خواطر حول مصرع البغدادي
ملاحظات حول مقتل البغدادي

المصطفى غفاري في الخميس ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا: الشكر الجزيل لأستاذنا احمد صبحي منصور لما اسداه لعقلاء البشرية منتمين لديننا وغير منتمين .في كتابه الرائع الرائد( جذور الإرهاب في العقيدة الوهابية) .فيه حفر عميقا في ارضية الحنابلة وكشط طبقات كثيرة من أقنعتهم - إن كان لهم من أقنعة .فهم يعيثون في الأرض فسادا بوجه مكشوف .لكن أكثر المحمديين ينظرون ولا يبصرون ! .كتابه هذا بالذات حقيق به وجدير أن يكون مرجعا عالميا لمراكز البحوث الاستراتجية الباحثة في شؤون الجماعات الإرهابية المتأسلمة  .يستحق ان  تقرر دراسته في الجامعات العالمية بعد أن يترجم لمختلف اللغات .لن ابالغ إذا زعمت أن أستاذنا بكتابه هذا وحده يستحق الترشح لنيل جائزة نوبل للسلام لو عرف القيمون على هذه الجائزة قيمة هذا الكتاب ومقدار فاعليته في تشريح المذهب الحنبلي وكشف عواره ! وكيف باستطاعته تلقيح قارئيه ضد فيروس التطرف والتاسلم والجهادية حينما يحدقون في وجه الحنبلية عار من الرتوش والمساحيق .حقائق هذا الكتاب وتحليلاته سلاح فتاك ضد هذه الآفة يفوق المقاربة الأمنية والعسكرية بمراحل  لأنه باستطاعته تغيير البرمجة العصبية لأي متطرف افتراضي  مهما كان شرط أن يلقي السمع وهو شهيد 

أبو بكر البغدادي الحاصل على الكتوراه في العلوم الشرعية الوهابية  ، أراهن أنه لو قرأ هذا الكتاب .لو تسنى له الاطلاع على حقائقه في لحظة صفاء ذهني وأقبل على دراسته بصدق وحياد الباحث عن الحقيقة .لما أقبل على مساره الدموي .ولكان له شأن آخر غير الذي ارتضاه لنفسه ! ولرجع لجادة الصواب ولانقلبت شخصيته من النقيض الى النقيض .لكن سحقا لهم وتبا .فهم يعتنقون المذهبية وإيديولوجيتها بعمى التقليد والآبائية ويخرون صما وعميانا على كل تراثها الفقهي وصحاح أحاديثها المفتراة !!.
- ثانيا-: مقتل البغدادي في مفارقة عجيبة غريبة لم يحرك ساكنا لدى من يعتقدون حق اليقين أن داعش وأبو بكره البغدادي صناعة أمريكية صهيونية ماسونية !! حتى إذا حاججتهم بالدليل الفاقع المفحم ( ولماذا تقتله أمريكا وتعتبره منذ اللحظة الاولى مطلوبها الأول في  العالم ؟؟؟ )  يجيبونك بكل وثوقية :( أمربكا قتلته لكونه انقلب عليها   وهي  استأمنته على أسرارها الخطيرة الحساسة  )!!!
هذه النوعية من الناس شبه أكثرية إن لم تكن كذلك ،مريضة لدرجة الهوس بنظرية المؤامرة .وللعلم.منظمة الصحة العالمية صنفت الاعتقاد المفرط بنظرية المؤامرة  مرضا نفسيا يستوجب العلاج .وأجمعت هيآت الطب النفسي الاكلينيكي أن مرض نظرية المؤامرة يطال شرائح واسعة من الناس في مختلف بقاع العالم .أهم اعراضه الافتقاد الى ملكات التحليل والمقارنة ،الاستقراء والاستنتاج .والاكتفاء بتفسير كل شيء بنظرية المؤامرة الماسونية ! شأنهم شان كل ذي عقل مسطح يرى العالم ببعد واحد .
أبو بكر البغدادي وتنظيمه نسخة  مستنسخة من باقي التنظيمات الجنيسة .كلهم يعيشون في عالم منسوخ .انظر الى البغدادي كيف نحت لقبا لنفسه  سيرا على أثر قدوته أبو بكر .سلفه وقد ساء سلفا ! كنى نفسه بكنيته واقترف افعاله وجرائمه من سبي وقتل وتحريق وتغريق !
-- المتضرر الاكبر من شرور داعش هم المحمديون .التنظيم لم يقتل من الأمريكيبن منذ الزرقاوي وحتى الآن سوى بضع مائات .في المقابل قتل مائآت الألوف من العراقيين والسوريين والأكراد والليبيين وغيرهم من العرب .سباياه من الأمريكيات والاروبيات عشرات فقط  .في حين بلغت الآلاف من العراقيات بمختلف اطيافهن والسوريات .ومع ذلك تطوعت أمريكا مشكورة فقتلته أصالة عن نفسها ونيابة عن كل العالم !!
.لماذا أصرت على مطارته حتى أوقتته في كمينها ؟ لماذا كان المطلوب رقم واحد من أغلب دول العالم .الجواب في القرءان الكريم 《 ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه》 لم يقل الله تعالى : فلن أقبله منه .مايعني الناس لن تقبله منه .السواد الاعظم من الخلق لن يقبل منه إجرامه في حق الإنسانية .لأن الكلمة التي تضادد الإسلام في القرءان الكريم هي الإجرام   .انظر لقوله تعالى《أفنجعل المسلمين كالمجرمين》   لأن البغدادي وتنظيمه قمة الإجرام .ابتغى الإجرام ضدا على الإسلام فلم يتقبل منه العالم ذالك مصداقا للآية الكريمة .ودعك من المفسراتيةالفقهية التراثية كيف تعاطت مع آية 《 ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه》 .ففهمهم للآية هذه ،أسس للإرهاب ولصناعة الدواعش على مر العصور ! منذ أول خليفة داعشي ابو بكر  .
البغدادي جسد جنون العظمة في أبهى حلله وهبله لحظة إعلانه نفسه خليفة للمسلمين .في خطبته الحقيرة من مسجد الموصل .نصب نفسه عنوة ورغما خليفة قائما على أمر مليار ومائتي مليون مسلم دون أن يصوت عليه أحد من خارج   خ لايا عصابته اليقظة والنائمة  .دون أن يرف له جفن أو تهتز فيه شعرة خجل !
عندما حط السيل جلمود صخرته من عال  وتدهورت أحوال رهطه وطهرت جيوب مقاومته من آخر شبر في العراق بعد أن بسط سيطرته على 32ألف كلم أو أكثر ،فرت فلوله مذعورة الى التخوم السورية .لم يجد ملاذا ولامأوى غير مدينة إدلب فاضطر  للاندساس بين أعدائه مكرها هو لابطل ،كان ما كان من أمر انكشافه،تسربت أخبارمخبئه فنزلت به قارعة مطارديه .وقع في قبضتهم ،صحيح جهات كثيرة تعاونت ونسقت للإيقاع به لكن ما يعلم جنود ربك الا هو ! .قصف من المروحيات وطائرات ،تبادل إطلاق النار مع مرتزقة حراسه .ماهي إلا ساعتان أو تزيد وإذا هو وجها لوجه أمام جنود الأمريكان .صعق وبهت الذي كفر ! ولات حين مناص ،فر مرعوبا لداخل الجحر ،هاجمته الكلاب المدربة  شعر البغدادي بالنقر في الناقور !! فذلك يومئذ يوم عسير .ففكر وقدر .فقتل كيف قدر .ثم نظر ثم عبس وبسر .ثم ضغط على الزر فانفجر .أشلاء،الى جحيم سقر!! .
المجرم البغدادي أصر إنهاء حياته بجريمة كبرى ،اصطحب معه ثلاثة اطفال نسفهم معه ،حتى خاتمته كانت بطعم الجريمة ! .ولا ننسى سيماء الخزي والعار والمذلة في هذا المشهد :  خليفة المسلمين تطارده كلاب الصيد مطاردة الفريسة  وهو يحاول اختراق النفق المسدود ،في لمح البصر مزق الخليفة كل ممزق تناثرت أشلاؤه لسان حالها يهمس  بشماتة  ( كما تدين تدان) .لم يكن بدعا من الممزقين إربا !! .أمريكا لم تقتله فقط اضرته لقتل نفسه ،ولست أدري ماذا التقطوا من شظاياه ،رجله يده ،رأسه ،مؤخرته ،كتفه قطعة من ظهره .لملموا أشتاته في كيس بلاستيكي .أصروا على إخضاع جيناته لتحليل الحمض النووي ،أكيد أنهم كرروه أكثر من مرة ،وجدوه يطابق المطلوب .
حرصا منهم ألا يتحول قبره إلى مزار للمتطرفين ورمز للإرهابيين وأيقونة للحاقدين ،ألقوا بجثته المفرومة إلى غياهب البحر بعد أن أقاموا له قداسا جنائزيا وفق الشريعة الإسلامية وهذه لعمري مكرمة ما كان أعداؤه المتأسلمون ليسدوها له لو أنهم نالوا منه !!.
اجمالي القراءات 4194