تأملات في خربشة زمنية!
غريب أنك تتأمل تجاعيد الوجه لإنسان خربشه الزمن فتشفق عليه؛ بدلا من أن تحاول العثور على خبرة الحياة والأيام السعيدة التي تشير إليها تلك الأخاديد المحفورة برفق في الوجه.
تشاهد صورة لفنان أو موسيقار أو سياسي أو كاتب أو لاعب كرة قدم أو .. وقد شخبط الزمن الوجنتين، وعرّج نحو الشفتين، وصعد إلى العينين فتوقف أسفلها لينحت قليلا؛ ولا ينسىَ في الطريق أن يُبهت الأسنانَ أو يُصفّرها أو يخلخلها أو يُسقط بعضَها.
لكنك تغض الطرف عن الثراء الحياتي في سنوات العُمر الطويلة فقد تكون كل التعرجات إشارة إلى حياة سعيدة ملؤها الغبطة وراحة البال وذكريات عائلية أو صداقة أو قراءة أو حُب!
كل واحد منا يتأمل في وجه الآخر خوفا من أن يفعل بك الزمن ما فعله بغيرك، لكن الزمن عادل ولا يُفرّق بين الناس، وتأتي التفرقة في التزيين والتجميل منك فتُخفي عن الناس ما الأيام ستبديه لاحقا.
كثيرٌ من الناس يشفقون على الذين اقتربوا من المحطة الأخيرة، وبدلا من أن يحمدوا اللهَ على الوصول؛ يشفقون على راكب الأيام إرهاقَ السنوات الطبيعي.
كل واحد منا يظن الآخر مرآة مقعرة أو محدبة فلا يرىَ نفسه إلا في مرآة أم سندريلا: هل هناك أحد أجمل مني؟ فتجيبها المرآة بالنفي!
هل سمعت عن زهرة تشفق على شجرة جميز عجوز؟
لماذا لا يتعلم الإنسان من النباتات والحيوانات والطيور كما تعلم ابن آدم وحواء من الغراب، أو النبي سليمان من الهدهد؟
لماذا لا نتعلم رغم أن هدف الحياة هو التعليم المرادف للعبادة؟
هل لو عاش الإنسان قرنين أو ثلاثة فسيزداد علما؛ أم سيتبخر ما تعلمه؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 3 يناير 2019