تمخّض جبل عبد الناصر فولد فأرا إسمه السيسى .!
1 ـ مهما كانت نياته طيبة ـ ولا يمكن أن تكون ـ فإن المستبد خائن لوطنه وعدو لشعبه . ومهما أحرز المستبد من إزدهار فهو الى إندثار ، ومهما أقام من إنجازات فهى خزعبلات .!.
2 ـ عبد الناصر إستغل الليبرالية المصرية فقام بإنقلاب عسكرى زعم فيما بعد أنها ثورة . وحكم مستبدا ، بدأ به حكم العسكر فى مصر الحديثة . قبله كانت هناك حرية سياسية وليبرالية فكرية ودستور ، وهذا كله يدخل فيما يعرف بالتحول الديمقراطى الذى يأخذ وقتا حتى ينتشر الوعى والتنوير بين الجماهير بالليبرالية وحرية الفكر . أجهض هذا التحول الديمقراطى المأمول عبد الناصر . قبله كان هناك ظلم إجتماعى ، وكان منتظرا أن تخف وطأته بتوسع الطبقة الوسطى وإنتشار التعليم والتنوير . عبد الناصر رفع شعار العدالة الاجتماعية بديلا عن الحرية ، أخذ من المصريين حريتهم وإنسانيتهم مقابل رغيف الخبز .! وبعد نصف قرن من موته زالت العدالة الاجتماعية وترسّخ زوال الحرية . توسع عبد الناصر فى التعليم ولكنه كان تعليما موجها نحو أيدلوجية إستبدادية إقصائية ، وإستخدم الإعلام والفنّ فى غسيل مخ مستمر للشعب ، فقدّسه الشباب ( وكنت منهم ) وأفقنا على نكسة 1967 . وعرفنا إنحراف المخابرات ، إذ إعترف بها عبد الناصر علنا . وسمعنا بالتعذيب فى السجن الحربى الذى كان ضحاياه ليس من العسكر أهل الحرب بل من المعارضين المدنيين . لم يكن مسموحا أن نناقش مساوىء السد العالى ومدى الحاجة الفعلية لإنشأئه مع وجود سد إسوان الذى حمى مصر من الفيضانات وإنحسارات النيل . ولم يكن مسموحا أن نناقش لماذا لم تتم علاج الآثار الجانبية للسد العالى . كما لم يكن يجرؤ أحد على مناقشة مدى الحاجة الى تأميم قناة السويس وهى مفترض ان تعود لمصر بعد عدة سنوات . لم يكن مسموحا أن نناقش سبب التأميم والتمصير والتهجير للمصريين اليهود والايطاليين واليونانيين الذى كانوا تنوعا مفيدا لمصر . لم يكن لأحد أن يناقش المستبد عبد الناصر الذى تحوّل الى إله . كنت وقتها فى فترة الجاهلية أشعر بالضيق من سماع أغان تمجّد فى مصر لأن عبد الناصر فى نظرى وقتها هو الأولى بالتمجيد والتقديس . حين سقط عبد الناصر فى نكسة 1967 كنت ضمن الجماهير الباكية التى خرجت تطالب بعودته بعد أن أعلن تنحيه عن السلطة . أذكر أن الصحف وقتها كتبت أنه عاد أقوى مما كان . وهذا صحيح ، ولكنه عاد بإستبداد أقوى . كان عبد الناصر فى قلبى إلاها ، ثم تحول بعد النكسة الى إله مكسور الجناح ، ثم بعد موته تحطمت ألوهيته تماما بعد أن أباح خليفته السادات الستار عن بعض مساوئه . عرفناه فاشلا فى كل شىء ، أضاع بإستبداده مصر . فى عصر السادات كرهت السادات وحكم العسكر . لم أنخدع بديمقراطيته الزائفة ( ذات الأنياب ) والتى كان يمتنُّ بها على المصريين . كنت ـ ولا زلت أراه ممثلا فاشلا . رسمت شخصيته فى مقال منشور هنا بعنوان ( أنور وجدى السادات ) . بالسادات هبطت مصر الى حضيض أعمق من حضيض عبد الناصر
2 ـ مساسل الهبوط فى الحضيض بدأ فى عهد عبد الناصر بإنفراده بالحكم وعزل الرئيس محمد نجيب الذى أراد رجوع الجيش الى ثكناته ليقوم الجيش بواجبه فى حماية الوطن ، وليس حكم الوطن . إنهزم عبد الناصر عام 1956 ، وقد دخلها بلا داعى نتيجة لتأميم قناة السويس ورفض أمريكا تمويل السد العالى ، وإعتبر هذه الهزيمة نصرا كنا نحتفل به يوم 23 ديسمبر . رأى عبد الناصر مصر ضيقة على زعامته فأصبح من قادة الحياد الايجابى وعدم الانحياز مع تبعيته للإتحاد السوفيتى ، ودخل تجربة فاشلة للوحدة مع سوريا ثم غاص فى حرب مهلكة فى اليمن أضاع فيها حياة الآلاف من الجيش المصرى ورصيد مصر الذهبى . ثم خرج من اليمن ليلاقى هزيمة غير مسبوقة عام 1967 ، وفيها أضاع سيناء . يخرج من فشل ليقع فى فشل . توالى مسلسل الهبوط والفشل فى حكم العسكر ( فى رئاسة السادات ) أحرز نصرا تكتيكيا فى 6 أكتوبر توّجه بهزيمة كبرى فى المفاوضات الى أدت الى اتفاقية كامب ديفيد . فى إدارة الحرب كان السادات مستبدا عنيدا فأتاح لاسرائيل ثغرة نفد منها شارون بجيش إسرائيلى حاصر الجيش الثالث المصرى فى السويس فاضاع العبور المصرى الى سيناء وبدا الأمر تعادلا بين الجيشين . فى مفاوضات السلام إستقال إثنان من وزراء الخارجية ( اسماعيل فهمى ومحمد ابراهيم كامل )، وصمم السادات العسكرى على رأيه فأضاع هباءا فى الاتفاقية دماء المقاتلين المصريين . ولا تزال سيناء خارج السيطرة الكاملة لمصر. ولم يسبق لمصر فى تاريخها الطويل أن فقدت سيناء . بل إن العسكر المملوكى وصل بأملاك مصر الى جنوب تركيا لتشمل الشام مع الحجاز . أى إن خيبة العسكر المصرى الحالى يضيق عنها الفضاء .!
3 ـ واصل مبارك الانحدار بالفساد والاستبداد ، وبدأ مشوار السرقة والبيزينيس . مبارك إستخدم ورقة الاخوان المسلمين ليخيف بهم الغرب فى الخارج والمعارضة السياسية والأقباط فى الداخل ، نشر دين الاخوان الوهابى فى المساجد والتعليم العادى والأزهرى ، تعرضنا للسجن والاضطهاد لأننا وقفنا ـ ولا زلنا ـ ضد الوهابية . بترسخ الوهابية ( دين الاخوان ) فى ثقافة المصريين كان الاخوان هم المعارضة البديلة عن قوى التنوير وحقوق الانسان . إستغلوا الثورة المصرية وهددوا العسكر الحاكم الذى اقصى مبارك / فإرتأى العسكر أن يتراجعوا خطوتين ليتيحوا للإخوان فرصة الحكم ، ليثبتوا فشلهم . وهذا ما حدث ، وكما سبق وقلته إن الإخوان ظلوا ثمانين عاما يتآمرون للوصول الى حكم مصرولم يفكروا ثمانين دقيقة كيف سيحكمون مصر . فشلوا وإنفضحوا فكان سهلا أن يصل السيسى للحكم على أكتاف الجماهير . وبالسيسى أصبح الجيش هو الذى يتحكم فى الثروة والسلطة بكل صراحة وبلا خجل ، . فهبطت مصر الى أعماق جديدة من الحضيض .
4 ـ تمخض جبل عبد الناصر العسكرى فولد فأرا هو (عبد الفتاح السيسى ) !.
4 / 1 : (عبد الفتاح السيسى ) هو الحاكم الوحيد فى العالم وفى التاريخ الذى حمله الشعب على أكتافه الى العرش فعاقب الشعب بالتعذيب والتجويع .!
4 / 2 : (عبد الفتاح السيسى ) هو الحاكم المصرى الوحيد الذى يبيع أجزاء من مصر ويقبض ثمنها ، وهو الذى تنازل عن حقوق مصر البحرية فى البحر المتوسط .
4 / 3 : (عبد الفتاح السيسى ) هو الحاكم المصرى الوحيد الذى أصبحت فيه مصر مدينة بمئات البلايين من الدولارات لا تكفى ميزانيتها لسداد أرباح الديون ، وستظل تدفعها أجيالا قادمة .
4 / 4 : (عبد الفتاح السيسى ) هو الحاكم المصرى الوحيد الذى يتسول من الشعب ومن الخارج ، ليقيم مشروعات وهمية محكوما عليها مقدما بالفشل . هى كلها طريقة للسلب والنهب ، لا فارق بين العاصمة الإدارية أو السجون التى يبنيها لتتسع للمزيد من المظاليم .
4 / 4 : (عبد الفتاح السيسى ) هو الحاكم المصرى الوحيد الذى جعل الجيش المصرى عارا . جعله يتخلى عن وظيفته الأصلية الشريفة ليعمل فى التجارة والصناعة ويجعل مصر كلها مملوكة للجيش . أنهى السيسى موضوع الشرف العسكرى للجيش المصرى . أصبحت إنتصارته الوحيدة فى توجيه سلاحه ضد الشعب المصرى الأعزل . ولأنه إنتصار مضمون فلم تعد هناك حادة لمعرفة الحرب الحقيقية وليتفرغ الضباط للبيزينيس . أصبحوا رجال الأعمال وليسوا رجال حرب فلم يسبق لأحدهم أن خاض حربا . ثم هم ليسوا رجال أعمال مهرة لأن عملهم قائم على إستخدام النفوذ السلطة ، وليسوا رجال أعمال شرفاء بل هم محترفو نصب . حضيض هائل قطعته العسكرية المصرية من الشرف الذى كان يمثله عبد المنعم رياض و سعد الدين الشاذلى و أحمد بدوى والجمسى وابراهيم الرفاعى الى العار الذى يمثله السيسى وضباطه .
4 / 5 : (عبد الفتاح السيسى )هو الحاكم المصرى الوحيد الذى جعل مصر تابعة لأمراء من نوعية ابن زايد وابن سلمان ، يتضاءل أمامهما خنوعا وخضوعا بينما يستأسد على الشعب المصرى الذى حمله الى مقعد السلطة .
5 ـ ظللت أكتب عن حضيض مبارك وعن أسفل السافلين للإخوان . والآن لا أجد وصفا للحضيض الذى أوصل السيسى مصر اليه . الآن هناك مقاول يفضح السيسى وضباطه ويظهرهم مجموعة من النصّابين ، يبعثرون فى أموال الشعب . هو مقاول صغير ، إختلف معهم فهرب وحكى بعض ما يعرف . ماذا لو هرب الكبار الذين يعرفون الكثير ..
نؤكدها أخيرا :
1 ـ تمخّض الجبل ( عبد الناصر ) فولد فأرا هو السيسى .
2 ـ الجيش الخائن هو الذى يستأثر بالسلطة و الثروة موجها سلاحه ضد الشعب إرهابا .
3 ـ هذا الجيش الخائن سيصل بمصر الى أعماق سحيقة من الحضيض ، لم نسمع بها من قبل . هل كان أحد يتصور ما فعله ويفعله السيسى منذ تولى السلطة فى مصر . ؟!
4 ـ أكتب هذا المقال اليوم 9 سبتمبر 2019 ليكون شهادة إضافية على عصر السيسى . كتبت متفائلا به ثم كتبت أهاجمه فى مقالات تم تجميعها فى كتاب عن ( شاهد على بضعة أشهر من حكم السيسى ) عام 2015 . من بعد نشر هذا الكتاب أشهد مصر تهبط من حضيض الى حضيض ..
5 ـ مصر فى إنحدارها المتواصل تكتشف أعماقا غير مسبوقة من الحضيض .