ومن يدري؟ لعله يحظى بإثراء منير ؟
حوار مفتوح على مصراعيه حول موضوع السنة المطهرة

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ٠١ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

****** 

حوار  مفتوح  على مصراعيه

حول موضوع  السنة المطهرة

ومن يدري؟ لعله يحظى بإثراء  منير ؟

****

إن معظم المتحدثين يسارعون إلى توظيف هذه العبارات، مثل: السنة المطهرة. وما ينسب إلى النبي كقوله "وتركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا  يزيغ عنها بعدي إلا هالك".

ومن المفروض أن المستمع، عندما يكون من أولئك الذين يستمعون القول ويبذلون الجهد لاتباع أحسنه، من المفروض أن كلمة -المطهرة- ستستوقفه وتجعله يمعن في التدبر والتأمل والتحديق، لاستنتاج أشياء ومفاهيم، وتساؤلات وراء تساؤلات، تشبه ما  يلي:

أ ) السنة المطهرة: إن كلمة السنة تفتح في ذهنه المقاطع التالية الواردة في الذكر الحكيم المنزل من لدنه، سبحانه وتعالى: (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ).

ب ) كلمة " السنة " التي تنسب إلى النبي محمد عليه الصلاة والتسليم، مع تعليق وارد، مفاده هل يجوز أن تكون هناك سنتان اثنتان؟ سنة الله،  ثم  سنة عبده ؟

ج ) السنة المطهرة: أي تلك السنة التي كانت حتما غير مطهرة قبل أن تصبح نظيفة، أي تلك السنة التي كانت ملوثة، غير نظيفة، والتي كانت تحمل كثيرا من الغث والسمين، أي تلك التي كانت غير معقمة، وما إلى ذلك من أسباب ومظاهر الأمراض من افتراءات، وأكاذيب، وادعاءات مغرضة، ونوايا غير بريئة، وغل، وحسد، ومكبّـلة، وبسذاجة مفرطة، وأخيرا مولدة لبلادة.

د ) إن هذا المستمع عندما يواجه كل هذه التساؤلات، وهذه الإستنتاجات التي تعرض نفسها عليه، من المحتمل بل من الراجح أنّ تأمله ومنطقه، وقلبه السليم سيخرج بتساؤل مفعم بالحيرة، قائلا له :   

إن السنة التي تنسب - ولو تجاوزا - إلى عبد الله النبي -  عليه الصلاة والتسليم – من المفروض أن تكون تكريسا وتفعيلا للحديث المنزل وتأييدا له، ليس إلا، ويستحيل أن تكون غير ذلك، فما بالنا إذن نسمع ونرى العجب العجاب من ما هو مغاير، بل ومتسم بالشكوك، بل ومن ما هو متناقض ومُتحَدّ لما أنزل الله على رسوله ؟

ثم ما بالنا نسمع أن بعض الصحاح تعتبر أصح كتاب بعد كتاب الله، وعندما نتصفحها ينتابنا دوار من ذلك الكم الهائل من الأكاذيب على الله، ومن الإفتراءات على عبده ورسوله؟ علما أن تلك المؤلفات لم تعتبر صحاحا إلا لأنها اعتبرت معقمة ومطهرة !?

هـ) وفجأة تقحم نفسها إقحاما وبكل تحدّ وإصرار،هذه الجزئية من تلك الآية رقم: 3-4- في سورة النجم: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى). وسرعان ما يهبّ مفهوم آخر، وكأنه يعرض نفسه عرضا، ولسان حاله يقول: أنا هنا حاضر لإثراء هذا الحوار، وما قولكم في هذه الجزئية من الآية : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). ق/18. والآية الأخرى في سورة ق. رقم : 17/18 (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ).

د ) ويتبادر إلى الذهن ذلك الفهم الذي ما زال متسلطا وقابعا بكلكله فوق رؤوس الأغلبية الساحقة، ذلك القائل إن من السنة أن تفهم وتعي وتهضم أن كل ما تلفظ به عبد الله ورسوله وكل ما نطق به، وكل ما لم ينطق به، وكل ما فعله، وكل ما لم يفعله، يعتبر كل ذلك من الوحي، ومن السنة المطهرة !?موظفين الآية (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، والغريب في الأمر أن هذا الفهم يقال إنه صدر من لدن مفكر ذي باع وذي شهرة .

و ) وكخلاصة لهذه المحاولة الحوارية المفتوحة يمكن أن تجد أنصارا عندما تكون كما يلي:

إن التلفظ بأية كلمة وبأي كلام يشترك فيه البشر، جميع البشر بدون أي استثناء بما فيهم سيدنا محمد بن عبد الله، فهو مشترك مع الناس، جميع الناس، وتشمله هو كذلك الآية : (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). ق/-18. والآية الأخرى في سورة ق.  17+18 : (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ). وفي هذه الحالة فإن ذلك الإنسان الذي أمره ربه سبحانه وتعالى بأن يقول للناس : (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلــيّ ..... ) سورة الكهف الآية 110. إنما يتميز بحالتين اثنتين: حرية التلفظ بما يشاء، مثل جميع الناس، وبالتالي تحمله مسؤولية وعاقبة ذلك التلفظ، وأما الحالة الأخرى الإستثنائية التي تشمله هو وحده فهي تلك الحالة حيث يكون الله سبحانه وتعالى هو الذي أنطقه ويكون حينها ذلك الناطق ناطقا بغير هوى  لكن بما شاء الله من وحيه .

هـ ) وعليه فإن (فعل) النطق هنا يبقى مخصصا لمحمد بن عبد الله ، في ذلك الظرف الخاص الإستثنائي الذي يكون فيه مرتقيا درجة رسول الله، إذ حينها وعندها يكون (يمارس) وبدون إرادته ذلك النطق الذي يصبح: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).

ويبقى الباب مفتوحا...

*******

اجمالي القراءات 4729