وحشية الفتوحات الأسبانية فى أمريكا : حين كانت أسبانيا محور الشّر

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٤ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

وحشية الفتوحات الأسبانية فى أمريكا : حين كانت أسبانيا محور الشّر

مقدمة

1 ـ هناك فتوحات علمانية وحشية مثل فتوحات المغول وتيمورلنك وما فعله الملك بالبلجيكى ليوبوليد فى الكونجو ، ناهيك عن هتلر. لا شأن لنا بهذا هنا ، كما قلنا نقتصر على الفتوحات التى تحمل شعارا دينيا مثل فتوحات العرب والعثمانيين وغارات القرامطة والوهابيين ..والأسبان.

2 ـ العرب والعثمانيون فى فتوحاتهم لم تشمل مذابحهم المستضعفين إلا قليلا . أما القرامطة والوهابيون والأسبان فى غاراتهم وفتوحاتهم فلم يرحموا المستضعفين فى الأرض .

3 ـ لم يكن للقرامطة والوهابيين فى الدولة السعودية الأولى نفس الأسلحة القادرة على قتل الجميع مثل ما كان للأسبان . لذا كان ضحايا الأسبان فى فتوحاتهم أضعاف ما كان للقرامطة والسعوديين فى الدولة السعودية الأولى . وهناك فرق آخر بين قوتى الشر فى اسبانيا ونجد ، هى أن ضحايا القرامطة والوهابيين فى الدولة السعودية كانوا من المحمديين فى شبه الجزيرة العربية والشام والعراق ولم ينج منهم الحجاج الى البيت الحرام . أما الأسبان فقد كان ضحاياهم فى الأغلب من خارج الكاثولوكية سواء من المسلمين واليهود وشعوب أمريكا الجنوبية . العرب حين فتحوا اسبانيا لم يقيموا مذابح لسكانها ، ولكن الأسبان حين إستردوا الأرض أقاموا مذابح للسكان الذين عاشوا فى هذه الأرض طيلة ثمانية قرون ، ثم أقاموا مذابح لمن لم يعتد عليهم من شعوب أمريكا الوسطى والجنوبية.

4 ـ فى عصرنا وفى تمدد الوهابية فى الغرب والشرق طال الارهاب ضحايا من الغرب ، وبإستعمال الأسلحة الحديثة ، وهناك مخاوف جدية من حصولهم على أسلحة دمار شامل ـ والذى ينتحر ليقتل الآخرين الأبرياء ليس عسيرا عليه أن يدمر الجميع حتى لو كانوا من نفس دينه ومذهبه. وهناك عقيدة ( التترس ) السنية التى تبيح وتستحل قتل إبناء المذهب الواحد والدين الواحد إذا كان فى هذا قتلا مضاعفا للعدو، وهذا ما تمارسه حماس فى غزة .

5 ـ وانتهت حقبة الاستعمار الاسبانى بتخلص الأسبان من الاستبداد الكهنوتى ، وأصبحت شناعة الأسبان فى تعاملهم مع المسلمين والأنكا والأزتك والمايا مجرد تاريخ مضى ، هم ضمن الذين ينتقدونه . أما العرب والمحمديون فهم يعتبرون نقد ما فعله أسلافهم كفرا ، ولذلك فهم لا يزالون فى غيهم يعمهون ، لم يخرجوا من ظلمات العصور الوسطى بعد ، لا يزالون يقتتلون ، وكل منهم يحسب أنه يحسن صُنعا. الشعوب المسيحية فى أمريكا اللاتينية والتى عانى أجدادها من الأسبان يكرهون أولئك الاسبان ولا ينسون الظلم الذى حاق بأسلافهم . أما شعوب المحمديين فهى تقدس الخلفاء الفاسقين الذين إحتلوا بلادهم وقتلوا الأبطال المدافعين عن أوطانهم وسلبوا ثرواتهم وإسترقوا نساء وبنات وأطفال المقاتلين .

6 ـ نعرض الى لمحة سريعة من شنائع الأسبان مع شعوب فى أمريكا لم تعتد عليهم ولم تسمع بهم أصلا ، ففوجئوا بالأسبان يقتحمون عليهم ديارهم يقتلون ويسلبون بلا شفقة ولا رحمة ، ومعهم القساوسة الكاثوليك يشجعونهم على المزيد لإبتغاء مرضاة ( الرب ).

7 ـ هذا الرب ليس سوى الشيطان المريد. هو نفس الشيطان المريد الذى سول للعرب والعثمانيين قتل الأبرياء وإحتلال ديارهم وقتل المستضعفين بعد هزيمة الجنود المدافعين عن أوطانهم.

أولا : الاسبان وشعب الأنكا

1 ـ إستمرت إمبراطورية الإنكا من عام 1100 حتى قضى عليها الأسبان عام 1532 . كانت تضم ما يعرف الآن ب بيرو وبوليفيا والإكواودور . وبلغت مساحتها ما يقرب من مليون كيلو متر مربع.

2 ـ أرسل الأسبان حملة إستكشافية يقودها فرانسيسكو بيزارو ومعه 183 رجلا فقط.  شعب الأنكا إستقبل القائد الأسبانى العسكرى بيزارو بالترحاب ، إعتقدوا أنه تجسيد لإلاههم . وتسابقوا فى تقديم الهدايا لهم ، وكانوا يضعون سبائك الذهب والفضة طعاما لخيول الأسبان. طمع الأسبان فى ذهب شعب الإنكا ، فإختطفوا الملك الذى رحب بهم وطلبوا فدية ، و تم أفتداء الملك بغرفه مليئه بالذهب. وقدرت القيمه التى دفعت بحوالى 600 الى 650 طن من الذهب والمجوهرات , وحوالى 280 مليون عمله ذهبيه , ورغم هذا فلم يتم إطلاق سراح الملك بعد دفع الفدية . كل ما سمح به القائد الأسبانى أن يتم إعدام ملك الأنكا بالشنق وليس الحرق. وعاد  ثلاثة من الأسبان من عاصمة الأنكا ( كوزكوا ) وقد سرقوا من معبدها أطنانا من الذهب يحملها مائتا رجل هندى.  

ثانيا : الأسبان وشعب الأزتيك

1 ـ كان الأزتك يعيشون فى وادى المكسيك .

2 ـ من كوبا جاء الإسبانى كورتيز مستكتشفا ومعه حوالى 500 جندى و16 حصانا ومدفع . وكالعادة إعتقد شعب الأزتك أن الأسبان آلهة وأن سفنهم معابد ، فأرسل ملك الأزتك ( موتوكوزوما ) هدايا ذهبية ونفائس يحملها مبعوثون معتقدا أنه بهذا يتقى غضب هذه الآلهة.!، فما كان من كورتيز إلّا أن قبض على حاملي الهدايا وأطلق نار المدفع أمامهم فخروا مغشيا عليهم . وهزم الأسبان الملك الأزتكى  ( موتوكوزوما ) فى معركة تشولولا، وأباد كورتيز سكان هذه المنطقة ودمر معبد هوتيز يلوبوشتلي إله الحرب لدى الأزتيك ووضع صورة السيدة مريم العذراء بدلا منه. أرعبت مذبحة تشولولا بقية قبائل الأزتك ، فخضعت .  ودخل كورتيز عاصمة الأزتك ورحب به ملكها فى القصر والذى كان متخما بالمجوهرات والذهب والنفائس ، لم يهتم الاسبان بالمجوهرات ، قاموا بصهر الذهب وإرساله الى الملك الاسبانى شارل الخامس . وفى أحد إحتفالات الأزتك الدينية والتى تتضمن تقديم ذبائح بشرية إرتعب القائد الأسبانى مما يرى ففتح النار على المحتفلين والكهنة الأزتك فقتل اكثر من عشرين ألفا.

 3 ـ  وثار شعب الأزتيك وقتلوا ملكهم ( موتوكوزوما ). وحاصروا كورتيز وهو يقوم بتجميع ما يقدر عليه من الذهب قبل ان يهرب الى اسبانيا ، ونجح كورتيز فى الهرب ، وعاد بقوة أكبر يحاصر عاصمة الأزتيك ، واسر الأسبان الملك كواهتيموك وظلوا يعذبونه حتى يعترف لهم بمخابىء الذهب ، وبعد أن عرفوها قتلوه.

4 ـ واستولى كورتيز على العاصمة الأزتكية تينوشتيتلان ، ونسفها بيتا بيتا ، وبنى مكانها مدينة مكسيكو ، وأعدم من لم يسلم نفسه من سكانها، ومن سلم نفسه أصبح عبدا يعمل فى مناجم الذهب والفضة.

5 ـ وبالاسبان انتشرت امراض جديدة بين السكان فقضت على الآلاف منهم ، ومن بقى حيا تعرض لمحاكم التفتيش الاسبانية وأرغموه الى دخول الكاثولوكية . وبهذا دمّر الأسبان حضارة الأزتك وثقافتهم.  

ثالثا : الأسبان وشعب المايا

1 ـ سكن شعب المايا فى وسط أمريكا فيما يعرف الآن ب جواتيمالا وهندوراس والسلفادور ، وكانت لديهم حضارة يقدر تاريخها بحوالي 3000 سنة. إستغرق إخضاع المايا للاسبان 170 عاما ، حيث عاش المايا فى ظل نظم حكم مختلفة ومستقلة كل منها قاوم الغزو الأسبانى، والذى كان مدفوعا للإحتلال والسلب والنهب على أنها إرادة ( الرّب ).!

رابعا : ننقل بعض شهادات تنتقد فظائع اسبانيا

1 ـ  يقول القسيس لاس كازاس في وصف السكان الأصليين: ( كانوا أكثر شعوب ذلك الزمان براءة وطيبة، وقد كان هذا مقتلهم. فكلما سمعوا بوصول الإسبان خرجوا إليهم مرحبين يحملون الهدايا. وكان الإسبان دائمًا يأخذونها ويقتلونهم على الفور، أو يدعونهم إلى سفنهم ليبحروا بهم ويبيعوهم عبيدًا . وكان هذا الأمر يتكرر في معظم القرى والمدن الهندية.)

 ( إن هذه الشعوب أسعد أهل الأرض، وإن بلادهم أسلم بلاد الله وأكثرها طمأنينة… إنها شعوب رضية لا تعرف الشر، طيبة بالغة الوفاء، بل إنها أكثر الشعوب تواضعًا وصبرًا ومسالمة وسكينة… إنها لا تعرف الضغينة ولا الصخب ولا العنف والخصام… شعوب تجهل الحقد وسوء الطوية، وتعف عن الثأر والانتقام. شعوب مرهفة ناحلة هزيلة لا تطيق أجسادها الرهق وسرعان ما يهلكها المرض… ولقد غشي الأسبان هذه الخراف الوديعة غشيان الذئاب والنمور والأسود الوحشية التى لم تجد طعامًا أيامًا وأيامًا ..)

(لقد أزهقت أرواح هؤلاء الأبرياء دون اى ذنب يذكر.  لقد قتلوا فقط من اجل الذهب ومن اجل إن يغتني الغزاة الوحشيون على حساب دماء هؤلاء الأبرياء . لقد نكلوا با الهنود الحمر شر تنكيل .)     

( وان المرء لا يستطيع إن يتخيل أبدا إن في قدرة البشر إن يقوموا بمثل هذا التخريب .لقد عشت في بلاد هذه الشعوب الهندية أكثر من خمسين عاما وشاهدت بأم عيني ما ارتكبوه من فضاعات وجور .  )

(  قتل المسيحيون كل هذه الأنفس البهية وفتكوا كل ذلك الفتك باسم الدين ليحصلوا على الذهب ويكتنزوا الثروات ويصلوا الى مراكز اكبر من أشخاصهم إن جشعهم وتطاول شهواتهم الجامحة أودى بهم إلى احتقار هذه الشعوب المتواضعة الحالمة الودودة ونهب ثروات هذه الأراضي الخصبة البهيجة  .. اننى أقول الحقيقة لانى شاهدتها بأم عيني كان المسيحيون ينظرون إلى الهنود الحمر كما لا يظرون إلى الحيوانات . وباليتهم اعتبروها حيوانات ، بل اقل قدرا من الدواب وأحط شانا من الزبل ) .

( يزعمون إن الله هو الذي أرسلهم لفتح هذه البلاد الآمنة المطمئنة , وانه هو الذي وهبهم حق تدميرها ونهب خيراتها . أنهم لا يختلفون في ذلك عن أولئك يقتلون ويسرقون ثم يقولون : "مبارك هو الرب لقد صرنا أغنياء )

أخيرا

1 ـ هل يستطيع شخص من المحمديين أن ينتقد فتوحات الخلفاء ( الفاسقين )؟

2 ـ لهذا تقدم الغرب بعد أن نظر للسلف على انه ليس السلف الصالح بل السلف الفاسد الذى لا بد من نقده .

3 ـ المحمديون يقدسون مجرمى الفتوحات ويؤمنون بتقسيم العالم الى معسكرين. وبسببهم وصلت التفجيرات الى الغرب فأحيوا ما كان كامنا من التعصب الصليبى . وظهر هذا فى ثقافة السفاح مرتكب مذبحة المسجدين فى نيوزلنده.

4 ـ  ( هى بضاعتنا رُدّت الينا ) .!.

اجمالي القراءات 6481