آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ١٥ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
تخيل نفسك وأنت نائم ورأيت نفسك مقبوضا عليك بيد أشخاص ماثمين لا تعرفهم ، أشبه بداعش . بلا شك سيصيبك الرعب والهلع خصوصا وانت لا حول لك ولا قوة ، ومهما إستغثت فلا مجيب ولا منقذ . ثم تجد نفسك فجأة فى مكان لم تعرفه من قبل . هنا يزداد رُعبك وهلعك . هذا فى هذه الدنيا . بل أنت أحيانا ترى كابوسا مُزعجا تستيقظ منه مرعوبا تحمد الله جل وعلا أنه مجرد حلم .
ما يحدث عند الموت أفظع ، ولا يمكن تخيله . الذى يراه هو الذى يموت ولا يمكن أن يرجع الينا ليحكى ما رآه . وحتى لو إستطاع فلن يستطيع التعبير عما رآه ، لأن الذى رآه ــ وهم ملائكة الموت ـ لا يستطيع عقلنا الدنيوى تخيله ، ولا يستطيع اللسان البشرى التعبير عنه .
نحن لا نرى الملائكة إلا عند الموت ، ثم يوم القيامة .
رؤيتنا الأولى لهم تكون عند الاحتضار ـ ونحن ـ على بوابة الموت ودخول البرزخ . لذا يكون الفزع فى قمّته ، خصوصا ذلك الذى خسر فى إختبار الحياة . سيصرخ يرجو العودة للحياة وفرصة أخرى يصلح فيها ما أفسد ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ). (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)
) المنافقون ). المنافق بالذات ستصرب ملائكة الموت نفسه ـ والنفس هنا ستخلع ثوبها الجسدى الميت البالى ، وتتحرّر منه وتكون بطبيعتها البرزخية المساوية لنفس المستوى البرزخى الذى لملائكة الموت ، ولكن لها ملامح جسدها الدنيوى الذى خلعته ، يكون لها ملامح الوجه وملامح الجسد . ملائكة الموت تضرب نفس ذلك الميت الخاسر ، تضرب وجهه ومؤخرته وتبشره بعذاب قادم فى الآخرة ، يقول جل وعلا : (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) الانفال) ( ) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) محمد ).
المؤمن المفلح فى إختبار الحياة سيكون فى نفس الحالة من الهلع والرعب . ولكن تهدّىء ملائكة الموت روعه وتبشره بالجنة : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) فصلت ) عند الموت إما أن تكون مفلحا أى من أولياء الله وعندئذ فلا خوف ولا حزن : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس ). وإما أن تكون خاسرا ، أى من أولياء الشيطان ، وعندها ستندم حيث لا ينفع الندم . هذا ما سيحدث لكل فرد ، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ولا يعقلون .