قراءة فى كتاب ظاهرة العناد عند الطفل
مؤلف الكتاب هو خميس بن راشد بن سعيد العدوي من أهل العصر سكان عمان فيما يبدو
قبل الدخول فى الموضوع الكتاب نستعرض ما أتى فى القرآن مما يتعلق بالعند أو العناد فكلمة عنيد أتت عدة مرات فى المصحف كلها بمعنى واحد وهو الكفر أى الاستمرار فى عصيان احكام الله وهى :
قوله تعالى:
"وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"
قوله تعالى:
"واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم"
قوله تعالى:
"وقال قرينه هذا ما لدى عتيد ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب "
قوله تعالى:
"ذرنى ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا"
الآية الأخيرة أظهرت المعنى صريخا وهو كافرا أى عاصيات لآيات وهى أحكام الله والكافر وهو العنيد هو المصر على الفواحش أى ظلم النفس كما قال تعالى :
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
ومن ثم فالعناد يعنى الكفر ومن ثم لا يجب استخدام هذا اللفظ فى وصف مشكلة طفل لم يصفه الله بمسلم ولا كافر وإنما وصف الأطفال بكونهم سفهاء أى مجانين يتحولون للرشد تدريجيا كما قال "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"
استهل العدوى البحث بالمقدمة التالية:
"فالأطفال فلذات أكبادنا وجواهر تسلسلت من ذواتنا، وهم الدماء الجديدة التي تحمل ثقافتنا وتبقي ذكرنا، إن أحسنا إليها فقد أحسنا إلى أنفسنا، وإن أسأنا إليها فقد أسأنا إلى أنفسنا كذلك، وهم الفطرة التي تتشكل في قالب الأبوة كما قال رسول الله (ص): «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ، والإشفاق والحنو عليهم من قبل الوالدين لا يحتاج إلى دفع وإلزام فقد تكفل به ضمير الأب وقلب الأم، فهم هبة الخالق وقرة العيون وبهجة الحياة يقول الحق جل وعلا: { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } ويقول عز من قائل: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }
ولكن ليست الفطرة كل شيء، فهي غير قادرة على الحفاظ على نفسها فكيف يمكنها أن تسير غيرها، فالفطرة يمكن أن تنحرف بل كأن الانحراف حتما عليها إن لم يكن لها موجه ومهذب من الشرع والعقل، فالحنو الفطري والخوف الداخلي والمحبة القلبية لا تقوم إعوجاج الطفل، ولا تهدي سبيله، ولا تسوي نفسيته، فلابد للحنو من تزكية والخوف على الولد من ترشيد والمحبة من توجيه، فلابد أن يتم كل ذلك بمعرفة علمية سليمة ومنهج إيماني وعقل مستنير"
الحديث عن الفطرة طبقا للرواية خطأ فالطفل يولد بلا أى علم من أى نوع كما قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ومن ثم فلا توجد فطرة فى نفس أى طفل لأن الفطرة فى القرآن تعنى الإسلام
سمى الله ما يحدث مع الأطفال التربية فقال :
" وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا "
فالتربية مرتبطة بالصغر وهو الطفولة حتى سن الرشد وحديث الله هو عن التربية الصحيحة فهى التى تجعل الإنسان يطلب الرحمة لوالديه
ويحدثنا العدوى عن توجيع العاطفة للأطفال فيقول:
" فنحن نشاهد من خلال واقعنا البشري أن الأطفال الذين توجههم العاطفة فقط لا يكتب لهم النجاح السليم إلا إذا مروا بتجارب مريرة في حال كبرهم"
وتعبير العاطفى هو تعبير مأخوذ من علم النفس الغربى وهو لا يعبر تعبيرا صحيحا عن الأمر والتعبير القرآنى هو هوى النفس فالهوى هو من يوجه الناس للطريق الخطأ
ويستدل العدوى ببعض الرويات على وجوب التربية فيقول:
"وفي الحديث عن رسول الله (ص)في وجوب الرعاية والعناية بالطفل: «ألا كلكلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» ، وجاء أيضا عنه (ص): «أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم» ، وقال (ص): «علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم» "
ويقسم العدوى حب الأطفال عند الآباء لنوعين صادق وكاذب أى ميت فيقول:
"وحب الأولاد يكون حبا ميتا غير صادق، حبا لإرواء الغريزة ليس أكثر، والحب الصادق يكون عند من يجعل العناية بالأولاد والإحسان إليهم وتربيتهم وسيلة مؤدية على غاية عظيمة وهي الخوف من سخط الله والرجاء في نيل رضوانه يقول الحق جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } "
ويقول العدوى أن سبب هذا المقدمة الطويلة هو اعتقاد الناس أن دراسة مراحل نمو الطفل مضيعة للوقت وهى عبث فيقول:
قدمت بهذه المقدمة لاعتقاد كثير من الناس أن دراسة مراحل نمو الطفل "قد تدخل في دائرة العبث وإضاعة الوقت، وهذا خطأ فاحش وسوء تقدير للأمور، وليتصور هذا المخطئ أن ابنه زرع، كم سيبذل في جهد من الحرث والزراعة واختيار الوقت المناسب لها حتى يؤتي ثمره، وإذا أصابته آفة زراعية سأل المختصين وبذل الجهد حتى يستقيم المحصول، فأيهما أخطر الزرع أم النسل، وأيهما أولى بالعناية هذا أم ذاك؟!
والتربية الساذجة قائمة على التخمين والظن والتجربة غير الواعية، والتربية العلمية قائمة على معرفة بواطن الأمور، وحقائق الحياة، والدين عدو الظن والشك، واليقين ركن من أركانه وسنده المكين وعروته الوثقى، فعلينا الاستمساك بالعروة الوثقى ودمع الظن ببراهين اليقين"
ومشكلة القوم عندما يتحدثون عن أمر أنهم يأخذون علمهم من العلم الجنبى بدلا من اللجوء للقرآن فلا يوجد شىء اسمه تربية ساذجة وتربية علمية فهى مفاهيم حسب كل شخص فما نظنه ساذج قد يكون عند الله هو التربية الصحيحة وما يسمى تربية علمية قد يكون هو الخاطىء لأن العلم عند الأجانب ليس فيه شىء ثابت فطبقا لقوانينهم التى تتغير كانت العفة أمر حسن والآن أصبح الحسن هو الزنى كتجربة عملية ومثلا كانت المقلية محرمة ومعاداة من قبل الأنظمة والآن أصبحت عند بعض الدول ليست حراما ولا عيبا
مقياسنا هو كلام الله فهو من يعرفنا الحلال من الحرام أى المعلوم من الجهل أى الصواب من الخطأ
وتحت عنوان حياة الإنسان مترابطة كتب العدوى:
"هذا، وحياة الإنسان متداخلة في رحلتها الزمنية ومتكاملة في مبناها الحيوي، فلا يمكننا أن نضع فاصلا بين مرحلة عمرية وأخرى لاحقة، فالكائن البشري تبدأ حياته منذ لحظة انطلاقته الأولى من بين الصلب والترائب في الرجل والمرأة، ثم سكونه في رحم أمه، ثم خروجه إلى هذا العالم بخيره وشره، وتدرجه في مراحل نموه من الرضاعة إلى الطفولة المبكرة فالمتوسطة فالمتأخرة فمرحلة الشباب فالكهولة.. الخ، مراحل متعاقبة تؤثر الأولى على الأخرى، ينمو ويتغير فيها الإنسان جسديا وانفعاليا وعقليا، ولابد أن تتشبع كل مرحلة من المراحل المتعاقبة باحتياجاتها الفطرية والبدنية والفكرية والنفسية، وأي خروج عن هذا المسار يؤدي إلى اضطراب شامل لهذا الإنسان، وبما أن الإنسان قاصر عن متابعة نفسه في مراحله الأولى تقع مهمة العناية به على عاتق الراشدين من ذويه، وأي خطأ تربوي –في أي جهة كان من جهات الحياة- سيؤثر سلبا على حياته، لأجل ذلك ندعو إلى فهم حياة الإنسان فهما علميا مدروسا."
الكلام عن ترابط مراحل حياة الفرد كلام صحيح وأما كون الخطأ التربوى يؤثر سلبا على حياة الفرد فهو أمر مشكوك فيه تماما فمن من اناس تربوا على الأخطاء التربوية كإبراهيم(ص) الذى رباه الوالدين على الكفر حيث الوالد صانع للأصنام يكسب عيشه منها ويدافع عنها ومع هذا لم تؤثر الأخطاء التربوية عليه لأنه فكر وكم من اناس تربوا التربية الصحيحة كابن نوح(ص) ومع هذا شار فى طريق الأعمال غير الصالحة
وبين العدوى أن دراسة ظاهرة لا تعنى انعدام الظواهر الأخرى فقال :
"وكذلك عندما ندرس ظاهرة معينة في حياة الإنسان لا يعني عدم وجود أي ظواهر أخرى أو أن هذه الظاهرة منعدمة في باقي مراحل حياة الإنسان، وإنما يعني أن هذه المرحلة تبرز فيها هذه الظاهرة كسمة مميزة، أو تبرز بوضوح فيها دون سائر المراحل، وأيضا أي ظاهرة من الظواهر تتبادل تأثيرا وتأثرا مع ظاهرة أخرى، وقد تنشأ ظاهرة أخرى هكذا..."
وتعليقى على هذا أنه لا تبرز سمة فى مرحلة ولكن من ينشغل هو من يضع عينه على شىء معين ويتناسى بقية الأشياء كما هو الحادث حاليا فيما يسمى بجائحة كورونا فالإعلام وجه الناس وجهة معينة هى عد المرضى والمتعافين والمتوفين يوميا بينما عشرات الأمراض المصابون بها بعشرات الملايين أو مئات الملايين كمرضى السكرى ومرضى السرطان ومرضى الفيروس الكبدى ومع هذا المصابون بها يزدادون يومسا زيادى رهيبة والموتى منها يوميا بالآلاف ولكن لا احد يعد لأن منظمة الفساد العالمى التى تدير العالم تريد تحقيق هدف معين من خلف نشر الخوف فى قلوب الناس قد يكون القضاء على الشركات الصغيرة والمتوسطة لشراءها فيما بعد بأبخس الأثمان وقد يكون زيادة استدانة الدول من المصارف التى تديرها تلك العصابة الآثمة
ثم عرف العدوى العناد فقال :
"مفهوم العناد
العناد عند الطفل ظاهرة طبيعية في حدودها المعقولة، وعدم وجودها أو برودها كثيرا يعتبر مؤشرا خطرا لنمو الجوانب العقلية والنفسية في حياة الطفل، كما أن ارتفاعها قد يؤدي بالطفل إلى اضطرابات انفعالية ونفسية، بل وعدم تأقلم الطفل مع مجتمعه، وخاصة إذا تعدت السن المحدد لها علميا."
هنا العناد عدم وجوده أو قلته خطر وكذلك زيادته عن الحد وهو كلام ناقضه اعدوى فى فقرة قادمة حيث يقول" وهذا يعني أن سلبية الطفل وعناده دليل نمو شخصيته وازديادها قوة ومنعة"
وفى الفقرة السابقة لم يضع الرجل التعريف الذى وضعه فى الفقرة التالية:
"فما هي ظاهرة العناد؟
يمكننا أن نعرف العناد بأنه: السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي والإرشادات الموجهة إليه من قبل الكبار من حوله.
ولا نعني بالسلبية –قطعا- الجمود وعدم الفعل، وإنما نعني به الإصرار على الفعل الذي يخالف الأوامر، فمثلا عندما يطلب من الطفل أن يذهب إلى مخدعه يعاند ويعكس الأمر، وعند دعوته إلى الغداء يتشاغل باللعب، وعندما يؤمر بالذهاب إلى التبول في دورة المياه يرفض ذلك، وربما يتبول في ملابسه وفراشه، وإذا خلعت ملابسه رفض لبس غيرها وهكذا...
وقد يعني العناد لزوم الحالة التي اعتاد عليها وإن كانت سيئة، فالطفل الذي اعتاد دخول المطبخ والعبث بمحتوياته الحادة والخطيرة، نجده عن نهره عن دخول المطبخ يعاكس الأمر بشدة، وقد يتعود الصريخ والصياح كلما قامت أمه إلى الصلاة وهكذا...
وقد تظهر هذه الحالة العنادية بصورة متسارعة، وكأنها تأتي فجأة نوعا ما، وربما تختفي كذلك، وقد تظهر بطيئة وتلازم الطفل إلى مرحلة متأخرة، وهذا عائد إلى أسباب عديدة نفسية وجسمية واجتماعية."
الرجل ناقض نفسه فى التعريف فقد وصفه بكونه "السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي" فمعناه رفض كلام الأخرين وهذا الرفض قد يكون فعل ضد ما يقال له وقد يكون عدم تنفيذه بالجمود والجلوس وهو ما نفاه بقوله" ولا نعني بالسلبية –قطعا- الجمود وعدم الفعل"
للخروج من هذه الإشكالية فالتعريف يكون الإصرار على عصيان الأمر أو النهى بأى شكل سواء كان فعلا مضادا أو عدم الفعل
وتحت عنوان العناد ظاهرة صحية قال العدوى:
حتى نعرف أن العناد ظاهرة صحية وليس مرضا لابد لنا من تعليل حالة العناد.
فما تعليل ذلك؟
حسبما يرى علماء النفس أن الطفل يشعر في هذه المرحلة بتفتح قدراته الجسمية والعقلية، فقد أصبح قادرا على المشي والتنقل وقادرا على الاختبار والاستقصاء، وبدأ يحسن التكلم والتعبير، وأصبح يفهم الشيء الكثير عن محيطه وبيئته، ويعقد صلات الصداقة مع أقرانه وهو يريد أن يثبت وجوده، وأن يثبت إقدامه، بل وأكثر من ذلك يريد أن يكون محط أنظار الجميع، وباختصار يريد أن يتصرف كأي شخص آخر له اعتبار، واحترامه وشخصيته المستقلة.
وهذا يعني أن سلبية الطفل وعناده دليل نمو شخصيته وازديادها قوة ومنعة، لا دليل شذوذه وانحرافه، فإذن هي دليل صحة لا دليل مرض ، ولكن بشرط أن تكون في إطارها المعقول كما سنوضح ذلك في أنواع العناد"
العناد أى الإصرار على فعل شىء أو عدم فعله ليس دليل نمو شخصية ولا مرض وإنما هو داخل ضمن الوصف العامة للطفولة بكونها مرحلة سفاهة أى جنون متدرج إلى العقل فالطفل لا يعقل حراما ولا حلالا فى الطفولة الأولى وكل ما يهمه هو تنفيذ ما يريده بغض النظر عن حله أو حرمته التى لا يعرفها ولكن من كثرة التكرار من قبل المربين على ان هذا حرام وهذا حلال يبدأ فى المعرفة
بالأمس كانت ابنتى التى بدأت العام الثالث مصرة على المشى فى الشارع ليلا وكلما طالبتها بالجلوس أو دخول البيت رفضت وذهبت وعدت بها عدة مرات وكلما حاولنا إدخالها البيت رفضت فهى لا تعرف حلالا ولا حراما فى المشى وإنما كل ما تريده هو المشى لمشاهدة أمور جديدة وكلام من تراهم ومن عدة أيام بدأت بلغة الكبار بطرد صاحبات احدى الجارات من عندها حتى تجلس هى وحدها معها وهى بالتأكيد لا تفهم معنى ذلك فهى تقول لهم قوموا مع السلامة حتى تنشغل بها الجارة وحدها فهى لا تعرف ولا تفهم معنى حرمة هذا الكلام مع القول لها حرام عيب
وتحت عنوان سن العناد يهبرنا العدوى بالتالى :
"تحدد الدراسات العلمية سن ظهور العناد بالسنة الثانية والنصف وينتهي مع السن الخامسة وتكون الذروة بين السن الثالثة والرابعة، ويعتبر العناد في هذه الحالة طبيعيا ويزول كذلك بصورة طبيعية، بشرط أن يحسن الوالدان كيفية التعامل مع طفلهم، وعند التصرف السيء في علاج هذه الظاهرة تظهر مشاكل عديدة في حياة الطفل تؤثر في الحال وفي المستقبل"
بالقطع كل الدراسات التى تجرى فى معامل علم النفس هى من ضمن الخبل فلو درسنا عشرات الملايين فلن تكون نتيجة الدراسة سليمة ما لم تعرف وتدرس كل الناس وهو امر محال
العناد وهو الإصرار ليس له سن محددة فهو يظهر فى سن حتى عند الرضاعة متمثلا فيما يعرف بظاهرة العض عض الثدى عند ظهور الأسنان فرغم تكرار نهى الأم للطفل او الطفلة إلا أن رغبته فى تجريب الأسنان أو تقليل الألم بها يضطره لتكرار عض الثدى وهو يظهر جليا فى بعثرة الألعاب كلما وضعت بنظام أمام الطفل
ثم حدثنا العدوى عن أنواع العناد وعلاجه فقال:
يتضح من خلال ما بيناه أن هناك أنواعا للعناد، ويمكننا أن نقسمه تقسيما نسبيا إلى نوعين: العناد الطبيعي والعناد المشكل :
1- العناد الطبيعي:
وهذا النوع لا يعد خطرا بل يعتبر ضروريا للطفل، وعلى الأبوين أن يجيدا طريقة التعامل مع الطفل في هذه الحالة، فالصراخ في وجه الطفل وضربه وزجره ليس هو الحل الأمثل للتعامل مع هذه الحالة، بل إيجاد الحل البديل الصحيح مع التعزيز لذلك الحل.
ونقصد بالتعزيز أن نشجع الطفل بطريقة أو أخرى على التزام الحالة الصحيحة التي نريدها له، فمثلا عليك كأب –والأم أيضا- أن تعلم طفلك بعض كلمات التعزيز التي تدخل الفرحة والسرور في قلبه لقاء عمله الجيد.
وأريد هنا أن أضرب مثالا واقعيا على ذلك، فأنا لدي ابن عمره ثلاث سنوات استطعت –بأكثر من طريقة- أن أرسم في ذهنه بعض الكلمات الحسنة التي يحس بجمالها النفسي لتعززه للفعل المرغوب، وكذلك بعض الكلمات لتنفره من الفعل غير المرغوب فعندما يأتي ولدي بعمل جيد أقول له: أسد – شاطر، فيتفاعل مع ذلك العمل، وعندما يأتي بعمل غير جيد أقول له: ما شاطر – دلوع، فيترك ذلك العمل، ولكنني أوجد له البديل مباشرة وأعززه لعمله البديل قائلا له: من يحب أبوه وأمه يفعل كذا، ومباشرة يفعل، وهكذا...
وهناك طرق كثيرة يمكن أن يبتكرها الوالدان أو يتعلمانها أو يسألان عنها للتعامل مع ظاهرة العناد لدى الطفل.
2- العناد المشكل:
ينشأ هذا النوع مع عدم وجود البيئة الصحيحة للتعامل مع العناد الطبيعي، حيث يتطور العناد الطبيعي إلى عناد مشكل فتطول فترته ويترك آثارا سيئة يعاني منها الأهل والمدرسون.
وفي حالة العناد المشكل ينبغي للوالدين أن يستعينا بأولي الخبرة للتغلب على مشكلة ولدهم وننصحهم بأن لا يلجأوا إلى الضرب إلا في حالات محدودة جدا."
لا يوجد عناد مشكل فى الطفل نفسه لأن المشكلة لا تكون فى الطفل وإنما فيمن حوله فالبعض يحاول أن يرضيه بكل شكل والبعض الأخر يكثر من زجره والبعض يضربه مباشرة والبعض يتغافل عنه والحلول الصحيحة ليست واحدة فى كل حال
أحيانا يكون الحل هو إتعاب الطفل فمثلا الطفل الذى يطلب المشى وكلما كرر له طلب الجلوس للراحة لا يجلس يتم المشى بهم سافى كبيرة حتى يتعب فيطلب من شدة الوجع الجلوس وأحيانا الطفل الذى يبعثر اللعب كلما وضعت بنظام على من معه ترك اللعب مبعثرة حتى يقوم بجمعها او يتعثر فيها فيسقط بسبب إحداها وعندما يتألم يقال له انه السبب فلو ترك اللعب منظمة لن يسقط فيتألم بسببها فالطفل سيربط ساعتها بين البعثرة والألم وأحيانا يكون التغافل عن الاستجابة للطفل هو الحل فهناك طفل يظل ينادى على من أمامه وكلما رد عليه يردد نفس النداء وساعتها يكون افضل الحلول هو التغافل وهو عدم الرد عليه حتى يسكت من شدة وجع خلقه أو يسكت من نفسه وأما العناد فى المؤذيات كمسك السكاكين أو الشفرات أو مسك الأشياء الساخنة أو النار فعلاجه إن لم يصب الطفل هو الضرب المباشر على الفور بعد التحذير الأول لأن هذا فيه أذى مباشر للطفل وحتى ينتهى لابد من إيلامه حتى يعرف ان هذا لا ينبغى تعامل الصغار معه
ثم استعرض خصائص هذه المرحلة فقال :
"يقسم العلماء حياة الإنسان إلى مراحل نذكر منها مراحل طفولته:
- مرحلة الرضاع: منذ الولادة إلى نهاية السنة الثانية.
- مرحلة الطفولة المبكرة: من السنة الثانية إلى السنة السادسة.
- مرحلة الطفولة المتوسطة: من السنة السادسة إلى السنة التاسعة.
- مرحلة الطفولة المتأخرة: من السنة التاسعة إلى السنة الثانية عشرة أو إلى البلوغ.
وعند ملاحظة هذه المراحل نجد أن سن العناد الطبيعي يقع ضمن مرحلة الطفولة المبكرة"
هذا التقسيم بالقطع مختلف بين علماء النفس ولا يوجد سبب يجعله سليما لأن كل مرحلة تختلف من أفراد إلى أفراد اخرين وكما قلنا سابقا لا يوجد سن محددة لعملية العناد وهى الإصرار
وبين العدوى خصائص المرحلة فقال :
" وحتى نوفي موضوع العناد بعض حقه لابد أن نعطي للقارئ ملخصا لخصائص هذه المرحلة
من خصائص هذه المرحلة:
1- النمو الجسمي:
تحدث في هذه المرحلة تغيرات سريعة في الجسم، لأجل ذلك ينبغي أن يعتنى بتغذية الطفل تغذية صحية سليمة
2- النمو العقلي:
في هذه المرحلة يلاحظ على الطفل كثرة السؤال، وعلينا في الإجابة عليها أن لا نسلك مسلك الكذب، بل نقرب له الإجابة بطريقة صادقة يدركها عقليا، ويطغى على هذه المرحلة الإدراك الحسي فهو لا يستطيع أن يتصور المجردات، بل يتصور المفاهيم والعدد والأشكال الهندسية –طبعا بالتدرج مع السن- عندما نعرضها له كأشياء محسوسة لا كأشياء مجردة.
وأضرب على ذلك مثالا واقعا أيضا:
زارنا ذات يوم شخص من ولاية نخل، وكان معنا في المجلس طفل في هذه السن، فسأل هذا الطفل الزائر: من أين أنت؟
الزائر: من نخل.
فسكت الطفل ليعمل هذا المفهوم في عقله فلم يستوعبه، فسأله مرة ثانية: أنت تكذب، لا أحد يسكن في النخل.
فضحك الزائر وقال: أنا أسكن بلدا تسمى نخل.
فقال الطفل: يعني فيها نخل.
فقال الزائر مقربا الإجابة: صح.
فقال الطفل: ولكن أيضا بلادنا فيها نخل.
واحتار الزائر ولم يفهم الطفل.
فتدخل أحد الحضور ممن يستطيع أن يقرب المفهوم للطفل قائلا له: هل ذهبت إلى مسقط؟
فقال الطفل: نعم ذهبت.
فقال المتكلم: هل ذهبت إلى حديقة النسيم؟
فقال الطفل بفرح: ذهبت.. ذهبت.
قال المتكلم: بلاده قريبة من هناك.
فقال الطفل: أنا أحب الحديقة، أنا أحب بلادكم سآتي معكم.
وزالت الحيرة من رأس الطفل. هذا مثال.
ومثال آخر في الأرقام؛ لا تطلب من الطفل أن يأتيك بتفاحتين فهو لا يفهم هذا العدد، ولكن حدد له ذلك بإصبعيه، وهكذا...
3- النمو الانفعالي:
ونقصد بالانفعال المشاعر الداخلية المرتبطة بالحركة الخارجية، ولذلك يسمى بالنفسحركي ففي هذه الفترة يحل اللفظ محل الحركة الجسمية.
4- النمو الاجتماعي:
في هذه المرحلة تنمو الصداقة وتظهر الزعامة الوقتية وحب البروز بجذب انتباه الآخرين، ويميل الطفل إلى المنافسة الفردية وينمو لديه الاستقلال وتتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة ."
وكما قلنا لا يوجد دليل ثابت على تلك الخصائص وما يحدث فيها فكل فعل متوقع حدوثه فى أى وقت
ثم تكلم العدوى عن المؤثرات على ظاهرة العناد فقال :
"نقصد بهذه المؤثرات كل ما يثير عناد الطفل فيجعل من مشكلته حالة مرضية، فيتحول العناد نتيجة هذه المؤثرات إلى حالة عصبية لدى الطفل تجعله غير مستقر، ولذلك على الوالدين والأهل أن يحذروا من استثارة ولدهم لأتفه الأسباب، أو يتخذوا من ذلك تسلية كلما أرادوا الضحك من تصرفات ولدهم.
فما هذه المؤثرات؟
1- مؤثرات داخلية:
وهي المؤثرات التي تؤثر على ظاهرة العناد عند الطفل من داخل نفسيته كالمؤثرات الوراثية والذكاء وضعفه وغيرها، فمثلا قد يؤثر المزاج العصبي الموجود عند أحد الوالدين في بروز حدة العناد عند طفلهم.
وأيضا من المؤثرات الداخلية تحول المؤثرات الخارجية نتيجة بقاء أثرها عند الطفل إلى عقدة نفسية، فتتفاعل هذه المؤثرات كلما كان هناك مثير خارجي.
مثال ذلك: لدينا شاب تحولت لديه مشكلة عنادية مثارة في صغره إلى عقدة مستمرة، فعندما كان هذا الشاب صغيرا، ألبسه أهله «كمة» على رأسه فرفض لبسها لسبب أو لآخر فحاول المحيطون أن يرغموه على لبسها وهو يرفض، فتحول لبس «الكمة» لديه إلى مشكلة لا يحتملها، فهو يشعر بأثر نفسي سيء كلما أراد لبسها."
ما يسمى بمؤثرات الوراثة خطأ فالعملية لا تزيد عن كون الطفل يقلد أهله فالطفل يفعل نفس أعمال أهله
والمثال الذى ضربه على لبس القبعة أو الطاقية ليس سليما فهذا الشاب لن يلبس شىء لن يريده لأنه كبر ولن يجبره أحد على هذا
ثم تحدث عن المؤثرات الخارجية فقال :
"2- مؤثرات خارجية:
وهي المؤثرات التي تؤثر على العناد من المحيط الخارجي نتيجة تصرف الوالدين والأهل، وكما قلنا سابقا ربما تتحول المؤثرات الخارجية إلى مؤثرات داخلية تتفاعل عند المواقف المشابهة.
وبدون ريب أن المؤثرات الداخلية هي أصعب المؤثرات، وقد لا يظهر نشاز كبير لو كان هذا المؤثر وراثيا أو من طبيعة الطفل، وربما يتفهم المحيطون بالطفل هذا الأمر، ولكن الخطر من المؤثرات الخارجية التي تبقى مستمرة في حياة الطفل مما قد تثير لديه اضطرابات نفسية ومشاكل اجتماعية.
وهذه المؤثرات تتمايز في حدتها وخطورتها"
بالقطع المؤثرات أيا كانت يقدر الإنسان على منعها بإرادته فقد تعودت على لبس الطاقية عند النوم لمدة ثلاثين سنة تقريبا وعندما كنت أنام من غيرها كنت أشعر بصداع او تغير فى الجسم ولكننى تركت هذا التعود فأصبحت أنام من غيرها منذ أكثر من عشرين عاما دون شعور بصداع أو ألم أخر ومثلا تعودت وأنا طفل على فهم خاص لمقولة الكرة أهداف وهى أن أقذف الكرة بعيدا عن المنافسين وأجرى خلفها بلا لف ولا دوران ولا تمرير للأخرين وإنما أجرى من المرمى للمرمى حتى تكون الركلة الأخيرة فى المرمى أو تصد أو تكون خارج الملعب ومن ثم كان كل ما أملكه هو سرعة الجرى حتى كنت أشعر بتمزقات فى الرئات وجانبى البطن من السرعة وبعد هذا بدأت أفهم انها لعبة جماعية وليست لعبة فردية ومن ثم بدأت فى التمرير للأخرين وتعمدت أن يحرز الأخرين الأهداف
المسألة هى تحول الفهم
وطرح الرجل سؤالا هو :
"لكن هل هناك أهداف مخططة مرسومة لإثارة العناد؟
وأجاب :
"نعم، هناك مؤثرات من هذا النوع وهي المؤثرات التلفزيونية.
أثر التلفزيون في إثارة العناد
عندما نشاهد برامج التلفزيون الموجهة للأطفال وخاصة الرسوم المتحركة سنجدها منصبة على إبراز المواقف العنادية، فهناك الشخصية الشريرة التي تعاند الشخصية الخيرة كما في مسلسل «بابا رجل البحار» والشخصية الشديدة التي تشاكس الشخصية اللطيفة كما في مسلسل «توم وجيري» والشخصية التي تسخر بجميع من حولها وتعاندهم مثل شخصية «الأرنب» والشخصية التي تثير الرعب في المخلوقات الصغيرة «الفئران» وهي شخصية «القط»، وهكذا... أضف إلى كل ما ذكرته أن هذه البرامج أجنبية مسخرة ضد إسلامنا وقيمنا وعروبتنا، ومن أخطرها –والتي تتكرر دائما- شخصية «المنقذ الذي يأتي بالمعجزات»، يعرض كل ذلك بما يترك أثرا سيئا في الطفل من تشويه العقائد الإسلامية في عقله، وإثارة الأنانية في نفسه، هذه الأنانية –بدون ريب- مبعث للعناد، وأيضا هذا المنقذ يقضي على خصومه الذين يعارضونه، فلنتصور كيف يواجه الطفل ذويه وإخوانه عندما يريد أن يتملك حاجة ما، سنجده يغضب ويصرخ ويضرب بيديه وربما يحمل السكين أو الحجارة لردع من يعانده.
والطفل يعتبر أرضية خصبة لتأثره بما يعرض في التلفزيون سواء كانت البرامج موجهة له أو موجهة للكبار
وقد أحصى المركز الدولي للطفولة أربع مراحل لتمثل الحركات المنقولة في التلفزيون:
1- التقليد: يتقمص الطفل الشخصية التي يقلد تصرفاتها أو التي يتبنى آراءها بطريقة إرادية.
2- التشبع: تصبح عملية التمثيل أو التقليد غير واعية ولا يختار الطفل بطله.
3- تبدد التثبيط: تشج عروض تلفزيونية معينة انتقال الطفل إلى مرحلة الفعل.
4- تبدد التحسس: بعد أن يتكفي الطفل مع الأحداث نتيجة تكرارها لا يعود يتأثر بهها بل ينظر إليها على أنها طبيعية وعادية .
ونريد هنا أن ننبه إلى أن العناد إذا غذي بمشاهد العنف التي تعرض في التلفزيون سيكون حالة تنذر بالخطر يجب أن يقف الجميع أفرادا ومؤسسات لعلاجها.
والذي يعنينا هنا أن نشير إلى العلاج بيد الوالدين والأهل، فعليهم أن يعودوا أبناءهم على مشاهدة ما يتم اختياره لهم وفي الوقت المختار أيضا، أما دعوى أنني لا أستطيع ذلك، فهذا عذر أقبح من ذنب، فقد رأينا العديد من الآباء الذين نجحوا في بناء أبناءهم مع وجود التلفزيون في بيوتهم."
بالقطع المسألة أكبر من الأسرة فالتلفاز لو كانت الدولة عادلة أى دولة للمسلمين فلن يذاع شىء مما يذاع حاليا من مسلسلات وأفلام وبرامج الأطفال سواء سميت وطنية أو إنسانية أو حتى سميت إسلامية إلا نادرا جدا
التلفاز فى دولة المسلمين لن يكون تلفازا مفتوحا فى كل بيت كل واحد يركب طبق استقبال ويتابع أى شىء من القنوات التى يسمونها حاليا السموات المفتوحة وإنما تلفازا منظما يقدم للمسلمين العلم فقط بأشكال مختلفة حسب أحكام الله التى تمنع إشاعة الفاحشة وهى الكفر بين المسلمين فالتلفازات ستكون مثل التلفازات القديمة فيها عدد محدود من القنوات وكل قناة مخصصة لشىء معين ولكن مجتمعاتنا الحالية مجتمعات لا تحكم بشرع الله والحكام والحكومات فيها يهمها ان يظل الناس جهلة لا يعلمون الإسلام الحقيقى لأنهم لو علموهم الإسلام الحقيقى فلن يبقوا على كراسيهم
وفى النهاية قدم العدوى نصائحه للناس فقال :
"نصائح لتجاوز مشكلات العناد
أحب هنا أن أنقل نصائح نبيه الغبرة لتساعد الآباء في التخفيف من سلبية الطفل وشدة عناده:
1- أن يربى الطفل منذ البدء تربية نظامية، فيها تلبية لحاجاته الجسمية والنفسية، ولكن دون إيجاد عادات سيئة، فالطفل ما أسرع ما يتعود وما أصعب أن يترك ما يتعود.
2- عند إطعام الطفل يترك له حرية اختيار ما يحب أكله دون إجباره على نوع معين أو على المزيد من الغذاء.
3- توفير الألعاب المناسبة لدرجة تطوره العمري، وأن يترك له حرية الاختيار لهذه اللعب.
4- عند تعليمه النظافة يجب أن يعامل بلطف وخاصة عند التبول وقضاء الحاجة، فإن الشدة تثير عناده وتغرس فيه روح المشاكسة.
5- أن نخفف ما أمكن من الأوامر والنواهي والتدخل، وأن نعلم الطفل السلوك الاجتماعي واحترام حقوق الآخرين باللطف واللين والتدرج بروح مفعمة بالحب .
هذا، ولابد من الحزم في بعض المواقف، وإلا أصبح الطفل مائعا قلقا غير قادر على تحمل مسؤوليته في المستقبل، وأيضا لابد من توفر القدوة الحسنة في الوالدين والأهل لكي يحتذيها الطفل."
النصيحة الثانية عند إطعام الطفل يترك له حرية اختيار ما يحب أكله وهو كلام خاطىء فلابد أن يأكل الطعام الصحى ومعظم الأطفال يحبون الحلويات والمقرمشات ومعظمها أغذية غير مفيدة إلا القليل منها ومن ثم لا يجب ترك الأطفال يأكلون ما يحبون وإنما يجب تعويدهم على تناول الطعام الصحى حتى لا يصابوا بالأمراض نتيجة النقص الناتج من عدم أكلهم للبروتينات أو الفيتامينات مثلا
مؤلف الكتاب هو خميس بن راشد بن سعيد العدوي من أهل العصر سكان عمان فيما يبدو
قبل الدخول فى الموضوع الكتاب نستعرض ما أتى فى القرآن مما يتعلق بالعند أو العناد فكلمة عنيد أتت عدة مرات فى المصحف كلها بمعنى واحد وهو الكفر أى الاستمرار فى عصيان احكام الله وهى :
قوله تعالى:
"وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"
قوله تعالى:
"واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم"
قوله تعالى:
"وقال قرينه هذا ما لدى عتيد ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب "
قوله تعالى:
"ذرنى ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا"
الآية الأخيرة أظهرت المعنى صريخا وهو كافرا أى عاصيات لآيات وهى أحكام الله والكافر وهو العنيد هو المصر على الفواحش أى ظلم النفس كما قال تعالى :
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
ومن ثم فالعناد يعنى الكفر ومن ثم لا يجب استخدام هذا اللفظ فى وصف مشكلة طفل لم يصفه الله بمسلم ولا كافر وإنما وصف الأطفال بكونهم سفهاء أى مجانين يتحولون للرشد تدريجيا كما قال "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"
استهل العدوى البحث بالمقدمة التالية:
"فالأطفال فلذات أكبادنا وجواهر تسلسلت من ذواتنا، وهم الدماء الجديدة التي تحمل ثقافتنا وتبقي ذكرنا، إن أحسنا إليها فقد أحسنا إلى أنفسنا، وإن أسأنا إليها فقد أسأنا إلى أنفسنا كذلك، وهم الفطرة التي تتشكل في قالب الأبوة كما قال رسول الله (ص): «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» ، والإشفاق والحنو عليهم من قبل الوالدين لا يحتاج إلى دفع وإلزام فقد تكفل به ضمير الأب وقلب الأم، فهم هبة الخالق وقرة العيون وبهجة الحياة يقول الحق جل وعلا: { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } ويقول عز من قائل: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا }
ولكن ليست الفطرة كل شيء، فهي غير قادرة على الحفاظ على نفسها فكيف يمكنها أن تسير غيرها، فالفطرة يمكن أن تنحرف بل كأن الانحراف حتما عليها إن لم يكن لها موجه ومهذب من الشرع والعقل، فالحنو الفطري والخوف الداخلي والمحبة القلبية لا تقوم إعوجاج الطفل، ولا تهدي سبيله، ولا تسوي نفسيته، فلابد للحنو من تزكية والخوف على الولد من ترشيد والمحبة من توجيه، فلابد أن يتم كل ذلك بمعرفة علمية سليمة ومنهج إيماني وعقل مستنير"
الحديث عن الفطرة طبقا للرواية خطأ فالطفل يولد بلا أى علم من أى نوع كما قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ومن ثم فلا توجد فطرة فى نفس أى طفل لأن الفطرة فى القرآن تعنى الإسلام
سمى الله ما يحدث مع الأطفال التربية فقال :
" وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا "
فالتربية مرتبطة بالصغر وهو الطفولة حتى سن الرشد وحديث الله هو عن التربية الصحيحة فهى التى تجعل الإنسان يطلب الرحمة لوالديه
ويحدثنا العدوى عن توجيع العاطفة للأطفال فيقول:
" فنحن نشاهد من خلال واقعنا البشري أن الأطفال الذين توجههم العاطفة فقط لا يكتب لهم النجاح السليم إلا إذا مروا بتجارب مريرة في حال كبرهم"
وتعبير العاطفى هو تعبير مأخوذ من علم النفس الغربى وهو لا يعبر تعبيرا صحيحا عن الأمر والتعبير القرآنى هو هوى النفس فالهوى هو من يوجه الناس للطريق الخطأ
ويستدل العدوى ببعض الرويات على وجوب التربية فيقول:
"وفي الحديث عن رسول الله (ص)في وجوب الرعاية والعناية بالطفل: «ألا كلكلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» ، وجاء أيضا عنه (ص): «أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم» ، وقال (ص): «علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم» "
ويقسم العدوى حب الأطفال عند الآباء لنوعين صادق وكاذب أى ميت فيقول:
"وحب الأولاد يكون حبا ميتا غير صادق، حبا لإرواء الغريزة ليس أكثر، والحب الصادق يكون عند من يجعل العناية بالأولاد والإحسان إليهم وتربيتهم وسيلة مؤدية على غاية عظيمة وهي الخوف من سخط الله والرجاء في نيل رضوانه يقول الحق جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } "
ويقول العدوى أن سبب هذا المقدمة الطويلة هو اعتقاد الناس أن دراسة مراحل نمو الطفل مضيعة للوقت وهى عبث فيقول:
قدمت بهذه المقدمة لاعتقاد كثير من الناس أن دراسة مراحل نمو الطفل "قد تدخل في دائرة العبث وإضاعة الوقت، وهذا خطأ فاحش وسوء تقدير للأمور، وليتصور هذا المخطئ أن ابنه زرع، كم سيبذل في جهد من الحرث والزراعة واختيار الوقت المناسب لها حتى يؤتي ثمره، وإذا أصابته آفة زراعية سأل المختصين وبذل الجهد حتى يستقيم المحصول، فأيهما أخطر الزرع أم النسل، وأيهما أولى بالعناية هذا أم ذاك؟!
والتربية الساذجة قائمة على التخمين والظن والتجربة غير الواعية، والتربية العلمية قائمة على معرفة بواطن الأمور، وحقائق الحياة، والدين عدو الظن والشك، واليقين ركن من أركانه وسنده المكين وعروته الوثقى، فعلينا الاستمساك بالعروة الوثقى ودمع الظن ببراهين اليقين"
ومشكلة القوم عندما يتحدثون عن أمر أنهم يأخذون علمهم من العلم الجنبى بدلا من اللجوء للقرآن فلا يوجد شىء اسمه تربية ساذجة وتربية علمية فهى مفاهيم حسب كل شخص فما نظنه ساذج قد يكون عند الله هو التربية الصحيحة وما يسمى تربية علمية قد يكون هو الخاطىء لأن العلم عند الأجانب ليس فيه شىء ثابت فطبقا لقوانينهم التى تتغير كانت العفة أمر حسن والآن أصبح الحسن هو الزنى كتجربة عملية ومثلا كانت المقلية محرمة ومعاداة من قبل الأنظمة والآن أصبحت عند بعض الدول ليست حراما ولا عيبا
مقياسنا هو كلام الله فهو من يعرفنا الحلال من الحرام أى المعلوم من الجهل أى الصواب من الخطأ
وتحت عنوان حياة الإنسان مترابطة كتب العدوى:
"هذا، وحياة الإنسان متداخلة في رحلتها الزمنية ومتكاملة في مبناها الحيوي، فلا يمكننا أن نضع فاصلا بين مرحلة عمرية وأخرى لاحقة، فالكائن البشري تبدأ حياته منذ لحظة انطلاقته الأولى من بين الصلب والترائب في الرجل والمرأة، ثم سكونه في رحم أمه، ثم خروجه إلى هذا العالم بخيره وشره، وتدرجه في مراحل نموه من الرضاعة إلى الطفولة المبكرة فالمتوسطة فالمتأخرة فمرحلة الشباب فالكهولة.. الخ، مراحل متعاقبة تؤثر الأولى على الأخرى، ينمو ويتغير فيها الإنسان جسديا وانفعاليا وعقليا، ولابد أن تتشبع كل مرحلة من المراحل المتعاقبة باحتياجاتها الفطرية والبدنية والفكرية والنفسية، وأي خروج عن هذا المسار يؤدي إلى اضطراب شامل لهذا الإنسان، وبما أن الإنسان قاصر عن متابعة نفسه في مراحله الأولى تقع مهمة العناية به على عاتق الراشدين من ذويه، وأي خطأ تربوي –في أي جهة كان من جهات الحياة- سيؤثر سلبا على حياته، لأجل ذلك ندعو إلى فهم حياة الإنسان فهما علميا مدروسا."
الكلام عن ترابط مراحل حياة الفرد كلام صحيح وأما كون الخطأ التربوى يؤثر سلبا على حياة الفرد فهو أمر مشكوك فيه تماما فمن من اناس تربوا على الأخطاء التربوية كإبراهيم(ص) الذى رباه الوالدين على الكفر حيث الوالد صانع للأصنام يكسب عيشه منها ويدافع عنها ومع هذا لم تؤثر الأخطاء التربوية عليه لأنه فكر وكم من اناس تربوا التربية الصحيحة كابن نوح(ص) ومع هذا شار فى طريق الأعمال غير الصالحة
وبين العدوى أن دراسة ظاهرة لا تعنى انعدام الظواهر الأخرى فقال :
"وكذلك عندما ندرس ظاهرة معينة في حياة الإنسان لا يعني عدم وجود أي ظواهر أخرى أو أن هذه الظاهرة منعدمة في باقي مراحل حياة الإنسان، وإنما يعني أن هذه المرحلة تبرز فيها هذه الظاهرة كسمة مميزة، أو تبرز بوضوح فيها دون سائر المراحل، وأيضا أي ظاهرة من الظواهر تتبادل تأثيرا وتأثرا مع ظاهرة أخرى، وقد تنشأ ظاهرة أخرى هكذا..."
وتعليقى على هذا أنه لا تبرز سمة فى مرحلة ولكن من ينشغل هو من يضع عينه على شىء معين ويتناسى بقية الأشياء كما هو الحادث حاليا فيما يسمى بجائحة كورونا فالإعلام وجه الناس وجهة معينة هى عد المرضى والمتعافين والمتوفين يوميا بينما عشرات الأمراض المصابون بها بعشرات الملايين أو مئات الملايين كمرضى السكرى ومرضى السرطان ومرضى الفيروس الكبدى ومع هذا المصابون بها يزدادون يومسا زيادى رهيبة والموتى منها يوميا بالآلاف ولكن لا احد يعد لأن منظمة الفساد العالمى التى تدير العالم تريد تحقيق هدف معين من خلف نشر الخوف فى قلوب الناس قد يكون القضاء على الشركات الصغيرة والمتوسطة لشراءها فيما بعد بأبخس الأثمان وقد يكون زيادة استدانة الدول من المصارف التى تديرها تلك العصابة الآثمة
ثم عرف العدوى العناد فقال :
"مفهوم العناد
العناد عند الطفل ظاهرة طبيعية في حدودها المعقولة، وعدم وجودها أو برودها كثيرا يعتبر مؤشرا خطرا لنمو الجوانب العقلية والنفسية في حياة الطفل، كما أن ارتفاعها قد يؤدي بالطفل إلى اضطرابات انفعالية ونفسية، بل وعدم تأقلم الطفل مع مجتمعه، وخاصة إذا تعدت السن المحدد لها علميا."
هنا العناد عدم وجوده أو قلته خطر وكذلك زيادته عن الحد وهو كلام ناقضه اعدوى فى فقرة قادمة حيث يقول" وهذا يعني أن سلبية الطفل وعناده دليل نمو شخصيته وازديادها قوة ومنعة"
وفى الفقرة السابقة لم يضع الرجل التعريف الذى وضعه فى الفقرة التالية:
"فما هي ظاهرة العناد؟
يمكننا أن نعرف العناد بأنه: السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي والإرشادات الموجهة إليه من قبل الكبار من حوله.
ولا نعني بالسلبية –قطعا- الجمود وعدم الفعل، وإنما نعني به الإصرار على الفعل الذي يخالف الأوامر، فمثلا عندما يطلب من الطفل أن يذهب إلى مخدعه يعاند ويعكس الأمر، وعند دعوته إلى الغداء يتشاغل باللعب، وعندما يؤمر بالذهاب إلى التبول في دورة المياه يرفض ذلك، وربما يتبول في ملابسه وفراشه، وإذا خلعت ملابسه رفض لبس غيرها وهكذا...
وقد يعني العناد لزوم الحالة التي اعتاد عليها وإن كانت سيئة، فالطفل الذي اعتاد دخول المطبخ والعبث بمحتوياته الحادة والخطيرة، نجده عن نهره عن دخول المطبخ يعاكس الأمر بشدة، وقد يتعود الصريخ والصياح كلما قامت أمه إلى الصلاة وهكذا...
وقد تظهر هذه الحالة العنادية بصورة متسارعة، وكأنها تأتي فجأة نوعا ما، وربما تختفي كذلك، وقد تظهر بطيئة وتلازم الطفل إلى مرحلة متأخرة، وهذا عائد إلى أسباب عديدة نفسية وجسمية واجتماعية."
الرجل ناقض نفسه فى التعريف فقد وصفه بكونه "السلبية التي يبديها الطفل تجاه الأوامر والنواهي" فمعناه رفض كلام الأخرين وهذا الرفض قد يكون فعل ضد ما يقال له وقد يكون عدم تنفيذه بالجمود والجلوس وهو ما نفاه بقوله" ولا نعني بالسلبية –قطعا- الجمود وعدم الفعل"
للخروج من هذه الإشكالية فالتعريف يكون الإصرار على عصيان الأمر أو النهى بأى شكل سواء كان فعلا مضادا أو عدم الفعل
وتحت عنوان العناد ظاهرة صحية قال العدوى:
حتى نعرف أن العناد ظاهرة صحية وليس مرضا لابد لنا من تعليل حالة العناد.
فما تعليل ذلك؟
حسبما يرى علماء النفس أن الطفل يشعر في هذه المرحلة بتفتح قدراته الجسمية والعقلية، فقد أصبح قادرا على المشي والتنقل وقادرا على الاختبار والاستقصاء، وبدأ يحسن التكلم والتعبير، وأصبح يفهم الشيء الكثير عن محيطه وبيئته، ويعقد صلات الصداقة مع أقرانه وهو يريد أن يثبت وجوده، وأن يثبت إقدامه، بل وأكثر من ذلك يريد أن يكون محط أنظار الجميع، وباختصار يريد أن يتصرف كأي شخص آخر له اعتبار، واحترامه وشخصيته المستقلة.
وهذا يعني أن سلبية الطفل وعناده دليل نمو شخصيته وازديادها قوة ومنعة، لا دليل شذوذه وانحرافه، فإذن هي دليل صحة لا دليل مرض ، ولكن بشرط أن تكون في إطارها المعقول كما سنوضح ذلك في أنواع العناد"
العناد أى الإصرار على فعل شىء أو عدم فعله ليس دليل نمو شخصية ولا مرض وإنما هو داخل ضمن الوصف العامة للطفولة بكونها مرحلة سفاهة أى جنون متدرج إلى العقل فالطفل لا يعقل حراما ولا حلالا فى الطفولة الأولى وكل ما يهمه هو تنفيذ ما يريده بغض النظر عن حله أو حرمته التى لا يعرفها ولكن من كثرة التكرار من قبل المربين على ان هذا حرام وهذا حلال يبدأ فى المعرفة
بالأمس كانت ابنتى التى بدأت العام الثالث مصرة على المشى فى الشارع ليلا وكلما طالبتها بالجلوس أو دخول البيت رفضت وذهبت وعدت بها عدة مرات وكلما حاولنا إدخالها البيت رفضت فهى لا تعرف حلالا ولا حراما فى المشى وإنما كل ما تريده هو المشى لمشاهدة أمور جديدة وكلام من تراهم ومن عدة أيام بدأت بلغة الكبار بطرد صاحبات احدى الجارات من عندها حتى تجلس هى وحدها معها وهى بالتأكيد لا تفهم معنى ذلك فهى تقول لهم قوموا مع السلامة حتى تنشغل بها الجارة وحدها فهى لا تعرف ولا تفهم معنى حرمة هذا الكلام مع القول لها حرام عيب
وتحت عنوان سن العناد يهبرنا العدوى بالتالى :
"تحدد الدراسات العلمية سن ظهور العناد بالسنة الثانية والنصف وينتهي مع السن الخامسة وتكون الذروة بين السن الثالثة والرابعة، ويعتبر العناد في هذه الحالة طبيعيا ويزول كذلك بصورة طبيعية، بشرط أن يحسن الوالدان كيفية التعامل مع طفلهم، وعند التصرف السيء في علاج هذه الظاهرة تظهر مشاكل عديدة في حياة الطفل تؤثر في الحال وفي المستقبل"
بالقطع كل الدراسات التى تجرى فى معامل علم النفس هى من ضمن الخبل فلو درسنا عشرات الملايين فلن تكون نتيجة الدراسة سليمة ما لم تعرف وتدرس كل الناس وهو امر محال
العناد وهو الإصرار ليس له سن محددة فهو يظهر فى سن حتى عند الرضاعة متمثلا فيما يعرف بظاهرة العض عض الثدى عند ظهور الأسنان فرغم تكرار نهى الأم للطفل او الطفلة إلا أن رغبته فى تجريب الأسنان أو تقليل الألم بها يضطره لتكرار عض الثدى وهو يظهر جليا فى بعثرة الألعاب كلما وضعت بنظام أمام الطفل
ثم حدثنا العدوى عن أنواع العناد وعلاجه فقال:
يتضح من خلال ما بيناه أن هناك أنواعا للعناد، ويمكننا أن نقسمه تقسيما نسبيا إلى نوعين: العناد الطبيعي والعناد المشكل :
1- العناد الطبيعي:
وهذا النوع لا يعد خطرا بل يعتبر ضروريا للطفل، وعلى الأبوين أن يجيدا طريقة التعامل مع الطفل في هذه الحالة، فالصراخ في وجه الطفل وضربه وزجره ليس هو الحل الأمثل للتعامل مع هذه الحالة، بل إيجاد الحل البديل الصحيح مع التعزيز لذلك الحل.
ونقصد بالتعزيز أن نشجع الطفل بطريقة أو أخرى على التزام الحالة الصحيحة التي نريدها له، فمثلا عليك كأب –والأم أيضا- أن تعلم طفلك بعض كلمات التعزيز التي تدخل الفرحة والسرور في قلبه لقاء عمله الجيد.
وأريد هنا أن أضرب مثالا واقعيا على ذلك، فأنا لدي ابن عمره ثلاث سنوات استطعت –بأكثر من طريقة- أن أرسم في ذهنه بعض الكلمات الحسنة التي يحس بجمالها النفسي لتعززه للفعل المرغوب، وكذلك بعض الكلمات لتنفره من الفعل غير المرغوب فعندما يأتي ولدي بعمل جيد أقول له: أسد – شاطر، فيتفاعل مع ذلك العمل، وعندما يأتي بعمل غير جيد أقول له: ما شاطر – دلوع، فيترك ذلك العمل، ولكنني أوجد له البديل مباشرة وأعززه لعمله البديل قائلا له: من يحب أبوه وأمه يفعل كذا، ومباشرة يفعل، وهكذا...
وهناك طرق كثيرة يمكن أن يبتكرها الوالدان أو يتعلمانها أو يسألان عنها للتعامل مع ظاهرة العناد لدى الطفل.
2- العناد المشكل:
ينشأ هذا النوع مع عدم وجود البيئة الصحيحة للتعامل مع العناد الطبيعي، حيث يتطور العناد الطبيعي إلى عناد مشكل فتطول فترته ويترك آثارا سيئة يعاني منها الأهل والمدرسون.
وفي حالة العناد المشكل ينبغي للوالدين أن يستعينا بأولي الخبرة للتغلب على مشكلة ولدهم وننصحهم بأن لا يلجأوا إلى الضرب إلا في حالات محدودة جدا."
لا يوجد عناد مشكل فى الطفل نفسه لأن المشكلة لا تكون فى الطفل وإنما فيمن حوله فالبعض يحاول أن يرضيه بكل شكل والبعض الأخر يكثر من زجره والبعض يضربه مباشرة والبعض يتغافل عنه والحلول الصحيحة ليست واحدة فى كل حال
أحيانا يكون الحل هو إتعاب الطفل فمثلا الطفل الذى يطلب المشى وكلما كرر له طلب الجلوس للراحة لا يجلس يتم المشى بهم سافى كبيرة حتى يتعب فيطلب من شدة الوجع الجلوس وأحيانا الطفل الذى يبعثر اللعب كلما وضعت بنظام على من معه ترك اللعب مبعثرة حتى يقوم بجمعها او يتعثر فيها فيسقط بسبب إحداها وعندما يتألم يقال له انه السبب فلو ترك اللعب منظمة لن يسقط فيتألم بسببها فالطفل سيربط ساعتها بين البعثرة والألم وأحيانا يكون التغافل عن الاستجابة للطفل هو الحل فهناك طفل يظل ينادى على من أمامه وكلما رد عليه يردد نفس النداء وساعتها يكون افضل الحلول هو التغافل وهو عدم الرد عليه حتى يسكت من شدة وجع خلقه أو يسكت من نفسه وأما العناد فى المؤذيات كمسك السكاكين أو الشفرات أو مسك الأشياء الساخنة أو النار فعلاجه إن لم يصب الطفل هو الضرب المباشر على الفور بعد التحذير الأول لأن هذا فيه أذى مباشر للطفل وحتى ينتهى لابد من إيلامه حتى يعرف ان هذا لا ينبغى تعامل الصغار معه
ثم استعرض خصائص هذه المرحلة فقال :
"يقسم العلماء حياة الإنسان إلى مراحل نذكر منها مراحل طفولته:
- مرحلة الرضاع: منذ الولادة إلى نهاية السنة الثانية.
- مرحلة الطفولة المبكرة: من السنة الثانية إلى السنة السادسة.
- مرحلة الطفولة المتوسطة: من السنة السادسة إلى السنة التاسعة.
- مرحلة الطفولة المتأخرة: من السنة التاسعة إلى السنة الثانية عشرة أو إلى البلوغ.
وعند ملاحظة هذه المراحل نجد أن سن العناد الطبيعي يقع ضمن مرحلة الطفولة المبكرة"
هذا التقسيم بالقطع مختلف بين علماء النفس ولا يوجد سبب يجعله سليما لأن كل مرحلة تختلف من أفراد إلى أفراد اخرين وكما قلنا سابقا لا يوجد سن محددة لعملية العناد وهى الإصرار
وبين العدوى خصائص المرحلة فقال :
" وحتى نوفي موضوع العناد بعض حقه لابد أن نعطي للقارئ ملخصا لخصائص هذه المرحلة
من خصائص هذه المرحلة:
1- النمو الجسمي:
تحدث في هذه المرحلة تغيرات سريعة في الجسم، لأجل ذلك ينبغي أن يعتنى بتغذية الطفل تغذية صحية سليمة
2- النمو العقلي:
في هذه المرحلة يلاحظ على الطفل كثرة السؤال، وعلينا في الإجابة عليها أن لا نسلك مسلك الكذب، بل نقرب له الإجابة بطريقة صادقة يدركها عقليا، ويطغى على هذه المرحلة الإدراك الحسي فهو لا يستطيع أن يتصور المجردات، بل يتصور المفاهيم والعدد والأشكال الهندسية –طبعا بالتدرج مع السن- عندما نعرضها له كأشياء محسوسة لا كأشياء مجردة.
وأضرب على ذلك مثالا واقعا أيضا:
زارنا ذات يوم شخص من ولاية نخل، وكان معنا في المجلس طفل في هذه السن، فسأل هذا الطفل الزائر: من أين أنت؟
الزائر: من نخل.
فسكت الطفل ليعمل هذا المفهوم في عقله فلم يستوعبه، فسأله مرة ثانية: أنت تكذب، لا أحد يسكن في النخل.
فضحك الزائر وقال: أنا أسكن بلدا تسمى نخل.
فقال الطفل: يعني فيها نخل.
فقال الزائر مقربا الإجابة: صح.
فقال الطفل: ولكن أيضا بلادنا فيها نخل.
واحتار الزائر ولم يفهم الطفل.
فتدخل أحد الحضور ممن يستطيع أن يقرب المفهوم للطفل قائلا له: هل ذهبت إلى مسقط؟
فقال الطفل: نعم ذهبت.
فقال المتكلم: هل ذهبت إلى حديقة النسيم؟
فقال الطفل بفرح: ذهبت.. ذهبت.
قال المتكلم: بلاده قريبة من هناك.
فقال الطفل: أنا أحب الحديقة، أنا أحب بلادكم سآتي معكم.
وزالت الحيرة من رأس الطفل. هذا مثال.
ومثال آخر في الأرقام؛ لا تطلب من الطفل أن يأتيك بتفاحتين فهو لا يفهم هذا العدد، ولكن حدد له ذلك بإصبعيه، وهكذا...
3- النمو الانفعالي:
ونقصد بالانفعال المشاعر الداخلية المرتبطة بالحركة الخارجية، ولذلك يسمى بالنفسحركي ففي هذه الفترة يحل اللفظ محل الحركة الجسمية.
4- النمو الاجتماعي:
في هذه المرحلة تنمو الصداقة وتظهر الزعامة الوقتية وحب البروز بجذب انتباه الآخرين، ويميل الطفل إلى المنافسة الفردية وينمو لديه الاستقلال وتتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة ."
وكما قلنا لا يوجد دليل ثابت على تلك الخصائص وما يحدث فيها فكل فعل متوقع حدوثه فى أى وقت
ثم تكلم العدوى عن المؤثرات على ظاهرة العناد فقال :
"نقصد بهذه المؤثرات كل ما يثير عناد الطفل فيجعل من مشكلته حالة مرضية، فيتحول العناد نتيجة هذه المؤثرات إلى حالة عصبية لدى الطفل تجعله غير مستقر، ولذلك على الوالدين والأهل أن يحذروا من استثارة ولدهم لأتفه الأسباب، أو يتخذوا من ذلك تسلية كلما أرادوا الضحك من تصرفات ولدهم.
فما هذه المؤثرات؟
1- مؤثرات داخلية:
وهي المؤثرات التي تؤثر على ظاهرة العناد عند الطفل من داخل نفسيته كالمؤثرات الوراثية والذكاء وضعفه وغيرها، فمثلا قد يؤثر المزاج العصبي الموجود عند أحد الوالدين في بروز حدة العناد عند طفلهم.
وأيضا من المؤثرات الداخلية تحول المؤثرات الخارجية نتيجة بقاء أثرها عند الطفل إلى عقدة نفسية، فتتفاعل هذه المؤثرات كلما كان هناك مثير خارجي.
مثال ذلك: لدينا شاب تحولت لديه مشكلة عنادية مثارة في صغره إلى عقدة مستمرة، فعندما كان هذا الشاب صغيرا، ألبسه أهله «كمة» على رأسه فرفض لبسها لسبب أو لآخر فحاول المحيطون أن يرغموه على لبسها وهو يرفض، فتحول لبس «الكمة» لديه إلى مشكلة لا يحتملها، فهو يشعر بأثر نفسي سيء كلما أراد لبسها."
ما يسمى بمؤثرات الوراثة خطأ فالعملية لا تزيد عن كون الطفل يقلد أهله فالطفل يفعل نفس أعمال أهله
والمثال الذى ضربه على لبس القبعة أو الطاقية ليس سليما فهذا الشاب لن يلبس شىء لن يريده لأنه كبر ولن يجبره أحد على هذا
ثم تحدث عن المؤثرات الخارجية فقال :
"2- مؤثرات خارجية:
وهي المؤثرات التي تؤثر على العناد من المحيط الخارجي نتيجة تصرف الوالدين والأهل، وكما قلنا سابقا ربما تتحول المؤثرات الخارجية إلى مؤثرات داخلية تتفاعل عند المواقف المشابهة.
وبدون ريب أن المؤثرات الداخلية هي أصعب المؤثرات، وقد لا يظهر نشاز كبير لو كان هذا المؤثر وراثيا أو من طبيعة الطفل، وربما يتفهم المحيطون بالطفل هذا الأمر، ولكن الخطر من المؤثرات الخارجية التي تبقى مستمرة في حياة الطفل مما قد تثير لديه اضطرابات نفسية ومشاكل اجتماعية.
وهذه المؤثرات تتمايز في حدتها وخطورتها"
بالقطع المؤثرات أيا كانت يقدر الإنسان على منعها بإرادته فقد تعودت على لبس الطاقية عند النوم لمدة ثلاثين سنة تقريبا وعندما كنت أنام من غيرها كنت أشعر بصداع او تغير فى الجسم ولكننى تركت هذا التعود فأصبحت أنام من غيرها منذ أكثر من عشرين عاما دون شعور بصداع أو ألم أخر ومثلا تعودت وأنا طفل على فهم خاص لمقولة الكرة أهداف وهى أن أقذف الكرة بعيدا عن المنافسين وأجرى خلفها بلا لف ولا دوران ولا تمرير للأخرين وإنما أجرى من المرمى للمرمى حتى تكون الركلة الأخيرة فى المرمى أو تصد أو تكون خارج الملعب ومن ثم كان كل ما أملكه هو سرعة الجرى حتى كنت أشعر بتمزقات فى الرئات وجانبى البطن من السرعة وبعد هذا بدأت أفهم انها لعبة جماعية وليست لعبة فردية ومن ثم بدأت فى التمرير للأخرين وتعمدت أن يحرز الأخرين الأهداف
المسألة هى تحول الفهم
وطرح الرجل سؤالا هو :
"لكن هل هناك أهداف مخططة مرسومة لإثارة العناد؟
وأجاب :
"نعم، هناك مؤثرات من هذا النوع وهي المؤثرات التلفزيونية.
أثر التلفزيون في إثارة العناد
عندما نشاهد برامج التلفزيون الموجهة للأطفال وخاصة الرسوم المتحركة سنجدها منصبة على إبراز المواقف العنادية، فهناك الشخصية الشريرة التي تعاند الشخصية الخيرة كما في مسلسل «بابا رجل البحار» والشخصية الشديدة التي تشاكس الشخصية اللطيفة كما في مسلسل «توم وجيري» والشخصية التي تسخر بجميع من حولها وتعاندهم مثل شخصية «الأرنب» والشخصية التي تثير الرعب في المخلوقات الصغيرة «الفئران» وهي شخصية «القط»، وهكذا... أضف إلى كل ما ذكرته أن هذه البرامج أجنبية مسخرة ضد إسلامنا وقيمنا وعروبتنا، ومن أخطرها –والتي تتكرر دائما- شخصية «المنقذ الذي يأتي بالمعجزات»، يعرض كل ذلك بما يترك أثرا سيئا في الطفل من تشويه العقائد الإسلامية في عقله، وإثارة الأنانية في نفسه، هذه الأنانية –بدون ريب- مبعث للعناد، وأيضا هذا المنقذ يقضي على خصومه الذين يعارضونه، فلنتصور كيف يواجه الطفل ذويه وإخوانه عندما يريد أن يتملك حاجة ما، سنجده يغضب ويصرخ ويضرب بيديه وربما يحمل السكين أو الحجارة لردع من يعانده.
والطفل يعتبر أرضية خصبة لتأثره بما يعرض في التلفزيون سواء كانت البرامج موجهة له أو موجهة للكبار
وقد أحصى المركز الدولي للطفولة أربع مراحل لتمثل الحركات المنقولة في التلفزيون:
1- التقليد: يتقمص الطفل الشخصية التي يقلد تصرفاتها أو التي يتبنى آراءها بطريقة إرادية.
2- التشبع: تصبح عملية التمثيل أو التقليد غير واعية ولا يختار الطفل بطله.
3- تبدد التثبيط: تشج عروض تلفزيونية معينة انتقال الطفل إلى مرحلة الفعل.
4- تبدد التحسس: بعد أن يتكفي الطفل مع الأحداث نتيجة تكرارها لا يعود يتأثر بهها بل ينظر إليها على أنها طبيعية وعادية .
ونريد هنا أن ننبه إلى أن العناد إذا غذي بمشاهد العنف التي تعرض في التلفزيون سيكون حالة تنذر بالخطر يجب أن يقف الجميع أفرادا ومؤسسات لعلاجها.
والذي يعنينا هنا أن نشير إلى العلاج بيد الوالدين والأهل، فعليهم أن يعودوا أبناءهم على مشاهدة ما يتم اختياره لهم وفي الوقت المختار أيضا، أما دعوى أنني لا أستطيع ذلك، فهذا عذر أقبح من ذنب، فقد رأينا العديد من الآباء الذين نجحوا في بناء أبناءهم مع وجود التلفزيون في بيوتهم."
بالقطع المسألة أكبر من الأسرة فالتلفاز لو كانت الدولة عادلة أى دولة للمسلمين فلن يذاع شىء مما يذاع حاليا من مسلسلات وأفلام وبرامج الأطفال سواء سميت وطنية أو إنسانية أو حتى سميت إسلامية إلا نادرا جدا
التلفاز فى دولة المسلمين لن يكون تلفازا مفتوحا فى كل بيت كل واحد يركب طبق استقبال ويتابع أى شىء من القنوات التى يسمونها حاليا السموات المفتوحة وإنما تلفازا منظما يقدم للمسلمين العلم فقط بأشكال مختلفة حسب أحكام الله التى تمنع إشاعة الفاحشة وهى الكفر بين المسلمين فالتلفازات ستكون مثل التلفازات القديمة فيها عدد محدود من القنوات وكل قناة مخصصة لشىء معين ولكن مجتمعاتنا الحالية مجتمعات لا تحكم بشرع الله والحكام والحكومات فيها يهمها ان يظل الناس جهلة لا يعلمون الإسلام الحقيقى لأنهم لو علموهم الإسلام الحقيقى فلن يبقوا على كراسيهم
وفى النهاية قدم العدوى نصائحه للناس فقال :
"نصائح لتجاوز مشكلات العناد
أحب هنا أن أنقل نصائح نبيه الغبرة لتساعد الآباء في التخفيف من سلبية الطفل وشدة عناده:
1- أن يربى الطفل منذ البدء تربية نظامية، فيها تلبية لحاجاته الجسمية والنفسية، ولكن دون إيجاد عادات سيئة، فالطفل ما أسرع ما يتعود وما أصعب أن يترك ما يتعود.
2- عند إطعام الطفل يترك له حرية اختيار ما يحب أكله دون إجباره على نوع معين أو على المزيد من الغذاء.
3- توفير الألعاب المناسبة لدرجة تطوره العمري، وأن يترك له حرية الاختيار لهذه اللعب.
4- عند تعليمه النظافة يجب أن يعامل بلطف وخاصة عند التبول وقضاء الحاجة، فإن الشدة تثير عناده وتغرس فيه روح المشاكسة.
5- أن نخفف ما أمكن من الأوامر والنواهي والتدخل، وأن نعلم الطفل السلوك الاجتماعي واحترام حقوق الآخرين باللطف واللين والتدرج بروح مفعمة بالحب .
هذا، ولابد من الحزم في بعض المواقف، وإلا أصبح الطفل مائعا قلقا غير قادر على تحمل مسؤوليته في المستقبل، وأيضا لابد من توفر القدوة الحسنة في الوالدين والأهل لكي يحتذيها الطفل."
النصيحة الثانية عند إطعام الطفل يترك له حرية اختيار ما يحب أكله وهو كلام خاطىء فلابد أن يأكل الطعام الصحى ومعظم الأطفال يحبون الحلويات والمقرمشات ومعظمها أغذية غير مفيدة إلا القليل منها ومن ثم لا يجب ترك الأطفال يأكلون ما يحبون وإنما يجب تعويدهم على تناول الطعام الصحى حتى لا يصابوا بالأمراض نتيجة النقص الناتج من عدم أكلهم للبروتينات أو الفيتامينات مثلا