آحمد صبحي منصور
في
الأحد ٢٤ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
( حجرا محجورا ) جاءت مرتين فى القرآن الكريم وصفا للبرزخ .
والبرزخ هو الخاجز غير المرئى الذى يفصل بين ماء النهر العذب وماء البحر المالخ ، يقول جل وعلا : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20 ) الرحمن ). هذا الحاجز بين ماء البحر وماء النهر لا يُرى . الأنهار تصب فى البحار، وهناك أنهار تنبع وتصب داخل البحار والمحيطات . ويظل هذا الماء مفصولا عن ذاك الماء أن بينهما حاجزا غير مرئى ، أو بالتعبير القرآنى ( حجر محجور )، يقول جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (53) الفرقان )
ويأتى البرزخ بمعنى الحاجز الفاصل بين هذه الحياة وبين يوم البعث ، فعند الموت تعود كل نفس الى البرزخ الذى أتت منه ، وتظل فيه الى يوم البعث ، أو الانفجار الثالث . هناك إنفجار أول نتج عنه خلق السماوات والأرض ( الأنبياء 30 ) ، ثم هناك إنفجار بتدمير العالم وعودته الى نقطة الصفر ، ثم يعقبه إنفجار ثالث صاعق ينتج عنه البعث لكل الأنفس معا ( الزمر 68 ـــ )، وبه يبدأ اليوم الآخر بعد إنقضاء اليوم الأول ( هذه الدنيا ).
عن البرزخ الفاصل بين هذه الحياة واليوم الآخر ، والذى يبدا لكل نفس بموت صاحبها ، يقول جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) المؤمنون )ه الدنيا ) , الخاسر عند الموت يهتف يستجدى أن يرجع للحياة ليعمل صالحا ، ويأتيه الرد بأن أمامه برزخ تنتظر فيه نفسه حتى البعث للجميع . وعند إنفجار البعث ( أو نفخ الصور ) فلا ينفع نفس نسبها وأهلها وعشيرتها إذ يفر المرء من أبيه وامه وأخيه ..
ما عدا الرسول محمد عليه السلام الذ ى رأى جبريل مرتين ( النجم 1 : 18 ) ( التكوير 19 : 23 ) لا يرى الانسان الملائكة على هيئتها الحقيقية إلا عند الموت ثم فى اليوم الآخر . و طلب المشركون آية حسية أن يروا الملائكة 0 الأنعام 8 ـ ) ورد رب العزة إنهم عندما يرون الملائكة عند الموت مع بداية دخولهم البرزخ يتأسس البرزخ فاصلا بينهم وبين هذه الحياة ، يستغيثون عند الموت ويرون أهاليهم وأقاربهم يحيطون بجسده الميت على فراش الاحتضار يراهم فى هذه اللحظة ( الواقعة 83 : 85 ). عندها يقول الكافر عند الاحتضار ( حجرا محجورا ) أى فاصل غير مرئى يحجزه ويخجر ويمنع أن يراه أقرب أقاربه ، وهو بين يدى الملائكة تبشره بالجحيم وتضرب وجهه ومؤخرته ( وجه نفسه ومؤخرة نفسه لأن كل نفس هى صورة جسدها ) . مقابل الاستكبار الذى فى الدنيا يكون ذعرهم ومهانتهم عند الاحتضار ، يقول جل وعلا ردا على طلبهم رؤية الملائكة : (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22) الفرقان ).
مهما بلغ ظلم الجبابرة من المستبدين فإذا تخيلت ما ينتظرهم عند الاحتضار وفى النار ستتأكد من عدل الرحمن .