نقد كتاب حصانة المقدس لعباس عبود

رضا البطاوى البطاوى في الخميس ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب حصانة المقدّس تأليف عباس عبود

الكتاب يتناول المقدسات فى الأديان وهى فى نظره الله والدين  والغرض من الكتاب هو التخلص من الله والدين والمؤلف كما يزعم يستخدم المنهج العلمى فى هدم الله والدين وبالقطع الرجل لا يستخدم المنهج العلمى

قال عباس :

"آلاف و آلاف السنين مرت منذ أن بدأت تتبلور فكرة التأليه،تلك الفكرة التي بدأت بمجرد تأملات ورغبات خجولة وساذجة وهامشية وتحولت فيما بعد إلى مجموعة أفكار راسخة في النفوس إلى الدرجة التي أصبحت معها جزء من الشخصية الإنسانية ، وانتقلت من أطوار الخجل إلى أطوار المباهاة والتبشير،بل تحولت إلى دساتير عملية لشعوب كثيرة،بل إنها تحولت إلى مقياس لصلاح الفرد،ص9

الرجل هنا يتكلم عن آلاف السنوات وما حدث فيها وكأنه عاش مع الناس تلك الآلاف  من السنوات وعرف فيما كانوا يفكرون وفيما كانوا يعملون  والكلام هو خروج على المنهج العلمى فالرجل لم يشاهد هو ولا غيره أى شىء مما حدث وهو ما يتنافى مع المنهج العلمى المعتمد على الشواهد الحسية وأهمها الرؤية البصرية

الفقرة تعتمد على مقولة ليس عليها دليل وهو تدرج الناس من السهل للصعب وهى مقولة ليست واحدة فى الطبيعة كما يسمونها فمثلا الثدييات أولادها يتعلمون فترة طويلة من الآباء والأمهات ويمرون بالتدرج وهو التطور المعرفى  بينما فى الحيوانات التى تبيض ويخرج أولادها من البيض كالسلاحف فإنها تخرج متطورة معرفيا وكذلك الأمر فى الكثير من الطيور كالنحل

 قال عباس:

 "فالمعنى العام لمفردة(الله )هو الأكبر حضورا في الواقع،رغم عدم وجود دلالة محددة لها،والأكثر حيوية منذ بداياتها الأولى ولحد الآن ص9"

الرجل هنا وفى فقرات أخرى كرر مقولة أن معنى كلمة الله غير محدد وغير واضح مثل قوله:

"وفي الحقيقة هذه نقطة مهمة تتحصن خلفها فرضية (الله)، إذ أن عدم الوضوح والضبابية بالإضافة إلى التعقيد قد جعل منها فكرة في حال هروب دائم من الإشكالات "ص20

إن مفردة(الله) في كل الطروحات التي طرحت على الساحة الفكرية ومن قبل كل الإيدلوجيات التي تقر بها، مفردة لا تدل على معنى محدد أو مفهوم واضح، والمفردات التي ليست لها معاني محددة وواضحة هي مجرد أحرف مجتمعة لا تثبت في النصوص المفيدة  "ص25

وهذه المقولة الكاذبة لم يدلل الرجل عليها بنقل مفهوم كل دين ليبين ما هو غير الواضح فى تعريفه لله وهو لم يذكر أى تعريف لأى دين فى كتابه مكتفيا بتقريره هذا وهو ما يتناقض مع المنهج العلمى الذى يلزم الباحث بذكر التعريفات المختلفة لبيان ما فيها من عيوب

قال عباس:

"لقد صور لنا علماء الآثار وعلماء الأنثروبولجي صورة معينة عن الإنسان القديم ، وهذه الصورة منطقية جدا إذا ما تتبعنا سلسلة تطور الإنسان رجوعا إلى المراحل القديمة ولو تأملنا هذه الصورة بموضوعية وعقلانية لوجدنا إنها تحمل أسباب وبذور ولادة فكرة التأليه، أي إن هذه الفكرة كانت واجبة الولادة نسبة لتلك الظروف ص11

الرجل يتكلم عن المنطقية والعقلانية فى التصورات عن الإنسان القديم وسلسلة تطور الإنسان عبر العصور وأى عقلانية فى مخالفة المنهج العلمى حيث لم ير أحد أى شىء فى القديم ولم يعاصر التطورات المزعومة

قال عباس:

"تحت عنوان

جسد شبه أعزل يواجه وحوش كاسرة لا تفهم سوى لغة القوة ولا تمانع في جعل هذا الجسد وجبة طعام شهية طبيعة مجنونة تتقلب بين الجنون والاعتدال مجموعات صغيرة قليلة الأفراد وحيدة في عالم موحش,إنه تهديد حقيقي ومباشر لحياة الإنسان،وهنا احتاج الإنسان وبشدة إلى رصيد أمني قد يشفع له عند الوحوش فتبتعد عنه، أو يشفع له عند الطبيعة فترأف به أي احتاج الإنسان إلى (بودي جارد) يقيه شرور الطبيعة ويؤنس وحشته فيكون رصيد روحي كذلك ص12

الرجل هنا يقص علينا حكايات الوحوش الكاسرة التى تعامل معها الإنسان فى القديم والتى كانت تريد أكله  هل رأى هو ذلك هل رأى غيره ذلك طبقا للمنهج العلمى هل عاش أحد ذلك العصر شاهدا وكتب لنا عنه ؟

لا أحد رأى ولا أحد عاش فى العصور القديمة ومن ثم فكل كلام الرجل مجرد خيال وظنون

قال عباس :

"الحاجة

الطبيعة كانت للإنسان أما كريمة تشبعه إلى حد التخمة أحيانا، ولكن في أحيان أخرى كانت بخيلة إلى حد الموت من الجوع وهنا احتاج الإنسان مرة أخرى إلى شفيع آخر عند الطبيعة لكي تكون كريمة على طول الخط،فتمطر عند الحاجة وتشمس عند الحاجة وتهدي إلى الطرائد عند الجوع ص12

نفس التخيلات السابقة فالرجل وضع نفسه مكان الإنسان القديم وتخيل ما يريد هو لا ما حدث بالفعل من الإنسان القديم  الرجل هو وغيره يتكلمون بعيدا عن المنهج العلمى بعيدا عن الرؤية أو بعيدا عن المعايشة

قال عباس:

"لذلك وجد الإنسان آنذاك إن الاعتقاد بوجود أرواح أو ذوات معيّنة، قامت بصناعة الأشياء كلها، مثلما يصنع ويغيّر هو، قد وجد في هذا كلّه خلاص من هذا الفضول (ولو إلى حين), خصوصا وإن الإنسان آنذاك لا يستطيع أن يقتنع بأنه لا يستطيع أن يكون بمستوى معرفة سر الخلق والوجود, أي أن الجواب السلبي بعدم إمكانيّة المعرفة هذه لا يشبع فضوله مطلقا، ولا يشعر أساسا بالارتياح لهكذا جواب، لأنه يريد جواب ما، فالإنسان وفي أغلب الأحيان يفضل الجواب الناقص أو المبهم أو حتى الخاطىء عن اللا جواب  ص13

نفس الخطأ فى الكلام وهو تخيل الكاتب نفسه مكان الناس القدامى رغم أنه لم يعاصرهم أو يعايشهم  وهو أسلوب يتنافى مع المنطق أو المنهج العلمى وهو المعايشة أو الرؤية

الرجل ينكر المنطق العلمى وهو أن الإنسان آمن بوجود خالق للكون بسبب أنه لا يحدث أمامه شىء بدون خالق أى صانع أى مخترع وهو منهج غريب

الرجل بإنكاره لخلق الخالق يخالف المنهج العلمى فهو لم ير ولم يعايش بداية الكون ومع هذا يقرر أنه لا يوجد خالق صانع 

قال عباس:

"إن طريقة تفكير الإنسان في تلك المراحل كانت بسيطة ومتناسبة مع تجربته البسيطة في أبعادها وخزينها، ومن أهم مصاديق هذه البساطة عند الإنسان في تلك المرحلة أنه كان يشبه الأشياء بذاته، فكان يميل إلى تخيل أن الأشياء تحس بالواقع وتتفاعل معه مثله تماما، لذلك بدأ الإنسان بتصور وجود قوى غيبية أو أرواح كامنة في هذه المفردات أو مسببة لها، وهذه القوى أو الأرواح هي التي تحدد تفاعلات هذه المفردات مع الواقع، وبمرور الوقت وبفعل التراكم النفسي تحول هذا التصور عبر الأجيال وأصبح اعتقاد بدائي عند الإنسان، وهذا الاعتقاد البدائي يمكن اعتباره اللبنة الأولى في فكر الإنسان في مستواه النظري  ”ص14

نفس التخيل المريض فالكاتب يضع نفسه مكان الإنسان القديم ويتصور نفسه يفكر مكانه فهو هنا يعتبره طفل يمر بمرحلة الإيمان بالماديات ومعها الإيمان بوجود أشياء مخيفة لا وجود لها وهو تخيل مريض وهو كلام متأثر بمقولة التطور وهى مقولة خاطئة فالإنسان قديما كالإنسان حديثا نفس العقول موجودة ونفس التفكيرات

قال عباس:

" إن تصور وجود هذه القوى أو الأرواح الكامنة في الأشياء أو المسببة لها وتقديسها يعتبر الأساس لفكرة الإلهة  لاحقا، وفكرة الله أخيرا  أما الحركات والأفعال التي كان الإنسان يؤديها آنذاك، فيمكن اعتبارها المرحلة الأولى من مراحل الطقوس الدينية ص15

الرجل هنا يقول بتطور الدين من الأديان المتعددة الإلهة  إلى الأديان التوحيدية ونسى أن هذا ليس تطورا مماثلا من الصغر للكبر فالمفترض طبقا للمقولة أن الإنسان القديم المزعوم فى البداية كان بلا آلهة على الاطلاق ثم تطور لإله واحد ثم لآلهة متعددة وذلك حسب النظام الرقمى التصاعدى  0-1-2-3... ولكن الرجل هنا يقول بمقولة مختلفة وهى النظام التنازلى من الكثير إلى القليل  فالتطور يبدأ بالقليل وينتهى بالكثير أو يبدأ بالضعيف وينتهى بالأقوى ولكن المقولة هنا معكوسة فكثرة الإلهة  يليها وحدة إله ثم إنكار الإله

قال عباس:

"وهكذا وعادة ما كان الإنسان في هذه المرحلة، كما في المراحل السابقة، يشبه هذه الإلهة  بنفسه ، فكانت تشبهه حتى في جسمه، أو بأشياء من محيطه، إذ كانت على شكل رجل أو امرأة أو حيوان أو مسخا هجين الأوصاف، وبالطبع مع إضافة ملامح معينة لكي تبدو الإلهة  مميزة وخارقة  ولأنه لم يجد وسيلة للتعامل مع هذه الإلهة  عمليا لأنها في سماء ما أو في عالم أخر ما، لذلك صنع تماثيل رمزية لها ، وهذه التماثيل بمثابة حلقة وصل مع الإلهة ، وتم لذلك بناء المعابد وتم تقديم القرابين وبرز الكهنة في المجتمع وتطورت الطقوس مع الإشارة إلى ظهور ثقافة استحوذت على عقول الناس وهي ثقافة الأساطير التي تحكى عن هذه الإلهة  إن المرحلة التالية التي وصل إليها الدين انتقلت بالمعبود من التعددية إلى المركزية، حيث اجتمعت الإلهة  المتعددة باله واحد، وهذا الإله المركزي يشرف على الإلهة  كلها، ثم ما لبثت أن تبلورت الفكرة المتأخرة حول (الله) وهذه الفكرة تقول بأن (الله) خالق وحيد للوجود ومدير وحيد له ولا يحتاج إلى مساعدين ص17

يكرر عباس مقولة  التطور فى الأديان من التعدد إلى الوحدانية وهو كلام تخيلى فالرجل هو أو غيره لم ير ولم يعش فى العصور المزعومة ومع هذا يعتبر كلامه كأنه حقائق مقررة مع أنه لا يستطيع أن يثبته ماديا

المقولة لو كانت صحيحة فلماذا تتواجد حاليا التعددية مع الوحدانية مع إنكار الألوهية ؟

لو كانت العقول تتطور كما يقول القوم فلماذا فى هذا العصر الحديث تتواجد تلك الأديان كلها تعددية ووحدانية وإلحادية فى نفس الوقت ؟

المعددون فى هذا العصر يعدون بالمليارات هندوس ونصارى والموحدون يعدون بالمليارات كاليهود والمسلمون  أيضا والملحدون ويعدون بالملايين

تواجد الكل معا فى عصرنا يثبت أن مقولة التطور فى الألوهية هى مقولة خاطئة

قال عباس:

"خلاصة هذا التقديم التاريخي الموجز (للتأليه) هي للإشارة إلى إن أسباب ولادة فكرة (الله) لم تكن أبدا أسباب فكرية منقادة للدليل العقلي،أو فكرة نزل بها ملك ما على نبي ما من سماء ما في زمن ما،وإنما أسباب ولادة (الله) هي أسباب ظرفية محضة ص18

أي أن (الله) بدأ بحلم، ثم فكرة ، ثم عقيدةص18

عباس يقول بعدم وجود دليل عقلى على وجود الله وهو كلام يتنافى مع المنهج العلمى ومع العلوم فكل الأشياء مثلا فى العلم تبدأ بواحد ففى الرياضيات أول الأعداد هو الواحد وأول الخط أو الشكل نقطة واحدة ومثلا فى العلوم كالأحياء أول شىء فى الكائن هو خلية وحيدة

إذا عقليا الكون بدأ بواحد أيا كان هذا الواحد وهذا الواحد هو من خلق الباقى أو طبقا للملحدين منه خلق الكون

الملحدون ينكرون حقيقة السببية فكل شىء له مسبب فى رأيهم عدا الكون ليس له مسبب  وطبقا للمنهج العلمى فإما أن ننكر المسبب فى كل شىء أو نصدق بوجوده فى كل شىء ولكن أن نستثنى شىء واحد من وجود مسبب فهذا هو الجنون عينه

الملحدون يرفضون العقل حسب هواهم فعقولهم ترفض مقولة بناء مرتب حسن جميل بلا بانى له ومع تقبل مقولة وجود كون بلا بانى له فأى عقل هذا الذى يرفض ويقبل شىء واحد ؟بالقطع فى حالة الرفض لا يوجد عقل

 قال عباس :

"وفي الحقيقة هذه نقطة مهمة تتحصن خلفها فرضية (الله)، إذ أن عدم الوضوح والضبابية بالاضافة إلى التعقيد قد جعل منها فكرة في حال هروب دائم من الاشكالات  إن ال مؤلهين بل فشلوا في تقديم دليل واحد يقتنعون هم أنفسهم بأنه دليلقاطع وواضح يدل على وجود (الله)، بل أن كل ما يسوقوه على أنه دليل، هو في الحقيقة مجرد استحسانات عقلية لا ترقى إلى مستوى الدليل ص20وقال:

إن مفردة(الله) في كل الطروحات التي طرحت على الساحة الفكرية ومن قبل كل الايدلوجيات التي تقر بها، مفردة لا تدل على معنى محدد أو مفهوم واضح، والمفردات التي ليست لها معاني محددة وواضحة هي مجرد أحرف مجتمعة لا تثبت في النصوص المفيدة "ص25

 نجد الرجل يكرر أن مقولة الله ليست واضحة وضبابية وهو قول بلا دليل يسوقه فلا هو يذكر الضبابيات المفترض وجودها فى التعريفات عند الأديان المختلفة ولا هو يسوق أدلة والغريب هو إنكار الرجل وجود دليل عقلى على الله ومع هذا يوجد عند المؤمنين استحسانات عقلية وهو تناقض فما الاستحسان العقلى إلا وليد الأدلة

قال عباس:

أما القول بأن هناك أشياء موجودة ولكنها خارج إطار الإدراك البشري، وكونها خارج إطار هذا الإدراك لا يعني أنها غير موجودة،فالرد هو: إن هذا القول فيه تناقض واضح،لان ما كان خارج نطاق الإدراك البشري لا يعبر عنه بأنه (شيء) محدد أو (ذات) معينة ، بل يعبر عنه على أنه علامات استفهام مجردة تدل على واقع مجهول، وهذه لا يمكن التعامل معها على أنها (ذات) معلومة                                                 ص25

 يناقض عباس نفسه فالرجل يعترف بوجود واقع مجهول ومع هذا يعيب على المؤمنين أنهم يؤمنون بوجود مجهول هو الله 

بالقطع هذا أمر مخالف للعقل فإما أن نؤمن بوجود المجاهيل كلها أو نرفضها كلها وأما أن تميز مجهول عن الأخر بلا سبب واضح وبلا دليل فهو جنون

 قال عباس:

"أن علم الرياضيات يخبرنا بعدم وجود إمكانية للتعامل مع أي (رموز) دون إعطاء تعريف رياضي لها ، أو معادلة رياضية معلومة وصحيحة تحددها ..و باختصار شديد إن عدم الاتيان بمفهوم محدد ل( الذات) الإلهية المفترضة دليل منطقي قاطع على عدم ثبوتها  كمفردة واضحة ألدلالة بحيث تدل على ذات معينة "ص26

الرجل يستخدم علم الرياضيات كدليل على إنكار وجود الله لأن الرياضيات كما يقول تستخدم تعاريف صحيحة محددة  وهى مقولة تتنافى مع علم الرياضيات الحالى فالعديد من تعاريفه ليست صحيحة أو محددة والدليل هو تعدد النظريات الهندسية مثلا فهناك ثلاث نظريات فى المثلث تقول الأولى مجموع زوايا المثلث180 درجة والثانية تقول أكثر من180 والثالثة تقول أقل من180  ولو كان هناك تعريف دقيق ما وجدت النظريات الثلاث مع أن النظريات الثلاث لو جمعت معا لكانت حقيقة محددة وهى مجموع زوايا المثلث 180أو أكثر أو أقل  ولو راجع علوم العدد لوجد أن التعاريف أصبحت متعددة فالواحد الذى نعرفه أصبح هناك منه الواحد الصحيح والواحد الموجب والواحد السالب

ولو راجع الرجل الرياضيات لوجد أن علوم العدد فيها تبدأ بالواحد وعلوم الهندسة تبدأ بالواحد وعلم الحيل وهو الميكانيكا تقول بوجود سبب لكل شىء يتحرك فكل متحرك له محرك

 قال عباس:

"أمام المؤلهين احتمالان لا ثالث لهما:

إما أن يكون (الله) محدد بماهية أو زمانية أو مكانية أو أي ظرفية أو حدود أو مقاييس معينة، وحينها سيكون (الله) نسبي الوجود محدود الإمكانية والتأثير، وهذا يتناقض بالتأكيد مع كونه خالق ومحيط ومسير مطلق للوجود، كما يقول المؤلهون، والتناقض يلزم بالبطلان أو يكون (الله) غير محدد بماهية أو زمانية أو أي ظرفية أو حدود أو مقاييس معينة، وحينها يكون (الله) : لا شيء، لأنه وببساطة هذه صفات اللا شيء "ص27

عباس يتغافل عن وجود ماهية لله فى كل دين تقريبا وهو يتغافل عن حقيقة وهى أن الناس لن يوحدوا ماهية الله فى كل الأديان لأن الواقع هو اختلاف الناس فى الأديان كما أن من يسمونها علوما علم كذا وعلم كذا يختلفون فى تعريفات ماهيات الأشياء فمثلا الضوء مختلف فى ماهيته  هل هو موجة أو شعاع ومثلا العقل نفسه مختلف فى تعريفه فهل هو مادى كنظرية المخ أو شىء نفسى لا يرى 

قال عباس:

وحتى لو سلمنا (جدلا) بأن هناك خالق للوجود، فإن عملية الخلق يجب أن تحدث في وجود معين، وهذا أيضا يوجب كون الوجود شامل للذات الإلهية ص28

عباس يشترط للخلق الحدوث فى وجود معين وهو لا يذكر لنا هذا الشرط وهو يرتب على ذلك أن يشمل الوجود الله والخلق وهو كلام تحصيل حاصل لوجود وجود شامل وجود لله وحده ووجود لخلقه مغاير له

 قال عباس :

"لذلك فأجزاء الواقع غير محتاجة إلى شيء يأتي من خارج الوجود لكي يخلقها،فسلسلة الأسباب في هذا الوجود لا مكان بها للعوامل الخارجية أو لتدخل الإلهة ، لأنها سلسلة كاملة و متكاملة و تتجه نحو تعدد مفتوح للأسباب وليس إلى سبب واحد ص29

 الرجل فى الفقرة يبدو مجنونا فهو يجعل نفسه إنسانا قديما يؤمن بتعدد الأسباب وهو ما أسماه بتخيلاته تعدد الإلهة  ولكنه ينكر السبب الواحد أى الله والغريب أن الفقرة نفسها تنكر تعدد الإلهة  

وأما حكاية سلسلة الأسباب  المتكاملة فالرجل يتناسى أن نظرية التطور التى يؤمن بها قالت بانقراض أنواع وظهور أنواع جديدة ومن ثم فحكاية السلسلة الكاملة والمتكاملة طبقا لنظرية التطور هى مجرد أوهام

 قال عباس:

"وهنا نقول:لو إفترضنا أن هناك سبب أول للوجود، فإن هذا الافتراض يعطي (حصانة) لهذا السبب المفترض من افتراض وجود سبب سابق له، لأننا افترضناه سبب أول،وافتراض وجود سبب سابق له يناقض كونه أول، ولهذا قالوا بأن التسلسل باطل  والحقيقة إن التسلسل باطل وفقا للافتراض هذا فقط، ولكنه صحيح وفقا للواقع التجريبي والعقل، فيكون لذلك، الافتراض السابق هو الباطل ،لأنه ناقض التجربة والعقل،إذ أنه لكل شيء سبب،أي أنهم افترضوا فرضا وصدقوه وجعلوه حجة على الكل ،مع أنه  مجرد افتراض ومع أنه ينافي العقل والتجربة  والمفارقة إن هؤلاء أقروا بوجود سبب لكل شيءص30

ينكر عباس هنا عدم وجود مسبب أول ويقول بعدم انقطاع التسلسل لأن مقولة السببية يجب اعتمادها أيضا فى الله فيقال كما فى المأثور من خلق الله اعتراضا على انقطاع التسلسل به

هذا الإنكار يتعارض مع مقولة التطور التى يؤمن بها فالتطور يعنى البدء من الأصغر للأكبر ومن الضعف للقوة ومن ثم فالتطور يقطع التسلسل فى بدايته لكونه يبدأ من الأصغر والأضعف

كما يتعارض الإنكار مع علم الرياضيات الذى يتخذه الرجل كدليل على عدم وجود الله حيث تبدأ الأعداد بواحد والخطوط والأشكال من نقطة ومن ثم فالأول ينفى وجود التسلسل

قال عباس :

"ومنها اقتبس الإنسانفكرة أن وجود الأشياء ناتج من صانع كان قد خطط لوجودها، وهذا التأثر أمر طبيعي، ولكن الواقع يقول خلاف ذلك، إذ يقول بأن الطعام إذا دخل المعدة، فإن المعدة لا تفكر وتقول: لا هضم هذا الشيء ثم أرتاح،ثم تخطط ثم تقرر هضم الطعام، وإنما وجود الطعام داخل المعدة هو الذي يؤثر على متحسسات معينة فيها، ثم ينتقل التأثير إلى الأعصاب ، ثم إلى الأجزاء اللاإرادية في الدماغ، ثم  ينتج من ذلك تأثير على الأعصاب التي تنقل الإشارات الكهربائية إلى عضلات المعدة،فيبدأ الهضم أي أن هذه السلسلة المعقدة من التأثيرات والتغييرات والتي تصب في اتجاه واحد وهو الهضم، لم تأت من قصد وتخطيط، وإنما من تلقائية طبيعية، بل أن الأطرف من ذلك، إن العقل نفسه، والذي ينتج منه القصد والتخطيط، هو أساسا مكون من مفردات مادية وفوق مادية تتأثر بالمتحسسات ودرجة الحرارة وتركيز المواد في الدم والعوامل النفسية، وغير ذلك من الكثير من العوامل ، فتتفاعل كلها تفاعلات مادَية وغير مادَية،وتنتج من هذه المعادلة المعقدة جدا، الأحاسيس والإدراكات والقرارات والأفعال، أي إن القصد والتخطيط ناتج من تلقائية طبيعية في مكونات العقل والظروف المحيطة، أي أن طبيعة الأشياءص32

يبدو عباس هنا أبلها عندما يعتبر المعدة أو أى عضو بمثابة مخترع فهو يتغافل عن كونها مخترعات وليس اختراعات ولو فكر فى أى اختراع فسيجد أن المخترع هو من يخطط ويفكر ويضع قوانين العمل التى يعمل الاختراع لها ومن ثم فالآلة كالمعدة هى اختراع ولكنها ليست مخترعه

تصور عباس المريض هو من أوحى له بأن الاختراع هو المخترع نفسه

قال عباس:

"يجب أن نشير هنا إلى أن القول بوجود ذات تجلس لتخطط وتدير الواقع وتفكر وتحس وتتفاعل هو قول ركيك جدا، والأكثر ركاكة هو القول أن وجود الوجود جاء نتيجة لصدفة اعتباطية، لان الصدفة أولا ليست جواب على التساؤل عن سبب الوجود، لأنها (إن ثبتت فرضا) فأنها تعطي جواب عن سبب تفاعل أشياء موجودة فتقول أنها أشياء تتفاعل بمحض الصدفة لتنتج واقع معقد، أي هي لم تعط سبب أو توضح صورة عن سبب وجود هذه الأشياء أصلا  وثانيا هي جواب سلبي من جهة أخرى، أي خلاصتها أنها لا تعرف سبب تفاعل الأشياء، لان الصدفة وفقا للغدراك البشري سلوك معين للأشياء غير مفسّر من قبل الإنسان، أي القول بالصدفة منطقيا معناه : لا أستطيع أن أجد سببا لسلوك ما للأشياء   ص33

 عباس هنا ينفى وجود الخالق المدبر كما ينفى أن تكون الصدفة هى الخالقة وهو لم يقدم تصور عن كيفية وجود هذا الكون فهو نفى الخالق ونفى الصدفة ولكنه فيما يبدو من الفقرات القادمة عاد واعتمد خالق بلا اسم مرة سماه العقل ومرة سماه الواقع سيد المعادلة

قال عباس:

"نقصد بالدين هنا مجموعة الطقوس والشرائع والايدلوجيات المتعلقة بالمعبود، وما دامت متعلقة بالمعبود، فهي إذا تختلف مع اختلافه عبر الأزمنة والأمكنة، فكما أن التأليه بدأ بتقديس أشياء معينة ، فأن المعنى البسيط للدين بدأ في تلك المرحلة على شكل طقوس هي بمثابة لغة للتعامل مع الأشياء المقدسة هذه، وبالطبع أفرزت هذه التجربة أشخاص لديهم رغبة أكبر من غيرهم في التفاعل معها، وتكريس وقت أكبر لها وجمع معلومات أكثر عنها من تراكماتها في المجتمع، وهؤلاء الأشخاص أصبحوا بمثابة مراجع حول هذه المقدسات ص38

 يعود عباس إلى نفس تقريراته التى يعتبرها حقائق فيتخيل أن  بعض الناس هم من اخترعوا الأديان وهو تصور مريض لأنه يتنافى مع المنهج العلمى فهو أو غيره لم ير ولم يعاصر الإنسان القديم حتى يكون كلامه مصدق بناء على معايشة الواقع ورؤيته

 قال عباس:

"بعد ظهور فكرة (الله) ظهر الجيل الثالث والأخير من الأنبياء  الذين يؤمنون بإله واحد (وبصور ربما تكون متعددة)، وهؤلاء قادوا ثورة حقيقية على أفكار الجيل الثاني من الأنبياء (الكهنة) امتدت لعصور طويلة، علما بأن هذا التطور في مفهوم (الله) بالاضافة إلى ظهور المركزية في العلاقة معه(عن طريق النبي)، كل هذا أدى إلى انتقال الدين من مرحلة الطقوس المجردة، إلى مرحلة الشرائع  وهنا أصبح (ألله) أكثر تدخلا في حياة الإنسان وواقعه وسلوكه، عن طريق هذه الشرائع التي أتى بها ص38

هنا يتخيل عباس أن الأنبياء  على أصناف منهم الكهنة ومنهم الموحدون وبالقطع هى مقولة بلا دليل فهى مجرد تخيل لم يشاهده بشر ولم يعايشه هو أو غيره حتى يمكن تصديقه وهو تخيل قائم على نفس المقولة الخاطئة التطور فهو لا يتخيل أن الدين بدأ بالإله الواحد وإنما بدأ بالإلهة  المتعددة المزعومة  وهو لا يضيف لتصوره ما يتناسب مع مقولة التطور وهو أن الالحاد لابد أن يكون أصل الدين حيث لم يكن الإنسان الأول فى زعمه يعرف بوجود إله أو حتى آلهة

 قال عباس :

إن هذا التوضيح (المختصر جدَا) لنشأة وتطور الأديان لا يعني بالضرورة أن عملية التطور كانت تسير بانتظام دائما في كل الأزمنة والمجتمعات، وبانتقال مرحلي منتظم وواضح جدا، وإنما كانت عملية التطور منتظمة بشكل عام، والمراحل العامة للتطور يمكن تتبعها بيسر على نحو العموم فقط،  لكن هناك أديان كثيرة شذّت عن هذا التسلسل العام للتطور، إذ أن هناك أديان تقوقعت وتجمدت وهناك أديان استمرت طويلا (بإطارها العام) ، وهناك أديان انقرضت تماما"ص39

 فى هذه الفقرة نقض عباس تخيلاته بشأن تطور الأديان باعترافه بوجود أديان كثيرة شذّت عن هذا التسلسل العام للتطور إذ أن هناك أديان تقوقعت وتجمدت وهناك أديان استمرت طويلا (بإطارها العام) ، وهناك أديان انقرضت تماما ومن ثم فنظرية تطور الأديان قد هدمت وهدمها فى عصرنا تواجد أديان التعدد تعدد الإلهة  المزعوم مع الأديان التوحيدية مع دين إنكار الله معا فى عصر التقدم والتطور ومن ثم فلا يوجد شىء اسمه التطور من الأساس فى الأديان

 قال عباس:

من المؤكد أن قسم كبير من هؤلاء الأدعياء كذّابين، وهذا الأمر لا يخفى على أحد  إن ما يهمني ليس هؤلاء الكذّابين، وإنما قسم آخر لا نستطيع أن نقول عنه إنه (كذّاب)، لان الكذّاب إنما يكذب طلبا للمنفعة، أمّا من ينذر نفسه لقضّية معينة ويخلص لها ويعاني أقسى أنواع الأذى في سبيلها، فهو إنسان لا نستطيع أن نصفه إلا بأنه إنسان مبدئي، بغض النظر عن صواب أو إيجابية قضيّته  نحن لا نقول بأن هؤلاء على صواب، لأن لا إله هناك حتّى يتصلوا به"ص40

 نلاحظ جنون عباس فالرجل يعتبر بعض الأنبياء (ص) ليسوا بكذابين ومع هذا يقول أنهم ليسوا على صواب لأنه لا يوجد إله ومقولة الأنبياء كلها قائمة على أنهم يوصلون رسالة الإله الواحد فكيف يكونون صادقين وهم يكذبون الواقع العباسى حيث لا إله نقلوا عنه الرسالة ؟

ويكرر عباس نفس مقولته:

أيّ إن أنبياء وأصحاب ديانات كثيرة، مثل عيسى وموسى ومحمد، وغيرهم، ليسوا كذّابين أو مجانين، وإنما هم عبارة عن نمط خاص من المصلحين (بغض النظر عن إيجابية أو سلبية طرحهم)  تلونوا بلون شخصي معيّن، وبلون مجتمعهم، وبلون الواقع بكل تراكماته وتطلعاته ص41

وهو ينفى عن الأنبياء  هنا كونهم كذابين أو مجانين وهو كلام يبين مدى تناقضه

وقال عباس:

"والحقيقة إن فكرة (الله) هي أساس كل الأديان"ص43

اعتبار الله أساس كل الأديان يناقض أديان تعدد الإلهة  وأديان ليس فيها إله كالبوذية

وقال عباس:

"فلو افترضنا جدلا أن ما أتى به النبي (المفترض) ، لا يستطيع أي شخص آخر الإتيان بمثله، فإن هذا لا يدل (عقليا) إلا على أن هذا الشخص (النبي المفترض) قد انفرد بميزة أو موهبة عن بقية البشر، ولا علاقة لهذا الأمر بالله، من ناحية الربط العقلي ، أي لا يوجد ربط استدلالي بين امتلاك الموهبة ص 42

عباس هنا يقرر ما قرره القرآن فى العديد من الآيات وهو :

أن النبى(ص) طلب منه الله إعلان أنه بشر مثل الناس لا يزيد عنهم فى شىء وفى هذا قال تعالى "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى "

قال عباس:

"يجب أن نشير هنا إلى أن عدم ثبوت الدين ككل عقليا على أنه دستور شامل للإنسان، لا يعني أن كل مفردات الدين خاطئة، لأن هناك مفردات كثيرة في الطرح الديني، تتطابق مع المنهج السلوكي المنطقي السليم للإنسان، وهذه واجبة على عامة الناس  من باب العقلانية فقط ص43

نلاحظ أن عباس يناقض نفسه فهو يعترف أن الكثير من مفردات الأديان صحيحة ومع هذا يرفض ثبوت الدين ككل

ونلاحظ الجنون وهو وجود ما يسمى بالمنهج السلوكى السليم ولا يوجد منهج سلوكى سليم للإنسان فالبشر لا يتفقون فيما بينهم فمثلا سلوك العرى واللباس الناس فيه مذاهب ومثلا سلوك العفة الناس فيه مختلفون ما بين محرمى الجماع دون زواج وبين مبيحى الجماع بلا زواج ومثلا سلوك الأمانة مختلف فيه فهناك بشر يبيحونه لقومهم ويحرمونه فى غيره وهناك بشر يطالبون به للجميع ولو عاد الرجل لقوانين البشر وتشريعاتهم لوجد بينهم اختلافا كثيرا

عباس يتحدث عن منهج سلوكى سليم فمن أين أتى هذا السلوك المزعوم ؟

أتى من العدم أم أتى من الطبيعة غير العاقلة أم خرج من رحم الفوضى التى فيها الناس حيث لا قانون يحكمهم ولا ضابط ولا رابط 

قال عباس:

"وفي الحقيقة قد وجدت الأديان في هذه الفكرة(الحلم) مخرجا حقيقيا لإشكالات فلسفية تتعلق بعدالة(الله)، فصورة الواقع لا تحقق هذه العدالة، فهو مليء بالظلم والمعاناة، ولا توجد فيه مكافئة مقبولة للمحسن، ولا عقاب كافي للمسيء، لذلك وجد أهل الدين في فكرة (الجنة والنار) ساحة مؤجلة لتحقيق العدالة الإلهية المطلقة الموعودة ص44

 عباس هدم المعبد ولم يقدم حلا فهو يعتبر الجنة والنار وهم لتحقيق العدالة فما هو الحل لكى تحل العدالة ؟

لا توجد إجابة عنده وعند غيره لأنه بهذا فرض فرضا يعنى الفوضى فما دام لا يوجد إله يحل العدالة فلا يبقى هناك قانون يحتكم له ومن ثم كل إنسان يعمل ما شاء لكى يأخذ حقه وبالقطع لا توجد حقوق فى تلك الحالة لأنها فوضى لا يمكن أن يحكمها شىء والغريب أنه خرج بمقولة مجنونة وهى أن الأرض هى الجحيم والنعيم بقوله " الأرض هي الجنّة، إذا كان الناس ملائكة، كما أن الأرض هي الجحيم، إذا كان الناس شياطين" ص46

وهو يخالف تلك المقولة فيجعل حلم اليقظة هو اكسير الجنة فيقول:

يبدو أن إكسير الجنة الموعودة هو حلم اليقظة الأول عند الإنسان وبلا منازع، سواء جنة السماء الإلهية أو جنة الأرض المرجوة من سيد معادلة ص113

قال عباس :

"لا يوجد شيطان في الواقع، ولكن يوجد إنسان في أحيان كثيرة هو بمثابة شيطان، ولا يوجد ملاك في الوجود، ولكن عديد من البشر هم خير مصداق للملاك  الأرض هي الجنّة، إذا كان الناس ملائكة، كما أن الأرض هي الجحيم، إذا كان الناس شياطين كفانا لعنا للشيطان وإغوائه للإنسان، ولنلعن كثير من شياطين الإنس، ونحاربهم بسلاح الواقع، وليس بجناحات الخيال ص46

نلاحظ هنا الفهم الخاطىء لكلمة الشيطان فالله لم يقل أن هناك شيطان وحيد وإنما بين أن كل الناس من جن وإنس منهم شياطين أى عصاة لأحكامه فقال مثلا ""كذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"

كما نلاحظ أنه جاءنا بجنون كون الأرض الجنة إذا كان الناس ملائكة وكونها جحيم إذا كانوا شياطين والواقع أمامنا أنه لم يوجد صنف منهم بمفرده فى ال{ض ومن ثم فالأرض منذ ما بعد آدم(ص) هى جحيم ونعيم كما فى زعم الرجل ومن ثم  نتساءل كما يتساءل الملحدون من يعطى المظلوم حقه فى حالة وجود الشياطين ؟

هل الواقع أم الطبيعة أم القوانين أم انه يظل حياته مظلوما ويموت مظلوما لم يستمتع بجنة وحياته كانت جحيما بينما ظالمه هو من يعيش فى النعيم فى الأرض ؟

وسؤالنا للملحدين أين العدالة ؟

إن لم تكن هناك عدالة فلماذا تتعبون أنفسكم بالكتابة عن الخلاق والمنهج السلوكى السليم طالما أن العدالة لن تتحقق وليس لها وجود لأن عالمكم هو فوضى شاملة  لا مكان فيها للعدل والحق

 قال عباس:

"الصدق ، النزاهة، الإيثار، العون، الأمانة، وغيرها من الثوابت الأخلاقيّة العامّة، تعتبر خط دفاعي حصين للمجتمع البشري تمنع وصوله الى هاوية الفساد التام والإنهيار التام في كل الأزمنة، وصدقا نقول قد ركّزت الأديان (عموما) على هذه الثوابت الايجابية ورسخّتها وفعّلتها في المجتمع، وهذه نقطة إيجابيّة كبيرة تحسب للأديان، مع الإشارة إلى أن هذه الثوابت لم تأت بها الأديان، وإنما هي متجذرة في المجتمع البشري منذ القدم، بل إن من أهم ركائز وأسس اعتناق الناس للأديان، هو تركيز الدين على هذه الثوابت، والى حد الفرض والوجوب في أحيان كثيرة، ولذلك استحسن الناس الدين وأحبّوه واعتنقوه إن حبّ الناس للأخلاق العامة (عموما) يسبق الدين، ولكن الأديان، وخصوصا المتطور منها، نظّمت هذه الثوابت وفعّلتها أكثر، وجعلتها ضمن النظرية الدينية ككل، ومتناسقة مع الطرح الأيدلوجي الشامل للدين ص50

عباس هنا يبدو أبلها عندما يتحدث عن وجود ما يسميه الأخلاق العامة قبل الأديان والسؤال من علم الناس تلك الأخلاق يا عباس ؟

هل عشت فى تلك الأيام ؟

كيف تكونت الأخلاق المزعومة والناس كما تقولون كانوا متوحشين بدائيين يأكل بعضهم بعضا ويذبح بعضهم بعضا ويغتصب القوى الضعيف وكانت علاقة الرجال بالنساء علاقة اغتصاب   ؟أليس هذا المجتمع البدائى هو الموصوف فى كتب التطوريين ؟

هل يمكن أن يخرج من تلك الفوضى أخلاق ؟

الملحدون لا يعترفون إلا بالتجربة ومن ثم لو ربينا رضع بالغذاء ولم نعلمهم أى شىء وتركناهم فى منطقة معزولة لا يخرجون منها  فلم يتعلموا كلاما ولن يفهموا أى شىء سوى العراك وسيموتون بعد قليل دون أن يتوصلوا لأى فكرة أخلاقية

 قال عباس :

إن المقياس الأساسي والإطار الأشمل للتفكير هو العقل المجرد، فما يقبله عقل الإنسان نظريّا، ويحس به عمليا، هو المقياس الأول والأخير  وهنا بيت القصيد، فالأديان تعتبر سلبية في هذه النقطة المهمة، لأنها تعتبر رأي الدين هو المقياس، صحيح أنها تعطي حريّة للتفكير، ولكن هذه الحريّة ضمن أطر الدين فقط، وفي هذه الحالة لا تعتبر الموضوعيّة العلميّة هي المقياس، وهذا بالتأكيد يحجّم دور التفكير، بل يضطهده في أحيان كثيرة  مثلا عندما ذاع صيت نظرية دارون في علم الأحياء، وتحديدا أصل الأنواع، ثارت ثورة عظيمة عليها ومن قبل كل الأديان تقريبا، وهذه الثورة لم تكن مدفوعة بأسباب علمية موضوعيّةص52

عباس اختار العقل المجرد كمقياس للتفكير فى المقبول والمرفوض وتناسى عباس عن أى عقل يتكلم هل عقل الطفل أم الشاب أم الشيخ ؟ هل هو عقل الملحدين أو عقل المتدينين فى زعمه ؟ هل عقل الفلاسفة أم عقل عامة الناس ؟

 هل يوجد عنده أساسا شىء اسمه العقل المجرد فكلمة المجرد لا تعنى عقلا فالعقل لا يمكن أن يكون مجردا وإلا كان جنونا فالخالى من كل شىء هو المجنون ؟

هل العقل يوجد كاملا أم أنه يتطور من الصغر نحو الكمال ثم ينحدر نحو النقص التدريجى أم يتطور من الضعف للقوة ؟

تلك الأسئلة لا توجد إجابة عليهاعنده لأن أهل العقل نفسه من الملحدين مختلفين فى عقولهم فمنهم من ينكر الإله ومنهم من يقول لا أدرى ومنهم من كل ساعة فى حالة ينكر ويصدق ويقول لا أدرى

 فى النهاية لن يوجد اتفاق على العقل بين البشر

ونلاحظ فى الفقرة انبهار الرجل بنظرية النشوء والارتقاء لدارون وهى نظرية يعتمدها الملحدون فى عصرنا كحقيقة مع أن صاحبها نفسه نسفها فى كتابه أصل الأنواع بأقواله مثل:

"ويجب ألا يشعر أحد بالدهشة من القدر الكثير الذى ما زال غير مفهوم فيما يتعلق بنشأة الأنواع والضروب الحية إذا ما سمح بالتالى جهلنا الشديد فيما يتعلق بالعلاقات المشتركة التى بين الكثير من الكائنات التى تعيش حولنا فمن منا يستطيع أن يفسر لماذا يرعى أحد الأنواع على نطاق واسع ومع ذلك فأعداده كبيرة ولماذا ينحصر رعى نوع أخر متقارب فى نطاق ضيق ولكننا نجده نادر الوجود"ص59
ويعلن جهله هو والآخرين بقوانين الوراثة فى الأنواع فيقول:
"
القوانين التى تتحكم فى الوراثة هى فى معظمها مجهولة ولا يوجد أحد يستطيع أن يفسر لماذا فى بعض الأحيان يجرى توارث نفس الخاصية فى أفراد مختلفين ص70
ويعترف دارون أنه هو وغيره لا يعرفون حقا حتى هل الأنواع الداجنة من الحيوانات كان لها أصل واحد أو أكثر فيقول:
"
عند محاولة تقدير كمية الفروق فى التركيب بين الأعراق الداجنة القريبة من بعضها سرعان ما نجد أنفسنا فى دائرة من الشك وذلك لعدم معرفتنا إذا ما كانت قد نشأت من واحد أو أكثر من الأنواع الأبوية ص74
ويكرر نفس الاعتراف مقرا باستحالة معرفة هل نشأت الأنواع الداجنة من نوع واحد أو أكثر فيقول:
"
أما فيما يخص معظم حيواناتنا ونباتاتنا المدجنة منذ القدم فإنه من المستحيل أن نصل إلى قرار محدد فيما لو كانت نشأتها نابعة من نوع واحد أم من العديد من ص75 الأنواع الوحشية ص76
ويعترف أن الجهل بنشأة حيواناتنا الداجنة سيكون شيئا مبهما إلى الأبد فيقول:
"
من المحتمل أن تظل نشأة حيواناتنا الداجنة شيئا مبهما إلى الأبد ص76
وهو يقر أنه من النادر جدا إثبات إتحاد الأنواع أو الضروب فى المنشأ فيقول:
"
وبشكل عام فإن المصطلح يتضمن العنصر المجهول من عمل سحيق القدم للخليقة ومصطلح ضرب متساو تقريبا فى صعوبة التعريف ولكنه فى هذا المقام فإن الاتحاد فى المنشأ هو المعنى المفهوم ضمنا على وجه العموم مع أنه من النادر التمكن من إثباته ص110
ويقر دارون بجهله وسواه فى أسباب زيادة كل نوع أو نقصه حتى النوع البشرى نفسه لكونها أسباب غامضة فيقول:
"
الأسباب التى تكبح الميل الطبيعى الموجود لدى كل نوع للزيادة غامضة على أقصى حد انظر إلى أكثر الأنواع نشاطا فبقدر احتشادها بالأعداد بقدر ميلها على الزيادة بشكل أكثر ونحن لا نعرف بالضبط ما الضوابط التى تتحكم فى ذلك حتى فى حالة واحدة ولن يسبب هذا دهشة لأى إنسان يقلب الفكر فى مدى جهلنا فى هذا الموضوع حتى ولو كان يتعلق بالجنس البشرى بالرغم من أن المعلومات المتوافرة عنه أفضل بدون وجه للمقارنة من أى حيوان آخر ص143

قال عباس:

مثل محاربة القول بكروية الأرض، وغيرها من الأمثلة التي تدور كلها في فلك واحد، وهو محاربة،وليس مخالفة، نتائج علميّة معيّنة، فقط لأنها تتناقض مع الطرح الديني، في حين أن ما يتوصل إليه العقل، وما يقود إليه الدليل، هو ما يجب أن يؤخذ به، وفي كافّة مجالات الحياة  إن وضع أي إطار للعقل هو ظلم للعلم وإجحاف بحق العقل وقتل للإبداع، وإن الدليل العلمي الموضوعي  هو المرجع الوحيد دائما، وإن وضع أي خط أحمر عبارة عن الحرمة والعقاب على أي نتيجة علمية قد تختلف مع الطرح الديني، هو نوع من أنواع الاستبداد الفكري ص53

عباس هنا يقول أن نظرية التطور وكروية الأرض نتائج علمية وهو كلام لا يمت للعلم بصلة فنظرية التطور لم يرها أحد ولم يعايشها أحد لأنها حدثت منذ مليارات وملايين وآلاف السنين  وكروية الأرض لم يرها أحد وكل ما قيل عنها هو مجرد استنتاجات أليس هذا المنهج العلمى الذى يقول به الملحدون أصحاب العقل عند أنفسهم ؟

قال عباس:

"لا شك أن قسم كبير من التشريعات الدينية يتعلق بواقع الإنسان الحياتي حيث يتصدى لتعاملات وسلوك الإنسان، وهذه التشريعات تعتمد ترسيخ الأخلاق   العامة، فتفرض عقوبات (دنيوية أو أخروية) على المخالف وكذلك تشجع الملتزم بهذه المباديء،وهذه عموما نقطة ايجابية كما ذكرنا سابقا ولكن هذه الأحكام جاءت بمردود عكسي في أحيان كثيرة ، وأسباب ذلك متعددة وأهمها:

أولا: أن مفهوم الأخلاق الذي تبنته هذه التشريعات هو مزيج من الثوابت الأخلاق  ية العامة المتفق عليها في كل زمان ومكان (الصدق،البر، المسالمة) ممزوجة مع العرف الاجتماعي (سلبي أو إيجابي) والذي يعتبر في الكثير من الأحيان (خطأ) جزء من مفهوم الأخلاق  ، ولذلك جاءت هذه التشريعات وفي أحيان كثيرة بملامح محليّة وفئوية واضحة تخص مجتمع ما وذات معالم ظرفية تحاكي ظرف محدد ما  أي أنها أحكام تتلائم مع مجتمع محدد في زمن محدد بعرف محدد ولا تتلائم مع كل الأزمنة وكل المجتمعات ومع كل الأعراف، فقد يكون أمر ما مباح وعادي وإيجابي في ظرف ما وزمن ما ومجتمع ما، وقد يكون نفس الأمر عكس ذلك في زمن أو مجتمع أو ظرف آخر، ناهيك طبعا عن التشريعات السلبية بالمقاييس العامة المنبثقة من أعراف سلبية أساسا

ثانيا: حرمت الكثير من الأديان الكثير من الأمور بناءا على وجود سلبية معينة في ذلك الأمر، بينما قد تكون هناك إيجابيات أكثر لمثل هذا الأمر فتكون محصلته إيجابية،أي تنظر لكثير من الأمور بعين مجتزأة، ومثال على ذلك (الربا)، الذي حرّمته بعض الأديان، فعلى الرغم أن فيه سلبية واضحة تتعلق بالاستغلالية، إلا أن هناك ثمة فوائد عديدة لا تنكر حيث يساعد الناس في أغلبها على تجاوز احتياجات مالية ظرفية كثيرة، وتحريمه أو منعه يحرم الكثيرين من فوائدهم ويتركهم في أزمة الحاجة حيث يعانون من قلة المعين، خصوصا وأننا لم ولن نعيش في مجتمع ملائكي، أي أن المحتاج للمال يقع مع بين مطرقة الحاجة وسندان الدين الذي يحرم الاقتراض المشروط بالفائدة ص55و56

عباس هنا يناقض نفسه فهو يمتدح الأديان ويذمها فى نفس الوقت لأنه جعل بعض الأحكام إيجابية وسلبية فى نفس الوقت  والغريب أنه يمدح حكم إباحة الربا فى غير الديان لأن له فوائد عديدة ومختلفة وهو كلام لا يدل على أى دراسة ولا على علم ولو عاد لرأس الإلحاد حديثا ماركس وإنجلز وغيرهم من فلاسفة الإلحاد الشيوعى لوجدهم نتيجة دراساتهم لمجتمعات الرأسمالية توصلوا إلى أن أكبر أسباب الظلم والخراب الاقتصادى هو الربا

قال عباس:

"من المهم جدا هنا أن نوضح هنا أن المنظومة الدينية هي دائما منظومة اعتبارية جامدة تؤخذ لذاتها وليس لأدائها ولا تتغير مع تغير مصلحة الإنسان وواقعه الحياتي المتغير، أي الغاية والمقدس هنا هي المنظومة بعينها فأصبحت مجرد رمز ص57

عباس هنا بلا دراسة حكم على كل الأديان بأنها جامدة لم يفكر فى أن دينا أو أكثر قد يكون احتوى على كل الظروف وكل الأحوال وهو ما يسميه المتغيرات التى يمكن أن تقابل الإنسان يوما

 قال عباس:

توضع القوانين والتشريعات في الدولة الحديثة لهدف واحد شامل وهو الوصول بالمجتمع إلى أفضل واقع ممكن أي أن إيجابيّة واقع المجتمع ومعيشة أفراده، من رفاهية وأمن وتقدم، هي الغاية الأسمى  أمّا التشريع الديني، فأن غايته الأسمى ليست واقع الإنسان هنا، وإنما تلك المنظومة من الأحكام بكل أقسامها العملية أو الروحية أو بأساطيرها، ولذلك بدت الأديان في تشريعاتها وكأنها تحاكي عالم آخر غير عالم الإنسان ص58

عباس هنا واهم فى كون القوانين والتشريعات توضع في الدولة الحديثة لهدف واحد شامل وهو الوصول بالمجتمع إلى أفضل واقع ممكن فالكثير من القوانين توضع لمصالح معينة وتلغى لمصالح معينة خاصة بطائفة ما فمثلا قانون منع الخمور المشروبة فى الولايات المتحدة جعل صناعة الخمور تزدهر وجعل سعرها يرتفع ثم تم إلغاء القانون لأن الخمور المشروبة بالفم حل محلها خمور أخرى تسمى المخدرات حاليا  ومثلا قوانين الحظر التى تفرضها تلك البلد التى يقال عنها ديمقراطية وتحافظ على حقوق الناس هى قوانين الغرض منها الاستيلاء على أموال الدول التى فى القائمة السوداء للولايات المتحدة  ومثلا قانون النقدين الذهب والفضة تم إلغاء العمل به وتم التحول إلى النقود الورقية للاستيلاء على ثروات الشعوب المعدنية لصالح دول معينة والكثير من قوانين الدول الحديثة للأسف هى قوانين توضع لصالح شخص أو حتى فئة معينة وعندنا فيما يسمى مصر صدر قانون شهير باسم قانون جيهان والمعروف بالشقة من حق الزوجة وذلك لحدوث مشكلة طلاق بين ابنة جيهان والسادات وبين ابن  عثمان أحمد عثمان وأرادت أو طمعت زوجة الرئيس فى الاستيلاء على مسكن الزوجية لابنتها فتم تكليف أعضاء مجلس الشعب بإصدار القانون الذى تم إلغاؤه فيما بعد 

 قال عثمان:

إن من يريد أن يلم بموارد لا واقعيّة التشريع الديني وتخصيصاتها في شرائع الأديان، ما عليه إلا أن يقرأ شريعة أي دين ويقارنها مع  الأعراف العقلانيّة التي يجمع عليها معظم عقلاء الناس، على اختلاف مشاربهم، أو مقارنتها مع التشريعات المدنية المعمول بها ضمن إطار قوانين الدول الحديثة  "ص59

عباس ما زال يعتقد فى وجود شىء اسمه الأعراف العقلية يجمع عليها معظم عقلاء الناس والغريب أنه لا يقول كل العقلاء وإنما معظمهم وهذا يعنى أن الأعراف ليست عقلانية وإلا أجمع عليها الكل لأن المفترض كون العقل واحد المبادىء عند الكل فإن اختلف بعضهم فهذا لا يعنى وجود أعراف عقلية لاختلاف العقلاء المزعومين فيها

 قال عباس:

"إن هذه النقطة مهمّة جدّا وقد تنبّه لها المشرعون القانونيون في الدول المتقدمة، لذلك كانت قوانينهم تتسم بالواقعيّة أمّا الدين فأنه تحول الى شبح جلاد يلاحق الفرد في كل جزئيّات حياته ويترصده في كل شيء  وهنا يحضرني مثال  طريف ومحزن في آن عن الكبت الصارم واللاواقعيّة في الدين، حيث أن لي قريبا لديه صديق متديّن يعاني من شدّة وطأة الغريزة الجنسية عليه، وهو غير متمكن من الجماع، فأرسل صديقه إلى عالم ديني مجتهد(مفتي)، للاستفتاء حول إمكانيّة الإذن له بممارسة العادة السريّة، ولو كل فترة، للخلاص من هذا الضغط الكبير، فما كان من العالم إلا أن يجيب بالرفض  بل إن الدين ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث طارد الإنسان حتّى في خيالاته، إذ فرض عقاب أخروي شديد في نار جهنم، عقابا على مجرد تخيلات ص59و60

هنا عباس يعترف بأن الدين يلاحق الفرد في كل جزئيّات حياته ويترصده في كل شيء  وهو ما يعنى أن الدين له حكم فى كل حال وكل ظرف وهو ما يعنى أنه يتمتع بالمرونة وليس كما قال عباس فى فقرة :

"من المهم جدا هنا أن نوضح هنا أن المنظومة الدينية هي دائما منظومة اعتبارية جامدة تؤخذ لذاتها وليس لأدائها ولا تتغير مع تغير مصلحة الإنسان وواقعه الحياتي المتغير، أي الغاية والمقدس هنا هي المنظومة بعينها فأصبحت مجرد رمز ص57

وأما حكاية الاستمناء وتحليلها وتحريمها فهذا غير داخل فى المرونة فالمحرم محرم والحلال حلال ومن أراد أن يرتكب أحد المحرمات فليرتكب ويتوب أو يرتكبها ولا يتوب حسب ما يريد

قال عباس:

من الأفضل أن يعتقد البشر جميعا عقيدة واحدة ويتوجهون توجه واحد، لكن الواقع غير ذلك، فالبشر يختلفون في أمور كثيرة، وهذا الاختلاف طبيعي، فالظروف تختلف والبيئة تختلف والزمن يختلف أي إن أسس الاختلاف مفتوحة، وهذا ما جعل الاختلاف أمر طبيعي وواقع  إن الاختلاف أمر إيجابي وثراء حقيقي في أحيان، وفي أحيان أخرى هو أمر سلبي، ولكن السلب ليس في الاختلاف بذاته، وإنما بتأثيره ونوعه إن الاختلاف في العقيدة والدين أمر طبيعي وعادي ومباح ص62

 الرجل هنا يعارض أقواله فهو يريد وحدة الناس ولكنه يقرر أن الاختلاف هو الواقع ولا يمكن أن توجد وحدة وهو يعتبر الاختلاف إيجابى وسلبى فى نفس الوقت ومن ثم فهو لا يدرى ماذا يقول وماذا يفعل

قال عباس:

"إن الكثير من الأديان تحكم على الناس المخالفين بالعقيدة بإلقائهم في نار جهنّم خالدين فيها، حتّى لو كانوا حسني الأخلاق  والسلوك، لا لشيء إلا بسبب إشكالية فلسفيّة معقدّة لا يفهمها حتّى الفلاسفة أنفسهم (مثل الله والوجود)، فكيف يكون الحال مع مساكين المجتمع وعامّته،ص63

الرجل هنا يعتبر أن الأديان غير محقة فى العقاب ومع هذا يتناسى عمدا أن قوانين ما يسمى الدول الحديثة تسمى الخارجين على قوانينها مجرمين كما تفعل الأديان فالمجرمون هم الكفار والقوانين تعاقبهم على جرائمهم فما هو وجه الغرابة فى أن يكون فى الأديان عقاب لتلك الجرائم 

 قال عباس:

إن المقياس (العام) الوحيد والصحيح والمفترض الذي يقيّم الأخرين في التعامل، هو مقياس الثوابت الأخلاقيّة العامّة، أمّا العقيدة فهي مسألة شخصية، وإن تغيير هذا المقياس العام هو هدم حقيقي للمجتمع ص65

يتحدث عباس عن وجود ثوابت أخلاقية عامة وهو كلام يتناقض مع اختلاف العقلاء فى تلك الثوابت فى قول سابق له هو :

"إن من يريد أن يلم بموارد لا واقعيّة التشريع الديني وتخصيصاتها في شرائع الأديان، ما عليه إلا أن يقرأ شريعة أي دين ويقارنها مع  الأعراف العقلانيّة التي يجمع عليها معظم عقلاء الناس، على اختلاف مشاربهم، أو مقارنتها مع التشريعات المدنية المعمول بها ضمن إطار قوانين الدول الحديثة  "ص59

فهنا معظم العقلاء وليس كل العقلاء يتفقون على الأعراف العقلية التى يسميها الثوابت الأخلاقية ولكن البعض من العقلاء يشذ عنها

قال عباس:

"إن الحياة البشريّة الحديثة تسير نحو اندماج المجتمعات أكثر ، ونحو اقتراب هذه المجتمعات من نمط حياة شبه موحّد، ونحو الاقتراب من مفاهيم عامّة وأعراف شبه موحدّة أيضا ص67

 الرجل يبين أن المجتمعات تسير نحو اندماج المجتمعات أكثر ، ونحو اقتراب هذه المجتمعات من نمط حياة شبه موحّد، ونحو الاقتراب من مفاهيم عامّة وأعراف شبه موحدّة أيضا وهو كلام يخالف ما قاله عن الاختلاف وأنه إيجابى فى قوله :

 "لكن الواقع غير ذلك، فالبشر يختلفون في أمور كثيرة، وهذا الاختلاف طبيعي، فالظروف تختلف والبيئة تختلف والزمن يختلف أي إن أسس الاختلاف مفتوحة، وهذا ما جعل الاختلاف أمر طبيعي وواقع  إن الاختلاف أمر إيجابي وثراء حقيقي في أحيان، وفي أحيان أخرى هو أمر سلبي" ص62

قال عباس:

وهنا تجب الإشارة إلى أن الأديان تعرضت للقمع المقيت عبر كل الأزمنة تقريبا وصولا إلى العصر الحديث، والممارسات المقيتة لبعض الأنظمة العلمانيّة الدكتاتوريّة، مثل بعض الأنظمة الشيوعيّة والتي أساءت للإلحاد كفكرة مجردة وروح الاشتراكية كهدف محترم، لا زالت حاضرة في الذاكرة البشرية، على سبيل المثال لا الحصر، ولا زالت هكذا ممارسات موجودة حتّى اليوم ص70

 يعترف عباس هنا بأن الدول الحديثة خاصة الملحدة منها قد عرضت أهل الأديان للقمع والتعذيب والقتل وهو نوع نادر من اعترافات الملحدين بأن لهم جرائم مثلهم مثل بقية الناس فمعظم الملحدين يزعمون أن الملحدين لم يقتلوا ولم يعذبوا أحد ولم يؤذوا احد

 قال عباس:

نحن بحاجة الى تقديس يكون فيه الإله غير جالس على عرش عظيم في سماء مجهولة، وإنما يكون فيه الإله داخلنا كلنا، فهو لا يحتاج إلى دليل يدل عليه، لأنه محسوس، ولا يحتاج إلى براهين عقلية، لأنه هو المقياس الفكري  وهذا الإله هو العقل المجرّد السيّد، أمّا العقل الموجود عند الكثيرين، فهو العقل العبد، والذي يعبد عواطف معيّنة، وتوجهات وأطر موضوعة مسبقا ص71

يعود عباس بنا بعدما قام به فى طول الكتاب وعرضه من هدم المقدس ليكون مقدس جديد أى إله جديد هو عقل كل إنسان ومع هذا التأليه للعقل اإنسانى ينقضه عباس باعترافه أن العقل ليس متجذر فى الناس فيقول:

"إن الأمر يبدو كوضع مسدس بيد طفل، فعقلانية الإنسان وسلامة النوايا غير متجذرتين في ذات الإنسان إلى الحد المطمأن الذي يحول استخدام مجمل مفردات التطور المادي للاستخدام النافع والمجدي، ونحن هنا لا نتكلم على الأسلحة فقط وإنما بقية المفردات أيضا كالإعلام والعلوم النفسية وغيرها  "ص109

ويعود للجنون الذى قام به من هدم الأديان ليقيم مقدسا جديدا هو شريعة يصنعها الناس تكون مقدسة فى قوله:

أمّا الشريعة المقدّسة الصحيحة، فهي شريعة تنظّم واقعنا وتحترم اختلافاتنا، شريعة لم تأته من مكان بعيد في السماء، وإنما تنبع من ينابيع الواقع الإنساني، وتتعامل مع قضايا الإنسان بواقعيّة قياسيّة، وليس بمثاليّة متكبّرة على الواقع ص71

ويكرر نفس المقولة عن الشريعة المقدسة الجديدة فيقول:

وأثبتت التجربةّ البشريّة كذلك، أن أفضل ما طرح الإنسان، في هذا المجال، القانون المدني ضمن إطار الدولة الحديثة( بشكل عام)، لان هذا القانون اتّسم بالواقعيّة والموضوعيّة، وكذلك احتواءه على هامش جيّد لاحتواء الاختلافات، وأيضا تضمنه لآليات مناسبة للتعامل مع المتغيرات المستقبليّة وعلى هذا الأساس، يمكننا القول، أن خير ما ينفع المجتمع، هي النظريّة النسبيّة الاجتماعيّة ص74

والغريب أن شريعته المقدسة الجديدة ليست شريعة واحدة وإنما شرائع متعددة فى الكثير من الموضوعات والمختلف لا يمكن أن يكون مقدسا فلا يمكن أن يكون الصواب متعدد كثيرا فى أمر واحد وإنما الصواب أمر واحد أو أمرين فقط فى أمور قليلة  

 قال عباس:

سمهماشئت،قدربتقديروتخطيطالهي(معفرضوجودالله)،أوواقعموضوعي،أوأياسمآخر،هوهو،إنهواقعناوالوجودالذينحنجزءمنهونتفاعلمعمفرداتهوبكلامتداداتهالأفقيةوالعمودية،هذاالواقعالذييبسطنفوذهالمطلقعلىمطلقماهيتناويحددالمتغيراتوالنتائج،ويسوقناخانعينمنخلالآلةالحتميةالمتجبرة وسنختزلكلالمسمياتهذهأوالمرادفةلهاتحتعنوانالواقعص81

 الرجل هنا وفى الفقرة التالية :

إنالإنسانوفيكلالأزمنة يعلمجيداوجودسلبيةعظيمةفيهذاالواقع،ولكنهذاالعلمبهذاالواقعيناقضالطرحالدينيفيجوانبأساسية،حيثأنأهلالدينقالوابعدالةالواقعوإيجابيتهلأن(الله) هومسببالواقعوالقدرهوالآليةلتحقيقالرغباتالإلهيةأيإنالمؤمنونأهملواجوانبعظيمةمنسلبيةالواقعوهربوامن  إشكاليةمرجعيةالشروالألمفيالواقعوقالوابإيجابيتهولوبالمحصلةأوبالنهايةالأخرويةص81

جعل الواقع هو سيد الكون وهو ما كرره فى قوله:

الحقيقةلايوجدشيطانيتحملمسؤوليةهذاالشرالعظيمفيهذاالواقع،ولايمكنإلقاءالمسؤوليةعلى(الله)لأنهغيرموجود،وإنماالمسئولالأولوالأخيرعنالسلبيةهوالواقعبمعادلاتهالجامدة    ص83

وقال :

السلبيفيالواقعهوكلمايتعارضمعمصلحةالإنسانعموما،ومنهذاالمنطلقيكونكلمعتقدأوتنظيرأوسلوكيتعارضمعهذهالمصلحةويتجاوزالخطوطالأخلاقيةالعامةوالعقلانيةضمنهذاالاطارهوسلبيوإسقاطاتهذاالسلبيعلىالواقعهيالأم  ومعاناةالإنسانبإطارهالعام ص86

 فى تلك الفقرات جعل عباس الواقع هو المتهم فى ظلم الخلق وهو أمر غريب فالملحدون يحتجون على أهل الأديان بكون الله هو سبب الظلم وأنه غير عادل مع أنهم لا يعترفون به وعباس هنا من نوع الملحدين النادر الذى يصدق مع نفسه فى اعتقاده

ويكرر عباس أن الطبيعة وهى الواقع هى سبب ما تلاقيه المخلوقات من آلام ومتاعب فى حياتها فيقول تحت عنوان :

سوطالطبيعة

إنهاالأم،وفينفسالوقتهيالحلقةالأولى (تسلسلا) فيمسلسلالألمالإنساني،لأنهاالمحكالأوللتفاعلالإنسانمعهذاالواقعفينشأتهالأولى  لقدكانتالطبيعةبظروفهاكلهاحلبةصراعللإنسانفيواقعفرضهذاالصراعلأجلالبقاء،حيثكانالإنسانيعانيوينذركلطاقاتهلأجلفتحالفتوح،ألاوهوسدالرمق،ويعانيويعانيلأجلالوقايةمنتقلباتمزاجهذهالطبيعةالجبارةوأدواتهاالمتجبرةالقاسية،لقدكانالإنسانقشةيتلقفهاهوىهذهالطبيعة،ولطالماكانهذاالإنسانالمسكين  وجبةطعامهووأفرادعائلتهلوحوشعابرة ص90

ويكرر كلامه فيقول:

لاأدريإنكانمضحكاأممبكياأنيموتمجتمعبأسرهجراء،فيروسلعينلايرىيقرضآلافالبشربطريقةبشعة،حيثيتهاوىالإنسانتدريجياأمامهذاالعملاقالمتناهيبالصغر،وبملمحةخاصةدراماتيكيةلاتخلومنساديةقدرية،هذهالساديةفرضتهامعادلاتالواقع،ماأقسىهذاالواقع (سيدمعادلة)  ص91

وقال أيضا:

كلطاقاتالإنسانالعقليةوالعلميةوالجسديةوالحسيةتمتتعبئتهامنقبلالإنسانلكييكونواقعالإنسانبالمستوىالمطلوبمنالايجابية،ولكنرغمذلككلهفإنهناكهذاالكمالهائلمنالألم،فمابالكإذاكانهذاالإنسانمقيدابالعجزأوالعوق،وكيفيكونحجمالمأساةحينهاعلىالإنسانالعاجزهذا،وكيفيستطيعهذاالإنسانالمسكينأنيواجهالواقعالقاسيوهوأساسافاقدلطاقاتأساسيةفيذاتهجسديةأونفسية،حينهاتتضاعفالمأساةوتستفحلفصولهافيصبحاليسيرأمراعسيرا،وتصبحعمليةقضاءالحاجةمثلامهمةشاقة،لانالقدرقضىبانيكونإنسانامامعاقا،أوتصبحعمليةمشاهدةالمرأةلابنهاالوليدعمليةمستحيلةلانسيدمعادلةقضىبأنتكونهذهالمسكينةعمياء "ص92

وهنا يعتبر عباس الطبيعة عمياء فى تعاملها مع الكائنات وهذا الاعتقاد يهدم الإلحاد فالطبيعة العمياء لا يمكن أن تنتج هذا الكون الذى يسير على قوانين ثابتة  وتخلق خلق وصفه فى فقرة سابقة بالمتكامل الكامل لأن الأعمى كما يقال يخبط خبط عشواء ويكمل الرجل كلامه عن الطبيعة وألمها فيقولك

إن األم الإنسان هنا بسبب العوق والمرض يتمدد ليشمل الأسرة أو الأحبة اللذين ابتلي فردا منهم بالعوق أو المرض، وهنا يبدأ هؤلاء رحلة من القلق والخوف والحزن على المنكوبص93

"ولكنعليناأنلاننسىأنالإنساننتاجلمعادلاتالواقع،أيإنالسببدائمافيكلالألمهوالواقع،فالألمسواءأكانصاحبةظالمأومظلومهوفيالنهايةألم،وفيالنهايةأيضاالمهندسواحدوهوسيدمعادلة  ص95

ونلاحظ أن الرجل يعود للاعتراف بوجود إله هو المهندس الواحد سيد المعادلة ولكنه بدلا من أن يسميه الله يسميه الطبيعة ويعتبر الرجل الطبيعة خلاقا مبدعا فيقول:

ويبدو إنسيد معادلةمصّر على أن يكون خلاقا مبدعا، فبعد أن فرحنا باكتشاف دواء للطاعون، فاجأنا بالايدز، ويبدو إن هذا المسلسل لا نهاية له ص109

 ويكمل كلامه عن ظلم الطبيعى فيقول:

"الفقرهوداءالإنسانالأول،معانهنسبيومتغيرالدلالةمنمجتمعالىآخرومنظرفإلىآخر،إنماجوهرهواحدفهناكمجتمعاتالفقرفيهاعدمالقدرةعلىتحصيلالطعامأوالمأوى،وهذاالفقرهواللونالذيسادفيالمجتمعالبشريمنذالقدموحتىيومناالحاضر،وهناكمفهومآخرللفقرعندبعضالمجتمعاتيتمثلبعدمالقدرةعلىإشباعرغباتتتجاوزرغبةالبقاء،ولكنهفيالنهايةيبقىألموفقر ص100

ويكمل قائلا:

لقدنجح سيد معادلة في حرق الإنسان من الداخل بهذه الرغبة العارمةفي الحصول على الحب والرعاية بمفهومهما العام من حيث تعامل مجمل المجتمع معه في الأسرة أو في الخارج، أو بمفهوم التقارب العاطفيوالغريزةالجنسية، بل إن سيد معادل هزأ بالإنسان حينما جعله أكثرالكائنات الحية معاناة بسببهاوأقلها حصولا عليها، إلى الدرجة التي جعلت بعض البشر يحسدون الحيوان علىهذا   ص103

ويقول مكملا كلامه عن الطبيعة التى تمرر معيشة الناس:

كأن  سيد معادلة لم يكتف بوابل الآلام التي تطال الإنسان في حياته،فكتب على هذا الإنسانأنهسيلاقي في خريف هذه الحياة مشاكل ومآسي الشيخوخة ورحلة انتظار الموت،في هذه الفترة يبدأ الجسد بالتحول من أداة لترويض الواقع الى أداة لاستقطاب الألم،وهنا يعلو صوت أمراض ضغط الدم وداء السكري والمفاصل والقلب وبقية أفراد العصابة التي تتكالب على الشيخ المسكين،إن هذا الجسد الواهي يبدأ بالتداعي والوهن في هذه المرحلةص106

ويكمل حديثه قائلا:

وهذا يعني إن سيد معادلة يعمل في أحيان كثيرة على تفعيل ما يؤلم في معادلة واقع الإنسان  إن معانات الإنسان نسبيةتختلف وتتغير بحسب الظرف والبيئة،وإن كانت هناك خطوط عامة راسخة الحضور،وهذه المعاناة وبحسب هذه الحقيقة تتولد بأشكال ووجوهمستحدثة تنبثق عن استحداثات التطور والتغير في واقع الإنسان ص105

وقال عباس:

من هذه الآراء القول بأن الألم والحرمان أمر معتاد وهو جزء من الواقع، وما دام الأمر كذلك فالواقع (أو الله) بريء إذن من الظلم، أي أن الواقع فيه قصور وليس عنده تقصير  إن كون الألم جزء من الواقع وضروراته لا يعني أن الواقع ليس مصدرا لهذا الألم ، بل بالعكس، وهذا يدل على سلبيته، كما أن كون الألم عادي أو شائع لا يعني أن الألم لم يعد يشعر به الإنسان، بل بالعكس أيضا هذا يدل على مدى بشاعة الحالة وعظم شيوع الألم  أما القول بأن الله (مع فرض وجوده) لا يمكن أن يتجاوز ضرورات الواقع ويجعل العدل و السعادة مطلقين، فالرد عليه هو أن ضرورات الواقع هذه من المفترض أن يكون الله هو مهندسها وخالقها بالمطلق، أي هو الذي خلق الضرورة السلبية، أي هو أيضا مرجع السلبية وسببها وليس شيئا أو أحد آخر ص112

 فى هذه الفقرة يعاود عباس الإيمان بالله  ولكنه مع هذا يصر على نفيه لأن مشكلة الظلم والألم والمصائب غير واضحة فى ذهنه وذهن غيره حيث يعتبرها ضرورات بينما هى فى الحقيقة ابتلاءات أى امتحانات قد لا يكون الممتحن بها هو المبتلى بالمصيبة وإنما المبتلى هو من حوله كالرضيع المريض فالمراد امتحانهم هم الوالدين وكذلك الأمر فى المعاق فهو ابتلاء لوالديه وكل من حوله وقد يكونون لا يشعرون على الإطلاق بالمرض أو العجز خاصة فى حالتى الرضع والمعاقين عقليا وكذلك موت الأطفال

وقال عباس:

وخلاصة القول هو إن القدر لا يعامل الإنسان أكثر من كونه أحدالمفردات المطلقة في هذا الواقع، وجزء من معادلاته المطلقة، سواء الإنسان ككل فرداوجماعة بشكل أنثروبولوجي تركيبي أو الإنسان كأجزاء بشكل فسلجي تفكيكي  أي إن سعادة الإنسان ليست هدفاللواقع ، كما إنها ليست المعادلة الأشمل من معادلات سيد معادلة

ص116

 هنا عباس لا يجعل الإنسان مميزا من قبل سيد المعادلة وهو ما يناقض أن سيد المعادلة ميز الإنسان بكون أكثر الكائنات معاناة فقال :

"بل إن سيد معادل هزأ بالإنسان حينما جعله أكثرالكائنات الحية معاناة بسببهاوأقلها حصولا عليها، إلى الدرجة التي جعلت بعض البشر يحسدون الحيوان علىهذا   ص103

وقال عباس:

عندما نحمل الواقع أسباب مآسي الإنسان ونعارض أشكال تقديسه ومسمياتها،فأننا لا نقصد أن نتعامل معه عاطفيا أو نلعنه ونشتمه، لأنه مجرد حتميات جامدةومعادلات مجردة، أي تماما كالآلة، ولا يجب أن تقدس الإله أو تلعن يجب أن لا نقدس سوى مصلحة الإنسان والمثل الايجابية العليا، ويجب أن نعلم أنهلا ينفع الإنسان سوى الإنسان، ولن تنفعنا خيالات الأماني البريئة أو التصوراتالميثولوجية، وإنما ما ينفعنا هو فقط المنهج العملي الواقعي البحت  وباختصار يجب أنننظر الى سيد معادلة كما ينظر سيد معادلة إلينا  ص118

 عباس جعل المقدس عنده هو مصلحة الإنسان والمثل الايجابية العليا وهو ما يناقض أنه جعل العقل مقدسا حيث جعله إله فقال :

نحن بحاجة الى تقديس يكون فيه الإله غير جالس على عرش عظيم في سماء مجهولة، وإنما يكون فيه الإله داخلنا كلنا، فهو لا يحتاج إلى دليل يدل عليه، لأنه محسوس، ولا يحتاج إلى براهين عقلية، لأنه هو المقياس الفكري  وهذا الإله هو العقل المجرّد السيّد"ص71

قال عباس:

على الإنسان أن يكف عن الاعتقاد بأن هناك شيء يعمل لمصلحته اسمه الله ، أو إن الوجود يعتبر الإنسان الكائن المدلل ، وعلى الإنسان أن ينضج ويواجه الحقيقة بشجاعة ، وهذه الحقيقة هي أن الإنسان مجرد جزء من أجزاء الواقع ، ومصلحة الإنسان ليست دستورا للواقع ، وإنما ضرورات الواقع الظرفية هي الدستور ، وعليه فقد تكون هذه الضرورات في أحيان تتطابق مع مصلحة الإنسان ، وأحيان لا ص119

عباس هنا يبدو أبلها عندما يطالب الناس بالكف عن اعتقادات معينة وأن يعظهم بأن يكونوا ناضجين شجعان لأنه يقول الإنسان مجرد جزء غير مميز من هذا الكون  ومن ثم فالتفكير بل وكتابة هذا الكتاب عبث لأنه لا فائدة للإنسان من التفكير والنصح والإرشاد طالما لن يكون هناك عدل فى الدنيا ولا عدل فى الآخرة عند الملحدين لعدم وجود آخرة عندهم

إنها مقولة التنوير والوعى والاستنارة التى يتشدق بها الملحدون وهم يخالفون بهم اعتقادهم فى إنكار الله والأخرة وأن الناس يعيشون حياتهم كبقية المخلوقات  فما فائدة التنوير بل ما فائدة بيان عدم وجود إله للكون إذا كان الموت سيدفن الجميع ولن يكون لهم ذكر ولا أى شىء

اجمالي القراءات 4954