ما جاء في القرآن الكريم ، وصفا للمعتدين بالكفر . قال جل وعلا :
4 / 1 : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ) (246) البقرة ). هنا القتال في سبيل الله جل وعلا ضد كافرين أخرجوا الناس من بيوتهم وأبنائهم . لذا فإن المؤمنين في حربهم للكافرين دعوا الله جل وعلا أن ينصرهم على ( الكافرين ، قال جل وعلا : ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) البقرة )
4 / 2 / وهو نفس الحال مع كُفّار العرب،
4 / 2 / 1 : فالمؤمنون الذين يقاتلون دفاعيا يصفون المعتدى عليهم بالكفر ، يدعون ربهم جل وعلا : ( أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة )
4 / 2 / 2 : وقال جل وعلا عن الكفّار المعتدين :
4 / 2 / 3 : (فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) محمد )
4 / 2 / 4 : ( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76) النساء )
4 / 3 : وقبلهم جميعا قال جل وعلا عن الأنبياء السابقين الذين كانوا يقاتلون ــ دفاعيا ـ المعتدين عليهم ، أي الكافرين : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران ).
5 ـ الظاهرة الأُخرى في الكفر السلوكى هي الفتنة في الدين ، أي إضطهاد المؤمنين ، من يرتكب هذا يكون بفعله كافرا. وهذا ما جاء في قصص إبراهيم وموسى عليهما السلام . قال جل وعلا :
5 / 1 : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) الممتحنة). إبراهيم عليه السلام يصف قومه بالكفر بسبب إضطهادهم له وللذين آمنوا معه .
5 / 2 / 1 ـ ( فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) يونس). موسى عليه السلام يصف فرعون وقومه بالظلم والكفر .
5 / 2 / 2 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) غافر). موسى عليه السلام يصف فرعون بالكفر .
6 ـ على نفس النسق بالحكم بالكفر السلوكى ـ حسب الظاهر ، نقول :
6 / 1ـ نحكم بالكفر على الشخصيات التاريخية التي إرتكبت الفتوحات والسلب والنهب والقتل والاغتصاب ( السبى ) والفساد في الأرض والاحتلال ، ورفعت راية الإسلام وهى ترتكب هذه الكبائر . هذا يشمل الخلفاء والسلاطين في تاريخ المحمديين . الحكم هنا على ما جاء في تاريخهم . أي أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وبنو أمية وبنو عباس وبنوعثمان ..الخ ..هم كفرة طبقا لما جاء في تاريخهم المكتوب . لا شأت لنا بالغيب عنهم .
6 / 2 : نحكم بالكفر على أئمة المحمديين طبقا لما كتبوه في الكتب المنسوبة اليهم ، أي نحكم على كتاب البخارى ، وليس على ابن برزدويه الملقّب بالبخارى . لا شأن لنا بشخص البخارى فهو غيب ، ولكن الظاهر لنا هو كتاب البخارى وما فيه من كفر .
7 ـ بالنسبة لمن عايشناهم :
7 / 1 : هناك من مات بعد حياة حافلة بالظلم والاستبداد وقهر الشعب ، ولم يعلن توبته ، مثل مبارك والقذافى وصدام وبن على و على صالح . هذا لا بد من إعلان كفره وعظا لمستبد آخر لا يزال حيا يُرزق ، ويسير على نفس الطريق .
7 / 2 : هناك شيوخ كهنوتيون يقومون بإضلال الناس والصّد عن سبيل الله ، وماتوا دون أن يتوبوا ، مثل شيوخ الأزهر ، وأئمة الشيعة والصوفية . هؤلاء لا بد من إعلان كفرهم وعظا لمن لا يزال على قيد الحياة من أمثالهم .
ثانيا : عن الاستغفار والدعاء
1 ـ ظل إبراهيم عليه السلام يدعو لأبيه الكافر حت بلغ إبراهيم نهاية عمره ، نفهم هذا من دعائه :
1 / 1 : ( وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ (86) الشعراء ). هنا يعترف بضلال أبيه ويدعو له .
1 / 2 : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) إبراهيم ). هنا يدعو لوالديه ، وهذا بعد أن رزقه الله جل وعلا إسماعيل واسحاق وهو في غاية الكبر .
1 / 3 : الدعاء للوالدين منصوص عليه في قوله جل وعلا : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) الاسراء ). الذى يدعو للميت لا يستفيد الميت بدعائه ، الداعى هو المستفيد ، لأن الدعاء في حد ذاته عبادة. قال جل وعلا : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر )
2 ـ المنهى عنه هو الاستغفار لهما إذا تبين أنهما وصلا أو أحدهما في الكفر الى درجة العداء لرب العزة جل وعلا .
2 / في حالة إبراهيم عليه السلام :
2 / 1 : إبراهيم كان يستغفر لأبيه ، أعلن هذا لأبيه : ( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) مريم )
2 / 2 : ( إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) الممتحنة ).
2 / 3 : ثم توقّف عندما تبيّن له أنه عدو لرب العزة جل وعلا. وجاء هذا وعظا للنبى محمد عليه السلام . قال جل وعلا : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) التوبة )
أخيرا : عن والدى الشيخ منصور محمد على ( رحمه الله جل وعلا ) :
ذكرت ما أعرفه عنه من عبادة وأخلاق عليا ، مع أنه كان يخطب خطبا عادية في المسجد ، وكانت لا تخلو من أحاديث . عشت مع أبى ملازما له ، هو الذى علّمنى القراءة والكتابة وهو الذى قام بتحفيظى القرآن وهو الذى علمنى الالتزام بالصلوات الخمس ، وفارقته عام 1960 وأنا في الحادية عشرة حين التحقت بالمعهد الأزهرى في مدينة ( أبو كبير شرقية ) وكنت أزور بيتنا كل أسبوعين لمدة يوم ، وفى أثناء هذه المدة كان أبى مريضا بسرطان المثانة ، ظل به الى أن مات وأنا في الثالثة الإعدادية . سرطان المثانة مؤلم مستمر يجعل المريض به فيما يشبه الاحتضار مدة طويلة . كما قيل لى ، فإنّه في أقسى آلامه كان يقرأ القرآن يزوره الناس أفواجا فيعظهم بالقرآن . كنت غائبا عنه هذه الفترة. أوجعنى عقلى في مصيره ، ثم تركت الأمر لرب العزة جل وعلا ، ولا زلت أدعو ربى أن يرحمه ، فالدعاء للوالدين عبادة .