الابعاد الحقيقية لجريمة مقتل السائحتين الأجنبيتين في اقليم مراكش ؟

مهدي مالك في الإثنين ٢٤ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

 

الابعاد الحقيقية لجريمة مقتل السائحتين الأجنبيتين في اقليم مراكش ؟

مقدمة متواضعة                                   

ان من المؤسف للغاية حدوث هذه الجريمة النكراء في بلد يسمى بالمغرب المعروف تاريخيا سواء قبل الاسلام و بعده بقيم التسامح الديني و قيم العيش المشترك بين اصحاب الديانات السماوية بسبب ان انظمة الامازيغيين القانونية المستمرة قرونا قبل الاسلام و في عز الاسلام حيث كانت ديمقراطية و علمانية أي الدين لله و الوطن للجميع ....

ان هذا الشعار قد رفعه الغرب المسيحي كما اسميه قرون من الزمان و قد رفعه نظام جمال عبد الناصر في اوائل الستينات علما ان هذا النظام كان قد قطع علاقاته الدبلوماسية مع السعودية و كان يحارب جماعات الاسلام السياسي من قبيل جماعة الاخوان المسلمين.

 أي بمعنى كانت الانظمة العربية كما تسمى بالرغم من سلبياتها العديدة غير انها ادركت مبكرا خطورة هذه الجماعات المسماة زورا و بهتانا بالاسلامية على مجتمعاتها المتميزة بتعدد دياناتها السماوية و مذاهبها الاسلامية مثل الشيعة او الاباضية في عدة مناطق شمال افريقيا و القرانيين الخ من هذه المذاهب الاسلامية المسالمة ...............

ان الغريب فعلا اننا لم نسمع شيئا عن الشيعة من قبيل ان حزب الله اللبناني قد قام بعملية ارهابية في امريكا او في اوربا او في دول المغرب الكبير او كفر المسيحيين في لبنان او سوريا علما ان المجلس التعاون الخليجي قد يتهم حزب الله اللبناني بالارهاب يا سبحان الله حيث انني هنا لست ادافع عن احد بقدر انني اريد الاظهار ان جوهر الارهاب هو الوهابية و اخواتها من جماعات الاسلام السياسي و جماعات الاسلام الجهادي مثل القاعدة او نصرة او داعش كصناعة وهابية خالصة بهدف زرع الفتنة و الخوف في مجتمعاتنا الاسلامية و نسف مشاريعنا الهادفة الى تحديث خطابنا الاسلامي لكي يتناسب مع العصر الذي نحن نعيش فيه لان عدونا المشترك هو الوهابية و اخواتها و ليس الاسلام على الاطلاق ..

الى صلب الموضوع                           

لا شك ان الابعاد الحقيقية لمقتل السائحتين الاجنبيتين هي كثيرة و متداخلة عبر سياق تاريخي طويل حيث يمكن بدايته من لحظة تاسيس ما يسمى بالحركة الوطنية سنة 1930 على اسس سلفية على كل حال أي السلفية المعادية لكل ما هو امازيغي  بمعنى ان الحركة الوطنية ليست حركة اسلامية بمفهومها السلفي أي طالبت بتطبيق الشريعة و الحدود بعد الاستقلال.

 لكن هذا لم يحدث على الاطلاق حيث ان دولة الاستقلال و الحرية كما تسمى لم تطبق الشريعة الاسلامية او الحدود الشرعية بل طبقت قوانين فرنسا الاستعمارية و ظهائرها .

ثم همشت انظمة الامازيغيين العلمانية و القانونية تحت ذريعة انها من صنع فرنسا عبر ما يسمى بالظهير البربري او انها ضد الاسلام مباشرة بدون أي نقاش مهما كان انذاك .

و هكذا تم صياغة هويتنا الدينية الرسمية على اساسان لا ثالث لهما أي العروبة و الاسلام ببعده السلفي حسب مقياس السلطة بمعنى تم اقصاء الامازيغية بشموليتها من حقلنا الديني الرسمي نهائيا منذ الاستقلال الى الان كما اقوله دائما في مقالاتي و في كتابي بمعنى ان كلامي  هذا ليس جديد بل صرحت به منذ سنوات من الكتابة .

فمثلا قد قلت في  احدى مقالاتي بتاريخ يوليوز 2017 منذ عقد السبعينات شجع الراحل الحسن الثاني المدارس القرانية ذات المد السلفي لمحاربة التيارات اليسارية و لاقبار الهوية الامازيغية نهائيا وقتها حيث ان هذه المدارس القرانية كانت تربي تلاميذها على قيم المخزن الدينية اي العروبة و الاسلام و على تاريخ المخزن الرسمي من قبيل ان المغرب يعتبر ارض عربية خالصة و ان الامازيغيين جاءوا من اليمن الخ من هذه الخرافات التي كانت قوية في ذلك الزمان في الاعلام و في التعليم بشكل كبير...

ان من ثمار هذه المدارس القرانية او التعليم الديني العتيق عموما هو انشاء التنظيمات السلفية السرية في اواسط السبعينات من قبيل الشبيبة الاسلامية حيث كانت هذه التنظيمات تكفر النظام  الذي لم يطبق شريعة الاسلام و تكفر الديمقراطية و الاحزاب السياسية الخ من هذه المقدسات الوهابية الاصيلة اي ان السلفيين المغاربة ان صح التعبير كانوا ينظرون الى السعودية كنموذج سامي لتطبيق الاسلام بمعنى ان تيارات الاسلام السياسي ببلادنا جاءت كتعبير سامي لتقليد الوهابية في اواسط السبعينات حسب اعتقادي المتواضع اي انها ليس لها اي امتداد في المغرب كتاريخ و حضارة متطورة .

ان من ثمار هذه المدارس القرانية او التعليم الديني العتيق عموما حيث انني لا اتهم كل هذه المؤسسات خصوصا في منطقة سوس حيث حسب شهادة الاستاذ الحسين جهادي اباعمران فان هذه المدارس في منطقة سوس تدرس الدين للاطفال باللغة الامازيغية لكن مع نفس الاسس المخزنية التي وضعت لمنع اي وعي بان الامازيغية هي هوية اسلامية مغربية في كل تفاصيلها بمعنى ان هذا التعليم الديني العتيق قام بتخريج اجيالا من العلماء و خطباء الجمعة جهلاء باهمية الامازيغية بشموليتها و جهلاء باهمية سؤال التحديث .....

و هكذا فان تدبير الحقل الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى سنة 2003 قد ساهم بشكل كبير في نشر التطرف و الارهاب بسبب ان هذا التدبير قد تجاهل الامازيغية كليا فكانت النتيجة الطبيعية هي احداث 16 ماي 2003 الارهابية التي وقعت في قلب المغرب الاقتصادي الا و هو الدار البيضاء حيث كانت صدمة قوية للمغاربة الذين لم يظنوا ان مثل هذه العمليات الارهابية ستقع في بلادنا....

اذن بالنسبة لي شخصيا اليوم اعتبر ان البعد الجوهري لانتشار التطرف و الارهاب ببلادنا بشكل وحشي عبر هذه الجريمة النكراء هو اقصاء الامازيغية بشموليتها أي كهوية اسلامية كما اسميها و كقيم اصيلة من الشرعية الدينية للسلطة بالمغرب بكل وضوح بدون لف او دوران حيث لو ان السلطة قد أدمجت الامازيغية ضمن ثوابتها الدينية منذ الاستقلال لاصبحنا مجتمع مسالم مع اصحاب الديانات السماوية و مع اصحاب المذاهب الاسلامية الاخرى و لاصبح خطابنا الديني الرسمي يعترف باصالتنا الامازيغية الاسلامية بكل تفاصيلها و كفر الوهابية الحقيرة و اخواتها نهائيا  الخ من هذه الاجراءات الضرورة للحفاظ على هويتنا الاسلامية الحقيقية...

انني اتحدث بكل المرارة في هذا المقال المتواضع بعد ان اصبح مجتمعنا يشجع على مشاهدة دعاة المشرق عبر فضائياتهم التي لا تعد و لا تحصى و عبر الواتساب قصد الاستفادة من علمهم الخرافي كما اسميه و عندما ياتي احدهم الى المغرب سيجد دعم لا نهاية له من طرف حكومتنا الموقرة التي تريد تسريع وتيرة التعريب و الاسلمة قصد ان نصبح مجددا عبيدا لقطر و طبعا للشقيقة الكبرى الا و هي المملكة العربية السعودية.........

و قد يتساءل البعض لماذا عند وقوع أي عمل ارهابي في وطننا الحبيب نهاجم الاسلاميين ؟

و الجواب بكل التواضع ان ما يسمى بالتيار الاسلامي ببلادنا هو ذو مشروع سياسي يخالف مع اصالتنا الامازيغية الاسلامية بشكل تام حيث ان الفاعل الاسلامي عندما رفض ترسيم الامازيغية في دستور 2011 فكان يدرك تام الادراك ان هذا الترسيم اذا تم تفعيله على ارض الواقع بالشكل الذي نريده ستكون ضربة مؤلمة للاسلاميين باعتبارهم غرباء عن تاريخ المغرب الاجتماعي و باعتبارهم يدافعون بالقوة عن افكار علماء السلف و يعارضون بالقوة كذلك اية محاولات لتحديث خطابنا الديني الرسمي حيث ما يريده المخزن الان...

اذن فان الابعاد الحقيقة لهذه الجريمة النكراء هي عديدة و متداخلة كما قلت حيث سيستمر هذا الارهاب الاعمى في بلادنا مادام هذه الاوضاع لم تتغير بشكل جدري و مادام لم تكفر الوهابية و اخواتها من اعلى منابر الجمعة و رجوعنا الى احضان اصالتنا الامازيغية الاسلامية بكل تفاصيلها و مادام لم تعتبر السلطة الامازيغية ضمن ثوابتنا الدينية ......................................................................................................

المهدي مالك صاحب الاتجاه الامازيغي الاسلامي

اجمالي القراءات 4794