منذ خمسة آلاف عام .. أنجب رجل عدة أبناء ذكور، أحدهم يدعى "سلوقي"، كان منبوذاً من أهله، لميل بشرته إلى السمرة، وعنفه، وظلمه، حتى طرده أبوه في البادية وحيداً من دون أهله، فخرجبخنجره باحثاً عن عالم جديد في البادية، وظل يحصل على خراف وماعز إما عنوة أو سرقة، حتى كون جزء لا بأس منه من القطيع.
وعندما أصبح عمره 20 عاماً، وجد فتاة وحيدة فتزوجها، ثم إلتقى بنساء أخريات كن جواري ضالات، فعاشرهن عشرة الأزواج أيضاً، وأنجب من كل نساءه عشرة ذكور.
وبعد 20 عاماً أخرى، أنجب كل ذكر عشرة ذكور، فأصبح عدد أبناء "سلوقي"، يتجاوز المائة رجل.
وبعد 20 عاماً ثالثة، أنجب كل ذكر من المائة عشرة ذكور آخرين، فتجاوز تعداد أبناء "سلوقي"، الألف ذكر.
وبعد 20 عاماً رابعة، أنجب كل ذكر من الألف عشرة ذكور، فتجاوز عدد "السلوقيين"، العشرة آلاف رجل.
وبعد 20 عاماً خامسة، أنجب كل ذكر من العشرة آلاف عشرة ذكور، فتجاوز عددهم المائة ألف سلوقي.
بلغ "سلوقي" من العمر أرذله، شاهد خلاله ذريته التي كبرت، فأصبحت قوة لا يستهان بها، ومات "سلوقي"، تاركاً خلفه ذرية إنقسمت إلى عدة قبائل، فكانت :
قبيلة "الأعنق"، وقبيلة "الدرباسُ"، وقبيلة "العَمَلّسُ"، وقبيلة "العربج"، وقبيلة "القُطرُبُ".
ومع ندرة الماء والبوادي، أصبحت قبائل "السلوقيين"، تتقاتل فيما بينها، بينما قررت قبيلة "العربج"، وقبيلى "الأعنق"، أن يتحدا فيما بينهما، فيصبحا قوة واحدة، إذ أن جديهما .. "الأعنق"، و"العربج"، كانا أخوين، وأبناؤهما أولاد عمومة، لذا اتحدا وكونا دويلة صغيرة، أسموها "دويلة سلوق".
هابت جميع القبائل "دويلة سلوق"، جتى الدول المحيطة بها، إحترمت وحدة الدويلة الحديثة، وقررت ألا تهاجمها.
وإختارت القبيلتان "الأعنق والأبرج"، ملك من بينهما، فكان .. "مستطير"، أحد أبناء قبيلة "الأعنق"، على أن يتزوج من إبنة شيخ قبيلة "العربج"، وكان إسمها "عسبورة"، إلا أن "عسبورة"، لم تلد لـ "مستطير"، ولداً يرث الملك من بعده، بينما ولدت له أربعة بنات !.
فذهبت لأبيها تخبره خشيتها من أن يتزوج "مستطير"، من غيرها، باحثاً عن الولد، ووإن تزوج من غيرها فلن تكون من قبيلة "العربج"، وبالتالي سيظل الملك قابعاً في أبناء قبيلة "الأعنق" !.
تفهم الأب أسباب تخوفات إبنته، بل وشاركها مخاوفها، وبدأ كلاهما يبحث عن حل، حتى لايذهب المُلك عن قبيلتهم، فتساءلوا أولاً .. من سيرث "المستطير" في الملك إن لم يكن له ولد، فكان أخاه "ديسم"، هو من من سيكون الملك.
فإذا بشيخ قبيلة "العربج"، يأتي بــ أبناءه الذكور، وبــ إبنته "عسبورة"، طالباً منهم الخروج بحل للمعضلة، وتوصل الشيخ وأبناؤه الذكور إلى ضرورة التخلص من "ديسم"، شقيق "مستطير" أولاً، ثم التخلص من "مستطير" نفسه، وعرض الشيخ على إبنته "عسبورة"، أن توهم "ديسم" بالحب، حتى يُصدقها، فتحدث فتنة بين الأخوين "مستطير" وشقيقه "ديسم" !.
ونجحت "عسبورة" في تنفيذ خطة الشيطان، حتى قتل "مستطير" شقيه "ديسم" بدم بارد، ظناً منه أن أراد خيانته مع زوجه "عسبورة".
حتى جاء يوم قرر فيه "مستطير"، الزواج بأخرى من قبيلته، لتأتي له بوريث للعرش، فقد قتل الملك شقيقه "ديسم" !.
وتم زواج الملك من فتاة إسمها "كسبة"، والتي حملت سريعاً، إلا أنها وفي منتصف حملها، أغارت عليها عصابة من قطاع الطرق فاختطفوها، أثناء ذهابها مع وصيفاته للتنزه بأحد الحدائق، وكان الإختطاف بإيعاز من قبيلة "العبرج".
جن جنون الملك "مستطير"، إنه لا يخشى من فقدان زوجته "كسبة"، وإنما يخشى على إبنه القادم "نوفل"، من القتل أو الضياع.
وبعد شهور من إختطاف "كسبة"، إذ بها تضع حملها، فكان ولداً أسمته "نوفل"، كما أراد أبوه، وبينما وهي ترضع "نوفل"، وسط الجبال، عقر دار قطاع الطرق، إذ بغارة تقع على اللصوص من قبيلة "الدرباس"، فيخلصوا "كسبة"، ووليدها من الأسر، ويرسل شيخ قبيلة "الدرباس"، مرسالاً للملك "مستطير"، ليبشره فيها بخلاص زوجته، وولده من الأسر، إلا أن المرسال مر أولاًعلى شيخ قبيلة "العبرج"، فعلم منه ما كان.
وهناك قرر أبناء قبيلة "العبرج"، قتل الملك "مستطير"، وكُلف "سرحوب" إبن شيخ قبيلة "العبرج" بتنفيذ الجريمة وتحقق الأمر وقتل "مستطير" غدراً، لأنه ما كان يتوقع أن يقتل بخنجر من شقيق زوجته.
مات "مستطير"، بعد أن قتل "ديسم" أخاه ظلماً وإفتراءاً، والذي كان حصناً يلوذ عنه في كل شدة، لكن .. بيد أن الناس قد عرفت، أن "سرحوب" هو من قتل الملك "مستطير".
في النهاية عرف الجميع خطة قبيلة "العبرج" للوصول للملك، وما فعلته "عسبورة" !، فما كان لقبيلة الأعنق أن تقبل بحكم أبناء قبيلة "العبرج"، بعد أن قتلوا ملكهم، فدخلوا مع بعضهما البعض في حرب ضروس، لسنوات، غير منتبهين .. أن "كسبة" ووليدها "نوفل"، يعيشان بأمان في قبيلة "الدرباس".
شادي طلعت