نموذج لتطبيق الشريعة السُّنية في عصر السلطان المتدين ( المؤيد شيخ )
صفعة على قفا المطالبين بتطبيق الشريعة الشيطانية

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٤ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

صفعة على قفا المطالبين بتطبيق الشريعة الشيطانية

نموذج لتطبيق الشريعة السُّنية في عصر السلطان المتدين ( المؤيد شيخ )  

مقدمة

1 ـ بدأ التطبيق العملى للشريعة الشيطانية بالحديد والنار في خلافة أبى بكر في حرب الردة ضد من رفض دفع ( الزكاة اليه ) ثم في الفتوحات. وفوق أشلاء القتلى وفى بحور الدماء تأسست الخلافة الشيطانية بشريعتها ، ولا تزال بحارها الدموية حتى الآن في تطبيقات أكابر المجرمين في دول المحمديين .

2 ـ التدوين لهذه الشريعة الشيطانية بإختراع الأحاديث الشيطانية بدأ بهجص مالك في الموطأ وهجص الشافعى في ( الأم ) ومن جاء بعدهما فيما نسميه بالفقه النظرى ، الذى تشعب ، ولا يزال تدريسه مستمرا في الأزهر وغيره من المؤسسات الدينية الشيطانية في كوكب المحمديين .

3 ـ هناك تدوين آخر أسميناه ( الفقه الوعظى ) وهو كتابة المؤرخين الفقهاء في إنكار ما يحدث في الحياة الواقعية ، كما فعل الغزالى في (إحياء علوم الدين ) وإبن الجوزى في ( تلبيس إبليس ) وكما فعل إبن تيمية في بعض رسائله وإبن القيم في (إغاثة اللهفان ) وابن الحاج المغربى في ( المدخل ) . هنا يجد الباحث التاريخى كنزا من المعلومات التاريخية عن الحياة الاجتماعية والدينية ، لم يقصد كاتبها أن تكون تأريخا لعصره .

4 ـ يتميز المقريزى بنوعية جديدة يمكن أن نسميها بالتأريخ الوعظى ، وهى متناثرة في رسائله ، وفى ثنايا تاريخه ( السلوك ) ، وهى سطور يستنكر فيها ما يحدث منبها على الخطأ . ميزة المقريزى أنه مؤرخ صادق وأمين ليس فقط في نقل الأحداث ، ولكن أيضا في التعليق عليها بعقليته التي تنتمى الى عصره ، فقد كان سُنيا مخلصا مع شيء من التأثر بالتشيع الفاطمى . المقريزى يكتب من داخل ( الصندوق ) مخلصا لعصره متحريا الإصلاح في داخل دينه السُنّى ، لذا لم ينتبه الى أن دينه السنى وأربابه من أول أبى بكر وعمر وعثمان هم أساس الفساد .

5 ـ مئات السطور في الاحتجاج على عصره نثرها المقريزى في ( السلوك) ، نكتفى منها بلوحة تاريخية متكاملة نعتبرها أهم شهادة للمقريزى على فساد تطبيق الشريعة فى نظام الحكم في سلطنة المؤيد شيخ .

6 ـ  في سنة 820 كان السلطان المؤيد شيخ غائبا عن مصر يقوم بجولة في الشام ، تاركا مصر يديرها أتباعه وفق الشريعة السائدة التي لا تتأثر بوجود أو غياب السلطان . وننقل من تاريخ ( السلوك لمعرفة دول الملوك : القسم الأول من الجزء الرابع ) شهادة المقريزى على عصر السلطان المؤيد شيخ الذى مدحه المقريزى نفسه .

7 ـ المقريزي بعد أن تحدث عن غيبة السلطان المؤيد شيخ في الشام وعن وصول مبعوث منه يبشر بدخوله حلب  التابعة له أخذ يصف معاناة الناس من ظلم كبار الموظفين  . يقول المقريزي في أحداث شهر ربيع الأخر 820 " فيه قدم قاصد السلطان – أي مبعوث السلطان – يبشر بقدومه حلب .. وأهلّ هذا الشهر – أي جاء هلال هذا الشهر وبدأ ـــ وفي جميع أرض مصر .. من أنواع الظلم ما لا يمكن وصفه بقلم ولا حكايته بقول من كثرته وشناعته. ) . ثم وصف الشنائع التي كان يقترفها أكابر المجرمين في مصر وقت غياب كبيرهم في الشام . ننقلها عنه ، ونعلق عليها .

أولا : المحتسبون وأعوانهم من أكابر المجرمين     
1 ـ يقول عن المحتسب الذي يشرف على الأسواق : ( فالمحتسب بالقاهرة والمحتسب بمصر ، كل ما يكسبه الباعة مما تغش به البضائع وما تغبن ( تظلم ) فيه الناس يُجبى منهم بضرائب مقررة لمحتسبي القاهرة ومصر وأعوانهما ، فيصرفون ما يصير إليهم من هذا السحت في ملاذهم المنهي عنها ، ويؤديان منه ما استدانوه من المال الذي دفع رشوة عند ولايتهم . ويؤخرون منه بقية لمهاداة أتباع السلطان ليكونوا عونا لهم في بقائهم . )، وكان المحتسب في القاهرة وقتها هو القاضي  شمس الدين محمد بن يعقوب الشامي .

2 ـ  فالباعة يغشون البضائع ويظلمون الناس في البيع وبدلا من أن يقوم المحتسب بوظيفته الشرعية في الضرب على أيديهم فإنه يأخذ منهم الرشاوى ويكون شريكا لهم فيما يأكلونه من أموال الناس بالباطل ، وتلك الرشاوى التي أخذت اسم الضرائب كان المحتسب ينفقها في ثلاثة وجوه ، في المعاصي ، وفي تسديد الديون التي أخذها ليدفعها من قبل رشوة كي يحصل على ذلك المنصب ، ثم في تقديم رشاوى . أخرى لحاشية السلطان كي يظل في هذا المنصب.

ثانيا : قضاة الشرع أكابر المجرمين
1 ـ ويأتي المقريزي للقضاة ، وكان في الدولة المملوكية أربعة من قضاة القضاة يمثلون المذاهب الأربعة ولكل منهم نائب أي قاض في كل منطقة بالقاهرة وبالمقاطعات .. ويبلغ عدد أولئك القضاة المحليين – أو النواب – نحو المائتين. 2 ـ يقول المقريزي عنهم: (  وأما القضاة فإن نوابهم يبلغ عددهم نحو المائتين ، ما منهم إلا من لا يحتشم من أخذ الرشوة على الحكم ، مع ما يأتون – هم وكتابهم وأعوانهم – من المنكرات. ولا يغرم أحد الرشوة بمثله فيما سلف ، وينفقون ما يجمعونه من ذلك فيما تهوى أنفسهم ، ولا يغرم أحد منهم شيئا للسلطنة ، بل يتوافر عليهم ، فلا يتخولون في مال الله تعالى بغير حق" – أي لا يحسنون القيام بالحق على مال الله " – ويحسبون أنهم على شيء ، بل يصرحون بأنهم أهل الله تعالى وخاصته افتراء على الله سبحانه . ) 
3 ـ وهذه شهادة المقريزي على رفاقه الذين تولوا منصب القضاء ، وكان شيوخهم في هذا العام : قاضي القضاة الشافعية شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن بن البلقيني ، وقاضي القضاة الحنفية ناصر الدين محمد بن عمر ابن العديم ، وقاضي القضاة المالكية جمال الدين عبد الله بن مقداد بن إسماعيل الأقفهسي‏،‏

وقاضي القضاة الحنبلى علاء الدين علي بن محمود بن أبي بكر بن مغلي الحمري. أسماء كبيرة مشهورة في عصرها ، وصفهم المقريزى  بأخذ الرشوة – وبالتالي بالظلم في إصدار الحكم ، يعوّضون ما دفعوه من رشاوى لتولى منصب القضاء ، ثم ينفقون الفائض من ذلك المال الحرام في المعاصي التي لم تكن معهودة من قبل ، ثم يعتبرون أنفسهم أولياء الله وأحباءه.

4 ـ فإذا فسد قضاة الشرع فكيف كان رجل الشرطة ؟

ثالثا : الشرطة أكابر اللصوص
    1  ــ والوالي في ذلك العصر كان يعني مدير الأمن فى العاصمة أو المقاطعات ، وكان هناك والى القاهرة وحدها ،أو القاهرة ومصر ، ثم ولاة الأقاليم   2 ـ يقول المقريزى : ( وأما والي القاهرة ووالي مصر وغيرهما من سائر ولاة النواحي ، فإن جميع ما يُسرق من الناس يأخذونه من السارق إذا ظفروا به ، فلا يأتون بسارق معه سرقة إلا أخذوها منه ، فإن لم تكن معه السرقة ألزموه مالا وتركوه لسبيله ، وقد تيقن أنه متي عثر صانع عن نفسه – أي دفع رشوة – وتخلص . ) إذن هو مفهوم جديدا في محاربة الجريمة ، أن يعاقب السارق بأن يسرق البوليس منه المسروقات ويطلق سراحه ، أى إن السارق الأكبر هو نظام الحكم ، والمسئولون فيه يسرقون من صغار (الحرامية ) . أو إن أكابر المجرمين يجعلون اصاغر المجرمين موظفين عندهم .
    2 ـ وعن تطبيق عقوبة السرقة وهي قطع اليد، يقول المقريزى : (  وصار كل من يقطع من السراق يده إنما يقطع لأحد أمرين : إما لقوة جاه المسروق منه ، أو عجز السارق عن القيام للولاة بالمال. )  أي ينفذ قطع يد السارق في حالتين إذا سرق السارق من أحد أكابر المجرمين أو إذا عجز السارق عن تقديم رشوة لأكابر المجرمين . أي إن الحرامى الجوعان مصيره قطع يده .!!

  3 : ـ أما حالة الولاة في الأقاليم والأرياف فكانت أسوأ . كانوا قطاع طرق بصريح العبارة، ولكن يرتدون الزى الرسمي للدولة وينهبون باسمها ، يقول عنهم المقريزي: ( ويزيد ولاة البر (أى الأقاليم ) على والى مصر والقاهرة بأخذ من وجدوا معه غنما أو أبلا أو رقيقا من الفلاحين أو العربان وغيرهم ، فإذا صار أحد ممن ذكرنا في أيديهم قتلوه واستهلكوا ماله ). أي لا يكتفي الوالي في الإقاليم والريف بنهب المال وإنما يقتل صاحب المال زيادة في الخير .! طبقا لشريعتهم .!

  4 : وأعوان الوالي كانوا أكثر فسادا وإجراما منه ، يقول عنهم شيخنا: (  ومع هذا فلأعوان الولاة في أخذ مال الناس أخبار لم يسمع قط بمثل قبحها وشناعتها ، حتى إنه إذا أخذ شارب خمر غرم المال الكثير ، وكذلك من ساقه سوء القضاء إليهم من المتخاصمين، فيغرم الشاكي والمشكو المال الكثير بقدر جرمه ، بحيث تبلغ الغرامة آلافا كثيرة ) أي إذا حاول مظلوم الشكوى لهم دفع غرامة لهم .

  5 :  وأين تذهب هذه الأموال المنهوبة ، يقول شيخنا: (  وجميع ما تجمعه الولاة كلهم من هذه الوجوه لا يصرف إلا في أحد وجهين : إما للسلطنة مصانعة – أي رشوة – عن أقامتهم في ولاياتهم ، أو فيما تهواه أنفسهم من الكبائر والموبقات ، وينعم أعوانهم بما يجمعونه من ذلك ، ويتلفونه إسرافا وبدارا في سبيل الفساد ، ويتعرض الولاة لمقدميهم ويأخذون منهم المال حينا بعد حين . )   
أى ينفقون ما يجمعون من المال السحت فى دفع رشاوى للكبار، وفى المجون .ويصادر اللص الكبير أموال اللص الاقل منه مكانة فى الوظيفة.

لأكابر المجرمين  رابعا : فساد القضاء السياسي
1 ــ بالاضافة للقضاء العادى الذى يتخصص فى الحكم فى منازعات الأفراد كان هناك القضاء السياسى حيث جرى العرف فى الشريعة أن من حق السلطان ـ ومن ينوب عنه ـ قتل من يشاء . بدأ هذا في القرن الأول الهجرى ، وإشتهر به الخلفاء الأمويون والعباسيون ، وإستمر تشريعا واقعيا ، أنتج فيما بعد الفتوى القائلة بأن للإمام ( أي الحاكم في الشريعة ) أن يقتل ثلث الرعية لاصلاح الثلثين.

2 ـ  في العصر المملوكى كان القتل لا يتوقف صراعا على السلطة وتأمينا للسلطان وأكابر المجرمين . المضحك أن بعضهم كان يحلو له إستخدام القضاة يحكمون لهم بقتل من يريد السلطان قتله  تحت شعار (سيف الشرع ) .

3 ـ وفى شريعة العصر المملوكى كانت للسلطان إدارة أخرى للنهب تتبعه شخصيا  يترأسها أمير مملوكى هو حاجب الحُجّاب وأعوانه من الحجاب . والويل لمن يكون مطلوبا عنده، أو أن يأتي به حظه السيئ إلى ديوانه . يقول المقريزي : (  وأما الحجاب فإنهم وأعوانهم قد انتصبوا لأخذ الأموال بغير حق من كل من يشكو إليهم وكل مشكو عليه ، فما من أحد من الحجاب إلا وفي بابه رجل يقال له " رأس نوبة " يضمن له في كل يوم قدرا معلوما من المال يقوم له به)  أي أن الحاجب يفرض على رئيس مكتبه – بتعبير عصرنا – مقدار معينا من المال وعليه أن يدفعه له ، ويقسم رأس النوبة أو رئيس المكتب ذلك المبلغ المفروض على أعوانه – وهم النقباء ، وأولئك النقباء يأخذون تلك الأموال من الناس ، ويطلق على تلك الأموال لقب " الإطلاق "، ومن يأتي به حظه التعس إلى أبوابهم يقع فريسة في أيديهم يسلبون أمواله بتلك الغرامات المالية وإلا كان الهلاك نصيبه ظالما كان أم مظلوما. ونائب الغيبة – أو الذي يقوم عن السلطان أثناء غيابه – يفعل مثلما يفعل حاجب الحجاب .. ويسير بنفس طريقته.  وصاحب الحجاب وقتها كان الأمير سودن قراصقل

خامسا : الاستادار من أكابر المجرمين
1 ـ الاستادار كان من الجناح المدنى من الفقهاء والقضاة ، وهو الذي يقوم على الشئون المالية للقصور السلطانية وما يدور فيها من إيرادات ومصروفات ولوازم للطعام وغيره ، وتحت تصرفه جيش من الموظفين ، يسلب بهم الأموال لينفق على قصور السلطان . وفى هذا العام  820 هجرية تجوّل الاستادار القاضي الأمير  فخر الدين بن أبي الفرج فى الريف المصرى ينهب كيف شاء .  

2 ـ يقول شيخنا عنه: (  وأما الاستادار، فإنه أمدهم باعا وأقواهم في الظلم ذراعا ، وأنفذهم في ضرر الناس أمرا ، وأشنعهم في الفساد ذكرا ، وذلك أنه خرج إلى الوجه البحري ففرض على جميع القرى فرائض ذهب ، قررها بحيث أن الجباية شملت أهل النواحي عن آخرهم ، ولم يعفُ عن أحد البتة . فما وصلت إليه مائه دينار إلا وأخذ أعوانه مائه دينار أخري ، ثم تتبع أرباب الأموال فصادرهم ، وأخذ لنفسه ولأعوانه مالا كثيرا ، ثم طرح على جميع النواحي بعد ذلك الجواميس التي نهبها ) أي الزمهم بشرائها، (  فقامت كل واحدة من الجواميس على الناس باثني عشر ألف درهم )  أي فرضها عليهم بسعر باهظ ، ( وأكثر ما تبلغ الجيدة منها إلى ألفي درهم !! فجبي من الوجه البحري على اسم الجاموس مالا جمّا) (  ثم أنه الزم الصيارفة ألا تأخذ الدرهم المؤيدى ) أي العملة المعدنية التي أصدرها السلطان المؤيد شيخ ( إلا من حساب سبعة دراهم ونصف وهو محسوب على الناس بثمانية دراهم)  أي تلاعب بسعر العملة، (  والزمهم أيضا ألا يأخذوا الفلوس إلا من حساب خمسمائة وخمسين درهما القنطار وهو على الناس بستمائة درهم ) ( وألزمهم أيضا ألا يقبضوا الذهب الافرنتى ( أي الدينار الإفرنجي ) إلا من حساب مائتين وثلاثين الدينار وهو معدود على الناس بمائتين وستين ، وإذا صرف لأحد ذهبا يحسبه عليه بمائتين وستين.)  أي تحكم في سعر العملة في الشراء والبيع كما يحلو له. ( ثم أنه كل قليل يلزم صيارفته ومقدميه ومباشريها وولاتها بمال يقرره عليهم في نظير ما يعلم أنهم أخذوه من الناس ، وكان كل مرة يصادر أموالهم ، وكان أولئك الأعوان على طريقته في سرقة الناس ، ومع كثرة مصادرته لهم كانوا يعيشون في ترف وينفقون الأموال في المعاصي. ). 
3 ـ بعد أن نهب الوجه البحرى سافر ذلك الاستادار في حملة نهب أخرى على قبيلة لهاتة في الصعيد ، وعاد ومعه الأغنام والبقر والجمال والخيل ، والزم أهل الوجه البحري بشرائها بالسعر الغالي الذي يحدده ، وهى تجاروة مربحة ؛ يسرق من الصعيد ويبيع ما يسرقه لأهل الدلتا ، ثم يعود الى الصعيد يمص دم أبنائه ، يقول المقريزي : (  وهو الآن يفرض على جميع بلاد الصعيد الذهب كما فرضه على نواحي الوجه البحري. ) . واستمر ذلك الاستادار في عمله ينهب الريف ويفرض ما ينهبه على الناس بأغلى الأسعار وشمل ذلك كافة البضائع من السكر والعسل والصابون والقمح ، ولا يكسب درهما إلا اكتسب أعوانه درهما أخر.

  4  ـ ثم التفت الى أهل القاهرة ، فشرع في نوع أخر من الظلم هو أقامة بناء منطقة بين السورين فى القاهرة ، فأخذ مواد البناء من التجار بلا ثمن ، وسخّر الناس في العمل بلا اجر . وجميع ما يكسبه ينفقه في الشهوات وفي الرشوة لأعوان السلطان.

سادسا : ثم يقول شيخنا :

(  وقد اختل إقليم مصر في هذه السنة خللا شنيعا يظهر أثره في القابلة – أي في السنوات القادمة – ومع ذلك ففي أرض مصر من عبث العربان ونهبهم وتخريبهم وقطعهم الطرقات على المسافرين وغيرهم شيء عظيم قبحه شنيع وصفه ، والسلطان بعساكره في البلاد الشامية يجول ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : " أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " . ويضاف إلى ما تقدم ذكره أن الطاعون فاش " أي منتشر " بدمياط والغربية والإسكندرية والإرجاف – أي الشائعات – بالإفرنج متزايد ، وأهل الإسكندرية على تخوف من هجومهم ، وقد استعدوا لذلك ، ولله عاقبة الأمور. )   
أخيرا :

1 ـ في كل زمان ومكان فإن معظم المال السُّحت ينتهى الى جيب السلطان ، كبير أكابر المجرمين . الأموال المنهوبة في عصر السلطان المؤيد شيخ آلت اليه .  

2 ـ عند موته وتغسيله لم يوجد له منشفة ولا ثوب يستر عورته . يقول المقريزى : ( واتفق في أمر المؤيد موعظة فيها أعظم عبرة، وهو أنه لما غسل لم يوجد له منشفة ينشف بها، فنُشّف بمنديل بعض من حضر غسله. ولا وجد له مئزر يستر    به عورته، حتى آخذ له مئزر صوف صعيدي من فوق رأس بعض جواريه، فسُتر به ، ولا وُجد له حتى طاسة يصب عليه بها الماء وهو يُغسّل ، مع كثرة ما خلفه من أنواع الأموال. ) .

3 ـ ألا من يعتبر يا أكابر المجرمين ؟!!. 

اجمالي القراءات 5615