النبى هارون عليه السلام فى لمحة قرآنية

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٣ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

النبى هارون عليه السلام فى لمحة قرآنية

مقدمة :

التركيز فى قصص موسى وفرعون وموسى وبنى اسرائيل يكون على موسى أكثر من هارون.  نتوقف هنا مع الآيات التى تركز على ما يجمع موسى وهارون .  

أولا : هارون وموسى قبل النبوة

1 ـ فى سورة القصص تفصيل من ميلاد موسى الى هجرته وزواجه فى مدين. البطولة للنساء ، من أم موسى وأخته الى إمرأة فرعون والمرضعات الى الفتاتين من مدين وتزوج موسى بإحداهن حتى رجوع موسى بها وأول وحى مباشر نزل عليه عند الشجرة المباركة فى طور سيناء. هذا بينما تتوارى شخصيات الرجال هنا ، من فرعون والرجل الذى حذر موسى والاسرائيلى الذى إستجار بموسى من المصرى ، ومصرى آخر، ثم الرجل الذى تزوج موسى إبنته .

2 ـ فى قصة موسى بأكملها لا نجد ذكرا لوالد موسى . هذا يؤكد أن دوره فى حياة موسى  لم يكن جوهريا . المفهوم أن والد موسى كان حيا وقت ميلاده . ولكن الأحداث كانت من صُنع أم موسى وأخته فى طفولته بينما غاب الأب . لذا كانت صلة الأم أقوى حتى إن هارون حين إستطال عليه موسى فى غضبه قال له يستعطفه : ( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي )﴿٩٤﴾  طه )، لم يقل يا ابن أبى . والانتساب هو للأب .

3 ـ حتى نزول الوحى على موسى فى سيناء لا نجد ذكرا لهارون . هذا يرجّح أن دوره فى هذه المرحلة كان هامشيا . المفهوم أن هارون كان مولودا قبل موسى وقبل قرار فرعون بقتل المواليد من بنى إسرائيل .

4 ـ موسى الذى نشأ فى قصر الفرعون كان يعرف أهله بنى إسرائيل ، وكان على صلة بشقيقه هارون ، ثم ظلت ذكرى أخيه هارون حيّة فى بؤرة شعوره وهو غريب فى مدين وحتى رجوعه فى طريقه الى مصر بدليل أن الله جل وعلا حين كلمه فى طور سيناء يرسله الى فرعون رجا ربه جل وعلا أن يرسل معها أخاه هارون :  ( هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿٣١﴾ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴿٣٢﴾  طه )

5 ـ وعزّز موسى طلبه هذا بما يدل على معرفة جيده بشقيقه هارون:

5 / 1 :  كان موسى يعانى عُقدة فى نطقه ، ربما بسبب غربته لذا قال داعيا ربه جل وعلا:  ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴿٢٧﴾ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿٢٨﴾ طه ). وتذكر أن شقيقه هارون أفصح منه لسانا فقال : ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ﴿٣٤﴾ القصص ).  

5 / 2 : وكان موسى يعرف أن شقيقه هارون ليس سريع الغضب مثله فقال عنه : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ﴿١٢﴾ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ ﴿١٣﴾ الشعراء) . هذا يدل على معرفة وثيقة بينهما حين كان موسى فى مصر.

 ثانيا :  مكانة هارون بالنسبة لموسى : رسولا

1 ـ قال جل وعلا عن موسى : ( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴿٥٣﴾ مريم )، أى إستجاب الله جل وعلا لرجاء موسى وبعث معه أخاه هارون نبيا يشد عضد أخيه : ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴿٣٥﴾ القصص ) . وجاء الخطاب لهما معا :  ( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴿٤٢﴾ اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿٤٣﴾ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾ طه )

2 ـ وهذا يعنى إشتراكهما :

2 / 1 : فى مسئولية الرسالة والكتاب المنزل الواحد . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٤٨﴾ الانبياء )

2 / 2 : وليس فقط إشتراكهما فى  الكتاب المستبين بل أيضا فى النجاة والانتصار وفى الصراط المستقيم وفى المناقب الطيبة ، قال جل وعلا عنهما :  ( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿١١٤﴾ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿١١٥﴾ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴿١١٦﴾ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ﴿١١٧﴾ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١١٨﴾ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ( 119 ﴾ سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿١٢٠﴾ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿١٢١﴾ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٢٢﴾ الصافات ).

ثالثا : مكانة هارون بالنسبة لموسى : كان وزيرا مع أنه الأكبر سنّا من موسى .!

1 ـ تحدد هذا بقوله جل وعلا لموسى : (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴿٣٥﴾ القصص )

2 ـ وبهذا وصف هارون بالوزير لموسى مع قيامهما بمسئولية الرسالة . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴿٣٥﴾ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ﴿٣٦﴾ الفرقان ).

3 ـ ترتب على هذا أن :

3 / 1 : موسى كان الإمام وهارون تابعا له . دعا موسى ربه أن ينتقم من فرعون ، وكان هارون خلفه يدعو قال جل وعلا : ( وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴿٨٨﴾ يونس ) وجاءت الاستجابة لدعوتهما : (قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾ يونس  )

3 / 2 : موسى كان يأمر أخاه. جاء هذا فى الحوار بينهما : ( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖأَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴿٩٣﴾ طه )

رابعا : مكانة هارون بالنسبة لموسى : كان خليفة ونائبا عنه فى غيابه

1 ـ تجلى هذا حين إستخلفه موسى حين ترك بنى إسرائيل وذهب لميقات ربه جل وعلا فى جبل الطور . قال جل وعلا : (  وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٤٢﴾ الاعراف ).

2 ـ وفشل هارون فى خلافته وفى قيادة بنى إسرائيل فى غياب موسى ، إذ أضلهم السامرى وجعلهم يعبدون العجل الفرعونى الذهبى .

2 / 1 : نصحهم هارون بلا فائدة : ( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴿٩٠﴾ قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ﴿٩١﴾ طه ) .

2 / 2 : رجع موسى فصبّ جام غضبه عليهم وعلى أخيه هارون :

2 / 2 / 1 : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾ الاعراف )

2 / 2/ 2 :  ( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖأَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴿٩٣﴾ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾  طه ).

خامسا : مكانة هارون بين موسى وبنى اسرائيل

 على عكس موسى ــ الذى عاش حياته غريبا عن قومه ـ  عاش هارون بينهم وعايشهم فكانوا لا يخشونه ، بل كان هو الذى يخشاهم . بينما كانوا يخافون موسى . ونستدل بالآتى :

1 ـ حين نصحهم هارون أعرضوا عنه قائلين : ( قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ﴿٩١﴾ طه ) ، بل وصل إستخفافهم به الى درجة الاستضعاف ومحاولة القتل ، وهذا ما قاله هارون يستعطف أخاه : ( وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾ الأعراف ) ولأن موسى يعرف أن أخاه قليل الحيلة فقد هدأ ودعا ربه جل وعلا :  ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴿١٥١﴾ الاعراف ).

2 ـ وكان هارون يخشى أيضا أن يسىء موسى فهم موقفه ، جاء هذا فى الحوار بينهما : ( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖأَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴿٩٣﴾ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾  طه )

3 ـ مع هذا ظلت محبة بنى إسرائيل لهارون حية فى الثقافة الاسرائيلية قرونا بعدها. ونعرف هذا حين جاءت مريم بوليدها تحمله. قال جل وعلا : ( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾ مريم ). قولهم ( يأ أخت هارون ) عتاب يقال لمن هو فى مكانة سامية بينهم.

سادسا : موسى وفرعون من وجهة نظر فرعون وملائه

كان تركيزهم على موسى أساسا مع أن هارون عاش فى مصر أكثر من موسى ، ولكن موسى هو الذى معه الآيات وهو القائد والمتحدث المتحاور معهم. ونعطى بعض الاستدلالات :

1 ـ فى حديث موسى لفرعون وجه له فرعون سؤالا خاصا به : ( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴿١٨﴾ الشعراء )

2 ـ وحين فاجأهم موسى بآيات معجزة  ذكروا هارون ليس باسمه بل بصفته أخ موسى : ( قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿١١١﴾ الاعراف )( قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ﴿٣٤﴾ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴿٣٥﴾ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿٣٦﴾ي َأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿٣٧﴾ الشعراء )

3 ـ وحتى السحرة كان تركيزهم على موسى وليس هارون لأن موسى هو صاحب الآيات ، وشاركهم فرعون فى نقمته على ايمانهم بموسى وليس هارون ، نفهم هذا من قوله جل وعلا : ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴿٤٦﴾ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٧﴾ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿٤٨﴾ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٩﴾ الشعراء )

سابعا : موسى وهارون من حيث الترتيب

الأغلب أن يقال موسى وبعده هارون ، والأقل أن يؤتى بهارون أولا ويكون لهذا مغزى . ونعطى أمثلة :

موسى أولا ثم هارون :

1 ـ  ( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٤٥﴾ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ﴿٤٦﴾ المؤمنون ) ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا )  ﴿٧٥﴾ يونس )

2 ـ ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ) ﴿٢٤٨﴾ البقرة )

3 ـ (  وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ ) ﴿٨٤﴾  الانعام )

 هارون اولا ثم موسى :

1 ـ يأتى هذا فى سياق موضوعى . يقول جل وعلا : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚوَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴿١٦٣﴾ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴿١٦٤﴾ النساء ). هارون مذكور ضمن الأنبياء فى الآية 163 . من سورة النساء ، ولتميز موسى جاء ذكره متاخرا فى الآية التالية .

2 ـ ويأتى هذا فى سياق الفصاحة القرآنية . قال جل وعلا عن السحرة : ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴿٧٠﴾ طه ). النسق الفصاحى هو ختم الآيات بالياء لذا جىء بموسى متأخرا عن هارون.  ونقرأ ما قبل الآية وما بعدها : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧﴾ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨﴾ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩﴾ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴿٧٠﴾ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖفَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ﴿٧١﴾طه ) . هنا تناسق بين موسى وختم الآيات .

في نفس الحادث قال جل وعلا  عن السحرة : ( قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٢١﴾ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴿١٢٢﴾ الاعراف ). هنا تناسق بين (العالمين ) و ( هارون ) .

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 10582