قراءة فى كتاب آداب العلماء والمتعلمين للحسين اليمنى

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٧ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب آداب العلماء والمتعلمين

الكتاب تأليف الحسين ابن المنصور اليمني أحد فقهاء الزيدية باليمن ويسمى بإسم أخر وهو أدب العالم والمتعلم

الكتاب يتناول حقوق كل من العالم والمتعلم وواجبات كل منهم تجاه الأخر وهو أمر ما زالت وزارات المعارف أو التربية والتعليم تتناوله بالتشريعات والقرارات الوزارية التى تتغير وتتبدل من حين لأخر وللأسف فإن الوزارات فى بلادنا ليس لديها فكر ولا مفكرين وإنما هم نقلة خاصة عن الغرب الأوربى والأمريكى فكلما خرج أحدهم بمقولة وجد لها مخرب من مخربينا ينقلها ثم يتبين بعد ذلك فشلها وأهم ما نقله المخربون مقولة نبذ العقاب بالضرب فى التعليم إلى العلاج النفسى والاجتماعى  ومقولة أن التعليم الأساسى للأطفال يوجد فيها متغيرات منهجية ودراسية ومن ثم أصبحت مدارسنا وكلياتنا حقل تجارب فاشلة همها الأكبر حصول الكبار على النقود من التجربة

بداية نقول أن الكتاب يتحدث عن تعليم غير التعليم الحالى فهو تعليم حر من قبل المعلم والمتعلم وأما التعليم الحالى فهو تعليم مقيد إجبارى

التعليم فى الكتاب هو تعليم برغبة من المتعلم ورغبة من المعلم وهو عكس التعليم الحالى فى مدارسنا وجامعاتنا فهو تعلم محدد بمناهج ومقررات تضعها لجان محددة فى الوزارات ومن ثم فالمتعلمون غالبيتهم مجبرون والمعلمون كذلك فى الغالبية العظمى مجبرون على التدريس لأنهم موظفين دخلوا معاهد المعلمين والمعلمات وكليات التربية والآداب وغيرها للحصول على وظيفة غالبا أو لأن مجموع درجاتهم هو من أجبرهم على دخول كليات التربية والآداب والتوظف فى وزارات التعليم

التعليم فى الإسلام هو تعليم يجمع بين التعلم الحر والتعلم الإجبارى فلابد لكل من فى فى الدولة صغارا وكبارا مسلمين ومعاهدين أن يتعلموا أحكام قانون الجزاء أى العقوبات وهو الذى يحكم التعامل بين الناس ولابد للمسلمين أن يتعلموا أحكام الإسلام الأخرى خاصة ما يتعلق بالحياة اليومية من زواج وطلاق وتربية أطفال وما يحدث فى البيوت  وأما التعلم الحر فهو ما يقوم به الفرد من اختيار معلمين له قد يكونون أفراد أو مكتبات أو وسائل إعلام .......... ولأن المسائل تحتاج لكتاب منفرد سوف نقوم بالحديث عما كتبه الحسين ونتناول ما جاء فيه من أخطاء أو محاسن

تناول الحسين أولا آداب العالم فى علمه فقال:

"الفصل الأول آداب العالم في علمهوفيه اثنا عشر نوعاً:

النوع الأول

أن يقصد العالم بعلمه وجه الله تعالى ولا يقصد به توصلاً إلى غرض دنيوي، كتحصيل مال أو جاه أو شهرة أو سمعة أو تميز عن الأقران ونحو ذلك، ولا يشين علمه وتعليمه بشيء من الطمع في رفق يحصل له من مشتغل عليه بمال أو خدمة أو نحوها، وإن قل وإن كان على صورة الهدية، التي لو لا اشتغاله عليه لما أهداها إليه"

بين الرجل هدف العالم من علمه وهو دخول جنة الله فهدف التعليم هو توصيل الفرد إلى الحصول على رحمة الله ممثلة فى الجنة من خلال تعلمه الأحكام المختلفة كى يطيعها وقد أفلح الرجل فى هذا

ثم قال :"الثاني:

دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلانية، والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله، فإنه أمين على ما أودع من العلوم، وما منح من الحواس والفهوم قال الله تعالى: (لا تخوَنوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) وقال تعالى: (بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشونِ)
قال الشافعي: ليس العلم ما حفظ، العلم ما نفع"

الرجل بين أن العالم لابد أن يكون قدوة بطاعة أحكام الله فى السر والعلن فهذا هو العلم النافع فالغرض ليس الحفظ وإنما العمل بالعلم وقد أفلح الرجل بذكر هذا وهو عكس ما يحدث فى بلادنا فالعلم ليس للعمل فى كثير من الدروس خاصة فى مراحل التعليم الابتدائى والاعدادى والثانوى والجامعى عدا الكليات العملية  إلا القليل وإنما هو كلام لا يستفيد منه الطالب شىء كالدروس التى تتحدث عن الزهور بألوانها وحكايات الحيوانات غير الواقعية مثل الثعلب المكار يقف خلف الدار

بعد هذا قال الرجل : "الثالث

أن يصون العلم كما صانه علماء السلف، ويقوم له بما جعله الله تعالى له من العزة والشرف، فلا يدنسه بالأطماع، ولا يذله بذهابه ومشيه إلى غير أهله من أبناء الدنيا من غير ضرورة أو حاجة أكيدة، ولا إلى من يتعلمه منه منهم، وإن عظم شأنه وكبر قدره وسلطانه"

هذا الأدب هو تكرار للأمر السابق بألفاظ أخرى فصيانة العلم تكون بطاعة الله فيه ومن ضمنها ألا يعلمه من يعرف أنه لن يعمل به من كبار الناس وهو ما أمر الله به فى قوله :

"الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله"
ثم كرر نفس الكلام عن مراعاة الله فى السر والعلانية بألفاظ اخرى وهو التخلق بالشرع فقال :

"الرابع:
أن يتخلق بما حث الشرع عليه من الزهد في الدنيا والتقلل منها بقدر الإمكان، فإن ما يحتاج إليه منها على الوجه المعتدل من القناعة لا يعد من الدنيا، وأقل درجات العالم أن يستقذر المعلق بالدنيا ولا يبالي بفواتها، لأنه أعلم الناس بخسّتها، وفتنتها، وسرعة زوالها، وكثرة عنائها، وقلة غنائها"

والخطأ هو أن الله أمر بالزهد فى الدنيا والله لم يأمر بالزهد وإنما أمر بطاعة أحكامه فيها بعدم نسيان المسلم نصيبه من الدنيا فقال "قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"

والخطأ خسة الدنيا والخسيس ليس الدنيا وإنما الإنسان الذى يعصى الله فيها فالدنيا مأمورة وليست كالناس مختارة بين الإسلام والكفر وإنما هى مأمورة أى مطيعة لله كرها أو حبا

وكرر نفس الكلام عن طاعة الله ولكن عن طريق أجزاء من طاعة الله فقال :
"الخامس:

أن يتنزه عن دنيء المكاسب ورذيلها طبعاً، وعن مكروهها عادة وشرعاً، كالحجامة والدباغة والصرف والصياغة، ويتجنب مواضع التهم وأن بعدت، ولا يقيل شيئاً يتضمن نقص مروة، وما يستنكر ظاهراً وإن كان جائزاً باطناً فإنه يعرض نفسه للتهمة، وعرضه للوقيعة، ويوقع الناس في الظنون المكروهة، وثم الوقيعة فإن اتفق وقوع شيء من ذلك منه لحاجة أو نحوها، أخبر من شاهده بحكمه، وبعذره ومقصوده، كيلا يأثم من رآه بسببه، أو ينفر عِنه فلا ينتفع بعلمه ولا يستفيد بذلك الجاهل به ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للرجلين لما رأياه يتحدث مع صفية: فوليا على رسلكما إنها صفية، ثم قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً، وفي رواية: فتهلكا"

والخطأ فى الكلام هو أن الحجامة والدباغة والصرف والصياغة مكروهات شرعا وهو كلام لا اصل لها فالصناعات والمهن التى لا يستغنى عنها ليس مكروهات بل واجبات شرعا فلابد للناس من صرف أى نقد والمراد نقود من المعادن ولابد لهم من الذهب كصناعة حتى يتم تقديم الصداق وهو المهر منها والدباغة لابد منها حتى يستطيع الناس تجنب أذى أقدامهم بالمشى فى الأحذية المصنعة منها وكذلك الرعاة فى عمل قرب ماء أو حقائب أو ما شاكل هذا مما لا يستغنى عنه الناس

وكرر الرجل نفس الكلام بألفاظ أخرى فى طاعة الله مسميا إياها إقامة شعائر الأحكام وظواهر الأحكام فقال :

"السادس:
أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام، وظواهر الأحكام، كإقامة الصلوات ومساجد الجماعات، وإنشاء السلام، للخواص والعوام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى بسبب ذلك صادعاً بالحق عند السلاطين، باذلاً نفسه لله لا يخاف فيه لومة لائم، ذاكراً قوله تعالى: "واصبر على ما أصابك أن ذلك من عزم الأمور"

ثم كرر نفس الكلام عن طاعة الله بألفاظ أخرى بالحفاظ المندوبات الشرعية والاقتداء بالنبى(ص) فقال :

"السابع:
أن يحافظ على المندوبات الشرعية؛ القولية والفعلية، ولبالغ في ما يتضمن إجلال صاحب الشريعة النبوية، وتعظيمه واتباعه صلى اللهّ عليه وعلى آله وسلم، فيلازم تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى بالقلب واللسان، وكذلك ما ورد من الدعوات والأذكار في إناء الليل والنهار، ومن نوافل العبادات من الصلاة والصيام، وحج البيت الحرام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن محبته وإجلاله وتعظيمه واجب، والأدب عند سماع اسمه وذكر سنته مطلوب وسنة"

وكرر نفس الكلام مرة أخرى عن طاعة أحكام الله بالتعامل بمكارم ألخلاق فقال:

"الثامن:
معاملة الناس بمكارم الأخلاق، من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس، والاحتمال منهم والإيثار وترك الاستيثار، والأنصاف، وترك الاستنصاف، وشكر الفضل، والسعي في قضاء الحاجات، وبذل الجاه في الشفاعات والتلطف بالفقراء والتحبب إلى الجيران والأقرباء والرفق بالطلبة وإعانتهم وبرهم، كما سيأتي أن شاء الله تعالى، وإذا رأى من لا يقيم صلاته أو طهارته أو شيئاً من الواجبات عليه، أرشده بتلطف ورفق "

وكرر مرة أخرى الكلام بألفاظ أخرى وهى العمل بالخلاق المرضية وترك الردية فقال:

"التاسع:
أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الردية، ويعمره بالأخلاق المرضية"

وكرر نفس الكلام عن الطاعة بالجد والاجتهاد ذاكرا بعض التفصيلات فقال:

"العاشر:
دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد؛ والمواظبة على وظائف الأوراد عبادة وقراءة وافرة ومطالعة وفكراً وتعليقاً وحفظاً، وتصنيفاً وبحثاً ولا يضيع شيئاً من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل إلا بقدر الضرورة من أكل، أو شرب، أو نوم، أو استراحة لملل، أو أداء حق زوجة، أو زائر، أو تحصيل قوت وغيره، مما يحتاج إليه أولاده أو غيره، مما يتعذر معه الاشتغال، فإن بقية عمر المؤمن لا قيمة لها ومن استوى يوماه فهو مغبون"

وما أفلح الرجل فى تكرار الأمر نفسه سبع مرات أو أكثر ثم ذكر الفائدة وهو ضورورة زيادة علمه ما أمكنه ذلك فقال :

"الحادي عشر

أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن دونه منصباً، أو نسباً، أو سناً، بل يكون حريصاً على الفائدة حيث كانت الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدهاقال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالماً ما تعلم فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون وأنشد بعض العرب:و ليس العمى طول السؤال وإنما  تمام العمى طول السكوت على الجهلوكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم"

وقد أفلح فى هذا كما أفلح فى قوله وإن كرره فى النقطة السابقة :

"الثاني عشر:الاشتغال بالتصنَّيف والجمع والتأليف، لكن مع تمام الفضيلة وكمال الأهلية فإنه يطلع على حقائق الفنون ودقائق العلوم للاحتياج إلى كثرة التفتيش والمطالعة والتنقيب والمراجعة"

فالمعلم يقوم بتأليف الكتب ويقرأ المزيد منها

ثم تناول الرجل آداب الرجل فى التدريس فقال :

الفصل الثانيفي آداب العَالِم في دَرسِهوفيه اثنا عشر نوعاً:

الأول:

إذا عزم على مجلس التدريس تطهر من الحدث، والجنب، وينظف، وتطيب، ولبس من أحسن ثيابه اللائقة به بين أهل زمانه، قاصداً بذلك تعظيم العلم وتبجيل الشريعة"

هذا الأدب رائع فالمعلم إذا كان مرتاحا بسبب نظافته وملابسه المريحة أعطى أفضل مما إذا كان يحس بوجود قذارة فى جسمه وملابسه أو يحس بعدم الراحة بسبب ضيق الملابس أو اتساعها

ثبت طبيا أن الماء له أثر فعال فى ايقاظ الحواس وعمل الجسم فى الصباح وهو ما يؤثر على نفسية  الإنسان

ثم ذكر الأدب الثانى فقال :

"الثاني:

إذا خرج من بيته دعا بالدعاء الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو: (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزِل أو أزَلّ، أو أظلِمَ أو أظلَم، أو أجهَلَ أو يُجهل علي، عزّ جارك وجلّ ثناؤك، ولا إله غيرك) ثم يقول: (بسم الله وبالله، حسبي الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم ثبت جناني وادر الحق على لساني)، ويديم ذكر اللهّ تعالى إلى أن يصل إلى مجلس التدريس فإذا وصل إليه سلم على من حضر وصلى ركعتين، أن لم يكن وقت كراهة، فإن كان مسجداً تأكدت مطلقاً، ثم يدعو الله تعالى بالتوفيق والإعانة والعصمة، ويجلس مستقبلاً القبلة لحديث أكرم المجالس ما استقبل القبلة رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط، عن ابن عمر مرفوعاً والطبراني في الكبير عن ابن عباس نحوه مرفوعاً، ويكون بسكينة، ووقار، وتواضع، وخشوع، متربعاً، أو غير ذلك مما لا يكره من الجلسات، ولا يجلس مقعياً، ولا مستفزاً، ولا رافعاً إحدى رجليه على الأخرى، ولا ماداً رجليه أو إحداهما من غير عذر، ولا متكئاً على يديه إلى جنبه أو وراء ظهره، وليصن بدنه عن الزحف، والتنقل عن مكانه، ويديه عن العبث والتشبيك بهما، وعينيه عن تفريق النظر من غير حاجة، ويتقي المزاح وكثرة الضحك، فإنه يقلل الهيبة، ويسقط الحشمة، كما قيل من مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف بهولا يدرس في وقت جوعه، أو عطشه، أو همه، أو غضبه، أو نعاسه، أو قلقه، ولا في حال برده المؤلم، أو حره المزعج، فربما أجاب أو أفتى بغير الصواب، ولأنه لا يتمكن مع ذلك من استيفاء النظر"

وأما ما ذكره هنا فآداب عديدة أولها دعاء الخروج من البيت وهى أدعية مباحة وأما الصلاة فى مجلس الدرس فليس له علاقة بالتدريس والتعليم إلا إذا كان الدرس الصلاة وأما الثالث وهو استقبال الكعبة والدعاء مرة أخرى فأمر محرم فالكعبة تستقبل للصلاة وليس لغيرها كما قال تعالى "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام"

وأما التدريس فى المسجد فمحرم لأن المساجد إنما بنيت لذكر اسم وهو وحى الله كما قال تعالى "فى بيوت أذن الله أن ترفه ويذكر فيها اسمه" والمواد المدرسة تتناول أمور مختلفة وليست كلها كلام الوحى كما أن وجود التدريس فى المساجد يشغل المصلين عن صلاتهم من خلال تحدث المعلمين والمتعلمين فى المساجد وأما ما قاله عن جلسات المعلم فهو كلام نتوقف عنده فالمعلم يعلم واقفا أو قاعدا أو ماشيا حسبما يتيسر له خاصة إذا كان وقت الدرس طويلا فله أن يحرك جسمه بالجلوس المتنوع عدا الجلوسات التى يظن أنها محرمة وأما تحريك الأصابع وما شاكل هذا فهذا أمر يعتمد على ما يدرسه فالمعلم قد يحتاج فى الشرح إلى استخدام الأيدى بطرق مختلفة كما أن طول الدرس يستلزم ألا يضع يديه فى وضعية واحدة تجعله يتعب وأما المزاح فليس أمرا محرما كله وهو مطلوب فى الدروس خاصة مع الأطفال حتى لا يملوا ويظلوا منتبهين فوقت الانتباه للناس كلهم ليس طويلا ومن ثم فهم ينشغلون بأمر أخر ومن ثم يجب قطع الدرس كل فترة لمدة دقائق قصيرة بمزاح أو براحة حتى يمكن استعادة الانتباه مرة أخرى وأما كلامه عن عدم التدريس فى وقت الجوع والعطش والبرد القارص والحر الشديد فهو أمر سليم تماما حتى لا يتكلم المعلم كلاما خاطئا بسبب الانشغال بتلك الأمور وكذلك الأمر مع الطلاب    

 ثم تناول مسائل أخرى فقال :

"الثالث:
أن يجلس بارزاً لجميع الحاضرين موقراً فاضلهم بالعلم والسن، والصلاح والشرفوترفعهم على حسب تقدمهم، في الإمامة، ويتلطف بالباقين، ويكرمهم بحسن السلام، وطلاقة الوجه ومزيد الاحترام، ولا يكره القيام لأكابر أهل الإسلام على سبيل الإكرام، وقد ورد إكرام العلماء وطلبة العلم في نصوص كثيرة، ويلتفت إلى الحاضرين التفاتاً قسطاً بحسب الحاجة، ويخص من يكلمه أو يسأله، أو يبحث معه على الوجه عند ذلك بمزيد التفات إليه وإقبال عليه، وإن كان صغيراً وضعيفاً، فإن ترك ذلك من أفعال المتجبرين المتكبرين"

فأما بروز المعلم للطلاب فهو أمر مهم جدا حتى يصل صوته لهم كلهم  ويرون ما يفعله جميعا وأما أمر إجلاس الطلاب حسب علمهم وسنهم  فهو أمر خاطىء فى التعليم فالجلوس يجب حسب قدرة حواس المتعلمين فضعاف الرؤية والسمع يكونون أمامه المعلم حتى يسمعوا ويروا لأنهم لو جلسوا فى الخلف فاتهم ما يقوله وما يفعله والجلوس يكون بالتدرج أيضا فى الأطوال فالأقصر فى الأمام والأكثر طولا فى الخلف حتى تكون رؤية المعلم واضحة للكل  وهو امر يعانى منهم المعلمون حاليا فالكثير من الآباء والأمهات يأتون للمدارس ويريدون إجلاس أولادهم فى الصفوف الأولى دون مراعاة لأى شىء وللأسف لا يوجد قرار وزارى فى الأمر ويترك هذا للمعلم وهو أمر خاطىء فى ظل وجود معلمين عدة للفصل الواحد كل واحد فى مادة ومن ثم قد يغير التلميذ مقعده مجبرا بسبب معلم ما

  وأما التفات المعلم للمتحدث فهو أمر رائع وهو من آداب الحديث الواجبة

ثم قال :

"الرابع:
أن يقدم على الشروع في البحث والتدريس قراءة شيء من كتأب الله تعالى تبركاً وتيمناً، وكما هي العادة، فإن كان في مدرسة شرط فيها ذلك أتبع الشرط ويدعو عقيب القراءة لنفسه، وللحاضرين، وسائر المسلمين، ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمى الله تعالى ويحمده، ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم، ويترضى عن أئمة المسلمين ومشايخه، ويدعو لنفسه وللحاضرين ووالديهم أجمعين وهو واقف مكانه إن كان في مدرسة أو نحوها جزاء لحسن فعله وتحصيلاً لقصده"

أما قراءة القرآن تيمنا وبركة أول الدرس فهو تضييع للوقت طالما أن الدرس لا يرتبط بآيات فى المصحف كما أنهلا يوجد شىء اسمه التبرك بالقراءة فالبركة إنما هى فى طاعة القرآن

وأما الدعاء والاستعاذة والتسمية والصلاة على النبى(ص)وطلب الرضى للأئمة والحضور قبل بداية كل درس فأمر غير مطلوب خاصة عندما يكون الأمر متعلق بوجود وقت محدد للحصة يضيع الكثير منه بسبب ذلك وهى أمور لم يطلبها الله فى التعليم

ثم تناول الرجل مسألة تعدد الدروس فقال:

  "الخامس:
إذا تعددت الدروس قدم الأشرف فالأشرف، والأهم فالأهم: فيقدم تفسير القرآن، ثم الحديث، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم المذهب، ثم الخلاف، أو النحو أو الجدل، ويصل في درسه ما ينبغي وصله، ويقف في مواضع الوقف، ومنقطع الكلام ولا يذكر شبهة في الدين في درس ويؤخر الجواب عنها إلى درس آخر، بل يذكرهما جميعاً أو يدعهما جميعاً وينبغي أن لا يطيل الدرس تطويلاً يمل ولا يقصر تقصيراً يخل، ويراعي في ذلك مصلحة الحاضرين، ولا يبحث في مقام أو يتكلم في فائدة إلا في موضع ذلك، فلا يقدمه عليه ولا يؤخره إلا لمصلحة تقتضي ذلك وترجحه"

وأمر تقديم المواد حسب الشرف  المزعوم خطأ فالعلوم المدرسة لابد أن تبدأ خاصة للأطفال بتعلم القراءة والكتابة والحساب العددى فقراءة القرآن لا تتم دون تعلم القراءة وأما فيما بعد فمن خلال القراءة والكتابة يتم تعلم الأحكام وغيرها وهناك تدرج فى التعليم فى المواد المدرسة فيتم البدء بالمعاملات اليومية والعلوم المتعلقة بالنبات والحيوان الموجود فى البيئة

وأما العلوم المذكورة فهو أمر يكون عندما لا تكون هناك الدولة الإسلامية  ولا المجتمع المسلم الذى يريد تربية أطفاله وشبابه فيكون المعلمون هم من يتولون الأمر

ثم تناول صوت المعلم فقال :

   "السادس:
أن لا يرفع صوته زائداً على قدر الحاجة، ولا يخفضه خفضاً لا يحصل معه كمال الفائدة روى الخطيب في الجامع عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أن الله يحب الصوت الخفيض، ويبغض الصوت الرفيع"

القول هنا خاطىء فالله يطلب إسماع المتعلمين وهذا الاسماع  يتوقف على سعة مكان التعلم فإن كان كبيرا وجب رفع الصوت وإن كان ضيقا وجب خفض الصوت

ثم قال:

"السابع:

أن يصون مجلسه عن اللغط، فإن اللغط تحته، وعن رفع الأصوات واختلاف وجهات البحث "

أما اللغط وهو الكلام الذى يتكلمه أفراد عدة فى نفس الوقت فهو أمر محرم وأما اختلاف وجهات البحث  فهو أمر مباح حتى يتضح الحق ويكون هذا فى تعليم الكبار وأما الصغار فلا يتم تعليمهم الأمور الخلافية لأنهم لا يستوعبون تلك الأمور   

ثم تناول أمر الشغب فى مجلس العلم فقال:

"الثامن:
أن يزجر من تعدى في بحثه، أو ظهر منه لدد وسوء أدب، أو ترك إنصاف بعد ظهور الحق، أو أكثر الصياح بغير فائدة، أو أساء أدبه على غيره من الحاضرين أو الغائبين، أو ترفع في المجلس على من هو أولى منه، أو نام أو تحدث مع غيره أو ضحك، أو استهزأ بأحد من الحاضرين، أو فعل ما يخل بأدب الطلب في الحلقة"

أما الزجر عن الخطأ وهو ارتكاب ذنب كلاميا فمطلوب من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأما تكرار الخطأ فيوجب العقاب الذى أوجبته الشريعة حتى لا يتحول مجلس العلم لمجلس فحش وسوء ويكون هذا مع الكبار وأما الصغار فيتم عقابهم بعد النهى الكلامى بالضرب بالعصا المرنة على الأكف والأرجل عدة مرات إذا أحدثوا شغبا متكررا بشتم الزملاء أو ضربهم أو بالصياح والغناء والطبل والإشارات التى يفهم منه العيب  

ثم ذكر التالى :

"التاسع:
أن يلازم الِإنصاف في بحثه وخطابه، ويسمع السؤال من مورده على وجهه وإن كان صغيراً، ولا يترفع عن سماعه فيحرم الفائدة، وإذا عجز السائل عن تقرير ما أورده أو تحرير العبارة فيه لحياء أو قصور، ووقع على المعنى عبر عن مراده، وبين وجه إيراده ورد على من رد عليه، ثم يجيب بما عنده أو يطلب ذلك من غيره، ويقصد بكلامه النصح والإرشاد وطلب النجاة، وما يعود نفعه على الكل، ويكلم كل أحد على قدر عقله وفهمه، فيجيب بما يحتمله حال السائل، ويتروى فيما يجيب به، وإذا سئل عما لم يعلمه قال: لا أعلم أو لا أدري فمن العلم أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم، أو الله اعلمِ"

تناول الرجل هنا الإجابة على الأسئلة مطالبا المعلم بالسماع من الطالب فإن كان السؤال غير مفهوم ظل مع الطالب حتى يعرف مراده من السؤال حتى يجيب عليه إن كان يعلم فإن كان لا يعلم اعترف بجهله واجتهد أن يجيب عليه فى يوم أخر بعد البحث وسؤال المعلمين الأخرين

ثم بين كيفية معاملة المعلم للطالب الجديد على الفصل أى الدرس باعتباره غريبا عليه وعلى أصحابه فقال:

"العاشر:
أن يتودد لغريب حضر عنده ويبسط له لينشرح صدره، فإن للقادم دهشة، ولا يكثر الالتفات والنظر إليه استغراباً له، فإن ذلك يخجله، وإذا أقيل بعض الفضلاء وقد شرع في مسألة امسك عنها حتى يجلس، وإن جاء وهو يبحث في مسألة أعادها له أو مقصودها، وإذا أقبل فقيه وقد بقي لفراغه وقيام الجماعة بقدر ما يصل الفقيه إلى المجلس، فليؤخر تلك البقية ويشتغل عنها ببحث أو غيره إلى أن يجلس الفقيه، ثم يعيدها أو يتم تلك البقية كيلا يخجل المقبل بقيامهم عند جلوسه"

والكلام كلام رائع فلابد من تحبيب الجديد الغريب فى المعلم والدرس بكل الوسائل الممكنة

ويتكلم فى بقية الفقرة عن قيام بعض التلاميذ المجتهدين بالشرح للزملاء حتى يحضر المعلم وأن عليهم أن يطلبوا من المعلم شرح النقاط التى وجدوا الزملاء لم يفهموها 

ثم يذكر ضرورة ان يقول المعلم عند نهاية كل شرح والله أعلم فى قوله:

"الحادي عشر:

جرت العادة أن يقول المدرس عند ختم كل درس: والله أعلم، كذلك يكتب المفتي بعد كتابة الجواب، لكن الأولى أن يقال قبل ذلك كلام يشعر بختم الدرس كقوله: وهذا آخره أو ما بعده يأتي أن شاء الله تعالى ونحو ذلك، ليكون قوله والله أعلم خالصاً لذكر الله تعالى ولقصد معناه ولهذا ينبغي أن يستفتح كل درس ببسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله، كما يستفتح جواب الفتيا بذلك ليكون ذاكراً لله تعاطا في بدأته وخاتمته
والأولى للمدرس أن يمكث قليلاً بعد قيام الجماعة فإن فيه فوائد وآداباً له ولهم، منها عدم مزاحمتهم، ومنها أن كان في نفس أحدهم بقايا سؤال سأله، ومنها عدم ركوبه بينهم أن كان يركب وغير ذلك ويستحب إذا قام أن يدعو بما ورد به الحديث، سبحانك اللهّ، اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك"

وبالقطع ليس ضروريا القول والله أعلم إلا فى المسائل التى لا يعلم عنها المعلم إلا القليل

وأما استفتاح الدرس بالبسملة والحمد هنا فهو يناقض كلامه فى فقرة سابقة وهو :

"أن يقدم على الشروع في البحث والتدريس قراءة شيء من كتأب الله تعالى تبركاً وتيمناً، وكما هي العادة، فإن كان في مدرسة شرط فيها ذلك أتبع الشرط ويدعو عقيب القراءة لنفسه، وللحاضرين، وسائر المسلمين، ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمى الله تعالى ويحمده، ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم، ويترضى عن أئمة المسلمين ومشايخه، ويدعو لنفسه وللحاضرين ووالديهم أجمعين وهو واقف مكانه إن كان في مدرسة أو نحوها جزاء لحسن فعله وتحصيلاً لقصده"

وكما قلنا يكون هذا مطلوبا عندما يكون هناك متسع من الوقت وليس وقت محدود للحصة

ومن الرائع مطالبته المعلم أن يمكث قليلا بعد انتهاء الدرس حتى يطلب الطالب الذى لم يفهم بعضا أو كلا منه أن يعيد عليه الشرح أو يجيب له عن أسئلته

وأما حكاية عدم ركوب المعلم دابته أو سيارته والتلاميذ موجودين فلا يوجد ما يحرمها

وذكر الرجل التالى :

 "الثاني عشر:أن لا ينتصب للدرس إذا لم يكن أهلاً له، ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه، فإن ذلك لعباً في الدين وازدراء بين الناس قال النبي صلى اللهّ عليه وعلى آله وسلم: المتشبع بما لم يعط، كلابس ثوب زور"
وهو ينهى المعلم عن تدريس علم لا يعرفه وينهى الحاكم عن تعيين غير المؤهل للتدريس وهو كلام طيب

ثم تناول الرجل ما يفعله المعلم مع تلاميذه فقال:

"الفصل الثالثفي آداب العَالِم مع طَلَبتِهوهو أربعة عشر نوعاً:

 الأول: أن يقصد بتعليمهم وتهذيبهم وجه الله تعالى، ونشر العلم، وإحياء الشرع، ودوام ظهور الحق، وخمول الباطل، ودوام خير الأمة بكثرة علمائها، واغتنام ثوابهم، وتحصيل ثواب من ينتهي إليه علمه من بعدهم وبركه دعائهم له، وترحمهم عليه، ودخوله في سلسلة العلم، بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبينهم، وعداده في جملة مبلغي وحي الله وأحكامه، فإن تعليمه العلم من أهم أمور الدين، وأعلى درجات المؤمنين على ما سبق إيضاحه "

أفلح الرجل فى ذكر أن التعليم المقصود به من المعلم طاعة الله لدخول الجنة وحكم الدنيا بالأحكام المطاعة

وذكر الرجل ضرورة قيام المعلم بتعليم المتعلم حتى ولو كان لا يحب التعليم  فقال:

 "الثاني: أن لا يمتنع من تعليم الطالب لعدم خلوص نيته، فإنه يرجى له حسن النية، وربما عسر في كثير من المبتدين، تصحيح النية لضعف نفوسهم، وقلة أنسهم بموجبات تصحيح النية، والامتناع من تعليمهم، يؤدي إلى تفويت كثير من العلم، مع أنه يرجى ببركة العلم تصحيحها إذا آنس بالعلم "

بالقطع السير مع المتعلمين فى البداية غالبا ما يكون عسيرا لأن الكثير من الطلاب لا يحبون التعلم ويرغبون فى الألعاب وما شاكلها مما يشغلهم عن العلم ومن ثم على المعلم استدراجهم لحب العلم وإلا عليه بعد محاولات كثيرة وعديدة أن يعلنها صريحة أن هناك مشكلة فى تعليم فلان وعلان وأنهم ينبغى لهم أن يسلكوا طريقا أخر ليمتهنوا مهنة ما يتعلموها ليتعيشوا منها 

ويبين الرجل أن على المعلم أن يبين للطالب محاسن ومزايا التعلم وهو قوله:

الثالث: أن يرغبه في العلم وطلبه في أكثر الأوقات بذكر ما أعد الله تعالى للعلماء من منازل الكرامات، وأنهم ورثة الأنبياء، وعلى منابر من نور"

وبالطبع هذا الكلام هو لطلبة العلم الكبار خاصة من يمتهنون المهن التعليمية وهم المعلمون والخطباء والإعلاميون

ثم بين الرجل أن على المعلم ان يحب لتلميذه ما يحب لنفسه ويكره ما يكرهه لنفسه حسب الشرع وأن يعامل الطالب كما يعامل ابنه فقال:

"الرابع: أن يحب لطالبه ما يحب لنفسه، كما جاء في الحديث، ويكره له ما يكره لنفسهوينبغي أن يعتني بمصالح الطالب ويعامله بما يعامل به أعز أولاده من الحنو والشفقة عليه، والإحسان إليه، والصبر على جفاء ربما وقع منه ونقص لا يكاد الإنسان يخلو عنه، وسوء أدب في بعض الأحيان ويبسط عذره بحسب الإمكان، ويوقفه مع ذلك على ما يصدر منه، بنصح وتلطف، لا بتعنيف وتعسف، قاصداً بذلك حسن تربيته، وتحسين خلقه، وإصلاح شأنه فإن عرف ذلك لذكائه بالإشارة، فلا حاجة إلى صريح العبارة، وإن لم يفهم ذلك إلا بصريحها أتي به وراعى التدريج في التلطف، ويؤديه بالآداب السنية ويحرضه على الأخلاق المرضية، ويوصيه بالأمور العرفية الموافقة للأوضاع الشرعية"

معاملة التلميذ كابن هى ما نفتقده فى التعليم الحالى بسبب نقل المخربين فى بلادنا ما يفعله الغربيون لبلادنا فالأب يشفق على ابنه ويضربه عندما يراه ينحرف بعد أن يعظه كثيرا وهو ما كان يحدث قبل عقود عندما كان والد الطالب يذهب للمدرسة ويطلب من المعلم عقاب ابنه بالضرب والحبس وأحيانا ما كان يضرب ولده داخل المدرسة حتى يحترم معلمه ولكن المخربون فى بلادنا منعوا الضرب ومن ثم أصبح كثير من أولياء الأمور يشتكون المعلمين الذين يضربون أولادهم وينال المعلمون العقوبات المالية وغيرها وأصبح بعض الطلبة حتى فى المرحلة الابتدائية يقفون ويعترضون على الضرب ويقولون أنهم سيشتكون المعلم لأنه يضربهم وهو ما أفقد معلمى بلادنا الرغبة فى الحرص على تعليم الأولاد حتى لا يصابوا فى أرزاقهم وأصبح الشعار تعلم أم لم يتعلم هو حر

 المفترض فى أى مسلم هو أن يكون رحيما مع المسلمين فكل المسلمين أسرة واحدة  يتعاملون مع بعضهم بالعدل كما قال تعالى "وأن هذه أمتكم أمة واحدة" ولكن ما يحدث يثبت أن المجتمع كفر بآيات الله واتبع سبيل الكفار

ثم بين الرجل واجبات المعلم فى شرحه العلم فقال:

"الخامس: أن يسمح له بسهولة الإلقاء في تعليمه، وحسن التلطف في تفهيمه، لا سيما إذا كان أهلاً لذلك، بحسن أدبه وجودة طلبه ويحرضه على ضبط الفوائد وحفظ النوادر والفرائد، ولا يدخر عنه من أنواع العلوم، وما يسأله عنه وهو أهل له، لأن ذلك ربما يوحش الصدر، وينفر القلب، ويؤرث الوحشة، وكذلك لا يلقي إليه ما لم يتأهل له، لأن ذلك يبدد ذهنه ويعوق فهمه، فإن سأله الطالب شيئاً من ذلك لم يجبه، ويعرفه أن ذلك يضره ولا ينفعه، وإن منعه إياه شفقة عليه ولطفاً به، لا يخل عليه ثم يرغبه عند ذلك في الاجتهاد والتحصيل، ليتأهل لذلك وغيره"

نقطة الخلاف فى الفقرة هى منع بعض العلوم على الطالب وهو أمر ليس مرادا فمهما كان العلم فلابد من بيانه إذا أراد الطالب تعلمه لأن النفس الإنسانية تعمل بمبدأ كل ممنوع مرغوب ومن ثم فالطالب بدلا من أن يكون له مرشد يوجهه للصواب من الخطأ فى هذا العلم سيضطر لخبط العشواء كى يعرف هذا العلم وأمامنا فى المصحف علم السحر الذى أنزله الله إلى ملكى بابل وعلموه للناس ولكنهم وضحوا لهم حرمة العمل به وفى هذا قال تعالى :

  "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له فى الأخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون"

وكرر الرجل النقطة الخامسة فى السادسة فقال:

"السادس: أن يحرص على تعليمه وتفهيمه ببذل جهده وتقريب المعنى له من غير إكثار لا يحتمله ذهنه، أو بسط لا يضبطه حفظه، ويوضح لمتوقف الذهن العبارة، ويحتسب إعادة الشرح له، وتكراره، ويبدأ بتصوير المسائل وتوضيحها بالأمثلة وذكر الدلائل، ويقتصر على تصوير المسألة وتمثيلها لمن لم يتأهل لفهم مأخذها ودليلها، وبذكر الأدلة والمآخذ لمحتملها، ويبين له معاني أسرار حكمها وعللها، وما يتعلق بتلك المسألة، من فرع وأصل، ومن وهم فيها في حكم، أو تخريج، أو نقل بعبارة حسنة لم لأداء بعيدة عن تنقيص أحد من العلماء ولا يمتنع من ذكر لفظة يستحيا من ذكرها عادة إذا احتيج إليها، ولم يتم التوضيح إلا بذكرها، فإن كانت الكناية تفيد معناها، وتحصيل مقتضاها تحصيلاً بيناً لم يصرح بذكره، بل يكتفي بالكتابة عِنها، وكذلك إذا كان في المجلس من لا يليق ذكرها بحضوره لحيائه أو لخفائه، فيكنى عن تلك اللفظة، ولهذه المعاني واختلاف الحال ورد في حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التصريح تارة والكناية أخرى"

تناول الرجل نقطة هامة وهى استخدام التعبيرات التى يسميها البعض بذيئة وما هى ببذيئة ويثاب معلمها فى الحلال فى التعليم عند البعض الدروس كدرس الصوم فمثلا يعلمون الأطفال فى مدارسنا الحالية أنه الامتناع عن الطعام والشراب دون ذكر جماع الزوجين وإن ذكروه فى الكتب سموه الجماع والمباشرة ولم يسموه باسمه المعروف عند العامة وهم النيك ومن ثم تجد أغلبية الطلاب لا تفهم معنى الكلمة إلا بعد أن يقوم زميل ذو اطلاع أو يجلس مع أصدقاء أكبر بتفهيمهم معنى الكلمة

ثم تناول الرجل ما يسمى التقويم حاليا وهو طرح أسئلة على الطلبة لمعرفة مدى فهمهم فمن فهم عرفه فأثنى عليه  ومن لم يفهم أعاد له الشرح حتى يفهم وهو قوله:

"السابع: إذا فرغ الشيخ من شرح درس، فلا بأس بطرح مسائل تتعلق به على الطلبة، يمتحن بها فهمهم وضبطهم لما شرح لهم، فمن طهر استحكام فهمه له بتكرار الإصابة في جوابه شكره، ومن لم يفهمه تلطف في إعادته له، والمعنى بطرح المسائل أن الطالب ربما استحيا من قوله: لم أفهم، إما لرفع كلفة الإعادة عن الشيخ، أو لضيق الوقت، أو حياء من الحاضرين، أو كيلا تتأخر قراءتهم بسببه "

وهذه النقطة تتضمن مسألتى التقويم وعلاج ما بعد التقويم وهى مسألة ما زالت فى عصرنا فى طور النقاش رغم كونها قديمة

ثم تناول الرجل جزئية أخرى من التقويم وهى تقويم الحفظ لما سبق كل مدة فقال:

"الثامن: أن يطالب الطلبة في بعض الأوقات بإعادة المحفوظات، ويمتحن ضبطهم لما قدم لهم من القواعد المهمة، والمسائل الغريبة، ويختبرهم بمسائل تبنى على أصل قرره أو دليل ذكره، فمن رآه مصيباً في الجواب ولم يخف عليه شدة الإعجاب، شكره وأثنى عليه بين أصحابه ليبعثه وإياهم على الاجتهاد في طلب الازدياد، ومن رآه مقصراً ولم يخف نفوره، عنفه على قصوره، وحرضه على علو الهمة، ونيل المنزلة في طلب العلم، لا سيما إذا كان ممن يزيده التعنيف نشاطاً، والشكر انبساطاً، ويعيد ما يقتضي الحال إعادته ليفهمه الطالب فهماً سخاً"

والنقطة تناولت شيئا مهما وهو مسألة الحفظ فالمختلون فى بلادنا ما زالوا يقولون أن الحفظ ليس شيئا مطلوبا فى العلم وإنما المطلوب هو الفهم فقط وهو كلام غبى فغالب العلم  خاصة العلم العملى يعتمد على الحفظ فكيف مثلا تجرى تجربة دون أن تكون حافظا لأسماء الأدوات والخطوات ؟

مثلا كيف يقرأ التلميذ كلمة وهو غير حافظ لطريقة نطق كل حرف فى كل حالة من حالاته "

مثلا كيف يحسب التلميذ مسألة ضربية دون أن يكون حافظا لجدول الضرب وطريقة الضرب؟

قد يقول قائل إن وسائل التقنية الحديثة تغنى عن الحفظ فتلك الأشياء مكتوبة عليها ومن أراد أن يفعل شىء عليه الاستعانة بها وهو كلام عقيم لأن الإنسان فى كثير من الأحيان قد لا يمتلك  التقنية أو يمتلكها ولكنه يكون فى مكان ما لا يمكن تشغيل التقنيات فيها مثل الصحارى والجبال والبحار بنفاد الشحن والوقود

إننا عندما نوقف عقول التلاميذ عن العمل بسبب التقنيات فإننا نجعلهم جهلة لا يقدرون على التصرف دون آلة وهو الحادث حاليا فى مجال التعليم فى بلادنا حيث تسمح وزارات المعارف باستخدام الآلات الحاسبة فى مادة الحساب أو الرياضيات وهو ما جعل الكثير من الناس لا يجيدون عمليتى الضرب والقسمة وتسبب فى جهل الكثير من الناس  

ثم بين الرجل ضرورة أن ينصح المعلم الطالب المجد بعدم إرهاق نفسه فى التعلم حتى لا يمل من العلم فقال:

" التاسع: إذا سلك الطالب فوق ما يقتضيه حاله، أو تحملته طاقته، وخاف الشيخ ضجره، أوصاه بالرفق بنفسه، وذكره بقول النبيِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أن المنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى"

ثم ذكر الرجل نقطة مهمة وهى أن يجب أن يكون المعلم على دراية بالقواعد التى لا تشذ فى علمه حتى يعلمها للطالب فيحل بها كل المسائل فى علمه  فقال:

"العاشر: أن يذكر للطلبة قواعد الفن التي لا تنخرم، إما مطلقاً كتقديم المباشرة على السبب في الضمان، أو غالباً كاليمين على المدعى عليه، إذا لم تكن بينة، ونحو ذلك من القواعد، وكذلك كل أصل وما ينبني عليه من كل فن يحتاج إليه من علمي التفسير والحديث، وأبواب أصول الدين والفقه، والنحو والتصريف واللغة، ونحو ذلك إما بقراءة كتاب من الفن أو بتدريج وهذا كله إذا كان الشيخ عارفاً بتلك الفنون، وإلا فلا يتعرض لها، بل يقتصر على ما يتقنه منها، ومن ذلك ما لا يسع الفاضل جهله كأسماع المشهورين من الصحابة، والتابعين وأئمة المسلمين، وعلماء أهل البيت المطهرين العاملين، وأهل الزهد والصلاح من الفقهاء المحققين، وما يستفاد من محاسن آدابهم، ونوادر أحوالهم، فيحصل له مع الطول فوائد كثيرة"

الموجود حاليا فى مدارسنا وجامعاتنا هو ضرب من الجنون فالنادر من المعلمين من يقوم بتعليم القواعد العامة خاصة فى علوم مثل الرياضيات بل إن الكثيرين منهم لا يعلمون أصلا بها ومنهم أنا فقد عانيت مثلا فى صغرى فى تعلم الرياضيات مع أن تعلمتها بعد تخرجى كمعلم بطريقة أسميها الطريقة البلدية وهى الطريقة التى يفهم بها العامة وللأسف فإن وزارات التعليم ساعدت على الجهل بإدخال الآلات الحاسبة فى التعليم وإجابة التلميذ عن طريقها  فالمفترض ألا يستخدم الطالب الآلة إلا بعد أن يجيد العمليات المطلوبة عقليا

 وبين الرجل أنه لا ينبغى للمعلم أن يفاضل بين التلاميذ أمامهم فقال:

"الحادي عشر: أن لا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده واعتناء مع تساويهم في الصفات من سن، أو فضيلة، أو تحصيل، أو ديانة، فإن ذلك ربما يوحش الصدور وشفر القلوب، فإن كان لأحدهم فضيلة، فأظهر إكرامه لأجلها فلا بأس بذلك، لأنه ينشط ويبعث على الاتصاف بتلك الصفات، ولا يقدم أحداً في نوبة الآخر، إلا إذا رأى في ذلك مصلحة تزيد على مصلحة مراعاة النوبة، أو سمح الطالب بذلك كما سيأتي إن شاء الله وينبغي أن يتودد لحاضرهم ويذكر غائبهم بخير وحسن ثناء، وينبغي أن يستعلم عن أسمائهم وأنسابهم ومواطنهم وأحوالهم، ويكثر الدعاء لهم"

وعدم تفضيل الطلاب على بعضهم هو أمر رائع حتى لا يثير الضغائن بين البعض خاصة المتفوقين منهم وهو أمر يؤثر فيما بعد على علاقاتهم مع بعضهم البعض وعلى مجلس العلم نفسه

والفقرة تبين ضرورة إحاطة المعلم بكل الأمور المعيشية عن كل طالب وهذا المعرفة تساعده على تفهم حالة كل طالب وهو ما يسمونه حاليا العلم بالفروق الفردية وإن كانت الفقرة زادت عليها ما يخص أسرة الطالب وأحوالها

وبين الرجل فى الفقرة التالية الأعمال السيئة التى يقوم بها الطلاب والتى ينبغى العقاب عليها وبين طرق التدرج فى علاجها وهو التعريض بذكر الخطأ دون تحديد صاحبه ثم نهى الطالب سرا إن لم يفهم انه المقصود أو فهم ولم يصلح الخطأ ثم نهيه علنا إن كرر الخطأ ثم إغلاظ القول له علنا ثم طرده من الدرس إن عاد لارتكاب الخطأ وهو كلام لم يصل له الغربيين كله فى علاج أخطاء التلاميذ وفى هذا قال :

"الثاني عشر: أن يرقب أحوال الطلبة في آدابهم وهديهم وأخلاقهم باطناً وظاهراً، فمن صدر منه من ذلك ما لا يليق من ارتكاب محرم أو مكروه، أو ما يؤدي إلى فساد حال، أو ترك اشتغال، أو إساءة أدب في حق الشيخ أو غيره، أو كثرة كلام بغير توجيه ولا فائدة، ومعاشرة من لا تليق معاشرته، أو نحو ذلك مما سيأتي أن شاء الله تعالى في آداب المتعلم، عرض الشيخ بالنهي عن ذلك بحضور من صدر منه ذلك، غير معرض به، ولا معين له، فإن لم ينته نهاه عن ذلك سراً، ويكتفي بالإشارة مع من يكتفي بها، فإن لم ينته نهاه عن ذلك جهراً، ويغلظ القول عليه أن اقتضاه الحال، ليزجر هو وغيره، ويتأدب به كل سامع، فإن لم ينته فلا بأس بطرده والإعراض عنه إلى أن يرجع، وكذا يتعاهد ما يعامل به بعضهم بعضاً من إفشاء السلام، وحسن التخاطب في الكلام، والتحابب، والتعاون على البر والتقوى، وعلى ما هم بصدده"

بالقطع ما نقله المتخلفون فى وزارات التعليم هو سرية البيانات والأخطاء وهو كلام جنونى لا يعالج الطالب وإنما ينقله للمجتمع لكى يكون مجرما يرتكب الجرائم كما لم يجد من يحاسبه ويفضحه فى الجرائم التى ارتكبها فى مؤسسات التعليم

لا أدرى كيف يظن المجانين فى وزارات التعليم أنهم يفعلونه عندما يقوم الطالب بضرب معلمه أو زميله أو يدخن السجائر والمخدرات أو يصور زميلاته وهن فى دورات المياه أو يتحرش بهم  ؟

وبعد هذا يقولون أن التعليم انحدر وأن الأخلاق ضاعت وهم من يقومون بتضييعها

هذه الجرائم لم تعد حكرا على المراحل الثانوية والإعدادية وإنما انتقلت للمرحلة الابتدائية فقد كان عندنا فى المدرسة التى أعمل بها  طالب أسميناه القرموطى محترف ضرب الزملاء وتصوير زميلاته فى دورات المياه بل أخرج لهم عضوه التناسلى وقال لهم الحسوا  الآن وبعد خروجه من الابتدائى يعمل فى توصيل المخدرات للزبائن وهو فى الثالثة عشر من عمره

ويذكر الرجل نقطة لم يصل لها الغربيون إلا حديثا وهى مساعدة المعلم الطلاب ماديا واجتماعيا وصحيا حسب امكاناته  فقال:

"الثالث عشر: أن يسعى في مصالح الطلبة وجمع قلوبهم، ومساعدتهم بما تيسر من جاه أو مال عند قدرته على ذلك، وسلامة دينه وعدم ضرره، فإن الله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن يسر على معسر يسر الله عليه حسابه يوم القيامة، ولا سيما إذا كان ذلك إعانة على طلب العلم، وإذا غاب بعض الطلبة، أو ملازمي الحلقة زائداً على العادة، سأل عنه فإن لم يخبر عنه بشيء، أرسل إليه وقصد منزله بنفسه، وهو أفضل، فإن كان مريضاً عاده، وإن كان في غمّ خفض عليه، أو في أمر يحتاج إليه فيه أعانه، وإن كان مسافراً يفقد أهله ومن يتعلق به، وسأل عنهم ويعرض لحوائجهم ووصلهم بما أمكن، وإن لم يكن في شيء من ذلك تودد إليه ودعا له واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه، واقرب أهله إليه"

الفقرة هنا تجعل العلاقة بين الطالب ومعلمه علاقة أبوية علاقة مجتمع مسلم متعاون مع بعضه البعض

العلاقة فى وزارات التعليم فى بلادنا جعلت العلاقة بين الطالب والمعلم علاقة موظف بمواطن يخدمه وليس علاقة أبوة أو أمومة

الموظف أى المعلم أصبح فى قوانين بلادنا تحت أمر الطالب وولى أمره بالحق والباطل ومن ثم زالت العلاقة الرحيمة فالمعلم بدلا من أن يشرح كما يجب أصبح الكثيرون لا يشرحون حتى يمكن أن يعطى درسا للطالب يمكنه من العيش بقية الشهر بمال الطالب لأن الحكومات لا تعطيه ما يكفيه والطالب لأنه يعطى المعلم مالا أصبح لا يحترمه فى كثير من الأحيان لأنه يظن أنه سيده والمعلم حتى لا يخصم من راتبه شىء أصبح يرى خروج التلاميذ على الآداب ولا ينصحهم حتى لا يعرض نفسه لمشكلة مع الطالب أو ولى أمره تجعل مرتبه الذى لا يكفيه ينقص أكثر مما هو

وبين الرجل أن على المعلم أن يكون متواضعا مع الكل فقال :

"الرابع عشر: أن يتواضع مع الطالب وكل مسترشد، إذا قام بما يجب عليه من حقوَق الله وحقوقه، ويخفض له جناحه، ويلين له جانبه، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) وصح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا، وما تواضع أحد إلا رفعه الله وهذا في التواضع، لمطلق الناس، فكيف من له حق الصحبة وحرمة التردد، وصدق التودد، وشرف الطلب، فهم كأولاده وفي الحديث: " لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه"

وفى الفصل الرابع تعرض الرجل لما يجب أن يكون عليه المتعلم فى الفصل الرابع فقال:
"في آداب المتعلم في نفسهوهي عشرة أنواع:

 الأول: أن يطهر قلبه من كل غش، ودنس، وغل، وحسد، وسوء عقيدة وخلق، ليصلح بذلك لقبول العلم وحفظه والاطلاع على دقائق معانيه وحقائق غوامضه"

الرجل هنا يتحدث عن الطالب الكبير الذى يطلب العلم بنفسه فى التعليم الحر الذى تركته الدول التى يحكى عنها التاريخ للناس ولم تتدخل لتنظيمه إلا نادرا فى بعض الدول كالدول الفاطمية عندما أنشأت الأزهر لمصلحة الدولة نفسها

وبين الرجل أن الطالب الكبير لابد من أن يطلب العلم لطاعة الله به فقال:

 "الثاني: حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله عز وجل والعمل به، وإحياء الشريعة، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم لقائه، والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه، وعظم فضله"

وبين أن الطالب لابد أن ينظم أوقاته ويشغل كل أوقات الصحو بطلب العلم فقال :

"الثالث: أن يبادر شبابه وأوقات عمره فيصرفها إلى التحصيل، ولا يغتر بخدع التسويف والتأمل فإن كل ساعة تمضي من عمره لا بدل لها ولا عوض عنها ويقطع ما يقدر على قطعه من العلايق الشاغلة والعوايق المانعة عن تمام الطلب وبذل الاجتهاد وقوة الجد في التحصيل، فإنها كقواطع الطريق "

هذه الفقرة تبين نقطة غفلت عنها الدول الحديثة وحتى القديمة إلا الدولة الإسلامية الحقيقية وهو أن التعليم والتربية تشترك فيه كل مؤسسات وأفراد الدولة ومن ثم لا ينفع تعليم مفيد مع إعلام فاسد مع فن فاسد مع مؤسسات ظالمة فإما أن تكون الخطة شاملة للكل وإما فالتعليم ضائع وهو الحال فى كل دول العالم وكما قيل :

متى يبلغ البنيان يوم تمامه                                     إذا كنت تبنى وغيرك يهدم

مثال مفهوم وزارات التربية والتعليم والأوقاف والبحث العلمى  فى بلادنا المفترض أنها تبنى القيم والأخلاق ومع هذا تقوم وزارات الثقافة والإعلام والشباب والرياضة بهدم القيم التى تبنيها الوزارات الأولى فالراقصون والراقصات والممثلون والممثلات واللاعبون واللاعبات من خلال تلك الوزارات من خلال إنتاج الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والمعارض وإصدار الكتب ومن خلال استضافة هؤلاء الأغبياء الحثالة باستمرار تهدم كل القيم فالقدوة ليسوا الرسل وإنما العاهرون والعاهرات تذكروا أم مصر المثالية

ثم تناول الرجل وجوب رضا طالب العلم باليسير والصبر عليه فقال :

"الرابع: أن يقنع من القوت بما تيسر، وإن كان يسيراً، ومن اللباس بما ستر مثله، وإن كان خلقاً بالصبر على ضيق العيش، ينال سعة العلم ويجمع شمل القلب عن متفرقات الآمال، فتفجر فيه ينابيع الحكم "

المفترض أن طالب العلم يتم توفير ضرورياته كلها من قبل المجتمع حتى يكون متفرغا لعملية التعلم وحكاية القنوع بما تيسر تنفع فى مجتمعات التعلم الحر

وعاد الرجل فكرر النقطة الثالثة فى الخامسة وهى أهمية تنظيم الوقت والانشغال بطلب العلم فى أوقات الصحو فقال :

الخامس: إن يقسم أوقات ليله ونهاره، ويغتنم ما بقي من عمره، فإن بقية العمر لا قيمة لها، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الأبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة الليل، وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع، وأجود الأماكن للحفظ كل مكان بعيد عن الملهيات، كالنبات، والخضرة، والأنهار، وقوارع الطرق، وضجيج الأصوات، لأنها تمنع من خلو القلب غالباً"

ما ذكر هنا من أوقات محددة لعمليات الكتابة والقراءة والحفظ هو خطأ فكل فرد أو طالب يقدر على أى عملية فى أى وقت ومن ثم لا يجب تحديد الشىء بوقت لأن الشواغل لا يعرف الإنسان متى تأتى ومن ثم يتصرف كل طالب على أساس ما ينفعه

ويعود الرجل فيكرر النقطة الرابعة فى النقطة السادسة وهى القناعة بالرزق اليسير فيقول:
"السادس: من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال والفهم وعدم الملال، أكل القدر اليسير من الحلال "

ويعيد النقطة الأولى وهى تطهير النفس فى النقطة السابعة بالورع وهو الخوف من عقاب الله بطاعته وهو نفسه تطهير النفس والذى لا يكون إلا بطاعة الله وفى هذا قال:

"السابع: إن يأخذ نفسه بالورع في جميع شأنه ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه، وفي جميع ما يحتاج إليه هو وعياله ليستثير قلبه، ويصلح لقبول العلم ونوره، والنفع به ولا يقنع لنفسه بظاهر الحل شرعاً، مهما أمكنه التورع، ولم تلجه حاجة، بل يطلب الرتبة العالية، ويقتدي بمن سلف من العلماء الصالحين في التورع عن كثير مما كانوا يفتون بجوازه"

وينقلنا الرجل لنقطة هامة وهى أثر الغذاء على عملية تعلم المتعلم فيقول:

"الثامن: إن يقلل استعمال المطاعم التي هي من أسباب البلادة، كالتفاح الحامض، والباقلا، وشرب الخل، وكذلك ما يكثر استعماله البلغم المبعد للذهن، ككثرة الألبان والسمك ونحو ذلك، ويجتنب ما يورث النسيان بالخاصة كأكل اثر سور الفار، وقراءة ألواح القبور، والدخول بين جملين مقطورين، وإلقاء القمل حية، ونحو ذلك من المجريات"

الطعام لا يؤثر بالسلب ولا بالإيجاب على عملية التعلم ولكن الجسم هو الذى يتأثر بالأطعمة سلبا أو إيجابا ومن ثم فهو يظهر أعراض مرضية تؤثر على قدرة النفس على الفهم لأن النفس تنشغل بالألم والتخلص منه قبل أى شىء ومن ثم فالطالب ينشغل بعلاج آلامه عن العلم فهو لا يسمع جيدا لأنه مشغول ولدى المعلمين فى مصر الحالية قولة تؤكد النقطة التى يقولها الرجل وهى قولهم للطالب الذى لم يفهم "أنت فطرت فول "وهى تشبيه للطالب بالحمار فى مصر والذى كان يأكل الفول أيام زمان

وبين الرجل أن الطالب عليه أن ينام ثمانى ساعات فى اليوم وهو الوضع الطبيعى فإن قدر على أقل من ذلك وكان مستريحا فعل وهو قوله:

"التاسع: إن يقلل نومه ما لم يلحقه ضرر في بدنه وذهنه، ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة عِلى ثمان ساعات، وهي ثلث الزمان، فإن احتمل حاله أقل من ذلك فعل، ولا بأس إن يريح نفسه وقلبه وذهنه وبصره إذا أكل شيئاً من ذلك، أو ضعف بتنزه وتفرج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه"

وتعرض الرجل لنقطة هامة وهى العشرة وهى تعلق الطالب بالناس من خلال جلوسه معهم وسماعه حكاياتهم وإسماعهم حكاياته  فقال:

"العاشر: إن يترك العشرة، فإن تركها من أهم ما ينبغي لطلب العلم، ولا سيما لغير الجنس، وخصوصاً لمن كثر لعبه وقلت فكرته، فإن الطباع شر آفة، وآفة العشرة ضياع العمر بغير فائدة، وذهاب المال والعرض إن كانت لغير أهل، وذهاب الدين إن كانت لغير أهله والذي ينبغي لطالب العلم إن لا يخالط إلا من يفيد أو يستفيد منه، كما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أغد عالماً أو متعلماً، ولا تكن الثالث فتهلك"

فالطالب لابد أن يقلل من كلامه مع الأخرين ومن ثم لن يكون متعلق بهم وبما يفعلونه من أسمار ومآدب وغير هذا من الأمور التى تضيع الوقت الثمين

وتناول الرجل فى الفصل الخامسآداب المتعلم مع شيخه وقدوتهوما يجب عليه من عظيم حرمته وذلك ثلاثة عشر نوعا فقال:

" الأول: ينبغي للطالب إن يقدم النظر،و يستخير الله فيمن يأخذ عنه العلم، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه، ويتحرى في كونه ممن كملت أهليته وتحققت شفقته، وطهرت مروءته وعرفت عفته، واشتهرت صيالته، وكان أحسن تعليماً وأجور تفهيماً، ولا يرغب الطالب في زيادة العلم مع نقص ورع أو دين أو عدم خلق جميل"

هنا يثير الرجل نقطة هامة وهى لا تكون إلا فى التعليم الحر وهو أن يختار الطالب معلمه بنفسه وهذا معناه أنه يذهب لحلقات العلم فيسمع هذا ويسمع ذاك ويقارن بين من سمعهم حتى يقرر من يتعلم منه وهى  نقطة لا يمكن أن توجد فى التعليم المؤسسى فالطالب فيه لا يختار معلمه كما لا يختار المعلم طلابه

ويبين الرجل أن على الطالب أن يطيع المعلم كما يطيع والده فيقول:

الثاني: إن ينقاد لشيخه في أموره، ولا يخرج عن رأيه وتدبيره، بل يكون معه كالمريض مع الطبيب الماهر، فيشاوره فيما يقصده، ويتحرى رضاه فيما يعتمده، ويبالغ في حرمته ويتقرب إلى الله بخدمته، ويعلم إن ذله لشيخه عز، وخضوعه فخر، وتواضعه له رفعة "

وهذا الانقياد ليس مطلوبا من طالب العلم فالمطلوب منه أن يطيعه فى الحق ويناقشه فى غير ذلك

وبين الرجل أن على الطالب أن يحترم معلمه فقال :

"الثالث: إن ينظره بعين الإجلال ويعتقد فيه درجة الكمال، ويوقره وبعظمه، فإن ذلك أقرب إلى نفعه به"

وبين وجوب اعترافه بحق المعلم وفضله عليه فقال :

"الرابع: إن يعرف له حقه ولا ينسى له فضله"

ويبين للطالب أن عليه الصبر على المعلم عندما يجفوه أو يسيىء له فيلتمس له العذر وهو قوله:

"الخامس: إن يصبر على جفوة تصدر من شيخه، أو سوء خلق، ولا يصده ذلك عن ملازمته وحسن عقيدته، ويتأول أفعاله التي يظهر إن الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة الشيخ بالاعتذار، والتوبة مما وقع والاستغفار، وينسب الموجب إليه، ويجعل العتب فيه إليه، فإن ذلك أبقى لمودة شيخه واحفظ لقلبه، وأنفع للطالب في دنياه وآخرته"

ويبين أن على الطالب أن يثنى على معلمه بسبب ما يعلمه إياه وهو قوله:
"السادس: إن يشكر الشيخ على توفيقه على ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه نقيصة، أو على كسل يعتريه، أو قصور يعانيه، أو غير ذلك مما في إيقافه عليه وتوبيخه وإرشاده وإصلاحه، ويعد ذلك من الشيخ من نعم الله تعالى عليه، باعتناء الشيخ به ونظره إليه، فإن ذلك أميل لقلب الشيخ وأبعث على الاعتناء بمصالحه، وإذا أوقفه الشيخ على دقيقة من أدب، أو نقيصة صدرت منه، وكان يعرفه من قبل، فلا يظهر أنه كان له في ذلك عذر وكان إعلام الشيخ به أصلح فلا بأس به، وإلا تركه"

ويبين الرجل ما يقوم به الطالب من تصرفات مع المعلم فيقول:
"السابع: إن لا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا بالاستئذان، سواء كان الشيخ وحده أو كان معه غيره ولا يكرر الاستئذان، وإن شك في علم الشيخ به، فلا يزيد في الاستئذان فوق ثلاث مرات أو ثلاث طرقات بالباب أو الحلقة، وليكن طرق الباب خفيفاً بآداب بأظفار الأصابع، ثم بالأصابع، ثم بالحلقة قليلاً، قليلاً، فإن كان الموضع بعيداً عن الباب أو الحلقة، فلا بأس برفع ذلك بقدر ما يسمع لا غير، وإذا أذن وكانوا جماعة يقدم أفضلهم وأسنهم بالدخول والسلام عليه، ثم يسلم عليه الأفضل فالأفضل وينبغي إن يدخل على الشيخ كامل الهيئة، متطهر البدن والثياب، نظيفهما، بعدما يحتاج إليه من أخذ ظفر وشعر، وقطع رائحة كريهة، لا سيما إن كان يقصد مجلس العلم فإنه مجلس ذكر واجتماع في عبادة0 ومتى دخل على الشيخ في غير المجلس العام، وعنده من يتحدث معه فيسكتوا من الحديث، أو دخل والشيخ وحده يصلي، أو يذكر، أو يكتب أو يطالع، فترك ذلك أو سكت ولم يبدأه بكلام أو بسط حديث، فيسلم ويخرج سريعاً، إلا إن يحثه الشيخ على المكث، وإذا مكث فلا يطيل إلا إن يأمره بذلك وينبغي إن يدخل على الشيخ أو يجلس عنده وقلبه فارغ من الشواغل له، وذهنه صاف لا في حال نعاس أو غضب أو جوع شديد أو عطش أو نحو ذلك، لينشرح صدره لما يقال، ويعي ما يسمع وإذا حضر مكان الشيخ فلم يجده جالساً، انتظره كيلا يفوت على نفسه درسه، فإن كل درس يفوت لا عوض له ولا يطلب من الشيخ قراءة في وقت يشق عليه فيه، أو لم تجر عادته بالإقراء فيه، ولا يخترع عليه وقتاً خاصاً به دون غيره، وإن كان رئيساً أو كبيراً، لما فيه من الترفع والحمق على الشيخ والطلبة والعلم، فإن بدأه الشيخ بوقت معين أو خاص لعذر عائق له عن الحضور مع الجماعة أو لمصلحة رآها الشيخ فلا بأس بذلك"

وهذه التصرفات بالطبع فى التعليم الحر وجزء منها يصلح للتعليم المؤسسى ويكمل الرجل بقية تصرفات الطالب مع معلمه فيقول:

"الثامن: إن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب، كما يجلس الصبي بين يدي المقرئ، أو متربعاً بتواضع وخضوع وسكون، وخشوع، ويصغي إلى الشيخ ناظراً إليه، ويقبل بكليته عليه، متعقلاً لقوله، بحيث لا يحوجه إلى إعادة الكلام مرة ثانية، ولا يلتفت من غير ضرورة، ولا ينفض كمه ولا يحسر عن ذراعيه، ولا يعبث بيديه أو رجليه، ولا يضع يده على لحيته أو فمه، أو يعبث بها في أنفه، أو يستخرج بها منه شيئاً، ولا يفتح فاه ولا يقرع سنه، ولا يضرب الأرض براحته، أو يخط عليها بأصابعه، ولا يشبك يديه أو يعبث بإزاره ولا يستند بحضرة الشيخ إلى حائط، أو مخدة أو يجعل يده عليها أو نحو ذلك، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره، ولا يكثر كلامه من غير حاجة، ولا يحكي ما يضحك منه وما فيه بذاءة، أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء أدب، ولا يضحك لغير عجب ولا لعجب دون الشيخ، فإن غلبه تبسم، تبسم من غير صوت، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة ولا يبصق ولا يتنخع ما أمكنه، ولا يلفظ النخامة من فيه، بل يأخذها من فيه بمنديل أو خرقة أو طرف ثوب، ويتعاهد تغطية أقدامه وسكون يديه عند بحثه، أو مذاكرته، وإذا عطر خفض صوته جهده، وستر وجهه بمنديل أو نحوه، أو إذا تثاءب ستر فاه بعد رده جهده"

وبعض التصرفات هنا مبالغ فيها كعدم استناد الطالب للحائط أو شىء فينبغى للمتعلم أن يكون مرتاحا حتى يستطيع الفهم والاستيعاب وهو لا يتحقق مع طول الجلوس جلسة واحدة حيث أن الجسم لابد له من حركات بسبب الضغط المستمر على المقعدة والمفاصل

ثم تناول آداب كلام أى مخاطبة المعلم فقال :

"التاسع: إن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الإمكان، ولا يقول له لم ولا نسلم، ولا من يقل هذا، ولا أين موضعه ؟ وشبه ذلك، فإن أراد استفادته تلطف في الوصول إلى ذلك في مجلس آخر على سبيل الاستفادة، وإذا ذكرت شيئاً لا تقل هكذا قلت، أو خطر لي أو سمعت أو هكذا قال فلان وهكذا لا تقول: قال فلان خلاف هذا، أو روى فلان خلافه، أو هذا غير صحيح أو نحو ذلك وإذا أصر الشيخ على قول أو دليل، ولم يظهر له أو على خلاف صواب سهواً، فلا يغير وجهه أو عينيه أو يشير إلى غيره كالمنكر عليه، لما قاله بل يأخذه ببشر ظاهر، وإن لم يكن الشيخ مصيباً لغفلة، أو سهو، أو قصور نظر في تلك الحال، فليس بمعصوم وليتحفظ من مخاطبة الشيخ بما يعتاده بعض الناس في كلامه ولا يليق خطابه به، مثل إيش بك، وفهمت، وسمعت، وتدري، ويا إنسان ونحو ذلك وكذلك لا يحكي له ما خوطب به غيره، مما لا يليق خطاب الشيخ به، وإن كان حاكياً مثل قال فلان لفلان، أنت قليل البر وما عندك خير وشبه ذلك، بل يقول: إذا أراد الحكاية ما جرت العادة بالكناية به، مثل، قال فلان لفلان: إلا بعد قليل البر وما عند البعيد خير وشبه ذلك ويتحفظ من مفاجأة الشيِخ بصورة رد عليه، فإنه يقع ممن لا يحسن الأدب من الناس كثيراً مثل، إن يقول له الشيخ: مرادك في سؤالك كذا، أو خطر لك كذا، فيقول: لا، وما هذا مرادي أو ما خطر لي هذا وشبه ذلك بل طريقه أن يعيد كلامه ولا يقول الذي قلته، والذي قصدته ليضمنه الرد عليه، وكذلك ينبغي أن يقول في موضع، لم ولا نعلم، فإن قيل لنا كذا أو فإن منعنا ذلك، أو فإن سئلنا عن كذا أو فإن أورد كذا وشبه ذلك ليكون سائلاً له بحسن أدب ولطف عبارة"

وهذا الكلام مطلوب  فى التعلم

ويبين ضرورة الإصغاء للمعلم فيقول:

"العاشر: إذا سمع الشيخ يذكر حكماً في مساًلة أو فائدة مستغربة أو يحكي حكاية، أو ينشد شعراً وهو يحفظ ذلك، أصغى إليه إصغاء مستفيد له في الحال كأنه لم يسمعه قط"

ووضح الرجل أن التلميذ عليه ألا يسبق المعلم فى شرح الأمور وإنما يسمع ما عنده ثم يحدثه بينه وبينه فيما يعرفه فقد يكون عند المعلم دليل أفضل أو يعترف المعلم بصحة دليل تلميذه فى الأمر وهو قوله: 

 "الحادي عشر: إن لا يسبق الشيخ إلى شرح مسألة أو جواب سؤال منه، أو من غيره ولا يساوقه فيه ولا يظهر معرفته به أو إدراكه قبل الشيخ، وينبغي إن لا يقطع على الشيخ كلامه أي كلام كان، ولا يسابقه فيه ولا يساوقه، بل يصبر حتى يفرغ الشيخ من كلامه ثم يتكلم ولا يتحدث مع غيره والشيخ يتحدث معه، أو مع جماعة المجلس"

ويبين الرجل بعض التصرفات التى يفعلها المتعلم مع المعلم فيقول:

"الثاني عشر: إذا ناوله الشيخ شيئاً تناوله باليمين، وإن ناوله شيئاً ناوله باليمين، فإن كان ورقة يقرؤها كفتيا، أو قصة، أو مكتوب شرعي، ونحو ذلك، نشرها ثم دفعها إليه ولا يدفعها مطوية إلا إذا علم أو ظن إيثار الشيخ لذلك، وإذا ناوله الشيخ كتاباً ناوله إياه مهيئاً لفتحه والقراءة فيه من غير احتياج إلى إدارته، فإن كان النظر في موضع معين فليكن مفتوحاً، كذلك ويعين له المكان، ولا يحذف إليه الشيء حذفاً من كتاب أو ورقة أو غير ذلك، ولا يمد يديه إلا إذا كان بعيداً ولا يحوج الشيخ إلى مد يده أيضاً لأخذ منه، أو إعطاء، بل يقوم إليه قائماً ولا يزحف زحفاً، وإذا جلس بين يديه الناس لذلك فلا يقرب منه قرباً كثيراً ينسب فيه إلى سوء أدب ولا يضع رجله أو يده أو شيئاً من بدنه أو ثيابه على ثياب الشيخ أو وسادته أو سجادته، ولا يشير إليه بيده أو يقربها من وجهه أو صدره أو يمس بها شيئاً من بدنه أو ثيابه، وإذا ناوله قلماً ليكتب به فليمده قبل إعطائه إياه وإن وضع بين يديه دواة فلتكن مفتوحة الأغطية مهيأة للكتابة منها، وإن ناوله سكيناً كانت عرضاً وحد شفرتها إلى جهته، قابضاً على طرف النصاب مما يلي النصل، جاعلاً نصابها على يمين الآخذ، ولا يأنف من خدمته "

وهو كلام يفيد فى التعليم الحر وبعضه ينبغى الاعتماد عليه فى التعليم المؤسسى

ويتعرض الرجل لمشى الطالب مع معلمه فيوضح ما يجب على الطالب قائلا:

"الثالث عشر: إذا مشى مع الشيخ فليكن أمامه بالليل ووراءه بالنهار، إلا إن يقتضي الحال خلاف ذلك، ويتقدم عليه في المواطن المجهولة الحال لوحل أو نحوه، ويعرف الشيخ بمن قرب منه أو قصده من الأعيان إن لم يعلم الشيخ به، وإذا صادف الشيخ بدأه بالسلام، ويقصده إن كان بعيداً ولا يناديه، ولا يسلم عليه من بعيد ولا من ورائه، بل يقرب ويتقدم ثم يسلم عليه، ولا يقول لما رآه الشيخ وكان خطأ، هذا خطأ ولا هذا ليس برأي، بل يحسن خطاه في الرد إلى الصواب، كقوله: يظهر إن المصلحة في كذا، ولا يقول الرأي عندي كذا، وشبه ذلك"

وتلك الآداب مطلوبة مع المعلم ومع غيره من الناس إلا القليل منها كالأخير حيث يظهر المجاملة فى الرد على المعلم عند الخطأ فالخطأ ينبغى أن يقال أنه خطأ طالما هناك نص فيه

وفى الفصل السادس تعرض الرجل لآداب المتعلم في درسهوقراءته في الحلقة وما يعتمد فيها الشيخ والرفقةوهو ثلاثة عشر نوعاً فقال :

بين الرجل أن الدراسة لابد أن تبدأ بكلام الله لفهمه حتى يعمل به فقال:

"الأول: إن يبتدئ أولا بكتاب الله العزيز فيتقنه حفظاً ويجتهد على إتقان تفسيره وسائر علومه، فإنه أصل العلوم وأمها وأهمها ثم يحفظ في كل فن مختصراً، يجمع فيه بين طرفيه من الفقه والحديث وعلومه والأصولين والنحو والتصريف ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن وتعهده وملازمة وردٍ منه كل يوم أو أيام أو جمعة وليحذر من نسيانه بعد حفظه"

وفى الفقرة يبين ضرورة حفظ مختصر فى كل نوع من العلم وهو ما أسماه فن  وهو كلام ليس مطلوبا فالمراد من الدراسة فهم الكتب وليس حفظ كلماتها

ثم تناول الرجل ضرورة البعد عن دراسة الخلافيات فى العقليات والسمعيات فى بداية طلب العلم فيقول:

"الثاني: إن يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء، وبين الناس مطلقاً في العقليات والسمعيات، فإنه يحير الذهن ويدهش العقل، بل يتقن أولاً كتاباً واحداً في فن واحد، أو كتباً في فنون إن احتمل ذلك على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه"

وهو أمر صائب فى بدايات التعليم فلا ينبغى شغل الطلاب فى مراحل التعليم الأولى بالخلاف فى الآراء وإنما ينبغى تعليمهم الأحكام والقواعد للتعامل بها فى حياتهم وفى المرحلة المتأخرة يدرس من شاء منهم الخلافيات 

ويبين الرجل أمرا ضروريا وهو ضرورة قراءة الكتب لتصويب الأخطاء الكتابية فيها قبل حفظها لأن تلك الأخطاء تقلب المعانى فى أحيانا كثيرة وفى هذا قال :

"الثالث: إن يصحح ما يقرأه قبل حفظه تصحيحاً متقناً، إما على الشيخ وإما على غيره ممن يعينه، ثم يحفظه بعد ذلك حفظاً محكماً ثم يكرر عليه بعد حفظه تكراراً جيداً، ثم يتعاهده بعد ذلك ولا يحفظ شيئاً قبل تصحيحه، لأنه يقع في التحريف والتصحيف، وقد تقدم إن العلم لا يؤخذ من الكتب فإنه من أضر المفاسد، وينبغي إن يحضر معه الدواة والقلم والسكين للتصحيح، أي في مجلس التصحيح، وأما التصحيح حال الدرس، فكان بعضهم يمنع منه لما فيه من الاشتغال عن تقرير الشيخ، وإنما يجعل عليه علامة بظفره أو نحوه ليصلحه بعد فراغه وبضبط ما يصححه لغةً وإعراباً وإذا رد الشيخ عليه لفظُة، وظن إن رده خلاف الصواب أو علمه، كرر اللفظة مع ما قبلها لينتبه لها الشيخ، أو يأتي بلفظ الصواب على سبيل الاستفهام، فربما وقع ذلك سهواً أو سبق لسان لغفلة، ولا يقل بل هي كذا، بل يتلطف في تنبيه الشيخ له، فإن لم ينتبه قال: فهل يجوز فيها كذا؟ فإن رجع الشيخ إلى الصواب فلا كلام، وإلا ترك تحقيقها إلى مجلس آخر يتلطف لاحتمال إن يكون الصواب مع الشيخ، وذلك أنه إذا تحقق خطأ الشيخ في جواب مسألة لا يفوت تحقيقه، ولا يعسر تداركه، فإن كان كذلك كالكتابة في رقاع الاستفتاء وكون السائل غريباً، أو بعيد الدار، تعين تنبيه الشيخ على ذلك في الحال بإشارة أو تصريح، فإن ترك ذلك خيانة للشيخ فيجب نصحه بما أمكن من تلطف أو غيره، وإذا وقف على مكان كتب قبالته بلغ العرض والتصحيح"

وهو هنا يبين وجوب أمانة النقل والتصحيح حتى لا يخطىء المعلم أو غيره فى الفهم

ثم يبين أمية دراسة علم الحديث مطالبا بالدراية قبل الرواية فيقول:
"الرابع: إن يبكر بسماع الحديث، ولا يهمل الاشتغال به وبعلومه، والنظر في إسناده ورجاله ومعانيه وأحكامه وفوائده ولغته وتواريخه، ويعتني بمعرفة أنواعه صحيحها وحسنها وغيرها، فإن الحديث أحد جناحي العلم بالشريعة، والمبين لكثير من الجناح الآخر وهو القرآن، ولا يقنع بمجرد السماع كغالب محدثي هذا الزمان، بل يعتني بالدراية أشد من اعتنائه بالرواية، لأن الدراية هي المقصود بنقل الحديث وتبليغه"

هذا الكلام بالطبع لا يصلح فى عصرنا فقد تبين أن الأحاديث ليست من الإسلام فى شىء وإنما غالبها مكذوب على النبى(ص) وما تبقى من أحاديث قليلة جدا إنما صحيح المعنى موافق للقرآن

ويبين الرجل ضرورة التدرج فى الدراسة فيتم البدء بالمختصرات فإن تم الانتهاء منها تم الدخول فى دراية المبسوطات فيقول:

"الخامس: إذا شرح محفوظاته المختصرات وضبط ما فيها من الاشكالات والفوائد المهمات، أنتقل إلى بحث المبسوطات مع المطالعة الدائمة، وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة، والمسائل الدقيقة، والفروع الغريبة، وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من جميع أنواع العلوم، ولا يستقل فائدة يسمعها أو يتهاون بقاعدة يضبطها، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها، ولتكن همته في طلب العلم عالية، فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيرة ولا يقنع من إرث الأنبياء بيسيرة، ولا يؤخر تحصيل فائدة تمكن منها أو يشغله الأمل والتسويف عنها، فإن للتأخير آفات، ولأنه إذا حصلها في الزمن الحاضر، حصل في الزمن الثاني غيرها ويغتنم وقت فراغه ونشاطه، وزمن عافيته وشرخ شبابه، ونباهة خاطره، وقلة شواغله، قبل عوارض البطالة، أو موانع الرياسة
قال عمر: تفقهوا قيل إن تسودوا "

والتدرج  فى التعليم أمر مطلوب فى التعليم المؤسسى كما هو مطلوب فى التعليم الحر

ويتعرض الرجل لضرورة ملازمة الطالب للمعلم فيقول:

"السادس: إن يلزم حلقة شيخه في التدريسِ والاقراء، وجميع مجالسه، إذا أمكن ؛ فإنه لا يزيده إلا خيراً وتحصيلاً وأدباً وتفضيلاً "

وهو أمر مطلوب فى التعليم الحر

ثم بين الرجل بعض الآداب فى مجالسة المعلم والزملاء فقال:

السابع: إذا حضر مجلس الشيخ، سلم على الحاضرين بصوت يسمع جميعهم، وخص الشيخ بزيادة تحية وإكرام، وكذلك يسلم إذا انصرف، وإذا سلم، فلا يتخطى رقاب الحاضرين إلى قرب الشيخ، من لم يكن منزلته كذلك، بل يجلس حيث انتهى به المجلس، كما ورد في الحديث، فإن صرح له الشيخ والحاضرون بالتقدم أو كانت منزلته، أو كان يعلم إيثار الشيخ والجماعة لذلك فلا بأس، ولا يقيم أحداً من مجلسه، أو يزاحمه قصداً فإن آثره بمجلسه لم يقبله إلا إن يكون في ذلك مصلحة يعرفها القوم، وينتفعون بها من بحثه مع الشيخ لقربه منه أو لكونه كبير السن، أو كثير الفضيلة والصلاح، ولا ينبغي لأحد إن يؤثر بقربه من الشيخ إلا لمن هو أولى بذلك، لسن أو علم أو صلاح أو نسب أهل البيت النبوي، بل يحرص على القرب من الشيخ إذا لم يرتفعفي المجلس على من هو أفضل منه، وإذا كان الشيخ في صدر مكان فافضل الجماعة أحق بما على يمينه ويساره، وإن كان على طرف صفه أو نحوها، فالمبجلون مع الحائط ومع طرفها قباله، وينبغي للرفقاء في درس واحد، أو دروس، إن يجتمعوا إلى جهة واحدة ليكون نظر الشيخ إليهم جميعاً عند الشرح، ولا يخص بعضهم في ذلك دون بعض"

وهى أمور معظمها صحيح فى التعامل

وعاد الرجل فكرر الكثير من الأمور التى كررها فى النوع السابع فى النوع الثامن فقال:
"الثامن: إن يتأدب مع حاضري مجلس الشيخ، فإنه أدب معه واحترام لمجلسه، وهم رفقاؤه فيوقر أصحابه ويحترم كبراءه وأقرانه، ولا يجلس وسط الحلقة، ولا قدام أحد، إلا لضرورة، كما في مجلس التحديث ولا يفرق بين رفيقين، ولا بين متصاحبين، إلا برضاهما معأَ، فقد جاء النهي عن الجلوس بين الرجلين إلا بإذنهما، فإذا وسعوا جلس وجمع نفسه، ولا يجلس فوق من هو أولى منه وينبغي للحاضرين إذا جاء القادم إن يرحبوا به، ويوسعوا له، ويتفسحوا لأجله، ويكرموه بما يكرم به مثله، فإذا تفسح له في المجلس وكان حرجاً ضم نفسه ولا يتوسع، ولا يعطي أحداً منهم جنبه ولا ظهره، ويتحفظ من ذلك ويتعهده عند بحث الشيخ له ولا يجنح على جاره، أو يجعل مرفقه قائماً في جنبه، أو يخرج عن بنية الحلقة بتقدم أو تأخر ولا يتكلم في أثناء درس غيره أو درسه بما لا يتعلق به، أو بما يقطع عليه بحثه، وإذا شرع بعضهم في درس، فلا يتكلم بكلام يتعلق بدرس فرغ، ولا بغيره مما لا تفوت فائدته، إلا بإذن الشيخ وصاحب الدرس ولا يتكلم بشيء حتى ينظر فيه فائدة وموضعاً، ويحذر المماراة في البحث والمغالبة فيه، فإن ثارت نفسه ألجمها بلجام الصمت والصبر، وإن أساء بعض الطلبة أدباً على غيره لم ينهره غير الشيخ، إلا بإشارته أو سراً بينهما على سبيل النصيحة، وإن أساء أحد أدبه على الشيخ، تعين على الجماعة انتهاره ورده، والانتصار للشيخ بقدر الإمكان وفاء بحقه، ولا يشارك أحد من الجماعة أحداً في حديثه ولا سيما الشيخ، فإن علم إيثار الشيخ ذلك أو المتكلم فلا بأس به"

والكلام فى الفقرة تكرر فى فقرات أخرى فى الفصول السابقة

ثم وضح الرجل أن على الطالب ألا يخجل من السؤال عندما لا يفهم ويطلب من المعلم إفهامه فقال :

"التاسع: إن لا يستحي من سؤال ما أشكل عليه، ويفهم ما لم يتعقله بتلطف وحسن خطاب، وأدب وسؤال، قالت عائشة: " رحم الله نساء الأنصار، لم يكن الحياء يمنعهن إن يتفقهن في الدين "  وقد قيل: من رقّ وجهه عند السؤال، ظهر نقصه عند اجتماع الرجال ولا يسأل عن شيء في غير موضعه إلا لحاجة أو علم بإيثار الشيخ ذلك، وإذا سكت الشيخ عن الجواب لم يلح عليه، وإن أخطأ في الجواب فلا يرد عليه في الحال، وقد تقدموكما لا ينبغي للطالب إن يستحي من السؤال، فكذلك لا يستحي من قوله " لم أفهم" إذا سأله الشيخ، لأن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة، أما العاجلة فحفظ المسألة ومعرفتها واعتماد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة، والآجلة سلامته من الكذب والنفاق واعتياده التحقيق"

ويبين الرجل أن على الطالب احترام الدور فى السؤال فمن سأل أولا يجيب عليه معلمه أولا ثم الثانى وهكذا وهو قوله:

"العاشر: مراعاة نوبته فلا يتقدم عليها بغير رضى من هي له روي إن أنصارياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأله، وجاء رجل من ثقيف، فتمال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يا أخا ثقيف إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدأ بحاجة الأنصاري قبل حاجتك"

ويبين الرجل أهمية حفاظ الطالب على كتبه فيقول:

الحادي عشر: إن يكون جلوسه بين يدي الشيخ على ما تقدم تفصيله وهيئته في آدابه مع شيخه، ويحضر كتابه الذي يقرأ منه معه ويحمله بنفسه، ولا يضعه حال القراءة على الأرض مفتوحاً، بل يحمله بجديه ويقرأ منه، ولا يقرأ حتى يستأذن الشيخ، ولا يقرأ عند شغل قلب الشيخ بملل، أو غضب، أو جوع، أو عطش، أو غير ذلك"

ويكرر المؤلف كلاما سبق قوله فى فصل أخر فيقول:

الثاني عشر: إذا حضرت نوبته استأذن الشيخ، كما ذكرناه، فإن أذن له استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يسمىِ الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم يدعو للشيخ ولوالديه ولمشايخه ولنفسه ولسائر المسلمين، وكذلك يفعل كلما شرع في قراءه درس، أو تكراره، أو مطالعته، أو مقابلته، في حضور الشيخ وفي غيبته، وإذا دعا الطالب للشيخ قال: ورضي الله عنكم وعن شيخنا وإمامنا، ونحو ذلك، ويقصد به الشيخ، ويدعو الشيخ أيضاً للطالب كما دعا له، فإن ترك الطالب الاستفتاح بما ذكرناه جهلاً أو نسياناً نبهه عليه وعلمه إياه وذكره به، فإنه من أهم الآداب"

وسبق أن قلنا أن هذه الأمور يتسع لها وقت التعليم الحر ولكن التعليم المؤسسى الصحيح وقته لا يتسع لتلك الخطابات

ويبين الرجل أن على الطالب مساعدة الزملاء وحثهم على المزيد من العلم فيقول:

"الثالث عشر: إن يرغِّب بقية الطلبة في التحصيل ويدلهم على مكانه، ويصرف عنهم الهموم الشاغلة عنه، ويهون عليهم مئونته، ويذاكرهم بما حصل له من الفوائد والقواعد والغرائب، وينصحهم في الدين، فبذلك يستنير قلبه ويزكو عمله ولا يفخر عليهم، ويعجب بجودة ذهنه، بل يحمد الله على ذلك ويستزيده منه بدوام شكره"

وفى الفصل السابع تناول الآداب مع الكتب التي هي آلة العلموما يتعلق بتصحيحها أو ضبطها وحملها ووضعها وشرائها وعاريتها ونسخها وغير ذلك وفيه أحد عشر نوعاً وضحهم فقال :

"الأول: ينبغي لطالب العلم إن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنه شراء، وإلا فإجارة أو عارية لأنها آلة التحصيل، ولا يجعل تحصيلها وكثرتها حظه من العلم، وجمعها نصيبه من الفهم، كما يفعله كثير من المنتحلين الفقه والحديث"

 هنا ينبغى على الطالب إما شراء الكتب أو تأجيرها أو استعارتها وهو تكليف للطالب بما لا يطيق والحمد لله أصبحت الكثير من الكتب من خلال المكتبات المضغوطة موجودة بلا ثمن للقراءة على الحاسوب

وبين أن إعارة الطالب كتبه مطلوبة لمن علم أنه سيعيدها له وفى هذا قال:

"الثاني: يستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه بها، لما فيه من الإعانة على العلم، مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر قال رجل لأبي العتاهية: أعرني كتابك، فقال: إني أكره ذلك، فقال: أما علمت إن المكارم موصولة بالمكاره، فأعاره، وكتب الشافعي إلى محمد بن الحسن:
يا ذا الذي لم ترى عين من رآه مثله
العلم يأبى أهله  أن يمنعوه أهله
وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك ويجزيه خيراً، ولا يطيل مقامه عنده من غير حاجة، ولا يحشيه ولا يكتب شيئاً في بياض فواتحه وخواتمه، إلا إذا علم رضى صاحبه، وهو كما يكتبه المحدث على جزء سمعه أو كتبه، ولا يعير غيره ولا يودعه لغير ضرورة، حيث يجوَز شرعاً، ولا ينسخ منه بغير إذن صاحبه، فإن كان الكتاب وقفاً على من ينتفع به غير معين، فلا بأس بالنسخ منه مع الاحتياط، ولا بإصلاحه ممن هو أهل لذلك، وحسن أن يستأذن الناظر فيه، وإذا نسخ منه بإذن صاحبه أو ناظره، فلا يكتب منه والقرطاس في بطنه أو على كتابته، ولا يضع المحبرة عليه ولا يمر بالقلم الممدود فوق كتابه، وانشد بعضهم:
أيها المستعير مني كتاباً  ارض لي فيه ما لنفسك ترضى"

والرجل فى الفقرة بين آداب الاستعارة التى يراد من خلفها عدم إحداث اى تغيير فى الكتاب المستعار

ويبين الرجل فى الفقرة التالية بعض طرق الحفاظ على سلامة الكتاب والتعليمات التى يجب اتباعها عند ترتيب كتب المكتبة فيقول:

"الثالث: إذا نسخ من الكتاب أو طالعه، فلا يضعه على الأرض مفروشاً منشوراً، بل يجعله بين شيئين أو كرسي الكتب المعروف، كيلا يسرع بقطع حبكه، وإذا وضعها في مكان مصفوفة، فلتكن على كرسيِ أو تخت خشب أو نحوه، والأولى أن يكون بينه وبين الأرض خلوا كيلا تندى أو تبلى، وإذا وضعها على خشب أو نحوه، جعل فوقه وتحتها ما يمنع تآكل جلودها به، وكذلك يجعل ببينها وبين ما يصادفها أو يستندها من حائط أو غيره، ويراعي الأدب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفيها أو جلالتهم، فيضع الأشراف أعلى الكل ثم يراعي التدريج، فإن كان فيها المصحف الكريم جعله أعلى الكل، والأولى إن يكوَن في خريطة ذات عروة في مسمار، أو وتد في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس، ثم كتب الحديث الصرف، ثم تفسير القرآن ثم تفسير الحديث، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم النحو والتصريف، ثم أشعار العرب، ثم العروض فإن استوى كتابان في فن أعلى أكثرهما قرآناً أو حديثاً فإن استويا فبجلالة المصنف، فإن استويا، فأقدمهما كتابة وأكثرهما وقوعاً في أيدي العلماء والصالحين، فإن استويا فأصحهماوينبغي إن يكتب اسم الكتاب عليه في جانب آخر الصفحات من أسفل، ويجعل رؤوس حروف هذه الترجمة إلى الغاشية التي من جانب البسملة، وفائدة هذه الترجمة معرفة الكتاب، وتيسر إخراجه من بين الكتب، وإذا وضع الكتب على أرض أو تخت فلتكن الغاشية التي من جهة البسملة أو الكتاب إلى فوق، ولا يكثر وضع الدفة في أثنائه، لئلا يسرع تكسرها ولا يضع ذوات القطع الكبير فوق ذوات الصغير، كيلا يكثر تساقطها ولا يجعل الكتب خزانة الكراريس أو غيرها، ولا مخدة ولا مروحة، ولا مكنساً ولا مسنداً، ولا متكأ، ولا مقتلة للبق وغيره، ولا سيما في الورق فهو على الورق أشد، ولا يطوي حاشية الورقة أو زاويتها، ولا يعلم بعود أو شيء جاف، بل بورقة أو نحوها، وإذا علم بظفره فليكن يسيراً"

والكلام هنا ينفع فى علم المكتبات

وبين الرجل ضرورة مراجعة المستعير الكتاب لئلا يختل النظام الذى كان موجودا عليه فى ترتيب صفحاته فيقول:

"الرابع: إذا استعار كتاباً فينبغي له إن يتفقده عند إرادة أخذه ورده، وإذا ترى كتاباً تعهد أوله وآخره ووسطه وترتيب أبوابه وكراريسه، وتصفح أوراقه واعتبر صحته، ومما يغلب على الظن صحته إذا ضاق الزمان عن تفتيشه، ما قاله الشافعي رحمه الله قال: إذا رأيت الكتاب فيه إلحاق وإصلاح، فاشهد له بالصحة، وقال بعضهم: لا يضيء الكتاب حتى يظلم، يريد إصلاحه"

ويبين ما يظن انه آداب نسخ الكتب فيقول:
الخامس: إذا نسخ شيئاً من كتب العلوم الشرعية، فينبغي أن يكون على طهارة مستقبلاً القبلة، طاهر البدن والثياب، بحبر طاهر، ويبتدئ كل كتاب بكتابة بسم الله الرحمن الرحيم، فإن كان الكتاب مبدوءاً فيه بخطبة، يتضمن حمد الله تعالى والصلاة على رسوله، كتبها بعد البسملة وإلا كتب هو ذلك بعدها، ثم كتب باقي الكتاب وكذلك يفعل في ختم الكتاب وآخر جزء منه بعدما يكتب آخر الجزء الأول أو الثاني مثلاً ويتلوه كذا وكذا إن لم يكن كمل الكتاب، ويكتب إذا كمل: تم الكتاب الفلاني، ففي ذلك فوائد كثيرة وكلما كتب اسم الله تعالى أتبعه بالتعظيم مثل، تعالى، أو سبحانه، أو عز وجل، أو تقدس ونحو ذلك، وكلما كتب اسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب بعده الصلاة والسلام عليه وعلى آله، ويصلي هو عليه وعليهم بلسانه أيضاً وجرت عادة السلف والخلف بكتابة صلى الله عليه وعلى آله وسلم لموافقة الأمر في قوله تعالى:" صلوا عليه وسلموا تسليما"
وذكر الآل لما روي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه قال: لا تصلوا علي الصلاة البتراء قالوا وما الصلاة البتراء يا رسول الله، قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ولما روي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: من صلى صلاة لم يصل فيها على أهل بيتي لم تقبل منهوجاء في الحديث عن علي عليه السلام مرفوعاً: الدعاء محجوب حتى يصلى على النبي وأهل بيته وغير ذلك من الأحاديث، ولا يختصر الصلاة في الكتابة، ولو وقعت في السطر مراراً كما يفعل بعض، فيكتب صلع، أو صلم، أو صلعم، وكل ذلك غير لائق بحقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد ورد في كتابة: الصلاة بكمالها، عليه وعلى آله، وترك اختصارها آثار كثيرة، وإذا مر بذكر الصحابي العدل، كتب رضي الله عنه، وكلما مر بذكر أحد من السلف فعل ذلك، أو كتب رحمه الله، ولا سيما الأئمة الأعلام"

والعديد من الأمور هنا لا داعى لها فى النسخ بل بعضها محرم فالوضوء والتطهر عند النسخ محرم لأن الطهارة والوضوء إنما تجب للصلاة وحدها وكذلك كتابة الصلوات كاملة وكذلك الترضى وغير هذا فالغرض من الكتابة اظهار الحق والصلوات والترضى إنما هو قطع للجمل عما قبلها 

وبين الرجل ما يجب عند كتابة النسخ المختلفة فقال:

"السادس: ينبغي إن يتجنب الكتابة الدقيقة في النسخ قال بعض السلف: اكتب ما ينفعك وقت حاجتك، ولا تكتب ما لا ينتفع به وقت الحاجة، والمراد وقت الكبر وضعف البصر، وقد يقصد كثير السفر بالكتابة الدقيقة خفة المحمل، وهذا وإن كان قصداً صحيحاً، إلا إن المصلحة الفائتة به في آخر الأمر أعظم"

ووضح الرجل أهمية تصحيح الأخطاء الكتابية وتشكيل الكلمات وكذلك الجمل التى تبديل أماكنها عند النسخ فقال :

"السابع: إذا صحح الكتاب بالمقابلة على أصله الصحيح، أو على شيخ فينبغي له إن يشكل، ويعجم المستعجم، ويضبط الملتبس، ويتفقد مواضع التصحيف وقد جرت العادة في الكتابة بضبط الحروف المعجمة بالنقط، وأما المهملة فمنهم من يجعل للإهمال علامة، وينبغي إن يكتب على ما صححه وضبطه في الكتاب وهو محل شك عند مطالعته أو تطرق احتمال، صحح صغيرة، ويكتب فوق ما وقع في التصحيف أو في النسخ وهو خطأ كذا، صغيرة، ويكتب في الحاشية، صوابه كذا، إن تحققه، وإلا فيعلم عليه صورة رأس صاد، تكتب فوق الكتاب غير متصلة بها، فإذا تحققه بعد ذلك وكان المكتوب صواباً زاد تلك الصاد حاء فيصير صح، وإلا كتب الصواب في الحاشية كما تقدم، وإذا وقع في النسخة زيادة، فإن كانت كلمة واحدة فله إن يكتب عِليها " لا " وإن يضرب عليها، وإن كانت اكثر من ذلك، فإن شاء كتب فوَق أولها " من " وعلى آخرها " إلى " ومعناه من هنا ساقط إلى هنا وإن شاء ضرب على الجميع بأن يخط عليه خطاً دقيقاً يحصل به المقصود ولا يسود الورقومنهم من يجعل مكان الخط نقطاً امتثالية، وإذا تكررت الكلمة سهواً، من الكتاب، ضرب على الثانية لوقوع الأولى صواباً في موضعها، إلا إذا كانت الأولى آخر سطر فإن الضرب عليها أولى، صيانة لأول السطر، إلا إذا كانت مضافاً إليها، فالضرب على الثانية أولى لاتصال الأولى بالمضاف"

وما قاله هنا هو الطريقة العلمية لمراجعة الكتب قبل نشرها  ويكمل الرجل كلامه فيقول:

"الثامن: إذا أراد إن يخرج شيئاً في الحاشية ويسمى اللحق بفتح " الحاء " ، علم له في موضعه بخط منعطف قليلاً إلى جهة التخريج، وجهة اليمين أولى إن أمكن ثم يكتب التخريج في محاذاة العلامة صاعداً إلى أعلى الورقة، لا نازلاً إلى أسفلها، لاحتمال تخريج آخر بعده، ويجعل رأس الحروف إلى جهة اليمين، سواء كان في جهة يمين الكتابة أو يسارها، وينبغي إن يحسب الساقط وما يجيء منه من الأسطر قبل إن يكتبها، فإن كان سطرين أو أكثر جعل آخر سطر منها يلي الكتابة إن كان التخريج عن يمينها، وإن كان التخريج عن يسارها جعل أول الأسطر مما يليها ولا يوصل الكتابة والأسطر بحاشية الورقة، بل يدع مقداراً يحتمل الحك عند حاجته مرات، ثم يكتب في آخر التخريج " صح " ، وبعضهم يكتب بعد صح الكلمة التي تلي آخر التخريج في متن الكتاب علامة على اتصال الكلام"

ويزيد الرجل فيقول:

"التاسع: لا بأس بكتابة الحواشي والفوائد والتنبيهات المهمة على حواشي كتاب يملكه ولا يكتب في آخره " صح " فرقاً بينه وبين التخريج، وبعضهم يكتب عليه حاشية أو قائدة، وبعضهم يكتب في آخرها دارة كذا ولا ينبغي إن يكتب إلا الفوائد المهمة المتعلقة بذلك الكتاب، مثل تنبيه على إشكال أو احتراز، أو رمز أو خطأ، أو نحو ذلك، ولا يسوده بنقل المسائل والفروع الغريبة، ولا يكثر الحواشي كثرة يظلم الكتاب أو تضيع مواضعها على طالبها، ولا ينبغي الكتابة بين الأسطر، وقد فعله بعضهم بين الأسطر المفرقه بالحمرة وغيرها، وترك ذلك أولى مطلقاً
العاشر: لا باًس بكتابة الأبواب والتراجم والفصول بالحمرة، فإنه أظهر في البيان وفي فواصل الكلام، وكذلك لا بأس بالرمز به على أسماء أو مذاهب، أو أقوال أو طرق، أو أنواع، أو لغات، أو أعداد ونحو ذلك، ومتى فعل ذلك بين اصطلاحه في فاتحة الكتاب ليفهم الخائض فيه معانيها وقد رمز بالأحمر جماعة من المحدثين من الفقهاء وغيرهم لقصد الاختصار، فإن لم يكن ما ذكرناه من الأبواب والفصول والتراجم بالحمرة، أتى بما يميزه من تغليظ القلم وطول المشق واتحاده في السطر، ونحو ذلك، ليسهل الوقوف عليه عند قصده وينبغي إن يفصل بين كل كلامين بدارة أو ترجمة أو قلم غليظ، ولا يوصل الكتابة كلها على طريقة واحدة، لما فيه من عسر استخراج المقصود، وتضييع الزمان فيه، ولا يفعل ذلك إلا غبي جداً"

وبين الرجل كيفية تصحيح خطأ فى الصفحة المنسوخة بالحك وهو المسح فقال :

"الحادي عشر: قالوا: الضرب أولى من الحك، لا سيما في كتب الحديث لأن في تهمة وجهالة، ولأن زمانه اكثر فيضيع وفعله خطر فربما نقب الورقة، وافسد ما ينفذ إليه فأضعفها فإن كان إزالة نقطة أو شكله ونحو ذلك فالحك أولى، وإذا صحح الكتاب على الشيخ أو في المقابلة علم على موضع وقوفه، بلغ أو بلغت أو بلغ العرض، أو غير ذلك مما يفيد معناه"

وما قاله الرجل يبين أصول علم نسخ الكتب والتى قامت مكانه الطباعة الحالية


 

اجمالي القراءات 7638