( معسكر الشّرّ الارهابى ) (1 ) ( اردوغان )
مذبحة نيوزلنده ومشارف حرب عالمية جديدة ومختلفة . ندعو الله جل وعلا ألّا تحدث
مقدمة :
1 ـ معسكر الشّرّ الارهابى أغلبه فى بلاد المحمديين الذين تسيطر عليهم الوهابية . وهم مختلفون سياسيا ، منهم أنظمة حكم كالسعودية وباكستان ومصر ومنهم ساعون للحكم معادون لأنظمة الحكم القائمة مثل الاخوان المسلمين وسائر تنظيماتهم السرية والعلنية والقاعدة ، ثم مؤخرا داعش التى نجحت فى إقامة دولة ( مؤقتة ) لم يلبث أن سقطت مع بقائها أيدلوجية ونموذجا قابلا للتكرار.
2 ـ ولكن يقف ( اردوغان ) نموذجا فريدا فى معسكر الشّرّ للمحمديين . قام ضده إنقلاب عسكرى (علمانى ) يريد العودة بتركيا الى علمانيتها التى ترسخت من عهد كمال أتاتورك ، كتبت مقالا هنا أتمنى أن ينجح الانقلاب لأنه أخف ضررا من أردوغان الوهابى ، قلت إن الانقلاب العسكرى ليست له أيدلوجية دينية ، وسيسقط بنفسه ولو بعد حين ، ولكن فى حكمه ستبرأ تركيا من وباء الوهابية الآخذ فى الانتشار، وتكون اصلح للتحول الديمقراطى الذى قطعت فيه شوطا من قبل، أما نظام أردوغان العلمانى إسما فسيتحول الى حكم دينى وهابى يستأصل الديمقراطية ويؤسس لدولة دينية بخليفة عثمانى وسلطان عثمانى . لذا أصف أردوغان بأنه ( السلطان العثمانى تحت التأسيس ) .
3 ـ الوهابيون نوعان : نوع صريح مباشر مثل داعش والقاعدة ، ونوع منافق يتعامل بوجهين ، يتحدث عن مواجهة التطرف والارهاب وهو يقصد منافسيه فى الحكم ، وهو فى نفس الوقت ينشر دين الارهاب الوهابى . هذا هو الأخطر لأنه يخدع الناس . أردوغان ينتمى الى هذا الصنف المخادع المنافق . موقف اردوغان من مأساة المذبحة فى نيوزلنده تضعه إماما فى معسكر الشّر الوهابى . ونعطى بعض التفصيل :
أولا : إستغلال المذبحة لأغراض إنتخابية بإعتباره حامى حمى الاسلام
1 ـ مأساة هذه المذبحة تستوجب التعاطف مع الضحايا وأهاليهم ، وهذا ما ظهر من نيوزلنده ورئيسة وزرائها وأخرين على مستوى العالم . ولكن أردوغان بإنتهازية سياسية مقيتة إستغل الماساة فى دعايته الإنتخابية لحزبه ( العدالة والتنمية ) ، قام بعرض فيديو المذبحة ليتكسب من دماء الضحايا. وإستغل إسم الاسلام فقال بعد إنتهاء العرض: ( كل زعماء العالم حتى الأمم المتحدة قالوا إن هذا إعتداء على الإسلام والمسلمين، لكن لم يقولوا إن المهاجم إرهابي مسيحي... لو كان المهاجم مسلماً لكانوا وصفوه فوراً بأنه إرهابي مسلم ) . وقال : (الإسلام دين السلام، ولا يمكن أن يوضع جنبًا إلى جنب مع الإرهاب . ) هى كلمة حق يراد بها باطل.!
2 ـ كما شن أردوغان هجوماً لاذعاً على زعيم المعارضة، كمال كليجدار اوغلو، متهما إياه بالوقوف في صف من وصفهم بكارهي الإسلام.
3 ـ وآتت حملة أردوغان ثمارها السيئة فى تركيا ، خصوصا وأن معظم وسائل الإعلام موالية للحكومة، فصورت أردوغان باعتباره مدافعاً عن المسلمين ، وصدرت إحدى التركية بعنوان: ( بينما نقف إلى جانب ضحايا الإرهاب في نيوزيلندا الغرب يلتزم الصمت
ثانيا : الهجوم على استراليا بإعتباره حامى حمى الاسلام
1 ـ السفاح إسترالى ، ولكن لم تبعثه حكومة استراليا لارتكاب جريمته ، ومن الطبيعى أن تستنكر إستراليا هذه المذبحة ، ومن الطبيعى أيضا أن يبادر أردوغان بالهجوم على استراليا بإعتباره حامى حمى الاسلام.
2 ـ وصف اردوغان المذبحة بأنها جزء من هجوم أكبر على تركيا والإسلام ، كأن تركيا هى الاسلام .! وقد قال فى تجمع انتخابي في مدينة جان قلعة (غربي تركيا)، في ذكرى مرور 104 أعوام على معركة جاليبولي التي هزمت فيها الدولة العثمانية الجيوش الأسترالية والنيوزيلندية وغيرها، "إنّ مجزرة المسجدين ليست حادثا معزولا، إنّها مسألة أكثر تنظيما"..). وكررت صحيفة تركيا ما قاله اردوغان فزعمت أن الهجوم جاء في إطار نظرية المؤامرة وادعت أن أجهزة الاستخبارات الغربية متورطة في الهجوم.
2 ـ فهمت إستراليا خطورة ما فعله وما قاله أردوغان ، وأنه فتوى سياسية تحرض على استراليا ، فإستدعى رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون السفير التركي ببلاده معتبرا أن تصريحات أردوغان "مهينة للأستراليين ومتهورة خصوصا في الظروف الحساسة الحالية"، وطالب بحذف تصريحات أردوغان من وسائل الإعلام التركية الرسمية ، وقد فهم نبرتها التحريضية . وقال إن جميع خيارات الرد مطروحة على الطاولة وأنه "ينتظر رد الحكومة التركية قبل اتخاذ خطوات أخرى. أى رد على التهديد التركى بتهديد مماثل. وكان هذا يوم الأربعاء 20 مارس/2019 .
ثالثا : الهجوم على نيوزلنده بإعتباره حامى حمى الاسلام
1 ـ منذ الإعلان عن المذبحة نرى اردوغان وقد شغل العالم بتصريحاته التى أثارت شحنا يصب فى تغذية مشاعر الكراهية ، بل ويهاجم نيوزلنده ، وهى بكل ما فعلته يجعلها جديرة بتزعم معسكر الخير ضد الارهاب. لذا نجعل أردوغان إماما من أئمة دعاة الارهاب فى معسكر المحمديين . أردوغان لم يسكت كما سكت خكام المحمديين . لو سكت مثلهم كان خيرا له ، ولكنه أثار صخبا وجدلا وضع به الزيت على النار المتقدة فى النفوس.
2 ـ فى تحريضه للمحمدين الوهابيين ليكونوا طوع أمره قال أردوغان: ( لو كان المسلمون متضامنين لما كانوا شنوا علينا مثل هذه الهجمات، لكن لو ظل المسلمون مشتتين يمكنهم القيام بمثل هذه الهجمات علينا. لذلك سنبقى متحدين ومتضامنين ونرعى بعضنا . ) وهو ترديد لعقيدة معسكر الايمان والسلام ضد معسكر الكفر والحرب.
3 ـ واشار الى نيوزلنده وإستراليا مهددا . قال : (إن أي متشدد معاد للإسلام من أستراليا أو نيوزيلندا يحاول مهاجمة تركيا ذات الأغلبية السكانية المسلمة سيعود إلى بلاده بأكفان ).!
4 ـ وقال مهددا نيوزلنده : ( سنحاسب منفذ مذبحة المسجدين إذا لم تحاسبه نيوزلنده ). قال هذا بالرغم الاستحسان الذى إستحقته رئيسة وزراء نيوزلنده . اردوغان سياسى ويعرف حدود السيادة لأى دولة ، وأن محاكمة السفاح هو من صميم سيادة نيوزلنده على أرضها ، وهى تقوم بذلك . كما أن أردوغان لم يقل كيف سيحاسب السفاح . هل سيقوم بإختطافه أو بقتله فى نيوزلنده معتديا على سيادة دولة نيوزلنده .
5 ـ وفى إطار تزعمه للمحمديين ضد الغرب:
5 / 1 : قال أردوغان عن نيوزلنده والغرب : ( إنّهم يختبروننا بالرسالة التي يبعثونها لنا من نيوزيلندا، على بعد 16500 كيلومتر"، وأشار مرارا إلى الهجوم باعتباره مؤشّرا إلى تصاعد موجة عداء للإسلام تجاهلها الغرب.
5 / 2 : أفادت الرئاسة التركية بأن الرئيس رجب طيب أردوغان قرر إرسال نائبه ووزير خارجية بلاده على رأس وفد إلى نيوزيلندا، إثر الهجوم الإرهابي على المسجدين هناك ، وأجرى أردوغان مكالمة هاتفية مع الحاكمة العامة لنيوزيلندا باتسي ريدي، لمناقشة الهجوم الإرهابي .
6 ـ وخشيت نيوزلنده من تحريض أردوغان وما يعنيه . قالت رئيسة وزراء نيوزيلندا إن وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء وينستون بيترز سيسافر إلى تركيا للرد على تصريحات أردوغان بعد مجزرة المسجدين في كرايست تشيرش . وأعلن وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بترز أنه تحدث إلى المسؤولين الأتراك معرباً لهم عن شعوره بالصدمة من استغلال الفيديو لأغراض سياسية . وانتقد بيترز في وقت سابق بث تسجيل مصور للجريمة المروعة، وقال إن هذا يمكن أن يعرض حياة النيوزيلنديين في الخارج للخطر، لكن بالرغم من تدخل نائب رئيس الوزراء، ظهر مقتطف من بيان المهاجم مرة أخرى يوم الثلاثاء على شاشة خلال تجمع انتخابي لأردوغان .
رابعا : تناقضات تاريخية
1 ـ كتب السفاح على أسلحته وفى بيانه إسم تركيا والمواقع الحربية بين الأتراك والغربيين كما زار تركيا . لم يخص تركيا وحدها ولم يزرها وحدها . أردوغان التركى هو الوحيد الذى إنتفض من بين الجميع . أردوغان دارس للتاريخ مثل سفاح نيوزلنده ، ولكنه فى إندفاعه فى الرد عليه إرتكب خطأ تاريخيا فادحا.
2 ـ دعا السفاح الأتراك الى العودة الى الجزء الآسيوى وترك القسطنطينية. رد عليه أردوغان فقال : ( نحن هنا من آلاف السنوات وسنبقى إلى قيام الساعة، ولن تتمكن من تحويل إسطنبول إلى القسطنطينية.. جاء أجدادك ورأوا أننا هنا ثم عاد بعضهم في حين غادر البعض الآخر بأكفان، وإن أتيت بالنية ذاتها سنكونه بانتظارك. )
3 ـ ونقول هذه الوقائع التاريخية :
3 / 1 : الذين عاشوا فى هذه المنطقة من آلاف السنين كانوا من الأكراد وبقية شعوب البحر المتوسط . الأكراد هم الان السكان الأصليون فى تركيا وهم المستضعفون فى أرضهم يتحكم فيهم الأتراك ، ومنهم أردوغان .
3 / 2 : الأتراك وافدون الى آسيا الصغرى من أواسط آسيا . شأنهم شأن الأتراك السلاجقة تلك القبائل الحربية التى أتت من سهول آسيا الوسطى وتحكمت فى الدولة العباسية وسيطرت على آسيا الصغرى والعراق والشام.
3 / 3 : ينتمى العثمانيون إلى قبيلة تركية تصادف سنة 1232 أثناء ترحالها فى وهاد الأناضول أن شاهدت جيشين يقتتلان أحدهما أكبر عددا من الآخر ،فانضمت القبيلة التركية إلى جانب الجيش الضعيف وأنقذته من الهزيمة وحققت له الأنتصار. بعد المعركة تبين للقبيلة التركية أنها ناصرت أقارب لها ينتمون إلى الأتراك وهم الترك السلاجقة والذين كانوا يحاربون جيشا مغوليا ينتمى إلى أقطاى بن جنكيز خان . وتقديرا للجميل قام السلطان علاء الدين الأول " 1219 – 1235 " سلطان دولة الأتراك السلاجقة بإقطاع أرطغرل رئيس تلك القبيلة التركية منطقة حدودية من دولته التى كانت تجتاز دور الأضمحلال . بعدها عيّنه السلطان السلجوقى محافظا للحدود فأعطاه الفرصة للاغارة على الدولة البيزنطية التى كانت تجتاز دور الاحتضار. تحت شعار الجهاد نجح طغرل فى التوسع غربا على حساب البيزنطيين فاستولى على مدينة" أسكى شهر " ومات ارطغرل عن 93 عاما وخلفه فى الحكم أبنه عثمان سنة 1299 وهو الذى سميت بإسمه الدولة العثمانية. أغار المغول سنة1300 على دولة الأتراك السلاجقة فى أسيا الصغرى فأسقطوها، فأعلن عثمان إستقلاله بالمنطقة التى يحكمها. ومضى عثمان يوسع بقعة بلاده على حساب البيزنطيين فوصل إلى البسفور، وقبيل وفاته سنة 1326 فتح ابنه أورخان مدينة بروسا فأوصى عثمان بنقل رفاته إلى بروسا فى كنيسة القصر التى حولوها إلى مسجد. مات عثمان بعد أن أرسى سياسة التوسع لدولته .
قام السلطان العثمانى محمد الفاتح بفتح القسطنطينية عام 1453. إستخدم محمد الفاتح إسطورة تاريخية عن مشاركة الصحابى أبى أيوب فى حصار الأمويين للقسطنطينية عام 670 لشحن جيشه لفتح القسطنطينية . كان شائعا أن أبا أيوب الأنصارى قد استشهد فى هذه الحملة الخاسرة ، وأنه أوصى بدفن جثته فى أقرب موقع من القسطنطية . أشاع محمد الفاتح العثور على قبر الصحابى أبى أيوب الأنصارى على مقربة من أسوار القسطنطية . وأقام محمد الفاتح مسجدا على هذا القبر المزعوم ، وإستخدم تقديس هذا القبر فى شحن وحشد جيشه عقب فتح القسطنطينية ، ونجح فى هذا فأحدث تغييرا حاسما فى تاريخ العالم وقتها . وبعد فتح القسطنطينية ــ بإسم الاسلام ــ أطلق محمد الفاتح أسم اسطنبول عليها ، وقام بتحويل كنيستها المشهورة آيا صوفيا الى مسجد .
4 ـ كتب سفاح المسجدين فى بيانه : ( سنجعل المدينة (إسطنبول) مسيحية مرة أخرى. ) ردا عليه أعلن أردوغان أنه يريد تحويل كنيسة آيا صوفيا الى مسجد. كان محمد الفاتح قد حولها الى مسجد ، ثم تحولت فى عام 1935 الى متحف . الآن يريد أردوغان تحويلها الى مسجد .!! وقال أردوغان كأنه يعلم الغيب : ( سنبقى هنا إلى يوم القيامة، ولن تجعلوا من اسطنبول قسطنطينية. )
أخيرا :
1 ـ رئيسة وزراء نيوزلنده طبقت الاسلام السلوكى فيما قامت به . الاسلام السلوكى هو التعمل مع البشر بالقيم الاسلامية العليا وهى السلام والعدل والاحسان والرحمة وكرامة الانسان . الاسلام القلبى فى الايمان بالله جل وعلا وحده وتقواه وحده مرجع الحكم فيه على البشر الى الله جل وعلا يوم القيامة. نحن فى حياتنا الدنيا نحكم على البشر وفق سلوكياتهم الظاهرة لنا. ومن هذا المنطلق نحكم بأن رئيسة الوزراء النيوزلندية من أروع الشخصيات المسلمة سلوكيا . وفى المقابل فإن الارهابيين هم الكفار سلوكيا ، مهما إختلفت ألوانهم وعرقياتهم والأديان التى يتبعونها . ومن هذا المنطلق أيضا نرى أن أردوغان قائد من قواد الارهاب ، ومهما تخفى وتلاعب بالألفاظ فيكفى أن يتناقض مع الاسلام .
2 ـ أردوغان يحتل جزءا من سوريا ويقتل السوريين ويتحدث عن الاسلام دين السلام . ويتغنى بالحرية ، وهو من القيم الاسلامية الراسخة وهو فى نفس الوقت يطارد معارضيه مصادرا حريتهم فى إنتقاده . الله جل وعلا يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٣﴾ الصف ) (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٤٤﴾ البقرة ) . ألم يقرأ أردوغان هذا فى القرآن الكريم ؟
3 ـ لو تمسك اردوغان بحقائق الاسلام لكان أول المؤيدين لما فعلته رئيسة الوزراء النيوزلنديه . هو فعل النقيض ، إستغل دماء الضحايا لسفك المزيد من دماء الضحايا .