معنى وحقيقة الإفتاء في القران العظيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ
سأقوم بسرد آيات (الافتاء) في القران الكريم ، ومن خلال سياق النص وما يحمل من معنى ومعاني سنكتشف معنى هذه الكلمة (الإفتاء) ومشتقات الجذر (فتي) مثل يستفتي ، الفتيا ، يفتي ، افتوني ، استفتي ... الخ في القران العظيم وليس من خارجه
هنا سرد لآيات معنى (الافتاء) في القران العظيم
النساء - الآية 127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْفِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا
- النساء - الآية 176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْفِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
- النمل - الآية 32قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ
- { يَٰصَٰحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْءَاخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } [يوسف: 41].
- { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٍ يَٰأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيَٰيَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } [يوسف: 43].
- { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } [يوسف: 46].
- { سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَٰهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا } [الكهف: 22].
- { فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ } [الصافات: 11].
- { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } [الصافات: 149].
الشرح والتعليق :
- الآية (1) تقرر ان طلب الاستفتاء في أمور الدين فقط يكون من الله وحده لا شريك له ، فيقرر الله في هذه الآية ، سبحانه وتعالى ، ويقول ان من يستفتيك يا محمد في أي امر (ومن الامور النساء) ، فقل يا محمد الله يفتيكم في هذا الامر (النساء) وغيره ، ولم يقل الله ، سبحانه وتعالى افتهم انت يا محمد ، اذن حتى العظيم محمد لم يجبهم الى ما سألوا عنه مستفتيين ، بل انتظر الوحي من الله ، سبحانه وتعالى ، ليخبره بالتشريع والحكم في امر النساء
- الآية (2) هنا في هذه الآية تقرر نفس الامر السابق في الآية (1) ولكن الموضوع مختلف هنا ، الا وهو موضوع الكلالة ، الآية (2) توكد المعنى السابق تماما في الآية (1) ، ففي الكلالة لا يستفتى الا الله ، سبحانه وتعالى ، ولا يفتي في الدين والتشريع والاحكام الا الله ، سبحانه وتعالى
- الآية (3) طلبت ملكة سبأ ان يفتوها في امرها بشان رسالة سليمان ، ان القضية هنا قضية قتالية دنيوية تحتاج الى خبراء حرب وسلام ورجال دولة يشرعون قوانين للدولة وليس تشريع الاهي ، ان الامر هنا يختلف عن الآية (1) و (2)
- الآية (4) هي افتاء يوسف بشان رؤية الاثنين اللذان دخلا معه السجن ، وهي علم الاهي خاص بيوسف وليس لغيره – الآية ( قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُون - يجب ملاحظة قول يوسف عندما قال ان ذلك الامر (الإفتاء في تعابير الرؤى) من ما علمه الله ، سبحانه وتعالى ، فهذا علم خاص ليوسف وليس لغيره ، ولم اجد اي نبي اعطي هذا العلم ، وهو علم تعبير الرؤى ، ان مفسري الاحلام كلهم كذابون دجالون وما جاء عن العظيم محمد من تفسير لا اعتقد بصحته ، الا اذا اعطي الرسول علم تعبير الرؤى ، واعتقد ان هذا لم يحدث – من هنا أي فتوى في الاحلام لا تحمل على الدين ولا على الحقيقة ابدا ، بل تحمل على الكذب والدجل واكل أموال الناس بالباطل
- الآية (5) رؤية الملك (سواء كان الملك مسلم او كافر) لم يستطع هو نفسه تعبيرها وكذلك اهل الدجل والكذب ممن حوله من الملأ لم يستطيعوا ، السبب انهم يعرفون حقيقة انفسهم بعدم القدرة على التعبير ، وكذلك يعرفون ان لو عبروا للملك ولم يتحقق كلامهم فسيكون مصيرهم القتل او الصلب وقبل ذلك التعذيب والخزي ، اما العامة والفقراء فهم الضحية لمثل هؤلاء من اهل الدجل اهل الاساطير والاكاذيب والخرافات ، ويوجد في زماننا ومن اتباع ديننا (الدين الختمي - دين محمد) من يدعي ذلك ويصوره على انه من دين الإسلام وهذا تلفيق
- ان تعبير الرؤى كان منتشر في زمان الملك وهذا واضح من قول الفتيان للعظيم يوسف ان يعبر رؤيتيهما ، فالخرافات والخزعبلات وتعابير الاحلام والعلاج بالرقى من الأكاذيب وكان منتشر منذ القدم ، من هنا نعرف ان تعبير الرؤية كان علم خاص بالعظيم يوسف – اما العظيم إبراهيم فقد لامه الله بقوله ، سبحانه وتعالى - وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَاَ– فالرؤى لا تعني شيء للأنبياء وليست من الوحي في شيء ، كما ان الآية تثبت ان الله ، سبحانه وتعالى لم يعطي العظيم إبراهيم علم تعبير الرؤى
- الآية (6) استفتوا العظيم يوسف حصرا ليفتيهم في الرؤية ، بعد ان ظهرت حقيقتهم المزيفة
- الآية (7) الله طلب من العظيم محمد ان لا يستفتي في علم الغيب احد غير الله ، الله وحده يعلم عدتهم ، ان الإفتاء في أمور الغيب والدين من حقوق الله ، سبحانه وتعالى ، وحده - فالإفتاء في أمور الغيب والافتاء في أمور تعبير الرؤى من قبل البعض هي في حقيقتها أكاذيب ودجل من قبل دجالين الافاكين
- الآية (8) طلب الله ، سبحانه وتعالى ، من محمد ان يستفتي من يدعوهم الى الإسلام اهم اشد خلقا ام من خلق الله (الملائكة) ، وهذا واضح من الآيات السابقة لهذه الآية وَالصَّافَّاتِ صَفًّا(1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) فَاسْتَفْتِهِمْأَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ (11)- ان الكلام هنا كله عن الملائكة – ان طلب الفتوى منهم والاستفتاء منهم هو دليل على انهم لا يملكون امر الإفتاء ، لان امر الإفتاء فوق طاقتهم ، ولو قال الله ، سبحانه وتعالى ، اسألهم لكان السؤال في مقدرتهم لأنه من أمور الدنيا ، فهنا كان التعبير الصحيح بطلب استفتاء وليس طلب سؤال ، لانهم حتما سيفتون فتوى كذبة
- الآية (9) طلب الله من محمد ان يستفتي من يدعوهم الى الإسلام هل البنات (الاناث) لله ، سبحانه وتعالى ، وهل البنون (الذكور) لهم – الحالة هذه بخصوص الاستفتاء كالحالة السابقة ، ان طلب الفتوى منهم والاستفتاء منهم هو دليل على انهم لا يملكون امر الإفتاء ، ولو قال الله اسألهم لكان السؤال في مقدرتهم ، فهنا كان التعبير الصحيح بطلب استفتاء وليس طلب سؤال ، لانهم حتما سيفتون فتوى كذبة
الخلاصة :
- لا يوجد هناك افتاء في دين الله ابدا ، بل اجتهاد في نصوص القران العظيم ، وهو الكلام الالاهي المنزل على رسوله العظيم محمد ، الاجتهاد في القران العظيم لمعرفة فتاوى الله فقط ، فالمفتي هو الله وحده لا شريك له
- قضية المفتين في الدين الختمي (دين محمد) :
ان من وضع نفسه مفتي للمسلمين فقد وضع نفسه مكان الله ، وعليه فورا ان يتوب ويستغفر ، وعليه ان يغير من فهمه ومن طريقة عمله ، يغير فهمه في كونه مفتي ومشرع ، ويغير طريقة عمله في حصر اجتهاده في نصوص القران عن طريق الاجتهاد في فهم النصوص واستخراج احكامها وتشريعاتها ومعلوماتها ، فمن وضع نفسه مفتي فقد اصبح شخص متاله ، وعليه انتظار عذاب الله
- مراكز ودور الإفتاء في الدين الختمي (دين محمد):
في الحقيقة تقوم مراكز ودور الإفتاء في جميع انحاء العالم بدور الالهة المشرعة لأسباب ، الأول انهم يتبعون مناهج تبتعد عن نهج الاجتهاد في القران حصرا ، والثاني ان هذه الدور والمراكز تتبع حكومات الدول والتي دائما تكون مسايرة ومداهنة لحكوماتها ، والثالث هو انه لا يوجد اجماع في الدين فدين الله واضح بين ويحتاج الى اجتهادات فردية (وقد تكون جماعية) في القران العظيم فقط وليس الى جماعة تجتمع على اصدار فتوى من خارج القران العظيم
ان الاجتماع على اصدار فتوى من قبل جماعة (الاجماع وهو ثالث مصادر التشريع) لا يكون أي اجتماع الا على ضلال ، الآية – (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) – فهم يضلون عن سبيل الله وليس عن سبيل الدنيا – فاذا اجتمع خبراء في الهندسة او الكيمياء او الطب ، على الغالب سيكون اجتماعهم على صواب ، اما في أمور الدين فاجتماعهم سيكون على ضلال
ان جميع هذه المراكز والدور على باطل وعلى خطأ عظيم ، ويجب ان تلغى من الوجود ، باستثناء الاجتماع على دراسة القران العظيم