عمرو بن العاص والى الصلاة ( الشيطانية ) فى مصر

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٠ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 عمرو بن العاص والى الصلاة ( الشيطانية ) فى مصر

أولا : عمرو بن العاص ومصر

1 ـ فتح "عمرو " مصر وتولاها أربع سنوات في خلافة " عمر " ثم أربع سنوات في خلافة " عثمان"  وبعد أن عزله "عثمان"  أعاد " عمرو " فتح مصر لحساب " معاوية أثناء  الصراع بين " علي " ومعاوية ، وظل " عمرو " واليا علي مصر سنتين إلي أن مات سنة 42 هـ .

2 ـ وحين بدأ الخلاف بين " علي " و"معاوية " كان " عمرو " معتزلا وقد استشار ولديه " عبدالله " و" محمد" ماذا يفعل في تلك الفتنة ، فأشار عليه ابنه " عبدالله بن عمرو " أن يعتزل الفتنة وأشار عليه ابنه " محمد" أن يشارك فيها،  فقال " عمرو " لابنه " عبدالله": (  رأيك أسلم لي في ديني )، وقال لابنه " محمد" : ( رأيك أحسن لي في دنياي، إلا أنه أشر لي في آخرتي،).  ثم اختار الانغماس في الفتنة والانضمام إلي "معاوية " وعقد معه عهدا أن تكون له ولاية مصر طعمة له أي ضيعة خاصة به يأكل خيرها لنفسه مقابل أن ينتزعها من ولاة "علي" ويحمي ظهر " معاوية " في صراعه مع " علي".

3 ـ وفي ذلك الوقت كان معاوية قد استطاع أن يقتل والي مصر ابن أبي حذيفة بالمكر والحيلة ، وقتل الأشتر النخعى بالسُّم وهو فى طريقه واليا على مصر لصالح (على ) . وبعث " علي "   واليا آخر علي مصر ، هو " قيس بن سعد بن عبادة " المشهور بحنكته وسياسته . ورأي معاوية وعمرو أن ولايته علي مصر ستحبط أمالهما في ضم  مصر فأشاع معاوية بأن " قيس " من أنصاره سرا ، وأبلغ جواسيس " علي" ذلك إليه فعزل " قيس " وولي مكانه " محمد بن أبي بكر الصديق " وكان شابا متهورا واستطاع " عمرو " أن يهزمه ، وقتلوه ثم جعلوا جثته في جيفة حمار ميت  واحرقوه فيها .وذلك في 14 صفر سنة 38 هـ ، وبدأت بذلك ولاية " عمرو " علي مصر ليكون له وحده ايرادها وخيرها .

ثانيا : ماذ حدث من عمرو بن العاص والى الصلاة ( الشيطانية ) على مصر

بعد فتح مصر عيّن عمر بن الخطاب عمرو بن العاص والى الصلاة ( الشيطانية ) فى مصر . فما الذى فعله والى الصلاة الشيطانية فى مصر :

1 ـ بناء المسجد :

1 / 1 : بناء المسجد كانت مهمة والى الصلاة فى أى بلد إحتله العرب. ينقل المقريزى فى ( الخطط ) ( لما افتتح عمر البلدان كتب إلى أبي موسى وهو على البصرة يأمره أن يتخذ مسجدًا للجماعة ويتخذ للقبائل مساجد ، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة‏. وكتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو على الكوفة بمثل ذلك ، وكتب إلى عمرو بن العاص وهو على مصر بمثل ذلك . وكتب إلى أمراء أجناد الشام أن لا يتبددوا إلى القرى وأن ينزلوا المدائن ، وأن يتخذوا في كل مدينة مسجدًا واحدًا، ولا تتخذ القبائل مساجد فكان الناس متمسكين بأمر عمر وعهده‏. ).

1 / 2 : المسجد هو التبرير الدينى لإحتلالهم وظلمهم وفق دين قريش وخلفائها الفاسقين. وفى الدين القُرشى الأرضى جعلوا تلك المساجد التى بنوها فى ( الأمصار ) المفتوحة مقدسة ، وذكر المقريزى بعض الأحاديث فى هذا ، قال : ( خرّج الحافظ أبو القاسم بن عساكر من حديث معاوية بن قرة قال‏:‏ " قال عمرو بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ من صلى صلاة مكتوبة في مسجد مصر من الأمصار كانت له كحجة متقبلة فإن صلى تطوعًا كانت له كعمرة مبرورة‏.‏" ) ، وعن كعب‏:‏ ( من صلى في مسجد مصر من الأمصار صلاة فريضة عدلت حجة متقبلة ومن صلى صلاة تطوع عدلت عمرة متقبلة فإن أصيب في وجهه ذلك حرم لحمه ودمه على النار أن تطعمه وذنبه على من قتله‏.‏)

1 / 3  : والمسجد الذى بناه عمرو فى مصر فى ( الفسطاط ) أطلقوا عليه ألقابا دينية ، مثل ( الجامع العتيق ) و ( تاج الجوامع ) ، و ( جامع عمرو بن العاص ). أسموه جامع عمرو بن العاص لأنه أول مسجد أقيم فى مصر بإسم أول والى الصلاة فيها.

2 ـ رفض تحرير نساء السبى المصريات   

2 / 1 : بعد فتح مصر على يد عمرو بن العاص إنساح جيش الغزاة فى الريف المصرى المُسالم ينهب ويسبى النساء ويغتصبهن فى كل قرية ، ويبعثون بأربعة أخماس الغنائم ومن السلب والنهب والسبى الى عمر بن الخطاب فى المدينة ، ومنها يتوزع السلب والنهب فى الجزيرة العربية على الأعراب هناك . وتكاثر هذا السبى من الفتيات المصريات حتى ملأ مكة والمدينة واليمن . هذا ما يذكره الطبرى راويا عن جندى كان ممّن حضر فتح مصر .يقول الطبرى:(  ... وحدثني القاسم بن قزمان رجل من أهل مصر ، عن زياد بن جزء الزبيدي ، أنه حدثه أنه كان في جند عمرو بن العاص حين افتتح مصر والإسكندرية قال : افتتحنا الإسكندرية في خلافة عمر بن الخطاب في سنة إحدى وعشرين أو سنة اثنتين وعشرين .قال : لما افتتحنا باب اليون تدنينا قرى الريف فيما بيننا وبين الإسكندرية ، قرية فقرية ، حتى انتهينا إلى بلهيب قرية من قرى الريف يقال لها قرية الريش.وقد بلغت سبايانا المدينة ومكة واليمن ).!!.

2 / 2 : وفيما بعد جاء رجلان من المصريين يطلبان إسترجاع السبى فرفض عمرو بن العاص ، طبقا لما رواه الطبرى . تقول الرواية : ( وجاء أبو مريم وأبو مريام إلى عمرو وطلبا منه السبايا التي أصيبت بعد المعركة، فطردهما، فقالا: كل شيء أصبتموه منذ فارقناكم إلى أن رجعنا إليكم ففي ذمة. فقال عمرو لهما: أتغيرون علينا وتكونون في ذمة؟ قالا: نعم. فقسم عمرو ابن العاص السبي على الناس وتفرق في بلدان العرب. ). لنتذكر أن المصريين لم يذهبوا الى الحجاز يحاربون عمر بن الخطاب.

3 ـ فرض الجزية والخراج على المصريين

3 / 1 :يقول المقريزى : ( لما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية بقي من الأسارى بها ممن بلغ الخراج وأحصي يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان . ) كان هذا عدد سكان الاسكندرية فقط . تستمر الرواية : ( فاختلف الناس على عمرو في قسمهم فكان أكثر المسلمين يريد قسمها ) أى يريدون تقسيم أهل الاسكندرية سبايا وأرقاء وفق المعمول به فى دين البغى لديهم . تقول الرواية : ( فقال عمرو‏:‏ لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين . فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها وأن المسلمين طلبوا قسمها ، فكتب إليه عمر رضي الله عنه‏:‏ لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئًا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم ، فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج . ) ـ أى أمر الخليفة عمر بإستغلالهم يعملون ويدفعون الخراج. لنتذكر أن المصريين لم يذهبوا الى الحجاز يحاربون عمر بن الخطاب.

3 / 2 : هذا بالاضافة التى الجزية على الرءوس التى فرضها عمرو على أهل مصر طبقا للصلح الذى عقده مع المقوقس الحاكم الذى كان على مصر . فألزم المصريين بدفع دينارين سنويا . وبلغت الجزية 12 مليون دينار، فأصبح الوالى بعده عبد الله بن أبى سرح يجمعها 14 مليون دينار فى خلافة عثمان وبتوجيهاته .  لنتذكر أن المصريين لم يذهبوا الى الحجاز يحاربون عمر بن الخطاب.

4 ـ  : عمرو بن العاص يسلب كنوز المصريين بالقتل والارهاب

 4 / 1  ـ وشرهت نفس عمرو لكنوز الآثار المصرية وذهبها المدفون وما يتم الكشف عنه ،  فيذكر أبوعبيدة في كتابه " الأموال " والمقريزي في كتابه " الخطط " أن "عمرا "  أعلن لأهل مصر: أن من كتمنى كنزاً عنده فقدرت عليه قتلته!!. ونشر عمرو عيونه تتحسّس وتتجسّس عن من لديه كنوز فرعونية .

 4 / 2 : ونشر عمرو جواسيسه فى العمران المصرى من الاسكندرية الى الصعيد ، ويذكر المقريزى أن عمرو بن العاص جاءته إخبارية بأن مصريا  من الصعيد اسمه بطرس لديه كنز فرعونى، فحبسه عمرو واستجوبه فأصر الرجل على الإنكار، وجعل عليه الجواسيس فى السجن يحصون عليه أنفاسه فعلموا أنه يسأل عن راهب  بالطور ، فاستدعي " عمرو" ذلك المصري السجين ونزع خاتمه من يده ، وأرسل بالخاتم إلي الراهب برسالة مزيفة من بطرس تسأله عن الكنز، فصدًق الراهب الرسالة وبعث بمكان  الكنز، فعثر عليه عمرو وكان مقداره " 52 أردبا من الذهب أخذه " عمرو " وضرب "عمرو" رقبة " بطرس " وعلق رأسه على باب المسجد ( مسجد عمرو بن العاص والى الصلاة ) ، ليرهب المصريين ، فارتعبوا ،ومن كان منهم عنده كنز أسرع بتسليمه إلى عمرو. لنتذكر أن المصريين لم يذهبوا الى الحجاز يحاربون عمر بن الخطاب.

4 / 2 ـ  ويذكر المقريزى أن عمراً اعتقل مصريا آخر اتهمه بممالاة الروم واستجوبه ، وكانت التهمة ملفقة وبهدف إبتزاز الرجل المسكين ، بدليل أن عمرو بن العاص أطلق سراح الرجل بعد أن حصل منه على أكثر من خمسين أردباً من الذهب..!!.نكرّر ( 50 إردبا من الذهب .!!)..وهذا من رجل واحد فقط .. لنتذكر أن المصريين لم يذهبوا الى الحجاز يحاربون عمر بن الخطاب.

أخيرا : ثروة عمرو ( والى الصلاة الشيطانية ) من نهب أموال المصريين

1 ـ في ولايته الأخيرة علي مصر تضاعفت ثروة " عمرو " حتي أثارت حسد معاوية وخشي أن تستخدم تلك الثروة في تحقيق طموحه السياسي. وانتهي الأمر بينهما بالصلح علي أن تتحدد ولاية مصر " لعمرو" سبع سنين فقط  ضيعة خاصة، ثم تعود إلي الخلافة الأموية. إلا أن " عمرو " مالبث أن مات وقد ترك الأموال السائلة " 140" أردبا من الدنانير !!

2 ـ وحين حضرته الوفاة عرض علي ابنيه عبدالله ومحمد تلك الأموال المكدسة وقال: من يأخذها؟ فأبي ولداه وقالا : حتي ترد إلي كل ذي حق حقه أي أنهما اعتبراه مالا حراما . وبلغ معاوية الخبر فقال : ( نحن نأخذها ) . ومات عمرو واستولى الخليفة معاويةعلى كل تلك الأموال التى خلفها عمرو فى ميراثه وقال: نحن نأخذه بما فيه .. أى بما فيه من ظلم وسحت..!!  

3 ـ ومع ذلك فإن عمرو بن العاص كان أكثرهم ولاة الصلاة رفقاً بالمصريين بالمقارنة بمن جاء بعده .   

اجمالي القراءات 7971